
تعليق المفاوضات بين دولتي السودان
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
ليلى الشايب: علقت جوبا مفاوضاتها المباشرة مع الخرطوم والتي بدأت في أثيوبيا نهاية الأسبوع الماضي برعاية الاتحاد الإفريقي، وقد جاء قرار التعليق بسبب ما تقول جوبا إنها غارات شنتها طائرات سودانية على مناطق تابعة لها وهو ما تنفيه الخرطوم بشدة، نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين: ما هي أسباب ودلالات تعليق المفاوضات المباشرة بين وفدي السودان وجنوب السودان في أثيوبيا؟ وكيف يمكن أن ينعكس تعليق هذه المفاوضات على مستقبل العملية التفاوضية بين الخرطوم وجوبا؟
قرر جنوب السودان تعليق مفاوضاته المباشرة مع جاره السودان إثر قصف جوي يقول إن الخرطوم استهدفت بأراضيه وهو ما تنفيه السلطات السودانية بشدة، يحدث ذلك قبل نحو أسبوعين فقط من انتهاء مهلة من مجلس الأمن الدولي للدولتين تحت الفصل السابع لحل خلافاتهما التي كادت تدخلهما في حرب شاملة في إبريل نيسان الماضي.
[تقرير مسجل]
طارق تملالي: قبل أسبوعين مصافحة وصفت بالشهيرة بين رئيس جنوب السودان سيلفاكير وعمر حسن البشير رئيس السودان، وبعد أسبوعين جوبا تقرر تعليق المفاوضات المباشرة متهمة الخرطوم بقصف مناطق تقول إنها تابعة للجنوب،لكن الخرطوم تنفي الاتهامات عن نفسها بشدة، كل ذلك في أجواء مهلة دولية وفق الفصل السابع تنقضي في الثاني من أغسطس 2012 لحل صور من التنازع الشديد، منها خلافات على مناطق الخلاف نفسها إذ قدم الوسيط الأفريقي خريطة فيها جرد للمناطق المتنازع عليها قبلتها جوبا ورفضتها الخرطوم، واتهامات متبادلة بين الخرطوم وجوبا بدعم متمردين في البلد الآخر إضافة إلى خلافات على الرسوم المفروضة على النفط الجنوبي العابر أراضي للشمال وعلى كيفية حل مشكلات الديون والأصول. كانت الخرطوم تستولي على كمية من نفط جوبا بديلا للرسوم غير المتفق عليها فقررت جوبا وقف ضخ ثلاثمئة وخمسين ألف برميل من النفط يوميا، بعدها دخلت الدولتان صراعا مسلحا في هجليج كاد يتحول إلى حرب شاملة يبدو أن إمكانات الطرفين لم تكن تسمح لأي منهما بخوضها، تعثرت المباحثات بين جنوب السودان والسودان أكثر من مرة في أبريل الماضي وفي يوليو الجاري. فهل يكفي أسبوعان ليتوصل السودان وجنوب السودان إلى حلول بوساطة إفريقية مع اقتراب المهلة الدولية التي تهدد بمعاقبة الدولتين المتعبتين اقتصاديا واجتماعيا؟
[نهاية التقرير]
لقاء حار وفشل في المفاوضات
ليلى الشايب: ولمناقشة هذا الموضوع ينضم إلينا من مدينة بحر دار الإثيوبية السفير عمر دهب الناطق باسم وفد الحكومة السودانية إلى المفاوضات، ومن جوبا أتيم قرنق زعيم الأغلبية في برلمان جنوب السودان، ومن الخرطوم خالد التيجاني النور رئيس تحرير صحيفة إيلاف السودانية. أهلا بكم جميعا، أبدأ معك أستاذ عمر دهب: نفيتم بشدة أن تكونوا قصفتم فعلا مناطق داخل جنوب السودان، ما تفسيركم إذن لقرار جوبا بتعليق المفاوضات المباشرة معكم بناءا على هذه الغارة التي تنفون قيامكم بها؟
عمر دهب: الغارة أولا التي يتحدثون عنها، القصف الجوي حدث بعد أن دخلت قوات ما يسمى بالعدل والمساواة حركة التمرد في دارفور إلى الأراضي السودانية منطلقة من أراضي جنوب السودان حيث عبرت الحدود السودانية في بحر العرب شمالا وفي عمق الأراضي السودانية، بعد ذلك تعاملت معها القوات المسلحة بما يتوجب وبما يوجب علينا أن نحافظ على كما قلت في تصريح هذا اليوم، أن نحافظ على ترابنا الوطني، إذن يجب أن يعلم المشاهد الكريم أن ما حدث هو رد لعمل يعني حرمه القانون الدولي وقبل وبعد ذلك حرمه قرار مجلس الأمن الذي طالب الطرفين بأن يتوقفا عن دعم وإيواء الحركات المسلحة.
ليلى الشايب: أستاذ عمر فقط للتوضيح.
عمر دهب: نعم.
ليلى الشايب: هل قصفتم مواقع داخل جنوب السودان؟
عمر دهب: نحن قصفنا طابورا طويلا مكونا من أكثر من 105 سيارة تابعة لحركة العدل والمساواة بعد أن اخترقت الحدود السودانية كما قلت لكم في منطقة بحر العرب شمالا، وكنا نعلم وقبل وعند بدء هذه الجولة من المفاوضات أبلغنا الوساطة بأنه هنالك استعدادات تجري من قبل حركة العدل والمساواة بمساعدة الجنوب للدخول واختراق الحدود السودانية. كذلك أبلغنا رئيس الوفد المفاوض السيد باغان اموم بذلك وهو وعدنا بأن يقوم باتخاذ الإجراء اللازم، وكنا نراقب الموقف ولم نندفع لرد أو لصد هذا العدوان طالما أنه بقي داخل حدود جنوب السودان، ولكن بعد أن حدث الاختراق تعاملنا مع هذا الاختراق الواضح بهذا الطابور الطويل من السيارات وهذا الطابور استهدف مناطق في جنوب كردفان ومناطق في ولاية شرق دارفور.
ليلى الشايب: أستاذ أتيم قرنق إذن الاختراق جاء من جنوب السودان وليس كما تقولون من السودان.
أتيم قرنق: أولا حديث الأستاذ دهب هو حديث غير شريف حديث مضلل، لأن الطائرات السودانية في صبيحة يوم الجمعة أمس قامت بقصف منطقة روماكير ومنطقة وير فل ومنطقة ويربتش وهي مناطق تابعة لجنوب السودان وليس لدينا في تلك المناطق أو غيرها من مناطق جنوب السودان أي معارض أو من يحمل السلاح ضد دولة السودان لأننا نؤمن بأن الاستقرار في السودان سينعكس علينا أيضا إيجابا. القوات السودانية قامت بقصف المناطق ليلا حوالي الساعة الثالثة وخمسة وعشرين دقيقة بالليل، وكان المفاجئ لنا لأننا نتحدث عن الترتيبات الأمنية ونتحدث عن ترسيم الحدود ونتحدث عن تسويق البترول الجنوبي من خلال دولة السودان، ولذا ما يقوله سيد دهب هو حديث لمجرد غش الناس، ونحن طلبنا من الإتحاد الإفريقي كتبنا شكوى رسمية والشكوى يعني الذهاب إلى منطقة العمليات وهي المنطقة التي حدث فيها القصف لمشاهدتها، وكي يقول الإتحاد الإفريقي كلمته هل كانت تلك الأراضي أراض جنوبية أم كانت لجنوب السودان أم كانت للسودان، نحن على استعداد لأن نستقبل أي وفد أجنبي من مجلس الأمن أو الاتحاد الإفريقي للمشاهدة وإثبات كذب ما تقوله الخرطوم.
ليلى الشايب: أستاذ تيجاني النور إذن روايتان مختلفتان بحاجة إلى تدخل الوساطة الإفريقية ليعني اتخاذ قرار ممن جاء الاختراق من جنوب السودان أو من السودان، لنترك هذه المسألة جانبا ونركز على الأجواء ربما التي هيأت أو أحاطت بهذه المفاوضات، كان هناك لقاء وصف بالحار بين كل من الرئيس البشير وسيلفاكير والطرفان اتفقا قبل أن تنطلق المفاوضات على ما سمياه نهجا استراتيجيا جديدا في التفاوض، مع ذلك انهارت المفاوضات، لماذا؟ يبدو أن السيد التيجاني النور غير جاهز بعد، على كلٍ هذا السؤال ممكن أن يطرح على السيد عمر الدهب.
عمر دهب: نعم هذه الأجواء الإيجابية نحن أيدناها بشدة لأننا نعتقد أن الإجراءات التي طلبها منا مجلس الأمن والإتحاد الإفريقي في خارطة الطريق هي إجراءات لإزالة التوتر، نحن نريد أن نصل إلى ما هو أبعد من ذلك وهو تطبيع العلاقات بين البلدين والعودة بالعلاقات إلى ما كنا عليه في مارس من هذا العام وما كنا عليه قد تم إيقافه وتم وقفه عن طريق الهجوم الذي حدث على هجليج وتدمير مدينة هجليج وتدمير المنشآت النفطية واحتلال هجليج، هذا خلق وضعا سيئا في العلاقة بين الدولتين وما حدث هو أننا قد بذلنا كل الجهد لكي نعيد الأمر مرة أخرى إلى نصابه وهذا ما ندعو إليه ونسعى إليه، ما نقوله هو أننا يجب أن نتأكد إذا كان الإتحاد الإفريقي أو هنالك جهة إقليمية أو دولية تريد أن تتأكد مما حدث ونحن نؤيد ذلك هو أن نتأكد ما إذا كان الجنوب مازال يدعم ويأوي الحركات المسلحة التي تعمل ضد السودان في دارفور وفي غيرها، هذا هو الأمر، وهذا هو منطلق النزاع الحالي.
ليلى الشايب: إذا اعتقدنا ربما واعتقد المراقبون، سيد دهب ربما أن المصافحة التي وصفت بالحارة بين الرئيسيين كان يمكن أن تنمي هذا أو تنهي هذه الأجواء، سيد التيجاني النور ما الذي جرى؟
خالد التيجاني: يعني في تقديري أن الكثير جدا من المصافحات والأحضان الدافئة بين القادة في جوبا والخرطوم قد تم على مدار السنوات السبعة الماضية وكثير كذلك أيضا من الاتفاقات والمواثيق قد وقعت ولكن كلها يعني تعيد إنتاجها مرة بعد الأخرى، لكن يجب أن نفهم هذا الوضع في سياقه الطبيعي أن انفصال جنوب السودان لم ينه طبيعة الصراع في السودان هو صراع بين مشروعين سياسيين أساسيين، وفي تقديري الحركة الإسلامية في السودان مشروع سياسي اعتبر أن انفصال الجنوب سينهي مسألة الخلاف على مستقبل السودان ولكن بالنسبة للحركة الشعبية مازال مشروعها السياسي قائم والداعي إلى سودان جديد، هي انفصلت ولكن تفكر في مرحلة لاحقة هي إلحاق باقي السودان بالسودان الجديد عن طريق هذه القوى السياسية الأخرى الموجودة في دارفور وفي جنوب كردفان، وبالتالي يعني في تقديري أن ما نشهده هو مجرد تفاصيل ولكن المشهد الأكبر هو أن الصراع لا يزال قائما وبالتالي يعني مرشح للمزيد من التصعيد خاصة مع اقتراب مهلة..
ليلى الشايب: تحمل الحركة الشعبية فقط مسؤولية ما جرى؟
خالد التيجاني: لا، لا الطرفان طبعا يتحملان المسؤولية بالنسبة للمؤتمر الوطني في تقديري كان بيده الكثير جدا من الأوراق والآن يفاوض الحركة الشعبية بلا أوراق، أهم ورقة بيده كانت هي مدد الاستفتاء والاعتراف بانفصال جنوب السودان واستقلال جنوب السودان، ولكن المؤتمر الوطني للأسف الشديد فاوض بأسلوب تكتيكي والآن هو يحاول البحث عن علاقة إستراتيجية بعد ما حصلت الحركة الشعبية على ما تريده، وبالتالي في تقديري الحركة الشعبية الآن ربما ترى المؤتمر الوطني في حالة ضيق، الوضع الاقتصادي في شمال السودان الآن يعاني، كان هناك رهان من ينهار أكثر جراء هذه الأزمة بين الطرفين، واضح الآن أن الوضع في الشمال أكثر تأثرا من هذه الأوضاع الاقتصادية، ربما لأن اقتصاد جنوب السودان هو اقتصاد ضعيف وربما ولذلك لم يتأثر بصورة أسرع، وبالتالي في تقديري الحركة الشعبية لن ترمي طوق النجاة في هذا الوقت بالتحديد للمؤتمر الوطني للخروج من مأزقه، وبالتالي واضح أن الحركة الشعبية تحاول أن تنقل الملف بالكامل إلى مجلس الأمن الدولي ليتم تدويله خاصة أنه..
ليلى الشايب: سنصل إلى ذلك لاحقا في الجزء الثاني من هذه الحلقة سيد التيجاني النور إذن علقت المفاوضات وقراءات مختلفة لأسباب تعليقها ولكن كيف سينعكس تعليقها بين الخرطوم وجوبا على مصير الخلافات بينهما؟ نناقش ذلك بعد فاصل قصير أرجو أن تبقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
ليلى الشايب: أهلا بكم من جديد مشاهدينا في حلقتنا التي تتناول مصير الخلاف بين الخرطوم وجوبا في ضوء تعليق المفاوضات المباشرة بينهما، سيد أتيم قرنق إذن كيف سينعكس هذا التعليق على مصير ما بقي من جولات لهذه المفاوضات خاصة وأنه لم يبق في عمرها سوى أسبوعين فقط تنتهي المهلة عمليا يوم 2 أغسطس المقبل؟
أتيم قرنق: نعم سينعكس على المحادثات، هذا تعليق على شيئين: الشيء الأول هو أن بناء ثقة بيننا تتباعد بدل أن تتقارب لأن المحادثات المباشرة يعني أن حكومة السودان وحكومة جنوب السودان يتحاوران مباشرة الآن، سيتحاور هؤلاء الناس من خلال الوسيط، الشيء الآخر هو أن وجود الوسيط وعدم الحوار المباشر سيؤخر وسيمد عمر المحادثات لفترة أطول هذا نعم..
ليلى الشايب: هل أنتم مخولون لفترة أطول من المهلة المتبقية؟
أتيم قرنق: لا بطبيعة الحال عندما يكون هناك طرف ثالث لابد أن تطول المحادثات، لأن الطرف الثالث يحاول أن يقرب وجهات النظر المتباعدة ولكن عندما تكون المحادثات مباشرة تكون وجهات النظر يمكن أن تتقارب مباشرة هذا سيطول من عمر المحادثات، هذا ما أعنيه.
ليلى الشايب: سيد عمر الدهب في نظر الكثيرين المفاوضات كانت ميتة حتى قبل أن تنطلق وما تسرب من مواقف وتصريحات دل على ذلك، دل على أن الطرفين يتمترسان وراء مواقف لا تتغير.
عمر دهب: قبلا اتفق معك في هذا الأمر، إذ أن الحوار الاشتراكي أو النهج الاشتراكي الذي اتبعناه والذي كان نتيجته أننا جلسنا مباشرة في مفاوضات مباشرة، هذا النهج الإستراتيجي قد تم الآن قد تمت محاولة تقويضه عن طريق تحركات حركة العدل والمساواة، حركة العدل والمساواة قد نصبت شركا للنيل من هذه المفاوضات وأرجو أن لا ينجر الجنوب لهذا الشرك، لأننا يجب أن نمضي في هذا الأمر من خلال هذا النهج الإستراتيجي الذي اتبعناه وحسب الاتفاقات التي تمت في هذين اليومين فإن الخبراء الأمنيين..
ملفات التفاوض وحسن النوايا المفترضة
ليلى الشايب: بعيدا عن الخبراء الأمنيين و المناطق البعيدة عن غرف التفاوض هل رصد أي تغير، أي تطور في مواقف الطرفين من القضايا الجوهرية المصيرية التي تجري حول المفاوضات، أبيي، المناطق الحدودية، خرائط المناطق الحدودية، النفط، هل ترى أي تغير إيجابي في هذه الملفات؟
عمر دهب: نحن نتناول المسائل الأمنية كشيء أولي وما حدث بالأمس هو دليل على أن المسائل الأمنية يجب أن تنهى قبل أن نلج إلى المسائل الأخرى، على أي حال المفاوضات تشير سواء كانت مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة، ونحن سننتقل غدا من بحردار إلى أديس أبابا لمواصلة هذه المفاوضات، ما نقوله ونكرره هو أننا يجب أن نبدي قدرا كبيرا من حسن النية..
ليلى الشايب: والمهلة سيد دهب أنتم تتحدثون كأن أمامكم شهورا، أمامكم أسبوعين فقط هل هي كافية؟
عمر دهب: النهج الاستراتيجي هو عمل لمباشرة كل القضايا بنفس طويل، هذا هو النهج الإستراتيجي، المفاوضات التي ترعاها الوساطة تحاول أن تصل إلى حلول وفق الجداول الزمنية الموضوعة، لذلك فهنالك مساران في رأيي للتفاوض وكل المسارين يؤديان إلى تطبيع العلاقات في النهاية، ما نبديه كما قلته هو أن نتحلى بالصبر وأن نتحلى بحسن النية وأن لا نترك للأحداث التي أحيانا نجبر على أن نرد عليها أن لا نترك لها فرصة لكي تقوض ما نحن نقوم به خاصة أننا قد وصلنا إلى ما يمكن أن نسميه إنجازا في أننا في الفترات السابقة ومنذ إنهاء احتلال هجليج في إبريل الماضي كانت الحدود هادئة ولم يحدث فيها ما يثير الأمن، إلا هذا الحادث الذي نتج عن تدخل حركة العدل والمساواة ومحاولة اختراق هذه الحركة الحدود، نحن نطلب من الجنوب أن يقوم بما يوجبه عليه قرار مجلس الأمن في أن يبعد حركة العدل والمساواة وأن لا يقدم لها الدعم وأن لا يقدم لها الإيواء..
ليلى الشايب: على كل ملف من الملفات التي يفترض أن تبحثوها مباشرة وجها لوجه، أستاذ عذرا لمقاطعتك خالد التيجاني النور يعني لعلك استشعرت نوع من الأريحية في تعامل الطرفين مع عامل الزمن وهو ضاغط لاشك، هل هذا إحساس سليم برأيك؟
خالد التيجاني: في تقديري يعني هذا يشير إلى أن المفاوضات تدخل في حلقة مفرغة مرة تلو الأخرى، يجب أن نعلم أن هذه المفاوضات المباشرة بين الطرفين ظلت مستمرة منذ ديسمبر عام 1990 أي الآن 23 عاما الطرفين الطرفان يتفاوضان حول كل القضايا التي قتلت بحثا، وبالتالي لا أرى معنى للمزيد من التفاوض، القضايا واضحة جدا، المطلوب هو توفر إرادة سياسية، اتخاذ نهج لطبيعة ومستقبل العلاقات الحقيقية بين الطرفين، الآن هناك غرق في التفاصيل، هذه التفاصيل قتلت بحثا من قبل،هناك كثير جدا من الاتفاقات حول القضايا الأمنية، الآن يعاد بحث ما تم الاتفاق عليه مسبقا وبالتالي ما هو الضمان أن لا يتم أيضا الالتفاف أو الانقلاب على ما يتم الاتفاق عليه مرة أخرى، وبالتالي من الواضح أن هناك غياب للرؤية حول مستقبل العلاقة بين الطرفين، هذه واحدة، هناك غياب للإرادة السياسية كذلك، وهناك أيضا يعني استخدام من كل طرف لأوضاع الطرف الآخر لتسجيل النقاط، ولكن في تقديري أنه لا يمكن حل أو إيجاد تسوية حقيقية لهذه القضية بدون إجراء مراجعات حقيقية حقيقة لطبيعة النظامين في الخرطوم وجوبا، وأنا في تقديري أنهما لدرجة كبيرة يمثلان وجهان لعملة واحدة وبالتالي استمرار أزمة السودان حتى بعد الانفصال يشير إلى أن الأزمة باقية حتى بعد الانفصال ولم تحل مشاكل السودان وهي مرشحة للمزيد من التأزم بفعل هذا النهج والإصرار على هذا النهج الذي أوصل البلاد إلى هذه الحالة.
الوساطة الإفريقية وموقف المجتمع الدولي
ليلى الشايب: أخيرا معك أستاذ تيجاني النور الوساطة الإفريقية وحدها كافية؟
خالد التيجاني: في تقديري أن الأمور تسير باتجاه التدويل الكامل، طبعا معلوم أن الوساطة الأفريقية هي تتم بتكليف من مجلس الأمن الدولي، ومجلس الأمن الدولي في قراره 2046 أمهل الوساطة الأفريقية مدة ثلاثة أشهر حتى الثاني من أغسطس المقبل أي بعد عشرة أيام ليعني إنهاء هذه المفاوضات وبالتالي إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق من المفترض خلال شهر بعد ذلك حتى الثاني من سبتمبر أيلول يجب أن ترفع نتائج هذا التفاوض وبما فيها مقترحات الحلول حول القضايا التي لم يتم الاتفاق بشأنها، وبالتالي القضية برمتها الآن ستتحول إلى مجلس الأمن الدولي وبالتالي على المجتمع الدولي.. هو حقيقة لم يتخذ قرارا ولكن إلى أي مدى المجتمع الدولي سيكون فعلا قادرا على فرض قرار، خاصة إذا علمنا أن المجتمع الدولي هو أصلا كان شريكا في عملية السلام ولكنه تقاعس أيضا عن رعاية هذه العملية وبالتالي يعني استمرت الأزمة حتى بعد يعني الالتزام بكافة بنود اتفاقية السلام الشامل.
ليلى الشايب: أتيم قرنق باختصار أخيرا رؤيتك لمستقبل هذه المفاوضات ؟
أتيم قرنق: نعم وبطبيعة الحال الخرطوم تحاول أن تبحث عن شماعة لأن لديها مشاكلها الداخلية الشعب السوداني..
ليلى الشايب: أنا سألتك عن رؤيتك ورؤية جنوب السودان .
أتيم قرنق: نعم؟
ليلى الشايب: أنا سألتك عن رؤيتك الخاصة ورؤية جنوب السودان، ما مستقبل هذه المفاوضات؟
أتيم قرنق: تقاطعيني كثيرا لست أدري لماذا؟
ليلى الشايب: لا أنا قلت لك باختصار وسؤالي كان واضحا جدا أريد أن أسمع منك رؤية جنوب السودان بالنسبة لهذه المفوضات؟
أتيم قرنق: نعم
ليلى الشايب: الوقت لا يسمح للأسف.
أتيم قرنق: أكيد القرار الأممي 2046 لابد من الجلوس والتحاور مع الخرطوم ويجب على الخرطوم أن تكون صادقة وليس باحثة عن الشماعة، لأن حركة العدل والمساواة حركة سياسية إسلامية ولا يمكن أن تساندها حكومة الجنوب لا يعقل أن تساند حكومة كالسعودية حركة مثل..
ليلى الشايب: عمر الدهب،شكرا لك، الطرفان بحاجة مرة أخرى إلى نهج استراتيجي جديد ؟
عمر دهب: ليس من المفيد الإنكار، الحقائق التي تفرض نفسها على الأرض ووجود حركة العدل والمساواة في الجنوب هو أمر واضح ولا يمكن أن ينكره أحد، النهج الجديد الذي اتبعناه قبل أيام هو النهج الاستراتيجي لمباشرة كل القضايا ويجب أن نعمل سويا حتى نفوت الفرصة على الآخرين وحتى نفوت الفرصة على النوايا السيئة أيضا عند البعض ..
ليلى الشايب: هذا النهج لم يحل المشكلة؟
عمر دهب: وفي سبيل إرساء دعائم السلام المستمر كما فعلنا مع كل جيراننا
ليلى الشايب: نعم
عمر دهب: جنوبا وشرقا وغربا نحن الآن مشكلتنا الوحيدة في كل حدودنا على امتداد أرضنا هو مع الجنوب الذي كنا معه قبل فترة قليلة كدولة واحدة.
ليلى الشايب: شكرا جزيلا لك عمر دهب السفير عمر دهب الناطق باسم وفد الحكومة السودانية إلى المفاوضات كنت معنا من مدينة بحر دار الإثيوبية، أشكر من جوبا أتيم قرنق زعيم الأغلبية في برلمان جنوب السودان، ومن الخرطوم أشكر خالد التيجاني النور رئيس تحرير صحيفة إيلاف السودانية، تحية لكم أينما كنتم في نهاية هذه الحلقة إلى اللقاء.