ماوراء الخبر - مسار الأزمة بين دول حوض النيل - صورة عامة
ما وراء الخبر

أبعاد أزمة حوض النيل بين دول المنبع والمصب

تناقش الحلقة أبعاد أزمة حوض النيل بين دول المنبع والمصب، في ظل منحى تصاعدي تتجه إليه الأزمة بين دول حوض النيل بعد إصرار دول المنبع على توقيع اتفاق إطاري جديد حول تقاسم مياه النهر رغم تحذيرات القاهرة.

– جوانب الأزمة ومواقف الأطراف منها
– خيارات مصر وسيناريوهات حل الأزمة

محمد كريشان 
محمد كريشان 
عطية عيسوي
عطية عيسوي
 وليام زارتمان
 وليام زارتمان

محمد كريشان: اتهمت اثيوبيا مصر بالمماطلة في ملف تقاسم مياه النيل وقالت إنها ستوقع ودول المنبع الست الأخرى اتفاقا إطاريا منتصف الشهر القادم حول ما سمته الاستخدام العادل لمياه النيل، وكانت القاهرة قد قالت إنها ترفض أي اتفاق لا يضمن حقوقها التاريخية في مياه النهر. نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه من زاويتين، إلى أين تتجه أزمة حوض النيل بين دول المنبع والمصب خاصة لجهة انعكاسها على إدارة مياه النيل مستقبلا؟ وكيف يمكن أن تدافع مصر على حصتها في حال توقيع دول المنبع على اتفاق جديد لتقاسم مياه النهر؟… السلام عليكم. في منحى تصاعدي تتجه الأزمة بين دول حوض النيل خاصة مع إصرار دول المنبع على توقيع اتفاق إطاري جديد حول تقاسم مياه النهر في منتصف الشهر المقبل رغم تحذيرات القاهرة بأن محاولة المساس بما تسميه حقوقها التاريخية المكتسبة خط أحمر، فهل تفتح الخلافات بين دول المنبع والمصب الطريق نحو مفاوضات جديدة بعد فشل مباحثات شرم الشيخ الأسبوع الماضي أم نحن أمام نزاعات جديدة في القارة السمراء؟

[تقرير مسجل]

أمير صديق: ما بين منبع النيل وما بين مصبه ليس عامرا هذه الأيام، أو مياهه التي ظلت منذ الأزل تطفئ ظمأ الأرض على طول 6500 كيلومتر تشعل الآن نيران خلافات تنذر إن لم تحل بأوقات يتأذى فيها بعض أبناء النيل من بعضهم الآخر. قصة الخلاف القديم حول حصص مياه النهر التي تم ترحيلها مرارا في السابق عادت تطل برأسها من جديد على وقع مطالب دول المنبع بما تسميه تقسيما عادلا لمياه النيل، لكن المطالب التي طرحت شهورا على طاولة التفاوض بين ممثلين عن دول الحوض التسع تحولت إلى تهديد بتوقيع اتفاق وشيك لإعادة توزيع مياه النيل تبرمه دول المنبع السبع وهي إثيوبيا وكينيا وأوغندا وبورندي ورواندا وتنزانيا والكونغو الديمقراطية. وفي مواجهة تهديد دول المنبع وقفت دولتا المصب مصر والسودان، مصر الأعلى نبرة والأكثر حدة في رفض هذا التهديد قالت إن حقوقها في مياه النيل مسألة أمن قومي وإنها قضية حياة أو موت، وعلى مسافة منها وإن في صفها وقف السودان داعيا إلى التوافق بين دول الحوض بوصفه المخرج الوحيد من الأزمة الحالية، مع تأكيد القاهرة والخرطوم على عدم المساس بما تقره الاتفاقيات السابقة من حقوق مائية لمصر والسودان. ولكن دول المنبع تقول إن هذه الاتفاقيات لا تمثل إرادتها الوطنية نظرا لأنها وقعت في عهد الاستعمار، مضيفة أن الكثير من المتغيرات البيئية والديموغرافية مرت على هذه الدول وأنه يجب على ضوئها إعادة النظر فيما أحاق بها من ظلم طوال العقود السابقة حسبما تقول. حجج تقابلها مصر بأن على هذه الدول الابتعاد عن مياه النيل وحل مشكلاتها عبر البدائل المائية الأخرى مع تلميح بعض الجهات المصرية إلى وجود أيد أجنبية وراء إصرار دول المنبع على إعادة تقسيم مياه النيل، تهمة أثارت فيما يبدو غضب بعد دول المنبع التي رأت فيها نوعا من الوصاية والتعامل الفوقي تعمق من وجهة نظرها الشرخ القائم أصلا بين منبع النهر ومصبه وخاصة مصر المستفيد الأكبر من مياه النيل.

[نهاية التقرير المسجل]

جوانب الأزمة ومواقف الأطراف منها


محمد كريشان: ومعنا في هذه الحلقة من القاهرة عطية عيسوي محرر الشؤون الإفريقية في صحيفة الأهرام القاهرية ومن واشنطن وليام زارتمان مدير دراسات إفريقيا في جامعة جون هوبكنز، أهلا بضيفينا. سيد عيسوى في القاهرة برأيك إلى أين يمكن أن تسير هذه الأزمة؟


عطية عيسوي: هناك احتمالان الأول هو أن تعيد دول المنبع التفكير مرة أخرى في المبادرة المصرية التي تقدمت بها القاهرة عام 1999 للتعاون بين دول الحوض لتوفير جزء ولو يسير من حوالي 1590 مليار متر مكعب تسقط على دول الحوض لا تستفيد منها وتضيع في الفوالق الجبلية والبخر والمستنقعات أو تواصل التمسك بسياساتها وتصعد الموقف وتمضي في التوقيع على الاتفاقية كما تقول وتتجاهل مطالب مصر والسودان وهنا سيكون رد فعل مصر بالطبع أنها لن تسكت وستستخدم كل الوسائل الممكنة للدفاع عن حقوقها التاريخية المكتسبة، لأن مصر تعتمد بنسبة 95% على مياه النيل بينما لا تعتمد أكبر دولة من دول المنابع سوى على 5% فقط وهي بوروندي، إثيوبيا التي تقود الحملة تعتمد بنسبة 1% على مياه النيل، كينيا بـ 2% تنزانيا 3%، حتى الكونغو الديمقراطية التي لا تعتمد سوى بنسبة 0,1% أيضا تطالب بإلغاء اتفاقيات موروثة عن الاستعمار وتترك حوالي 1200 مليار متر مكعب تضيع من نهر الكونغو في المحيط الأطلنطي. الاتفاقيات الدولية مع مصر القانون الدولي مع مصر والسودان، معهد القانون الدولي عام 1961 أقر مبدأ الحفاظ على الاتفاقات الدولية الخاصة بالأنهار العابرة للدول..


محمد كريشان (مقاطعا): يعني بالنسبة للخيارات التي يمكن أن تكون متاحة لمصر سنناقش ذلك في الجزء الثاني من البرنامج، ولكن مهم جدا ما طرحته وسأنقله لضيفنا في واشنطن، طرحت أحد احتمالين، إما أن تعود دول المنبع إلى مبادرة مصر عام 1999 وهي ما عرف بمبادرة حوض النيل أو تمضي قدما في توقيع اتفاقية تبعد كل من مصر والسودان. لنر السيد زارتمان ماذا يرجح من بين هذين الاحتمالين.


وليام زارتمان: إن الوضع يجعل من كلا البلدين على صواب رغم أن ليس أحدا منهما على صواب بشكل كامل، البلدان الجنوبية الواقعة في منابع النهر التي إثيوبيا ليست داخلة في الاتفاقيات أبدا ولها الحق في استغلال بعض مياه النهر لأن ثلثي أو ثلاثة أرباع المياه تنبع في إثيوبيا، من جهة أخرى مصر منذ أقدم الأزمنة تعتمد على نهر النيل وأيضا منذ بناء سد أسوان مصر تعاني والآن لا تذهب أي من مياه نهر النيل إلى البحر المتوسط، هذا أمر مهم لمصر والمهم على كل مجموعتي البلدان أن تتوافق وصولا إلى اتقافية مرضية بينها أما ما يحدث في مفاوضات مثل هذه فإن المرء يتمسك بصلابة موقفه حتى آخر لحظة ولكن بعدها يتراجعون قليلا ويتوصلون إلى حلول توافقية ترضي جميع الأطراف.


محمد كريشان: نعم إذاً كلاهما على صواب ولكن ليس على صواب كامل، على كل الطرفان يشيران باستمرار إلى اتفاقيتين اتفاقية لعام 1929 واتفاقية لعام 1959، لنر بالنسبة لاتفاقية عام 1929 والتي تم توقيعها بين مصر وبريطانيا أصالة عن نفسها ونيابة عن مستعمراتها المعنية هذه الاتفاقية نصت على عدم المساس بمياه النيل عن طريق إقامة أعمال ري أو أعمال كهرومائية بدون موافقة الحكومة المصرية وقد اعتبرت محكمة العدل الدولية في لاهاي هذا الاتفاق يعني اتفاق عام 1929 شبيها بالحدود الموروثة عن الاستعمار والتي لا يجوز المساس بها، وفي عام 1959 وهذا إذاً الاتفاق الثاني هذا الاتفاق أبرم بين مصر والسودان وهما دولتا مصب النيل، هذا الاتفاق يمنح المصريين 55 مليار وخمسمائة مليون متر مكعب من الماء سنويا بينما يحصل السودان بموجب هذا الاتفاق على 18 مليار و خمسمائة مليون متر مكعب. سيد عيسوي من بين الاحتمالين الذين طرحتهما هل تعتقد أن ربما دول المنبع تريد أن تضغط على مصر أكثر مما هي حريصة على إقصائها وإقصاء السودان؟


عطية عيسوي: أولا هذه المشكلة قائمة منذ الاستقلال، كثير من الدول رفضت الاتفاقيات التي وقعت في عهد الاستعمار وقالت إننا لم نكن طرفا فيها وإنما غلبنا على أمرنا في هذه الاتفاقيات، جوليوس نريري رئيس تنزانيا وقت الاستقلال ألغى كل المعاهدات التي وقعت تقريبا أو رفض بمعنى أصح الاتفاقيات التي وقعت خلال الاستعمار ولكنه أبقى على اتفاقيات حوض النيل ربما لعلاقاته الطيبة مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لكن هذه الاتفاقيات محمية بالقانون الدولي وليس هذه التفاقيات فقط التي نص المعهد القانوني الدولي على ضرورة التعاون بين دول الحوض أو أحواض الأنهار عموما وعدم المساس بالحقوق التاريخية المكتسبة لكل دول الحوض وعدم إنشاء أي مشروع يؤثر على هذه الحصص إلا بموافقة جميع دول الحوض، اتفاقية فيينا عام 1978 لتوارث المعاهدات الدولية تنص أيضا على أن اتفاقيات الأنهار مثلها مثل اتفاقيات الحدود الموروثة عن الاستعمار لا يجوز تعديلها وإلا حدثت فوضى في كل دول العالم، الأمر فقط أستاذ محمد ليست فقط الاتفاقيات الموقعة في عهد الاستعمار وإنما هناك اتفاقيات أيضا وقعت في التسعينيات بين مصر ودول الحوض، بين مصر وأوغندا عام 1991 تم توقيع اتفاقية تنص على التعاون وعدم الإضرار بمصلحة أي من الطرفين بين إثيوبيا ومصر اتفاقية عام 1992 أيضا نصت على نفس الأمر، إذاً إذا كانوا بالفعل يرفضون الاتفاقيات الموقعة أيام الاستعمار فلماذا وقعوا اتفاقيات جديدة لا تفرق كثيرا عن الاتفاقيات القديمة؟ المشكلة أن هذه الدول..


محمد كريشان (مقاطعا): إذاً في هذه الحالة يعني اسمح لي فقط التساؤل الذي تطرحه وجيه جدا لأنه ليس فقط اتفاقية 91 و92 التي تشير إليها وإنما أيضا كل السنوات الماضية كان دائما هناك أخذ وعطاء بين هذه الدول ومصر والسودان، هنا نريد أن نسأل السيد زارتمان في واشنطن، برأيك لماذا وصلت الدول السبع الآن إلى ضرورة الحسم؟ ما الذي جد؟


وليام زارتمان: إن ما هو جديد هو أن الظروف المناخية الجوية هم يعانون من الجفاف كما تعاني مصر لكن ما هو جديد أنهم يريدون حقوقهم، نعم، السيد العيسوي يدافع عن وجهة نظر بلده ولكن البلدان الجنوبية تدافع عن حقوقها، إن الاتفاقيات يجب أن تحترم وهذا ليس من نص الاتفاقيات ولكن بروح الاتفاقيات أيضا حول.. بالطبع السودان ومصر سوف تصران على التنفيذ الحرفي للاتفاقيات لأنها تخدم مصالحهما لكن هذا موقف خطير إزاء الاتفاقيات الدولية لأن هذا سيخلق لهم أعداء وأيضا لا يؤدي إلى اعتراف في حقوق الآخرين، الآن الأوضاع تغيرت، اتفاقية 1959 وقعت قبل استقلال أي بلد في المنطقة عدا عن إثيوبيا والآن آن الأوان للإقرار بحقوق كل البلدان إضافة بالطبع إلى حقوق واحتياجات مصر والسودان بالطبع، إذاً القانون هو أمر والعدل هو مطلب آخر والقوانين يجب أن تكون عادلة أيضا.


محمد كريشان: هو الملاحظ أن مصر تؤكد على ضرورة التمسك بما تسميه حقوقها التاريخية التي لا تنازل عنها ولكن في نفس الوقت تبدي الكثير من المرونة للوصول إلى أي تسوية مع هذه الدول، بعد الفاصل سنطرق للخيارات المتاحة أمام القاهرة لمعالجة هذه الأزمة، نعود إليكم بعد قليل.

[فاصل إعلاني]

خيارات مصر وسيناريوهات حل الأزمة


محمد كريشان: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة التي نناقش فيها مسار الأزمة بين دول حوض النيل والحلول الممكنة لاحتواء تداعياتها. سيد عيسوي في القاهرة بالطبع تصريحات عديدة لمسؤولين مصريين ولكن اخترنا هنا فقط تصريح السيد مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية هو أكد على حقوق مصر بطبيعة الحال ولكن ترك الباب مفتوحا وقال نريد أن يكون النيل أداة توحيد وليس أداة تفرقة وأنه لا بد من الاستماع إلى صوت العقل بين كل هذه الدول، عمليا ما هي الخيارات المتاحة أمام القاهرة؟


عطية عيسوي: أولا اسمح لي أن أورد نقطتين مهمتين، الأولى هي أن مصر لا تريد تجويع شعوب دول الحوض الأخرى وإنما تمد يد المساعدة سواء بمشروعات على نفقتها الخاصة كحفر المياه الجوفية وإزالة الحشائش وغيرها من المشروعات أو تتعاون مع هذه الدول ومع الدول المانحة لإقامة مشروعات جديدة توفر المياه التي تكفي لاستهلاك الجميع، النقطة الأخرى هي أن بعض الدول بالفعل..


محمد كريشان (مقاطعا): يعني عفوا هذا لتقليل ما يسمى المياه المهدورة وهي تقريبا 95% مثما أشرت أنت وضيفنا في واشنطن.


عطية عيسوي: نعم نعم. النقطة الأخرى هي أن هناك دولا بالفعل تلعب في هذا الأمر وتحض دول المنابع على مضايقة مصر والسودان لتحقيق أهداف أخرى وفي مقدمتها إسرائيل تتعلق بقضية الشرق الأوسط وفلسطين والإرهاب وغيرها من القضايا. فيما يتعلق بخيارات مصر أمامها ثلاثة إجراءات يمكن أن تتخذها، الأول اللجوء إلى مجلس الأمن في حالة البدء بالفعل في بناء مشروعات تضر بمصر من أية دولة من دول الحوض، مجلس الأمن إما أن يوقع عقوبات ويطالب بالوقف أو يحيل القضية إلى محكمة العدل الدولية مثلما حدث مع المجر وسلوفاكيا عام 1997. الخيار الآخر هو السعي لدى الدول المانحة والهيئات المانحة لمنع تمويل أي مشروع غير متفق عليه بين دول الحوض جميعا وفق الإجراءات التي يتبعها البنك الدولي حتى لا تهدر الأموال في مشروعات خاسرة. النقطة الثالثة هي أن مصر تمول مشروعات بالفعل على نفقتها الخاصة سوف توقفها وتخسر هذه الدول تمويل هذه المشروعات، كل هذه الأمور يمكن أن تعيد هذه الدول إلى صوابها والتفكير في التعاون لتوفير المياه المهدرة والاستفادة منها جميعا بدلا من مشاركة مصر في حصتها القليلة التي لا تكفيها بالفعل وسوف يكون هناك قريبا عجز ثلاثين مليار متر مكعب في احتياجات مصر وسوف تحتاج مصر نتيجة التنمية السكانية إلى ملياري متر مكعب سنويا زيادة على حصتها الحالية..


محمد كريشان (مقاطعا): يعني إذاً أنت تطرح ثلاثة خيارات، مجلس الأمن، الدول المانحة ووقف المشاريع. هنا أريد أن أسأل ضيفنا في واشنطن السيد زارتمان، أحد الكتاب المصريين مكرم حمد أحمد -معروف بالطبع- طرح خيارين هو قال إما ضروري أن نسعى أولا لحل هذه المشكلة داخل الاتحاد الإفريقي، إذا عجزنا عن ذلك نذهب إلى محكمة العدل الدولية، كيف ترى مجمل هذه الخيارات؟


وليام زارتمان: أعتقد أن المرء يحاول ويسعى ثم تطرق الأبواب بحثا عن أكثر الخيارات فائدة أو ربما احتمال الاتحاد الإفريقي هذا احتمال ممكن أو استمرار المفاوضات مع كل البلدان التي يبدو لي ذلك خيارا مباشرا، يمكن في هذه الحالات يمكن لوسيط أن يلعب دورا ربما البنك الدولي أو بلدان صديقة على سبيل المثال وأيضا من فوائد منظمة دول الاتحاد الإفريقي وغيرها بإمكانها أن تلعب دورا بالطبع لكن هذا يتطلب نوايا طيبة واعترافا بحقوق واحتياجات كل البلدان. لا شك لدي أن احتياجات مصر ومطالبها عادلة لزيادة عدد سكانها فهذا هناك زيادة ضغط على مصر بسبب حاجتها إلى مياه النيل ولكن من المهم أن نتأكد، علينا أن نتوقف عن هذا التفكير بأن هناك دائما عدو خارجي نلقي على بابه باللائمة ونقول إنه هو السبب، هناك ميل في هذه البلدان دائما إلى الادعاء بأن هناك أياد خارجية تعبث بشؤونها، هذا ليس صحيحا ما هو مهم هو أن هناك احتياجات ويجب أن تتوفر نوايا طيبة، هذه مشكلات لهذه البلدان وعلى هذه البلدان أن تحل مشكلاتها وليس من مصلحة أحد من الخارج أن يتدخل في هذه القضية.


محمد كريشان: سيد زارتمان القاهرة أمامها إما الضغط المالي من خلال الدول المانحة وحثها على عدم المشاركة في مشاريع وأمامها خيار الإغراء المالي من خلال عشرة مشاريع مصرية ومساهمة مصرية، أيهما الأجدى برأيك؟


وليام زارتمان: أولهما سلبي والثاني إيجابي، جعل البلدان المانحة لا تتدخل من خلال مشاريع هذا تهديد وهذه أداة سلبية ولن تنفع وهذا يحتاج إلى موافقة الدول المانحة، أما عرض مصر أن تقدم المساعدة هذا أمر طيب إذا كان لدى مصر المال لتقوم بتمويل مثل هذه المشاريع، ولكن مثل هذه المشاريع عادة تتطلب مساعدة من بلدان خارجية وهناك حاجة للبلدان المانحة وعلى البلدان أن تبحث في سبل تحقيق هذه الأمور بناء على احتياجاتها والتوافق مع الآخرين أيضا.


محمد كريشان: سيد عيسوي في نهاية البرنامج هل تعتقد بأنه ما زال للقاهرة أمل في أن هذه الدول لا تقدم فعلا على اتفاق يبعدها ويبعد الخرطوم؟


عطية عيسوي: لدينا أمل كبير طبعا في هذا ولكن الأمر يحتاج إلى جهود دبلوماسية كبيرة وقد بدأها رئيس الجمهورية بالفعل بإرسال رسائل إلى دول قادة الحوض بمجرد انتهاء مؤتمر شرم الشيخ بالفشل، ولكن من المحتمل جدا أن تواصل طريقها في التوقيع على اتفاقية إطارية لكن عدم انضمام مصر والسودان إلى هذه الاتفاقية سيفقدها مفعولها إذا التزمت الدول المانحة والمؤسسات الدولية بإجراءات البنك الدولي بعدم تمويل أي مشروع لا توافق عليه مصر والسودان، وعلى ذلك ليس أمام هذه الدول سوى الالتزام بالقانون الدولي التعاون مع مصر والسودان في هذه المشروعات، مصر سمحت ببناء السدود حتى في إثيوبيا وفي أوغندا من بينها سد أون وسد تكيزي وغيرها في إثيوبيا وسد أون في أوغندا ومستعدة للمساعدة أو التعاون في أي مشروع بشرط ألا يؤثر على حصة مصر ولا ينقصها أما غير ذلك فهذا غير مقبول. وفي هذه المناسبة في عجالة أحب أن أؤكد أن ما صرح به بعض المسؤولين المصريين من أن كل الخيارات مفتوحة هذا لا يشمل على الإطلاق اللجوء إلى الخيار المسلح أو الحرب العسكرية لأن هذا فوق طاقة مصر، لا تستطيع مصر أن ترسل جيوشا إلى سبع دول لمحاربتها وبالتالي ليس أمام الجميع سوى التفاوض.

محمد كريشان: شكرا جزيلا لك عطية عيسوي محرر الشؤون الإفريقية في صحيفة الأهرام القاهرية، شكرا أيضا لضيفنا من واشنطن وليام زارتمان مدير دراسات إفريقيا في جامعة جون هوبكنز. وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر، كالعادة نذكركم بإمكانية إرسال مقترحات إلى هذا العنوان الإلكتروني الظاهر الآن على الشاشة، indepth@aljazeera.net وبهذا نكون قد وصلنا فعلا إلى نهاية هذه الحلقة، غدا بإذن الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، أستودعكم الله.