ماوراء الخبر - واقع ومستقبل الأزهر- صورة عامة
ما وراء الخبر

مستقبل الأزهر بعد رحيل الطنطاوي

تناقش الحلقة واقع ومستقبل الأزهر بعد رحيل الشيخ طنطاوي، هل يجدد رحيل الطنطاوي الجدل في مصر حول موقع شيخ الأزهر بين التعيين والانتخاب؟

– أبعاد موضوع تعيين وانتخاب شيخ الأزهر
– واقع الأزهر وضرورة وآفاق التطوير

محمد كريشان 
محمد كريشان 
 سالم عبد الجليل
 سالم عبد الجليل
 محمد سليم العوا
 محمد سليم العوا


محمد كريشان: توفي شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي بالعاصمة السعودية الرياض إثر أزمة قلبية مفاجئة وأعلنت مصادر بمؤسسة الملك فيصل الخيرية أن شيخ الأزهر سيدفن الخميس في البقيع بالمدينة المنورة، شغل طنطاوي منصبه كشيخ للأزهر منذ عام 1996. نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه من زاويتين، هل يجدد رحيل الشيخ طنطاوي الجدل في مصر حول موقع شيخ الأزهر بين التعيين والانتخاب؟ وكيف يبدو مستقبل الأزهر في ظل المتغيرات الكثيرة والمطالب الداعية إلى تطويره والنهوض به؟… السلام عليكم. برحيل شيخ الأزهر وانتظار من سيخلفه يعود الحديث عن تاريخ وحاضر ومستقبل مؤسسة دينية لطالما أثارت الجدل بمواقفها وفتاواها وبمعركة الإصلاح لهيكليتها وخطابها، جدل يرى أن الأزهر تراجع في دوره وإشعاعه نتيجة عوامل من بينها تدخل الحكومات في تركيبته ومساره وظهور تحديات كثيرة فرضتها العولمة وما غيرته في تفكير وسلوك المجتمعات في مصر وفي العالم الإسلامي.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: بدأ فاطميا ثم تحول إلى أهم قلاع الإسلام السني، إنه جامع الأزهر الذي تفخر القاهرة بأنه يقوم على أرضها شاهدا على تاريخ عريق ودور مهم في خدمة الإسلام والمسلمين، تقلب بين الإشعاع والانكفاء ليثير جدلا مستمرا إلى اليوم حول إصلاحه شكلا ومضمونا، مطلب فرضه في نظر البعض مسار تاريخي مر فيه الأزهر بأطوار متباينة فمن قيادة المقاومة الشعبية ضد الحملة الفرنسية إلى تهميش لنفوذه زمن محمد علي ومنهما إلى قوانين أصدرت لتنظيمه اعتبرها كثيرون مؤشرا على علاقة الأزهر بنظم الحكم المتعاقبة على مصر بدءا بقانون سنة 1936 في عهد الملكية الذي أعاد تنظيمه وحدد ثم وسع اختصاصاته العلمية إلى بعض العلوم الحديثة، ثم مرورا بقرارات ثورة يوليو التي قضت في سنتها الأولى بوضع الدولة يدها على أوقاف الأزهر فضربت استقلاليته في الصميم ثم ألغت سنة 1953 المحاكم الشرعية وأسندت إلى رئاسة الجمهورية بموجب قانون صادر عام 1961 صلاحية تعيين شيخ الأزهر ووكيله ورئيس جامعته وعمداء كلياته، قانون يستمر العمل به إلى اليوم مشكلا دليلا على تبعية الأزهر لمن تعاقب على السلطة في أرض الكنانة حتى أنه أفتى لصالح عبد الناصر في صراعه مع محمد نجيب وزكى اتفاقية كامب ديفد ولم يتردد شيخه الراحل في مصافحة شمعون بيريز والإفتاء بما قوى موقف ساركوزي في معركتي الحجاب والنقاب في فرنسا، أمثلة أطلقت النقاش حول ضرورة تحديث الأزهر سواء من ناحية هيكليته وتحريرها من قبضة الإملاءات الحكومية أو لجهة خطابه الذي بقي في نظر منتقديه تقليديا على مسافة من تحول كبير في قضايا المجتمع المصري وغيره من المجتمعات الإسلامية في عصر العولمة والفضاءات المفتوحة خبا فيه كثير من بريق الأزهر ليتألق تباعا نجم الحركات الإسلامية وموجة الدعاة الجدد، نقاش يطرح سؤالا أساسيا، أي أزهر لعالم اليوم والغد؟ الإجابة حتما تتجاوز الأزهر لتشمل غيره من المؤسسات الدينية التقليدية في العالم الإسلامي.

[نهاية التقرير المسجل]

أبعاد موضوع تعيين وانتخاب شيخ الأزهر


محمد كريشان: ومعنا في هذه الحلقة من القاهرة سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف المصرية ومن بيروت الدكتور محمد سليم العوا الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أهلا بضيفينا. نبدأ من القاهرة سيد عبد الجليل، الآن بعد رحيل الشيخ طنطاوي رحمة الله عليه هل يتوقع أن ينطلق من جديد النقاش حول موضوع التعيين أو الانتخاب بالنسبة لشيخ الأزهر؟


سالم عبد الجليل: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، بكل أسى وحزن ننعي إلى الأمة وفاة فضيلة الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر وهو لا شك حدث خطير جدا على مستوى الأمة بأسرها ففقد عالم يعني انتقاص العلم لأن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام أخبرنا بأن الله تعالى لا ينتزع العلم انتزاعا من صدور العلماء ولكن هو سبحانه وتعالى يقبضه بقبض العلماء، والشيخ الطنطاوي رحمه الله كان من هؤلاء العلماء المعدودين على مستوى العالم الإسلامي سواء في مادتي التفسير أو الحديث وكان رجلا مشهودا له بالعلم والاجتهاد رحمه الله رحمة واسعة. مسألة -سيدي- الجدل حول تعيين شيخ الأزهر أو مسألة انتخابه هي قضية أصبحت منتهية وكان التطور الطبيعي مع وجود المؤسسات وتأسس المنظمات بصفة عامة وأضحى الأزهر جزءا من هذه المؤسسة التعليمية التي تخضع للقانون المصري من ناحية وينفق عليها من ميزانية الدولة، شيء طبيعي أن التعيين هو كان التطور الطبيعي لهذه التطورات أيضا في إدارة الأزهر وأصبح مسألة الانتخاب هي مسألة أحلام ومسألة ربما نقول أمنيات نود في يوم من الأيام أن تكون لكن في الواقع الحالي أنا أعتقد ان التعيين هو الموضوع الذي انتهى إليه الوضع في الجامع الأزهري الشريف خاصة كما قلت إنه يعد مؤسسة تعليمية على أرض مصرية وإن كان هو مؤسسة عالمية يفتح أبوابه للجميع ويدرس فيه أكثر من مائة جنسية وله احترامه وتقديره في العالم بأجمع ومجمع بحوثه يضم بين أعضائه المصريين وغير المصريين لكن يبقى كما قلت هو مؤسسة من مؤسسات الدولة المصرية فطبيعي أن يكون شأنه شأن جميع المؤسسات وأن يكون التعيين هو الأمر الذي استقر عليه الأمر في نهاية المطاف..


محمد كريشان (مقاطعا): ولكن عفوا حتى بالنسبة للتعيين وهنا اسمح لي أنتقل للدكتور محمد سليم العوا، حتى بالنسبة للتعيين جرى العرف كما ذكر بأن يتم ترشيح ثلاثة أسماء ورئيس البلاد يختار منهم أحدا، سنة 1996 لم يتم الاختيار حتى من بين هؤلاء الثلاثة هل تعتقد بأن سيعاد العرف من جديد الآن؟


محمد سليم العوا: بسم الله الرحمن الرحيم، اسمح لي أن أعزي الأزهر وعلماءه وأسرة الشيخ طنطاوي في وفاته رحمه الله وأرجو الله أن يغفر له ويرحمه ويجعله مع الطيبين الصالحين. مسألة التعيين والانتخاب التي قال أخي الدكتور سالم عبد الجليل إنها أمنيات وأحلام أنا أخالفه في ذلك، هي بالنسبة إلينا أمل يجب العمل على تحقيقه والوصول به إلى مرتبة الواقع، والقانون الحالي قانون رقم 103 لسنة 1961 يجعل اختيار شيخ الأزهر من بين أعضاء مجمع البحوث باقتراح منهم وإذا لم يختاروا واحدا من هؤلاء أو إذا لم يعين الرئيس واحدا من هؤلاء فالقانون يشترط -وهذا استثناء- أن يكون المعين مستوفيا لشروط عضوية مجمع البحوث ولما كانت شروط عضوية مجمع البحوث لا يمكن أن يقال إنها محددة في ألف وباء وجيم من الناس فالاختيار يتم من العلماء على وجه عام وده اللي حصل في كل المرات السابقة في عهد الرئيس محمد حسني مبارك ومن قبله في عهد الرئيس أنور السادات، الذي نتمناه الآن أن يعود الأمر إلى مجمع البحوث فيرشح المجمع اسم من يراه مناسبا للمشيخة ويصدر قرار جمهوري بتعيين الرئيس ونحن نقول هذا أسوة بما يجري في مؤسسات دينية أخرى داخل مصر يترك لها حق اختيار شخص واحد وإذا اختارته أصدر الرئيس قرارا جمهوريا بتعيينه، الأزهر ليس أقل من هذه المؤسسات ومجمع البحوث ليس أقل درجة من مجامعها وأظن أن انتخاب شيخ الأزهر حتى بطريقة أعضاء مجمع البحوث أفضل كثيرا من أن يؤتى بمن يشاء الرئيس أو من تشاء الإدارة المصرية من أي مكان كان ويصبح شيخا للأزهر وبالمشيخة يصبح رئيسا لمجمع البحوث ويصبح الإمام الأكبر كما يقول عنه القانون، أنا مع الانتخاب ولو كان في الصورة الدنيا وهي صورة ترشيح مجمع البحوث لاسم واحد يعينه الرئيس.


محمد كريشان: ولكن حتى عندما طرح موضوع التعيين والانتخاب دكتور العوا، الشيخ طنطاوي نفسه قال بأنه لا يرى فرقا بأن الانتخاب لا يعني أن شيخ الأزهر سيكون بالضرورة حرا والتعيين لا يعني بالضرورة أنه سيكون منافقا للحاكم وفق تعبيره آنذاك، هل الإشكالية بهذه الصورة؟


محمد سليم العوا: أما الشيخ رحمه الله فنحن لسنا الآن في حل من مناقشة آرائه لأنه بين يدي رب العالمين لا يملك ردا على ما نقول، عندما كان بيننا ونتمتع بوجوده كنا نختلف معه ويرد علينا ونرد عليه، الآن نحن لا نملك له إلا الرحمة. أما أنا فأرى أن التعيين يجعل المعين أقرب ما يكون إلى تحقيق أغراض وأهداف وآمال ومصالح من عينه وأن المنتخب أو الذي رشحه إخوانه يكون أقل امتثالا وأقل رغبة في تحقيق مصالح الذين عينوه لأنه مدين أصلا للذين رشحوه، أنا مع الانتخاب ثم إذا لم يكن فالترشيح طبقا لنص المادة القائمة الآن في القانون 103 سنة 1961 أما التعيين بالطريقة التي تم بها في المرات الأخيرة فأنا أعتقد أنه لم يكن مجلبة لمصلحة بل كان مجلبة لمفسدة.


محمد كريشان: عندما طرح موضوع الانتخاب عوض التعيين سيد عبد الجليل في القاهرة كان رد الأزهر الذي وصل مكتوبا إلى مجلس النواب المصري آنذاك يقول بأن سبق أن عملنا بموضوع الانتخاب ولم ينجح، هل من تفسير لهذه القصة؟


سالم عبد الجليل: بارك الله فيك وتحياتي للدكتور العوا. وأنا أقول ما قاله الشيخ رحمه الله تعالى وهو قول الحقيقة يعني في منتهى الحكمة، كان الشيخ حكيما بالفعل عندما قال مثل هذا الكلام إنه قد يكون هناك إنسان منتخب ويسيس وقد يكون إنسان معين ويصبح له قراره من رأسه ومن ضميره الديني إلى آخره ونحسب أن السادة مشايخ الأزهر في العصور الحديثة على الأقل فيمن عثرتهم أنا وكانوا معينين كانوا والحمد لله رب العالمين على خير، وليس معنى أن يكون شيخ الأزهر معينا أن يكون يعني ممالئا تماما لما.. لكن هو ينظر في المصالح ولا شك أن..


محمد كريشان (مقاطعا): كان الهدف على أساس أنه يعطي هيبة لهذا المنصب وفق بعض النواب الذين تقدموا بهذا المشروع آنذاك.


سالم عبد الجليل: أحسنت سيدي الكريم هو لا شك أن شيخ الأزهر له مكانته في نفوس الأمة وفي نفوس الدولة والحكومة ومعمول له اعتبار كبير ولا شك أن شيخ الأزهر عندما يقول كلمة لا يراجع فيها خاصة أنه يستأنس برأي أهل المجمع ولا يأخذ قرارا إلا من خلالهم، صحيح شخصية الأزهر تتغير وتتأثر بشخصية شيخه ورأينا هذا في أمر يعني الأمر ورأيناه واضحا تماما في عهدي الشيخين الجليلين الشيخ جاد الحق رحمه الله والشيخ طنطاوي رحمه الله أيضا لكن في النهاية دعني أقل إن مسألة التعيين والانتخاب هي مسألة ربما تكون شكلية لكن العبرة بالشخص الذي يعين هل هو صاحب مكانة وصاحب يعني همة وعنده من الصلاحيات ما يستطيع أن يقيم به العوج أم لا وأنا أعتقد أن السلطة في مصر عندما تختار هي تكون تماما مدركة لخطورة هذا المنصب فلا تختار إلا من هو أهل بالفعل وقد رأينا في السنوات الماضية صحة هذا الاختيار.


محمد كريشان: على كل سواء أثير هذا النقاش من جديد بعد وفاة الشيخ طنطاوي أم لا هناك سؤال سيطرح بالتأكيد وهو مستقبل الأزهر في ظل المتغيرات الكثيرة والمطالب الداعية إلى تطويره والنهوض به، هذه نقطة سنعود إليها بعد فاصل نرجو أن تبقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

واقع الأزهر وضرورة وآفاق التطوير


محمد كريشان: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة التي نناقش فيها واقع ومستقبل الأزهر الشريف بعد رحيل الشيخ محمد سيد طنطاوي. دكتور العوا، عندما نتحدث الآن عن مستقبل الأزهر وضرورة تطويره، هل اللحظة الآن مناسبة؟


محمد سليم العوا: أظن أن هذه اللحظة من أكثر اللحظات مناسبة في البحث في تطوير الأزهر وإعطائه الدور الذي يستحقه، حصل يعني في نظري خطأ منهجي في التعيين الأزهري مؤخرا منذ نحو خمس سنوات أو ست سنوات بإلغاء الدراسة المذهبية التي كانت تنظم عقول الأزهريين وتعلم كل واحد منهم أين بداية المسألة وأين نهايتها وأصبح الطلاب في الابتدائي والإعدادي والثانوي يدرسون شيئا يسمى الفقه الميسر وهي كتب ألفها رجال من أهل الأزهر لكن ليسوا بالضرورة من أهل الفقه وهذا الفقه الميسر الحالي لا يصنع لا عالما ولا فقيها ولا داعية وإنما يصنع شخصا عنده إلمام بالثقافة الإسلامية بوجه عام وليس لهذا أنشئ الأزهر، الأزهر مصنع العلماء ومدرسة الأئمة ومكان تخريج النابهين من الدعاة وهذا كله الآن يضمحل، وأنا أنظر إلى أخي الدكتور عبد الجليل سالم على أنه من الفلتات في جيله وليس في جيله كثيرون من أمثاله، هناك نوابغ بحكم الطبيعة والفطرة والتعليم المنزلي والبيئة في البيت أو القرية أو المدينة لكن الأكثرية ممن يتخرجون من هذا المعهد العظيم العريق يحتاجون إلى إعادة تأهيل حتى يصبحوا على أقل تقدير في مستوى الطلاب الذين كانوا يتخرجون بتقدير مقبول في السنين الماضية، الأزهر الآن في أشد الحاجة إلى التطوير العلمي وأول خطوة في التطوير العلمي هي العودة إلى الفقه المذهبي مع تزويد الطلاب الحاليين بقدر منه يمكنهم من أن ينتموا إلى المذاهب كما كان ينتمي أسلافهم.


محمد كريشان: عندما يثار موضوع تراجع مستوى التعليم في الأزهر -دكتور العوا- كثيرا ما يشار إلى أن هذا هو جزء من تراجع التعليم في مصر وربما حتى غيرها في البلاد العربية، هل المسألة في هذا السياق يمكن أن تدرج؟


محمد سليم العوا: لو أدرجت في هذا السياق يظل التراجع الذي حدث في الأزهر أكثر كثيرا مما حصل في التعليم العام، لم تكن هناك خطة لإفساد التعليم العام ولا للهبوط بمستواه ولكن طبقت أساليب كثيرة أدت بالأزهر الشريف إلى أن يخرج شبابا ليسوا على المستوى التعليمي الديني المطلوب، التعليم العام هناك أسباب أخرى لنقص مستواه، الأزهر لم يتعرض لهذه الأسباب بصورة عامة وإنما تعرض لأسباب مختلفة من داخله كما ذكرت لك في موضوع المذاهب هذا أمر كما ذكرت مثلا أو أذكر دائما حفظ القرآن، لم يعد الآن حفظ القرآن شرطا للالتحاق بالأزهر، كان الطالب لا يدخل أولى ابتدائي أزهري أو ثالثة ابتدائي أزهري حسب التغيرات إلا وقد حفظ القرآن، الطالب الآن يتخرج من الأزهر وهو لا يحفظ القرآن الكريم كاملا بل ربما يحفظ نصفه أو أقل، فهناك مشكلة في التعليم الأزهري داخلية يا أخ محمد قبل المشكلة الأخرى التي تتعلق بالتعليم العام.


محمد كريشان: عندما يشار إلى التعليم وهنا أعود إلى السيد عبد الجليل في القاهرة، عندما يشار إلى التعليم الأزهري كثيرا ما يقع الإلحاح على ضعف المخصصات المالية في الأزهر، هل هذا هو مكمن الداء بالنسبة للنقاط التي أشار إليها الآن الدكتور العوا؟


سالم عبد الجليل: الحقيقة أنا أتفق مع الدكتور العوا تماما في أن الأزهر بحاجة بالفعل إلى شيئين، أن يعود للدراسة المتأصلة كما كان من قديم يدرس المذاهب ويتخصص أبناؤه في هذه المذاهب من الصغر ويتربون عليها بالإضافة إلى حفظ المتون لأن إحنا قديما تعلمنا أن من حفظ المتون حاز الفنون فهذه حقيقة يجب أن نعود إليها، بالإضافة أيضا إلى القرآن الكريم وأنا من هذا المنبر أدعو إلى ألا يلتحق بالأزهر الشريف حتى في المرحلة الابتدائية إلا من يحفظ كتاب الله سبحانه وتعالى، أضيف إلى هذا أيضا الاتساع في المعاهد الأزهرية هناك اتساع في المعاهد الأزهرية بشكل كبير حتى أضحت بضعة آلاف وهذا لا شك شيء جميل لكن للأسف أثر على الكيف الذي يتخرج به ابن الأزهر الشريف حتى أصبح بالفعل هناك تراجع شديد جدا، أضيف إلى هذا أيضا غياب الضمير في قضية التعليم بصفة عامة وفي الأزهر بصفة خاصة وأصبحت مسألة عدم العناية بتربية الأولاد في التعليم وتحفيظهم وتفهيمهم وتعليمهم والاهتمام بالجانب التربوي بشكل حديث واستعمال الوسائل التعليمية الحديثة أمر يعني نحن في حاجة ماسة إليه سواء كان في التعليم العام أو في التعليم الأزهري وهو لا شك أشد حاجة فيه إلى التعليم الأزهري. أنا أعتقد أن عمر ما تبقى المخصصات المالية هي الإشكالية أبدا، كلنا تخرجنا من بيئة واحدة نعاني من نفس الظروف والنابغون -كما تفضل الدكتور العوا- موجودون في نفس البيئة فالقضية تحتاج إلى همة عالية وتحتاج إلى مثابرة خاصة كمان أن الأزهر أخذ أوقافه يعني وزارة الأوقاف كانت أرجعت للأزهر مخصصاته من الأوقاف فأضحى لديه ما يمكن أن يقوم ببناياته ويقوم بتعليمه بشكل جيد فضلا عن أن مدرسي الأزهر الشريف في الآونة الأخيرة أصبح لهم كادر، الدولة قد أعطت للمدرسين في الأزهر الشريف كادرا خاصا كما أعطت لمدرسي التربية والتعليم، مش معنى هذا أن إحنا خلاص..


محمد كريشان (مقاطعا): عفوا إذا لم تكن المسألة مالية بالدرجة الأساسية هل قوة أو ضعف الأزهر نابعة ربما أيضا من خيار سياسي لأنه مثلا أن الشيخ منصور مندور ينقل عن حوار جرى بين مسؤول سياسي وبين أحد علماء الأزهر فالمسؤول السياسي يقول نحن نريد أزهرا قويا ولكن ليس في مواجهة الدولة، هل الإشكال السياسي يؤثر على مستوى الأزهر؟


سالم عبد الجليل: سيدي الكريم هذه للأسف شماعات نعلق عليها دائما، القرار السياسي القرار الأمني الظروف المادة اللي اللي، أنا أعتقد هذا شعار الإنسان العاجز، الإنسان القوي هو من يدرك قول النبي عليه الصلاة والسلام "استعن بالله ولا تعجز" الإنسان العاقل يدرك تماما أنه يستطيع أن.. وهل بالضرورة أن تكون قوة الأزهر هي أن تواجه الدولة؟ يا سيدي نحن نريد من الأزهرية أن يكونوا حافظين للقرآن الكريم عارفين لأحكامه مدركين للواقع المعاصر يستطيعون أن يقيسوا الأحكام المعاصرة على الأحكام القديمة يستطيع أن يواكب العصر يستطيع أن يستعمل التكنولوجيا يستطيع أن يكون داعية للناس بالحكمة والموعظة الحسنة في ظل القنوات والسماوات المفتوحة التي أمامنا الآن يعني القضية في الحقيقة لا يمكن إطلاقا أن نعلق على شماعة السياسة ولا شماعة الأمن القضية هي تعود إلى ضعف ذاتي عند بعض أبناء الأزهر، ويستطيع الإنسان صاحب الهمة أن يفعل الكثير ومن هذا المنبر ينبغي أن أقول بالفعل إن هناك لجانا قائمة لتطوير الأزهر الشريف بيرأسها الدكتور أحمد الطيب بتوجيهات كانت موجودة من مجمع البحوث وهناك دراسات للتطوير وهناك معاهد أنشئت ربما فنية وأخرى لإقامة الشعائر وغيرها فأصبح هناك اجتهاد في هذا الطريق لكن لازم المزيد..


محمد كريشان (مقاطعا): ولكن هل يمكن أن نصل إلى نجاح في هذا الموضوع؟ وهنا أعود إلى الدكتور سليم العوا في نهاية هذه الحلقة، هل يمكن أن يكتب لكل هذا الجهد النجاح إذا لم تكن هناك إرادة سياسية في اتجاه تقوية والنهوض بمؤسسة الأزهر؟


محمد سليم العوا: يستحيل أن يكتب لهذا الجهد أي نجاح إذا كانت الإرادة السياسية على خلاف ما يبذله العلماء من جهودهم، المطلوب من الإرادة السياسية المطلوب من القيادة السياسية أن تكون عونا للأزهر وردءا له لا أن تكون يدا عليه والمطلوب منها أن تكون فيما يتعلق بالأزهر مراقبا لما يجري مستفيدا من قوة الأزهر لأن قوة الأزهر قوة لمصر وقوة لحكومتها وضعف الأزهر ضعف لمصر وضعف لحكومتها، الحكومة العاقلة في مصر تقوي الأزهر وتدفع به إلى الأمام وبغير إرادة سياسية لن يتحقق أي تطوير مما ننشده للأزهر الشريف ونحن ندعو السياسيين إلى أن يكونوا معنا في هذا.


محمد كريشان: يعني هل يمكن أن تتحرك الأمور قريبا في هذا الاتجاه؟


محمد سليم العوا: نرجو أن تتحرك إن شاء الله، الأزهريون فيهم كثيرون بخير وحريصون على مؤسستهم وفيهم من يعمل لذلك بقوة وليل نهار ونرجو أن يستجاب لهم إن شاء الله.

محمد كريشان: شكرا جزيلا لك دكتور محمد سليم العوا الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين كنت معنا من بيروت، شكرا أيضا لضيفنا من القاهرة سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف المصرية. وبهذا نصل إلى نهاية هذه الحلقة من البرنامج، كالعادة نذكركم بإمكانية إرسال المقترحات لحلقات مقبلة على هذا العنوان الإلكتروني indepth@aljazeera.net غدا بإذن الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، أستودعكم الله.