
أبعاد النقاش الدائر حول الأجور في مصر
– موقف القضاء الإداري وكيفية تعامل الحكومة معه
– الإجراءات المطلوبة لتحقيق التوازن بين الأجور والأسعار
![]() |
![]() |
![]() |
محمد كريشان: دعت محكمة القضاء الإداري في مصر الحكومة والمجلس القومي للأجور إلى وضع حد أدنى للأجور في البلاد واعتبرت المحكمة ذلك حقا دستوريا آن الأوان لتسييده بدل أن يبقى شعارا بعيدا عن أرض الواقع، وكانت مصر شهدت في الآونة الأخيرة تصاعد مطالب العمال احتجاجا على انخفاض أجورهم بقدر كبير قياسا إلى ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة اليومية. نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه من زاويتين، كيف ستتعامل الحكومة مع دعوة القضاء الإداري برفع الحد الأدنى للأجور؟ وما هي الإجراءات الواجب اتخاذها لتحقيق التوازن بين الأجور الراكدة والأسعار المرتفعة باستمرار؟… السلام عليكم. قضت إذاً محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري بإلزام الحكومة بتحديد حد أدنى للأجور يتناسب مع تنامي غلاء المعيشة في أكثر الدول العربية سكانا، يأتي ذلك في الوقت الذي يعيش فيه حوالي خمس المواطنين المصريين تحت خط الفقر المدقع وسط واحدة من أشد موجات الغلاء منذ عقود.
[تقرير مسجل]
محمد البلك: جاء قرار محكمة القضاء الإداري في مصر بإلزام الحكومة بتحديد حد أدنى للأجور في ظل معاناة أكثر الدول العربية سكانا من واحدة من أكبر موجات الغلاء المعيشي منذ عقود، كما جاء قرار المحكمة وسط تنامي المطالب العمالية الداعية لزيادة الأجور لتحقيق حد أدنى من التوازن بين الأجور والأسعار وهي النقطة المحورية التي استند إليها المركز المصري لحقوق الإنسان الذي رفع تلك الدعوة القضائية، منظمة العمل الدولية كانت قد عمدت أيضا إلى مطالبة الحكومة المصرية بتعديل الحدود الدنيا الراهنة لأجور العمال كي يعيشوا حياة كريمة.
خالد علي/ المركز المصري لحقوق الإنسان: لما يبق في موظفين زي مركز المعلومات بيأخذوا 99 جنيه، موظفو التشجير في وزارة الزراعة بيأخذوا أربعين جنيه، الجسم الغالب من العمالة في مصر عمالة مؤقتة وموسمية وعرضية مرتبها ما بيزيد عن ثلاثمائة جنيه، ده في الحقيقة الموضوع مش كافي، ده غير إنساني الناس ما تقدرش تعيش فيه، في الوقت أن كيلو اللحمة دلوقت بقى بثمانين جنيه و بـ 75 جنيه.
محمد البلك: وشكلت قضية الأجور محور السواد الأعظم من الوقفات الاحتجاجية التي نظمها العمال في مصر في السنوات الأخيرة في دولة يصل معدل الفقر فيها إلى 40% وفق التقديرات، إلا أن ثمة من يرى أن وضع الحد الأدنى للأجور يمثل مسألة معقدة للغاية لأنها تختلف بين القطاعين الحكومي أو العام من جهة والقطاع الخاص وفق كثيرين، فهناك من يعتقد أنه لو جرى إجبار القطاع الخاص مثلا على رفع الحد الأدنى مثلا فإن هذا الأمر قد يدفع أرباب الأعمال إلى تسريح عمال لتوفير الزيادات المالية المفروضة عليهم.
صابر بركات/ عضو اللجنة التنسيقية للعمال: ظاهرة الاحتجاج هي ترجمة لزيادة الاعتداء على حقوق الناس هي ترجمة لصراخ الناس من الظلم الواقع عليها، إذا اختفى الظلم حيختفي الاحتجاج، طبعا مش حيختفي الظلم تماما أكيد ومن ثم مش حيختفي أبدا الاحتجاج تماما لكن حيختلف ومن ثم لو الناس أخذت حقها في أجر عادل يعني أغلب هذه الاحتجاجات ستختفي.
محمد البلك: وتحتاج مصر إلى نحو 3,5 مليار جنيه سنويا لتوفير نحو 620 ألف فرصة عمل خلال المدى الزمني للخطة القومية لتشغيل الشباب وهو الرقم الذي سيتضاعف في حال التزام الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور، ويخشى مراقبون من تزايد أعداد البطالة إذا ألزم قرار المحكمة القطاع الخاص برفع الحد الأدنى للأجور إذ قد يلجأ هذا القطاع إلى التخلص من بعض العمال لذا فإنه من الضروري العمل على ضمان الحد الأدنى للأجور مع عدم التخلص من العمالة. محمد البلك، الجزيرة، القاهرة.
[نهاية التقرير المسجل]
موقف القضاء الإداري وكيفية تعامل الحكومة معه
محمد كريشان: ومعنا في هذه الحلقة من القاهرة الدكتور عبد الفتاح الجبالي نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية وعضو اللجنة الاقتصادية في الحزب الوطني الحاكم، ومن العاصمة المصرية أيضا الدكتور فرج عبد الفتاح فرج أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة وعضو اللجنة الاقتصادية في حزب التجمع اليساري المعارض، أهلا بضيفينا. الدكتور عبد الفتاح الجبالي، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وهو الذي أقام هذه الدعوة وصف هذا الحكم بأنه حكم تاريخي وانتصار للطبقة العاملة في مصر، كيف نتوقع الآن أن تتعامل معه الحكومة المصرية؟
عبد الفتاح الجبالي: بسم الله الرحمن الرحيم. أنا أعتقد أن موضوع الأجور بشكل عام في مصر من الموضوعات المهمة واللي إحنا الحكومة المصرية شغالة عليها منذ فترة ليست بقصيرة الحقيقة، الفكرة الأساسية أنه مش بس بتحط حد أدنى للأجور ولكن أيضا بالإضافة للحد الأدنى للأجور بتحاول تصلح الخلل للأجور بشكل عام، قضية الحد الأدنى للأجور قضية مهمة ومعقدة للغاية لسبب زي ما جاء في التقرير اللي أذعتموه منذ فترة، المسألة مرتبطة بعدة عناصر، العنصر الأول هو ازاي ندي أجرا يضمن حياة كريمة ومستوى معيشة لائق للعامل، ومن ناحية ثانية إزاي هذا الحد الأدنى للأجر يتناسب مع إمكانية التشغيل بمعنى ألا يكون طاردا للقوى العاملة بحيث سيؤدي إلى مزيد من البطالة وبالتالي هناك توازن دقيق بين أنه أنا أضع حدا أدنى للأجور يتناسب مع مستوى المعيشة من جهة ومع قدرة القطاع الخاص على التشغيل من جهة أخرى. عايزين نأخذ في الحسبان عدة أمور، الأمر الأول أن الحد الأدنى للأجور ده بيطبق على من؟ بيطبق على الداخل الجدد لسوق العمل، لا يملك أي مهارات معينة تمكنه من العمل بشكل منتج وعنده مجموعة من الأمور المرتبطة بهذا الوضع، بمعنى آخر مثلا لو أخذنا الهيكل الوظيفي في القطاع الحكومي فدول في الدرجة السادسة من السلم الوظيفي ودي أدنى درجة في السلم الوظيفي للقطاع الحكومي إنما القطاع الحكومي له نظام وقوانين منظمة لهذا الموضوع وبالتالي قضية الحد الأدنى داخل هذا القطاع أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام مرتبطة بالقانون ومطبقة وما فيش مشكلة..
محمد كريشان (مقاطعا): ولكن عفوا رغم ارتباطها بالقانون، يعني المجلس القومي للأجور وهو الذي أنشئ عام 2003 -واسمح لي أذهب إلى الدكتور فرج عبد الفتاح فرج- هذا المجلس أنشئ عام 2003 ولكن الآن ومنذ سبع سنوات لم يحسم موضوع الحد الأدنى للأجور إلى أن جاء هذا القرار القضائي، أين الإشكال هنا في التعامل الرسمي مع هذه القضية؟
فرج عبد الفتاح فرج: الإشكال يكمن في النية، هل نحن بالفعل كوزارة أو كمسؤولية تنفيذية ترغب بالفعل في تحقيق حد أدنى للأجور أم أن الوضع القائم هو الوضع الأنسب والوضع السائر والوضع الذي لا يجلب أية مشكلات، حقيقة الأمر أن المجلس الأعلى للأسعار والأجور منشأ منذ أكثر من سبع سنوات وحتى زي ما تفضل الزميل عبد الفتاح وقال المسألة مسألة تاريخية، المسألة طويلة ولكن ماذا كانت النتائج على مدار السبع سنوات؟ هل حدث تحديد للحد الأدنى للأجور؟ أنا سأذكر بأمر واحد، يعني السيد الزميل بيقول إن من يدخلون سوق العمل هم من الجدد الذين ليس لديهم خبرة أو مهارات ولكن لا بد وأن يدرك أيضا مع هذا أن التدرج الوظيفي القائم على هذا السلم الذي يبدأ من نهايته بأجر ضعيف سوف يصل بنا في النهاية إلى أجور ضعيفة وبالتالي الحد الأدنى للأجور لمن هم يشغلون الدرجة السادسة مثلا والتي كان اسمها في القانون السابق الدرجة 12، في الستينيات كان اسمها الدرجة رقم 12 وكان محددا لها حد أدنى من الأجور 7,5 جنيه، 25 قرش في اليوم، فلنسأل أنفسنا سؤالا ماذا كانت تعني 25 قرش يوميا؟ كانت تعني كيلو لحمة، بكام الآن كيلو اللحمة؟ وعلينا أن نحدد الحد الأدنى للأجور، أيضا أن الأجور لا تتحدد وفقا للإنتاجية فقط وإنما الأجور يجب أن تتحدد في ظل الإنتاجية وإلى جوانبها عوامل أخرى منها العوامل الاجتماعية، فلننظر معدلات الإعالة داخل المجتمع المصري هذه مسألة لا تتصل بالإنتاجية ولكنها وضع اجتماعي يفرض نفسه على الساحة وهنا نقول إن الحد الأدنى للأجور في الوقت الحالي والذي هو 35 جنيها في الشهر أصبح غير مناسب على وجه الإطلاق وإننا يجب أن نحمي العامل وأن نقدم له حاجاته الأساسية التي تمكنه من الذهاب إلى العمل حتى وتمكنه أيضا من إذا كان هناك لديه معدلات إعالة في المتوسط ثلاثة أفراد أن تمكنه من إعالة هذه الأسرة..
محمد كريشان (مقاطعا): هو يعني غير مناسب ليس فقط للاعتبار المصري الداخلي الذي ذكرته الآن لكن حتى مقارنة ببعض الدول، يعني مثلا بيانات البنك الدولي للفترة الأخيرة تشير إلى أنه مثل في السنوات 1995، 1999 الحد الأدنى للأجور في مصر سنويا 421 دولار بينما تقريبا هي ثلاثة أضعاف في تونس، ثلاثة أضعاف في الجزائر، يعني تقريبا لا تقارن مع دول عربية أخرى.
فرج عبد الفتاح فرج: تقصد نصيب الفرد من الدخل في السنة.
محمد كريشان: نعم بالضبط.
فرج عبد الفتاح فرج: سيدي الفاضل دعني أتحدث عن هيكل الأجور في المجتمع المصري، هناك قطاعان، قطاع عام -وعام هنا أقصد به هنا المعنى الواسع للقطاع العام أي أنه يشمل أيضا القطاع الحكومي- وهناك القطاع الخاص، فلنتحدث بداية عن القطاع العام الذي يشمل القطاع الحكومي وقطاع الأعمال العام والقطاع العام، في هذا القطاع هو محكوم بقوانين ولكن هناك ملاحظة أساسية وكأن جودة الأداء هي أصبحت الاستثناء ولكننا نفترض أن الأجر هناك أجر أساسي وأجر متغير، الأجر الأساسي يجب أن يكون على طبيعة العمل التي تؤدى وفقا لجودة معينة، والاستثناء هو التميز ولكن المسألة بهذا الشكل المطبق حاليا أن يكون هناك مبلغ أقل للأجر الأساسي ومبلغ أكبر للأجور المتغيرة التي هي نظير التحسن والجودة هذا أمر غير مقبول وإنما العكس هو الصحيح، يجب أن يكون الأجر الأساسي هو الأكبر ثم تأتي الأجور المتغيرة لأن الجودة هي الأساس..
محمد كريشان (مقاطعا): يعني عفوا إشارتك للقطاع العام وللقطاع الخاص -وهنا اسمح لي أن أنقل للدكتور عبد الفتاح الجبالي- يعني موضوع أن -سيد الجبالي- الأرقام الواردة في التقارير الاقتصادية تشير إلى أن القضية ليست فقط قضية أجور متدنية جدا على المستوى المعيشي ولكن أيضا تفاوت فظيع بين فئة وفئة، بمعنى أنه مثلا في مواجهة 2009- 2010 حجم الأجور المخصص لزهاء ستة ملايين يعملون في القطاع الحكومي هو 86 مليار جنيه، لكن نجد أن هذه الـ 86 لو وزعت بين الستة ملايين سنجد أن الحد الأدنى لكل واحد هو 1200 جنيه ولكن المشكلة أن 10% تقريبا يستحوذون على أغلبية هذا المبلغ والـ 90% أجورهم ضعيفة جدا، لماذا هذا التفاوت؟ كيف ستتعامل معه الحكومة المصرية الآن؟
عبد الفتاح الجبالي: اسمح لي بس أرد على بعض الأمور اللي أثيرت وأنا أشكر حضرتك أنه أنت أشرت في الآخر لموضوع الموازنة العامة للدولة، بس خلينا نطرح بعض الأمور، لما بنتكلم على الأجر الأساسي والأجر المتغير هنا بيفهم أن الاثنين واحد فيهم أساسي بمعنى ثابت والثاني متغير بمعنى متغير وده غير صحيح، إجمالي الأجر اللي بيأخذه الموظف في القطاع الحكومي بيتضمن الأجر الأساسي والأجر المتغير والاثنين دول مش مرتبطين بنظام المكافآت والحوافز بمعنى إيه؟ بنشوف الأجر الأساسي ما فيش 35 جنيه زي ما قال الدكتور فرج للحقيقة لما نشوف أنه نحن من سنة 1987 لحد الآن بنعمل في الدولة حاجة اسمها العلاوات الخاصة كل سنة بتصدر علاوة خاصة 20%، 30% مرة، مرة طلعت بحد أدنى 30 جنيه، مرة طلعت بحد أدنى 36 جنيه، إجمالي العلاوات الخاصة وهي مضمومة للمرتب الأساسي بتصل 350% بمعنى آخر لما نحسب العلاوات الخاصة في حاجة اسمها منحة عيد العمال بقيت بتوزع شهريا على المرتب، في إضافة لعنصرين آخرين الإجمالي ده، إجمالي ما يحصل عليه الموظف بغض النظر عن أدائه في العمل، أداء ومكافآت وحوافز مرتبطة بأمور أخرى، هذا يصل بالحد الأدنى اللي أشار إليه الدكتور فرج اللي هو الـ 35 دي منصوص عليها في قانون العاملين ولكن بدءا من 1978 زي ما ذكرت بدأنا نتحايل على هذا الموضوع بإصدار العلاوات وأمور أخرى مرتبطة بده ووصل الحد الأدنى اللي هو بيقول عليه في السلم الوظيفي الحكومي لما يصل 450 جنيه، حتسألني 450 جنيه كافية؟ أقول لحضرتك لا غير كافية لأسباب كثيرة، ولكن حضرتك أشرت أن الموازنة العامة للدولة بتتحمل 86 مليار جنيه أجور، الموازنة يعني مشروع الموازنة القادم فيه 96 مليار جنيه أجور لستة مليون موظف، فالمسألة ما هياش بالبساطة اللي إحنا متصورينها، هذا الهيكل في السلم الوظيفي بأكمله لو حركت الدرجة الدنيا فيه لا بد أن نحرك السلم الوظيفي بأكمله وبالتالي إذا رفعت مرتبات بدرجة معينة لا بد أن أكون.. ممكن أرفع الحد الأدنى للأجور لألفين وثلاثة آلاف جنيه ما هي في إطار المزايدات السياسية ما فيش مشكلة إنما في إطار الواقع العملي ده حيعمل حاجتين، حيعمل عجزا كبيرا في الموازنة العامة للدولة ومن ثم ينعكس في ارتفاعات رهيبة في مستويات الأسعار وبالتالي الأجر الحقيقي الذي حيحصل عليه العامل حيكون أقل من المبلغ اللي إحنا بنتكلم عليه..
محمد كريشان (مقاطعا): نعم هو هذا بالضبط دكتور الذي يسعى الجميع لتلافيه حتى لا يؤخذ بالشمال ما أعطي باليمين، نريد أن نعرف بعد الفاصل بالتحديد الإجراءات الكفيلة بتحقيق حد أدنى من التوازن بين الأجور الراكدة والأسعار المرتفعة باستمرار، لنا عودة بعد قليل.
[فاصل إعلاني]
الإجراءات المطلوبة لتحقيق التوازن بين الأجور والأسعار
محمد كريشان: أهلا بكم من جديد. شهدت الحركة العمالية في مصر زخما جديدا في نضالاتها بعد التدهور الذي وصلت إليه أوضاع العمال، هذه النضالات وضعت هدفا لها حدا أدنى للأجور لا يقل عن 1200 جنيها مصريا، هذا المبلغ لا يتجاوز ما قيمته عشرين دولار في بلد يعول فيه العامل في المتوسط ما لا يقل عن ثلاثة أفراد ما يعني أن كل واحد منهم يعيش تحت خط الفقر، وينبغي مضاعفة الدخل الحالي عشر مرات كي يبلغ الحد الأعلى للفقر أي 240 دولارا في الشهر، هذا المقدار الذي يتجاوز في كل الأحوال سقف المطالب العمالية المتمثل في 1200 جنيه شهريا وذلك في محاولة للحاق بالزيادة التراكمية للأسعار والتي وصلت في الغذاء مثلا بين 2007 و2010 65% بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهذا التوازن الصعب بل المستحيل تقريبا بين الأجور والأسعار توضحه هذه العينة من آراء الناس في الشارع المصري.
[شريط مسجل]
مشارك1: الأجر المناسب علشان الشخص يعيش في مصر دلوقت مش أقل من ثلاثة آلاف جنيه، minimum، لأنه ما فيش.. إحنا متربيين أن الدولة بتقدم لنا خدمات، الخدمات دلوقت ما بقيتش موجودة، التعليم بقى مني لنفسي، الصحة مني لنفسي، الدواء مني لنفسي، ما فيش خدمات حكومية، والجنيه قيمته قلت، فهو minimum ثلاثة آلاف.
مشارك2: يعني أي بلد بتوزع ثرواتها على الناس بتوعها، بالعكس إحنا عندنا بالذات في مصر في ناس بتأخذ.. لو هم يدوروا على الناس اللي بتأخذ ألوفات بالمائة ألف وبالـ 150 ألف وبالمليون في الشهر ويدورا على الناس اللي هي بتأخذ ستمائة جنيه وثلاثمائة جنيه يعيشوا إزاي! هو لازم يبقى في عدالة اجتماعية، لازم يبقى في عدل، أي كلام حيعملوه مش حينفع، لازم يبقى في عدل بين الناس اللي بتأخذ المبالغ دي اللي بالعربي بتسرقها مش بتقبضها كأجر وبين الناس اللي هي بتشقى وبتتعب بيديها وبرضه مش لاقية.
مشارك3: بالنسبة للزمن ده زمن غلاء والناس كلها مخنوقة صراحة، وهو ربنا يعني قبل كل شيء هو اللي ممشيها، لأنه لو بصيت مدرسين أكل شرب ماء بصراحة الكهرباء غليت كل حاجة غليت في الدنيا، ما يقديش أقل من ثلاثة آلاف جنيه في الشهر.
مشارك4: يعني العيشة برضه صعبة شوية يعني تبص تلاقي ده تعبان وده تعبان وده تعبان ففين العيشة دي، يعني أنا بآخذ مائتين جنيه أو آخذ ثلاثمائة جنيه حيعملوا لي إيه؟!
[نهاية الشريط المسجل]
محمد كريشان: ربنا هو اللي ممشيها مثلما قال أحدهم، نريد أن نعرف دكتور فرج عبد الفتاح فرج، كيف يمكن للحكومة أن تمشيها الآن؟
فرج عبد الفتاح فرج: هو في الحقيقة في بعض التحفظات على ما سمعته من قول إن زيادة الأجور والمرتبات سيترتب عليها ارتفاع في الأسعار لأن الموازنة العامة تعاني من عجز، ذلك الكلام بيفترض افتراضا أعتقد أن الحكومة المصرية ابتعدت عنه منذ أكثر من عشرين سنة وهو التمويل بالعجز، حتى وإن كان هناك عجز في الموازنة العامة ويتم سد هذا العجز من قبل سندات الخزانة، رغم خطورته ورغم خطورة هذه السندات إلا أن ذلك مفترض ألا يؤدي إلى وجود نسبة من التضخم أو ارتفاعات في الأسعار، ولكن إذا كان ارتفاع الأسعار هو الموجة العامة في كل دول العالم الآن فلندع الأمر لنتحدث ونقول مع ارتفاعات الأسعار يجب أن يرتفع أيضا الحد الأدنى للأجور أي أن يكون هناك حدا أدنى للأجور ويراعى إعادة النظر في هذا الحد كل فترة من الفترات في ضوء ارتفاع الأسعار اللي حاصل، دي نقطة أساسية، النقطة الثانية يجب أن نضع حكم محكمة القضاء الإداري بالفعل محل التنفيذ وألا نتركه وإنما يجب أن يكون تحت بصر المنفذين الوزارة التنفيذية بحيث أن تترجم هذ الحكم إلى واقع فعلي ونعتقد أن 1200 جنيه في الشهر ده مبلغ متواضع جدا لكي يكون بداية للتعيين أو بداية كحد أدنى للأجور، ولا خوف من ذلك في إعادة النظر من جدول المرتبات بكامله ولا خوف أيضا من التمويل التضخمي لأنه ما فيش تمويل تضخمي ولا ارتفاع أسعار..
محمد كريشان (مقاطعا): ولكن الآن الخوف دكتور يعني اسمح لي فقط دكتور، الخوف الآن دكتور عبد الفتاح الجبالي أن الحكومة في مصر وهي حكومة عادة توصف بأنها حكومة رجال أعمال قد لا تشعر بهذه المعاناة حقيقة لأنها بإمكانها أن تفرض نظاما ضريبيا جديدا الآن حسبما يتردد في أغلب التقارير بأنها تساوي بين من دخله أربعين ألف جنيه في السنة أو دخله أربعين مليونا، يعني يفترض أن يكون في نظام ضريبي أكثر عدالة ربما يعالج هذه الاختلالات، هل هذا وارد؟
عبد الفتاح الجبالي: خلينا نناقش واحدة واحدة بس علشان في كلام كثير اتقال..
محمد كريشان (مقاطعا): لا هو واحدة واحدة باقي دقيقتين بس يعني ممكن أكثر من واحدة واحدة بسرعة يعني.
عبد الفتاح الجبالي: ما حضرتك ظلمتني يبقى في الوقت بشكل كبير يعني..
محمد كريشان: لا، أبدا، أبدا، ليس ما يوازي ظلم أصحاب الأجور يعني.
عبد الفتاح الجبالي: لا، ما فيش حد بيظلم حد، المسائل مظبوطة يعني، أولا حضرتك بتقول إن مثلا معدل الفقر 240 دولار في الشهر ده كلام غير دقيق حتى لو حسبت اثنين دولار في اليوم اللي هو بيقول عليه البنك الدولي ده بيحسبها بحاجة اسمها القوة الشرائية للعملة ودي بتساوي اثنين جنيه وبالتالي بيطلع حد الفقر غير الـ 240 دولار بس علشان نحسم الأمور بشكل نهائي، وأنا أقول لحضرتك، سألت المجلس القومي بيعمل إليه، أقول لحضرتك إستراتيجية كاملة بيشتغل عليها المجلس القومي للأجور لهذا الموضوع، بس خليني أقل نقطة بس سريعة، اللي قاله الدكتور فرج الصديق العزيز الحقيقة أنا مختلف معه تماما لأنه لو رفعت الحد الأدنى للأجور لـ 1200 اللي أنا قلت الحد الأدنى في السلم الوظيفي 450 معناها أنه أنت حتعمل موازنة ثانية معناها تضخم غير عادي، ده يعني أبجديات المالية العامة للهيئة. بس خلينا ننقل للقضية الأخيرة علشان حضرتك زنقتني في الوقت، إحنا في المجلس القومي للأجور عندنا إستراتيجية متكاملة للتعامل مع هذا الموضوع، أولها نحن بنقول ضرورة وضع حد أدنى للأجور يتناسب مع مستويات المعيشة ومن ثم في حوار دلوقت داير، المجلس القومي للأجور بيضم نخبة من اتحاد العمال مع رجال الأعمال مع ممثلي الحكومة مع خبراء، إحنا شغالين في حوار مع الأطراف كلها للوصول إيه الحد الأدنى الأمثل اللي يحقق الأهداف اللي أنا قلتها في البداية، يضمن مستوى معيشة لائق للعاملين وفي نفس الوقت ما يعملش قوى طاردة للعمل ويؤدي إلى مزيد من البطالة، الحاجة الثانية أنه يتحرك هذا لحد الأدنى للأجور بالتحرك مع مستويات الأسعار سنويا مع الرقم حاجة اسمها الرقم القياسي للأسعار اللي بيصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الحاجة الثالثة إصلاح الخلل في هيكل الأجور نفسه يعني إحنا مش حنصلح بس الحد الأدنى ونسيب بقية السلم الوظيفي في خلل برضه في مستويات الأجور فده محاولة لإصلاح الخلل.
محمد كريشان: شكرا جزيلا لك دكتور عبد الفتاح الجبالي، شكرا أيضا لضيفنا من القاهرة أيضا الدكتور فرج عبد الفتاح فرج. على كل ربما الحالة المصرية ليست هي الحالة الفريدة ولكن على الأقل ما قررته محكمة القضاء الإداري كان فرصة لطرح هذه الإشكالية الموجودة في أكثر من قطر عربي، دمتم في رعاية الله وإلى اللقاء.