ما وراء الخبر - تفجيرات العراق - صورة عامة
ما وراء الخبر

البعد الإقليمي للتفجيرات الأخيرة في العراق

تناقش الحلقة مقتل أكثر من مائة شخص وإصابة أكثر من مائتين في سلسلة تفجيرات ضربت عددا من المحافظات العراقية. وتأتي هذه التفجيرات بعد يوم واحد من سلسلة تفجيرات أخرى قتل فيها عشرون شخصا وأصيب ثمانون.

– تساؤلات حول دور قوات الأمن العراقية
– تطورات إقليمية وراء التفجيرات

– تفسيرات سياسية للأحداث في العراق

 

‪خديجة بن قنة‬ خديجة بن قنة
‪خديجة بن قنة‬ خديجة بن قنة
‪علي الشلاه‬ علي الشلاه
‪علي الشلاه‬ علي الشلاه
‪غسان العطية‬ غسان العطية
‪غسان العطية‬ غسان العطية
‪أحمد المساري‬ أحمد المساري
‪أحمد المساري‬ أحمد المساري

خديجة بن قنة: قتل أكثر من مئة شخص وأصيب أكثر من مئتين في سلسلة تفجيرات ضربت عددا من المحافظات العراقية صباح اليوم الاثنين، وتأتي هذه التفجيرات بعد يوم واحد من سلسلة تفجيرات أخرى قتل فيها عشرون شخصا وأصيب ثمانون. نتوقف إذن مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين: أولا ما دلالة وقوع كل هذا الكم من التفجيرات؟ وماذا يعني انتشارها الجغرافي وتنوع أهدافها؟ ثم ما مدى وجاهة الربط بين هذه التفجيرات وبين حالة التوتر الداخلي والإقليمي الراهنة؟

بلغ عددها 23 وشملت 15 مدينة ووصفت بأنها الأعنف والأكثر دموية منذ أكثر من عامين، كيف هي تفجيرات يوم الاثنين في العراق؟ التي راح ضحيتها أكثر من 300 شخص بين قتيل وجريح. تفجيرات الاثنين تأتي أيضا بعد يوم واحد من سقوط 20 قتيلا و80 جريحا في تفجيرات مماثلة تؤكد مع غيرها من الخروقات الأمنية المتكررة خلال الشهرين الأخيرين أن ثمة متغيرا واضحا في عوامل ضبط معادلة الأمن في العراق.

[تقرير مسجل]

ناصر آيت طاهر: رمضان بلون الدم في العراق، يهتز شمال البلاد ووسطها وجنوبها وغربها على وقع ما بدت موجة منسقة من التفجيرات وأعمال العنف إنه يوم الاثنين الدامي في بغداد كركوك، الضلعية، بعقوبة، التاجي، النجف والموصل، وقبله أحد دامٍ في المدائن والمحمودية جنوبي بغداد والنجف، ما عاد تكرار المشهد أمرا محيرا بقدر ما هي الطبيعة الأمنية والعسكرية لمعظم المواقع المستهدفة هذه المرة لكن أين أجهزة الأمن العراقية؟ لن نسأل أين الحكومة! فربما تشغلها أزمتها السياسية المستفحلة ومجاهدتها من أجل البقاء، أما رئيسها نوري المالكي  الذي لم تفلح مساعي برلمانية في سحب الثقة منه فلا يزال محل اتهام من خصومه بالهيمنة على السلطة والوزارات السيادية وقبل ذلك بإخفاق حكومته في توفير الخدمات ومكافحة الفساد وضبط الأمن، ولكن هل الإخفاقات الأمنية دوما في غير مصلحة الحكومة؟ قد تكون إذا نظرنا إليها من زاوية الشأن العراقي البحت فربما كشفت عن حجم الصراعات السياسية والاحتقان الطائفي في البلد، ولعل البعض سيربطها بتحذيرات قيل إن زعيم فرع تنظيم القاعدة في العراق أطلقها قبل يوم من الهجمات، بيد أن تشابك الملفين السوري والعراقي يفتح الباب لقراءات أخرى. ألم يتهم الجيش الحر قبلا جهات سياسية وميليشيات عراقية بعينها بمشاركة النظام السوري قمعه ثورة الحرية؟ لا غرابة فعراق المالكي حليف للأسد يرصد رحيله ويشاطره الموقف من ثورة الشعب السوري، لا بل إن تعاونهما وفقا لما كشف السفير السوري المنشق نواف الفارس قد يتعدى إلى الشراكة في سفك دماء العراقيين، فهي إذن كما ترى بعض التحليلات محاولة لفك الخناق عن نظام الأسد لصرف الأنظار عنه إلى الجوار مثلا، وإذا صحت هذه القراءة فسيسهل اتهام عناصر مسلحة تكون قد تسللت من سوريا. أصحاب هذا الرأي لا يقولون صراحة بتورط الحكومة العراقية لكنهم لا ينفون التهمة عن أطراف متنفذة في العراق الجديد.

[نهاية التقرير]

خديجة بن قنة: ولمناقشة هذا الموضوع ينضم إلينا من بغداد الدكتور علي الشلاه عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون، وينضم إلينا من بغداد أيضا الدكتور أحمد المساري عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية، ومعنا من بيروت الدكتور غسان العطية مدير المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية. نرحب بضيوفنا جميعا وأبدأ معك دكتور علي الشلاه في بغداد، طبعا واضح أن هذا الصيف صيف دموي بامتياز، تفجيرات شمالا جنوبا شرقا غربا، الشهر، خصوصا خلال الشهرين الماضيين، دكتور شلاه طبيعة الأهداف المستهدفة في هذه التفجيرات من بينها مقرات أمنية وحكومية هل تعطي قراءة معينة لهذه التفجيرات؟

علي الشلاه: شكرا، بسم الله الرحمن الرحيم تحية لك ولضيفيك الكريمين وللشارع الشعبي العراقي والمسلمين بشهر رمضان المبارك، في الحقيقة جزء من الصورة يرسمه الإرهاب في العراق بمعنى أن الإرهابيين يستغلون المناسبات الدينية وأحيانا الوطنية في افتعال جرائم متعددة، هذا حصل في ذكرى استشهاد الإمام الكاظم، يحصل في ليلة النصف من شعبان، يحصل الآن مع إطلالة شهر رمضان المبارك، هؤلاء الجهاديون الذين يقتلون المسلمين ليتغذوا مع النبي أو ليتعشوا مع النبي، هذه صارت بالنسبة لنا تحصيل حاصل تحصل مع كل مناسبة، هذه جزء مما يحصل، الجزء الآخر أن هناك مؤثرات إقليمية وأحداث ساخنة تجري في سوريا وأحيانا في أماكن أخرى في البحرين، ما يحصل في الساحة العربية والإسلامية متأثر بالمد الطائفي التي تشيعه قنوات عرفت بمدها الطائفي الوهابي أحيانا أو الإسلامي الشيعي أحيانا آخر، هؤلاء جميعا أيضا يسهمون في المناسبات الدينية في تصعيد حالة مما يمكن تسميته حالة انتحارية توسم بأنها جهادية لقتل المسلمين بحجة أنهم وحدهم يمتلكون الحقيقة ويمتلكون الإسلام.

خديجة بن قنة: طيب أين قوات الأمن إذن إزاء ما يحدث؟

علي الشلاه: سيدتي الكريمة قوات الأمن موجودة ولولا قوات الأمن لما كان العراق اليوم أفضل حالا من الماضي بكثير، الهجمات أصبحت مناسبتيه، قوات الأمن العراقية تقف يوميا، وغالبية الشهداء من قوات الأمن، وأحيانا من المدنيين أيضا في المناسبات من الزائرين ومن المصلين، أريد أن أؤكد حقيقة أنه لا يوجد رجل  صاحب قضية..

تساؤلات حول دور قوات الأمن العراقية

خديجة بن قنة: يعني أين هي موجودة إذا كان عدد القتلى أصبح بالمئات، نتحدث عن 280 قتيلا الشهر الماضي عن 110 اليوم وجرح أكثر من 200 و 20 بالأمس وأكثر من 80 جريحا يعني هذا يطرح سؤالا كبيرا عن وجود قوات الأمن العراقية؟

علي الشلاه: نعم سيدتي لو سمحت لي، لو سمحت، لو قست هذا بما كان يحصل 2006 و2007 كانت قناة الجزيرة لا تكف عن إذاعة الموت في العراق في كل دقيقة يظهر علينا عاجل عبر قناة الجزيرة في انفجار، الآن هناك جرائم مناسباتية وهي في الأغلب طائفية وتكفيرية وأحيانا لها علاقة بالشأن السياسي.

خديجة بن قنة: طيب جهات تكفيرية تقول دكتور أحمد المساري يعني ألا يبدو شيئا مريبا وغريبا أن تحذر أو تهدد، يهدد فرع القاعدة بالعراق ثم ينفذ يوما بعد التهديد هل يعني هذا مقبول معقول من وجهة نظرك؟

أحمد المساري: بسم الله الرحمن الرحيم، تحية لك ولضيفيك الكرام ولمشاهدي قناة الجزيرة وأقول رمضان كريم لكم.

خديجة بن قنة: أهلا بك.

أحمد المساري: وللشعب العراقي وللعالم الإسلامي أجمع، ولا يفوتني أن أعزي ذوي الضحايا الذين استشهدوا اليوم ويوم أمس في هذه التفجيرات الإجرامية وأتمنى لهم الرحمة والجنان وأتمنى للجرحى الشفاء العاجل، سيدتي العزيزة ما يدور في العراق اليوم حقيقة جرائم كبيرة جدا تنال الشعب العراقي يوميا، وهذه الجرائم أنا باعتقادي ورائها أجندات إقليمية لها مصالح تحاول التنفيس عما يدور في سوريا وتحاول أن تقلل الخناق عن النظام السوري الذي يذبح شعبه يوميا، كل هذه تحاول نقل المعركة..

خديجة بن قنة: دعنا نسمى الأسماء بمسمياتها.

أحمد المساري: من الأراضي السورية إلى الأراضي العراقية.

 خديجة بن قنة: يعني تقصد تحديدا من ؟

أحمد المساري: أنا أقصد من يساند النظام السوري اليوم وخاصة إيران، هم يساندون علنا النظام..

خديجة بن قنة: ما مصلحة إيران في ذلك؟

أحمد المساري: فتح جبهة جديدة في العراق قد تقلل الخناق عن نظام بشار الأسد في سوريا، هذه مصالح دولهم ومصالح لهم، أنا لا أتكلم عنهم ولكن أقول مصلحة الشعب العراقي من يتكلم عنها؟  من يدافع عنها؟ أليس اليوم من واجب الحكومة أن تقوم بحماية الشعب العراقي؟ أليس من واجب الأجهزة الأمنية أن تقوم بحماية الشعب العراقي؟ كل الأطراف الخارجية تريد مصالحها تريد أن تنفذ أجنداتها ولكن مصالح الشعب العراقي من الذي يدافع عنها؟ أنا أحمل مسؤولية ذلك للحكومة العراقية أختي العزيزة. الحكومة العراقية وخاصة

خديجة بن قنة: دكتور مساري دعنا نأخذ أيضا قراءة دكتور غسان العطية أنت تحمل إيران مسؤولية ما يحدث، قبلك الدكتور علي الشلاه كان يحمل جهات يقول تكفيرية يسميها بالتكفيرية والوهابية، أنت كيف تقرأها دكتور غسان العطية؟

غسان العطية: شكرا سيدتي وتحيتي للأخوة الكرام.

 خديجة بن قنة: أهلا بك.

غسان العطية: يؤسفني إن أمام المصاب الكبير لا نبقى والسياسيون تحديدا ينتهون بسياسية التبرير أو التنصل من المسؤولية هنا أو هناك، هذه مأساة، مأساة بكل المعايير يتحملها المسؤولون بالشكل التالي: أولا الصراعات السياسية بين العراقيين أدت إلى خلق حالة من اليأس بالنسبة للمواطنين وبالتالي خلقت ظروفا مناسبة للي يدعي أنه سيغير الوضع بالقوة، فشل السياسيين ولا اقصد بذلك حزبا دون آخر وإنما كل من بهذه الحكومة يتحمل المسؤولية، الشيء الثاني إن دولة العراق الإسلامية أعلنت صراحة قبل يومين ونشرت على الصحافة الأجنبية وغير مكان بأن غزوة هدم الجدار ستنطلق قريبا وهذا ما تم..

خديجة بن قنة: يعني تهدد بالأمس وتنفذ اليوم أليس غريبا ذلك؟

غسان العطية: نعم.. لا ليس غريبا، هذا دلالة إن الفراغ السياسي الموجود بالعراق، هذا الفراغ استطاعت القاعدة أن تعيد لملمة صفوفها وتبدأ بهجوماتها، محاولة التبرير هذا أو ذاك يجب أن يعترف بأن هذا تحول نوعي في عمل القاعدة وبالتالي الفشل تتحمله الحكومة برمتها، كل من في هذه الحكومة يتحمل مسؤولية، أن يحاول أي طرف أن يحمل جانبا دون آخر هذه تنصل من المسؤولية، الحديث عن هذه العملية أثبت أن الجهاز الأمني العراقي ليس بالمستوى المطلوب، أن نقارن وضع اليوم ب2005و 2006، هذه مقارنة بائسة، يجب أن تقارن أنت في وضع العراق قبل 20 سنة و30 سنة أو كيف كان يعيش العراقيون، الآن بعد 9 سنوات وحالة الموت المستمرة قائمة، إلى درجة وأنا مجيئي من بغداد قبل أيام أصبح العراقي يعتاش يوميا مع الموت، لا يبالي لأنه يشعر أنه لا الحكومة رح تفيده ولا السياسيين، وأقولها بصراحة المعارضة تتحمل مسؤولية لا تقل عمن هو بالحكومة بأن يقول شيئا ويعمل شيئا، هذا الفراغ السياسي الحكومة بدل ما تركز أن تخلق جيشا وقوة حرفية، جيش حرفي وقوات أمن حرفية نجد أن مسعى الحكومة ومع مزيد الأسف هو أن تخلق جيشا ذا ولاء سياسي، فبالتالي يزاح من الجيش كثير من العناصر وأعطيك مثلا: جهاز المخابرات العراقية تعرض إلى عملية تصفية لكثير من عناصره لمجرد أنهم ينتمون إلى طائفة دون أخرى، أو لأنهم لم يدخلوا من بوابة الحزب الحاكم كما يحصل، الآن الكل يدفع ثمن هذه الأخطاء إضافة لكل هذه العملية بدون شك ما يجري في سوريا انعكس على العراق، انعكس بالشكل التالي الآن..

تطورات إقليمية وراء التفجيرات

خديجة بن قنة: سنتحدث عن.. دكتور غسان العطية سنتحدث عن ارتباط هذه التفجيرات بما يحدث إقليميا وتحديدا في سوريا، ولكن أريد أن اربط فقط أيضا بما قلته قبل ذلك من ما صرف على الجيش العراقي، أيضا ما صرف من مليارات على قوات الأمن العراقية بشكل عام، نتحدث عما يقارب 700 ألف من قوات الأمن العراقية التي يتهمها الكثيرون بأنها بقيت عاجزة وفشلت أمام حالة التصعيد الأمني وهذه التفجيرات في مواجهتها، سنأخذ فاصلا قصيرا مشاهدينا ثم نعود لمناقشة هذا الموضوع وللحديث عن وجاهة الربط بين هذه التفجيرات وبين حالة التوتر الداخلي والإقليمي فلا تذهبوا بعيدا.

[فاصل إعلاني]

خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا وسهلا بكم مرة أخرى إلى حلقتنا التي تتناول أبعاد ودلالات سلسلة التفجيرات الأخيرة في العراق، دكتور علي الشلاه طبعا يعني سلسلة التفجيرات هذه التي تحدث اليوم أيضا تتزامن مع قرار رئيس الوزراء نوري المالكي بفتح الحدود أمام النازحين السوريين بعد تحفظات إن لم نقل منعا رسميا واضحا من نوري المالكي، يعني مبرر كان مبررا بخوف من تسلل مقاتلين من سوريا إلى العراق، كيف يمكن أن نفهم العلاقة أو الربط بين هذين الأمرين؟

علي الشلاه: سيدتي كما تعلمين نحن في العراق عانينا من أفواج الإرهابيين القادمين عبر سوريا سنوات طويلة والرئيس المالكي نفسه أعلن بعد تفجير الخارجية والمالية أن هناك أطرافا في الحكومة السورية ضالعة في هذه الجرائم، وهذا أكده السفير الهارب المطلوب للعدالة العراقية الآن نايف عندما اعترف بأنه عندما كان محافظا كان يهرب القتلة والمجرمين والإرهابيين، لذلك نحن في العراق أردنا أن نغلق بوابة الجحيم أن لا ندخل مرة ثانية لا سلبا ولا إيجابا في الأزمة السورية لكن هذا نداء إنساني .

خديجة بن قنة: لكن ما تسميه بالجحيم هل انتهى اليوم حتى يعود نوري المالكي عن قراره ويسمح للنازحين بالدخول إلى العراق؟

علي الشلاه: سيدتي هذا قرار إنساني بحت يتعلق بالنازحين، بالأبرياء، لكن لا يتعلق برغبة العراق كما قطر مثلا أن تتدخل في الشأن الداخلي السوري، نحن نعتقد أن الدول العربية لا ينبغي أن تكون وصية على الدول الأخرى، دول غير ديمقراطية تريد أن تجلب الديمقراطية لدمشق، أب ابن منقلب على أبيه يريد أن يغير بشار الأسد، هذه مهزلة عربية لذلك نحن في العراق نريد أن نكتفي بتحسين الوضع أمام الشعب العراقي والدفاع عن مواطنا، عندما هوجم العراقيون في دمشق أردنا أن يأتوا إلى بلدهم ليعيشوا آمنين مطمئنين حتى ولو كانوا مختلفين في الرأي ما لم يكونوا ضالعين بدماء عراقية، هذا هو واقع الحال، نحن نريد أن نكون طرفا إنسانيا ولا نريد أن نكون جزءا من المشكلة،  نحن نريد لهذه الأزمة السورية أن تحل بدون إراقة دماء.

تفسيرات سياسية للأحداث في العراق

خديجة بن قنة: دكتور غسان العطية يعني هناك العديد من التفسيرات السياسية لسلسلة التفجيرات الدموية هذه، هناك من يقرأ فيها يعني محاولة لصرف الأنظار عما يحدث في سوريا، هناك من يقرأ فيها محاولة تخويف من احتمال انتشار الفوضى، فوضى عارمة وكاملة في المنطقة برمتها، أي القراءات اليوم تبدو لك أقرب من الواقع والحقيقة؟

غسان العطية: بكل موضوعية ما حصل في سوريا والحالة المعارضة للنظام الديكتاتوري في سوريا وصفة الصراع الطائفي التي بدأت تأخذ لونها في سوريا انعكست على العراق بشكل واضح وشجعت عناصر تعتقد انتصار المعارضة في سوريا سيزيدها قوة وتصميما على أن تحقق انتصارا بواسطة الأمن في بغداد، بغداد معرضة أن تكون أكثر الأطراف تأثرا بما يحصل في سوريا، الإشكال الطائفي.. الصراع في سوريا إن لم يحل بتسوية سياسية وإنما تم حسمه عسكريا سيؤدي في الحقيقة إلى حالة مأساوية بسوريا كاملة، لا اعتقد سيطلع من عندها أي واحد منتصر ولكن سوريا تتفتت وبالتالي الطوفان السوري سيؤثر على لبنان وعلى العراق، الآن الكلام وأنا أتكلم وأتذكر التاريخ وعلى محطة الجزيرة تحديدا، في.. قبل حرب الاحتلال الأميركي على العراق، على محطتكم قبل 3 أشهر قلت: من لا يريد العراق يصبح تحت الاحتلال عليه أن يطلب من الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين بالتنحي لينقذ العراق من الاحتلال، البلد العربي الوحيد الذي قبل ذلك الكلام كانت الإمارات، واللي حصل بالعراق أننا عانينا ما عانيناه، وتصوري لو العراق كان صدام حسين تنحى بسلم وتغير الوضع بالعراق بطريقة سلمية، كم كان وضعنا اختلف عما هو اليوم، نحن نشهد اليوم بسوريا صورة مشابهة، الأطراف السورية في حالة استقطاب مطلق، المعارضة لا تريد أن تتفاوض، الحكم لا يريد أن يتنازل، وبالتالي مأساة تراجيدية ستكون أمامنا، ليس هناك منتصرا كونوا على ثقة وإنما ستتفجر الحالة السورية لنجد هناك كيانا علويا وآخر درزيا وآخر كرديا وحتى الآن بدأ الكيان الكردي يعلن عن صيرورته وبهذه الطريقة ليس هناك من منتصر في سوريا، الآن منطق العقل أنه لو كان هناك..

خديجة بن قنة: ولكن ما تأثيرات كل ذلك على العراق دكتور غسان  ؟

غسان العطية: آه هذا السؤال مهم.

خديجة بن قنة: نعم.

غسان العطية: تأثيره واضح، فالأطراف العراقية نتيجة الانقسام الطائفي العراقي، البعض من الشيعة في العراق يعتبره انتصارا للمعارضة، ويعتبرها معارضة سنية، هذا معناه انتصار للطرف السني، وبالمقابل بعض السنة العرب يعتقدون إن انتصار السنة في سوريا سيعيد المعادلة والتوازن مما يعطيهم فرصا أفضل لفرض إرادتهم في العراق، أي بمعنى آخر نعود مرة أخرى إلى الصراعات اللي عشناها، صراع طائفي يشتد في العراق وصراع طائفي يشتد في سوريا وحتى ربما في لبنان، وعندئذ سيجد المتطرف الشيعي لا مجال له للصمود إلا بدعم إيراني ولا يجد المتطرف السني إلا دعما تركيا أو عربيا أو سعوديا، وبالتالي من سيدفع الدم هو العراقي إن كان شيعيا أو كرديا أو مسلما أو غير مسلم، هذه صورة مأساوية.. الحقيقة المؤلمة للعراقي الآن أن العراقي ليس معنيا بانتصارات سياسية وهمية، معني بأن نجد حلا سياسيا للعراق، الموقف العراقي.. قبل يومين على إحدى الشاشات انتقدت موقف بغداد بعدم فتح الحدود، وأشكر الله أن بغداد فتحت الحدود فهذه قضية إنسانية بحته خاصة إن كثير من حكام بغداد اليوم كانوا لاجئين في سوريا إن كانوا عربا أو كردا، فالآن ما يعانيه الشعب السوري ونغلق حدودنا هذه منتهى الأنانية أو منتهى عدم الاكتراث بالطرف الآخر، من يريد الآن تجاوز المأساة اللي إحنا مقبلين عليها هو نريد مساهمة دولية لإيجاد حل، هذه المساهمة الدولية يا سيدتي لابد من إشراك تركيا والعرب وإيران بها، هذه الأطراف إن تعاونت ممكن أن تحل القضية أما إن حولت الأطراف العربية أو إيران أو تركيا أبناء العرب من شيعة أو سنة كبيادق في صراعهم فيما بيناتهم فنحن كلنا الخاسرين إن كنا عراقيين إن كنا سوريين وهذه هي مأساتنا كعرب.

خديجة بن قنة: شكرا دكتور غسان، دكتور أحمد مساري في نفس النقطة ما مدى تأثير ما يحدث في سوريا الآن على الوضع داخل العراق على ضوء التفجيرات التي حدثت اليوم والتفجيرات التي سبقتها بالأمس وطوال الشهر الماضي؟

أحمد المساري: يعني ما يحدث في سوريا أختي العزيزة تعلمين أنه ثورة على الظلم وعلى الطغيان الذي كان يمارسه سلطان بشار الأسد على الشعب السوري، ولكن هذا نعم له تأثير على الشارع العراقي ولكن الحكومة العراقية عليها أن تقوم بدور لحفظ الأمن وحفظ النظام في العراق وأن لا تسمح بأي تدخل خارجي ممكن أن يؤثر على الساحة العراقية، لذلك أقول أنا أحمل الأجهزة الأمنية العراقية مسؤولية ما يجري في العراق لأنها مسؤولة عن حفظ الأمن ومسؤولة عن قطع الأيدي التي تتدخل في الساحة العراقية، اليوم الأجهزة الأمنية لا تقوم بدورها الحقيقي في الحفاظ على الأمن، هي مسؤولة عن كل الدماء التي تجري، اليوم هنالك خروقات كثيرة في الأجهزة الأمنية، هنالك فساد مالي، هناك تلكؤ في إدارة هذا الملف، أنتم تعلمون إن هذا الملف لا توجد شراكة حقيقية في إدارته تدار من قبل مجموعة معينة فقط في مكتب القائد العام للقوات المسلحة، لا يوجد وزير دفاع، لا يوجد وزير داخلية، الأجهزة الأمنية كلها يعني من طرف واحد أو من لون واحد في هذا البلد، كل هذا يؤثر على أدائها في الساحة اليوم لذلك لم تتمكن من حفظ الأمن في العراق ولم تتمكن من مسك هذا الملف الخطير، مما جعل أن تمتد أيادي المجاورين إلى الأرض العراقية وتلعب ما تلعب في الساحة العراقية، نعم كل ما يجري اليوم في العراق هو نتاج لتدخلات خارجية في الساحة العراقية، وكما قلت لك من أجل أن تنفس عن الوضع الموجود في الساحة السورية، ولكن هذا التدخل يجب أن لا يسمح به من قبل الحكومة العراقية ومن قبل الأجهزة الأمنية العراقية، لو كانت تعمل بصورة مهنية، لو كانت تعمل بصورة صحيحة لاستطاعت أن تمسك الملف الأمني مسكا جيدا ولا تسمح لأي تدخل خارجي.

خديجة بن قنة: شكرا جزيلا لك الدكتور أحمد المساري عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية، والشكر أيضا موصول للدكتور علي الشلاه عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون، ونشكر أيضا ضيفنا من بيروت الدكتور غسان العطية مدير المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية، شكرا لضيوفنا جميعا، وبهذا تنتهي هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر، ونلتقي بإذن الله في قراءة جديدة  من ما وراء خبر  جديد،  وإلى اللقاء.

المصدر : الجزيرة