
أبعاد الإستراتيجية النووية الأميركية الجديدة
– مقومات الإستراتيجية الجديدة ودلالات توقيت الإعلان عنها
– تقاطع الإستراتيجية الجديدة مع الردع والضربة الوقائية
![]() |
![]() |
![]() |
لونه الشبل: أكدت الإدارة الأميركية أن الولايات المتحدة لن تلجأ إلى السلاح النووي إلا في حالة الضرورة القصوى للدفاع عن مصالحها ومصالح حلفائها الحيوية، وقال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس إن بلاده ستواجه أي هجوم كيميائي سيواجهها برد مدمر بالأسلحة التقليدية رغم العقيدة الأميركية الجديدة التي تحد من استخدام الأسلحة النووية. نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين، ما هي مقومات الإستراتيجية الجديدة التي اعتمدتها الإدارة الأميركية في المجال النووي؟ وإلى أي حد تتكامل فيه هذه العقيدة الجديدة أو تتقاطع مع إستراتيجيتي الردع والضربة الوقائية؟… عقيدة نووية جديدة أعلنت عنها الإدارة الأميركية تقوم بالأساس على الحد من الظروف التي يمكن أن تلجأ فيها الولايات المتحدة إلى استخدام السلاح النووي لكنها لا تستبعد استعماله ضد من تعتبرهم دولا مارقة، وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه وللمرة الأولى ستكون الوقاية من الانتشار النووي والإرهاب في صدارة الأولويات النووية للولايات المتحدة ما يؤكد الأهمية الحيوية لمعاهدة عدم الانتشار النووي.
[تقرير مسجل]
نبيل الريحاني: فيما يشبه إعادة ترتيب لأوراق أميركا النووية استبق باراك أوباما معاهدة ستارت الجديدة المزمع توقيعها مع روسيا الخميس المقبل في براغ بإعلان قيود جديدة ستفرض على إدارة واستخدام الأسلحة النووية، عقيدة جديدة تقوم على أن الإرهاب النووي يشكل أكبر خطر فوري قد يتهدد الولايات المتحدة في وجودها وأن واشنطن لن تستخدم سلاحها النووي ضد من لا يمتلك هذا السلاح ولكنه يلتزم باتفاقية منع انتشارها، وأنها ستعزز من قدراتها التقليدية في الرد على أي هجمات غير نووية قد تستهدف مصالحها في إشارة إلى دول هي إيران وكوريا استثنتهما هذه القواعد الجديدة، رؤية ترجمها وزير الدفاع روبرت غيتس عمليا عندما أعلن أن كل الخيارات مفتوحة في التعامل مع طهران وبيونغ يانغ إذا ما شكلتا تهديدا وجوديا للأمن القومي الأميركي ملوحا برد تقليدي مدمر على أي هجوم نووي أو بيولوجي قد يشنه أحدهما على أميركا وهو الرد الذي طالما أثار خلافات أميركية روسية في كيفية التعاطي مع مثل هذه التحديات، فإذا كانت موسكو وواشنطن تتقاسمان الرغبة في تطويق ما تسميانه الإرهاب النووي والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل وتقليص دورها في أي حرب محتملة فإن العاصمتين تتصادمان في كثير من المحاور المهمة وهو الأمر الذي بدا واضحا في شهور طويلة من المفاوضات المضنية حول الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا وهي الدرع التي اشترطت روسيا ثمنا لتوقيع معاهدة ستارت الجديدة ألا تمس مجالها الحيوي، استجابت الولايات المتحدة للمطلب الروسي بنحو ما وجعلت تراجع إستراتيجيتها النووية على ضوء متغيرات أقنعتها بأن الزمن لم يعد زمن الردع في سياق الحرب الباردة وأن عقاربه باتت تشير إلى قوى أخرى صاعدة اقتضت مفهوم الحرب الاستباقية بعد هجمات سبتمبر وها هي اليوم تتطلب في نظر الإدارة الأميركية مضاعفة القدرات التقليدية على حساب تلك النووية ما سيستدعي بالنتيجة تحديثا لبنك الأهداف ولمنظومة الأسلحة المناسبة لها. توازنات للقوى لا تكف عن التغير في ساحة ليست واشنطن اللاعب الحصري فيها، ففي المشهد النووي الدولي أكثر من قوة ورؤية لا تستطيع المقاربة الأميركية الجديدة تجاهلها في كل الأحوال.
[نهاية التقرير المسجل]
مقومات الإستراتيجية الجديدة ودلالات توقيت الإعلان عنها
لونه الشبل: ومعنا في هذه الحلقة من واشنطن ديفد ساتر الخبير في الشؤون السياسية والإستراتيجية في معهد هدسون للدراسات السياسية، ومن القاهرة الدكتور محمد عبد السلام الخبير في شؤون التسلح النووي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية. وأبدأ معك من واشنطن سيد ساتر، حتى الآن كل ما فهم من هذه الإستراتيجية الجديدة هي أن الولايات المتحدة لن تستخدم السلاح النووي ضد دول لا تمتلك هذا السلاح ما عدا الدول التي تسميها بالمارقة، ولن ترد نوويا إذا استخدم ضدها سلاح كيماوي أو تقليدي أو جرثومي، فقط هذا كل ما هو معروف أو معلوم عن هذه الإستراتيجية الجديدة؟
ديفد ساتر: نعم نعم تماما ذلك ما هو معلوم حتى الساعة.
لونه الشبل: لكن أثيرت ضجة كبيرة حول هذه الإستراتيجية، أليس هناك من بنود أخرى سربت أو عرفت حول خفض الترسانة النووية مثلا، نقاط أخرى حول هذه الإستراتيجية؟
ديفد ساتر: نعرف بأن الأميركان والروس اتفقا على اتفاقيات لتقليص الأسلحة وهذه ستقلص حجم المخازن النووية هذا معروف، بالإضافة إلى ذلك ولكن له صلة به هو العقيدة النووية الجديدة التي ذكرتموها، كل هذه القضايا مجتمعة لها علاقة مع رغبة الرئيس أوباما ليعمل على تحقيق عالم خال من الأسلحة النووية بغض النظر ما إذا كان ذلك الطموح واقعيا أم لا.
لونه الشبل: يعني بمعنى آخر هل عادت أميركا إلى عام 1978 عندما تعهدت بعدم استخدام السلاح النووي ضد دولة لا تملكه رغم ما جرى فيما بعد من نقض هذا الاتفاق، هل عادت واشنطن فقط إلى عام 1978؟
ديفد ساتر: أعتقد أن ما يحدث الآن هو محاولة من طرف إدارة أوباما لتغيير الموقف الأميركي النووي بشكل يشجع الحراك باتجاه القضاء بشكل عام على السلاح النووي، بالرغم من ذلك فإنه على الأمد الطويل هذا ربما لا يكون واقعيا إذا هناك بعض الناس يراودهم السؤال بشأن ضرورة القيام بهذه التغييرات التي أعلن عنها الرئيس أوباما، بالرغم من ذلك فهو يبدو أنه ملتزم بهذه التغيرات.
لونه الشبل: طيب يعني طالما أنه ليس هناك من معلومات واضحة حول بنود الإستراتيجية، لنحاول أن نفهم التوقيت، هل تم الإعلان عنها الآن قبل عشرة أيام من انطلاق المؤتمر الدولي المتعلق بالحد من استخدام السلاح النووي لإعطاء صورة القدوة من قبل واشنطن لدول العالم المشاركة مثلا؟
ديفد ساتر: أعتقد أن تلك هي النية، ما إذا كان سيكون لها تلك النتيجة أم لا، لا أدري، المشكلة هي أن الكثير من دول العالم تلتزم باتفاقية حظر الانتشار النووي وليست بحاجة إلى أن تتأثر باتجاه التخلي عنها لأن هذه الدول ليست لها أسلحة نووية أصلا، المشكلة تتعلق بتلك الدول التي هي إما تطور أسلحة نووية مثل إيران أو أنها لديها وربما تستخدمها مثل كوريا الشمالية، إذاً هناك شك كبير بأن أي شيء سيحدث في هذا المؤتمر سيكون له أي تأثير على هاتين الدولتين.
لونه الشبل: بعد أحداث سبتمبر قيل بأن السلاح النووي وإن كان من تحت الطاولة سمح باستخدامه ميدانيا، الآن في ظل ما يجري في هذه الإستراتيجية هل عاد السلاح النووي بالنسبة للولايات المتحدة سلاحا ردعيا فقط؟
ديفد ساتر: لقد كان دائما سلاحا للردع وقد كان ذلك الهدف منه أي توفير الردع، بالتأكيد خلال الحرب الباردة كان هناك سيناريوهات كثيرة لاستخدام السلاح النووي ولكن بشكل عام فإن هدف الولايات المتحدة والناتو هو إحداث الردع لأي اعتداء وليس استخدام السلاح النووي وهذا لا يزال هو الدور الذي يلعبونه.
لونه الشبل: سيد ساتر في عام 2002 وتحديدا في يناير من نفس العام قدم رامسفيلد مشروعا للكونغرس باسم إعادة النظر في السياسة النووية ملخصه أن هناك أهدافا تحت الأرض لا يمكن الوصول إليها بالأسلحة المتوفرة والتوصية الطويلة بالنهاية أوصى بضرورة العودة إلى التجارب النووية وإنه إذا كان هناك بعض الأهداف تحت الأرض لا يمكن الوصول إليها لا مانع، ما فهم من هذه التوصية من استخدام بعض الأسلحة النووية.
ديفد ساتر: إنها العقيدة كما وصفها الرئيس أوباما لا تستثني استخدام السلاح النووي ضد الدول التي تمثل تهديدا للولايات المتحدة والتي لا تلتزم مع معاهدة حظر الانتشار النووي، إذاً ونتيجة لذلك فقد يكون بالإمكان ومن الوارد أن تحدث مثل هذه الضربات حتى بوجود هذه العقيدة.
لونه الشبل: دكتور محمد عبد السلام في القاهرة عذرا بداية أطلنا التواصل معك وذلك لمشكلة تقنية من المصدر أرحب بك مرة أخرى في ما وراء الخبر، تحدثنا بكثير من النقاط مع السيد ساتر علك قمت بالاستماع لكن لنستفيد من خبرتك، هذه الإستراتيجية قالت واشنطن إنها تهدف إلى منع الإرهاب النووي ومنع نشر الأسلحة النووية وتقليص دور هذه الأسلحة في إستراتيجية أميركا المتعلقة بالأمن القومي، ما تسرب من هذه الإستراتيجية حتى الآن وما ظهر، هل يحقق هذا الهدف برأيك؟
محمد عبد السلام: لا، لا يحقق هذه المسألة على الإطلاق، الناس فهمت لفترة طويلة أن منع الإرهاب النووي يتم باستخدام أسلحة نووية هذا منطق ديك تشيني عندما تصور أن هناك علاقة بين النظام العراقي السابق وبين القاعدة وأن هذه الأنظمة يمكن أن تقدم تكنولوجياتها النووية إلى جماعات الإرهاب وبالتالي يجب ضرب هذه الأنظمة لكي لا تقدم ما لديها لجماعات الإرهاب، هذه مسألة غير قائمة الآن، الآن تعود إدارة أوباما إلى منطق الردع لكن الردع ناقص، هو لم يتحدث.. يعني ما قاله مهم لكن ما لم يقله أيضا أنه لم يتبن فكرة الدفاع النووي التي أثارت روسيا لفترة طويلة أنه أيضا لم يتبن بوضوح فكرة الهجوم النووي اللي هو الاستخدام الأول ضد دول لا تمتلك أسلحة نووية زي ما رامسفيلد كان بيقول، وتم تحديد سبق دول في الإدارة السابقة وبالتالي هناك عودة الآن إلى الردع لكن الردع الذي يحمل بعض علامات الاستفهام حول فكرة الاستخدام الأول تحديدا وبالذات ضد إيران وكوريا.
لونه الشبل: هل لتوقيت هذا الإعلان قبل أسبوع تقريبا من توقيع اتفاقية ستارت الجديدة في براغ مع ميدفيدف بين أوباما وميدفيدف رابط ما؟
محمد عبد السلام: لا، هو أوباما كان مهتما طوال الوقت في الموضوع النووي وكانت لديه حتى في الحملة الانتخابية اجتهادات جيدة جدا في موضوع الانتشار النووي وأن الانتشار النووي لا يرتبط فقط بمن يمتلك لكن بمن يرد، في الفترة التالية طرح مبادرة خاصة بالشرق الأوسط ترتكز على فكرة الوقود لكن انشغل في أمور داخلية وعاد مرة أخرى للحديث عن الاستخدام، هو الآن لا يتحدث عن الامتلاك، الامتلاك يتم التفاوض معه ثنائيا مع روسيا عن طريق الخفض، الامتلاك تمت الإشارة إليه من خلال فكرة أننا لن نحدث أو الولايات المتحدة لن تحدث أسلحة جديدة، ولكن الآن يتحدث بالفعل عن الاستخدام، لها علاقة بروسيا ولها علاقة بالمؤتمر القادم لمراجعة منع انتشار الأسلحة النووية، لها علاقة بمبادرته السابقة التي طرحها وسط أوروبا وبالتالي هو يريد.. يعني هناك تفاعلات كثيرة تشير إلى أنه يريد إطلاق موجة من الحديث عن الانتشار النووي.
لونه الشبل: موجة عن الانتشار النووي أم كما كان يعد في حملته الانتخابية والتي كانت سببا في فوزه تخليص العالم من السلاح النووي، في قراءة سريعة لعدد الدول أو النادي النووي هي كثيرة، المعلن عنها حتى الآن أميركا روسيا بريطانيا فرنسا الصين الهند باكستان وكوريا.
محمد عبد السلام: الهدف غير واقعي كما سمعنا من السيد في واشنطن الآن، تخليص العالم من السلاح النووي كان مفهوما طوال الوقت أنه هدف غير واقعي وأنه يمكن الحديث عنه في إطار خمسين أو مائة سنة، العالم يمكن خفض المخاطر الخاصة بامتلاك الأسلحة النووية عن طريق الخفض المتبادل لكن إنهاء الأسلحة النووية بشكل كامل الآن لدينا الدول الخمس ثم ما يسمى الـ B3 إسرائيل والهند وباكستان زائد واحد اللي هي كوريا الشمالية، وهناك ثلاثة دولة تم ملاحظة أن لديهم اهتمام مقلق بالأسلحة النووية، وهناك حديث عن رد فعل السعودية ومصر إذا امتلكت إيران وبالتالي فكرة التخليص أتصور أنها مثالية للغاية الآن.
لونه الشبل: سيد ساتر يعني يتفق معك الدكتور عبد السلام بهذه النقطة بأنها يعني مثالية أكثر من اللازم لكن يعني هل من تفسير لماذا حدثت كل هذه الضجة لإعلان الإستراتيجية الجديدة ولم يخرج عنها وحتى في المؤتمر الصحفي اليوم وأربع متحدثين من كبار مسؤولي الإدارة الأميركية إلا بندين فقط؟
ديفد ساتر: يمكننا أن نشرحه من خلال الوضعية السياسية المحلية الأميركية، هناك أناس في أميركا لديهم رغبة مثالية لإنهاء الأسلحة النووية هؤلاء يلقون باللائمة على اهتمام العالم.. في توترات العالم على الأسلحة النووية واستخدامها وكنتيجة لذلك فإن الرئيس أوباما حاول أن يتوجه إلى هذا الجزء من الرأي العام الأميركي ولكن واقع الأمر هو أن هذا ليس واقعيا، كما قال الضيف الآخر فكروا في كمية الأسلحة التي يودون القضاء عليها، إذاً الخطوة التي تم اتخاذها والتي تهدف إلى تحقيق ذلك الهدف هي الأخرى ليست حقيقية أو أنها ليست ضرورية بالأحرى.
لونه الشبل: طيب باختصار شديد سيد ساتر فقط لنفهم خاصة وأنه ليس هناك إلا من بندين يعني استطعنا فهمهم من هذه الإستراتيجية، واشنطن لن تستخدم هذا السلاح مع دول لا تمتلكها إلا مع ما سمته الدول المارقة، بمعنى هل يمكن في يوم ما أن تضرب واشنطن طهران أو كوريا مثلا بسلاح نووي؟
ديفد ساتر: هذا يعني أن هذه الإمكانية لم يتم استثناؤها.
لونه الشبل: بكل الأحوال سنحاول إذاً أن نفهم إلى أي حد تتكامل الإستراتيجية النووية الجديدة وما صدر من قليل منها يعني أو تتقاطع مع إستراتيجيتي الردع والضربة الوقائية السابقتين بعض الفاصل كونوا معنا.
[فاصل إعلاني]
تقاطع الإستراتيجية الجديدة مع الردع والضربة الوقائية
لونه الشبل: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة التي نناقش فيها تفاصيل الإستراتيجية النووية الأميركية الجديدة أو حقيقة ما رشح عنها حتى الآن. وأعود إليك دكتور عبد السلام في القاهرة، هل من رابط أو تكامل أو تقاطع مع إستراتيجيتي الردع التي كانت على زمن الحرب الباردة بين واشنطن والاتحاد السوفياتي والضربة الوقائية التي سمعنا بها منذ تولي الرئيس جورج بوش وأحداث 11 سبتمبر وهذه الإستراتيجية؟
محمد عبد السلام: نعم بالتأكيد الإستراتيجية الكلاسيكية جدا للردع التي سادت خلال الحرب الباردة تقول إن الدولة لن تستخدم أسلحتها النووية أولا لكنها ستحتفظ بقدرة نووية يمكنها أن تعاقب الدولة الأخرى حتى إذا قامت الدولة الأخرى بضربها أولا، الآن يقول السيد أوباما إنه لن يستخدم أسلحته النووية أولا ضد الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية لكن إذا قامت هذه الدول باختراق معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وحاولت امتلاك أسلحة نووية يمكن -لم يقل ذلك صراحة- يمكن أن تستخدم الأسلحة النووية ضدها. وبالتالي هو بين الردع المفهوم وبين ما قال به الرئيس جورج بوش اللي كان بيقول عندنا سبع دول لا تمتلك أسلحة نووية وحنضربها في حالات أقل من تهديد بقاء الولايات المتحدة، بالتالي هو بيحاول يلاقي حلا وسطا بين الاثنين.
لونه الشبل: إذاً يعني نحن ما سمعنا به اليوم حتى الساعة هو بين الاتفاقيتين، هي الثالثة لكنها بين الإستراتيجيتين.
محمد عبد السلام: نعم بين إستراتيجية تقول لا نستخدم الأسلحة النووية إذا لم يضربنا أحد بها وبين الاستثناءات تقول إنه إذا حاولت دولة أن تسعى ربما نضربها، ثم إذا حاولت دولة أن تستخدم أسلحة تدمير شامل سنستخدم ضدها قوات تقليدية لكن لم يقل إلى أي مدى يمكن أن تقرر القيادة العسكرية الأميركية استخدام قوات تقليدية إذا ضربت بشحنات نووية على نمط الإرهاب النووي وبالتالي لسه في بعض الملامح لفكرة الضربة الأولى.
لونه الشبل: سيد ساتر هل ترى هذه الإستراتيجية بنفس المنظور، فكرة ملامح لضربة وقائية وبنفس الوقت فيها من الردع ما فيها؟
ديفد ساتر: نعم أعتقد أن هذا تصنيف منصف، الهدف من النظام النووي هو للردع لكن العقيدة تترك إمكانية ضربات استباقية في حالة هذه الدول التي لا تلتزم بمعاهدة حظر الانتشار النووي وتقوم بتطوير سلاح نووي لأهداف عدائية.
لونه الشبل: لكن يعني بعد أن وقعت أميركا عام 1978 أو تعهدت بعدم استخدام السلاح النووي ضد دولة لا تمتلكه، بيل كلينتون في عام 1996 وتحديدا في سبتمبر/ أيلول وقع مذكرة رئاسية تراجع فيها عن التعهد الذي أقر في عام 1978، ما الذي يمنع تكرار نفس السيناريو سيد ساتر؟
ديفد ساتر: نفس السيناريو في الولايات المتحدة تقصدين وعدا من أميركا بعدم استخدام السلاح النووي أولا، هل هذا هو سؤالك؟
لونه الشبل: سؤالي ألا تقوم واشنطن بنقض هذه الإستراتيجية مرة أخرى لأسباب تراها هي تضر بأمنها القومي؟
ديفد ساتر: كنت تتحدثين عن الإٍستراتيجية الحالية.
لونه الشبل: نعم.
ديفد ساتر: الإستراتيجية التي أعلنها الرئيس أوباما للتو. فمن الواضح بالنسبة لي أن الإدارة الأميركية لا تريد أن تصل إلى موقف يتعلق بإيران وكوريا الشمالية موقع يقدم لهم أي ضمانات بأنهما إذا تواصلا بسياستهما العدائية يمكن أنهما يحصلا على الحماية وألا يخافا من الولايات المتحدة، أعتقد أن هذا هو جوهر الموضوع وبالرغم من أن الولايات المتحدة تحاول أن تراجع عقيدتها صوب التوصل إلى تقليص أو القضاء على السلاح النووي ما من أحد في الإدارة الأميركية أو من الحزبين يود أن يقدم ضمانا لإيران على سبيل المثال بأنها يمكنها أن تمضي وتقوم بما تقوم به بدون التعرض لمخاطر نتيجة لذلك.
لونه الشبل: دكتور عبد السلام إذا كانت هذه الإستراتيجية كما ذكرت واتفق معك السيد ساتر على ذلك بين الاثنتين السابقتين الردع والضربة الوقائية، إلى أي مدى تطمئن إذاً موسكو قبيل التوقيع الرسمي على ستارت الجديد؟
محمد عبد السلام: تطمئن موسكو تماما لأن الأمر لا يتعلق بموسكو، موسكو الإستراتيجية المعتمدة لها هو الشق الخاص بالردع أنها لن تضرب أولا لكن الولايات المتحدة بطبيعة الحال ستحتفظ بـ 1550 سلاح نووي في حالة إذا طرأت الضربة الروسية وما فيش مشكلة عند روسيا في هذا الأمر لكن ما لم يقله أوباما أو العسكريون الأميركيون الآن إنهم تخلوا تماما عن إستراتيجية -لا أقول تماما، تخلوا الآن- عن إستراتيجية الدفاع النووي الخاصة بإقامة نظام للدفاع الصاروخي في وسط أوروبا على الأقل لحد 2015 وبالتالي هذا النظام الذي كانت روسيا تراه هجوميا وليس دفاعيا قد انتهى الآن وبالتالي يمكن التوقيع الآن على معاهدة خفض دون مشاكل، الإستراتيجية الجديدة تقدم لموسكو ميزة غير عادية فيما يتعلق ليس فقط بالخفض الذي سيتم توقيعه لكن إستراتيجية الاستخدام الدفاعية التي كان من الممكن أن توظف هجوميا والتي أثارت موسكو لفترة طويلة ماضية.
لونه الشبل: والمقابل برأيك؟
محمد عبد السلام: المقابل أنه سيتم تعاون ما بين الولايات المتحدة وروسيا فيما يتعلق بالتعامل مع المشكلات النووية الحالية اللي هي مرتبطة بإيران وبكوريا الشمالية، هذا لا يقال كثيرا لكن هناك مؤشرات ترتبط به أن موسكو أيضا سوف تتعاون في عدم إخافة الحلفاء الأميركيين في منطقة أوروبا الوسطى والمناطق الملاصقة لها في منطقة وسط آسيا.
لونه الشبل: سيد ساتر على ذكر التعاون قيل بأن الإعلان اليوم هو فقط إشارة انطلاق لحوالي عشرة أيام من الدبلوماسية المكثفة حول الشؤون النووية مع كثير من الدول منها من سيحضر القمة في واشنطن ومنها موسكو ربما ومنها دول أخرى مثل الصين، إلى أي مدى فعلا الآن تواجه واشنطن دبلوماسية نشطة يجب أن تتحرك لتسويق -إن شئت- هذه الإستراتيجية؟
ديفد ساتر: حسنا، الإستراتيجية التي نتحدث عنها هي إستراتيجية أميركية إذاً لا أرى بأن روسيا تحاول أن تدفع بها، ما هو واضح هو أن الولايات المتحدة تتخذ موقفا بشأن القضية النووية نأمل أن تكون مرضية للجانب الروسي وهناك أمل في أميركا بأنه في المقابل روسيا ستتعاون مع الولايات المتحدة بقضايا مهمة لأميركا.
لونه الشبل: شكرا جزيلا لك من واشنطن ديفد ساتر الخبير في الشؤون السياسية والإستراتيجية في معهد هدسون للدراسات السياسية وبالطبع أشكر من القاهرة الدكتور محمد عبد السلام الخبير في شؤون التسلح النووي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية. بهذا تنتهي هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر، كما العادة ننتظر مساهماتكم بإرسالها على بريدنا الإلكتروني indepth@aljazeera.net غدا إن شاء الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، أستودعكم الله.