
الحراك السياسي في مصر وآفاق التغيير
– دلالات وآفاق نتائج حملة الجمعية الوطنية للتغيير
– تأثير الانقسامات الحزبية للمعارضة على مسار التغيير
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
خديجة بن قنة: أكد أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير أن الحملة جمعت نحو 770 ألف توقيع على مطالب إصلاحية تدعو لتعديلات دستورية في مصر مما يعطي قوة دفع لمطالب الإصلاح الديمقراطي في البلاد، وبدأت حملة جمع التوقيعات على الإنترنت وفي الشوارع إلى أن انضمت إليها جماعة الإخوان المسلمين مما زاد عدد الموقعين خمسة أضعاف في غضون شهر. ونتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين، هل تنجح حملة الجمعية الوطنية للتغيير في الدفع قدما بمطالب الإصلاح الديمقراطي في مصر؟ وهل تطيح الانقسامات التي تعصف بأحزاب المعارضة المصرية بآمالها في مواجهة الحزب الحاكم؟… عما قريب ستتجاوز حملة جمع التوقيعات التي تجمعها الجمعية الوطنية للتغيير سقف المليون توقيع، هدف يتجاوز في نظر القائمين عليه القيمة العددية إلى التأكيد على شيوع مطلب التحول الديمقراطي في الشارع المصري، شارع بدا مجددا أمام خيارين استمرار الأوضاع على ما هي عليه تحت سيطرة الحزب الوطني أو التغيير في اتجاه ما تطرحه المعارضة السياسية.
[تقرير مسجل]
نبيل الريحاني: لم يتبق بين الجمعية الوطنية للتغيير في مصر والنجاح في حملة تحصيل المليون توقيع سوى شوط قصير، في 770 ألف توقيع سيحتاج القائمون على هذا الجهد فقط لـ 230 ألف توقيع للوصول إلى هدفهم المعلن، تقدم ما كان له أن يتم لولا انضمام جماعة الإخوان المسلمين إلى الحملة ما ضاعف حجمها الجماهيري خمسة أضعاف بحسب بعض التقديرات وجعل منها مؤشرا أقوى على الرغبة في التغيير الديمقراطي. وكانت الجمعية الوطنية للتغيير التي يتزعمها محمد البرادعي قد تحولت إلى ما يشبه الحلف الانتخابي، حلف استقطب عددا من القوى السياسية والحقوقية المنادية بتحول ديمقراطي جذري في مصر، الأمر الذي جابهته السلطة بحملة اعلانية مضادة شككت في فهم البرادعي للواقع المصري وأهليته لحل مشاكله وتعقيداته الكثيرة، تدافع اشتد مده وجزره على وقع أخبار متضاربة عن صحة الرئيس مبارك بدا على وقعها مستقبل السلطة غامضا، فالحزب الحاكم يواصل الحديث عن مكاسب عهده وينادي بالاستمرارية للحفاظ عليها، في ظل دور متنام لجمال مبارك نجل الرئيس وجدل حول إمكانية توريثه الحكم بصيغة ما، بينما وفي الجهة المقابلة ترابط الجمعية الوطنية للتغيير وغيرها عند المطالبة الملحة بتوفير الشرط الديمقراطي مقدمة ضرورية لتأمين انتقال سلمي وسلس للسلطة أهم بنوده إنهاء حالات الطوارئ السارية منذ 29 عاما، إخضاع العملية الانتخابية لإشراف قضائي محلي ورقابة دولية نزيهة، تمكين المصريين في الخارج من حق الاقتراع، السماح للمستقلين بالترشح للانتخابات الرئاسية، قصر حق الترشح للرئاسة على فترتين، إلغاء تزكية المستقلين من المجالس النيابية المنتخبة التي يهيمن عليها الحزب الوطني، وتوفير فرص متكافئة للجميع في وسائل الإعلام خاصة في الرئاسيات. نقاط تتطلب تعديلا دستوريا يمسك الحزب الحاكم حاليا بزمامه وهو الذي يرى أن وصول حملة التوقيعات إلى المليون لن يمس في شيء نفوذه السياسي في موقف يجد فيه البعض تجاهلا لحجم المخاض الذي تعيشه مصر هذه الأيام.
[نهاية التقرير المسجل]
دلالات وآفاق نتائج حملة الجمعية الوطنية للتغيير
خديجة بن قنة: ومعنا في هذه الحلقة من القاهرة الدكتور وحيد عبد المجيد الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ومعنا من القاهرة أيضا الدكتور عصام العريان المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، وينضم إلينا من كفر الشيخ المصرية عبر الهاتف الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة والمنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير. نرحب بضيوفنا من القاهرة جميعهم وأبدأ معك دكتور حسن نافعة، نبدأ بالحديث عن هذه الحملة حملة التوقيعات، برأيك ما أهمية توقيع في هذه الحملة حوالي ثمانمائة ألف شخص على وثيقة الإصلاح في بلد يزيد عدد سكانه عن ثمانين مليون نسمة، أليست مجرد قطرة في محيط؟
حسن نافعة: أولا نريد أن نحقق هدفين رئيسيين من هذه الحملة، الهدف الأول أن نثبت أن مطالب التغيير ليست مطالب شخص ولا مطالب فئة ولا مطالب حزب سياسي وإنما هي مطالب تتطلبها قاعدة عريضة من جماهير الشعب المصري وإذا وصلنا نحن الآن وصلنا إلى رقم ثمانمائة ألف صحيح من ثمانين مليون ولكن إذا استرجعنا أن هذا يتم تحت أجواء من القمع لا مثيل لها وأن الناشطين الذين يجمعون التوقيعات وخصوصا التوقيعات الميدانية يتعرضون للقمع والإرهاب والاعتقال وأحيانا التعذيب بمقر مباحث أمن الدولة سنرى أن هذا رقما ليس بسيطا على الإطلاق، الهدف الثاني ويظل هو الأهم أننا نريد تهيئة الشعب المصري لفكرة التغيير فالذين يتحدثون عن هذه المطالب يشرحون أسبابها ومبادرتها للقواعد الشعبية وأظن هذه هي المرة الأولى التي يذهب فيها الشباب إلى البيوت مباشرة وأظن أن الحملة ستأخذ بعدا كبيرا جدا بعد عودة الدراسة واستئناف العمل بالجامعات المصرية في سبتمبر ونهاية شهر رمضان ولذلك أتوقع ألا يتوقف العدد عند هذا الحد وأنه سيزداد خلال الأسابيع القادمة زيادة كبيرة وربما يصل إلى اثنين مليون أو ثلاثة مليون في نهاية يعني بعد شهر..
خديجة بن قنة (مقاطعة): لكن لا يصل إلى العدد الذي يتوقع خصومكم أن يحققوه، يعني يتحدى مؤيدو جمال مبارك معارضي النظام بجمع توقيعات يزيد عددها عن خمسة ملايين توقيع.
حسن نافعة: السيد جمال مبارك لا يحتاج إلى جمع توقيعات على الإطلاق، السيد جمال مبارك عضو الهيئة العليا للحزب الحاكم ويستطيع الحزب الحاكم أو الهيئة العليا للحزب الحاكم أن ترشحه ولذلك هذه قضية مفتعلة وقضية حتى غير قانونية وغير دستورية، الذين يبحثون عن ضمانات لنزاهة الانتخابات وعن تعديلات دستورية للسماح للمستقلين بالترشح هم الذين يحتاجون إلى حملة شعبية لتعديل الدستور وللسماح لهم بممارسة حق دستوري لهم، ولذلك أجهزة الأمن إذا سخرت لجمع توقيعات لجمال مبارك ما هي صفة جمال مبارك؟ ولماذا هذا الشخص بالذات يختار لجمع توقيعات له؟ لتزكيته أمام من وضد من؟ الذين يطالبون بجمع توقيعات من أجل التغيير وليس من أجل شخص على الإطلاق ولذلك أنا أظن أن حملة جمال مبارك تريد خلط الحابل بالنابل واعتبار أن هناك جهات كثيرة تجمع توقيعات ويخلطون كل شيء بكل شيء وهذه مسألة نحن متنبهون لها والشعب متنبه لها وأظن أن الحيلة لم تنطل على أحد، ولذلك حملة جمال مبارك تكشف فساد النظام أكثر مما تكشف أي شيء آخر.
خديجة بن قنة: دكتور عصام العريان أنتم أكبر كتلة معارضة في البرلمان، كيف اخترتم الدخول هكذا على خط التوقيعات على مطالب التغيير؟
عصام العريان: بسم الله الرحمن الرحيم، في البداية أهنئ حضرتك والسادة المشاهدين جميعا بشهر رمضان تهنئة متأخرة ولكن هذه أول مرة أظهر فيها على الشاشة في شهر رمضان، كل عام وأنتم بخير. أعتقد أن السبب الرئيسي الذي دفع إلى اللجوء إلى هذه الوسيلة الجديدة على المصريين وهي حملة توقيعات الـ on line أو الإلكترونية هو انسداد القنوات الطبيعية الدستورية بقوة الحزب الحاكم والأجهزة الأمنية عن التعبير عن أماني وتطلعات المصريين، كان من الطبيعي أن كتلة المعارضة في مجلس الشعب الإخوان المسلمين 20% ومعهم نواب آخرين يصل عددهم إلى حوالي 110 نائبا جميعا كان من المفروض أن يكون لهم اعتبار لدى المؤسسة الدستورية وهي مجلس الشعب أو لدى مؤسسة الرئاسة وأن يجري حوار معهم حول التعديلات الدستورية المطلوبة أو أي إجراءات تشهدها البلاد لكن الحقيقة المرة التي صدمت الجميع هي أن النظام الحاكم أهمل هذه المؤسسة تماما وأهمل وجود هذه الكتلة الكبيرة من المعارضة التي لأول مرة تصل إلى هذا الحجم في البرلمان المصري ولم يفتح أي قنوات حقيقية لحوار وطني من أجل مستقبل هذا البلد الذي يعيش على وقع الأزمات يوما بعد يوم حتى وصلنا إلى أزمات تتعلق برغيف الخبز وبالكهرباء وبالمياه وبكل شيء من جديد بنية أساسية متهالكة كأننا منذ ثلاثين عاما لم نفعل شيئا في هذا البلد، من هنا كانت فكرة حملة جمع التوقيعات ومن هنا انضم الإخوان المسلمون إليها لأن الإخوان المسلمين شركاء في الجمعية الوطنية للتغيير من بدايتها انطلقت حملة التوقيعات وأخذنا وقتا للتشاور داخل أروقة الجمعية ثم دشنا موقعا مضافا إلى موقع الجمعية فيها لوغوهات أو علامات ثمانية من القوى الأساسية في الجمعية الوطنية للتغيير، استطاع هذا الموقع كما قال التقرير أن يضاعف عدد التوقيعات خلال شهر خمس أو ست مرات، وستقفز التوقيعات كما قال الدكتور حسن نافعة مع دخول العام الدراسي وستقفز بعد رمضان وهي تنمو نموا طبيعيا والمهم في هذا الموضوع أن هذه التوقيعات تشمل كل محافظات جمهورية مصر العربية لا توجد محافظة لا يوجد منها توقيعات وحملات التوقيعات مستمرة ضعفت مع بداية شهر رمضان قليلا لظروف شهر رمضان ولكنها لم تتوقف ولن تتوقف وستأخذ زخما جديدا مع انطلاق العام الدراسي ومع زيادة حجم التوقيعات سيتشجع آخرون إلى مئات الآلاف.
خديجة بن قنة: دكتور وحيد عبد المجيد سمعت إلى الدكتور عصام العريان والدكتور حسن نافعة هذا العدد ينمو بشكل كبير، سيزيد بعد شهر رمضان، واضح أن مطالب الإصلاح بدأت تأخذ زخما كبيرا خصوصا الآن بعد انضمام جماعة الإخوان، كيف تنظر السلطة الآن إلى تزايد عدد المطالبين بالإصلاح والتغيير؟
وحيد عبد المجيد: يعني هذه بداية تطور جيد بالفعل في الحياة السياسية المصرية لكن ليس متوقعا أن يكون له أثر كبير أو ملموس في المستقبل القريب لعدة أسباب أولها أن القسم الأعظم في هذا النشاط تقوم به جماعة الإخوان المسلمين أو عناصر من جماعة الإخوان المسلمين وجماعة الإخوان تستطيع وحدها أن تجمع أكثر من هذا العدد بكثير، يعني إذا أخذنا على سبيل المثال عدد الأصوات التي حصل عليها مرشحو الإخوان في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العام 2005 سواء الـ 88 الذين فازوا أو الباقين الذين لم يفوزوا سنجد أنها أكثر من هذا الرقم بكثير، وهؤلاء إذا وقعوا يمكن أن يصلوا بهذا الرقم إلى مليون ونصف وحدهم دون غيرهم وربما أكثر من ذلك، لكن المشكلة الأساسية في الحقيقة ليست في هذه الحملة، المشكلة الأساسية في القائمين على الحملة باستثناء طبعا الشباب منهم الذين يشاركون في عمل سياسي وعمل سياسي ميداني للمرة الأولى ويخوضون تجربة بالغة الأهمية ولكن الحقيقة أن القوى السياسية الأساسية التي تدعم هذه الحملة سواء التي أطلقتها أو التي تؤيدها من قريب أو من بعيد أي جزء كبير من الأحزاب والقوى السياسية المعارضة ما زالت تعاني من الأمراض نفسها التي أعجزتها عن التأثير على الحياة السياسية لفترة طويلة.
خديجة بن قنة: مثل ماذا؟ عن أي أمراض تتحدث؟
وحيد عبد المجيد: هناك أمراض مزمنة في الحياة السياسية المصرية يعرفها المصريون أهمها شيوع الصراعات الصغيرة في الحياة السياسية المصرية التفتت والتشرذم والانقسام والعجز عن بناء حد أدنى من التوافق، حتى الآن ما زلنا نشهد..
خديجة بن قنة (مقاطعة): التفتت التشرد الانقسام كل هذه المسائل التي تهدد..
وحيد عبد المجيد:التشرذم والانقسام.
خديجة بن قنة: والتشرذم والانقسام كل هذه الأمور هل تطيح كل هذه الانقسامات هل يمكن أن تطيح أو تعصف بأحزاب المعارضة المصرية بآمالها في مواجهة الحزب الحاكم؟ سنناقش هذه النقطة بعد وقفة قصيرة ونلتقي بعد الفاصل فلا تذهبوا بعيدا.
[فاصل إعلاني]
تأثير الانقسامات الحزبية للمعارضة على مسار التغيير
خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا وسهلا بكم من جديد إلى هذه الحلقة التي نناقش فيها الحراك السياسي في مصر ومساعي الجبهة الوطنية للتغيير بإجراء تعديلات دستورية قبل الانتخابات القادمة. دكتور حسن نافعة قبل الفاصل كان يتحدث الدكتور وحيد عبد المجيد عما تعانيه أحزاب المعارضة من انقسام من تشرذم من تشتت، هل كل هذه الأمور فعلا أو ما سماها بالأمراض التي قد تعصف بأحزاب المعارضة قد تنسف بعملية التنسيق بينكم؟
حسن نافعة: أنا ما سمعتش السؤال.
خديجة بن قنة: السؤال هو إلى أي مدى هذه الانقسامات والتشرذم والتشتت بين أحزاب المعارضة يمكن أن تنسف بالتنسيق الجاري بينها حاليا في مواجهة الحزب الحاكم؟
حسن نافعة: يعني نحن نجحنا حتى هذه اللحظة بتشكيل حملة ضد التوريث وقامت بإنجازات مهمة على الأرض ثم نجحنا في تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير رغم كل هذه الانقسامات، الانقسامات بين أحزاب المعارضة ليست جديدة وإنما هي سمة من سمات العمل السياسي في مصر وأن ننجح في تأسيس جمعية وطنية للتغيير ثم حملة توقيعات تصل إلى ثمانمئة ألف توقيع ونغطي جميع المحافظات في ندوات، وأنا الآن أحدثكم من كفر الشيخ حيث يعقد مؤتمر شعبي للمطالبة بالتغيير، أنا أظن أن هذا تطور مهم وإيجابي. لكن الشعب المصري يواجه الآن لحظة اختيار حاسمة نحن أمام نظام سياسي حكمه شخص واحد لمدة ثلاثين سنة وهي أطول فترة منذ رمسيس الثاني وعهد محمد علي ويريد هذا النظام أن ينقل هذه السلطة من الأب إلى الابن وهذا موضوع أظن أن الشعب المصري لن يقبله على الإطلاق ولذلك هناك حالة حراك سياسي مهم هناك مطالب للتغيير مهمة هناك مرحلة تنتهي وأخرى تحاول أن تشق طريقها، أنا لا أستطيع أن أتحدث عن المستقبل ولكن بكل تأكيد لن يستطيع النظام السياسي الحالي أن يستمر في نفس الطريقة خصوصا وأننا بعد أكثر من ثلاثين سنة من حرب أكتوبر التي وعد بها الشعب المصري بالرخاء وبالاستقرار مكانة مصر الإقليمية والدولية تتدهور بشدة وحالة الشعب المصري حالة يرثى لها، لا يوجد كوب ماء نظيف ولا تعليم جاد ولا رعاية صحية حقيقية وبالتالي مطالب التغيير تشمل الجميع ولن يستطيع نظام القمع والاستبداد الراهن أن يحكم قبضته بنفس الطريقة على مقدرات الشعب المصري، أظن أن النظام إذا لم يستجب للتغيير وإذا لم تنجح الجمعية الوطنية بقيادة تغيير سلمي سيحدث انفجار وانفجار كبير وانفجار مدو ولذلك أنا أظن أن عمل الجمعية الوطنية للتغيير هو عمل مهم جدا لتجنب الانفجار القادم.
خديجة بن قنة: طيب دكتور عصام العريان واضح أن هناك تباينات كبيرة في الرؤى والمواقف بين الإخوان وبين أحزاب المعارضة المصرية كيف سيؤثر ذلك برأيك على فرص التغيير في مصر وما هو مطلوب الآن لتحقيق على الأقل الحد الأدنى من التوافق في مواجهة السلطة؟
عصام العريان: أعتقد أن المطالب الأساسية للإصلاح والتغيير هي مطالب القوة الوطنية منذ زمن بعيد، وأنا أعيش الحياة السياسية المصرية منذ كنت طالبا منذ حوالي أربعين سنة وحتى الآن أعلم أن هذه أمراض فعلا حقيقية وموجودة وأعلم أن النظام هو الذي يزكي هذه الأمراض ويغذيها ويصر على بقائها ويصطنع أحيانا أحزابا جديدة ليضيف بها أرقاما إلى قائمة أحزاب وهمية لا يشعر بها المواطن ويخترق الأحزاب الرئيسية الموجودة من أجل أن يضمها إلى صفه الفرز الحقيقي الآن في المجتمع المصري هو بين من يريد هذا الركود الذي يسمونه الاستقرار وهذا سيؤدي في النهاية إلى انفجار كما قال الدكتور حسن نافعة كلنا نخشى من آثاره ونعمل على تلافيه أو يسعى إلى التغيير والإصلاح عبر القنوات السلمية وعبر الطرق الدستورية وعبر الطرق المشروعة كلها بعيدا عن الانقلابات والثورات والانقلابات العسكرية وغيرها، هذا الفرز الحقيقي سيؤدي في النهاية إلى عزل كل القوى التي تسمي نفسها معارضة وهي ليست بمعارضة بل هي مؤيدة للنظام وتستفيد منه وتقتات عليه وترضى بالفتات الذي يقدمه لها رجال الأمن، يا ليت النظام يتعامل معها بمنطق السياسة ولكن يتعامل معها بمنطق الأمن، جهاز الأمن هو الذي يسيطر على مفاصل الحياة الحزبية حاليا في مصر بطريقة لا تخفى على أي أحد والشعب المصري الآن سئم هذه اللعبة السياسية التي تدور في نفس الأوان منذ زمن ويريد التغيير، نحن كإخوان مسلمون مع التغيير ومع حق الشعب المصري في أن يختار ممثليه بحرية والمطالب السبعة كلها تقود في النهاية إلى انتخابات حرة وضمانات حقيقية للانتخابات، هذا هو الطريق المفتوح للتغيير السلمي إذا أصم النظام أذنيه وإذا أصرت بعض قوى المعارضة على أن تعيش مع النظام وفي كنف النظام وفي كنف الأمن فهي التي اختارت بنفسها أن تكون ضد الشعب وضد إرادة الشعب وضد آمال الشعب المصري، مسيرة التغيير ومسيرة الإصلاح لن تتوقف أبدا ولن تنتهي بحملة توقيعات ولن يغير الشعب المصري آماله أو يرضى بالواقع الذي يعيش فيه الآن لأن حجم الأزمات التي وصلنا إليها حجم غير مسبوق لا يطمئن الإنسان لا على أمنه ولا على قوته ولا على مستقبل أولاده في تعليم أو عمل ولا على صحته إطلاقا وهذا شيء مزعج جدا جدا لجموع المصريين، هناك قلة قليلة جدا من الملتفين حول النظام من رجال أعمال وبعض القوى المستفيدة منهم هي التي تستفيد من عائد التنمية بالأرقام التي تعلنها الحكومة أما جماهير المصريين فكلهم بعيدون كل البعد عن تحقيق أملهم في حياة كريمة ومتوسطة حتى.
خديجة بن قنة: دكتور وحيد عبد المجيد إذا أصم النظام المصري آذانه -كما بالتعبير الذي استعمله الآن الدكتور عصام العريان- ولم يتحقق هذا التغيير بالطرق السلمية المأمولة، السيناريو الوحيد المتبقي هو حدوث انفجار -كما قال الدكتور حسن نافعة من قبل- برأيك ما هي إمكانية مواجهة هذا السيناريو؟
وحيد عبد المجيد: يعني لا أعتقد أن هناك سيناريو انفجاري مطروح فعليا في أي مدى منظور، أي مدى يمكن بالتحليل السياسي أن يبلغه يعني، لكن هناك سيناريوهات أخرى، الانفجار يحدث عندما تتوحد فئات واسعة من المجتمع أو من الشعب وراء قوة معينة تثق فيها وتقف وراءها وتكون مستعدة للتضحية من أجل التغيير على أساس أن هناك قيادة موثوق بها، المشكلة الأساسية أن المشهد السياسي حتى الآن لا يوحي بأي ثقة إلى القطاع الأوسع من المجتمع المصري لأن الاتهامات المتبادلة بين أحزاب وقوى المعارضة وما قاله الدكتور عصام عن بعض أحزاب المعارضة يقال أيضا عن الإخوان يعني هؤلاء أيضا وآخرون يتهمون الإخوان بهذه الاتهامات نفسها بشكل أو بآخر وسبق أن اتهموا الإخوان وهم من المعارضة مثلهم بأنهم عقدوا صفقة مع النظام في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وحصلوا بموجبها على المقاعد التي حصلوا عليها، وأنا أعرف أن هذا غير صحيح لكن هذه الاتهامات المتبادلة والشائعة في الحياة السياسية المصرية بين أحزاب وقوى وحتى شخصيات المعارضة التي دخلت في هذا المجال حديثا أظن أنها لا توحي للقطاع الأوسع من المجتمع بأي ثقة تدفع أعدادا يعتد بها من الناس للتحرك من أجل التغيير ومن ثم يصبح سيناريو الانفجار محتملا في هذه الحالة، ولكن أما وأن العنصر الأساسي في هذا السيناريو ليس قائما وليس متوقعا أن يتوفر في المدى القصير فأظن أن سيناريو الانفجار هو سيناريو بعيد تماما في المدى المنظور وهو يعني إذا حدث في مدى أبعد فهو يتوقف على تغيير جوهري في أداء وفي سلوك وفي الثقافة السياسية السائدة في أوساط أحزاب وقوى المعارضة وأيضا يتوقف على وجود قيادة يلتف حولها جزء كبير من أحزاب وقوى المعارضة يمكن للمجتمع أن يثق فيها وأن يدعمها وأن يضحي لأن هذا الانفجار ينطوي على تضحيات كبيرة جدا يعني الناس لكي تضحي لا بد أن يكون لديها ثقة في أن ما سيأتي بعد هذه التضحية سيكون أفضل بشكل ملموس وأنه سيحقق نتيجة وأن هؤلاء الذين يقودون العمل يستحقون ذلك.
خديجة بن قنة: شكرا لك الدكتور وحيد عبد المجيد الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، وأشكر أيضا الدكتور عصام العريان المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، وأشكر أيضا الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة والمنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير كنتم معنا من مصر جميعا أشكركم وأشكر مشاهدينا الكرام على المتابعة بهذا تنتهي هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر لكم منا أطيب المنى والسلام عليكم ورحمة الله.