ما وراء الخبر

ملابسات اغتيال وسام الحسن

تناقش الحلقة ملابسات اغتيال العميد وسام الحسن رئيس فرع المعلومات في قوات الأمن الداخلي في لبنان في انفجار هز منطقة الأشرفية في بيروت وأدى إلى مقتل وجرح عشرات الأشخاص.

– مفارقة توقيت اغتيال الحسن وأبعاده
– النظام السوري ومحاولة تصدير الأزمة إلى لبنان

– تصفية حسابات سياسية داخلية بين الفرقاء اللبنانيين

 

‪ليلى الشيخلي‬ ليلى الشيخلي
‪ليلى الشيخلي‬ ليلى الشيخلي
‪جورج علم‬ جورج علم
‪جورج علم‬ جورج علم

ليلى الشيخلي: قتل العميد وسام الحسن رئيس فرع المعلومات في قوات الأمن الداخلي في لبنان في انفجار هز منطقة الأشرفية في بيروت وأدى إلى مقتل وجرح عشرات الأشخاص.

حيّاكم الله، نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين: أي دلالات يعطيها لهذا الاغتيال شخص العميد وسام الحسن وإدارته ملف الأمن الداخلي؟ وكيف سينعكس مقتل العميد الحسن على تعقيدات الوضع اللبناني داخليا وسياقه إقليميا؟

من قتل وسام الحسن؟ سرعان ما تدافعت الأسئلة والاتهامات والفرضيات في لساحة اللبنانية بشأن ملابسات اغتيال رئيس فرع المعلومات في جهاز الأمن الداخلي اللبناني، انفجار الأشرفية اليوم والذي أعاد إلى اللبنانيين ذكريات قريبة لاغتيالات سياسية لم تغلق ملفاتها بعد، ويبدو منعرجا لافتا تغذيه هشاشة أمنية وسياسية وهواجس إقليمية أيضا.

[تقرير مسجل]

مريم أوباييش: اغتيال في تفجير بسيارة مفخخة في قلب منطقة الأشرفية ببيروت، في ساعة الذروة هي ساعة تصفية حسابات سياسية داخلية بين الفرقاء اللبنانيين أم هي ساعة تصدير الأزمة السورية بعنفها وتعقيداتها، انتظر الأمر أكثر من أربع ساعات للإعلان عن الشخصية المستهدفة في تفجير ساحة ساسين، قتل رئيس جهاز فرع المعلومات لقوى الأمن الداخلي العميد وسام الحسن، قبل اغتياله كان ضحية انتقادات واتهامات كثيرة وقوية من قبل قوى الثامن من آذار، وفق التصنيف السياسي اللبناني المعقد العميد الحسن محسوب على قوى الرابع عشر من آذار، من اغتال الرجل الذي كان وراء كشف مخطط خطير لتنفيذ تفجيرات واغتيالات في شمال لبنان، واعتقال العقل المدبر وفق الرواية الرسمية وزير الاتصال السابق ميشيل سماحة؟ لم ينتظر السياسيون اللبنانيون التأكد من أن تفجير الأشرفية استهدف شخصية أمنية ليتبادلوا الاتهامات والإعلان عن اغتيال العميد الحسن سيؤجج الاحتقان الموجود أصلا بسبب الثورة السورية، بالنسبة لمؤيدي الثورة الفاعل جهة ترجمت هاجس نقل عنف الأزمة السورية إلى الدول الإقليمية وأولها لبنان، أما أنصار نظام الأسد فالمنفذ جهة إسلامية متطرفة وقد يكون تنظيم القاعدة، تفجير الأشرفية لم يقتل فقط مسؤولا أمنيا وعددا من المدنيين مع إصابة العشرات بجروح، بل قتل أملا ضعيفا في تفادي إدخال لبنان في أتون صراع داخلي، من مصلحة أطراف كثيرة خلط الأوراق في بلد ذاق مرارة الحرب الأهلية التي لا يزال يدفع ثمن تداعياتها حتى بعد انتهائها منذ سنوات طويلة، تعيد التفجيرات والاغتيالات إلى أذهان اللبنانيين ذكريات بشعة يحاولون نسيانها، تحرمهم من ذلك التعقيدات السياسية الطائفية والداخلية المرتبطة بالخارج لإخماد هذه النيران، لن تخمد نار غضب الضحايا المدنيين في الأشرفية والأخطر احتجاج من يمتلكون السلاح ويتقنون لعبة زعزعة أمن واستقرار لبنان.

[نهاية التقرير]

مفارقة توقيت اغتيال الحسن وأبعاده

ليلى الشيخلي: لمناقشة هذا الموضوع ينضم إلينا من بيروت عبر الهاتف الكاتب والمحلل السياسي غسان جواد وأيضا من بيروت عبر الهاتف أيضا الكاتب الصحفي في جريدة الجمهورية أسعد بشارة، طبعا بسبب الوضع الأمني الواضح تماما أسبابه الآن فالضيفان موجودان معنا عبر الهاتف، أبدأ معك أسعد بشارة، تغييب رجل بهذا الوزن في هذه الظروف وفي هذا الوقت ماذا يعني؟

أسعد بشارة: مساء الخير.

ليلى الشيخلي: مساء النور.

أسعد بشارة: أولا هذا الرجل ليس مجرد ضابط في الأمن الداخلي، هذا الرجل هو أولا مسؤول الحماية للرئيس رفيق الحريري الذي ارتقى في منصبه وفي موقعه إلى درجة استلام فرع المعلومات الذي تأسس بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري والذي كان على تماس واضح في التحقيق بجريمة الحريري وقدم معطيات للتحقيق الدولي، ثم انتقل إلى مجموعة من الملفات كبيرة إلى درجة يمكن أن لا يتوقف عندها الفرد أو يمكن أن يقول فيها مجلدات، من ملف كشف الشبكات الإسرائيلية التي كان وسام الحسن بطل كشف هذه الشبكات الإسرائيلية مع فرع المعلومات، إلى موضوع خطف الأستونيين، إلى موضوع كشف ألغاز فتح الإسلام، إلى موضوع ميشيل سماحة الذي كان بعد أن نجح وسام الحسن بكشف موضوع إرسال العبوات ومخطط تفجير لبنان تماما التفجيرات التي كان متوقعا أن تحصل كالتفجير الذي حصل اليوم، كان وسام الحسن يتوقع أنه سيتعرض لأخطار كبيرة وأنه الآن أصبح الرجل الأول المعرض لعمليات اغتيال، أنا أعتقد أن وسام الحسن لا يمكن أن تضيع هويته في هذا الموضوع، هويته واضحة وأعداؤه واضحون ولا يمكن أبدا أن تتكرر نظرية المؤامرة أو تتكرر عمليات التسريب المبرمج عن سيناريوهات خيالية عن أن تنظيم القاعدة اغتال وسام الحسن، وسام الحسن قبل أشهر سرّب لوسائل الإعلام ما وصله من معطيات دقيقة عن وضع سيارات مفخخة لاغتياله بالأماكن التي سير فيها بقصد منع حصول التفجير وإفهام من يقومون بهذه المحاولات بأنه يعرف، كانت يومها تلك على خلفية اتهام النظام السوري له بدعم الثورة السورية.

ليلى الشيخلي: إذن ليس مفاجأة بأي شكل من الأشكال، غسان جواد هل توافق؟

غسان جواد: مساء الخير سيدتي لك وللأستاذ أسعد.

ليلى الشيخلي: مساء النور.

غسان جواد: وبداية أود أن أعزي بالشهداء جميعا وبالعميد الشهيد وسام الحسن، طبعا رجال الأمن بهذا المستوى أنا برأيي في العالم العربي عموما يعيشون في الوقت الضائع، وسام الحسن ليس شخصية أمنية عادية ولا رئيس جهاز أمني عادي هو رجل أمني من الطراز الأول له علاقاته الداخلية والإقليمية والدولية وهو رجل أمن محترف وناجح وهو خسارة للدولة اللبنانية لأنه في هذا السياق هو رجل مهني من الطراز الأول، أما القول بأن وسام الحسن اغتيل على خلفية هذا الملف أو ذاك من المبكر الحديث عن متهمين مع أنه في لبنان نحن في دولة.

النظام السوري ومحاولة تصدير الأزمة إلى لبنان

ليلى الشيخلي: واضح أن سياسيين عدة لا يتفقون معك بل ألمحوا وصرحوا وعلى رأسهم رئيس تيار المستقبل وأيضا وليد جنبلاط بمن يقف وراء هذا الاغتيال من وجهة نظرهم.

غسان جواد: نعم، من حقهم أن يوجهوا الاتهام السياسي ولكن هذا لا يعني أنه اتهام قضائي أو أنه جزء من التحقيقات أو أنه اتهام مبني على معلومات، في الواقع أنا أريد أن أشير إلى مسألة غاية في الأهمية في تصريح الأستاذ وليد جنبلاط، نعم هو اتهم سوريا في هذا الاغتيال ولكن في المقابل هو منحاز للاستقرار في لبنان ومنحاز لعدم جعل هذا العمل الإجرامي والإرهابي يترك تداعيات وأثر كبير على الواقع السياسي والشعبي والأمني في لبنان، وهذا ما يجب أن نركز عليه الآن، يجب فصل مسار هذا الاغتيال عن مسار الاستقرار اللبناني لأن لبنان للأسف يبقى على فالق زلازل إقليمية ودولية ولا ننسى أيضا وجود إسرائيل في المنطقة وبالتالي دائما حدثت اغتيالات في لبنان ومن المتوقع أن تحدث اغتيالات في لبنان. 

ليلى الشيخلي: ولكن هذا الاغتيال دون غيره ويسعدني أن أرحب الآن بالصحفي جورج علم الذي ينضم إلينا عبر الأقمار الصناعية من بيروت، الغارديان لم تضع الوقت، اعتبرت أن مقتل وسام الحسن هو أخطر حدث في لبنان منذ اغتيال الحريري، هل توافق؟

جورج علم: هذا صحيح لأن هذا القيادي البارز في الأمن كان له إنجازات وطنية، دعيني أقول أنني أتحدث بمستوى الأمن الشرعي اللبناني، في ظل غياب اللاشرعية، الشهيد العميد الحسن كان له إنجازات على المستوى الأمني لكل لبنان، سواء في 8 آذار أو في 14 آذار، كان همه دائما السلم الأهلي، مؤسسات قوى الأمن الداخلي، المؤسسات الأمنية الشرعية الأمن الشرعي وهذا بطبيعة الحال هو من رجال الدولة الذين كانوا طبعا يسعون لبناء الدولة الأمنية القوية بشرعيتها وليس الدولة القوية بمليشياتها، من هنا نرى أن هذه الخسارة هي خسارة وطنية بدون امتياز بمعزل عن السجال السياسي القائم والمعروف في لبنان والذي أصبح تقليديا بتفاهاته بين من يدعم هذا الطرف على الساحة السورية ومن يعارض لهذا الطرف، وبالتالي باعتقادي أن ما جرى اليوم هو امتحان لكل القيادات السياسية فإما أن يترفعوا لكي يستعيد لبنان أمنه لأن أمن لبنان هو سياسية قبل أن يكون أمنا أمنيا، عندما تلتقي القيادات السياسية على النأي فعلا بالنفس والرفع بلبنان إلى مستوى ما هو أكبر من حرب مذهبية وطائفية، هذا هو الامتحان الحقيقي، ما جرى اليوم هو صفحة دون أدنى شك لا يمكن إقفالها بين اليوم وغدا، هو أولا امتحان للقادة اللبنانيين بدون استثناء.

ليلى الشيخلي: امتحان صعب، أسعد بشارة الكل يتحدث عن إنجازات الرجل في هذه المرحلة ولكن يبدو أنه في فترة، عفوا يبدو أنه انقطع الاتصال مع، طيب، أعود إليك سيد جورج علم تتحدث عن إنجازات وسام الحسن، ولكن لا يمكن لأحد أن ينكر أنه تعرض لحملة انتقادات واتهامات شرسة في الفترة الأخيرة، هذا لا بد أن يؤخذ بالحسبان عندما نتحدث عن أسباب اغتياله اليوم.

جورج علم: دون أدنى شك ولكن هذه الاتهامات هي سياسية، أنا أتحدث عن رجل هو رجل أمني وليس سياسيا، وله إنجازات على المستوى الأمني وليس على مستوى السياسة، ولكن مع الأسف المخصصات في لبنان، الشعور المذهبي والطائفي المتفاقم الكيديات السياسية بين هذا الطرف وذاك تجعل كل شيء مسيسا في لبنان مع الأسف رغم وجود طاولة حوار وطني دعا إليها رئيس الجمهورية لرفع لبنان من تداعيات ما يجري من حوله دون أدنى شك لبنان هو مشرّع الأبواب أمام كل مخابرات العالم وليس المنطقة، وبالتالي لبنان وضعه وتركيبته السياسية والاجتماعية الحساسة جدا دائما هو في مكمن الخطر، من هنا نرى أن الإنجازات التي حققها كان للدفاع عن كل لبنان سواء فيما يتعلق بالشبكات المتعاونة مع إسرائيل وإسرائيل هي العدو الأكبر لكل اللبنانيين، أو ما يتعلق بسائر الشبكات الأخرى لهذه الجهة الخارجية أو تلك.

ليلى الشيخلي: على ذكر إسرائيل، غسان جواد، قبل أيام تحديدا 15 أكتوبر كتبت صحيفة الديار عن علاقة بين وسام الحسن وإسرائيل ولقاء تم في إحدى الدول، ذكروا قطر تحديدا وثم في نفس الوقت، في الأمس تحديدا تكلم الأمين العام للأمم المتحدة يتحدث عن دور لحزب الله، هناك تقارير تتحدث عن دور فاعل لحزب الله داخل سوريا، هل هذا من باب المصادفة؟

غسان جواد: يعني في الواقع في لبنان هنالك الكثير من الاتهامات والاتهامات المتبادلة والحملات التي تجندها القوى السياسية على هذه الشخصية أو تلك، ولا يمكننا أن نجعل هذه المعادلة مصداق أي اغتيال يجري في لبنان، وإلا نصبح في بلد ممنوع فيه الكلام وممنوع فيه الانتقاد، في الواقع لا أعلم لم أقرأ الخبر في جريدة الديار وجريدة الديار جريدة مستقلة لا تعبر عن أي طرف سياسي لبناني وهي تتحمل مسؤولية ما تكتبه، أما فيما يخص هذا الاغتيال أريد أن أؤكد على المنطق الذي يتحدث به الأستاذ جورج علم والذي يجب أن يتحدث به جميع اللبنانيين الآن، عدم إفساح المجال للفتنة أن تدخل إلى لبنان من خلال هذا النوع من الاغتيالات التي هي في الواقع سيدتي ليست اغتيال لشخص، هي تحويل للمسار السياسي، هناك اغتيالات للتخلص من أشخاص وهناك اغتيالات تقوم بتحويل المسار السياسي أو الواقع السياسي، هذا الاغتيال يريد أو يستهدف تحويل المسار السياسي من مسار النأي بالنفس وصراع سياسي لبناني يلامس في بعض الأحيان المداخلات الأمنية من هذا الطرف أو ذاك أو الكلام عن مداخلات أمنية من هذا الطرف أو ذاك في سوريا ولكنه يبقى في هذه الحدود، يريدون تحويل المسار من النأي بالنفس نحو إدخال لبنان في الفتنة وتسريع هذه الفتنة وإحضار هذه النار إلى الأراضي اللبنانية من سوريا ومن كل المنطقة، نحن نتحدث الآن عن سوريا ولكننا في إقليم وفي منطقة مشتعلة من العراق إلى سوريا إلى أفغانستان وإلى كل المنطقة ولبنان على ما يبدو موقف النأي بالنفس يزعج بعض الأطراف ويريدون استخدام الساحة اللبنانية لتوجيه رسائل سياسية بعدة اتجاهات ومن ضمنها توجيه رسالة لمنطق الحوار بين اللبنانيين الذي يقوده فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية ولإمكانية التقارب ربما بين بعض اللبنانيين على خلفية ملفات داخلية شائكة خصوصا وأن الاتصالات كانت قائمة في الفترة الأخيرة بين معظم الأفرقاء السياسيين لمحاولة الذهاب نحو قانون انتخابي مقبول نخوض به الانتخابات النيابية بشكل مقبول من دون أن ندخل البلاد في مشكلة.

ليلى الشيخلي: الملف كبير ومعقد وهل سيصمد فعلا منطق الحوار في السياسة اللبنانية، أسئلة كثيرة في محاولة لإدراك ملابسات اغتيال وسام الحسن، أرجو أن تبقوا معنا، سنأخذ فاصلا قصيرا ثم نعود إليكم.

[فاصل إعلاني]

ليلى الشيخلي: أهلا بكم من جديد إلى حلقتنا التي تتناول اغتيال وسام الحسن اليوم وأبعاد هذا الاغتيال، أعود إليك سيد جورج علم، السؤال ربما في موضوع التكهنات والسيناريوهات التي وضعت، هناك تصريح لسمير جعجع يتحدث فيه عن وجود خروقات في الأجهزة الأمنية اللبنانية، بمعنى آخر إذا كانت هذه الخروقات موجودة لهذه الدرجة هذا يضع علامات استفهام كثيرة على جهاز أمني لبناني لا يستطيع أن يحمي رئيسه.

جورج علم: بطبيعة الحال الخروقات الأمنية اللبنانية إذا صح التعبير هو إلى حد ما ربما يكون له بعد سياسي، هذه الأجهزة الأمنية مكلفة رسميا ومن قبل مجلس الوزراء وأعلى الهيئات الرسمية في الدولة أو في المجلس النيابي بأن تداري الوضع الأمني في لبنان، وبالتالي كان هناك أكثر من اجتماع لمجلس الدفاع الأعلى حول كيفية التنسيق الأمني لكن عندما أتحدث عن لبنان إنما أتحدث عن جنة مخابراتية، كل مخابرات العالم هي هنا، وبالتالي هذا العمل باعتقادي ليس هو لبناني- لبناني وإن كان تأثيره على الساحة اللبنانية وإن كان لبنان هو الذي يتشظى ونأمل أن لا يتألم من وراء هذا العمل، باعتقادي أن جنة المخابرات هذه ربما تقف وراء هذه الخروقات الأمنية والتعبير ليس هنا مجازيا وإنما يستند إلى طائفة  طويلة من المواقف التي صدرت عن مرجعيات دولية، من الأمين العام للأمم المتحدة إلى الرئيس الفرنسي إلى الموفد العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي وكان قبل ساعات في لبنان عندما حذر من انتقال الفوضى إلى هذه الساحة ولكي تأكل الأخضر واليابس، إذن ما جرى اليوم ليس فقط هو استهداف للأمن اللبناني وللسلم الأهلي إنما لربما يكون منعطفا لأخذ لبنان إلى مكان آخر، أعود فأقول إن ما جرى مؤسف ومستنكر ومدان، ولكن هذا امتحان لكل القادة اللبنانيين الذين يلتقون حول طاولة الحوار الوطني، المطلوب إنقاذ لبنان وإلا ستكون هناك كارثة وطنية.

تصفية حسابات سياسية داخلية بين الفرقاء اللبنانيين

ليلى الشيخلي: واضح، أسعد بشارة ولكن هذا لا يمنع أن يكون فعلا هناك سيناريو أو مشروع نتحدث عنه، ما هو إمكانية أن نتحدث عن تصادم أجهزة أمنية داخلية عن فكرة تصفية حسابات داخلية بدل القفز مباشرة إلى الحديث عن دور للنظام السوري؟

أسعد بشارة: يعني نحن نتكلم ضمن سياق تاريخي حديث، منذ العام 2005 وإلى اليوم، أنا بالفعل أي مراقب يستطيع أن يدقق بأن كل خطاب تبريري قيل بعد كل اغتيال كان هو نفسه النسخة ذاتها، بالتالي كانوا يقولون إما إسرائيل وإما القاعدة، كان هناك سيناريو أبو عدس في موضوع رفيق الحريري، اليوم استحضروا سيناريو أبو عدس جديد أن القاعدة هي التي قتلت العميد وسام الحسن، هل عندما يتهمون العميد وسام الحسن بدعم الثورة السورية ويوسمون الثورة السورية بأنها ثورة القاعدة والسلفيين تكون القاعدة هي التي قتلت وسام الحسن؟ هل هذا ينطبق على أي عقل أو معيار؟ ثانيا، بموضوع وسام الحسن كان سبق أن حاولوا اغتياله بفترات طويلة، اتهموه بدعم الثورة السورية، تجمعت عدة أهداف وعدة أسباب لكي يتخلصوا من وسام الحسن، وأنا برأيي هذا الاغتيال هو اغتيال واحد لأهداف متعددة للأسف حقق مجموعة من هذه الأهداف، وسام الحسن في المعادلة الأمنية الداخلية كان يشكل درعا وضمانة لكثير من الشخصيات الخائفة من الاغتيال لأنه طوّر فرع المعلومات، لأنه جعل من فرع المعلومات قوة أمنية قادرة على فهم ما يجري ومحاولة ممارسة الأمن الوقائي، هو مارس هذا الأمر ونجح فيه في كل الملفات التي قدمها، حتى ملف ميشيل سماحة الذي حوله إلى المحكمة العسكرية والذي أتم التحقيق به لم يستطع أحد من حلفاء النظام السوري ولا حتى النظام السوري أن ينكر مضمون الملف بأن هناك عبوات أرسلت لتفجير الاستقرار في لبنان.

ليلى الشيخلي: على ذكر سماحة إذا سمحت لي غسان جواد، ميشيل سماحة تحديدا كان من الأمور التي نسبت إليه أنه تحدث إلى صحفية في CNN  وقال لها أن لدي معلومات أن القاعدة تعمل في لبنان تمهيدا، كما حللت هي لعمل ينسب للقاعدة، كل هذا يفرض نفسه ونحن نحلل ما جرى اليوم.

غسان جواد: ميشيل سماحة موجود اليوم في عهدة القضاء اللبناني والأمن اللبناني وليجري سؤاله إن كان هنالك شكوك حول هذا الأمر، في موضوع القانون وفي موضوع القضاء والتحقيقات لا حصانة فوق أحد، الدولة اللبنانية يجب أن تأخذ جميع التدابير التي توصل إلى كشف هؤلاء المجرمين الذين قاموا بهذه العملية ولكن أنا أعتقد بأنه ليس من المفيد اليوم البدء بتوجيه الاتهامات السياسية وغير السياسية تحديدا باتجاه أطراف داخليين لأن هذا الأمر من شانه أن ينجح الاستهدافات التي تقف خلف هذه العملية الإجرامية وهي استهدافات فتناوية أولا وأخيرا وتريد الزج بلبنان في أتون النيران، نحن ندعم التحقيق بهذا الأمر حتى النهاية وفي المقابل نطالب بأخذ إذا أردتِ العبرة من كلام الأستاذ وليد جنبلاط الذي صحيح أنه اتهم سياسيا والذي يبدو أنه باقٍ في الحكومة لأجل الاستقرار والذي يمارس دورا سياسيا داخليا متوازنا ومقبولا ويحتفظ لنفسه بالتمايز وهذا ما يتطلبه الأمر من جميع الأفرقاء السياسيين أن يتحلوا بضبط النفس ويتحلوا بالشجاعة.

ليلى الشيخلي: جورج علم، سامحني سأقاطعك، لم يبق إلا دقيقة، أختم معك جورج علم، فيما يتعلق بدور وسام الحسن في محكمة الجنايات الدولية فيما يتعلق باغتيال الحريري، كيف سيتأثر هذا الملف بغياب وسام الحسن؟

جورج علم: وسام الحسن كان دون أدنى شك دعامة كبيرة لهذا الملف، باعتقادي أنه الأمين المؤتمن على هذا الملف، قدم معلومات قيمة ربما طبعا كان هذا سبب مباشر لاستهدافه، وباعتقادي هذا الأمر طبعا لا يجوز لي أن أتعمق به لأن المسألة هي قضائية بحكم القضاء، لكن من الناحية الإعلامية أستطيع أن أؤكد بأن هذا الشهيد الكبير الذي خسره لبنان كان دون أدنى شك دعامة أساسية في ملف استشهاد الرئيس رفيق الحريري وسائر الملفات المطروحة على المحكمة الدولية، ربما بغيابه قد تفقد حلقة أو تفقد دون أدنى شك مصادر مهمة من المعلومات لكن الأمر بطبيعة الحال هو رهن القضاء سواء القضاء اللبناني أو القضاء الدولي.

ليلى الشيخلي: على العموم ستبقى هناك أسئلة كبيرة حول هذا الملف، لا ننسى أننا فقط في الساعات الأولى التي تلت اغتيال وسام الحسن، سنتابع معكم بلا شك خلال النشرات اللاحقة وأيضا خلال الأيام التالية، شكرا لضيوفي، من بيروت الكاتب الصحفي جورج علم، وعبر الهاتف الكاتب والمحلل السياسي غسان جواد، وأيضا من بيروت الكاتب الصحفي من صحيفة الجمهورية أسعد بشارة، وشكرا لكم مشاهدينا الكرام على متابعة هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر، نلتقي بإذن الله في حلقة قادمة، في أمان الله.