ماوراء الخبر - إحتمالات إنهيار اليورو - صورة عامة
ما وراء الخبر

مستقبل أزمة الاتحاد الأوروبي وعملته الموحدة

تتناول الحلقة إخفاق وزراء مالية منطقة اليورو في الاتفاق على زيادة حجم صندوق الإنقاذ المالي للاقتصادات المثقلة بالديون في منطقة اليورو.

– أسباب فشل أوروبا في استئصال أزمة ديونها
– الخيارات المطروحة ومصير العملة الأوروبية الموحدة

حسن جمول
حسن جمول
حسن خليل
حسن خليل
إبراهيم سيف
إبراهيم سيف

حسن جمول: أخفق وزراء مالية منطقة اليورو في الاتفاق على زيادة حجم صندوق الإنقاذ المالي للاقتصادات المثقلة بالديون في منطقة اليورو، وبينما وجد هذا الفشل صداه في الأسواق فأنعش المخاوف من أن تستأنف أزمة الديون رحلتها عبر القارة حذر مسؤول مالي بريطاني من أن سقوط اليورو احتمال قائم. نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين، لماذا فشلت أوروبا في استئصال أزمة ديونها التي تهدد مزيدا من الدول الرئيسة في القارة؟ وما هو مصير العملة الأوروبية الموحدة في ظل تعثر جهود احتواء الأزمة الاقتصادية؟.. حتى اليوم لم يهتد قادة أوروبا إلى المخرج من أكبر أزمة تتهدد اليورو درة منجزات الاتحاد الأوروبي وربما أحد أكبر المشاريع في تاريخ القارة، انقسامات القارة تتعمق وتتعمق معها أزمة ديونها التي سقطت في براثنها حتى اليوم، اليونان وإيرلندا فيما تقف العدوى على مشارف البرتغال ولا تفصلها مسافة كبيرة عن اقتصادات رئيسية كإسبانيا وإيطاليا.

[تقرير مسجل]

أمير صديق: 16 وزير مالية من دول منطقة اليورو تقاطروا إلى بروكسل لتدارس الوضع الغامض والشكوك المتنامية التي تحيط بواقع ومستقبل منطقة اليورو كان موضوع البت في زيادة رأس مال حافظة الأمان التي أقروها في مايو الماضي على رأس أجندة اجتماعهم الذي حضره أيضا أمين عام صندوق النقد الدولي، فالصندوق إضافة إلى أنه ملتزم بتوفير نحو ثلث قيمة حافظة الأمان أي ما يعادل 250 مليار يورو فإنه صاحب اقتراح رفع قيمة هذه الحافظة تحسبا -كما يقول- لمتاعب مالية قد تتعرض لها دول أخرى في منطقة اليورو غير اليونان وإيرلندا. وزراء مالية دول اليورو رفضوا هذا المقترح الذي قالوا إنهم لا يرون ما يبرره فالحافظة التي تبلغ قيمتها 750 مليار يورو أي ما يعادل ترليون دولار لن تتأثر كما قالوا كثيرا بالدعم الذي تقرر منحه لمساعدة إيرلندا الذي تبلغ قيمته فقط نحو تسعين مليار دولار تقل عن عشر قيمة حافظة الضمان الأوروبية، مقترح آخر رفضه اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو من دون حتى طرحه للنقاش وهو المقترح الذي يقضي بطرح سندات مشتركة تضمنها دول منطقة اليورو مجتمعة وتستفيد من الثقة التي تتمتع بها الاقتصادات القوية في المجموعة بما يترجم انخفاضا في سعر الفائدة على تلك السندات وارتفاعا في درجة الثقة فيها، بيد أن رفضا سريعا من طرف ألمانيا وهولندا والنمسا أطاح بالمقترح وأكد حسب مراقبين وجود هوة حقيقية في المصالح بين ما بات يعرف بمجموعة يورو المارك ذات الاقتصادات القوية في الشمال ويورو فرانك أو ما يعرف بمنطقة الزيتون التي تتركز أغلب المتاعب المالية في دولها. فبالإضافة إلى هذا التباين فإن تملل الدول ذات الاقتصادات القوية من تبعات مساعدة رصيفاتها التي تعاني المشكلات يعزز أيضا حالة عدم الثقة في اقتصادات منطقة اليورو رغم سلامة المعالجات التي تقدمها لمواجهة مشاكلها من الناحية النظرية، فبينما لا تزال اليونان تصطلي بنار حرائقها تحوم الشكوك بقوة حول قدرة ما بات يعرف بمجموعة الأخوات المريضات على الصمود أمام متاعبها، فبعد أن رفعت اليونان راية الاستسلام طالبة العون والمساعدة تبعتها إيرلندا على ذات الطريق بعد قدر من المكابرة بينما لا تزال البرتغال على رأس قائمة الترقب تليها إسبانيا التي سيكون انهيارها مدويا إن حدث، وأخيرا إيطاليا صاحبة اقتراح سندات اليورو المشتركة.

إعلان

[نهاية التقرير المسجل]

أسباب فشل أوروبا في استئصال أزمة ديونها


حسن جمول: ومعنا للنقاش في هذه الحلقة من عمان الدكتور إبراهيم سيف المستشار السابق لرئيس الحكومة الأردنية للشؤون الاقتصادية وأستاذ العلوم الاقتصادية بالجامعة الأردنية، ومن لندن يشاركنا أيضا حسن خليل الخبير في الشؤون الاقتصادية والمالية. وأبدأ معك سيد حسن خليل من لندن لماذا لم يتم الاتفاق حتى الآن بين القادة الأوروبيين ومسؤوليهم الماليين على خطة من أجل إنقاذ الاقتصادات الأوروبية المتعثرة؟


حسن خليل: ببساطة لأن هناك تباينا في وجهات النظر عميقة بين الأطراف المعنية وهو تباين بالرأي بين أطراف تعتبر هي العمود الفقري للاتحاد الأوروبي المالي وهي ألمانيا وفرنسا وفي الواجهة هي ألمانيا مقابل الدول التي تعتبر هي التي كسرت ظهر الاتحاد الأوروبي مؤخرا بظهور عجزها المالي ودينها المتفاقم على رأسها بدأت أزمة في اليونان وتفاقمت إلى إيرلندا وهناك بوادر شبه انهيارية للبرتغال والكارثة إذا ما فتح المجال لإسبانيا ناهيك عن إيطاليا وبعض الدول الأخرى، اليوم وضع تلك الدول..


حسن جمول (مقاطعا): لماذا صندوق الدعم -عفوا سيد حسن- لماذا صندوق الدعم الذي جاءت قيمته في الاجتماع السابق في الربيع الماضي بـ 750 مليار يورو لماذا لم يخلق شبكة أمان لهذه الدول؟


حسن خليل: خليني أعطيك مثلا كما حصل في الولايات المتحدة أقرت الولايات المتحدة خطة إنقاذ اللي سموها الطار بسبعمئة مليار يورو ليتبين لاحقا أن مجموع الأموال التي صرفت حتى الآن إنقاذية في الولايات المتحدة بلغت 3300 مليار دولار وحصلت عليها بعض المصارف الأجنبية، إذاً لا أحد يعرف حجم المشكلة إلا عندما تقع الواقعة يعني حجم ديون اليونان تعتبر تقريبا 360 مليار يورو تعتبر صغيرة نسبيا إذا ما فتحت صناديق ما هو مخبأ في الأزمة الإسبانية ناهيك عن إيرلندا التي تعهدت بالإضافة إلى مديونية الدولة تعهدت بضمان ودائع جميع المصارف لديها والذي الكل يعلم أنها في وضع شبه انهيار كامل، إذاً حجم الأزمة هو حجم كبير لا يستطيع صندوق.. واضح لن يستطيع صندوق سبعمئة مليار ولا ستمئة مليار يورو لوضع خطة إنقاذية، ما يحصل في أوروبا اليوم هو واضح تماما كما حال المصارف الكبرى أي مصرف في العالم مهما بلغت قوته إذا صار هجوم عليه لسحب الودائع سيتعرض لانهيار لأن هناك ما يسمى (الميسماج) بين القصير الأجل والطويل الأجل، اليوم الدول المديونة إذا صار عليها مطالبة بسد الديون مقابل الكمية الموجودة لديها لمعالجة الأزمة المالية لا تستطيع، وبالتالي لا بد من إيجاد ما يسمى result last of lender وإيجاد هذا.. يعني مش هداك اليوم عم بنحكى بشيء اسمه bond European أو إصدار أوروبي كما هو حال إصدارات السنوية للخزينة الأميركية، ولكن المشكلة..

إعلان


حسن جمول (مقاطعا): لكن حتى هذا الموضوع يعني حتى إصدار السندات..


حسن خليل: بس اسمح لي بس أستاذ حسن بس لحتى أقل لك موضوع إصدار السندات هو المشكلة فيها إن الولايات المتحدة الأميركية هي دولة فيدرالية ذات خزينة موحدة ووزارة مالية موحدة، الاتحاد الأوروبي هو عملة موحدة بـ 16 دولة تريد الاستفادة من تلك العملة الموحدة ولكن ذات اقتصاديات متفاوتة ونسب مخاطرة ليست متعادلة، فألمانيا تعترض على ذلك وأين المخرج؟ هذا الذي يتم البحث عنه.


حسن جمول: نعم طيب، سيد حسن ابق معي أنتقل إلى عمان مع الدكتور إبراهيم سيف، دكتور إبراهيم إذا كانت الصورة كما شرحها حسن خليل من لندن إذاً لماذا، هل يمكن القول إن دول أوروبا في السابق استسهلت الحل بإنشاء صندوق الدعم هذا وتبين فيما بعد عدم قدرته على حل الأزمة وبالتالي تقف اليوم أمام خيارات أحلاها مر منها السندات التي يبدو أنها لم تبصر النور السندات الأوروبية؟


إبراهيم سيف: حقيقة المشكلة هي بنيوية في تباينات القائمة في الاقتصادات الأوروبية وما يجري الآن في أوروبا هو حقيقة إنه استحقاق متأخر لضم مجموعة من اقتصادات ليست متجانسة بالدرجة الأولى، ربما يجب أن نعود إلى الأساسيات الدول التي تعاني من مأزق اقتصادي سواء اليونان إيرلندا إسبانيا أو البرتغال الآن ليست قادرة على التحكم لا بأسعار الفائدة ولا بأسعار الصرف فهذه هي الأدوات التي عادة كانت تقليديا توظف لتحريك الاقتصاد لزيادة تنفسية الاقتصاد لتشجيع الصادارت ولكبح جماح التضخم المحلي وغيره من الأدوات، الآن لم تعد هذه الأدوات متاحة، ما تبقى هو السياسة المالية أي الإنفاق العام، هناك عجز كبير في موازنات هذه الدول التي نتحدث عنها لذلك أيضا هذا الجزء مقيد فلذلك هو اللجوء إلى المصدر الخارجي للتمويل لأن حقيقة أن الأدوات المحلية التي تستخدم أو يمكن توظيفها ليس بالإمكان توظيفها مرة أخرى، لذلك الآن صندوق الدعم أو أي آلية أو حتى صندوق النقد الأوروبي وهي آلية الآن باتت مطروحة هي كلها أدوات للتعامل مع استحقاقات حقيقية للتعامل مع قضايا مفصلية لكن الأفق لا يبدو مشرقا على الإطلاق في كيف يمكن لهذه الأموال التي يتم ضخها من حل المشكلة. أود أن أفصل بين مشكلتين -إذا سمحت لي أستاذ حسن- بين عجز موازنات اللي هو القطاع العام بمعنى المالية العامة وهذه مشكلة سواء فيما يخص نسبتها إلى الناتج المحلي وارتفاعها وتفاوتها وهذه مسألة منفصلة عن أزمة البنوك وأزمة المديونية التي تعانيها البنوك وانكشافها العالي أمام الدائنين، يعني هدول مشكلتان منفصلتان ربما ونحن ننظر إلى ما يحدث في أوروبا يجب أن نمييز بينهما والآن الحل سيأتي من القطاع العام الذي يعاني أيضا من مشاكل في هذه الدول لذلك تأتي سواء يورو.. أو غيرها من الأدوات في التعامل مع هذا الواقع.

إعلان


حسن جمول (مقاطعا): هنا فقط يعني باختصار دكتور إبراهيم يعني واضح أن الحلول التي وضعت الآن لا سيما موضوع صندوق الدعم بـ 750 مليار يورو والذي ترفض ألمانيا تحديدا اليوم زيادة هذا المبلغ هي حلول ترقيعية، لو دخلت ألمانيا فعلا في مجال زيادة الدعم زيادة هذا المبلغ وإذا صح التعبير تغطية العجز في الاقتصادات التي تسير بسرعة الآن نحو الانهيار، هل تعتقد أنها تكون خطوة أولية من أجل مواجهة الأزمة أم أن ألمانيا تريد أن تحمي نفسها مقابل انهيار تلك الدول أو اقتصاداتها؟


إبراهيم سيف: بكل تأكيد ألمانيا تريد أن تحمي نفسها ودافع الضرائب، الآن هناك محددات داخلية في ألمانيا على المستشارة الألمانية والسؤال الذي تطرحه الصحف الألمانية اليوم ما هو ذنب دافع الضرائب الألماني لإنقاذ اليونان أو البرتغال؟ لماذا تورطنا –بمعنى- في هذا المشروع إذا لم يكن هناك آليات وضعت لرقابة الأداء المالي في الدول المنضوية تحت لواء اليورو؟ لاحظ هنا أن ألمانيا ستدفع ثمن أخطاء يتم ارتكابها في دول أخرى وليس لألمانيا أي قول في هذه السياسات التي تحدد في هذه الدول سواء ألمانيا أو الدول الغنية أو دول الشمال لذلك الآن المحدد لم يعد فقط المبلغ الذي يمكن دفعه لصندوق التعويضات أو صندوق الإنقاذ، إن الشيء إن ألمانيا لا تريد أن ترى انهيارا أو تسارعا في قيمة اليورو أو فقدان ثقة في اليورو ولكن أيضا داخليا سيكون من الصعب تبرير لماذا يتم تخصيص كل هذه المبالغ لدولة هي التي ارتكبت هذه الأخطاء ولا يبدو أنها تقوم بما يكفي للتعامل مع هذه الأخطاء، المعضلة الكبيرة..


حسن جمول (مقاطعا): على كل بالإشارة هنا أن وزير المالية الألماني بالفعل حذر من أن هناك حزبا سياسيا ينشأ تحت شعار معاداة اليورو، على كل يعني في ظل هذه الصورة التي رسمتها دكتور إبراهيم وأستاذ حسن يكون السؤال ما هو مصير العملة الأوروبية إذاً؟ هذا السؤال نجيب عليه بعد الفاصل ابقوا معنا مشاهدينا.

إعلان

[فاصل إعلاني]

الخيارات المطروحة ومصير العملة الأوروبية الموحدة


حسن جمول: من جديد أهلا بكم مشاهدينا في حلقتنا التي تتناول في ظل تعمق الانقسام بشأن طرق علاجها. وأعود إلى ضيفي من لندن الخبير الاقتصادي حسن خليل، سيد حسن قبل قليل كنت تتحدث عن تفاوت اقتصادات الدول الأوروبية وهذا يؤدي أو أودى إلى نشوء أزمة، طيب ألم يكن بعلم الدول الأوروبية سابقا أن هناك تفاوتا فيما بينها وهذا قد يؤدي إلى هذه الأزمات لو دخلت بعملة موحدة وهل بالإمكان الرجوع عن هذه العملة اليوم؟


حسن خليل: أقول لك بصراحة لا يمكن الفصل بين النفس البشرية التي تكون لدى مسؤول سياسي أو لدى مواطن عادي، عند حالة الرخاء التي كان يمر فيها العالم في الـ 25 سنة الماضية نتيجة ما يسمى السوق الحرة و(اللسيفير) منذ ثاتشر وريغن حتى اليوم أدت إلى عدم التنبه للأيام التي قد تكون جحاف، وبالتالي صدر ما صدر وكان هناك معايير وضعتها اتفاقية ماستر سنة 1993 بالدين على الناتج أو بعجز الموازنة إنما قام المفهوم العام في كل دول العالم بما فيها الدول الأوروبية على أن هناك عجز موازنة مستمر حتى في أيام الرخاء الذي كان فيه العالم يتمتع بسوق إقراضية منفلتة وكان هناك وضع أنه لا يتعدى عجز الموازنة على الناتج 3%، طيب ما حدا حكي بوقت الرخاء أن يكون هناك فائض في الموازنة، وبالتالي أصبح مفهوم المديونية بما فيها الدول الأوروبية ليس المهم سداد الأصل أو سداد الدين طالما أنك أنت كمقترض قادر على أنك تسد الفوائد أو تخدم الدين سنويا هذا أدى إلى الكوارث التي شاهدناها. هلق منذ الآن فصاعدا كيف يمكن معالجة الأمر؟ خطورة الأزمة الأوروبية ومستقبل اليورو ليس في إمكانية انهيار إسبانيا أو اليونان أو البرتغال أو إيرلندا الخطورة هو بأن العالم أصبح قرية صغيرة وتواصل مع بعضها البعض فأي انهيار يعني لو ترى خريطة المديونية هناك خريطة وضعها أحد المصارف يعني خذ إيرلندا مثلا المصارف البريطانية لوحدها لها تعرض لمخاطر إيرلندا مائتي مليار جنيه إسترليني هذا فقط مخاطر المصارف البريطانية لإيرلندا، إذا ما قست المخاطر تبع المصارف على إيطاليا وعلى إسبانيا وعلى البرتغال فتصبح في شبكة عنكبوتية تتأثر بها، أن يكون المخرج هو إما..

إعلان


حسن جمول (مقاطعا): طيب عندما يكون الأمر بهذا التعقيد -سيد حسن- هل هناك من آلية أوروبية تفرض على هذه الدول البقاء ضمن عجز محدد، نعم العجز محدد بـ 3% لكن معظم الدول تجاوزت بكثير هذا الحد هل هناك إجراءات عقابية أو آلية محددة من قبل الاتحاد الأوروبي لتأطير هذا الأمر؟


حسن خليل: دخلك شو بينفع العقاب بعد حصول الواقعة؟ يعني وقعت الواقعة هناك مديونية منفلتة هناك أزمة أوروبية قد تتطور بدأت بـ 2008 وكانت الولايات المتحدة جل ما عانت منه، المشكلة في أوروبا وجوهر المشكلة في أوروبا الذي يختلف عن بريطانيا ويختلف عن اليابان ويختلف عن الولايات المتحدة أن أوروبا الوحيدة التي جعلت نفسها عرضة أن تكون مجموعة من الدول ليس لها القدرة على سياستها النقدية إنما مرتبطة بعملة موحدة يعني بريطانيا برهنت على أنها طلعت ذكية جدا ما انضمت إلى العملة الأوروبية الموحدة ليه؟ لأن بريطانيا كذلك طبعت عملة حوالي ستمئة سبعمئة مليار جنيه إسترليني ووافقت على إجرائها انخفض الجنيه تقريبا 15% من قدرته تجاه اليورو والدولار والتي استطاعت بريطانيا أن تجمد أزمة المديونية كذلك فعلت اليابان والولايات المتحدة. وأنا أريد أن أعلق على ما قاله الزميل سيف في الأردن، يجب أن لا نقع في وهم ما يسمى النسب المالية أي الاقتصاد ونسبة الدين على الناتج القومي، الأرجنتين عندما انهارت انهارت بنسبة دين فقط 67% على الناتج إنما اليابان اليوم تعاني من دين حوالي 220% على الناتج وهي في وضع مالي سليم، المهم هو أن تكون لدى الدول المعنية سياسة مالية وإنفاقية مسيطر عليها بحيث أن لا تتفاقم المديونية كما حصل اليوم في الدول الأوروبية، خليني أشر إلى رقم واحد لترى حجم المشكلة اليوم ما نرى من حجم المديونية في أوروبا والولايات المتحدة ودول العالم هو عندما يقاس الدين على الناتج إنما إذا اضفت ازدياد أو ارتفاع معدل البطالة وارتفاع ما يسمى طول العمر صار اليوم الإنسان بعيش أكثر فبالتالي هناك متطلبات في سن التقاعد ونسب ضمان الشيخوخة..

إعلان


حسن جمول (مقاطعا): والرعاية الصحية.


حسن خليل: إذا ما أضفت هذه المترتبات على الميزانيات التي تأتي منذ الآن لسنة 2020 قد يصل الدين في الولايات المتحدة إلى حوالي 875% على الناتج، في إسبانيا 440% على الناتج، لا يمكن ضبط هذه المديونية بدون إجراءات صارمة ليعي الكل بأنه عليهم المرور بسنوات تقشف كما كان هناك سنوات رخاء يجب المواجهة مع شعوبهم بسنوات تقشف ومواجهة المشكلة..


حسن جمول (مقاطعا): نعم أريد هنا، نعم هناك هذه الدول لا سيما منها إسبانيا وإيطاليا هناك بدأت بحملات تقشف ولكن ربما تكون متأخرة جدا. أريد أن أنتقل إلى الدكتور..


حسن خليل: متأخرة، متأخرة نعم.


حسن جمول: إبراهيم سيف من عمان، سيد حسن خليل أشار إلى بريطانيا وأمامي تصريح لأحد مستشاري وزراة الخزانة البريطانية يقول إن اليورو قد لا يستطيع الصمود في ظل تفاقم الأزمة، هل بالفعل مصير اليورو بخطر؟


إبراهيم سيف: إذا استمرت هذه الأوضاع وهذا الانقسام وإصرار الدول الغنية أو ذات الفوائض المالية وعلى رأسها ألمانيا باتخاذ هذا الموقف شبه المتشدد أو المحافظ من ضخ المزيد من الأموال لإنقاذ بقية الدول فالحقيقة أن اليورو سيصبح أمامه ربما ثلاثة بدائل، أن يستمر كما هو بدعم أو أن يتم انقسام في منطقة اليورو ما بين منطقة تقودها ألمانيا وبقية الدول وهذا احتمال ربما يكون فقط نظريا وارد لأن بقية الدول يعني عنصر المخاطرة والتقييم الائتماني لها منخفض وأسعار الفائدة التي تترتب عليها مرتفعة لذلك لن نجد من سيقوم بإقراضها إلا بأسعار فوائد لأن عنصر المخاطرة بات فيها مرتفعا، أو أن نعود إلى قصة أنه ربما اليورو لم يعد يصلح كعملة لكافة الدول الأوروبية على تبايناتها. ما أريد أن أشير إليه أيضا أن أوروبا أنفقت الكثير على هذه الدول على دول الجنوب الأوروبي في البداية عندما انضمت إلى منطقة اليورو على أمل أن يصبح هناك نوع من التكافؤ في الأداء الاقتصادي لكن الفجوة لم يتم ملؤها حقيقة بدرجة كافية والآن واضح -وأنا اتفق مع زميلي من لندن- إن هو تم تأجيل مستحقات الدفع الآجلة سواء نفقات التقاعد أو غيرها لكن المؤشرات القائمة الآن حقيقة وأنا أشرت إلى أنه يجب أن ننظر إلى عجز الموازنات من جهة كحكومات ومشاكل البنوك والـ average أو الرافعة المالية ودرجة انكشاف البنوك أمام المقترضين وهي أيضا مشكلة أخرى موازية تبرز إلى جانب بعض ارتفاع البطالة مع بوادر التباطؤ الاقتصادي التي الحقيقة الآن يتم الحديث عن الـ debt double أو الركود الثنائي أو المتتالي. الحقيقة لا يوجد الكثير لكي نتفاءل فيه حول ما يمكن فعله الآن إلا إذا عادت هذه الدول لصياغة سياسة ضريبية جديدة في داخلها حتى يمكن أن توازن موازناتها وتعيد شيئا من التوازن والاستقرار إلى اقتصادها.

إعلان


حسن جمول: ربما هذه النقطة التي أريد أن أسألك بشأنها دكتور إبراهيم، يعني عندما قلت بأنه نعم سيكون مصير اليورو بخطر في حال تمسكت ألمانيا بموقفها الرافض لزيادة مبالغ صندوق الدعم لكن السؤال عندما يتم مساعدة دولة ما من أجل التغلب على العجز يكون هناك سؤال في المقابل هذه الدولة من أين ستسد لأن هذه المساعدة هي عبارة عن دين أيضا وليست منحة فمن أين ستسدد هذا الدين مجددا تلك الدول؟


إبراهيم سيف: يعني هذه الدول ستكون أمام مشاكل لن تحل في عام أو عامين حقيقة يعني المساعدات التي تقدم الآن على أمل أن يتم الانتعاش الاقتصادي أن تنخفض نسبة الفوائد السائدة أن يصبح هناك حركة تبادل تجاري وخدماتي داخل أوروبا كما كان هكذا مأمول في البداية على يعني هذا هو الطريق لكن نحن نتحدث عن فترة من خمس إلى عشر سنوات حتى تتمكن هذه الدول من تحقيق التوازن، وحقيقة إذا تم استعادة التوازن والثقة يمكن إنجاز الكثير يعني على الجانب المتفائل من هذه القصة، المشكلة في فقدان الثقة في خفض التقييم الائتماني لهذه الدول وما سينجم عنه من نتائج اقتصادية واجتماعية. فقط يعني ملاحظة على الهامش إن هذه الدول ذات المصاعب والمشاكل ينبغي أن تظهر وهذا ما بدأته إسبانيا مبكرا حقيقة أن تظهر جديتها في التعامل مع التحديات التي تواجهها ربما أن تعترف أمام نفسها أنها كانت تعيش على نمط إنفاقي واستهلاكي يتجاوز مواردها الذاتية كل هذا سيؤدي إلى خفض ما يعرف بالطلب الكلي الذي قد يقود إلى ركود في المدى المتوسط والقصير ولكن قد يساهم بالخروج وتحقيق التوازن على المدى الأبعد.


حسن جمول: طيب يبقى هنا سؤال باختصار شديد الآليات أو إعادة صياغة اتفاقية ماستروك التي لم توجد آليات لحلول هذه المشاكل لأنها أصلا ربما لم تلحظ -دكتور إبراهيم- هذه المشاكل؟


إبراهيم سيف: اتفاقية ماستريك وضعت جملة من الأهداف جملة من المحددات التي ينبغي على هذه الدول أن تلتزم بها، ما أسقط من اتفاقية ماستريك أنه لم يكن هناك مؤسسات للرقابة لذلك نرى صندوق النقد الدولي الآن موجود لأنه لديه الأدوات لرقابة الإنفاق ورقابة الأداء المالي سواء للبنوك المركزبة أو للوزرات المالية هذا ما يفتقد حقيقة في أوروبا وهذا هو الآن ربما المطلب الأساسي، وأعود للقول إن صندوق النقد الأوروبي وهو الآلية الآن المطروحة والتي طرحتها حقيقة ألمانيا قد تكون أحد المخارج التي يمكن أن تساهم في الخروج من عنق الزجاجة لأنها ستضع محددات شروط وستدخل ما يعرف بالمشروطية على القروض والمساعدات التي تقدمها الدول الغنية إلى.. أو الدول ذات الفوائض المالية في أوروبا إلى الدول ذات المصالح.

إعلان


حسن جمول: أشكرك دكتور إبراهيم سيف من عمان المستشار السابق لرئيس الحكومة الأردنية للشؤون الاقتصادية، وأشكر أيضا من لندن حسن خليل الخبير في الشؤون الاقتصادية والمالية، بهذا مشاهدينا تنتهي حلقتنا من برنامج ما وراء الخبر، غداً بإذن الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، إلى اللقاء.

المصدر : الجزيرة