
أهداف الحرب ضد القاعدة في الصحراء الكبرى
– حجم النشاط العسكري للقاعدة في الصحراء الكبرى
– أهداف فرنسا من تعزيز وجودها العسكري في المنطقة
![]() |
![]() |
![]() |
خديجة بن قنة: أعلنت مصادر أمنية في النيجر عودة القوات الفرنسية بعد غياب دام أكثر من 25 عاما، يتزامن ذلك مع إعلان فرنسا الحرب على ما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ومشاركتها مع الجيش الموريتاني في معارك لتحرير مختطفين من عمال شركة فرنسية تعمل في التنقيب على اليورانيوم شمالي النيجر. نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين، ما هو الحجم الحقيقي للنشاط العسكري المنسوب لتنظيم القاعدة في منطقة الصحراء الكبرى؟ وما هي الأهداف الحقيقية من تعزيز فرنسا وجودها العسكري في هذه المنطقة؟… لم يكن إذاً الشارع الفرنسي لينسى مقتل الرهينة ميشيل جيرمانو على يد القاعدة بعد فشل القوات الفرنسية في تحريره حتى طالعته أخبار جديدة غير سارة، خمسة فرنسيين يختطفون في شمال النيجر ويقتادون إلى مالي فيما يبدو ردا من مقاتلي القاعدة على إعلان رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيو الحرب عليهم، حرب تتفق قوى إقليمية ودولية على ضرورة شنها على التنظيم غير أن لكل منها هدفا وراء ذلك.
[تقرير مسجل]
نبيل الريحاني: مثل هذه المواقع الفرنسية في النيجر باتت هدفا لتنظيم القاعدة في نسخته المغاربية، خمسة فرنسيين يؤسرون في البلد الفقير إلى حد المجاعة الغني بكميات هائلة من اليورانيوم، شكلت العملية ردا على إعلان باريس قبل أقل من شهرين الحرب على القاعدة في منطقة الصحراء الكبرى إثر محاولة سعت فيها قوات موريتانية بدعم فرنسي لتحرير الرهينة الفرنسي ميشيل جيرمانو لاقت الفشل بقتله في نهاية المطاف. سارع كوشنير إلى زيارة بلدان المنطقة وبدا أن باريس تستعد لحضور أوسع في ساحة عرفت مؤخرا بوادر صراع ليس فقط مع الخطر القاعدي وإنما كذلك بين قوى كبرى تريد خدمة مصالحها وتكريس نفوذها هناك، بعثت فرنسا بمائة متخصص في مكافحة الإرهاب ومعهم أرسلت ثلاث طائرات مجهزة بما يساعد في تعقب الخاطفين الذين يرجح أنهم اقتادوا الرهائن إلى الأراضي المالية. تدخل ميداني استوجب موافقة من حكومة النيجر على دخول القوات الفرنسي مجالها الجوي لأول مرة منذ ربع قرن وهو ما استبقته الجزائر بإنشاء قيادة ميدانية مشتركة مع موريتانيا ومالي والنيجر في أبريل الماضي كإطار ينسق الجهود الرامية للتصدي لخطر القاعدة، وكانت الجزائر صاحبة العلاقات المتوترة مع باريس قد رفضت مرارا أي تدخل ميداني لها في مكافحة القاعدة في موقف ترجم في نظر البعض صراعا إقليميا ودوليا لبسط النفوذ على منطقة غنية بالثروات الطبيعية تلعب فيها القاعدة المغاربية دور المسوغ لكل التدخلات المباشرة. سيناريو لا يبدو بعيدا عن الواقع في نظر محللين استوقفهم كثيرا الصراع المكشوف الذي عرفته منطقة البحيرات العظمى في وقت سابق بين قوى كبرى أهمها باريس وواشنطن استعملت شتى الذرائع لترسيخ القدم في منطقة هامة هي الأخرى من مناطق القارة السمراء.
[نهاية التقرير المسجل]
حجم النشاط العسكري للقاعدة في الصحراء الكبرى
خديجة بن قنة: ومعنا في هذه الحلقة من نواكشوط الدكتور محمدو ولد محمد المختار أستاذ العلوم السياسية بجامعة نواكشوط، ومعنا من لندن جيرمي كينان الأستاذ في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن والخبير في الجماعات الإسلامية في منطقة الصحراء الكبرى، نرحب بضيفينا من نواكشوط ومن لندن. وأبدأ بنواكشوط والدكتور محمدو ولد محمد المختار برأيك ما حجم النشاط المنسوب للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في منطقة الصحراء الكبرى؟
محمدو ولد محمد المختار: شكرا الأخت خديجة، بداية اسمحي لي أن أعزي شهداء الجيش الوطني وأن أتمنى الشفاء العاجل للجرحى. أما بخصوص تنامي نشاط قوة القاعدة في المغرب الإسلامي أو في هذا الفضاء الصحراوي فهو واضح للعيان، كلنا نعلم أن العمليات النوعية الكبيرة التي قام بها هذا التنظيم على الأقل في موريتانيا وكذلك تمكنه من خطف بعض الرعايا سواء في موريتانيا أو في النيجر مؤخرا يؤكد حجم قدرة هذا التنظيم بالنظر إلى المساحات الشاسعة التي يستطيع أن ينفذ فيها عملياته، فنحن نعلم أنه حين اختطف الإسبان من موريتانيا اختطفهم من منطقة قريبة من الشواطئ شواطئ المحيط ومع ذلك استطاع أن يتوغل بهم في مالي في فترة قياسية، هذا يؤكد على قدرة كبيرة جدا على التحرك والسرعة والقدرة على تنفيذ عمليات نوعية في هذه المنطقة الواسعة. كذلك أيضا الاختطاف الأخير من النيجر يدل على هذه أيضا القدرة ناهيك عن العمليات التي نفذت ضد الجيش الموريتاني، إذاً كل هذا يؤكد نوعية هذا التنظيم وقدراته على تنفيذ عدد من العمليات في هذا الفضاء..
خديجة بن قنة (مقاطعة): نعم، سيد جيرمي كينان ما هي حقيقة الخطر الذي تشكله الجماعات المسلحة الناشطة في هذه المنطقة منطقة الصحراء الكبرى؟
جيرمي كينان: هذه القضية وهذا التهديد يتحول إلى تهديد يزداد نموا، إنه تهديد موجود في المنطقة منذ حوالى أربع سنوات في 2006 بدأ على نطاق بسيط ثم ازداد توسعا وبالتأكيد في الأشهر القليلة الماضية وفي الأسبوع الماضي على وجه الدقة جعله تهديدا جادا وربما نحن نواجه أكثر الحوادث جدية في هذا الجزء من الصحراء الكبرى حتى الآن، كيف ستتطور الأمور في الأيام والأسابيع القليلة القادمة من الصعب أن نتوقع ذلك فالقضية قضية جادة وخطيرة.
خديجة بن قنة: سيد محمدو ما هي طبيعة المواجهة القادمة رغم أن السيد جيرمي يقول من الصعب توقع ما سيحدث في الأيام القادمة لكن أنت برأيك كيف تتوقع أن تكون طبيعة المواجهة القادمة تحديدا بين فرنسا وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في هذه المنطقة في الصحراء الكبرى؟
محمدو ولد محمد المختار: بالنظر إلى القاعدة العمليات اليوم التي أعلن عنها في النيجر واضح أنه سيحصل في تطور مباشر في هذه المواجهات، طبعا نحن نعرف طبيعة العمليات التي تقوم بها القاعدة وهي إلى حد كبير محدودة بالنسبة لفرنسا لأن فرنسا لا توجد لها قاعدة كبيرة في المنطقة كل ما هناك هي هذه الوحدات الصغيرة، طبعا سيكون الهدف دائما هو هذه الشركات أو العمالة الفرنسية وحتى ربما الغربية بشكل عام في هذه الشركات التي هي شركات فرنسية أو غربية فهذه ستكون الهدف الأسهل وبالتالي نتوقع في أي مكان في النيجر في مالي في موريتانيا في أي وقت أن يتم عمليات على غرار ما حصل مؤخرا فالمواجهات لم تكن إلا في هذه الحدود على ما أعتقد.
خديجة بن قنة: نعم لكن تابعنا في الأيام الأخيرة الهجوم الذي قام به الجيش الموريتاني في الأراضي المالية، هل برأيك الجيش مؤهل وقادر على مواجهة أعمال تنظيم أو عمليات تنظيم القاعدة في هذه المنطقة خصوصا أن هذه الجماعات تعتمد أسلوب يعني حرب العصابات وتعلم أنت أن حتى الجيوش الكبيرة يعني الجيش الأميركي عجز عن خوض حرب العصابات وفشل في ذلك أمام تنظيم القاعدة في كثير من المناطق في العالم.
محمدو ولد محمد المختار: شكرا على هذا السؤال، أولا اسمحي لي بأن أقول بأنه أنا شخصيا من الذين يعتقدون أن الجيش الموريتاني فرضت عليه هذه الحرب مع التنظيم فالجيش الموريتاني كان هدفا لعدد من العمليات اغتيل منه عشرات في هذه العمليات وبالتالي لم يكن ثمة خيار لديه في أن يواجه تنظيم القاعدة بشكل جدي وحاسم فكما يقال خير وسيلة للدفاع هي.. خير وسيلة لهذه الحرب هي الهجوم على مراكز القاعدة، وشخصيا لا أميل إلى هذا التصوير الذي يقول إن الجيش الموريتاني يحارب خارج حدوده في مناطق بعيدة عن هذه الحدود، الحقيقة أن الجيش الموريتاني يحارب تنظيم القاعدة وهناك هذا الفضاء الذي يتواجد فيه تنظيم القاعدة من حق أعتقد الجيش الموريتاني أن يواجهه فيه حيثما أتيح له ذلك وحينما تتوفر له معلومات كافية، أما من حيث قدرات الجيش..
خديجة بن قنة (مقاطعة): نعم، سيد جيرمي هل يواجه الجيش الموريتاني وجيوش المنطقة أيضا لأنه شنت أيضا هجومات على القاعدة من طرف جيوش أخرى في المنطقة، هل تعتقد أنها تقوم هذه الدول بنفسها بهذه العمليات أم أنها تحظى أيضا بدعم خارجي من أميركا من فرنسا أيضا وما هي طبيعة هذا الدعم المقدم لهذه الدول؟
جيرمي كينان: حسنا أعتقد أن نقطة التركيز الأساسية كانت على غرب مالي والجانب الموريتاني وربما كان هذا محاولة لصرف الأنظار كما حدث في 22 يوليو/ تموز كل الحوادث حصلت في غرب مالي ولكن الهجوم الحقيقة الذي أنكره الفرنسيون كان في الشرق وقد أنكره الفرنسيون وكان ذلك في تموز/ يوليو 22 حيث يجب أن يكون التركيز حاليا وهي تلك المنطقة التي كان الرهائن محتجزون فيها حسب المعلومات المتوفرة لي وكانت بيد القاعدة في بلاد المغرب والقوات الفرنسية الموجودة في نيامي تركز أنظارها على تلك المنطقة الآن، السؤال هل الفرنسيون سيقدمون على تحرك عسكري كما فعلوا قبل ستة أسابيع بنتائج كارثية أم سيقومون بالتفاوض لأمد بعيد، الأميركيون ربما ليسوا ضالعين بشكل مباشر ولكن ربما إلى حد ما كانوا هم مشتركين في النشاطات في هذه المنطقة بشكل أو بآخر، الجزائريون هم قوة كبيرة رئيسية في المنطقة لكن علينا أن نميز هنا بين الحكومة الجزائرية وجهاز المخابرات الجزائري، المخابرات والذي اخترق القاعدة وخلاياها في تلك المنطقة، إذاً لدينا هيكلية معقدة، الناس الذين يحتجزون الرهائن هم من أتباع القاعدة وهم إسلاميون وهم حقيقيون وموجودون ولكنهم اخترقونا بأعلى مستويات من قبل عناصر المخابرات الجزائرية، إذاً هذا يعقد الوضع. أما فيما يحصل مالي، مالي ما زالت تلعب دور المتفاوض والنيجر كذلك أيضا لم تستطع فعل الكثير إذاً نحن إزاء وضعية نرى أن الفرنسيين يقفون في مواجهة القاعدة في تلك المنطقة، المسافة بينهم، القوات الفرنسية حسب علمي متمركزة في نيامي والرهائن حسب فهمي محتجزون في منطقة اسمها التخرة في شمال شرقي مالي أي حوالي ثمانمئة كيلومتر تفصل بينهما، إذاً هل الفرنسيون سيقومون بعمل عسكري كما قالوا..
خديجة بن قنة (مقاطعة): طيب هذا السؤال مطروح ولكن قبل طرح هذا السؤال إن كان الفرنسيون سيقومون -سيد جيرمي عفوا على المقاطعة- ولكن قبل أن نطرح هذا السؤال إن كانت فرنسا ستقدم فعلا على عمل عسكري دعني أسألك عن فرضية الاختراق التي ذكرتها قبل قليل من أن مقاتلي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مخترقون بشكل كبير من طرف المخابرات الجزائرية ما الذي يسند هذا الكلام إلى ماذا استندت؟
جيرمي كينان: أحد الأدلة على ذلك هو أن الحكومة الجزائرية قالت في عام 2008 قالوا إنهم اخترقوا كل خلايا القاعدة في المنطقة ولديهم قائمة بـ 183 شخصا ولديهم الأسماء هذا ما قالته المخابرات بشكل مباشر وأيضا الأخبار الجزائرية، صحيفة الأخبار كانت مصدر نقل تلك المعلومة، كيف حصلوا على الرقم هذا بدقة 183 لا أعلم بالطبع لكن عبد الحميد اللي يعتبر أخطر أفرادها كان نائب الباره وهو عميل مخابرات جزائري وكان المسؤول الرئيسي في العام 2003 عن العمليات عندما بدأ نشاط خطف الأجانب عندما تم اختطاف 32 أوروبيا تم هذا بإرشادات وتعليمات من المخابرات الجزائرية، عبد الحميد أبو زيد كان هو المسؤول عن ذلك، هذه الخلايا التي كان يقودها والتي خلقتها المخابرات الجزائرية وقد استطاعوا اجتذاب الإسلاميين، إذاً إضافة إلى هذه الفئة الأساسية منهم المرتبطة بالمخابرات الجزائرية هناك إسلاميون آخرون حقيقيون ربما ثلاثمئة، أربعمئة لا أعرف العدد بالضبط هم يرون أنفسهم كإسلاميين حقيقيين يدافعون من أجل قضية الجهاد وهذا هو موقف خطير، هناك جهاديون حقيقيون إسلاميون يقاتلون يعتقدون أو نعتقد أنهم يحتجزون الرهائن الفرنسيين لكن من بينهم قياداتهم ما زالت مرتبطة بالمخابرات الجزائرية، إذاً هذا جزء من الصورة المعقدة للغاية التي لدينا عن هذه المنطقة الآن.
خديجة بن قنة: وسنحاول أن نوضح ملامح هذه الصورة المعقدة ونواصل النقاش حول هذا الموضوع ونتطرق أيضا للحديث عن الأهداف الحقيقية وراء تعزيز فرنسا لوجودها العسكري في منطقة الصحراء الكبرى ولكن بعد الفاصل لا تذهبوا بعيدا.
[فاصل إعلاني]
أهداف فرنسا من تعزيز وجودها العسكري في المنطقة
خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا بكم من جديد إلى حلقتنا التي نناقش فيها خفايا وأهداف الحرب ضد القاعدة في منطقة الصحراء الكبرى في ضوء تعزيز فرنسا وجودها العسكري في النيجر. سيد محمدو فرنسا عززت وجودها في النيجر هل يعني هذا أنها مقبلة في الأيام القادمة على عمل عسكري ضد القاعدة في المنطقة؟
محمدو ولد محمد المختار: فرنسا بكل تأكيد معنية بتخليص على الأقل الرهائن الفرنسيين خمسة زائد الإفريقيين الاثنين وبالتالي لا شك أنها هي بصدد التنسيق والعمل الجاد من أجل الحصول على معلومات والتالي القيام بما يلزم لتخليص هؤلاء لذلك يأتي في هذا الإطار أعتقد الإعلان عن هذه القاعدة..
خديجة بن قنة (مقاطعة): ولكن هذه الإستراتيجية لن تنجح سيد محمدو يعني بالعكس أدت إلى مقتل الرهينة السابق سيد جيرمانو..
محمدو ولد محمد المختار: هي على الأقل من باب تأكيد أن فرنسا لن تتخلى عن رعاياها وأنها ستبذل كل السبل، لا أستبعد أي أساليب أخرى من باب مثلا الحديث عن تسويات أو وساطات أو من أجل تخليص الرهائن بطرق أخرى ولكن مع ذلك سيبقى دائما سيف القوة وإظهار أن فرنسا مصممة على تخليص رعاياها بأي شكل من الأشكال، وفي مقدمتها بطبيعة الحال هذا العمل العسكري لا يستبعد إطلاقا لذلك في اعتقادي إن المؤشرات كلها تدفع في هذا الاتجاه. طبعا التجربة السابقة التي أدت إلى مقتل الرهينة الفرنسي جيرمانو بكل تأكيد ستشكل قلقا وسيعمل على ألا تتكرر ولكن مع ذلك شخصيا لا أستبعد إقدام فرنسا على أي عملية خصوصا حين تتوفر الإمكانات والمعلومات الضرورية اللازمة ويتم التأكد من أن الأخطاء لن تتكرر حينها قد يحصل أي، خصوصا أن الطائرات العسكرية الفرنسية على الأقل حسب ما هو متواتر اليوم تحلق وتجمع معلومات وبالتالي لا أستبعد أي عمل في هذا الإطار.
خديجة بن قنة: طيب سيد جيرمي يعني هذه الحرب تخاض تحت إطار عنوان عريض يعرفه الجميع وهو الحرب على الإرهاب ولكن هناك من يرى أنها ذريعة من طرف فرنسا للعودة إلى المنطقة طمعا في خيراتها وفي ثرواتها، ما رأيك؟
جيرمي كينان: إن الموارد الطبيعية نعم هي في صميم القضية بالتأكيد، الموارد الطبيعية التي نتحدث عنها هي اليورانيوم حيث لدينا واحدة من أكبر ترسبات اليورانيوم في النيجر حيث يحتجز هؤلاء الرهائن وأيضا شركة أريبا الفرنسية هي التي تملك وتدير الحقوق في هذه المنطقة وهي منقطة ذات أهمية إستراتيجية لفرنسا وربما الأهم ففرنسا 80% من مصدر طاقتها هو من المولدات النووية واليورانيوم اللازم يأتي من هذه المنطقة أو معظمه، لذلك هذه القضية مهمة لمصالح فرنسا القومية وهي في صميم هذا الاهتمام لهذا السبب فرنسا في موقف صعب للغاية لأنها إذا ما قامت بعمل عسكري والذي سيكون صعبا للغاية لأن كل حركة يقوم بها أي طرف هو محل مراقبة من كل الأطراف الأخرى إذا ما باء بالفشل فستكون له آثار كارثية ربما أسوأ من حادثة 22 يوليو/ تموز الماضي، ولكن مقابل ذلك هناك الكثير من المصالح الأخرى المناهضة لفرنسا، فرنسا لا تملك الكثير من الأصدقاء في هذه المنطقة، أيضا هناك تمرد في صفوف القبائل الرحل في المنطقة وهم ليسوا سعداء بدعم فرنسا لحكومتي مالي والنيجر وهم لا يتعاطفون مع فرنسا كسكان محليين، أيضا أريبا الشركة الفرنسية تسبب الكثير من الأضرار البيئية وسمعتها سيئة في المنطقة وإذاً ليس هناك تضامن على المستوى المحلي للفرنسيين، خارج هذه المنطقة علينا ألا ننسى ليبيا التي ليس لديها حضور مباشر ولكن لديها الكثير من النفوذ ولليبيا الكثير من السوابق التاريخية ما حدث في تشاد بينها وبين فرنسا لذلك ليبيا تريد لفرنسا أن تهان وتهزم في المنطقة، القاعة تريد لفرنسا أن تهزم، المخابرات الجزائرية تريد أن فرنسا أن تخرج من المنطقة خدمة لمصالحها..
خديجة بن قنة (مقاطعة): لصالح من سيد جيرمي؟
جيرمي كينان: لمصلحة من؟ ربما اللاعب الرئيسي الكبير من وراء الكواليس هي الجزائر، الجزائر تريد خروج فرنسا وتريد سيطرة إقليمية أكبر، الولايات المتحدة ربما تريد أن ترى فرنسا أن تتراجع إلى قوة من الدرجة الثانية لأن أميركا تريد أن ترث الإرث الفرنسي أو إرث الإمبراطورية الفرنسية ولكن العقبة الكأداء للأميركيين هي الجزائر ذلك اللاعب الكبير..
خديجة بن قنة (مقاطعة): إذاً صراع مصالح بين فرنسا وأميركا، دعني أنتقل إلى.. هو صراع مصالح ونفوذ بين فرنسا وأميركا، دكتور محمدو لماذا لا نعكس الآية ونقول أيضا لأنه يأتي هذا التدخل بسبب فشل الدول الإفريقية نفسها في التعامل ودول الجوار في التعامل مع تنظيم القاعدة؟
محمدو ولد محمد المختار: نعتقد أن الدول الإفريقية على الأقل الدول في هذا الفضاء الصحراوي هي مترددة بشأن هذه العلاقة مع، أو هذه المواجهة مع القاعدة، فوضع مالي يبدو تماما كالمتفرج كما أشار إليه ضيفك وكذلك في النيجر لا نجد حقيقة تحركا جادا باستثناء الحالة الموريتانية يبدو الأمر كما لو كان وإذا انطلقنا مما ذكره أيضا الضيف من أن الجزائر ربما لها اختراقات واسعة جدا في هذه التنظيمات سنجد أن تنظيم القاعدة الآن ليس له على الأقل من هذه الدول أعداء حقيقيين إذا استثنينا الحالة الموريتانية التي لها دوافع كما أشرت قبل ذلك يعني لأن هذا التنظيم استهدف موريتانيا لأكثر من مرة. إذاً في اعتقادي هذه الدول لا تزال مترددة إلى حد كبير جدا في حسم هذه المعركة مع القاعدة إذا استثنينا الحالة الموريتانية لذلك التنظيم ينمو ويجد فضاء واسع ربما حتى هذه الدول غير قادرة على السيطرة عليه بما يكفي والجزائر تتحكم فيه عن بعد من خلال هذه المعلومات المخابراتية ومن خلال هذا الاختراق، فإذاً ربما هذا هو السبب وراء حالة العلاقة في هذه المنطقة، علاقة الدول في هذه المنطقة بالتنظيم الموجود داخلها، ولذلك في اعتقادي أن الموضوع فعلا هو بدأ ينمو بدأ يخرج عن السيطرة لأنه بدأ فعلا يهدد المصالح في اتجاهات عديدة وبدأنا من حين لآخر نشهد له امتدادات وتأثيرات جيوإستراتيجية يعني مثلا الموضوع الإسباني مؤخرا تدخلت فيه ثلاث دول حتى يحسم يعني على المستوى الرسمي ربما مالي ربما من بوركينا فاسو وكذلك موريتانيا بشكل أو بآخر، فنحن إذاً أمام تداعيات مع الوقت ستجعل هذه الدول معنية بشكل أكبر للتنسيق بمواجهة هذا التنظيم.
خديجة بن قنة: شكرا جزيلا لك الدكتور محمدو ولد محمد المختار أستاذ العلوم السياسية بجامعة نواكشط وأشكر أيضا ضيفي من لندن جيرمي كينان الأستاذ في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن والخبير في الجماعات الإسلامية في منطقة الصحراء الكبرى. بهذا تنتهي هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر، غدا بإذن الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، لكم مني أطيب المنى والسلام عليكم.