
أزمة بنك غولدمان وقانون الإصلاح المالي
– دور بنك غولدمان وأبعاد الجدل بين الجمهوريين والديمقراطيين
– خيارات الديمقراطيين ومستقبل قانون أوباما للإصلاح المالي
![]() |
![]() |
![]() |
خديجة بن قنة: مثل موظفون في بنك غولدمان ساكس أمام لجنة اجتماع تابعة لمجلس الشيوخ الأميركي وجهت لمؤسستهم أسئلة حول دورها في مفاقمة أزمة الرهن العقاري والتربح منها بطرق غير أخلاقية، وفي حين نفى البنك التهم الموجهة إليه يستمر على أعتاب انتخابات تجديد النصف في الكونغرس يستمر الجدل حادا بين الديمقراطيين والجمهوريين حول قانون الإصلاح المالي الذي تطرح فيه إدارة أوباما قواعد صارمة تحكم العمليات المالية لعلها تمنع مؤسساتها كبنك غولدمان ساكس من استغلال الأزمة المالية لأغراض ربحية بحتة. نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين، ما هي حقيقة ضلوع بنك غولدمان ساكس في إذكاء الأزمات المالية التي هزت الاقتصاد الأميركي؟ وهل يفضي الجدل الديمقراطي الجمهوري في مثل هذه القضايا إلى ما يخدم مشروع أوباما في الإصلاح المالي؟… كسب معركة التأمين الصحي وانتقل الآن إلى جبهة الإصلاح الاقتصادي، إنه الرئيس باراك أوباما في معركة تحقيق الوعود التي وضعته فيما يبدو وجها لوجه مع مراكز القوى التاريخية في الولايات المتحدة وواجهاته السياسة التي طالما حمت مصالحها ودافعت عنها، معركة تبدو في ظاهرها اقتصادية محضة ولكن هي في باطنها نظر وتحقيق يحيل إلى صراع سياسي بين رؤيتين مختلفتين وضعت الجمهوريين والديمقراطيين في مواجهة تستبق في سياقها الحالي انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.
[تقرير مسجل]
أمير صديق: رمى أوباما ومن خلفه الديمقراطيون أنفسهم في خضم معركة طالما تحاشتها الحكومات الأميركية المتعاقبة، إنها مصادمة النظام المالي العتيد ومصالح الشركات والمصارف التي يعرف أولها ولا يبين آخرها في الولايات المتحدة، فمن خلال مشروعه للإصلاح الاقتصادي الذي حقق بفضله وبفضل وعود أخرى فوزا تاريخيا حمل أول الملونين إلى المكتب البيضاوي يحاول أوباما فرض عدد من القيود للجم جموح أساطين المال في بلد الاقتصاد المتحرر من كل القيود، وتتمثل أبرز نقاط ذلك المشروع في تفتيت المؤسسات الضخمة التي تواجه المتاعب إضافة إلى حظر بعض أنواع المضاربة على البنوك وإخضاع المؤسسات المالية وأسواق رأس المال لقدر أكبر من الإشراف وتأسيس مجلس لرصد أي تهديدات للنظام المالي وإقامة وكالة لحماية المستهلكين من أية قروض مصرفية مغرية لكنها تنطوي على المخاطر. بيد أن المشروع الذي وصف بأنه أبرز خطوة للإصلاح الاقتصادي في أميركا منذ ركود الثلاثينيات الكبير يواجه الآن تعثرا بعد سقوطه في مجلس الشيوخ إثر معارضة شرسة من قبل النواب الجمهوريين، تعثر لم يمنع الديمقراطيين من محاولة نقل معركة الإصلاح إلى الشارع الأميركي عبر تقديم نموذج عملي يبين حسب رأيهم بشاعة ما يحدثه إطلاق يد مؤسسات المال في حياة الناس. وقد بلغت الجرأة بالديمقراطيين حداً جعلهم يختارون إحدى أثمن قطط قطاع المال الأميركي نموذجا لما يحذرون منه، إنه مصرف غولدمان ساكس الذي تهتز لاسمه عروش أعتى اقتصادات العالم وأشدها رسوخا، فعبر 150 عاما هي مسيرة البنك في مراكمة الأرباح والخبرات ومن تقوية عضلاته المالية بلغ غولدمان ساكس بأصوله 850 مليار دولار وهو ما يعادل نحو ثلاثة أرباع الناتج القومي للدول العربية مجتمعة، هذا العملاق المالي العالمي وجد أخيرا من يجره إلى قاعات المحاكم في قضايا التلاعب المالي التي لازمته التهم بها طوال تاريخه من دون أن يجرؤ أحد على الجهر بها في وجهه، غولدمان ساكس متهم الآن باستغلال فقاعة العقارات الأميركية المنهارة بتعمده تشجيع عملائه على شراء أوراق مالية أوهمهم بأن أسعارها ستعرف ارتفاعا كبيرا في حين أنه كان يعلم يقينا أنها كانت في طريقها لانهيار وشيك، وهو ما قاد إلى إفلاس وتشريد ملايين الأسر الأميركية. تداعى المتضررون من غولدمان ساكس حتى من وراء البحار للتحقيق فيما يتهمون البنك بجره عليهم من ويلات مالية، حدث ذلك في بريطانيا التي وصف رئيس وزرائها ما فعله غولدمان ساكس بأنه إفلاس أخلاقي وفي غيرها من الدول الأوروبية التي تحقق الآن في دور مزعوم للبنك في إخفاء ديون اليونان، لكأن الديمقراطيين يقولون لشعبهم قبيل انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس هل تريدون بعد هذا دليلا على ضعف حجة الجمهوريين!
[نهاية التقرير المسجل]
دور بنك غولدمان وأبعاد الجدل بين الجمهوريين والديمقراطيين
خديجة بن قنة: ومعنا في هذه الحلقة من واشنطن خبير الشؤون الإستراتيجية في الحزب الجمهوري جاك بيركمان، ومن باريس الدكتور منصف شيخ روحه أستاذ المالية الدولية في المدرسة العليا للتجارة في باريس ونائب رئيس منتدى الاقتصاديين العرب في فرنسا، أهلا إذاً بضيفينا إلى هذه الحلقة. وأبدأ من واشنطن مع جاك بيركمان، سيد بيركمان أولا اشرح لنا بلغة مبسطة نفهمها ويفهمها المشاهدون كيف أن رسائل إلكترونية كشفت كل هذا المستور الذي كان يخفيه بنك غولدمان ساكس، كيف انفجرت القضية وكيف نفهم كل هذه الضجة المحيطة بها؟
جاك بيركمان: إنها معقدة للغاية، الولايات المتحدة تمر بتنظيم لما حدث عام 2008، في عام 2008 خلال الانتخابات الرئاسية الحكومة الأميركية وضعت ترليون دولار في كل هذه البنوك ولذا فهو أمر يثير الجدل ولأن هذه الأموال ضخت في هذه البنوك فإن هناك تحقق أعلى الآن في هذه البنوك وهذا ما ننظر فيه الآن، الآن الجميع يريد أن ينظر تحت المايكروسكوب أو المجهر في هذه المؤسسات لأن كل الأموال ضخت فيها، وضع غولدمان ساكس معقد للغاية وبشكل أساس فهناك مزاعم كالتالي، غولدمان باع منتجات للمستهلكين ومن ثم التف وقام ببيعها بمدى قصيرة وهذه المزاعم بأنهم ضللوا الزبون وهذه هي المسألة بشكل عام. للناس الذين يعرفون الأسواق المالية أقول ليس هناك شيء خطأ في المضاربة على ارتفاع فهذا أمر طبيعي وهو جزء من التحوط وهو جزء من عدد من الأمور تقوم بها بشكل طبيعي، الأمر الآخر وهو الإصلاحات المالية بينما كل هذه التحقيقات ضد غولدمان تسير كل هذا يأتي في خضم الحوار بشأن الإصلاحات المالية في الكونغرس ومجلس الشيوخ، الجمهوريون أعاقوا هذا المشروع لسببين، أولا لا يدعمون الإشراف الكبير على قطاع الاستهلاك، وأنا جمهوري لا نريد ذلك، الأمر الآخر الذي يجادلون بشأنه هو أن الجمهوريين يودون أن يضمنوا أن الحكومة لا تتدخل في قطاع الصيرفة مرة ثانية كما قامت بذلك عام 2008، أوباما يفضل هذا النوع من التدخل ولذا بشكل عام هذا هو تقريبا محور ما يجري من معارك في الولايات المتحدة.
خديجة بن قنة: سأسألك جاك بيركمان فيما بعد لماذا أنتم الجمهوريون تعارضون إلى هذا الحد هذه الخطوة؟ ولكن دعني أنتقل إلى باريس والدكتور منصف شيخ روحه لنفهم أكثر هذا الموضوع، لماذا تحول هذا البنك؟ طبعا ما هي قيمة أولا بنك غولدمان ساكس وكيف تحول -على حد تعبير أحد الكتاب الاقتصاديين الأميركيين- إلى مصاص دماء؟ بهذا التعبير!
منصف شيخ روحه: هذا تعبير قوي ولكنه يقترب من الحقيقة لأنه كان لي بعض الحوارات التلفزية مع رجال المال وبعض منهم كانوا أميركان، وفي حوار تلفزي أخذته يو تيوب وحتى ترجمته بالـ subtitle على الفرنسية كان الأميركي كايزر يتهم غولدمان ساكس بأنه أضاع استثماراته وأضاع فلوسه وكنت أقول له آنذاك إن غولدمان ساكس هو الوحيد الذي حاول أن يفطن العالم بخطورة الـ subprime وهو الذي قال إن الـ subprime ليس أربعين مليار دولار بل هو ألفي مليار دولار وكنا نظن أن غولدمان ساكس هو البنك الذي توخى الحذر لصالح حلفائه، مع الأسف رأينا نقطتين خطيرتين، أولهما أن غولدمان ساكس كان ينصح الحكومات وهو كان ينصح الحكومة اليونانية، فعلمنا الآن أنه كان ينصح الحكومة اليونانية ويساعدها على إنتاج أرقام غالطة في إحصائيات رسمية وهذا أمر غير أخلاقي، والشيء الأخطر من هذا أنه كان يعلم ضعف الاقتصاد اليوناني وأطراف أخرى من غولدمان ساكس كانت تراهن على ضعف هذا الاقتصاد وهذا شيء غير أخلاقي بالمرة لأنها لما أروح للطبيب ويعرف أنني مريض من غير الأخلاقي أنه يراهن على قلة صحتي..
خديجة بن قنة (مقاطعة): نعم، لكن إذا كان المريض نفسه هو موافق على ذلك، دعني أسرد عليك ما يدافع به عن نفسه مدير المصرف، مدير مصرف غولدمان ساكس يقول إننا لم نتحايل أبدا على زبائننا، بالعكس قمنا بإدارة المخاطر مثلما كان يتوقع العملاء والزبائن، ويضيف إن الزبائن أو العملاء أرادوا أن يخاطروا هم بأنفسهم فكان لهم ما يريدون. ما رأيك؟
منصف شيخ روحه: أنا أروح معك إلى أكثر من هذا، أنا رأيي حسب القانون الأميركي والدولي الحالي من الممكن ألا يتم الحكم على غولدمان ساكس لأن الغلطة الهامة ليست من طرف غولدمان ساكس أو حتى من طرف الزبائن، اليونان ثم إسبانيا ثم البرتغال ثم حتى بلدان أخرى كبيرة مثل إنجلترا مرشحة إلى أن تعرف مشاكل اقتصادية عويصة لأن قاعدة اللعبة المالية لم يتم فصل العمل البنكي الحقيقة للتنمية وتمويل التنمية وخلق الثروات الحالية وخلق الشغل من جهة والمضاربات التي دارت إلى تكثيف الربح الخيالي من جهة أخرى، فالوضع الآن يتطلب تدخلا لا فقط لإيقاف ما تقوم به غولدمان ساكس، غولدمان ساكس ليست مهمة في هذا الوضع، العالم أجمع على حافة بركان والنقاش بين الجمهوريين والديمقراطيين يهم أميركا ولكنه يهم بقية العالم، يهم أوروبا، يهم اليورو، يهم العالم العربي الذي له أموال كثيرة في أميركا، فاليوم لنا أن نفطن أن العالم في حاجة إلى عقلنة المعاملات المالية وإدخال قواعد مثلما أدخلها الأميركان بعد الحرب العالمية الثانية لما صوتوا لصالح قانون غلاس ستيغل الذي كان يفرق بين العمل البنكي لتمويل الاقتصاد من جهة والعمل لبنوك الاستثمار التي تستثمر بالمخاطرة من جهة أخرى، فهذا ما يقوم به أوباما ومن المفروض أن بقية العالم تساعد الحزب الديمقراطي وتساعد أوباما لأنه إذا كسب الرهان هذا لصالح أميركا ولصالح أوروبا ولصالح بقية العالم.
خديجة بن قنة: إذاً هذا السؤال نفسه أطرحه على جاك بيركمان، استمعت إلى الدكتور منصف يقول يفترض أن يقف العالم كله مع باراك أوباما في هذه المحنة لتنجح خطته المالية، أنتم تعارضونه بشكل مطلق، نريد أن نفهم ما هي مبرراتكم في معارضة خطة باراك أوباما؟.. هل تسمعني سيد بيركمان؟.. هل يصلك الصوت بشكل واضح؟.. نعم، إذاً أحول مرة أخرى على باريس، دكتور منصف شيخ روحه يعني هل هذه الأزمة الآن تضع العالم الآن على محك اسمه البعد الأخلاقي لهذه الأزمة لأن هذه الأزمة ليست أزمة اقتصادية فقط، هي أزمة اقتصادية سياسية ولكن أيضا أخلاقية.
منصف شيخ روحه: جدا، مثلما تفضلت قبل الحوار كلمة الوزير الأول البريطاني على حق لأنه تحدث على الأخلاق، وكل الأزمة التي يمر بها العالم منذ ثلاث أو أربع سنوات هي أزمة أخلاقية مبنية على أي شيء، أولا مبنية على عدم فهم صحيح لما هي الديون، فالدول مثل الأشخاص مثل الشركات تأخذ ديونا ولكن ممكن لها أن تأخذها لسببين إما للاستهلاك أو للاستثمار أي لتكوين الثروة، فلما ننظر إلى الاقتصاد الفرنسي نرى أن تقريبا 90% من ديون فرنسا تروح إلى الاستهلاك وفقط 10% تروح للاستثمار، فكيف يمكن لبلد أن يزيد في ديونه بدون إعطاء نفسه الفرصة لتسديد هذه الديون من الناتج الذي يجيء؟ فهذه أزمة أخلاقية. ثاني أزمة أخلاقية أن الأدوات المالية التي تستعملها الأسواق لجني المرابيح لا تنظر إلى المؤتى لهذه المرابيح، هل هذه المرابيح مبنية على خلق ثروة حقيقة للإنسان للعباد للنساء والرجال الذين يشتغلون أم هي مبنية على مضاربات متأتية من اقتصاد خيالي؟ والرقم الذي نشره الوزير الأوروبي السيد بارنييه القائم بالاقتصاد رقم رهيب، يقول إن الناتج القومي للعالم يمثل اليوم 75 ألف مليار دولار ولكن حجم أسواق الأدوات المشتقة التي هي تستعمل ولكن حجمها الآن ستمائة ألف مليار دولار، فنحن نقارن موجودات عالم أي إنتاج عالمي حقيقي 75 واقتصاد افتراضي مالي ستمائة، فهل يمكن أن يتمادى العالم في التمشي لهذا النسق بدون مراقبة السوق الافتراضي؟ اليوم الـ hedge funds لا تراقب من أي طرف في العالم مثلما تراقب البنوك، مثلما تراقب بعض شركات الأسهم، الأدوات المشتقة تراقب بطريقة ضئيلة من طرف الـ CFTC في أميركا ولكن ليست هناك مراقبة حقة، اليوم الحكومة اليونانية منعت استعمال أدوات بيع ما لا تملك، هذه أداة غير أخلاقية، كيف تبيع ما لا تملك؟ ما يسمى بالإنجليزية short selling فالآن عدم الأخلاق المفروض أن يتطور إلى وضع جهاز مصرفي حقيقي مثلما قام به العالم في سنة 1945.
خديجة بن قنة: طيب سيد جاك بيركمان لماذا لا تساعدون إذاً باراك أوباما على إصلاح النظام المالي الأميركي؟ والدكتور منصف كان يقول قبل قليل إن العالم كله مطالب أن يقف وراء الديمقراطيين فما بالكم أنتم الأميركيون الجمهوريون أول من يقفز من السفينة وهي تغرق، لماذا لا تدعمون باراك أوباما؟
جاك بيركمان: لأن وجهة نظرنا هي أن النظام ليس بحاجة لإصلاح، المشكلة الوحيدة في النظام كانت هي أن الحكومة تدخلت في المقام الأول، إن كانت البنوك الاستثمارية تريد أن تقامر بأموالها فهذا يعود لها وهذا بينها وبين المساهمين، أنا لا أهتم بهذا، المشكلة تأتي عندما يكون دافع الضرائب الأميركي مضطرا لضخ الأموال وهذا ما كان ينبغي له أن يكون وهذا ما يقلق الجمهوريين ويجعلهم يعارضون، نحن سوق اقتصاد حرة في الولايات المتحدة ونحن الجمهوريين نحث العالم كله على أن يتبنى هذا النموذج من السوق، ليس الأمر متعلقا إن كنت تجني الأموال والأرباح للناس العاديين أو غيرهم، السوق يقوم بما يقوم به السوق، نحن عندنا نظام للسوق وتغير قيمه وعندنا اقتصاد خدمات، لا أدري هذا التمييز بين ما يقوم به غولدمان ساكس وقطاع التصنيع، لا أفهم الفرق، أعتقد أن البنوك الاستثمارية صناعة نبيلة وهي صناعة من شيم الاقتصاد الأميركي.
خديجة بن قنة: ربما إذاً لا تعدو قضية غولدمان ساكس وما دار من جدل حولها أن تكون مثالا لغيرها مما يطرح السؤال الآن حول مستقبل مشروع الإصلاح المالي الذي يقترحه باراك أوباما في ظل رفض الجمهوريين المستميت لها، نتابع هذا الموضوع بعد وقفة قصيرة فلا تذهبوا بعيدا.
[فاصل إعلاني]
خيارات الديمقراطيين ومستقبل قانون أوباما للإصلاح المالي
خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا بكم من جديد إلى حلقتنا التي تتناول مستقبل مشروع باراك أوباما للإصلاح المالي على ضوء الجدل الدائر فيما يتعلق بضلوع بنك غولدمان ساكس في تفجير الأزمة المالية واستغلالها لتحقيق مزيد من الأرباح. دكتور منصف، الآن في ظل هذا الجدل الديمقراطي الجمهوري في الولايات المتحدة الأميركية حول خطة الإصلاح المالي ما هي برأيك الخيارات والبدائل المتوفرة لدى الرئيس باراك أوباما ولدى الديمقراطيين بشكل عام؟
جاك بيركمان: الخيارات عموما هي اثنان، إما أن ينجح الرئيس باراك أوباما وأتمنى أن يكون معه الديمقراطيون وبعض من الجمهوريين الذين فهموا الوضع، لأنه من زملائي الأساتذة الاقتصاد في أميركا هناك زملاء يميلون إلى الجمهوريين وأمضوا اللائحة التي تطالب بإصلاح النظام المصرفي، وهذا أقوله للسيد في أميركا، السيد الجمهوري، لا يعني تدخل الحكومة اليومي الذي يقف ضده الجمهوريون ولكن يصحح قاعدة اللعبة، أي لا يمكن أن تدخل إلى هذه اللعبة بدون قاعدة واضحة، هذا الوجه الأول، إما أن ينجح هذا المسار أو لا قدر الله سيخفق هذا المسار، ففي حالة إخفاق هذا المسار هذا يعني أن أميركا بصراحة ستصبح يوما من الأيام في القريب العاجل في وضع اليونان اليوم، لماذا؟ لأن أميركا اقتصادها اليوم مبني على twin deficits على دينين رهيبين الدين الداخلي والدين الخارجي، وأميركا لو لم تصلح هذا الجهاز سوف لن تتحصل على القروض الكافية لمواصلة صعود هذه الديون، فعلى أميركا أن تصحح جهازها لمصلحتها أولا ونحن نحب أن نرى أميركا تأخذ مسؤولياتها داخليا ودوليا مع القضايا العادلة التي كانت الصورة الجيدة لأميركا ولكن مع الأسف..
خديجة بن قنة (مقاطعة): دعنا ننقل فكرتك هذه لأنه لم يبق إلا دقائق قليلة إلى السيد جاك بيركمان، يعني فعلا هذا كلام مخيف سيد جاك، ماذا لو تحولت الولايات المتحدة الأميركية إلى ما يعيشه اليونان هذا اليوم، إذا استمر الوضع على ما هو عليه، إذا استمر الجمهوريون في المعارضة، ما هي البدائل التي تقترحونها أنتم الجمهوريون؟
جاك بيركمان: اليونان هي ظرف جنوني واليونان لا تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي على الأرجح فالأوروبيون أدخلوها بسرعة فائقة والآن أدخلوها بسرعة وهناك كثير من الدول في الاتحاد الأوروبي ولذلك عانوا، الولايات المتحدة ليس هناك فرصة لها لأن تصبح اليونان فأمامنا شوط طويل في الإنفاقات والعجز قبل أن نصبح في مقام اليونان والبرتغال. ولكن إن نظرتم إلى اليورو فاليورو اليوم يتساءل المرء إن كان اليورو سينهار، أعتقد أن اليورو الذي هو في خطر الانهيار وليس الدولار، الدولار اليوم أقوى حسبما أعتقد أمام اليورو عما كان عند إطلاق اليورو، والاتحاد الأوروبي منطقة تجارية أكبر من الولايات المتحدة إذاً فالدولار متين، الأموال العربية وأموال الخليج ما زالت تدعم الدولار بشكل عام وهذا يساعد الدولار بالتأكيد لأسباب أمنية. إذاً أنا أعتقد أن كل هذا الحديث بشأن تراجع الولايات المتحدة والقطاع المالي مبالغ فيه، قطاع الصيرفة الأميركي صحي وهناك بعض الفشل لم يكن هناك الكثير من الفشل ليس كما كان في مطلع الثمانينيات ومشاكل آنذاك ولكن أعتقد أن المشكلة الوحيدة هنا تكمن في أنه عام 2008، و2009 الحكومة الأميركية وضعت ترليون دولار تقريبا في المصارف وهذا البرنامج يسمى trap أو إنقاذ الأصول المتعثرة وهذا البرنامج ما كان ينبغي له أن يكون.
خديجة بن قنة: جاك بيركمان الخبير في الشؤون الإستراتيجية في الحزب الجمهوري من واشنطن شكرا جزيلا لك، وأشكر أيضا من باريس الدكتور منصف شيخ روحه أستاذ المالية الدولية في المدرسة العليا للتجارة في باريس ونائب رئيس منتدى الاقتصاديين العرب في فرنسا. أشكر ضيفينا وبهذا تنتهي هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر، ننتظر مساهماتكم كالعادة في اختيار مواضيع الحلقات القادمة بإرسالها على بريدينا الإلكتروني، indepth@aljazeera.net غدا بإذن الله حلقة جديدة في ما وراء خبر جديد، أطيب المنى والسلام عليكم.