
تصاعد الجدل حول الاستفتاء على جنوب السودان
– العقبات ونقاط الخلاف حول الاستفتاء
– خيارات الأطراف والتداعيات المحتملة للتأجيل
![]() |
![]() |
![]() |
ليلى الشايب: تصاعد الجدل بين شريكي الحكم في السودان بشأن الاستفتاء على جنوب البلاد مطلع العام المقبل وبينما قال رئيس مفوضية الاستفتاء إن فريقه يواجه عقبات كبيرة يصعب معها احترام المهل الزمنية حذرت الحركة الشعبية لتحرير السودان من تعطيل الاستفتاء مشيرة إلى أن المفوضية الموكلة بالعملية مصابة بالشلل. نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين، ما هي العقبات التي تقف في وجه الاستفتاء على جنوب السودان مع اقتراب موعد تنظيمه؟ وما هي خيارات الأطراف لتسوية خلافاتهما والتداعيات المحتملة لتعطيل أو تأجيل الاستفتاء؟… لا يفصل السودانيين عن موعد الاستفتاء على مصير جنوبهم سوى 150 يوما وما أنجز لبلوغ تلك الغاية قليل، مؤشر خلافات الطرفين في صعود ابتداء بالجهاز الفني الذي سيتولى العملية ومرورا بترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وانتهاء بقضايا الجنسية والديون، محمد خليل رئيس مفوضية الاستفتاء لجنوب السودان قال إن عمل المفوضية يواجه صعوبات حقيقية وإن من الصعب مراعاة المواعيد الزمنية التي حددها القانون.
[شريط مسجل]
محمد إبراهيم خليل/ رئيس مفوضية الاستفتاء لجنوب السودان: لو كان عندنا السجل الأول متاحا ونشرناه اليوم، بصعوبة يمكن إجراء الاستفتاء في النهار المحدد، اتجاه المفوضية أن تهتم الآن بالعمل وتترك موضوع الزمن هل يكفي أو لا يكفي هل لا بد من التأجيل أو لا داعي للتأجيل أن تترك هذا الأمر لصانعي القرار السياسي.
[نهاية الشريط المسجل]
العقبات ونقاط الخلاف حول الاستفتاء
ليلى الشايب: ومعنا في هذه الحلقة من الخرطوم سيف الدين البشير الكاتب والمحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة "السودان فيجين"، ومن القاهرة معنا الكاتب والمحلل السياسي السوداني الحاج وراق. نبدأ معك أستاذ سيف الدين البشير من الخرطوم، الحزب الحاكم يعترض بشدة على التقيد بموعد الاستفتاء، كم يلزم الحزب الحاكم من الوقت قبل أن تحل القضايا التي يصفها بالجوهرية والخطيرة بينما مرت ست سنوات كاملة من التفاوض ولم يتحقق أي تقدم على مستوى هذه القضايا؟
سيف الدين البشير: بل إن تقدما كثيرا قد حدث على مختلف المستويات بدءا بأداء القسم للحكومة الجنوبية وانتهاء بكل البنود الواردة في اتفاقية السلام شاملة تقسيم الثروة والسلطة، الآن نحن على مرمى حجر من الاستفتاء حول تقرير المصير البند الأهم في اتفاقية السلام، الحزب الحاكم في ظني لم يتقيد ولم يشترط ولكن أوضح وليس الحزب الحاكم وحسب ولكن الكثيرون يرون أن هنالك قضايا كبير ينتظر حسمها، ليس هناك خلافات حولها ولكن القضية هي قضية ما إذا كان الزمن موضوعيا لإنهاء هذه القضايا العالقة، مثل ترسيم الحدود حسم قضايا الديون السجل الانتخابي أو من يحق لهم التصويت في الاستفتاء، الطعون وخلافها من العمليات الفنية، هناك عمليات فنية بحتة وليست قضايا سياسية أصلا مختلف حولها وبالتالي فليس هنالك من يقول إن هنالك قضايا أساسية سياسية تعوق اتفاقية السلام، هنالك قضايا فنية والشريكان اعتادا تماما أن تعترضهما بعض العقبات الفنية ثم يعكفان سويا على حلها ويذكر أن الراحل الدكتور جون غرنغ زعيم الحركة الشعبية كان قد أشار إلى أن الشيطان في التفاصيل ما يعني أن التنفيذ سيكون بكثير من التعقيدات أكثر من مجرد البنود الموقع عليها.
ليلى الشايب: طيب الحاج وراق من القاهرة كيف نفسر إصرار الحركة الشعبية على إجراء الاستفتاء في موعده ويعني خلافا لما ربما أفادنا به السيد سيف الدين البشير أن القضايا ليست بتلك الخطورة وإنما مجرد قضايا فنية أو تفاصيل، سأوردها ربما بالتفصيل لاحقا، قضايا بالفعل مهمة وترحيلها في نظر من خبر مثل هذه المواقف لا يقود بالضرورة إلا إلى حرب أهلية، السودان مستعد إلى ذلك مجددا؟
الحاج وراق: في المظهر تبدو القضية خلافا حول قضايا فنية لكن هي في الجوهر أعمق بكثير جدا مما تبدو عليه، بالنسبة للجنوبيين وللحركة الشعبية إن التعثر الجاري الآن فيما يتعلق بالاستفتاء هو تتويج لمماطلة وتسويف في تنفيذ اتفاقية السلام، ثم بخبرة الجنوبيين والحركة الشعبية مع المؤتمر الوطني يعتقدون -وهم على حق- بأن تأجيل الاستفتاء يعني إعطاء مزيد من الوقت للمؤتمر الوطني حتى يخرب الجنوب ويخرب الحركة الشعبية ويرسل البنية التحتية لتزوير الاستفتاء كما زور الانتخابات العامة قبل أشهر، ولذلك القضية في عمقها هي قضية أزمة ثقة والآن المؤتمر الوطني يحصد ما زرع طوال الخمس سنوات السابقة ثم المسألة أعمق بكثير جدا، بالنسبة للجنوبيين الاستفتاء الآن هو آلية تحرره من الدولة البغيضة التي أقامها المؤتمر الوطني والتي لا يرغب أي جنوبي في البقاء تحت ظلها، بل لا يرغب كثير من الشماليين في البقاء تحت ظلها، بل أعتقد بأنه لو تم التصويت حوشبانغا سيختار غالبية المواطنين هناك أن يتحرروا من دولة المؤتمر الوطني.
ليلى الشايب: إذاً كما يبدو الخلاف ليس فقط على ضرورة التقيد أو عدم التقيد بموعد الاستفتاء وليس أيضا على أهمية أو عدم أهمية القضايا التي يتم التفاوض حولها لمدة سنوات كاملة ولكن القضية أيضا حول شكل والأسماء التي تشكل المفوضية التي ستشرف على هذا الاستفتاء. قبل أن نواصل النقاش نتوقف مع هذا التقرير الذي يلقي مزيدا من الضوء على الخلفية التاريخية للاتفاق الذي يعد الاستفتاء جزءا أساسيا منه.
[تقرير مسجل]
أمير صديق: في غمرة التفاؤل بتوقيع اتفاق السلام الشامل عام 2005 قال جون غرنغ الزعيم الراحل للحركة الشعبية لتحرير السودان إنه من غير الحكمة الإسراف في الفرح لمجرد توقيع الاتفاق لأن الشيطان يكمن في التفاصيل، والآن ومع اقتراب نهاية الفترة الانتقالية التي كان يجب أن ترسخ أسسا جديدة لوحدة لا يتهددها التنازع ها هي شياطين التفاصل وقد وضعت السودان من جديد على شفير التهديد بحرب لا يجتمع السودانيون في هذه اللحظة على شيء بقدر اجتماعهم على الحديث عنها، بعضهم يهدد بها وبعضهم الآخر يحذر من مغبتها. أما المسؤولية عن الأوضاع التي قادت إليها فهي الجمرة التي يتقاذفها شريكا الحكم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية فقبل أقل من خمسة أشهر من الموعد المضروب للاستفتاء في التاسع من يناير المقبل لا تزال الكثير من القضايا مثار خلاف حاد بين الجانبين ويأتي استكمال تشكيل لجنة الاستفتاء نفسها على رأس القضايا التي تنتظر الحسم، فاللجنة التي يفترض أن تنشر بعد أقل من شهرين كشوفات المشاركين في الاستفتاء لم تتمكن حتى الآن من تعيين أمينها العام المسؤول التنفيذي الأول فيها والمسؤول عن ميزانيتها، وإلى جانب معضلة اللجنة التي يفترض أن تشرف على الاستفتاء تأتي قضية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب حتى تعرف على وجه التحديد المنطقة التي سيشارك سكانها في الاستفتاء، ثم تأتي قضية أبييه التي فشل الجانبان حتى الآن في الاتفاق على ترسيم حدودها التي حسمتها المحكمة الدولية الدائمة للتحكيم، هذا فضلا عن فشلهما في إجراء استفتاء كان يفترض حسب اتفاقية السلام أن يحسم تبعية المنطقة قبل التاسع من يناير المقبل إما مع الجنوب فتشارك في الاستفتاء وإما مع الشمال فيكون مصيرها من مصيرهم، ثم هناك قضية اقتسام الديون والأصول بما فيها المياه والنفط الذي يمثل العمود الفقري لميزانية السودان شماله وجنوبه، ويزيد ملف النفط تعقيدا أن أغلب موارده المستغلة حاليا تقع على الحدود بين الجانبين بينما تقع خطوط نقله ومصافي تكريره في الشمال، المواطنة أيضا من القضايا التي يتوقع أن تمثل عقدة كبيرة في حال الانفصال إذ تشير تقديرات إلى وجود نحو مليوني مواطن جنوبي في شمال السودان سيمثل التعامل معهم تحديا حقيقيا للسلطات في الشمال والجنوب. وهكذا تمتد قائمة الخلافات بين شريكي الحكم في السودان لتؤكد بوضوح أن ست سنوات انتقالية أهدرت في مشاكسات سياسية يبدو أن المواطن السوداني هو من سيدفع ثمنها في الفترة القادمة خاصة إذا استمرت الروح التي حكمت الفترة الماضية وتحكمت فيها.
[نهاية التقرير المسجل]
ليلى الشايب: ونعود إلى ضيفينا وتحديدا إلى القاهرة وسيف الدين البشير، سيد البشير يعني الحزب الحاكم حزب المؤتمر الوطني في الأشهر الأخيرة يبدو وكأنه يعني مشفق كثيرا على وضع السودان على وحدة السودان على استقرار السودان في حين أنه ضاعت سنوات كانت سنوات ست كاملة دون أن نلمس ذلك في مواقف المؤتمر الوطني، ما الجديد ما الذي استجد؟ يعني هل هو خوف حقيقي؟
سيف الدين البشير: لا أعلم كيف أفسر قولك، لم نلمس هذا، من الذي لم يلمس هذا؟ هذا هو السؤال الأول، والسؤال الثاني ليس هو المؤتمر الوطني وحسب المشفق على وحدة السودان بل إن جل السودانيين مشفقون وحادبون على وحدة السودان بما في ذلك بعض من يناصرون الحركة الشعبية وكان الأحرى بالأستاذ وراق على سبيل المثال وأمثاله من الذين يناصرون الحركة أن يناصحونها في الوقت الراهن هذا التسريع وهذه التوصيفات، أنا كان يمكنني القول إن الحركة الشعبية حكم الحركة الشعبية البغيض في الجنوب لو أنه استفتي عليه أهل بور أو جوبا لرفضوا الحركة الشعبية، سهل جدا أن نسبغ مثل هذه الأوصاف ونحن نمضي نحو قضايا إستراتيجية أعمق، وبالتالي فالقضية ليست قضية المؤتمر الوطني أو البغيض أو قضية أن يعارض معارض، من حق كل معارض أن يعارض ولكن مثل هذه التكتيكات في المقام الأول هي نفسها التي أورثت السودان هذه القضية، هذا الدلال الذي مارسه أنصار الحركة الشعبية في الشمال من لم يناصحوها بالأمس هو الذي قدمها للعالم كحركة متمردة هي الأولى في تاريخ العالم الذي حظيت في وقت واحد بدعم المعسكرين إبان الحرب الباردة المعسكر الشيوعي ثم المعسكر الرأسمالي ذلك هو ما نتج من هذه التكتيكات، وبالتالي أنا أقول المؤتمر الوطني ليس هو بل إن اتفاقية السلام الشامل هي نفسها التي نصت على أن يعمل الشريكان من أجل الوحدة، الحركة الشعبية مطالبة أخلاقيا ومطالبة بموجب نصوص الاتفاقية أن..
ليلى الشايب (مقاطعة): سيد البشير يعني مفهوم الوحدة وحلم الوحدة تقريبا انتهى بالنسبة للجنوبيين وبالنسبة للحركة الشعبية لتحرير السودان في تصريحات ومواقف عديدة لا يحتمل الآن الوقت لسردها كلها، ولكن قبل أن يدركنا توقيت الفاصل أريد ردا من الحاج وراق يعني حكم بغيض في الجنوب، تسرع غير مبرر، أجندات خارجية، إلى غير ذلك، أطلب منك الرد الحاج وراق في ثوان أو دقائق معدودة لو سمحت.
الحاج وراق: طبعا نحن مشفقون جدا على وحدة السودان ولكن ما يجري الآن من تمزيق للبلد هو مسؤولية حصرية للمؤتمر الوطني، البلاد الآن تغرق فعلا ولكنها تغرق بسبب الحمولة الزائدة للمؤتمر الوطني، حمولة أيديولوجية تفتش في ضمائر الناس وتبحث في طول فساتين النساء، هذه الحمولة الأيديولوجية الزائدة لا يمكن أن تقبل الآخر، ونظام سياسي قائم على الإقصاء والتهميش والإلغاء وسياسات اقتصادية غير تنموية وطفيلية وسياسات خارجية استعدت علينا العالم هذه هي مجمل البيئة السياسية الطاردة للجنوبيين وللآخرين، الآن يوجد أكثر من اثنين مليون وستمئة ألف دارفوري في معسكرات النزوح، في تصورك إذا تم استفتاؤهم حول الوجود في دولة المؤتمر الوطني بماذا سيجيبون؟ لذلك المسألة أعمق بكثير جدا من كونها خلافا حول فنيات، إذا أردنا أن ننقذ السودان يجب أن يتخفف المؤتمر الوطني من حمولته الزائدة التي ستغرق الوطن وستغرقه أيضا مع الوطن.
ليلى الشايب: على كل واضح أن كلا الطرفين يتمترس خلف مواقفه وبالتالي يجدر السؤال عن خيارات هذه الأطراف وأطراف أخرى أيضا شريكة في الوضع السوداني المعقد لتسوية خلافاتهما والتداعيات المحتملة لتعطيل أو تأجيل الاستفتاء، نحاول مناقشة ذلك والإجابة على تلك التساؤلات بعد فاصل قصير أرجو أن تبقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
خيارات الأطراف والتداعيات المحتملة للتأجيل
ليلى الشايب: أهلا بكم من جديد مشاهدينا في حلقتنا التي تتناول تصاعد الجدل بين شريكي الحكم في السودان بشأن الاستفتاء على مصير الجنوب. أتحول إلى الخرطوم والسيد سيف الدين البشير في إطار السيناريوهات ربما المطروحة والمتصورة، سيد البشير الحركة الشعبية مثلا تتحدث مؤخرا عن ضبط طائرة تحمل أسلحة لزعزعة استقرار الجنوب كما تقول الحركة وتكرر الاتهامات للخرطوم بدعم جماعات جنوبية متمردة على رأسها ربما جورج آثور بالسلاح أيضا اليوم مسلحون مجهولون قتلوا في كمين 23 شخصا في ولاية الوحدة النفطية الواقعة على طول الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب والمختلف عليه بين شريكي الحكم، مثل هذه الاتهامات وهذه الأخبار والحوادث هل تعطينا ولو ملمحا عن المسار الذي ستسير فيه الأمور من هنا إلى حد تاريخ الاستفتاء كما هو متوقع، يعني هل يمكن أن يحدث شيء نوع من توتير الأوضاع الأمنية في الجنوب أو ما شابه لمنع إجراء الاستفتاء؟
سيف الدين البشير: هو أصلا الجنوب يعاني من أساسه في ظل سيادة الجيش الشعبي وفي ظل سيادة البندقية يعاني من انعدام أمن شهدت به المنظمات الدولية وذلك ليس سرا..
ليلى الشايب (مقاطعة): ولكن هنا يتهم طرفا آخر سيد البشير، هنا يتهم الخرطوم بصراحة.
سيف الدين البشير: نعم، أرد عليه يا سيدتي، القضية الأساسية أن الحرب الشعبية الآن تجد نفسها في مأزق كما هو الحال بالنسبة لأصدقائنا في الشمال، الآن هنالك أولا دفع سوداني تجاه الوحدة، ليس دفعا سودانيا وحسب ولكن هنالك دفع إقليمي، هنالك تصريحات الرئيس التشادي الداعمة لوحدة السودان والرئيس الليبي والرئيس الأريتيري والسيد جان بينغ رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، هنالك إحساس إفريقي بأن انفصال دولة إلى دولتين كانت هي الدولة الأكبر في إفريقيا ربما تكون له تأثيراته على القارة بأكملها، هنالك تخوفات دولية من أن قوامة الحركة الشعبية التي لم تنضج كحزب سياسي بعد ستغرق الجنوب في كثير من المهالك وأن الجنوب ليس مؤهلا لحكم ذاته، وبالتالي الحركة الشعبية تستبق كل ذلك دائما بتشويش الأوضاع الداخلية بمزيد من الاتهامات التي..
ليلى الشايب (مقاطعة): يعني المؤتمر الوطني يحكم على الجنوبيين بأنهم غير ناضجين سياسيا لكي يبنوا دولة في الجنوب؟
سيف الدين البشير: نحن نقول الحركة الشعبية لتحرير السودان وهذا لم نقل به نحن، محللون كثيرون يقولون إن الحركة الشعبية لم تبلغ مرحلة النضج السياسي التي يمكنها من حكم الجنوب ما إن انفصل، هذا القلق ليس قلق المؤتمر الوطني ولا قلق الحكومة السودانية أو السودانيين في الشمال ولكنه قلق إقليمي وقلق عالمي وقلق مبرر وبالتالي هذه القضية الحركة الشعبية الآن تستشعر أن هنالك زخما داخليا إقليميا عالميا في اتجاه الوحدة وهي لا تريد أصلا أن تفي بهذا الاستحقاق وهي قد بدأت بالترتيب للانفصال من أول يوم بعد اتفاقية السلام وكل تصريحات مسؤوليها تشير إلى ذلك بل إن اتفاقية السلام..
ليلى الشايب (مقاطعة): سنبقى في هذا السياق سيد البشير وأتحول هنا إلى السيد وراق في القاهرة، يعني كل هذه الأحكام الصادرة بحق الحركة الشعبية لتحرير السودان والجنوبيين زعماءهم السياسيين تحديدا ليس فقط حكم الحزب الوطني أو من والاه وإنما أيضا يعني صادرة عن هيئات دولية، الأمم المتحدة تتحدث عن عدم استعداد الجنوب لتقبل دولة عن هشاشة الوضع في الجنوب، جو بايدن مؤخرا يتحدث عن عدم الاستعداد الدولي لرؤية دولة فاشلة أخرى في الجنوب تضاف إلى هموم إفريقيا ودول الجوار السوداني، لماذا أنتم فقط ترون الأمور عكس ذلك؟
الحاج وراق: نحن لا نرى الأمور عكس ذلك، نحن نقول من مصلحة السودانيين جميعا الوجود في دولة كبيرة موحدة ولكن موحدة على أساس العدالة والمساواة والديمقراطية وأياً كانت مشاكل الحركة الشعبية وبالطبع لديها الكثير من المشاكل لكن بالنسبة للجنوبيين هي مشاكل أقل كثيرا جدا من أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية في دولة ذات صبغة دينية متطرفة وتمايز ضدهم ثقافيا وسياسيا ورمزيا ولذلك بالنسبة للجنوبيين الخيار هو بين الحركة الشعبية أياً كانت مشاكلها وبين دولة المؤتمر الوطني التي تميز ضدهم على أساس العرق وعلى أساس الدين، ولذلك إذا أردنا أن يصوت الجنوبيون لصالح الوحدة..
ليلى الشايب (مقاطعة): أليس الانفصال في هذه الحالة يعني نوعا من الهروب إلى الأمام ليس إلا؟
الحاج وراق: لا، هو تحرر من دولة لا يمكن العيش تحت ظلها ولذلك ليس من مصلحة الجنوبيين الانفصال ولكنهم الآن يضطرون ويدفعون إليه دفعا بطبيعة الدولة القائمة في الخرطوم، ولذلك إذا أردنا أن نكسب وحدة السودان وليس المسألة متعلقة في الجنوب فقط بدارفور وجبال النوبة والنيل الأرزق وخلافه، إذا أردنا أن نكسب هذه الوحدة لا بد من تحولات جذرية في الخرطوم تحولات تقيم دولة ديمقراطية قائمة على..
ليلى الشايب (مقاطعة): باختصار قبل أن أعود إلى الخرطوم سيد وراق، هل أنتم على استعداد لمنح مزيد من الوقت ليتحقق كل ما ذكرته؟
الحاج وراق: لا بد من قرارات تاريخية لأن المهام التي نواجهها الآن هي مهام تاريخية ولكن المؤتمر الوطني حتى هذه اللحظة غير جاهز للقرارات التاريخية والمطلوبات التاريخية.
ليلى الشايب: سيد سيف الدين البشير في الخرطوم، حتى المواقف الدولية فيها نوع من الغموض والغموض المتعمد أحيانا، الولايات المتحدة مثلا تقدم ضمانات للحركة الشعبية وأيضا عدد من دول الجوار السوداني يقدم ضمانات للحركة الشعبية للاعتراف بدولة الجنوب حال إعلان الانفصال، كيف نفسر ذلك؟ ثم هل تعتقد بأن الأمور ستذهب إلى حد تنفيذ تهديد الحركة الشعبية بإعلان الانفصال من داخل البرلمان إذا لم يحدث الاستفتاء في الآجال المحددة؟ باختصار.
سيف الدين البشير: ليست دول الجوار وحسب بل حتى الحكومة السودانية ممثلة في رئيسها، الرئيس السوداني أعلن ذات يوم من جوبا أن خيار الجنوبيين سيحترم سواء أكان لصالح الوحدة أو لصالح الانفصال ذلك أمر مبرم حسمته اتفاقية السلام، مقبول من دول الجوار أن تقول بذلك ومقبول من الحكومة السودانية أن تقوم بذلك ولكن يبقى أن اتفاقية السلام نفسها تلزم الطرفين للعمل من أجل الوحدة ومن هنا فنحن نقول إن القضية ليست قضية نظام ومؤتمر وطني وجاسم وخلافه، الواضح جدا ونحن نريد أن نوضح ذلك لكل من يستمع لنا، قضية العلمانيين واليساريين في السودان هم الذين حتى في زواج متعة موقوت منحوا الحركة الشعبية ما يسمى بمصطلح السودان الجديد السودان الجديد المتحرر من العروبة والإسلام وهذا ما يريدونه هم يريدون أن تقوم الحركة الشعبية بهذا الدور نيابة عنهم بعد أن أنفقوا فيه طوال خمسين عاما.
ليلى الشايب: طيب أدركنا الوقت، كلمة أخيرة، تعتقد أن الاستفتاء سيجري أم لن يجري؟
سيف الدين البشير: نحن نعتقد أن الفترة قصيرة جدا ويتوجب أن نتمهل.
ليلى الشايب: طيب شكرا جزيلا لك من الخرطوم سيف الدين البشير الكاتب والمحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة السودان فيجين وأشكر أيضا من القاهرة الكاتب والمحلل السياسي السوداني الحاج وراق. وبهذا مشاهدينا تنتهي هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر، غدا بإذن الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، تحية لكم وإلى اللقاء.