
الجدل التونسي بشأن التمديد للرئيس زين العابدين
– حجج المطالبين والمعترضين على التمديد
– مستقبل العمل السياسي وتداول السلطة في تونس
![]() |
![]() |
![]() |
محمد كريشان: تصاعدت وتيرة الجدل الدائر في تونس بشأن مطالبة قوى سياسية ونقابية بالتمديد للرئيس زين العابدين بن علي لولاية سادسة عام 2014، وفيما وجهت الدعوة إلى اللجنة المركزية للحزب الحاكم إلى تبني هذه الدعوة رسميا شنت المعارضة حملة مضادة محذرة من مغبة ما تراه تعديلا جديدا للدستور على المقاس بما يرسي عمليا رئاسة مدى الحياة. نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه من زاويتين، ما وجاهة حجج المطالبين والمعترضين على التمديد للرئيس قبل أربع سنوات كاملة من الانتخابات المقبلة؟ وما مستقبل العمل السياسي وتداول السلطة في تونس إذا ما جرى تعديل الدستور تمهيدا لهذا التمديد؟… السلام عليكم. تبدو القوى التونسية اليوم كمن يخوض حرب شعارات، موالاة تناشد الرئيس ألا يترجل عن سدة الحكم طمعا في تحقيق ما تراه المزيد من منجزاته، ومعارضة تحذر مما تراه مبايعة مبكرة تضمر تعديلا دستوريا يحول النظام الرئاسي في تونس إلى ملكية مقنعة تقطع الطريق على أي فرصة لتداول السلطة.
[تقرير مسجل]
أمير صديق: قبل أن يمر عام واحد على التجديد للرئيس زين العابدين بن علي في أكتوبر الماضي تعالت صيحات في تونس مطالبة بتعديل الدستور بحيث تتاح الفرصة أمام الرئيس للترشح لولاية سادسة في انتخابات عام 2014 إذا ما مد الله في الأجل. لم يحتج الأمر إلى تعديل في عدد مرات الولاية الرئاسية كما حدث قبل انتخابات عام 2004 فقد انتهى أمر عدد مرات الرئاسة في تعديلات أجريت عام 2002 جعلتها مفتوحة إلى ما لا نهاية، لكن المطلوب هذه المرة هو تغيير سن الترشح للرئاسة التي قضى التعديل السابق نفسه برفعها من سن السبعين التي كانت قد حددت بدورها في فترة سابقة من حكم بن علي لتصبح 75 عاما مكنته من الترشح للرئاسة عام 2009، لكن وكما يبدو من الموقف الحالي فإنه لم يعمل حساب كر الأيام في تلك التعديلات كما يجب، ذلك أن بن علي المولود في سبتمبر عام 1936 من القرن الماضي سيبلغ من العمر عام 2014، 78 عاما ما يقتضي حسب المشفقين على مسيرة التنمية التي أرسى دعائمها أن يرفع الحد الأعلى لسن المترشح أو يلغى نهائيا حتى يستطيع التقدم لولاية سادسة تلبية لرغبة أصحاب نداء الـ 65 الذي انطلق في الثامن من الشهر الماضي قبل أن يتحول إلى نشاط يومي تتسابق للانخراط فيه عشرات الواجهات الفئوية والتنظيمية التي يقول معارضو بن علي إنها تتبع النظام أو تدور في فلكه. بينما استأثرت دعوات تعديل الدستور بالمساحات الإعلامية داخل تونس لجأ معارضو التمديد لابن علي إلى الفضاء الأثيري في التعبير عن اعتراضهم على تلك الدعوات وفي هذا كما يقولون في حد ذاته ما يشير إلى درجة التضييق والقمع التي يمارسها النظام على معارضيه. تعددت مبررات المعترضين على بن علي أو حتى توريث الحكم إلى أحد من آل بيته أو دائرة المتنفذين حوله كما يقولون لكنها تلخصت في مجملها في اعتراض أساسي مفاده أنه لا مبرر للهاث بالدستور وراء قياسات بن علي كما جاء في وصف أحد المعارضين خاصة وأن البلاد كما وصفها آخر تعيش نتيجة سياسة النظام الحالي حالة غير مسبوقة من التدهور.
[نهاية التقرير المسجل]
حجج المطالبين والمعترضين على التمديد
محمد كريشان: معنا في هذه الحلقة من تونس الإعلامي التونسي برهان بسيس ومعنا هنا في الأستوديو رشيد خشانة رئيس تحرير صحيفة "الموقف" التونسية المعارضة، أهلا بضيفينا. نبدأ من تونس والسيد برهان بسيس، أصلا الانتخابات الرئاسية المقبلة ما زالت بعد أربع سنوات، لماذا هذه المناشدة المبكرة للرئيس بن علي؟
برهان بسيس: ليست مسألة محسوبة أو مخطط لها في ركن أو زاوية، هي مسألة عفوية أو تلقائية، أنصار الرئيس بن علي لا ينفي أحد أنهم كثر في البلاد يمثلون حالة امتداد جماهيري واسعة في مختلف القطاعات، أرادوا التعبير عن موقف اختاروا هذا التوقيت في سياق رغبة ملحة في أن يناشدوا الرئيس زين العابدين بن علي مواصلة قيادة تونس والتقدم لانتخابات 2014، مسألة متصلة بإرادة أنصار الرئيس بن علي الذين يرون في الرجل ما حققه لفائدة تونس من مكاسب جمة يطول الحديث عنها، هم بالطبيعية عبروا عن هذا الموقف العفوي والتلقائي في هذا السياق، إذاً قضية التوقيت قد يكون حسابها والحديث عنها إن كان الأمر خطة مدروسة ومخططة لكن الحال نحن أمام حركة عفوية تلقائية جماهيرية لأنصار الرئيس بن علي وهم كما عبرت لا يختلف اثنان في أنهم كثر وأنهم يمثلون حالة امتداد جماهيري في كل المواقع عبروا عن هذا الموقف.
محمد كريشان: سيد رشيد خشانة ما رأيك في وصف ما جرى بالعفوي والجماهيري؟
رشيد خشانة: والله المفروض الذي يتحدث عن العفوية والجماهيرية هو طرف هو أحد الموقعين على هذه العرائض، وما عشناه في تونس هو أن المبادرة لم تكن تلقائية وإنما كانت من أجهزة رسمية بدليل أن أعضاء في المجالس المستشارين والمجالس الرسمية وأعضاء في اللجنة المركزية للحزب الحاكم هم الذين تزعموا هذه الحملة وهي مستمرة من طرف واحد، أي هناك الرأي الذي يناشد الرئيس بن علي حتى يترشح مرة أخرى مرة سادسة وليس هناك أي مجال للصوت الآخر عدا صحف المعارضة ولكن هذه الصحف الرسمية والإعلام الجماهيري ليس فيه هذا الرأي فيه فقط الرأي الآخر. لقائل أن يقول لماذا في هذا التوقيت؟ في تقديري أن السبب أن المعارضة بدأت تدفع نحو الإصلاحات في الفترة الأخيرة وتطالب بإصلاحات جوهرية في النظام السياسي باعتبار أن 2014 هو الحد الأقصى للرئيس بن علي في البقاء في السلطة وبالتالي فإن باب التداول السلمي سيفتح في 2014 فانبرت المعارضة إلى طرح تصوراتها لتعديل الدستور بشكل يؤمن التداول السلمي على الحكم وأيضا يسمح بفتح المناخ السياسي، الآن المناخ السياسي في البلاد ليس فيه حرية إعلام ليس فيه جمعيات ومنظمات مثل رابطة حقوق الإنسان وجمعية القضاة وغيرها تستطيع أن تعمل بحرية، فمطلب الإصلاح أحرج الحكم فأوعز إلى أطراف فيه بأن تقوم بهذه الحملة لإلهاء الناس عن الإصلاح.
محمد كريشان: سيد برهان بسيس يعني عندما نتحدث عن عريضتين، يعني مثلا هذه العريضة التي تناشد الرئيس بن علي وهذه عريضة مضادة التي تناشد تقول من أجل استكمال المشروع الوطني للرئيس بن علي وتأصيل ثوابته، والثانية تقول لا للتمديد لا للتوريث، نريد أن نعرف لماذا لم يجر في تونس جدل سياسي حول هذه القضية بين وجهة النظر التي تمثلها وبين وجهة النظر التي كان يقولها الآن رشيد خشانة؟
برهان بسيس: يجري جدل والدليل أن صحف المعارضة كما تفضل الأستاذ رشيد خشانة في الحديث عنها عبرت عن موقفها في علاقة بهذه العرائض في سياق عناوين كبرى أنها ترفض ما تسميه التمديد وترفض ما تسميه التوريث، هذا قيل من داخل تونس في صحف معارضة الجميع قرأ للسيد أحمد إبراهيم سكرتير.. أو لحركة التجديد افتتاحية صحيفة الطريق الجديد هذا إن اعتبرنا أو قدرنا الدور الذي تلعبه الطريق الجديد من داخل تونس كتبه من داخل تونس رفضا للمناشدة، يحصل إذاً حوار يحصل نقاش ولكن بمثل ما نقدر هذه المواقف المعارضة للمناشدة ينبغي على الآخرين أن يقدروا رأي ما يبرز وكأنه امتداد جماهيري حقيقي لا يمكن الحديث أو التشكيك فيه، هو الأستاذ رشيد خشانة يتحدث عن تابعين للنظام، لا، لا أظن أن عالم الناسا الأميركية الأستاذ الأوسط العياري خيرة كفاءاتنا العلمية الموجودة والمشهود لها عالميا بالإمكان نعته هكذا بسهولة أنه أداة بيد النظام، لا نظن أن بطل أولمبي مثل أسامة الملولي شاب يمثل قيمة وطموح الشباب التونسي في السنة الدولية للشباب يمثل أداة من أدوات النظام، هو لا يرتبط في علاقة النظام بأي علاقة بيع وشراء هو ليس في حاجة إلى ذلك أبدا، هؤلاء عبروا بتلقائية، هم رموز هم رمز من رموز المناشدين للرئيس زين العابدين بن علي حتى يواصل قيادة المسيرة. هناك حوار وينبغي لهؤلاء الرافضين للمناشدات أن يقدروا باسم الديمقراطية وباسم معنى الديمقراطية هذه المناشدة لأنصار الرئيس بن علي لرئيسهم لزعيمهم حتى يواصل قيادة المسيرة. وأريد أن أعلق على ما اعتبره السيد رشيد خشانة استباقا لحركة المعارضة، هو قبل غيره يدرك حالة المعارضة التونسية حالة ضعف ووهن وهو يلمح لندوة بسيطة عقدها الحزب الديمقراطي التقديم في شهر تموز حول الإصلاح على هامش الاحتفال بعيد الجمهورية ندوة حضرها عشرون شخصا، هل تظن أن ندوة يحضرها عشرون شخصا غير قادرة أنه حتى يوسع دائرة التحالف أو يحافظ على تحالفاته السابقة المعروفة بتحالف 18 أكتوبر بإمكانه أن يشكل تهديدا للنظام ويدفع لاستباق المعارضة ليصدر ويطلق حملة المبادرات؟ لا، هذا حديث أعتقد أنه مغالي للواقع.
محمد كريشان: ولكن اسمح لي فقط سيد برهان، ما رأيك في الذين يقولون أصلا عندما تنشر عريضة تناشد الرئيس بن علي الترشح لـ 2014 هي عمليا تناشده أن يخرق الدستور لأنه إذا كان الدستور هو أعلى نص قانوني في البلد وتم الاتفاق عليه وعدل أكثر من مرة، عندما يتم مناشدته الترشح مرة أخرى عمليا يقولون له سيدي الرئيس لا تحترم الدستور ولنذهب معا لتعديله، ما رأيك في وجهة النظر هذه التي تقول مثل هذا الكلام؟
برهان بسيس: اسمح لي، الذين يناشدون الرئيس زين العابدين بن علي التقدم للترشح سنة 2014 يدركون قبل غيرهم أنه إذا تمت الاستجابة لهذه المناشدة فلن يكون ترشح الرئيس واستجابة الرئيس في سياق الضوابط التي يحكمها الدستور بصيغته الحالية، نحن الآن في سياق مناشدة الرئيس زين العابدين بن علي التقدم للانتخابات، طبعا إذا ما تقدم الرئيس للانتخابات فلن يكون وفق صيغ الدستور الحالي وفق ما هو معمول عليه، إذاً نحن بالضرورة الآن سننتقل من الحديث عما يسميه البعض خرق الدستور إلى المطالبة بتعديل الدستور وتعديل القوانين وهذه ليست بدعة تونسية ما دام أن القوانين على أهميتها لا يمكن أن تكون حاجزا أمام رأي الأغلبية وهذا جوهر الديمقراطية، القوانين تغير الدساتير تغير عندما تتطلب المصلحة العامة للبلد ذلك، المصلحة العليا للوطن ذلك، الدستور في الحقيقة..
محمد كريشان (مقاطعا): نعم اسمح لي فقط طالما القضية هي المصلحة العامة، سيد رشيد خشانة إذا كانت هذه الحركة الموجودة الآن في المجتمع التونسي هي عفوية وذكر لك بعض الأسماء التي يراها محترمة ولا يمكن القول بأنها انساقت في ذلك -كما يقول- ما اعتراضكم إذا كان الحراك هذا الحراك يعبر عن نبض معين في المجتمع؟
رشيد خشانة: الذي يعبر عن نبض المجتمع هو الرغبة في التغيير والإصلاح والتداول السلمي على الحكم، التونسيون منذ عهد الرئيس السابق بورقيبة كانوا يبحثون عما يحقق لهم التداول والديمقراطية فإذا بنا اليوم بعد استكمال خمس دورات رئاسية ننتقل إلى دورة سادسة وكأن البلاد محكوم عليها بأن تبقى في ظل رئاسة تتحول إلى ملكية، هذا أمر غير منطقي، أولا، ثانيا كيف يجوز أن يكون الدستور الذي هو مرجع وقانون القوانين وأبو القوانين يتحول إلى نص يلعب به في كل انتخابات يتغير الدستور، لم نر أي بلد فيه تغيير للدستور بالوتيرة التي تغير بها في تونس، ولذلك هناك بدعة تونسية تتمثل في تغيير الدستور لمصلحة الطرف الحاكم على حساب الأطراف الأخرى، لا يمكن أن نغير قوانين اللعبة بحيث نقصي الآخرين ولا نسمح للبلاد أن توضع على سكة الديمقراطية، في الفترة التي شهدت فيها تونس رئيسين فقط أكثر من خمسين سنة شهدت أميركا عددا كبيرا من الرؤساء شهدت فرنسا عددا كبيرا من الرؤساء، الجزائر بجانبنا وهي دولة من العالم الثالث عندها أربعة رؤساء سابقين الآن موجودين وهذا دليل على أن هناك تداول على الحكم وهذا أمر يعني هو الحد الأدنى..
محمد كريشان (مقاطعا): ولكن هناك دول عربية هناك مصر هناك القذافي جار تونس هناك اليمن.
رشيد خشانة: نحن ننظر إلى الأحسن، نتطلع إلى الديمقراطية ونتطلع خاصة إلى وعد جاء في 1987 يقول إنه لا مكان للرئاسة مدى الحياة ولا مكان لخلافة لا قول للشعب فيها، نحن الآن الحكم الآن يلتف على هذين المطلبين الأساسيين يريد أن يخرق الدستور الذي وضعه هو نفسه ومن أجله قام باستفتاء في 2002 عارضته فيه المعارضة فوضع في هذا التعديل كل ما يريد ثم الآن يريد أن ينقلب عليه هو نفسه وينتهكه، إذا نسفت قانون اللعبة لم يعد هناك أي مجال للاستقرار في أي مجتمع من المجتمعات، الدستور هو الأساس والمرجعية التي تحكم اللعبة السياسية إذا كانت هذه الأطراف التي بالمناسبة ليست كلها موافقة على مضمون هذه المناشدات، بالعكس هم كثير منهم يقول لك أنا أجبرت على الإمضاء أو أنا لم أمض بالمرة وسمعت عنها، هذا ليس سرا، تعرفه أنت جيدا سي بسيس ونعرفه نحن ويعرفه المجتمع التونسي كله، الصحافة التي تقول إنها تعبر عن الرأي المخالف استوجبت إضراب جوع لمدة أسبوع لكي توزع صحيفة فيها 12 صفحة في الأكشاك، هذه بدعة تونسية غير موجودة في أي بلد آخر، هذا ما يمكن أن نسميه الاستثناء التونسي ربما حتى بالنسبة للعالم أجمع، أنتم تعلمون أنه في تقارير المنظمات الدولية حول حرية الإعلام تونس تأتي إحدى الدول الست الأسوأ من حيث حرية الإعلام والأكثر اضطهادا للإعلاميين، تعرفون جمعية القضاة التونسيين وحالة قيادتها، تعرفون رابطة حقوق الإنسان، أين الحوار والجدل المتكافئ في هذا الأمر؟ لو تركتم أمام هذه المناشدات مجالا للحوار -مثل الذي تقوم به الجزيرة الآن مشكورة- في تونس وبين التونسيين ربما كان يمكن أن نستمع وأن نخوض هذا الجدل بين الطرفين أما والأمور كلها مقفلة فلا يمكن الحديث إلا عن طرف واحد يريد أن يملي إرادته على المجتمع إملاء.
محمد كريشان: على كل نريد أن نعرف إذا ما استمر هذا الجدل سواء كان في تونس أو خارج تونس على كل بين داعيين للرئيس بالتمديد وبين آخرين معترضين نريد أن نعرف إلى أي مدى قد يتأثر الجو السياسي والحياة السياسية في تونس إذا ما قرر الرئيس بن علي فعلا المضي في الاستجابة لهذه المناشدة، سنتطرق لهذه النقطة بعد فاصل قصير نرجو أن تبقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
مستقبل العمل السياسي وتداول السلطة في تونس
محمد كريشان: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة التي نتناول فيها الجدل الدائر في تونس حول دعوات للرئيس بن علي وأخرى مضادة لها. سيد برهان بسيس في تونس عندما جرت الانتخابات الرئاسية الماضية قبل سنة وكان البعض يتحدث عن رئاسة مدى الحياة كان المسؤولون التونسيون يقولون هذا غير صحيح لأن هناك آليات في الدستور تحدد شروطا معينة وبالتالي الحديث عن رئاسة مدى الحياة غير دقيق لأن هناك حاجز السن وهو 75، الآن إذا ما استجاب الرئيس بن علي لهذه المناشدات وألغي حاجز السن ألا ندخل عمليات في رئاسة مدى الحياة في تونس؟
برهان بسيس: لا بالتأكيد هذا لن يكون متصلا بأي شكلا من الأشكال بقضية الرئاسة مدى الحياة، هي مناشدة الآن بالترشح لانتخابات 2014، بقي أن مسألة التداول على السلطة، دعنا نوضح هذه القضايا التي قد تبدو هكذا في سطحها متعلقة بلغة القوانين والدساتير والتفاصيل في حين أن قضية التداول على السلطة -دعنا نتفق- هي قضية سياسة هي قضية تعكس حالة موجودة الآن. الأستاذ خشانة يتحدث عن التجربة في الولايات المتحدة الأميركية والتجارب في فرنسا وغيرها من البلدان التي يحصل فيها تداول على السلطة منظم منذ عقود، يعني في تونس هل هناك حالة معارضة مستعدة للتداول على السلطة؟ يعني الحكم لا يمكن أن ينجز بمفرده تداولا، الرئيس بن علي سبق وقال التداول على السلطة ليس أن أنزل من على الكرسي وتعال أنت لتحكم عوضي، هل هناك برامج للمعارضة حاضرة الآن؟ هل هناك اسم واحد معارض يعتقد الأستاذ رشيد خشانة والرافضون لمناشدة الرئيس زين العابدين بن علي واقعيا وموضوعيا أنه قادر على قيادة تونس؟ بربكم أجيبوني اليوم هل المعارضة التونسية قادرة..
محمد كريشان (مقاطعا): يعني لننقل هذا السؤال إلى رشيد ثم تستكمل رأيك. تفضل رشيد.
رشيد خشانة: طبعا في تونس كفاءات كثيرة يجب أن يسمح لها بأن تعبر عن رأيها وأن تطرح برامجها، المشكلة أنه ليس هناك إمكانية لهذه النخبة إلا أن تعبر عن نفسها من خلال القنوات الفضائية الأجنبية الأوروبية أو العربية أما خارج هذا ففي تونس حتى اجتماعا في قاعة ولو كان في فندق تعرف أنها غير ممكنة، تعرف أن أحزاب المعارضة الحقيقية لا تستطيع أن تجمع النخبة لتتكلم، ثم الدستور والقانون الآن لا يسمح لأي شخص بأن يترشح، إن حرية الترشح في تونس مضروبة، لذا يقول لك أشرت للمشاهدين الكرام الذين ربما لا يعرفون القانون التونسي يقول إنه لا بد أن يكون عندك ثلاثين نائبا في البرلمان حتى تكون مرشحا لرئاسة الجمهورية، هذا شرط تعجيزي غير موجود، هو بدعة تونسية مرة أخرى.
محمد كريشان: ليستكمل السيد برهان بعد الجواب هذا.
برهان بسيس: نعم بناء يعني وتواصلا وتعقيبا على كلام الأستاذ رشيد خشانة، يعني هو لم يفهمني قضية التداول على السلطة قضية الحكم أم السلط؟ يعني الموقع التنفيذي الأول ليس قضية إلقاء قصيدة شعرية في اجتماع عام، ليست مسألة سهلة تتعلق بزعامة حزبية تقود عشرات أو مئات الأشخاص، هذه قيادة بلد هذه قيادة دولة هذه قيادة بلد في ظرف خاص، كثير من التحديات تحيط بنا، هذه قيادة بلد متعلق بمشاكل ينبغي أن نجيب على تحديات التشغيل أن نجيب على تحديات البطالة أن نجيب على تحديات الإصلاح السياسي أن نجيب على التحديدات والتوازنات الجهوية..
رشيد خشانة (مقاطعا): طبعا نحن نتحدث عن رجال دولة لا نتحدث عن..
برهان بسيس: نعم، نتحدث عن رئاسة دولة وليست رئاسة حزب..
رشيد خشانة: رجال دولة، رجال دولة موجودون في تونس..
برهان بسيس: اسمح لي أن أواصل. يعني اليوم واقعيا يعني هل أن السيد رشيد خشانة وغيره من الذين ينصتون لنا بكل موضوعية يعني وبحكم واقعي وعقلاني، هل هناك في تونس الآن المعارضة من يملك قدرة على أن يقود البلد ببرنامج واضح يجيب على التحديات المطروحة؟ هناك من الشعراء الكثيرين هناك من أصحاب الشعارات الكثيرين، هناك من الذين بالإمكان أن يقودوا أحزابهم ورغم ذلك أشياء مشكوك فيها كثيرين، ولكن القيادة لا تتوفر للجميع. هذا الرجل يناشد اليوم..
محمد كريشان (مقاطعا): هو استكمالا لهذه الفكرة سيد برهان اسمح لي فقط لو سمحت، استكمالا لهذه الفكرة رشيد، يعني وجهة نظر السيد برهان بسيس كثيرا ما يتم تداولها فعلا في تونس..
رشيد خشانة: في الأنظمة الاستبدادية يتم تداولها..
محمد كريشان (مقاطعا): لا، عفوا لو سمحت لي، إذا كان الحزب الحاكم حزبا عريقا وقديما وكون مجموعة من الكوادر قادر على إدارة البلد وهناك شبه إجماع بشكل أو بآخر على أن المعارضة في تونس ضعيفة ولا تملك كل المقاومات، كيف تتوقع من أي جهاز سواء الدولة كجهاز أو الحزب الحاكم أو الرئيس بن علي نفسه أن يترك المكان لفراغ إن صح التعبير؟ إذا ما صحت وجهت النظر هذه.
رشيد خشانة: أولا تونس ولودة وأعطت رجال دولة وتعطي الآن كثيرا من وجوه النخبة الذين هم مؤهلون لكي يكونوا في مركز أول إذا أتيحت لهم وأتيح المناخ الذي يسمح بذلك، من أدراه أنه ليس هناك في تونس، هل هو يتحدث مع وجوه النخبة ويسمع منهم برامجهم؟ أنا أتحدث مع مختلف أنواع النخبة التونسية وتسمع منهم الكثير من المشاريع والبرامج التي تسمح ببناء دولة..
برهان بسيس (مقاطعا): سم لي اسما واحدا تختلقه، سم لي اسما واحدا..
محمد كريشان (مقاطعا): لو سمحت سيد برهان لو سمحت.
رشيد خشانة: هو عادة الذي يبنيه فريق لا يبنيه شخص واحد وهذا متاح في تونس، أما الأنظمة الاستبدادية كما تفضلت فكلها تتذرع وتبرر الأمر بالفراغ، تقدم فراغا وهميا لكي تبرر أن تحتكر الحكم وهذا أمر لا يمكن أن يقبل في تونس لأن المجال لا بد أن يفتح في إطار حريات لذلك موضوع تحوير الدستور هذا وموضوع التمديد والتوريث والرئاسة مدى الحياة يرتبط بالمناخ العام الآن في تونس، المناخ العام في تونس منذ سنوات ليس فيه صحافة ليس فيها جمعيات تتحرك ليس فيه مجال للنخبة لكي تقوم بدورها المطلوب منها، فعندما يتاح هذا ستستمع إلى التونسيين في الإذاعة والتلفزة التونسية يقدمون لك أفكارا أنت تبقى مبهورا أمامها، أعطهم فرصة.
محمد كريشان: سيد برهان بسيس عندما نتحدث عن أن المعارضة ضعيفة بغض النظر عن مدى دقة ذلك، حتى النظام الحاكم حتى الحزب الحاكم في تونس لماذا عجز بعد سنوات من وصول الرئيس بن علي للسلطة في نوفمبر 1987 على خلق جيل من المسؤولين؟ ليس بالضرورة أن يكون الرئيس بن علي هو من يخلف نفسه يعني ممكن للحزب الحاكم أن يجد مرشحا آخر فيتم التداول ولو بقي الحزب الحاكم في السلطة.
برهان بسيس: نعم وبسرعة أريد أن أعقب على الأستاذ رشيد، يعني أنا قبضت نفسانيا على الأستاذ رشيد غير قادر أن يسمي حتى اسما واحدا، أدرك جيدا الحرج الذي وقع فيه كنت أنتظر أن يرشح مثلا زعيم الحزب الديمقراطي التقدمي ويقول هناك نجيب الشابي في البلد..
رشيد خشانة (مقاطعا): لم لا؟ لم لا؟
برهان بسيس: أدرك جيدا حالة المعارضة التي يمكن أن تتقاتل لمجرد أن يقول نجيب الشابي تمنعه من ذلك، يعني هذا نموذج لما يوجد في تونس من خلال وجود بدائل حقيقية داخل المعارضة..
رشيد خشانة (مقاطعا): لا، هذا موضوع مغلوط هذا.
برهان بسيس (متابعا): أنا أريد أسماء، لم أجد أسماء، وجدت كلاما عموميا.
رشيد خشانة (متابعا): في فرنسا يقدمون 12 مرشحا من خلال..
محمد كريشان (مقاطعا): لو سمحت رشيد لو سمحت.
برهان بسيس: الحزب الحاكم بصدد تربية جيل من القيادات الوسطى والقيادات العليا، ليس هناك عقدة داخل الحزب الحاكم في تونس في أن يمارس مهام القيادة بل هو يمارس مهام القيادة وراء الرئيس زين العابدين بن علي وفي اللحظة المناسبة من تاريخ تونس بالإمكان أن الرئيس بن علي يعطي المشعل لقيادات تربى داخل مدرسة التجمع الدستوري الديمقراطي ضمن المشروع الوطني التونسي، ليس هناك عقدة في أن نقول ذلك. ولكن اليوم الرئيس زين العابدين بن علي يمثل خيار تونس لدى ما يمكن تسميته بأغلبية من التونسيين، الرجل الذي يشرف على عقد أكثر من 150 مجلس وزاري مخصص لقضايا التونسيين لقضايا شغلهم وصحتهم في السنة ما يتجاوز معدل أي قيادة عربية وإفريقية في الوقت الذي تدركون فيه جيدا أن بعض القيادات العربية..
محمد كريشان (مقاطعا): يعني عفوا طالما يعني اسمح لي فقط..
برهان بسيس: اسمح لي كي أواصل الفكرة أستاذ محمد اسمح لي.
محمد كريشان: باختصار شديد.
برهان بسيس: قلت لك في الوقت الذي بعض القيادات العربية ما تقضيه في رحلات الصيد أكثر مما تقضيه داخل بلدانها، الرئيس بن علي رجل يشتغل قريب من الناس رجل بين الناس هو ابن الشعب التونسي لذلك اليوم يجد هذا الصدى من الالتفاف حول شخصه.
محمد كريشان: أكملت الفكرة، أكملت. طالما نتحدث عن الرئيس بن علي لا بد من التوضيح هنا بأن الرئيس بن علي لحد الآن لم يعط موقفا سواء من هؤلاء الذين ناشدوا أو من هؤلاء الذين اعترضوا، الرئيس بن علي لم يدل بأي تصريح يفيد بأي معنى من المعاني. سيد رشيد خشانة باختصار في الدقيقة الأخيرة من البرنامج، كيف تقرؤون هذا الصمت للرئيس بن علي؟
رشيد خشانة: لأن هناك أولا هناك أجهزة تقوم بهذا الأمر وأعتقد أن صاحب الشأن إذا طلب منه ذلك وهذا يقع في كل الرئاسات ربما لا يرفض، المهم أن المجتمع التونسي يجب أن يجد الآن المجال لكي يدخل إلى مرحلة الإصلاحات أولا بإيجاد دستور حقيقي يسمح بحرية الترشح. كان يتحدث السيد بسيس عن شخص أو عن مرشح، أنا أقول مثلا في فرنسا يترشح 12، 15 ثم يفرز منهم، فالمجال مفتوح، إذا فتح المجال أم النخب التونسية سيظهر الكثير من المرشحين ثم إذا قمنا بهذا التعديل في الدستور الذي يسمح بحرية الترشح بالتوازن بين السلطات بحرية الإعلام بمراجعة القوانين وتصبح هناك انتخابات حقيقية في تونس يمكن أن نوضع على سكة التغيير الحقيقي.
محمد كريشان: شكرا جزيلا لك رشيد خشانة رئيس تحرير صحيفة "الموقف" التونسية الأسبوعية المعارضة، شكرا أيضا لضيفنا من تونس الإعلامي برهان بسيس. وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة، في أمان الله.