ما وراء الخبر / صورة عامة 16/04/2012
ما وراء الخبر

التصعيدات بين دولتي السودان

تناقش الحلقة تصويت البرلمان السوداني لصالح مشروع قرار يعتبر حكومة جنوب السودان عدوا للخرطوم والسبب منطقة هجليج حيث يوجد حقل نفطي كبير في الجانب السوداني من الحدود التي لم يتم ترسيمها. ما أهمية هجليج؟
‪ليلى الشيخلي‬ ليلى الشيخلي
‪ليلى الشيخلي‬ ليلى الشيخلي
‪أتيم سايمون‬ أتيم سايمون
‪أتيم سايمون‬ أتيم سايمون
‪عطية عيسوي‬ عطية عيسوي
‪عطية عيسوي‬ عطية عيسوي
‪الصادق الرزيقي‬ الصادق الرزيقي
‪الصادق الرزيقي‬ الصادق الرزيقي

ليلى الشيخلي: اليوم صوت البرلمان السوداني لصالح مشروع قرار يعتبر حكومة جنوب السودان عدوا للخرطوم السبب منطقة اسمها هجليج خرجت مصادفة إلى واجهة الأحداث معارك دارت حولها بين قوات جنوب السودان والسودان راح ضحيتها قتلى وجرحى، في هجليج حقل نفطي كبير في الجانب السوداني من الحدود التي لم يتم ترسيمها بعد، النفط هو السبب أم هناك أسباب أخرى؟

حيّاكم الله نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين: ما أهمية هجليج، لماذا يتنازع السودان وجنوب السودان للسيطرة عليها؟ هل بإمكان الوساطة المصرية احتواء الأزمة بين الخرطوم وجوبا؟

يزداد التوتر بين جمهوريتي السودان وجنوب السودان وتقترب البلدان أكثر فأكثر من شفا مواجهات طاحنه تعيدهما إلى أجواء الحرب الأهلية المدمرة التي دارت بين شمال السودان وجنوبه على مدى ربع قرن تقريبا، تأخذ المرحلة الجديدة من التصعيد شكل حرب استنزاف اقتصادي يجسدها استهداف الحقول النفطية كما حدث في هجليج، من جهة أخرى دخلت مصر على خط الأزمة إذ قال وزير خارجيتها محمد كامل عمر إن القاهرة ستقدم اقتراحات لحل الأزمة بين الخرطوم وجوبا.

[تقرير مسجل]

بيبه ولد امهادي: لم يكن السودان وجنوب السودان اقرب إلى الحرب الشاملة منهما اليوم في الخرطوم أجمع النواب السودانيون على اعتبار دولة الجنوب عدوا لبلادهم ولم يتردد رئيس البرلمان السوداني أحمد إبراهيم الطاهر في القول أن هدف الخرطوم هو الإطاحة بالحركة الوطنية لتحرير السودان التي تحكم الجمهورية الوليدة في الجنوب، يعتقد كثيرون أن اتفاق السلام المبرمة بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة الرئيس عمر حسن البشير قبل سبع سنوات قد حمل بذور الحرب التي نشهد نذرها والتي فجر فتيلها واقع معقد على جانبي حدود تتنازع الخرطوم وجوبا كثيرا من معالمها، سقوط هجليج في أيدي قوات الجنوب أقوى مؤشرات التوتر بين البلدين تشكل تلك الحقول النفطية أكثر من خمسين بالمئة مما تبقى للسودان من نفط بعد أن أخذت جمهورية جنوب السودان خمسة وسبعين بالمئة من بترول البلاد قبل الانفصال، لماذا استهداف هجليج وبانتيو عاصمة ولاية الوحدة التابعة للجنوب والغنية بالنفط هي الأخرى؟ تميل بعض التحليلات إلى أن الطرفين لا يعولان على حسم عسكري قد يطول انتظاره تعويلهما على العامل الاقتصادي لاسيما عندما لا يكون في مصلحة الطرف الآخر، الجنوب الذي يعتمد على عائدات النفط بنسبة ثمانية وتسعين بالمئة بات محروما منه منذ قرر وقف إنتاجه في يناير الماضي في خضم جدل مع الخرطوم بشأن رسوم عبور وتصدير نفط الجنوب عبر منشآتها وفي السودان تندت المداخيل من العملة الصعبة بعد انفصال الجنوب بنفطه؛ ارتفعت أسعار المواد الغذائية في البلدين وكلا النظامين ينتظر خبرا سارا عن تآكل الآخر من الداخل وسقوطه تلقائيا تحت وطأة الأزمة الاقتصادية وخروج محتمل للجماهير على حكامها، الكلمة في الوقت الراهن لطبول الحرب والتعبئة هنا وهناك والحرب الأهلية الماضية تذكر الجميع بأنها كلفتهم أكثر من مليوني قتيل.

[نهاية التقرير]

أبعاد استهداف منطقة هجليج

ليلى الشيخلي: لمناقشة هذا الموضوع ينظم إلينا من الخرطوم الصادق الرزيقي رئيس تحرير صحيفة الانتباهة، من جوبا ينظم إلينا أتيم سايمون رئيس تحرير صحيفة المصير ومن القاهرة عطية عيسوي مدير تحرير صحيفة الأهرام المتخصص بالشؤون الإفريقية، وأبدأ معك سيد أتيم سايمون لماذا استهدفت منطقة هجليج الآن؟

أتيم سايمون: الحديث حول منطقة هجليج هي أيضا لديها تسمية في جنوب السودان هي منطقة بونتواز، الاستهداف الذي تتحدث عنه كثير من وسائل الإعلام لم يكن حديث اليوم، وإنما تفاقمت الأوضاع بعد دخول القوات المسلحة السودانية للمنطقة وفرضها سيطرة الأمر الواقع لكن الآن هذا الجدل تصاعد بعد أن أحكم الجيش الشعبي سيطرته على المنطقة باعتبار أن هذه المنطقة هي امتداد طبيعي لأراضي جمهورية جنوب السودان حسب الخطاب الذي أدلى به رئيس جمهورية جنوب السودان أمام البرلمان، هذه المنطقة بالنسبة لجنوب السودان منطقة إستراتيجية مهمة تتبع داخل حدود دولة جنوب السودان بحسب ما هو متفق عليه في 1956 وتم ضمها بقرارات متكررة في زمن الرئيس جعفر نميري في زمن حكومة الإنقاذ إلى شمال السودان في ولاية جديدة اسمها غرب كردفان لغرض الاستحواذ على النفط المنتج في هذه المنطقة الغنية وأنت تعلمين بأن جنوب السودان منذ أن اصدر قرار في إيقاف عملية إنتاج النفط.

ليلى الشيخلي: ولكن في النهاية في النهاية قانونيا ووفقا لمحكمة لاهاي على الأقل في الوقت الحالي إلى أن يتم النظر فيها في المستقبل، هذه المنطقة تعتبر قانونيا تابعة للشمال فالسؤال ما الدوافع في استهدافها في هذه المرحلة وفي وقت الجنوب يعاني فيه من مشاكل متعددة؟ لماذا أصبح هجليج على رأسها؟.

أتيم سايمون: الحديث حول قرار محكمة تحكيم محكمة لاهاي ثم تفسيره التفسيرات المتعددة وتفسيرات كل يفسر على هواه ولكن الصحيح في الأمر أن قرار محكمة التحكيم الدولية في لاهاي كان يتحدث عن المناطق التي تقطنها عشائر دلتا فيما يرى في منطقة أيبي حسب ما هو منصوص عليه في التفويض الممنوح للجنة ترسيم الحدود والمحكمة الدولية ولكن  لم يتم الحديث صراحة عن الحدود الفاصلة بين الشمال وجنوب السودان لأن هذه قضية تم طرحها على المجلس للتفاوض.

ليلى الشيخلي:  طيب، حتى لا نقلب هذه الحلقة، الموضوع هو ليس في الواقع، لن تحسم هذه الحلقة هذا الموضوع بلا شك، طيب سامحني على المقاطعة، فقط أريد إن اسأل الصادق الرزيقي من وجهة نظركم في الشمال ما هي دوافع الجنوب في استهداف هذه المنطقة الآن؟.

الصادق الرزيقي: أولا: توجد عدة أهداف لدولة جنوب السودان في الهجوم على هجليج ليس من بينها هو هناك حقا تاريخيا لدولة جنوب السودان في هذه المنطقة هذه المنطقة هي منطقة تتبع للسودان ومنطقة تقطنها القبائل المسيرية وكانت من أهم مصائف القبيلة في التاريخ القديم، ولن تثر حكومة جنوب السودان أية مطالبات بهذه المنطقة طيلة الفترة الانتقالية ولن تكن هي واحدة من المناطق المتنازع عليها حدوديا بين البلدين هنالك أهداف إستراتيجية ضمن مخطط الكارتل للنفط في الولايات المتحدة هو الذي يدعم ويمول هذه الحرب؛ لن النفط في هجليج بدأ التنقيب عنه في 1979 بواسطة شركة شيفرون هنالك عين بترولية أميركية مصوبة على هذه المنطقة هنالك مخطط دولي وإقليمي في إثارة هذه الحرب.

ليلى الشيخلي: ولكن على الأقل في الظاهر لنأخذ يعني الأمور نتوقف نقطة نقطة المجتمع الدولي لو سمحت لي لو سمحت لي، المجتمع الدولي ظاهريا الآن يبدو وكأنه يطالب الجنوب بالانسحاب من هذه المنطقة لذلك يعني إذا أردنا أن نمضي في هذا الخط الذي تمضي فيه لا يبدو أن هذا يتماشى مع هذا الهدف.

الصادق الرزيقي: طبعا، المخطط الأساس هو مخطط أكبر من حكومة جنوب السودان لأن حكومة جنوب السودان هي منصة وقاعدة للانطلاق في الحرب ضد السودان، لكن حكومة جنوب السودان هربت إلى الأمام بهذه المقامرة العسكرية في هجليج هربت من مشاكلها الداخلية هربت إلى محاولة مقايضة بين احتلال هجليج وبين منطقة أبيي فلذلك توجد مخططات وتوجد أهداف لصالح حكومة جنوب السودان وتوجد أهداف أخرى تنفذها بما يسمى بالجبهة الثورية التي تضم تحالف من حركات دارفور وبقايا الجيش الشعبي في جنوب كردفان والنيل الأزرق فلذلك الهجوم على هجليج حمل عدة أهداف لدولة جنوب السودان وهذه الأهداف واضحة جدا الآن أما عن حق تاريخي أو أحقية دولة جنوب السودان بهذه المنطقة فهذه الفكرة نفسها قد فندتها تصريحات دولة جنوب السودان التي وضعت شروطا للانسحاب من هذه المنطقة ومن يضع شروط للانسحاب يعني أن هذه المنطقة لا تتبع له وليس له أي حق فيها؛ فلذلك هذا المخطط الذي يجري الآن لجر السودان إلى هذه الحرب وهي حرب استنزاف لتعطيل الاقتصاد السوداني ولضرب المنشآت النفطية أملا ففي أن يؤدي إلى إضعاف الدولة السودانية وإلى إسقاط النظام في الخرطوم.

ليلى الشيخلي:  طيب، اسأل عطية عيسوي في هذا الشأن يعني واضح أن كل طرف تمسك بهجليج لكن في النهاية يعني هناك محاولة وهناك كما ذكر الرئيس البشير هناك أيدي خارجية هناك زيارة سلفاكير لإسرائيل مما حدا بالبعض لأن يعتقد أن الهدف في كل هذا في الواقع مصر، هل توافق؟

عطية عيسوي: بداية من أهم أهداف هذه الخطوة من جانب حكومة الجنوب مقايضة هجليج بمنطقة أبيي المتنازع عليها وأيضا الضغط على الحكومة السودانية الشمالية لكي تتنازل عن موقفها الخاص برسوم تصدير البترول المرتفعة؛ لأن توقف البترول أدى إلى ضغوط اقتصادية داخلية وشعبية كثيرة عليها بالإضافة إلى الضغط عليها لوقف مساعداتها حسب رأي حكومة الجنوب للمتمردين والمليشيات المسلحة في مناطق دولة الجنوب هذه أبرز الأسباب، أما فيما يتعلق بإسرائيل أو غيرها لا أستبعد أن تكون إسرائيل قد استغلت هذا التوتر القائم بين البلدين والنزاعات على كثير من مناطق الحدود وأيضا الجنسية والممتلكات والأرصدة والاتهامات المتبادلة بدعم المتمردين لكي تدفعها لاحتلال هذه المنطقة للضغط على حكومة الخرطوم ودفعها ليعني تحقيق أهداف أخرى والتجاوب معها لمصالح الأميركية والإسرائيلية وغيرها.

ليلى الشيخلي: طيب، موضوع كون مصر هي المستهدفة وفيما يتعلق بنصيب جنوب السودان وشمال السودان من مياه النيل الذي قد يفسر كل هذا الأمر هل توافق أم هذا تحليل بعيد برأيك؟.

عطية عيسوي: أعتقد أن هذا ليس هو وقت مسألة إثارة قضية مياه النيل, هو ضغط على الحكومة السودانية لأنهم يرون في إسرائيل وفي الولايات المتحدة أن حكومة الخرطوم تساند الجماعات المتطرفة من وجهة نظر الإسرائيلية والأميركية, مثل الجهاد الفلسطينية وحزب الجهاد اللبناني وحركة حماس أيضاً وهي حركات مصنفة على أنها إرهابية من وجهة النظر الأميركية, ويريدون تليين الموقف أو إحداث تحول في الموقف السوداني, فضلاً عن علاقات الخرطوم الجيدة بإيران وأيضاً يريدون أن تقطع الخرطوم هذه العلاقات الجيدة مع إيران, أو على الأقل تحييدها بحيث تجد أو تزداد عزلة إيران ويتوقف دعمها للخرطوم, طبعاً هناك, أما في مسألة مصر فتستخدم المياه كسلاح عند الضرورة عندما تتوتر العلاقات مع القاهرة, علاقات إسرائيل مع القاهرة وهو على الأقل ما لم يحدث حتى الآن في انتظار من سيحكم البلد؟ هل هو رئيس ذو توجهات إسلامية أم رئيس ذو توجهات علمانية؟

ليلى الشيخلي: أتيم سايمون, الحديث عن حرب استنزاف ورد على لسان الرئيس السوداني حسن البشير وقال أن فعلاً يبدو أن كل طرف يحاول أو إنكم في الجنوب تحديداً تحاولون جر البلاد إلى حرب استنزاف ولكنها ستنقلب عليكم وستدفعون ثمنها, يعني الواقع من حيث المشاكل المادية التي تعاني منها حكومة جنوب السودان, الاقتصاد, كل هذه ربما تذهب في هذا الاتجاه ما تعليقك؟

أتيم سايمون: حديث الجانب السوداني فيما يخص الرئيس السوداني ففيه الكثير من الوصايا ومحاولة تشفير الجانب الصراع بأنه يخدم أجندة الخارجية, وهذا فيه عدم احترام لرغبة وإرادة شعب جنوب السودان بأنه يقرر حول قضاياه المصيرية لأنه جنوب السودان دولة ذات سيادة كاملة على أرضها وشعبها ومواردها لا تحتكم لأي جهة خارجية لديها القدرة على حماية هذه المصالح حسب خطاب رئيس جمهورية جنوب السودان بأن جنوب السودان هو دولة وينبغي إنه يتم الاحتكام فيها إلى المسائل المتعلقة بالموارد والأرض, فالقرار الذي اتخذته حكومة الجنوب كان قرار مدروس سواء بضخ النفط أو تصديره عبر ميناء السودان وهذا كان له تأثيرات اقتصادية بالغة على الجانب السوداني وأنت الآن ترين كيف هي الأزمة الخانقة في الخرطوم وفي الأطراف السودانية, وأن هناك كثير من القضايا يحاول الرئيس البشير تعليقها على جنوب السودان بما فيها قضايا النزاع..

ليلى الشيخلي: هذا بالضبط واسمح لي أن أفهم من الصادق الرزيقي..

أتيم سايمون: لكن الآن, الآن نحن نتحدث عن, نحن نتحدث عن أن النزاع حول هجليج هو محاولة من الجانب السوداني لاستنزاف موارد جنوب السودان لأن هجليج داخل عمق جنوب السودان بموجب المجموعات المستوطنة في المنطقة

ليلى الشيخلي: سأترك الصادق الرزيقي يعلق على هذه النقطة, نعم, سامحني على المقاطعة, سامحني لأن الوقت يداهمنا وهو قصير جداً, أريد أن أستفيد من الوقت, الصادق الرزيقي, الصادق الرزيقي, يعني أثار نقطة يعني عندكم مشاكل في الخرطوم وفي الواقع أثيرت من قبل بيتر بشير عندما قال وهو حديث متلفز ومنقول عن, بالراديو والتلفزيون في الجنوب, أنكم أنتم في السودان لديكم مشاكل وهذا ما يراهنون عليه, وأن البشير يعتقدون أنها مسألة وقت فقط, حتى أشهر قبل أن يلحقه مصير الرؤساء العرب الآخرين في تونس ومصر وليبيا, وبسبب الربيع العربي تعتقد هذا لب الرهان يعني في الجنوب؟

الصادق الرزيقي: لا, أولاً هذه ليست الحقيقة لأن الوقائع على الأرض وما دار في هجليج ليست له أي ارتباطات بالداخل السوداني, لأن السودان لم يختر هذه الحرب ولم يعتد على دولة جنوب السودان, دولة جنوب السودان هي التي هاجمت هذه المنطقة وهي التي تتواجد في منطقة هجليج, فلذلك هذه الحرب يتحمل مسؤوليتها من بدأ الحرب, ولكن نحن نقول أن ما يحدث الآن في هجليج وما يدور الآن باعتراف المجتمع الدولي, مجلس الأمن الدولي للإتحاد الإفريقي من الإدانة لما حدث, والمطالبة لدولة جنوب السودان بسحب جيشها, كل هذا يؤكد بدليل واضح أن دولة جنوب السودان هي التي اعتدت, ودولة جنوب السودان هي التي تعرف لماذا خطت في هذه المقامرة العسكرية؟ ولماذا ارتكبت هذه الحماقة باحتلال هذه المنطقة وتفجير الصراع بين دولتين؟ وكانت هنالك بينهما مفاوضات تجري في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا أو عشية انطلاق جولة جديدة من المفاوضات تم الهجوم على منطقة هجليج, فلذلك نحن ليست لدينا مشاكل داخلية عميقة تجعل من الحرب هي الشماعة التي نعلق عليها إخفاقات أو مشاكل داخلية.

ليلى الشيخلي: طيب, الحرب هل يمكن إيقافها, هناك جهات كثيرة تحاول أن تلعب دور الوسيط على رأسها القاهرة, سنتابع هذا الأمر بعد فاصلٍ قصير أرجو أن تبقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

الوساطة المصرية واحتواء الأزمة

ليلى الشيخلي: أهلاً من جديد إلى حلقتنا التي تتناول التصعيد الخطير بين السودان وجنوب السودان على خلفية أحداث هجليج, عطية عيسوي, هل مصر فعلاً هي الطرف الذي يمكن أن يقدم الحل لهذه المشكلة, خصوصاً أنه لا يعتبر طرف مؤثر في جنوب السودان تحديداً؟

عطية عيسوي: أقصى ما يمكن أن تنجح فيه مصر هو انتزاع موافقة الطرفين على عقد قمة بين الرئيس البشير والرئيس سلفاكير, وهي القمة التي تم إلغاؤها وكانت مقررة في الثالث من الشهر الحالي, لكن أن تنجح مصر في إقناع الشمال بوقف العمليات العسكرية وأرضه محتلة, فهذا أمر صعب جداً لأنه سيثير الرأي العام على الحكومة السودانية ويحرجها, وأيضاً أن تستطيع إقناع الجنوب بسحب قواته من هجليج أيضاً أمر صعب جداً, لأن الجنوبيين يشترطون أن يتم نشر قوات أممية على طول المناطق المتنازع عليها, وهو أمر يحتاج إلى أسابيع لتنفيذه, وأيضاً يطالبون بأن تنسحب قوات الشمال من منطقة أبيي البترولية الهامة المتنازع عليها, وعلى ذلك أعتقد أنه من الصعب جداً أيضاً أن ينسحب الجنوبيون قبل أن يتحقق ولو جزء من مطالبهم, ولكن إذا نجحت مصر في انتزاع مطلب عقد القمة بين الطرفين خلال هذا الأسبوع فمن الممكن أن تهدأ الأمور ونمنع سقوط المزيد من الضحايا, وأيضاً نمنع تفاقم الأمور إلى توسيع مجال نطاق الحرب الأمر الذي يخشاه الجميع..

ليلى الشيخلي: نعم أكيد, نعم…

عطية عيسوي: هذا يمكن أن يتحقق, عفواً, بشرط أن تساند الولايات المتحدة ذات النفوذ على الجنوب, الخطوات المصرية, وتساند الصين الشعبية ذات النفوذ على الشمال أيضاً الجهود المصرية, أما مصر وحدها فلا أظن أنها ستستطيع تحقيق هذا الأمر.

ليلى الشيخلي: أتيم سايمون هل تعتقد من واقع اتصالاتك مع حكومة الجنوب, هل ترجح أن يمكن أن تنجح مصر في انتزاع الموافقة على عقد قمة قريباً خلال هذا الأسبوع؟

أتيم سايمون: أولاً حكومة سلطاتنا في جوبا أبدت ترحيبها بأي وساطة مطروحة, ولكنها أيضاً أكدت أنه كل الجهود المبذولة لنزع فتيل الأزمة ستخضع للدراسة العميقة ومن ثم ستقرر حكومة الجنوب في شأنها…

ليلى الشيخلي: نعم, ولكن أتيم هي تتحدث …

أتيم سايمون: اليوم أنتم تابعتم زيارة وزير الخارجية المصري إلى جنوب السودان, التقى بالرئيس والتقى بالطاقم الحكومي, وأول ما أبدت حكومة الجنوب بأنها صرحت على لسان وزير خارجيتها أن تطلق سراح الأسرى الذين تم إلقاء القبض عليهم, فبادرة حسن نية لأي نوع من الوساطة وأي نوع من التفاوض حول هؤلاء القضايا المتبقية من اتفاقية السلام الشامل…

ليلى الشيخلي:  سيد أتيم, سيد أتيم, نعم, عفواً كنت قد أقاطعك فقط حتى أحاول أن أسرع في الحديث حتى يعني نخلص بأكبر قدر ممكن, صحيح تقول إن حكومة الجنوب تتمسك بأنها, الدخول في مفاوضات وما إلى ذلك, ولكن أيضاً تتمسك بشروط, في هذه المرحلة كما قال الرزيقي قبل قليل, حكومة السودان في الواقع دخلت في مقامرة خصوصاً أن الطرف العسكري الأقوى هنا هو الطرف الآخر, طائرات المغ والأنتوف الروسية موجودة عند حكومة السودان, إذاً أنتم في الوضع الضعيف اقتصاديا وعسكرياً ومع ذلك تضعون الشروط وهناك احتمال أن لا تقبلوا بهذه الوساطة؟

أتيم سايمون: كل وساطة, كل جهود الوساطة هي قابلة للنقاش كما قلت لكِ, ولكن الحديث حول أن هذا الطرف هو الأرجح وهو الأقوى هذا الكلام أيضاً فيه نوع كثير من المبالغة لأن جنوب السودان هو الآن يتواجد داخل أراضيه وله الحق المكفول في القوانين الدولية لحماية أرضه, ولحماية شعبه.

الدعم الأميركي الصيني والسيناريوهات المتاحة

ليلى الشيخلي: طيب, أكتفي بهذا القدر أخي الكريم, يعني نقول, عفواً إذا سمحت لي عفواً, يعني هذا تقول أن فيه قدر من المبالغة ولكن حتى الناطق الرسمي باسم الجيش الجنوبي يقول إن يعني يجب أن نعترف أن هناك قوة عسكرية موجودة في الشمال لا نملكها, الصادق الرزيقي, الآن السيناريوهات المتاحة في, بالنسبة للوساطة المصرية كما ذكر عطية عيسوي هي مرهونة بدعم أميركي صيني, هل هو موجود برأيك؟

الصادق الرزيقي: الآن ليست هنالك وساطة بالمعنى الشامل, أي أن مصلحة مصر لم تقدم مبادرة متكاملة لحل هذه الأزمة, مصر تحاول الآن استكشاف منافذ بهذه الوساطة, هنالك موقف مبدئي في الخرطوم, هنالك رأي عام ضاغط في الخرطوم, هنالك تيارات شعبية ضاغطة في الخرطوم أن لا تفاوض مع دولة جنوب السودان إلا بعد انجلاء هذه المعركة, وإلا بعد رد هذا العدوان, وجاء ذلك على لسان الرئيس البشير, فلذلك لا أمل أنا كمراقب لا أرى أمل في نجاح الوساطة المصرية أولاً لعدة أسباب: التأثير المصري في دولة جنوب السودان تأثير ضعيف جداً, مصر انسحبت من الساحة السودانية في الشمال والجنوب من فترة منذ عهد النظام السابق في مصر, لم تستطع حتى الآن مد جسور تواصل حقيقية مع المحيط اللي حولها, خاصة المحيط الإفريقي, فلذلك تأثير مصر في أن تنجح في نزع فتيل الأزمة نعتقد إنه ضعيف جداً رغم قبول الطرفين….

ليلى الشيخلي:  طيب, من يملك, من يملك التأثير الأكبر برأيك بسرعة شديدة لو سمحت لم يبق إلا نصف دقيقة, من هي الجهة التي تعتبر أنها يمكن فعلاً أن تنجح في نزع, وربما تكون مؤثرة في الجنوب أيضاً؟

الصادق الرزيقي: هنالك جهات مؤثرة في الجنوب كما ذكر أخ عطية, الولايات المتحدة, الدول الغربية مؤثرة جداً في دولة جنوب السودان, هنالك دول مؤثرة في جنوب السودان, السودان أعلن أنه لن يتفاوض إلا بعد أن تنتهي هذه المعركة في هجليج, فلذلك هذا الموقف المبدئي ربما هو يحدد اتجاهات وإحداثيات هذه الوساطة.

ليلى الشيخلي:  أشكرك, جزيل الشكر, الصادق الرزيقي رئيس تحرير صحيفة الإنتباهة من الخرطوم, وشكراً  لأتيم سايمون رئيس تحرير صحيفة المصير من جوبا, ولعطية عيسوي مدير تحرير الأهرام المختص بالشؤون الإفريقية من القاهرة, وشكراً لكم على متابعة هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر, في آمان الله.