صورة عامة - برنامج ماوراء الخبر 23/7/2010
ما وراء الخبر

الضغوط السياسية لتقليص الإنفاق العسكري الأميركي

تتناول الحلقة ما كشفته صحيفة نيويورك تايمز من ضغوط سياسية واقتصادية متزايدة تمارس لتقليص الإنفاق العسكري الأميركي مع ارتفاع عجز الميزانية والديون.

– عوامل الجدل بشأن الإنفاق العسكري الأميركي
– الانعكاسات على قوة الولايات المتحدة ونفوذها العالمي

حسن جمول
حسن جمول
هارلن أولمان
هارلن أولمان
إميل أمين
إميل أمين

حسن جمول: كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن ضغوط سياسية واقتصادية متزايدة تمارس لتقليص الإنفاق العسكري الأميركي مع ارتفاع عجز الميزانية والديون، وكان مركز بحوث الكونغرس قد أصدر تقريرا قال فيه إن كلفة الحرب على ما يسمى الإرهاب التي أعقبت هجمات سبتمبر تجاوزت ترليون دولار. نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين، ما الذي يغذي الجدل بشأن الإنفاق العسكري الأميركي وفي أي اتجاه ستسير هذه القضية؟ وكيف ستنعكس هذه التوجهات على قوة الولايات المتحدة ونفوذها السياسي والعسكري؟… لأول مرة منذ نحو عقد يصبح الإنفاق الدفاعي الأميركي محل جدل في واشنطن فمنذ هجمات سبتمبر والميزانية العسكرية ترتفع باطراد دون أن يجرؤ أحد على وضعها في دائرة التساؤل احتراما لشعار أن لا صوت فوق صوت الحرب على الإرهاب. لكن الأزمة المالية العاتية والفجوات التي أحدثتها في الميزانية وتنامي الديون بددت هذا الصمت وفتحت باب الجدل بشأنها.

[تقرير مسجل]

عبد الحليم غزالي: هي وقفة لا بد منها إذاً بعد نحو عشر سنوات على اندلاع ما يسمى الحرب على الإرهاب التي أفرخت حربين مستنزفتين في أفغانستان والعراق، فلأول مرة سيواجه روبرت غيتس رئيس البنتاغون ومعه إدارة الرئيس باراك أوباما ضغوطا داخلية لخفض الإنفاق العسكري. ووفقاً لصحيفة نيويورك تايمز فإن مشرعين أميركيين سيبدؤون حملة في هذا الاتجاه خاصة أن هناك حاجة مالية ملحة لذلك، فحجم دين الحكومة الأميركية ارتفع إلى 13 ترليون دولار فضلا عن عجز في الميزانية بقيمة 1,5 ترليون دولار، أما حجم الميزانية الدفاعية فطلبت إدارة أوباما رفعه إلى 708 مليارات دولار، وهذا الرقم يزيد بنسبة 6% عن أعلى ميزانية دفاعية في الأعوام الثمانية التي حكم فيها جورج دبليو بوش الولايات المتحدة. وحسب نيويورك تايمز فإن غيتس سيعلن عن خفض قدره 2% في حجم إنفاق الجهاز البيروقراطي لوزارته. ويقول النائب الديمقراطي مارمس ديكس رئيس لجنة الاعتمادات العسكرية في مجلس النواب إنه سيسعى لخفض الميزانية الدفاعية في العام المقبل بمقدار سبعة مليارات دولار، وقد صوت الديمقراطيون في لجنة الاعتمادات المالية في الكونغرس الأسبوع الماضي لصالح خفض مقداره ثمانية مليارات دولار من تكاليف العمليات العسكرية الكبرى المقدرة بـ 18 مليار دولار. وبالمقابل ستحاول شركات إنتاج السلاح الكبرى الضغط من أجل عدم تقليص الميزانية الدفاعية حيث تسعى للفوز بعقود قيمتها مائة مليار دولار. وكان مركز بحوث الكونغرس قد قدر تكلفة العمليات العسكرية التي تلت هجمات سبتمبر بما فيها حربا العراق وأفغانستان بأكثر من ترليون دولار، فيما قدر عالم الاقتصاد الأميركي الشهير جوزيف ستبلتس تكاليف الحملة على ما يسمى الإرهاب بأكثر من ثلاثة ترليونات دولار. وربط محللون كثر هذه النفقات بالأزمة الاقتصادية التي لا تزال تضرب الولايات المتحدة منذ عام 2008، ويرتبط بذلك الحديث عن تضخم الجهاز الأمني في الولايات المتحدة حيث أصبح أشبه بدولة داخل الدولة منذ أحداث 11 سبتمبر، ويكفي أن هناك نحو أكثر من 850 ألفا من رجال الأمن الأميركيين يحملون تصاريح خاصة تتيح لهم فتح الأبواب المغلقة والاطلاع على كل ما هو سري فضلاً عن أنهم يكلفون الولايات المتحدة مليارات الدولارات.

إعلان

[نهاية التقرير المسجل]

عوامل الجدل بشأن الإنفاق العسكري الأميركي


حسن جمول: ومعنا في هذه الحلقة من واشنطن هارلن أولمن المستشار السابق في البنتاغون والخبير في شؤون الأمن القومي الأميركي، ومن القاهرة إميل أمين الكاتب والمحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأميركية. وأبدأ معك سيد أولمن من واشنطن، فجأة ظهرت الأزمة بشكل كبير على السطح، ألم يكن حجم الإنفاق وبالتالي هذا العجز متوقعا منذ زمن؟


هارلن أولمن: نعم هذه ليست أزمة مفاجئة ولكنها كانت واضحة لمعظم الناس على مدى ثلاثة أو أربعة أعوام لكن المشاكل في الولايات المتحدة هي أولا كانت هناك حربان تسيران، لا أحد في الكونغرس أراد أن يقلص حصة الجيوش من الإنفاقات وأيضا للقيام بذلك هذا يعني أننا سنستمر بزيادة ديننا وعجزنا لأننا لم نكن قادرين على تخفيض في برامج أخرى ولأننا لم نكن قادرين أيضا على زيادة الضرائب بشكل كبير، إذاً نعم أنت محق تماما بقولك فهذه مشكلة متزايدة وسوف تزداد سوءا فيما نتحرك إلى عام 2011 و2012.


حسن جمول: الحربان ما زالتا مستمرتين، هل معنى ذلك أنه رغم استمرار الحربين الأمور وصلت إلى الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاهله بعد الآن؟


هارلن أولمن: المشكلة هي أنه يمكن أن نزيد الإنفاقات الدفاعية بقدر محدد قبل أن تنفد الأموال منا والواقع هو أنه كل عام هذا يتطلب ما يقارب 5% إلى 6% من نمو حقيقي فقط للإبقاء على ما هو الوضع عليه الآن لأن التكلفة تزيد وتكلفة العناية الصحية تزيد وكلفة التقاعد تزيد وفي الأسعار أيضا تزيد أسعار السلاح لأننا الآن في وضع صعب وبالتالي فإننا إن لم نكن قادرين على التقليص بشكل كبير لا يمكن أن نبقي على البرامج الحالية بكمية الأموال التي على الأرجح سوف يتم تسخيرها من قبل الكونغرس والموافقة عليها كمخصصات.


حسن جمول: في نهاية المطاف بالنسبة لهذه الأزمة تحديدا هل تتوقع أن تقلص فعلا الميزانية الدفاعية هذا العام؟

إعلان


هارلن أولمن: أولا ليس هناك بنهاية المطاف فهذا الأمر مستمر وسوف نبدأ برؤية التخفيضات الأولى في الأعوام المالية القادمة، ما سيحدث بنهاية الأمر أنه سيكون هناك تقليص عام بعدد الأفراد في وزارة الدفاع بهامش كبير جدا ولكن التعقيدات السياسية هي أنه بالنظر إلى البطالة وهي 10% لا رئيس أبدا ولا إدارة أبدا تريد أن ترى مائة ألف من الناس يخفضون من وزارة الدفاع، إذاً فالأمور هنا صعبة ولكن بالطبع سوف نرى تقليصا في الزيادات في الإنفاقات الدفاعية يتبعها تخفيضات دفاعية في الأعوام الثلاثة أو الأربعة أو الخمسة القادمة.


حسن جمول: سيد إميل أمين من القاهرة السيد أولمن تحدث عن حربين مستمرتين وهاتان الحربان هما السبب الرئيسي كما هو واضح في هذ العجز الكبير في الميزانية الأميركية وميزانية الدفاع، ما خطورة الاعتراف بهذا العجز الآن على الجانب الأميركي بشكل عام؟


إميل أمين: يعني أنا في تقديري وفي قراءتي للمشهد الأميركي أعتقد أن القضية تتجاوز حربي أفغانستان والعراق، القضية تتعلق بمسألة جوهرية فلسفة ارتقاء ونشوء ثم انهيار الحضارات، الولايات المتحدة الأميركية في العقد الأول من القرن 21 تدخل فيما يعرف بمرحلة فرط الامتداد الإمبراطوري، معنى فرط الامتداد الإمبراطوري أن تكلفة انتشارها حول الكرة الأرضية تكلفة هيمنتها على الكرة الأرضية عبر القوى العسكرية المكثفة هي ما نشهده حاليا من انهيارات اقتصادية داخلية، الولايات المتحدة حاليا تدفع الفاتورة الغالية تدفع الثمن الغالي ويبدأ المنحنى في الهبوط، هذه واحدة. الأمر الآخر الذي أحب أن ألفت إليه أن الحديث الدائر من أصله عن تخفيض نفقات الدفاع هو حديث منحول، حديث أبوكريفي، معنى أبوكريفي أنه حديث غير حقيقي هو جولة من جولات الصراع السياسي المبكر بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري قبل التجديد لأعضاء الكونغرس في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وسأدلل في عجالة على أهمية ما نقول به، الولايات المتحدة إمبراطورية قائمة لا تنازعها أي إمبراطورية قادمة في المدى المنظور، إستراتيجياتها كما اللوح المحفوظ غير مرتبطة لا بحدث ولا بالإلهام إنما هي قائمة على فلسفات ممتدة، كيف تغير الولايات المتحدة إستراتيجيتها؟ هي لا تغير الإستراتيجية إستراتيجية الهيمنة إنما تغير السياسات تذهب الإستراتيجيات تعلم وضعها أنها يمكن أن تحقق أهدافها بطريق غير مباشر أو بطريق غير مباشر وسأقول لك لاحقا لماذا يعني أنا أشك شكا جديا في هذا الحديث.

إعلان


حسن جمول: سيد إميل ربما قفزت إلى الجزء الثاني من حديثنا عن المدلولات والمغازي السياسية التي ربما تصل في التحليل إلى ما أتيت على ذكره، ولكن الآن السؤال هل تعتقد أن الاعتراف بالعجز يقابله اعتراف بأن الطرف الآخر المواجه في هاتين الحربين تحديدا استطاع أن يطيل أمد الحرب وبالتالي استنزاف الولايات المتحدة، وهنا للإشارة بين هلالين كان تسجيل لابن لادن عام 2004 في الأول من نوفمبر عام 2004 يقول ليس الهدف القضاء على الولايات المتحدة إنما الهدف استنزافها حتى الإفلاس، هل تعتقد أننا وصلنا إلى هذه المرحلة إلى هذه النقطة؟


إميل أمين: يعني أتفق معك أستاذ حسن إلى حد كبير للغاية، الولايات المتحدة بلا شك تدفع ودفعت وستدفع ثمنا غاليا لهاتين الحربين في أفغانستان والعراق، هذه واحدة. الولايات المتحدة لديها إشكالية، البعض يقول إنها United State Of America ليست الولايات المتحدة الأميركية إنما United State Of Amnesia الولايات المتحدة المصابة بداء النسيان، هي تقع في نفس الفخ الإمبراطوري الذي وقع فيه الاتحاد السوفياتي من قبل لكنها ومن أسف شديد وكما كل الإمبراطوريات من إدوارد غيبون كان يتحدث وصولا إلى بول كينيدي في نشوء وارتقاء الإمبراطوريات هي مدفوعة بدافع قسري إلى الانتحار الذاتي، ويبدو أن هذه هي طبيعة يعني التخليق الكوني العسكري منذ نشأت النظريات العسكرية عند صان صو في الصين وصولا إلى روبرت غيتس في البنتاغون الأميركي حضرات أيامنا.


حسن جمول: أنتقل إلى السيد هارلن أولمن من واشنطن، سيد أولمن شاهدتك وأنت تبتسم عندما كان يتحدث السيد أمين عن نشوء الإمبراطوريات وتنبئه بسقوط الإمبراطورية كدورة تاريخية طبيعية، تعليقك على ذلك وهل توافق الرأي القائل بأنه كان هناك قصر نظر أو تقدير غير واقعي للذات من قبل المسؤولين الأميركيين في محاولة هيمنتهم بالحروب على دول كثيرة في المنطقة تحديدا على العراق وأفغانستان؟

إعلان


هارلن أولمن: دعني أدلي بنقطتين مهمتين، أولا المشاكل الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة هي ليست نتيجة الحربين اللتين تخوضهما،المشاكل الكبرى هي في الركود الاقتصادي والذي هو حقا أضر الاقتصاد الأميركي في قلبه والميزانية العامة للحكومة والتي ليس مسيطرا عليها وخاصة فيما يتعلق بالعناية الصحية والضمان الاجتماعي ومساعدات التقاعد، هذه هي أكبر من ميزانية الدفاع وهذه تزداد بشكل غير مسيطر عليه. المشكلة هي أن الإصلاح في نظام الرعاية الصحية لم يعالج الأسباب وفيما يكبر الناس سنا فإن نظام التقاعد والصناديق المتعلقة به لا تستطيع أن تواكب الطلب، هذه هي القضايا الكبرى والحقيقة هي أن الولايات المتحدة يمكن أن تستمر بإنفاق 5 إلى 6% من مجمل إنتاجها المحلي على الدفاع، لا أعتقد أن هذه فكرة جيدة ولكن إلى أن نجعل الاقتصاد يتحرك ويتعافى وتزداد الدخول من الضرائب ونتعامل مع هذه المشاكل المتعلقة بالنمو والضمان الاجتماعي والرعاية الصحية فإننا نواجه هذه المشاكل الكبيرة في الميزانية. يمكن أن تجادل إن كانت الولايات المتحدة تدخلت بشكل محق أو خطأ أو إن كان هناك انحدار أو انهيار، هناك توزيع للسلطة طبيعي حيث دول أخرى كالهند والصين خاصة تزيدان في نموهما إذاً فالولايات المتحدة لن تكون قادرة على أن تواكب هذه الحصة الكبيرة التي يواجه العالم زيادة فيها، سيكون هناك انحدار ولكن هذا مختلف عن قضية أن الولايات المتحدة إمبراطورية في حالة انهيار، لا أعتقد أن هذه النقطة ذات علاقة ورابط في الموضوع. هل أخطأنا؟ نعم ولكن القضايا الاقتصادية الكبرى هي التي أدت فينا إلى ما واجهناه وأدت إلى هذه المشاكل الدائمة.


حسن جمول: على كل هذه المشاكل الدائمة والعجز المالي الذي بدأ يطفو على السطح كيف سينعكس هذا الأمر على قوة الولايات المتحدة ونفوذها السياسي والعسكري في العالم؟ محور هو محور حديثنا بعد الفاصل، انتظرونا مشاهدينا.

إعلان

[فاصل إعلاني]

الانعكاسات على قوة الولايات المتحدة ونفوذها العالمي


حسن جمول: أهلا بكم من جديد مشاهدينا في حلقتنا التي تتناول الضغوط التي تمارس في واشنطن لتقليص النفقات الدفاعية. وأعود إلى ضيفي من واشنطن هارلن أولمن المستشار السابق في البنتاغون والخبير في شؤون الأمن القومي الأميركي ومن القاهرة إميل أمين الكاتب والمحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأميركية. وأعود إلى السيد إميل أمين من القاهرة، إذا أردنا أن نقرأ الموضوع في السياسة، هذا الجدل بشأن الميزانية والاعتراف الضمني بعدم القدرة وهنا نريد أن نلفت أيضا إلى اعتراف يكاد يكون مشابها في بريطانيا أيضا العجز المالي بالنسبة للحروب كل هذا لصالح من في السياسة يصب؟


إميل أمين: يعني بداية أستاذ حسن تعقيب صغير على الضيف الكريم مع كل الاحترام لمقامه ومكانته وسنه، حينما تحدثت عن الأفول الإمبراطوري أنا كنت أعتمد على نفس التقرير الذي صدر منذ نحو عامين عن مركز بحوث الكونغرس هو الذي حذر من تشابه في الأفول الإمبراطوري بسبب النفقات، هناك رابط جذري في حقيقة الأمر بين حربي أفغانستان والعراق حينما يتحدث بروفسور جوزيف ستيغلتس عن خسائر أو تكلفة ثلاثة ترليونات دولار هي بلا شك اقتطعت من مساحات الصحة والتعليم وأثرت على الاقتصاد الداخلي الأميركي، هذه واحدة. عودة إلى التجاذبات السياسية، بلا شك الرئيس أوباما لم يحقق سقف الآمال والتطلعات التي يعني رسمت من حوله أو رسمت هالة حول شخصيته حتى الساعة، هذا الأمر يختصم كثيرا في الفترة القادمة بالصراع القادم على مجلسي الكونغرس الشيوخ والنواب، هذا التجاذب ربما وهناك مخاوف كثيرة لدى الديمقراطيين أن يعود الجمهوريون مرة أخرى إلى داخل الكونغرس. الإشكالية الأكبر التي يجب أن نتنبه لها والتي يعني كنت أتمنى أن تكون صلب الحوار، هل سيسمح بالمرور بهذا التخفيض أم أن هناك يعني لن نذهب وراء نظرية المؤامرة ولكن نقول القوة الحقيقية الفاعلة المجمع الصناعي العسكري الأميركي هل سيسمح بهذا التخفيض؟ هل هو يتلاعب بالقوى السياسية؟ حينما نعود بالذاكرة إلى تحذيرات الرئيس الأميركي آيزنهاور في يناير من عام 1961 قبل أيام معدودات من ذهابه من البيت الأبيض، أطول رئيس والجنرال الذي حقق لأميركا انتصاراتها المذكورة في الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية هو حذر من استعلان هذا المعسكر، في العام 1989 كان نفس الجدل القائم حاليا كان وزير الدفاع وقتها ديك تشيني حاول تخفيض ميزانية الدفاع بمبلغ 180 مليار دولار لكن كانت هناك القوى الفاعلة الخفية التي دفعت بالولايات المتحدة إلى حرب العراق. أنا أرسم علامة استفهام، هل قبل العام القادم الذي يعني يمكن أن تخفض فيه الميزانية سنشهد تلاعب الأيادي الخفية الأميركية العلنية منها وغير العلنية ودفع البلد إلى حرب أخرى؟ وهناك..

إعلان


حسن جمول (مقاطعا): على كل قبل قليل ذكر بوضوح السيد أولمن بأنه لن يكون هناك نهاية لهذا الأمر وأننا سنبدأ نشهد تخفيضات بشكل مستمر ومتتالي، لكن السؤال الذي أريد هنا أن أطرحه على السيد أولمن، دور شركات السلاح التي ترتبط بعقود بملايين ومليارات الدولارات والتي ستتأثر ولا شك بتخفيض ميزانية الدفاع، سيد أولمن هل تعتقد أن هذه الشركات ستسمح وهي التي لها قوة لا يستهان بها في مفاصل البنتاغون ستسمح بتخفيضات من هذا النوع؟


هارلن أولمن: الشركات الدفاعية ستجد أنه من صالحها كشركات أن تمنع هذه التقليصات وأن تقلصها إلى حد أدنى ولكن هنا المشكلة، إن كنت تريد أن تخفض الميزانية الدفاعية وسنقوم بذلك فهذه ستقلل ولا شك وسوف تخفض بشكل كبير على الأرجح، ما يمكن أن تفعله أن تخفض عدد الناس والعمليات وهذا يسمى أموالا سريعة، وإن قطعت برامج وخفضتها هذا يستغرق وقتا طويلا، لا يمكن أن تتخلص من برنامج بشكل سريع وهذا بدوره يشكل معضلة كبيرة، إن كان عليك أن تخفض شيئا لكي توفر المال بسرعة هذا يعني الناس أي تقليص عدد العناصر العسكرية والمدنية، من ناحية أخرى إن كنت تريد أن تحصل على برنامج طويل المدى يمكن أن تخفض ماتشتريه كالسفن والطائرات والدبابات، نحن سنخفض العدد في الناس وسنخفض كمية المعدات التي نحصل عليها وهذا سيسبب هذه الشركات أن تحصل على أموال أقل مما تحب ولكن الميزانية ستجعل هذا الأمر يتم، ليس هناك بديل لذلك سوى أن يكون هناك عملية تعافي اقتصادي كبيرة جدا وهذا لن يحدث على المدى القصير على الأقل.


حسن جمول: أريد أن أختم بيعني سؤال أجاب في جزء منه السيد أمين، سيد أولمن القول لنيال فيرغسون بسبب العجز المالي والتمدد العسكري الإمبراطوريات الحديثة تسقط بأسرع مما يتصور الكثيرون. هل اقتربت الولايات المتحدة من هذه الصورة الآن؟

إعلان


هارلن أولمن: هذا أمر لن أقلق بشأنه، هناك أشياء تسمى السلطة أو القوة الخشنة والقوة الناعمة، ليس عندنا عدو عسكري لا يمكن لأحد أن يتغلب علينا عسكريا بقواته العسكرية وفصائله المختلفة، الولايات المتحدة وبسبب حجمه الاقتصادي الهائل وبسبب مدى أهميتها في الشؤون الدولية سوف تستمر بالقيام بدور قوي من خلال الدبلوماسية والقوة الناعمة والقيادة وهذا الدور قد يتضرر قليلا ولكنه لن يتغير، هذا ليس الاتحاد السوفياتي الذي تفجر بسبب فساد داخلي وبسبب نظام غير منطقي، هذه دولة قوية ولها نفوذ عظيم وتواجه مشاكل اقتصادية وعليها أن تتعامل مع هذه المشاكل بالتالي ولكن أعتقد أن التأثير الأميركي والنفوذ سيستمر بكونه مهما جدا في كل مناحي حياتنا، إذاً لاأعتقد أن هذا النموذج المتعلق بانهيار الإمبراطوريات يطبق على الولايات المتحدة ولكن هذا تمثيل مضلل.


حسن جمول: سيد أمين، الولايات المتحدة ليس هناك من يرثها ليس هناك من هو بحجمها اليوم، تواجه مشاكل اقتصادية لكن لا ينخرها الفساد ولن تسقط كإمبراطورية أو كالاتحاد السوفياتي، يخالف هذا الموضوع رأيك، تفضل باختصار.


إميل أمين: يعني باختصار شديد اقول إن الولايات المتحدة الأميركية مصابة بمرض أدبي عضال هو يدعى تكافؤ الأضداد في الروح الأميركية، يتحدثون اليوم عن تخفيض في الميزانية وقبل قليل يعني قبل بضعة أسابيع أو أشهر تحدثت الواشنطن بوست عن برنامج لأسلحة أميركية سرية تبتدئ من صواريخ الضربات السريعة برؤوس غير نووية رؤوس تقليدية ثم بمركبة فضائية قد تكون سرية أزعجت روسيا جمهورية روسيا اسمه X173OTV ، بداية الإرهاصات قادمة للولايات المتحدة، إرهاصات، لا أقول نهايات لأنها لن تنتهي بيوم وليلة ولكن لن تظل القطب الوحيد المنازع في القطبية الدولية، بريجنسكي يقول عوض عن أن تكون أميركا يعني مدينة فوق الجبل تنير الظلمة نتمنى أن تكون هي دولة تنير للعالم سلاما وعدلا لا تسليحا وعسكرة.

إعلان


حسن جمول: شكرا لك سيد إميل أمين من القاهرة الكاتب والمحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأميركية، أيضا أشكر جزيلا من واشنطن السيد هارلن أولمن المستشار السابق في البنتاغون والخبير في شؤون الأمن القومي الأميركي، بهذا مشاهدينا تنتهي هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر، غدا بإذن الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، إلى اللقاء بإذن الله.

المصدر: الجزيرة