صورة عامة / ما وراء الخبر 03/10/2011
ما وراء الخبر

تداعيات تصعيد احتجاجات المعارضة الأردنية

تتناول الحلقة تصاعد الحركة الاحتجاجية في الأردن، وسط اتهامات للسلطات بالمماطلة في الاستجابة لمطالب القوى الوطنية بالإصلاح.

– الإسلاميون ومقاطعتهم للانتخابات البلدية
– موقع الأردن من ثورات الغضب العربي

– ركام الحالة الاقتصادية والوعود الإصلاحية

– الحراك الشعبي الأردني.. إلى أين؟

محمد كريشان
محمد كريشان
عمر عياصرة
عمر عياصرة
عمر كلاب
عمر كلاب

محمد كريشان: أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن تعليق مشاركتها في الانتخابات البلدية المقررة قبل نهاية العام الجاري وذلك بعد أن كانت الجماعة وجبهة العمل الإسلامي المنبثقة عنها قد ربطت قرارها بجملة مطالب إصلاحية مختلفة، هذا وقد شهدت العاصمة عمان وبعض مدن المملكة في الأيام الأخيرة تصعيداً للحركة الاحتجاجية وسط اتهامات للسلطات بالمماطلة في الاستجابة لمطالب القوى الوطنية في الإصلاح. نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه من زاويتين ما هي التداعيات المحتملة لمقاطعة الإسلاميين للانتخابات البلدية على استقرار الأردن، وهل بوسع المملكة فعلا الاستجابة لسقف مطالب الإصلاح كما ترفعها المعارضة. السلام عليكم، لا يخفت صوت احتجاجات المعارضة في الأردن إلا ليرتفع من جديد، صحيح أن وتيرة هذه الاحتجاجات ظلت دون مستواها في دول أخرى إلا أن خطها البياني آخذ في التصاعد في الآونة الأخيرة وذلك بعدما بدا للمعارضة أن السقف المطروح للإصلاح من جانب النظام دون سقف مطالبها وأن نصيبها من الربيع العربي قد يكون صفراً وإن عدت نفسها شريكاً فيه.

[تقرير مسجل]


ياسر أبو هلالة: ليسوا معارضين غاضبين يشعلون الحرائق إنهم موالون غاضبون بحسب الأمن العام، وبلطجية بحسب تعبير المعارضة تلك المفردة التي دخلت القاموس السياسي بعد أن هبت نسائم الربيع العربي، المعارضة هنا ليست حزب إنما الحراك الإصلاحي لعشيرة العياصرة في محافظة جرش شمال العاصمة عمان، وهم لا يرفعون مطالب خدمية بل يقدمون ورقة إصلاحية مع أبرز المعارضين ليث شبيلات الذي لم يتمكن من إلقاء ورقته ويغادر بعد هجوم البلطجية، وتوجه انتقادات هنا للجهاز الأمني ليس لوقوفه محايداً بين المعتدي والمعتدى عليه، وإنما لرعايته لظاهرة البلطجة التي تسعى إلى اختطاف لحظة الإصلاح، وتحويلها إلى فوضى ونزاع أهلي، العناوين التي رفعت في جرش سواء ضد ما عرف بقانون حماية الفساد الذي تزامن مع إعلان الإصلاحات الدستورية أو باقي المطالب الإصلاحية توحد الأردنيين في المركز عمان وفي الأطراف جنوبا وشمالا ولم تصمد فزاعة العلاقة الأردنية الفلسطينية أمام الحراك الإصلاحي، فالعشائر الأردنية التي رسمت لها صورة نمطية بأنها موالية ومطالبها خدمية جهوية ضيقة، تتقدم الحراك بخطاب إصلاحي وطني جامع، والأردنيون من أصل فلسطيني الذين رسمت لهم صورة نمطية أخرى لأنهم منعزلون سياسيا ونشطون اقتصاديا انخرطوا بقوة في الحراك الإصلاحي وبمطالب جامعة تتجاوز خطاب المخاصة الذي تورطت فيه نخب سياسية، لن تهدأ وتيرة الاحتجاجات بعد الإصلاحات الدستورية مع أنها حققت تقدما واضحا على المستوى النظري، وبنظر كثير من المراقبين فإن أزمة الثقة بين الدولة والمواطن لا تزال عميقة، وقد جاء قرار الإخوان المسلمين كبرى حركات المعارضة بتعليق المشاركة في الانتخابات البلدية تعبيراً عن تلك الأزمة وتشكيكاً في جدية الدولة، وعلى واجهة مطالب الداعين إلى المشاركة واختبار جدية الدولة، فإن المعارضين يرون أن الحكومة التي زورت الانتخابات البلدية في 2007 وبعدها النيابية لا يمكن أن تجري انتخابات نزيهة، كما أن الممارسات على الأرض تظهر أن الخيار الديمقراطي ليس استراتيجياً ونهائياً كما جرى في 24 من آذار من قمع للمعتصمين وهو ما تكرر في جرش بعد نصف عام يظهر أن العقلية الأمنية حاضرة ليس من خلال الأجهزة الرسمية فقط، يبقى الشارع في الأردن قادراً على فرض إيقاعه بمعزل عن نوايا الدولة، ولم يعد في الإمكان تغليبه أو خداعه وهو ما يدفع الإصلاحيين إلى التفاؤل على رغم التعثر الذي حصل في الأيام الماضية.

[نهاية التقرير]

الإسلاميون ومقاطعتهم للانتخابات البلدية

محمد كريشان: ولمناقشة هذا الموضوع معنا من عمان الكاتب والمحلل السياسي الأردني عمر كلاب، وأيضا من عمان الكاتب والمحلل السياسي الأردني عمر عياصرة أهلا بضيفينا، لو بدأنا بالسيد عمر كلاب أن تصل أبرز حركة معارضة تقريبا إلى قرار من نوع التعليق أو مقاطعة الانتخابات البلدية المقبلة، ما الذي يعنيه ذلك.

عمر كلاب: لا يعني الكثير على المستوى الشعبي وإن كان يعني كثيراً على المستوى السياسي فلا يعقل أن نغفل دور وحجم حزب جبهة العمل الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين في الأردن لكن يبدو أن تكرار المقاطعات وتعليق المشاركات قد أفقد الجماعات الإسلامية جزءا كبيرا من حجمها وثقلها في الشارع الذي بدأ يتلمس طريقاً مفتوحاً لمحاولات إصلاحية جادة قد تكون تتعثر هنا وهناك، ولكنها مسيرة تراكمية يمكن أن يرضى عنها كثيرون من التفاعلات السياسية والحركات السياسية في الأردن، وقصة المقاطعة أو تعليق المشاركة على مطالب يرى الكثيرون أنها مطالب غير قابلة للتطبيق وأنها مطالب لتحسين التسوية السياسية والشروط السياسية بين جماعة الإخوان المسلمين على استقلالها عن باقي الحركات السياسية النشطة في الأردن هنا المفصل الرئيسي الذي على الإسلاميين أن يثبتوه أيضا تحديداً بعد أن لمس كثيرون من شركاء الإخوان المسلمين بأنهم سرعان ما ينقلبون إلى حلف مع الدولة بمعزل عنهم، وأن الخلاف خلاف على اشتراطات إسلامية وليس على اشتراطات سياسية أردنية يجمع عليها الشارع الأردني فقد سبق لحركة الإخوان المسلمين أن قاطعت انتخابات 1997 وعادت في 2003، شاركت في 2007 تلك الانتخابات التي اتفق الشارع كله على أنها انتخابات غير نزيهة وكانت المستغرب أن يبقى جماعة الإخوان المسلمين في برلمان مزور كما يقولون ثم شاركوا في الانتخابات البلدية وعلقوا مشاركتهم في اليوم الأول والآن نسمع من الإسلاميين خطاباً متجددا عن إمكانية المقاطعة وتعليق المشاركة في الانتخابات البلدية، ولا أدرى إن كان هذا القرار سينسحب على الانتخابات النيابية أم أنه سيكون مجرد إلقاء أوراق جديدة أمام الدولة الأردنية للاستجابة إلى مطالبهم، والدولة الأردنية الآن ترى أن حجمهم بالشارع لم يعد كما كان سابقا وبالتالي أعتقد أنهم الخاسرين الوحيدين من المقاطعة لأنها ستكون برلمانات نزيهة يعني انتخابات نزيهة بكل المقاييس وسيخسر الإسلاميون وجودهم في البلديات ودوائر الخدمة المحلية.

محمد كريشان: سيد كلاب إذا أشرت لمطالب الإسلاميين واعتبرتها تقريبا غير وارد تنفيذها، البعض اعتبرها تعجيزية ولكن مع ذلك وهنا أسأل السيد عمر عياصرة، عندما نتحدث عن تعليق وليس عن مقاطعة هل معنى ذلك بأن القرار لم يحسم بعد بالكامل وأن الباب يبقى مع ذلك مواربا لتسوية معينة كما أشار السيد كلاب قبل قليل؟

عمر عياصرة: بداية ربما أنا أختلف مع أستاذنا عمر كلاب في تقييمه ودخوله إلى نوايا الحركة الإسلامية، هذه الأسطوانة المشروخة الآن يمارسها الكثير من الإعلاميين والإعلام الرسمي بدخول بنوايا الحركة الإسلامية، أنا أريد أن أتحدث لك في هذه المرحلة الحركة الإسلامية تعيش تغييرات حقيقية بنيوية في خطابها وفي لغتها وفي منطقها، ومن هذه التغييرات أنه ثمة تيار مركزي الآن في الحركة، وهذا التيار يبدو اليوم بأكثر لحظات وتاريخية الحركة الإسلامية مجمعة على قراراته، أيضا الحركة الإسلامية لا يمكنني أن أقول أنها تراجع حجمها ودورها في الشارع الأردني بهذا المعنى الذي يمكن التعويل عليه على أنها أصبحت رقماً عادياً، لأ مش حقيقي هذا الكلام، المظاهرة الأخيرة أثبتت أن الحركة الإسلامية قادرة على التحشيد ربما الحركة الإسلامية لا تريد أن تصل في لحظة من اللحظات إلى الكتلة الحرجة أو اللحظة الحرجة وهذا من باب وطينتها وحفاظها على أمن الوطن، قضية مقاطعة الانتخابات البلدية أعتقد أنها مرتبطة بمشروع الحركة الإصلاحي، فهي تصر على مجموعة من المطالب تتعلق بالإصلاح من بينها شيء يتعلق بالدستور، قد يبدو للبعض أن هذه المطالب تبدو تعجيزية، وقد يبدو أن بعضها تعجيزية يعني أنا قد أقول أن بعضها يصعب تحقيقه لكن في الحقيقة أن الحركة الإسلامية تنسجم هنا مع الحراكات الشعبية المنتشرة في الأردن والتي ربما ستكون أيضا مقاطعة للانتخابات البلدية والتي أرى أن مواصلة إهمالها وإدارة الظهر لها قد يوصلنا إلى مجهول لا نريده، لذلك أنا أرى قضية التعليق تبدو هي أقرب بأن تكون إلى قضية المقاطعة لكن الحركة الإسلامية أبقت الباب مواربا حتى تفتح المجال للنظام أن يتخذ قرارات تعيد ضبط المشهد وتعيد إنتاجه وتعيد حوارياته مع الجميع، ومع جميع الجهات حتى في المحصلة نخرج من هذا المأزق الحقيقي الذي يعيشه الجميع، خطورة غياب الإسلاميين عن الانتخابات البلدية أيضا أن سياق الانتخابات يختلف عن 2007 ويختلف عن غيرها من الانتخابات وعن المقاطعات السابقة للحركة الإسلامية، هذه الانتخابات تجري في ظل صيغة إصلاحية تتحدث فيها السلطات الأردنية، الملك في زيارته الأخيرة التي كانت إلى الأمم المتحدة تحدث أمام كل وسائل الإعلام وفي كل لقاءاته على ثمة قادم إصلاحي ومشروع إصلاحي، أعتقد أن الجميع حينما يعلم أن الحركة الإسلامية تغيب أعتقد أن البلسم السياسي لهذه تم..

محمد كريشان: وحول هذه النقطة بالذات، سيد عياصرة، لو سمحت لي فقط لأن إشارة السيد عمر كلاب، وهنا أعود إليه القضية قد لا تبدو متعلقة بالأساس بالإسلاميين ولكن عندما يأتي فصيل مهم ويتحدث عن مقاطعة وتعليق ربما البعض يعتبره تعبير عن مناخ عام في البلد، لأنه البعض من النشطاء الشباب على مواقع الانترنت وغيرها أطلقوا حملة بعنوان " قبعت" يعني بالمعنى المتداول في الأردن بمعنى بلغ السيل الزبى، هناك نوعاً من الانسداد في الإصلاح سيد ليث شبيلات الذي تابعنا ما جرى له في اجتماعه الأخير أشار بشكل صريح وجرئ ربما غير مسبوق بأن على الملك عبد الله أن يبدأ بإصلاح نفسه قبل إصلاح البلاد، إذن هناك أكثر من مؤشر على أن الجو السياسي غير مريح في البلد، عندما يأتي قرار الإسلاميين بهذا هنا الخطورة أليس كذلك؟

عمر كلاب: يعني ليس بالتفصيل لأننا ما زلنا نتعاطى مع الحركات الشعبية والحركات المعارضة بوصفها حركات واحدة ومنسجمة، يجب أن نميز بين حركات في محافظات الأردن وتحديدا محافظات الجنوب تعبر عن أوجاع حقيقية للمواطن الأردني، جرى تهميشه جرى استبعاده جرى تذليله أحيانا ولكن كل هذا السياق لم يجر الإعداد لبنية حيوية حقيقية في الجانبين السياسي والمعاشي، هذا مقدر ومفهوم ولكن يجب أن نلمس أيضا بعداً آخراً أن ثمة رؤية إصلاحية سياسية لأحزاب تحاول أن تستثمر في أوجاع الناس الصادقة كما تعبر حركة الإخوان المسلمين الآن، لأنها عندما بدأت لجنة الحوار الوطني اختارت أن تضع شرطا في ذلك الوقت اعتبرته تعجيزياً عندما قالت لا يمكن أن نبدأ الحوار دون الولوج إلى تعديلات دستورية، فاجأ الملك الجميع وتقدم بالخطوة الكبرى عندما قال لأ ليس تعديلات دستورية نحن بحاجة إلى إعادة النظر في كل الدستور، هذه الخطوة أربكت جماعة الإخوان المسلمين وأربكت كثيراً من السياسيين الذين ما زالوا يتعاملون مع المشهد بوصف الملك متثبت أو متشبث بصلاحياته دون قراءة الواقع الموضوعي المتغير في المشهد العربي برمته في العالم ربما، الملك فاجأ الجميع في هذه الخطوة وجد الإسلاميون أنفسهم في الزاوية لا يستطيعون أن يقدموا برنامجاً واضحاً فاختاروا بعد الولوج إلى التعديلات الدستورية أن يرفعوا السقف أكثر بأن هذه التعديلات غير كافية، أنا أستغرب الأخ عمر عياصرة الذي يقول ما أتحدث به أنه أسطوانة مشروخة، أرجو أن يقول لي ما اسم ما يتحرك به الإخوان المسلمين وما يعبر عنه الآن، هذا من جانب، ما حدث بالأمس القريب مع الأستاذ ليث شبيلات وفي منطقة الأخ عمر عياصرة هو رد فعل لتصفية عشائرية سبقها ندوة لكاتب ساخر أردني جرى فيها تطاول على ثوابت الدولة الأردنية، ثمة ثوابت في الدولة الأردنية غير مسموح المساس فيها، ما يجري من حركات في الشارع أن هناك تطاول على السيادات الأردنية، وعلى الثوابت الأردنية، هذه الحركات أغرت كثيرين..

محمد كريشان: عفوا عندما تقول الثوابت الأردنية ما هي حتى نفهم؟

عمر كلاب: واضحة، الثابت في الأردن ما حدده الدستور الوحدة الوطنية الأمن الوطني الأردني، الملك، هذه ثوابت في الأردن لا يجوز التطاول عليها ولا يجوز الدخول إليها من غير الأبواب الدستورية إذا كنا نحترم أنفسنا كإصلاحيين دستوريين، أما إذا كنا نتحدث بلغة انقلابية أو نربط مواقيتنا على مواقيت الإقليم، لا على مواقيت الساعة الأردنية وضبط ساعاتنا على ساعات الإقليم انتظارا لما يحدث في دمشق وما يحدث في القاهرة تلك مسألة أخرى.

موقع الأردن من ثورات الغضب العربي

محمد كريشان: ولكن سيد كلاب أنت هنا تشير إلى نقطة مهمة واسمح لي فقط أن أعود قبل الفاصل إلى السيد عياصرة، أشرت إلى نقطة مهمة هو ضبط الإيقاع على الساعة الأردنية ولكن الآن لم يعد التوقيت لا أردنيا ولا تونسيا ولا مصريا أصبح توقيت عربي عام وعالمي ومرتبط بوتيرة عالمية، هنا أسأل السيد عياصرة هل إيقاع الإصلاح في الأردن وما يسير وحتى هذا التهديد الإسلامي بالمقاطعة وبالتعليق مرتبط بهذا التوقيت العربي؟

عمر عياصرة: قطعا الحراكات في الأردن والإصلاحيين في الأردن يقدروا الخصوصيات الأردنية قطعاً، لكن أنا أقول لزميلي وأستاذي عمر كلاب أيضا أن التطاول جاء من السلطات على المواطنين، والرواية التي ذكرها مع حدث في قريتي مع ليث شبيلات هي رواية رسميا ليست صحيحة إحنا كنا موجودين، الحراك يعني المجموعات التي حضرت لتشاهد ليث شبيلات كانت كبيرة والاعتداء عليه جاء من مجموعة من البلطجية، وهذا الكلام مثبت لا نريد أن ندخل في نقاش فيه، لكن أريد أن أقول لك أن تعدي السلطات على المواطنين أدى إلى تغييرات بنيوية في الحراك، الحراكات لا بد أن يعيها الجميع لا بد الآن أن نقف أمام الحراكات لنرى ما هي التغييرات التي حدثت في بنيتها حتى لا نقوم بصمم في آذاننا وفي عيوننا وبالتالي تنفلت الأمور ونسير إلى المجهول، هذه الحراكات الآن يا صديقي يا عزيزي أصبحت أكثر إصرارا وصلابة، هذا واضح، أصبحت أيضا أكثر تشددا صحيح كما قال وارتفعت سقوفها أكثر، سلمية أيضا أصبحت، البلطجة التي تمارس على المواطنين، البلطجة التي هي منتج أمني تمارس على المواطنين الأردنيين جعلت من هذه الحراكات أكثر سلمية، لا بد أن ينتبه صانع القرار وعلى رأسهم الملك أن كوادر هذه الحراكات تزداد، والكوادر إذا زادت المحضر الاجتماعي يتسع لهم، وبالتالي دعني أتحدث بصراحة لا يوجد تطاول على مقدسات الدولة وعلى مقدسات الدستور لكن ثمة همهمات موجودة في كل بيوت الأردنيين تتحدث عن كل هذه المكبوتات، يتحدثون عن الفساد، يتحدثون صلاحيات الملك، يتحدثون عن القصر يتحدثون عن كل شيء، من هنا نقول أنه لا بد أن نترك هذه اللغة التي تقول يجوز ولا يجوز وأن ننظر إلى الواقع، الشعب الأردني يريد إعادة إنتاج علاقته مع الملك ومع السلطة، لماذا لا نبدأ الحوار وندعو الملك إلى أن يحاور الشعب يحاور هذه الحراكات.

محمد كريشان: ولكن السؤال الهام هو إلى أي مدى وهذا ما سنحاول التطرق إليه بعد الفاصل، إلى أي مدى الأردن والحكم في الأردن بدرجة أدق قادر على استيعاب هذه التطلعات وهذه الهمهمات التي تقول بأنها في كل بيت أردني الآن، هذا ما سنعود إليه بعد فاصل قصير نرجو أن تبقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

ركام الحالة الاقتصادية والوعود الإصلاحية

محمد كريشان: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة التي نتناول فيها أبعاد تصعيد احتجاجات المعارضة في الأردن خاصة في ضوء تلويح الحركة الإسلامية بمقاطعة الانتخابات البلدية المقبلة، السيد عمر كلاب أشرت قبل قليل، قبل الفاصل إلى نقطة مهمة جداً وهي العامل المعيشي والاقتصادي في الأردن، عندما نتحدث عن وتيرة الإصلاح وضرورة التجاوب مع الناس لا يمكن أن نغفل هذا الجانب الذي أشرت إليه، في آخر دراسة خرجت من المرصد العمالي الأردني مع جهات أخرى بحثية تقول أنه وتيرة الإضرابات في الأردن على سبيل المثال هو مؤشر واحد فقط الأردن لحد الآن في التسعة أشهر الأولى من العام الجاري شهد 607 من الإضرابات أغلبها في القطاع العام بينما في العام الماضي في نفس الفترة مثلا 104 فقط، هذا فقط مؤشر إلى أن هناك شيئا ما يتفاعل داخل المجتمع الأردني هل السلطة واعية بذلك؟

عمر كلاب: أعتقد أنها واعية تماما بدليل أن الحكومة الأردنية بصدد الآن إجراء هيكلة وأقرتها وستبدأ من 1/1/ 2012 بمعنى أنها الحكومة وقبلها جلالة الملك تلمس كل الأوجاع الأردنية، أوجاع الموظفين أوجاع المحافظات، سأعود إذا سمحت لي إلى ما قاله زميلي الأستاذ عمر عياصرة عن الهمهمة وعن الملك على أن يحاور الناس، أنا أتحدى أن يوجد ملكاً عربياً أو زعيماً عربيا يحاور شعبه مثلما يحاوره الملك عبد الله الثاني ابن الحسين قبل أيام كان مع النواب والأعيان وقبلها مع المفكرين وقبلها مع الصحفيين وقبلها مع المحافظات على التوالي وقبلها مع الشباب، ماذا يريد، هل يريد أن يحاور الملك كل بيت أردني باسمه حتى يكون الحوار مجدياً، سأقول أنه حاور أيضا الجماعة الإسلامية التي خرجت بأحاديث قالتها على طاولة الملك ثم انقلبت عليها هي نفسها، ما نتحدث عنه الآن..

محمد كريشان: لكن اسمح لي فقط، سيد كلاب فقط بهذه المداخلة السريعة مثلا الملك اجتمع على مأدبة إفطار قبل يومين مع السيدة ليلى شرف التي استقالت من مجلس الأعيان وكان حوارا صريحا لكنه في النهاية خرجت بعده السيدة ليلى شرف لتقول بأن أسباب استقالتها ما زالت قائمة بالطبع هي لم تتحدث عن مضمون الجلسة ولكن الشاهد هنا في القصة الملك ربما يستمع وأكيد يستمع ولكن المواطن لم يلمس مبادرات فيها عنصر القوة والجرأة تغير المشهد السياسي خاصة مع الحديث عن الفساد وغيرها وحكومة السيد البخيت وغيرها من الأشياء كتغيير عملي على الأرض لا يوجد؟

عمر كلاب: أستاذ محمد كيف يمكن أن نقول لا يوجد تغيير ونحن نتحدث عن إصلاح دستوري بالكامل، نتحدث عن هيكلة في قطاع الرواتب نتحدث عن تحويل أكثر من 35 قضية إلى الفساد، القضاء الأردني يتطلب وقتاً، التقاضي يتطلب وقتا، لا يمكن أن يصبح الأردن في القرن الواحد والعشرين ينفذ محاكمات المهداوي أن يعتقل الناس ثم يعدموهم ثم ينتظر قرار الحكم، المسألة مختلفة إيقاع الشارع الأردني المتسارع مع إيقاع الشارع العربي يبدو أنه اختلط عليه السياسي والمطلبي، ثمة أنا قلت ثمة أوجاع سابقة تلمسها الملك كثيراً، تلمس، الحكومة الآن الأزمة أن أقول لك الأزمة أن الحكومة تسير ببطء أكبر مما هو مأمول ومتوقع حسب الإيقاع الملكي، الملك يسرع الخطى، السيدة ليلى شرف خرجت قالت أنا سحبت استقالتي لم أسمع منها أنها قالت أن أسباب الاستقالة ما زالت موجودة، السيدة ليلى شرف سحبت استقالتها تماما..

محمد كريشان: للتوضيح، الاستقالة سحبت ولكن قالت الأسباب التي قدمتها كتبرير لواجهة الاستقالة ما زالت قائمة.

عمر كلاب: ما حدث في البنك المركزي قطعا حدث موجع وغير مرضي ما يحدث أحيانا من تصرفات وسلوكيات أفراد الأمن العام مع المتظاهرين قطعا حديث موجع، قطعا أنه أنا لما يتعرض شباب 24 آذار إلى هجمة دون حماية الجانب الأمني لهم طبعا مؤذي، ما حدث في ساحة النخيل طبعاً مؤذي، نحن نتحدث عن جو إصلاحي، نحن نتلمس خطوات إصلاحية تراكمية، ليس المطلوب أن دولة استقر فيها وضع ما أن ينقلب بين ليلة وضحاها نحن لا نتحدث عن إصلاح أستاذ محمد يصبح نتحدث عن انقلاب، والأردن وشعبه وتركيباته وموزاييكه وفسيفسائه لا ينقلبان الانقلاب بأي حال من الأحوال نحن نتحدث عن عملية إصلاحية تراكمية يجب أن تأخذ مداها الحيوي، المدى الحيوي أن القضاء يتطلب وقتا حتى ينظر في قضايا الفساد، كنا نقول ما فيش تعديلات دستورية صارت تعديلات دستورية كنا نقول الصوت الواحد ثابت صار الصوت الواحد مش ثابت، الانتخابات البلدية أنا أتحدى أنها ستكون نزيهة لأكثر من سبب أهمها أن الشارع الأردني قد استدل طريقه في النزول إلى الشارع ما يحمي نزاهة الانتخابات، ما يحمي كل الإجراءات القادمة هو وعي الشعب الأردني المتنامي والمتزايد ووعي الشعب الأردني لحماية منجزه.

الحراك الشعبي الأردني.. إلى أين؟

محمد كريشان: هذا السياق الذي تتحدث عنه الآن السيد عمر كلاب نسأل عنه السيد عمر عياصرة بمعنى أن إذا استطاع الحراك الأردني أن يحقق بعض المكاسب ولو تدريجياً ألا يمكن أن يغني هذا الأردن عن الدخول في مواجهات ربما تربك هذه التوازنات الدقيقة التي كان يشير إليها السيد كلاب قبل قليل.

عمر عياصرة: يعني هذا الكلام يوجه للسلطات أصلا، بمعنى أنه لا بد أن السلطات عندما قلت أن الملك يحاور الملك، يحاور مجلس النواب على عيني وراسي، أنا أرى أن الشارع لا يثق بمجلس النواب ولا بالملك، الملك لما أخذ حكومة سمير الرفاعي 111 صوت أخذوا أغلبية تكاد تاريخية في الاردن، الملك أقال الحكومة بعد فترة، بمعنى أنا أرى أن هذه الحراكات تستحق أن يستمع لها أن تلتقي الملك أن يتم الحوار معها بهذا المعنى، أيضا أنا أرفض أن تتهم حراكات الجنوب وحراكات المناطق في المحافظات بأن الدافع لها لهذا الحراك هو العامل الاقتصادي أيضا، العامل الوطني، هناك تحدث زميلنا عمر كلاب عن إعادة هيكلة وتحدث عن مشاريع وأنا أيضا أتحدث لك عن مديونية ضخمة وعن فساد وعن بيع أصول محلية وعن بيع مؤسسات، أتحدث لك أيضا عن فقر إلى آخره، إلى آخره، نحن نريد أن لا نصل إلى طريق مسدود أن نصل إلى صيغة توافقية الجميع يجلس هؤلاء الشباب الذين بدأ أن يتطور خطابهم ونخشى أن يتطور إلى مرحلة لا يحمد عقباها، لا بد أن يتم حاورهم، حاور الملك مع الأعيان على راسي وعيني، حواره مع النواب حواره مع المثقفين، نريد أن نحاور هذه الحراكات، لذا لماذا يتم تجاهلها، لماذا يتم..

محمد كريشان: لكن هل هذه القوى مستعدة بدورها أن تراعي هذه الوضعية الخاصة للأردن؟

عمر عياصرة: نعم، هي أصلا مراعية لهذه الوضعية يا أستاذ محمد هي الآن لا تستخدم العنف وتعمق السلمية في ذاتها هي تنادي بالوطنية البحتة يعني هناك خطاب وطني واضح بدأ يظهر تيار وطني مركزي عند هذه الحراكات بدأ حتى يؤثر على الحركة الإسلامية التي هي أصبحت شماعة ويعلق عليها كل الاتهامات من قبل الجميع لذلك نحن نقول أن هذه الحراكات أصبحت واعية، شباب قادر أيضا تتسع جغرافيا وتتسع من حيث العدد المجرد، هذه تستحق أن يلتقي فيها الملك وأن يلتقي فيها، أنا رأيي الشخصي أنه لا يمكن أن تلتقي هذه الحراكات مع الحكومة ومع مجلس النواب لأن هناك حالة عدم ثقة بينها وبين الحكومة لذلك لا بد أن يكون هناك نظرة من الملك إلى هؤلاء يلتقي بهم يحاورهم يستمع إليهم، وأعتقد أنهم سيجسدون رؤيته بحديثه أنه راغب في أنه سيقلص صلاحياته وأن يصبح الملك بالمعنى العصري المتقدم وإلى آخره، وقد يفكروا بالتدرج وإلى آخره، لكن أن تسلط عليهم سياط البلطجية والتهم وإلى آخره لا يصلح ذلك.

محمد كريشان: شكراً جزيلا لك سيد عمر عياصرة الكاتب والمحلل السياسي الأردني، شكرا أيضا للسيد عمر كلاب الكاتب والمحلل السياسي الأردني، كذلك وكلاهما كانا من عمّان، بهذا مشاهدينا الكرام نصل إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر في آمان الله.