صورة عامة - ما وراء الخبر - أوضاع المسلمين في أميركا مع الذكرى الثامنة لهجمات 11/9 - 11/9/2009
ما وراء الخبر

أوضاع المسلمين في أميركا وتغير النظرة للإسلام

تتوقف الحلقة عند أوضاع المسلمين في أميركا في الذكرى الثامنة لهجمات 11 سبتمبر وذلك في ضوء نتائج استطلاع للرأي أوضح أن المسلمين في أميركا هم أكثر الفئات الدينية عرضة للتمييز.

– مدى تغير نظرة الأميركيين للإسلام والعناصر المؤثرة عليها
– تأثير الخطاب السياسي ودور المسلمين في أميركا

محمد كريشان
محمد كريشان
غريغ سميث
غريغ سميث
نهاد عوض
نهاد عوض

محمد كريشان: السلام عليكم. نتوقف في هذه الحلقة عند أوضاع المسلمين في أميركا في الذكرى الثامنة لهجمات 11 سبتمبر وذلك في ضوء نتائج استطلاع للرأي أوضح أن المسلمين في أميركا هم أكثر الفئات الدينية عرضة للتمييز رغم تأكيده تراجع نسبة الأميركيين الذين يرون الإسلام دينا يحض على العنف. في حلقتنا محوران، إلى أي مدى تمكن المجتمع الأميركي من تجاوز الآثار النفسية لهجمات سبتمبر في تعامله مع المسلمين؟ وما الذي يجب أن يفعله المسلمون في أميركا لتجاوز تبعات ما بعد هجمات 11 سبتمبر؟… وفقا لاستطلاع للرأي أجراه مركز منتدى بيو للدين والحياة العامة في أميركا في الذكرى الثامنة لهجمات 11 سبتمبر فإن نسبة الأميركيين الذين يعتقدون أن الإسلام يشجع على العنف انخفضت عما كانت عليه في السنوات الماضية إلا أنها لا تزال مع ذلك أكبر منها عام 2002 أي بعد عام واحد من هجمات سبتمبر، الاستطلاع الذي شمل أربعة آلاف شخص كشف أيضا عن أن نحو 60% من الأميركيين يعتقدون أن المسلمين في أميركا يتعرضون للتمييز ولا يفوقهم سوءا في هذا المجال سوى المثليين جنسيا، وكشف الاستطلاع أيضا عن ارتباط آراء الأميركيين في الإسلام بانتمائهم الحزبي أو بديانتهم الشخصية، وفي هذا الصدد أوضح الاستطلاع أن الإنجيليين البروتستانت البيض الذين لا يزالون قاعدة أساسية للحزب الجمهوري هم الأكثر ميلا إلى حد بعيد من الجماعات الدينية الأخرى إلى اعتبار الإسلام دينا يجنح نحو العنف حيث يرى أكثر من نصفهم هذا الرأي. معنا في هذه الحلقة من واشنطن غريغ سميث الباحث في مركز بيو حول الدين والحياة العامة وهو المركز الذي أعد استطلاع الرأي حول نظرة الأميركيين للإسلام بعد ثمانية أعوام من هجمات سبتمبر، ومن واشنطن أيضا نهاد عوض مدير مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية "كير" أهلا بضيفينا. قبل أن نبدأ النقاش مع ضيفينا نستعرض في هذا التقرير جانبا مما عاناه المسلمون في  الولايات المتحدة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر.

[تقرير مسجل]

باراك أوباما/ الرئيس الأميركي: إن هجمات الحادي عشر من سبتمبر من عام 2001 والجهود المتواصلة من قبل هؤلاء المتطرفين لممارسة العنف ضد المدنيين أخذ البعض في بلدي إلى رؤية الإسلام على أنه دين معاد ليس فقط لأميركا ولكن لحقوق الإنسان.


إيمان رمضان: مصالحة مع الإسلام والمسلمين جزء في إستراتيجية أميركية جديدة تسعى إلى وصل ما مزقته حقبتان جمهوريتان وجدتا في هجمات سبتمبر ذريعة مناسبة لإحداث تحولات بارزة في التعامل مع الإسلام في الولايات المتحدة والغرب، فقد عجلت هجمات 11 سبتمبر بطفو كراهية للإسلام على سطح المجتمع المدني الأميركي والساحة السياسية لتتبلور في صورة ما تسمى اليوم ظاهرة الإسلامفوبيا أو الخوف من الإسلام. عشرات التقارير لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية وغيره من مراكز الدراسات ومنظمات حقوقية عكفت منذ سبتمبر 2001 على رصد واقع المسلمين في الولايات المتحدة وما طرأ عليه من تحولات، ما يزيد عن ألفي حادث تمييز وأكثر من ستين ألف مسلم تعرضوا لاعتداءات في الولايات المتحدة منذ عام 2001، واستجوب أكثر من خمسة آلاف مسلم معظمهم من الدارسين على ذمة تحقيقات تابعة لحادث برجي التجارة في نيويورك، وقد ازدادت أوضاع المسلمين الأميركيين سوءا بعد صدور قانون مكافحة الإرهاب الذي منح السلطات الأميركية صلاحيات واسعة لتعقب المشتبه فيهم لدرجة اعتبرتها المنظمات الحقوقية انتهاكا صارخا للحريات المدنية، كما تحولت مطارات الولايات المتحدة إلى ساحة لتضييق الخناق على المسلمين فرصدت التقارير 190 حالة تمييز واستهدافا عرقيا ودينيا عام 2002 وحده، وأثناء حملات اعتقال واسعة ضد مئات المسلمين من الطلاب والأكاديميين وغيرهم برز قانون الأدلة السرية عقبة أخرى تواجه الحياة اليومية لمسلمي الولايات المتحدة.

جورج بوش/ الرئيس الأميركي السابق: الوقت قصير، سأدعو الكونغرس إلى مواصلة انعقاده إلى أن تتم المصادقة على مشروع القانون الذي سيزود أجهزة استخباراتها بالأدوات التي تحتاجها لحماية الولايات المتحدة.


إيمان رمضان: فبموجب هذا القانون تمتنع جهات التحقيق عن طرح أدلتها الجنائية على الموقوفين ومن ثم يصعب على الدفاع طرح أدلة مضادة لتبرئتهم، وزاد الهوس الأميركي بما يسمى تجفيف منابع الإرهاب فأقحمت الجهات الرقابية أنفها في الدعم المالي للمنظمات الخيرية الإسلامية في الولايات المتحدة وأغلقت بعضها، وشهد المجتمع الأميركي نشاطا كثيفا لمنظمات يهودية متطرفة ويمينية أميركية موالية لإسرائيل خططت لشن هجمات على بعض المساجد في الولايات المتحدة، هذا بينما امتلأت الأسواق بمؤلفات لكتاب يمينيين تروج للكراهية والعداء للإسلام وصل بعضها أحيانا إلى حد الدعوة لغزو البلدان الإسلامية وإجبار شعوبها على اعتناق المسيحية. غير أن تجربة الإسلامفوبيا التي واجهها ثمانية ملايين مسلم أميركي زادت من وعيهم بضرورة الانخراط في التفاعلات السياسية الأميركية وتنظيم الصف للدفاع عن حقوقهم الدستورية وهو ما وضع المسلم الأميركي في مقدمة الناشطين في حركات الحقوق والحريات المدنية.

[نهاية التقرير المسجل]

مدى تغير نظرة الأميركيين للإسلام والعناصر المؤثرة عليها

محمد كريشان: إذاً نبدأ النقاش مع ضيفنا في واشنطن. غريغ سميث الباحث في مركز بيو حول الدين والحياة وهو الجهة التي أعدت هذا الاستفتاء، سيد سميث من خلال نتائج استطلاع الرأي هل بدأ الأميركيون يخرجون من المزاج العام الذي سيطر بعد أحداث 11 سبتمبر فيما يتعلق بنظرتهم إلى الإسلام وإلى المسلمين؟

غريغ سميث: حسنا إن استطلاع الرأي يظهر أن الأميركيين لديهم مشاعر مختلفة بشأن الإسلام والمسلمين، من ناحية هناك دلالات على التحسن مثلا عدد الناس الذين قالوا بأنهم يعتقدون بأن الإسلام يشجع العنف أكثر من غيره من الأديان أصبح أقل اليوم مما كان عليه خلال السنوات الماضية وفي نفس الوقت فإن الأميركيين يعترفون بأن المسلمين عادة ما يعانون في الولايات المتحدة على خلفية أنهم دائما يتعرضون للتمييز، ستة من عشرة يعتقدون بأن المسلمين يواجهون تمييزا في أميركا اليوم.


محمد كريشان: سيد سميث أيضا من المفارقات في نتائج الاستطلاع بأن نسبة الذين يعتقدون بأن الإسلام يشجع على العنف انخفضت صحيح ولكن ما زالت أعلى مما كانت سنة 2002 وهي مسألة تبدو غريبة لماذا؟

غريغ سميث: كما تعلمون أنه من المهم إذا نظرنا في 2002 ليست فترة طويلة بعد 11 سبتمبر، إذا نظرنا أيضا إلى 2005 في استطلاع الرأي الذي أجريناه، حوالي نفس الفترة التي حدثت فيها الهجمات في لندن، الهجمات على مترو الأنفاق، هاتان اللحظتان تزامنتا مع الاستطلاع الذي حصلنا فيه على أقل عدد يقول بأن الإسلام يحض على العنف، إذاً الناس يبدو أنهم وبشكل واعي يرفضون فكرة أن الإسلام مرتبط بالعنف وذلك بعد تبعات هذه الأحداث.


محمد كريشان: سيد نهاد عوض، كنظرة عامة لنتائج هذا الاستفتاء ما رأيك؟

نهاد عوض: الحقيقة هذا التقرير يؤكد ما تحدثنا عنه في العديد من المناسبات وكذلك يؤكد نتائج التقارير السنوية التي نصدرها ونربطها كذلك بمستوى معرفة أو جهل الناس بالإسلام، لكن أيضا لا ننسى أن شن الحرب على العراق أجج مشاعر من كانوا مؤيدين للحرب في الولايات المتحدة وكانت النسبة تزيد إلى حوالي 85% وعندما يكون هناك مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وأي مجتمع آخر فإن الفئة الأميركية التي تنتمي أو هناك امتداد أو تواصل بينها وبين ذلك المجتمع في هذا المثال الجالية المسلمة والمجتمع العراقي فإن المؤيدين للحرب دائما يربطون مسألة العنف ويعلقونها على شماعة المسلمين في الولايات المتحدة، فهذه النتائج الحقيقة يعني نحن سعيدين بأننا لم نكن مخطئين في تقديراتنا أو حتى مطالبتنا للمسؤولين ووسائل الإعلام والمسؤولين في المجتمع أن يرتقوا إلى مستوى المسؤولية ويساهموا في كبح جماح الإسلامفوبيا وظاهرة العداء والتمييز ضد المسلمين.


محمد كريشان: ولكن المزاج العام وإن بدأ يخرج تدريجيا من موضوع الحرب على العراق هناك الآن تركيز على الحرب في أفغانستان، هل هذا ربما سيؤجج مشاعر قديمة فيما يتعلق بالنظرة إلى الإسلام والمسلمين؟

نهاد عوض: والله أنا الحقيقة أتمنى إذا أردنا أن نقيم التجربة العراقية فالدرس الوحيد هو الحرب ليست الحل والتصعيد العسكري والمسلح ليس الحل إنما التفاوض ومباحثات السلام والحديث مع الجميع قد يكون هو الأوفر والأضمن والآمن لنا كمجتمع وللمجتع الدولي أما التصعيد العسكري فلا نعتقد بأنه حل ولا شك أنه يزيد في موجة العداء لأن الذين يؤمنون بالحل العسكري وهي نسبة لا يستهان بها خصوصا في أوساط الحزب الجمهوري والمؤيدين له من الجماعات الدينية تحاول أن تربط وتؤكد على أن الولايات المتحدة يجب أن تستمر في كفاحها ضد المسلمين كأمة إسلامية وليس فقط ضد المتطرفين، ونحن كمسلمين أميركيين ندفع ثمن هذا الخطاب لأن التحريض يعني له أثر عكسي على المسلمين في العمل في أماكن الدراسة في المطارات، هذه المضايقات تكون نتاجا طبيعيا وسريعا لخطاب العداء المتزايد في الولايات المتحدة.


محمد كريشان: نعم، على ذكر المطارات بعض الصحف السعودية أشارت وحتى اليوم صحيفة "الرياض" السعودية أشارت إلى أن -وهنا أتوجه بالسؤال إلى السيد سميث- إلى أن ما قالت بأنه سوء معاملة للسعوديين في المطارات سواء دخولا أو مغادرة للولايات المتحدة ازدادت في عهد أوباما أكثر مما كانت في عهد بوش، نريد أن نعرف في استطلاع الرأي الذي أجريتموه ما هي أكثر العوامل تأثيرا في نظرة الأميركيين للإسلام والمسلمين؟

غريغ سميث: أحد العوامل المهمة في التأثير على المسلمين هل هذا هو سؤالكم؟


محمد كريشان: نعم، ما هي العناصر التي تؤثر في صياغة رأي الأميركيين في الإسلام والمسلمين؟

غريغ سميث: حسنا، ذلك سؤال في غاية الأهمية وأعتقد أنه يشير إلى إحدى الاكتشافات المهمة التي توصلنا إليها في هذه الدراسة وهذا يعني بشكل مبسط أن الناس الذين لهم دراية بالمسلمين ولديهم معرفة كبيرة بالإسلام عادة ما يميلون إلى أن يكون لديهم الأفكار الإيجابية والرؤى الإيجابية، هذا يعني أن الناس الذي يعرفون الإسلام بشكل أكبر لن ينظروا إلى الإسلام على أنه له علاقة بالعنف أو على أنه مختلف عن دينهم وهم سيعبرون عن آراء إيجابية تجاه المسلمين، إذاً الألفة والمعرفة بالإسلام يبدو أنها عامل في غاية الأهمية يؤثر على رؤية الناس للإسلام والمسلمين.


محمد كريشان: هناك أيضا سيد سميث في نتائج استطلاع الرأي نسبة تعبر الحقيقة عن حد كبير من النزاهة الأخلاقية -إن جاز لنا التعبير- لدى قطاعات واسعة من الأميركيين عندما يعتقدون بأن 58% يعتقدون بأن المسلمين يتعرضون لكثير من التمييز في الولايات المتحدة، كيف يمكن لنا أن نوفق بين هذا الاعتراف وبين استمرار نظرة سلبية إلى حد ما للإسلام؟

غريغ سميث: حسنا أعتقد أن ما نراه في هذا المقام هو أنه عندما يخبرنا الأميركيون بأنهم يعتقدون بأن المسلمين يواجهون الكثير من العنف فهم لا يعبرون رؤية سلبية بشأن الإسلام والمسلمين في واقع الأمر، قد يكون الأمر نقيض ذلك، وقد يكون هو تعبير عن شعور بالتعاطف مع مأساة المسلمين وغيرهم من الذين يواجهون التمييز، ويمكنكم أن تروا ذلك في استطلاعنا فمثلا الكثيرون قالوا لنا بأنهم يعتبرون بأن السود يواجهون تمييزا كبيرا في أميركا وتلك الرؤية موجودة حتى بين الأميركيين وبنفس القدر الذي أن المهاجرين سينظرون إلى أن الإسبانيين يواجهون الكثير من العداء والتمييز في أميركا، إذاً هذه قد تكون رؤية شائعة بين أولئك الذين يشعرون بالغضب وليست الرؤية تمثل رفضا للآخرين.


محمد كريشان: استطلاع الرأي الذي أجراه مركز بيو تحدث عن رؤية الأميركيين، بعد الفاصل نريد أن نعرف رؤية مسلمي الولايات المتحدة في نظرة الأميركيين لهم بعد ثماني سنوات من هجمات الحادي عشر من سبتمبر، نعود إليكم بعد قليل.

[فاصل إعلاني]

تأثير الخطاب السياسي ودور المسلمين في أميركا

محمد كريشان: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة التي نناقش فيها أوضاع المسلمين في أميركا في الذكرى الثامنة لهجمات 11 سبتمبر. سيد نهاد عوض، الآن مع الرئيس أوباما هل هناك أجواء جديدة تجعل عمل المسلمين في أميركا لتغيير كثير من الصور النمطية عملا أيسر مما سبق؟

نهاد عوض: يعني الذي نلحظه ونثني عليه ونشكره عليه هو الخطاب السياسي، اللهجة السياسية بدأت تتغير نحو المستوى الإيجابي وخصوصا في شخص الرئيس أوباما ولكن عندما نعاير الواقع نجد أن السياسات الأمنية المطبقة على المسلمين لم تتغير بشكل جذري، والمثال الذي ذكرته في المقدمة الأولى أن نسبة المشتبه بهم والمضايقات في المطارات، قائمة المشتبه بهم الآن زادت إلى واحد.. مليون ومائة ألف اسم، وواضح أن هذه المشكلة ما زالت تؤرق المسلمين وتشعرهم بأنهم لا يعاملون كغيرهم من المواطنين بسبب أنهم مسلمون وأنهم يشتركون بالدين مع من ادعوا بأن هجمات سبتمبر مقترنة بدينهم الدين الإسلامي، فيبدو السياسات الأمنية لم تتغير وهذا طبعا مصدر قلق للمسلمين، كذلك الأعمال الخيرية، المؤسسات الخيرية التي أغلقت لم تفتح ملفاتها حتى الآن والمؤسسات الإغاثية التي تعمل في الساحة الأميركية قليلة جدا، هناك نوع من الخوف بأن المسلمين بإعطاء التبرعات أو حتى إخراج الزكاة، والرئيس أوباما أشار في خطابه في القاهرة وأقر بأن هناك مشاكل لكنها لم تحل حتى الآن. باب التفاؤل مفتوح ونتمنى أن يستطيع الرئيس باراك أوباما وفريق العاملين معه بأن يطمئن المسلمين بشكل عملي على مستوى الساحة الأميركية.


محمد كريشان: سيد عوض ما تفسيرك لهذا التناقض أو التباين بين الخطاب السياسي وبين الممارسة على الأرض؟

نهاد عوض: يعني واضح أن الرئيس أوباما يريد التغيير، أنا هذا لا أشك به، لكن قد يكون بعض أجزاء الفريق غير مقتنعين بالرؤية وهناك أيضا ضغوط عليه من خصومه والمعارضة في الحزب الجمهوري ولا ننسى كذلك أخيرا أن الجهاز الأمني الذي يعمل حتى الآن هو كان معينا من الرئيس بوش ولم يتغير بشكل جذري، بقايا هذا الفريق ما زال موجودا والسياسة التي عمل بها وطرحها الرئيس بوش استمرت لمدة ثماني سنوات ولا يمكن أن تلغى بين عشية وضحاها. لكن كما ذكرت أن التقرير هذا يؤكد تخوفنا من أن بل تأييد ما نقوله في أوساط الأميركيين أن المسلمين يتعرضون ويستهدفون في أعمال التفرقة العنصرية، الشيء الإيجابي هو أن الجهود التي قمنا بها وغيرنا من المؤسسات في نشر المعلومات الصحيحة عن الإسلام والتعريف بالإسلام أتت بنتائج لأن هناك نسبة لا بأس بها من المجتمع الأميركي بدؤوا يعرفون حقيقة الإسلام، والذين يعرفون جيدا عن الإسلام نظرتهم للإسلام بدأت تكون إيجابية أكثر مما كانت عليه.


محمد كريشان: على ذكر المعرفة بالإسلام -وهنا أسأل السيد سميث- في استطلاع الرأي الذي أجريتموه أوضحتم بأن نسبة لا تتجاوز الـ 40% من الأميركيين يعرفون على الأقل الحد الأدنى من المعلومات عن الإسلام والمسلمين، ولكن مع ذلك هل هناك تصور واضح لدى الأميركيين عن طبيعة الشيء الذي يمكن أن يقوم به المسلمون في الولايات المتحدة لتحسين صورتهم وصورة الإسلام هناك؟

غريغ سميث: أنا لست متأكدا من أن الأميركيين لديهم أي شيء في أذهانهم محدد، لقد سألناهم ما إذا كان هناك شيء خاص يريدون أن تقوم به الجالية الإسلامية، أريد أن أؤكد من جديد أنه خلال دراستنا المسألة الأساسية حتى معرفة الآخرين معرفة المسلمين بشكل خاص هذا له تأثير كبير على رؤية الأميركيين.


محمد كريشان: ولكن يعني كباحث هل تعتقد بأن هناك ثغرات في أداء المسلمين الأميركيين يتحملون من خلالها مسؤولية معينة فيما يتعلق بصورة الإسلام هناك؟

غريغ سميث: لا أعتقد أن هناك شيئا خاصا يقوم به المسلمون في هذا المجال، وأقول ومجددا بمسألة التعرف وهي  قضية أساسية إن نقص التعرف قد يكون أحد القضايا التي قد تمنع الأميركيين في المستقبل من أن تكون لهم رؤى إيجابية، ما أعنيه بذلك هو أنه عادة وقرابة 45% من الرأي العام يقولون إنهم شخصيا يعرفون مسلما وهؤلاء عادة تكون لديهم آراء ايجابية بشأن الإسلام وهذا يمثل عددا كبيرا من الناس وعدد كبير أكثر مما كان عليه الوضع في 2001، هذا أيضا يعني أن غالبية الناس يقولون إننا إما أنهم لا يعرفون مسلمين أو إنهم ليسوا متأكدين من معرفة المسلمين أم لا، ونعرف أن هؤلاء الأشخاص عادة ما يكون لديهم آراء أقل إيجابية وهذا قد يعني أن أولئك يعيشون في مناطق أو ربما أنهم يعملون في مناطق أو أن تجربتهم في الحياة هي في أماكن لم تتح لهم فرصة أن يقابلوا فيها الكثير من المسلمين.


محمد كريشان: سيد نهاد عوض كيف يمكن للمسلمين في الولايات المتحدة أن يخرجوا مما يمكن وصفه من ثقافة الشك والتذمر؟ كيف يمكن لهم أن يصبحوا فاعلين في المجتمع الأميركي بطريقة تحسن من سمعتهم وبالتالي من سمعة الإسلام؟

نهاد عوض: يعني الحقيقة هناك ثلاثة محاور أو ثلاث نقاط علها تكون سريعة، أولا المشاركة السياسية ولاحظنا أن المشاركة السياسية تأتي بنتائج إيجابية فعلى سبيل المثال خلال الثلاث سنوات الماضية نجح المسلمون بتقديم عضوين لأول مرة في الكونغرس الأميركي وأصبحوا يعتبرون نماذج رائعة في تقديم صورة صحيحة عن الإسلام بأن المسلمين عندما يكون لهم مواقع قيادة يخدمون فيها المجتمع بهوية إسلامية تضفي صورة إيجابية وحقيقية عن الإسلام. النقطة الثانية هي أن المسلمين خلال الأشهر الماضية تجاوبوا بشدة وإيجابية لنداء الرئيس أوباما الذي دعا مؤسسات المجتمع المدني بتقديم معونات خيرية وتبرعات، والمسلمون الأميركيون خلال الأشهر الماضية قدموا حوالي ثلاثة آلاف مشروع يتضمن الرعاية الصحية، خدمات صحية مجانية لفئات المجتمع الأميركي، إطعام الفقراء، مساعدة المحتاجين والقيام ببرامج تطوعية في تنظيم بعض المراكز على سبيل المثال والشوارع وحتى المنتزهات. ثالثا وأخيرا ويعتبر الأهم، هو تقديم معلومات صحيحة عن الإسلام، نحن أطلقنا خلال الأسابيع الماضية ما نسميه أكبر حملة في توعية غير المسلمين عن الإسلام بإهداء أو محاولة إهداء مليون نسخة من القرآن الكريم لصانعي القرار وعموم المجتمع الأميركي وبدأنا بمائة ألف نسخة أطلقناها خلال الأسابيع الماضية للوصول إلى صانعي القرار والمؤثرين في المجتمع، القرآن هو مترجم باللغة الإنجليزية طبعة فاخرة ونحاول من خلال هذه الأداة -وليست هي الوحيدة- بإعطاء المفكر والسياسي الأميركي فرصة للاطلاع على مصادر الإسلام الصحيحة حتى يعرفوا أن مصادر الإسلام مثل القرآن لا تدعو إلى العنف ولا تدعو إلى كراهية الآخرين إنما تدعو إلى السلم وإلى التعايش واحترام الآخرين واحترام حتى أديانهم وهذه هي رسالة الإسلام بشكل عام، ونتمنى أن ننجح في هذا المشروع.


محمد كريشان: شكرا جزيلا لك سيد نهاد عوض مدير مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية "كير"، شكرا أيضا لضيفنا الآخر من واشنطن السيد غريغ سميث الباحث في مركز بيو حول الدين والحياة العامة وهو المركز الذي أعد استطلاع الرأي حول نظرة الأميركيين للإسلام بعد ثمانية أعوام من هجمات سبتمبر. بهذا نصل إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم، كالعادة نذكركم بإمكانية إرسال مقترحات على عنواننا الإلكتروني الظاهر الآن على الشاشة:

indepth@aljazeera.net

غدا بإذن الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، أستودعكم الله.