
مقاطعة أميركا لمؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة العنصرية
– المبررات الأميركية وإمكانية التأثير على توصيات المؤتمر
– أبعاد قضيتي الرق وحظر انتقاد الأديان
![]() |
![]() |
![]() |
علي الظفيري: أهلا بكم. نتوقف في حلقة اليوم عند إعلان واشنطن مقاطعتها مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة العنصرية المقرر عقده أواسط الشهر المقبل في جنيف وهو المؤتمر الثاني بعد مؤتمر دوربن بجنوب أفريقيا عام 2001. في الحلقة محوران، ما هي مبررات موقف الإدارة الأميركية من مؤتمر مكافحة العنصرية وهل تنجح في تغيير توصياته الختامية؟ ولماذا ترفض واشنطن المطالبة بدفع تعويضات لضحايا الرق وحظر انتقاد الأديان؟… أعلنت الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة ستقاطع مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة العنصرية بذريعة أن مسودة البيان الختامي غير مقبولة بصيغتها الحالية، ولكنها قالت إنها ستعيد النظر في قرارها إذا ألغيت الإشارة إلى احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وقد رحبت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني بقرار الإدارة الأميركية قائلة إنه يمثل تعبيرا حقيقيا وشجاعا للقيم التي تتمسك بها الولايات المتحدة باعتبارها قائدة للعالم الحر.
[تقرير مسجل]
إيمان رمضان: قبل بضعة أيام من هجمات سبتمبر 2001 انعقد مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمناهضة العنصرية انعقد في دوربن بجنوب أفريقيا ذلك البلد الذي عانى شعبه لقرون من ويلات التمييز العنصري في أبشع صوره، مقررات دوربن وصفت الصهيونية بأنها عنصرية وحملت انتقادات حادة لإسرائيل على ممارساتها في الأراضي الفلسطينية كما اعتبر المؤتمر أن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية تطهير عرقي، وحمل البيان الختامي اتهامات لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية منظمة للفلسطينيين. لا شك أن هذه النتائج أثارت حفيظة الولايات المتحدة التي انسحب وزير خارجيتها آنذاك كولن باول الذي ينحدر من أصول أفريقية من المؤتمر احتجاجا على وصم الحليفة إسرائيل بالعنصرية. واليوم تجري الاستعدادات لاستكمال أهداف مؤتمر دوربن بمؤتمر ثان يسمى دوربن اثنين من المقرر أن ينعقد بجنيف بعد شهر ولكن هذه المرة ينعقد المؤتمر في ظرف دولي شديد التعقيد يختلف كليا عما كان عليه أوائل سبتمبر 2001، فالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وضحايا القصف والقنابل الفوسفورية على الأطفال، أحداث تلقي بظلال قاتمة على مؤتمر 2009. كما يظهر في الخلفية كذلك اليمين المتطرف الإسرائيلي بحركاته الدينية المتشددة التي تعلن عداءها للفلسطينيين وتطالب بقطع الطريق على مفاوضات السلام المتعثرة وهي كلها عوامل تعزز مواجهة الاتهامات للصهيونية بالعنصرية وتكريس فكرة الإبادة العرقية، ومن ناحية أخرى لم تضع الحرب الأميركية على ما يسمى الإرهاب أوزارها في العراق وأفغانستان بينما تحاول إدارة أوباما تنظيف صورة الولايات المتحدة مما علق بها من غبار هذه الحرب. من هنا انطلقت الممانعة الأميركية للمؤتمر وأهدافه التي قد تورط الإدارة الأميركية في صدام مع اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة فبدا عدم المشاركة الأميركية خير وسيلة للهروب من حرج أمام إسرائيل واشترطت واشنطن خلو البيان الختامي للمؤتمر من اتهام إسرائيل بالعنصرية ومن أي إشارة تعتبرها معادية للسامية، ولعل قرار عدم المشاركة جاء نتيجة جهود حثيثة لم تدخرها إسرائيل لإقناع الولايات المتحدة بعدم الحضور وهنا تبدو أميركا في موقف تتناقض فيه مع ديمقراطيتها التي تجاوز بها الأميركيون تاريخا ملطخا بممارسة التمييز العنصري عندما اختاروا باراك أوباما ذا الأصول الأفريقية أول رئيس أسود لبلادهم.
[نهاية التقرير المسجل]
المبررات الأميركية وإمكانية التأثير على توصيات المؤتمر
علي الظفيري: ومعي في هذه الحلقة من جنيف الدكتور حسني عبيدي الباحث بجامعة جنيف، ومن واشنطن الدكتور روبرت ليبر أستاذ الدراسات السياسية بجامعة جورج تاون، مرحبا بكما. أبدأ من واشنطن مع الدكتور ليبر، كأميركي أنت يعني كيف تفهم هذا الموقف الرسمي للولايات المتحدة بمقاطعة هذا المؤتمر؟
روبرت ليبر: هناك قضيتان مهمتان، الأولى من الواضح من خلال الوثيقة الأولية التي حاولت الحكومة أن تغيرها بأنه بدلا من أن تكون هذه الوثيقة تتوجه ضد كراهية الأجانب والتعصب والعنصرية فإن الوثيقة ستتجه في الطريقة المختلفة تماما، ثانيا وهو موضوع آخر مهم وهو أن الإدارة قامت بقرار قام به معينون كبار من طرف الرئيس أوباما ويبدو أنهم يتحدثون بصوت واحد وليس يبدو أن هناك أي خلاف داخلي بينهم. وأعتقد أنه بمقدورنا أن نقول بأن القيادة الأميركية متفقة تماما على هذا الموضوع وأن هذا يتصادف ليس فقط مع موقف كندا التي انسحبت من المؤتمر ولكن أيضا العديد من الدول الأوروبية التي هي تنسحب ستنسحب مرشحة أنها ستنسحب ما لم يتم إعادة كتابة الوثيقة بشكل مختلف تماما لتجنب اللغة الموجودة حتى الآن بما فيها تحديد اسم إسرائيل وطلب التعويض لضحايا الرق الذي هو موجه فقط على منطقة الأطلنطي، كذلك إسكات أي محادثات بشأن الدين والتي هي محادثات جادة، ما لم يقم بهذه التغييرات فإن أميركا لن تكون جزءا من المؤتمر القادم، هذا القرار أعتقد أن غالبية الأميركيين والشعوب عبر العالم تتفق معه.
علي الظفيري: لا، ربما يختلف معك الكثير ليس الغالبية تتفق معه فقط الإدارة وخاصة أنه ليس قرارا مرتبطا بالولايات المتحدة الأميركية ليس موقفا مرتبطا بمشكلة أميركية، مرتبط بمشكلة إسرائيل إذاً هو قرار فقط من أجل إسرائيل دكتور ليبر؟
روبرت ليبر: أبدا الموضوع بعكس ذلك تماما بالتأكيد إسرائيل تم ذكرها هناك بطرق مشينة وغير عقلانية وتشوه إلى سمعتها ولكن لا بد الوثيقة لديها ما لديها من قرارات مرفوضة تماما، أحد هذه المواد تتحدث عن التعويض لضحايا الرق وتتعامل فقط بمنطقة الشمال الأطلسي وتتجاهل بشكل تام الرق الموجود الآن في مناطق بعيدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأيضا تتجنب التعامل بأن تجارة العبودية في الوطن العربي كان يقبضون على العديد من الذين كانوا يعانون من إرسالهم إلى العالم الجديد هذه ليست قضية تتعلق بإسرائيل، ثانيا القضية الأخرى التي نعارضها بشكل كبير هي تتعلق بما يعرف انتقاد الأديان لكنه في الواقع هو محاولة لإسكات أي محادثات جادة وحقيقية …
علي الظفيري (مقاطعا): يعني هنا دكتور ليبر إن سمحت لي دكتور ليبر هنا شيء غريب جدا يعني هناك تناقض كبير يعني مثلا أنتم ضد حظر انتقاد الأديان ومع حظر انتقاد إسرائيل هذا أمر غريب! دكتور حسني في جنيف كيف تقيم الموقف الأميركي من هذا المؤتمر؟
الولايات المتحدة انسحبت من مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة العنصرية لأنها أرادت تفريغ وثيقة دوربان اثنين من أي محتوى سياسي، خاصة وأنها ترى أن قضية الشرق الأوسط يجب ألا يفرد لها جزء كبير |
حسني عبيدي: يعني الولايات المتحدة الأميركية استبشرنا خيرا أنها عادت إلى جنيف وحظرت جانبا من محادثات الإعداد لوثيقة دوربن اثنين لكن من انسحابها بأنها بطريقة يعني بسيطة جدا أنها رأت بأنها لا تستطيع أن تؤثر على مسار المحادثات الجانبية التي بدأت في 15 من الشهر الماضي أي أنها أرادت فعلا أن تفرغ وثيقة دوربن اثنين من أي محتوى سياسي، الموقف الأميركي هو أن قضية الشرق الأوسط يجب ألا يفرد لها جزء كبير، الدول على فكرة قدمت تنازلا كبيرا، الوثيقة المفروض تكون 130 صفحة وقُلصت إلى 30 صفحة رغبة على الأقل في إرضاء دول أوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية. واشنطن تقول بأن قضية إسرائيل مش قضية القضية العنصرية مش قضية عنصرية وإنما إسرائيل هي قضية.. قضية إسرائيل عفوا هي قضية سياسية في حين كل القوانين الدولية بما فيها قوانين داخل إسرائيل تقول بأن سياسة إسرائيلية هناك قوانين داخل إسرائيل هي قوانين عنصرية يعني هناك رفض قاطع يعني مو ضد دوربن نقول الآن إلى الربط بين القضيتين…
علي الظفيري (مقاطعا): دكتور قد يتفق معك الكثير في أن سياسات إسرائيل سياسات عنصرية وأن ما تقوم به من جرائم ومذابح تجاه الفلسطينيين ولكن لماذا التركيز فقط على إسرائيل والتشدد في قضية أن تكون إسرائيل واضحة يعني حاضرة بشكل كبير في البيان الختامي أو التوصيات الختامية؟
حسني عبيدي: أستطيع أن أؤكد لك سواء في دوربن الأولى أو دوربن الثانية كانت هناك نقاشات ديمقراطية كبيرة الجميع لا يعلم بأن في دوربن الأولى كان أكثر من 460 منظمة غير حكومية وأكثر من 160 دولة فليست قضية عربية إسلامية وإنما كانت هناك قضية عنصرية محتوى المؤتمر هو العنصرية والتمييز العرقي وبالتالي كان يعني قضية إسرائيل كانت نقطة أساسية مهمة مثلما كانت قضية أبارتيد في جنوب أفريقيا وعلى فكرة المنظمة غير الحكومية من جنوب أفريقيا..
علي الظفيري (مقاطعا): التمييز العنصري تقصد في جنوب أفريقيا.
حسني عبيدي (متابعا): وجنوب أفريقيا يعني هي دولة صديقة لإسرائيل هي التي كانت مع هذه المواضيع.
علي الظفيري: التمييز العنصري طبعا سياسات التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، دكتور ليبر يعني هذه الشعارات مناهضة العنصرية، مناهضة الاضطهاد كلها شعارات أميركية يفترض بالولايات المتحدة الأميركية أن تكون حاضرة في مؤتمر يناقش هذه الأمور حتى وإن اختلفت مع بعض تفاصيله؟
روبرت ليبر: انظروا، إن استخدام اللغة السيئة هو واضح جدا فالكاتب الإنجليزي الرائع جورج أورويل الذي كان يكتب في الثلاثينات والأربعينيات من القرن الماضي في زمن محاربة النازية وبعدها في محاربة الستالينية وبكتابه الرائع "1984" ذلك عنوان الكتاب، هو يؤرخ للطريقة التي يستخدم بها اللغة بشكل سيء لتفيد ما.. عكس مفاهيمها إذاً الدكتاتور في ذلك الكتاب يقول بأن الحرية هي العبودية وأن الحقيقة هي الجهل وهكذا وهكذا دواليك. إذاً الكلمات التي تستخدمها وثيقة المؤتمر القادم وهو من خلاله والتي يستخدمها المتحدث هي نفسها تستخدم اللغة السيئة فليس هناك أي شيء في هذه الوثيقة وبالمناسبة فإن الدبلوماسيين الأميركيين قالوا بأن هذه الوثيقة الأولية أصبحت أسوأ من قبل من أن تتحسن من خلال المشاركة الأميركية الماضية، إن سياقها أصبح سيئا بشكل كبير وواقع الأمر أن هناك جوانب عديدة في العالم حيث أن هناك تعصبا وكذلك التمييز الديني والكراهية، تذكروا دارفور حيث مئات آلاف الأشخاص كثير منهم سود وغالبيتهم مسلمون كانوا يقتلون أو يجوعون حتى الموت أو يغتصبون على أيدي مسلمين آخرين من الشمال، هذا غائب من المؤتمر، تذكروا الشيعة التمييز ضد الشيعة في جوانب في دول من السنية في الشرق الأوسط، وتذكروا أيضا استخدام التعامل مع الباهية في إيران، وتذكروا أيضا القمع في أماكن عديدة من الشرق الأوسط أي منها أي كل من هذا ديمقراطية تذكروا أيضا بقضية حرية التعبير هذا هو ما يتعارض مع الدين وفي حقيقة الوضع ما تقترحه الوثيقة هو أنها تحاول..
علي الظفيري (مقاطعا): دكتور ليبر لو سمحت لي طبعا أعتذر فقط لأن الوقت قصير لكن ملاحظتين، إذا كان للغة أهمية ثقافية في توصيف الأشياء فالفعل ذاته فعل العنصرية والاضطهاد والقتل هو أكثر أهمية من اللغة، يعني أيضا أنت كما ذكرت قضايا دارفور وقضايا اضطهاد المسلمين سواء السنة أو الشيعة أعتقد أن مسألة فلسطين المسألة الرئيسية حاضرة عالميا. دكتور حسني في جنيف هل تنجح الولايات المتحدة الأميركية يمكن أن تنجح في إحداث تغيير على التوصيات الختامية خاصة إذا توافقت معها الدول الأوروبية؟
حسني عبيدي: يعني هي تراقب الموقف عن قرب وتحاول فعلا التأثير على الدول الأوروبية وممكن الدول الأروبية كذلك أن تنسحب جزء منها باعتبار أنها نجحت أو إسرائيل نجحت في التوقيع على الاتفاقية يمكن بموجبها أن الاتحاد الأفريقي يأخذ موقفا ويكون قريبا جدا من الموقف الأميركي. في قضية اللغة الأستاذ الأميركي يقول بأن اللغة سيئة يعني في الحقيقة ما.. يعني الشيء المعروف أن الولايات المتحدة أو حتى إسرائيل وبعض الدول الأخرى كلما كان الخطاب قريبا بالحقيقة للواقع بتعتبر لغة سيئة أي كلما كان اجتماع أو خطاب أو وثيقة أو بيان قريب جدا للواقع وللحقيقة وللعدالة فهو مناهض للسامية وغير سليم. هذه القضية الصراحة قضية دارفور موجودة بالعكس إذا كان الفلسطينيون حتى فقط إلى الإيصال بقضية العنصرية في الوثيقة النظرية في وثيقة رسمية من الأمم المتحدة دارفور وصل المجتمع الدولي إلى درجة متقدمة جدا وصل إلى محكمة مذكرة لاعتقال رئيس عربي، فأين المقارنة إذاً بين فقط ذكر أن هناك ممارسات عنصرية داخل إسرائيل تجاه الفلسطينيين. القول بأن دارفور أعتقد أن هناك فعلا تحايلا على الواقع والولايات المتحدة للأسف كان هذا اختبارا كبيرا أمام الرئاسة الجديدة رئاسة أوباما باعتبار أنها تريد العمل الدولي تريد العمل الجماعي الآن هذا الموقف في جنيف يعتبر انتكاسة كبيرة لأنصار القانون الدولي وأنصار الحقيقة وعلى فكرة قضية الرق الدول الأفريقية لا تريد، لا تريد، هي تعويضات مالية فقط، ما تريد الاعتذار فقط على جرائم الاستعباد وجرائم الإنسانية وأوباما هو يعرف جيدا ذلك..
علي الظفيري (مقاطعا): سنأتي إلى هذه القضايا دكتور لكن نواصل النقاش حول الأسباب أسباب الاعتراضات الأميركية على مؤتمر مكافحة العنصرية بعد وقفة قصيرة فتفضلوا بالبقاء معنا.
[فاصل إعلاني]
أبعاد قضيتي الرق وحظر انتقاد الأديان
علي الظفيري: أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام في هذه الحلقة التي نناقش فيها أسباب مقاطعة الولايات المتحدة الأميركية لمؤتمر الأمم المتحدة حول العنصرية مع الدكتور روبرت ليبر والدكتور حسني عبيدي. دكتور ليبر في واشنطن الآن قضية يعني أنت أشرت بشكل سريع لمسألة الرق أو التعويضات التي يفترض أن تدفع لضحايا الرق ما هي يعني الأسس التي دفعت بالولايات المتحدة للاعتراف هل هي مسألة جغرافية فقط أم مبدئية؟
اعتراض أميركا على المؤتمر قائم على عدة عوامل أولها أن موضوع الرق كان موجها حصريا على منطقة الأطلسي وتجاهل بشكل تام أصول الرق في الشرق الأوسط وأفريقيا |
روبرت ليبر: حسنا إن اعتراض الولايات المتحدة الأميركية قائم على عدة عوامل أولها هو أن موضوع الرق كان موجها حصريا على منطقة الأطلسي وتجاهل بشكل تام أصول الرق في الشرق الأوسط وفي أفريقيا والرق في هذه المناطق هي تماما هو في تجارة الرق منذ قرون، إضافة إلى ذلك فإن القضية لا علاقة لها أبدا بالعالم المعاصر فهذا مجهود أو جهد لاختطاف المحادثات بشأن القضايا الأساسية فيما يتعلق بكراهية الأجانب والعنصرية والتعصب، هناك البعض ينادي أن يناقش بشأن العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية وهناك محادثات كبيرة ونقاشات كبيرة في أميركا حول الدين وكذلك إسرائيل والفلسطينيين وهكذا. إذاً حقيقة الأمر هي أن الطريقة التي صار بها دوربن الأول وكذلك الوثيقة الحالية تمثل اختطافا للموضوع برمته وهو استخدام سيئ للغة، يستخدم هذه اللغة غائبة المعنى خارج سياقها وهذا هو سبب كاف للسبب الذي جعل إدارة أوباما وبالرغم من مجهودها لتغيير الوثيقة قد تأكدت بأنها لا يمكن أن تشارك في مؤتمر جنيف القادم ما لم يتم تغيير هذه الوثيقة بشكل جذري، أعتقد أن هذا القرار واضح وهو أيضا يحدد شيئا يقول شيئا معينا على أن برنامج المؤتمر سيطر عليه دول سجلها في مجال حقوق الإنسان سيء. دعني أقل إن موضوع إسرائيل والفلسطينيين هو موضوع أصبح تركيزا تاما لإقصاء كافة الأطراف الأخرى وأصبح ما نطلق عليه هو وسيلة للإقصاء ويسعى أساسا لغض الطرف عن القضايا الأخرى والقضايا التي هي موضوع المحادثات.
علي الظفيري: دكتور عبيدي في جنيف قضية التعويضات المتعلقة بضحايا الرق مسألة لا منتهية وينظر لطرحها أنه طرح غير واقعي وغير منطقي وربما يساهم في تعويم يعني نقاشات هذا المؤتمر وتوصياته؟
حسني عبيدي: هناك قضية يعني حقيقة تاريخية بالنسبة للدول التي تطالب ليس فقط قضية التعويض المالي ولكن هناك تعويض معنوي هناك مطالبة بالاعتراف بجرائم كبيرة ارتكبت بحق الشعوب الأفريقية ليس فقط قضية نهب الأراضي وإنما كذلك استعباد الرق الناتج عن الاستعمار عن سنوات الاستعمار والاستعباد، هذه الدول تريد فتح صفحة جديدة ولكن أن يكون هناك على الأقل اعتراف، وقفة شجاعة من الدول الغربية من الدول الاستعمارية بأن لديها سجلا غير نظيف مع هذه الدول الأفريقية بغض النظر على قضية التعويضات المالية لأنها قضية مبدأ، ثم أن العديد من هذه الدول تقول بأن هناك مقياسا غير واضح وهو لماذا هناك مثلا إسرائيل لديها الحق، وأقول لديها الحق صحيح بالمطالبة وطالبت بتعويضات لما أصاب اليهود في المحرقة وهو أمر فعلا شنيع ومشين، فكذلك لا بد من أن تعطى هناك عدالة، الدول الأفريقية ليس لديها في ميزان القوى لا يمكن أن تسيطر على شيء على الأقل اعطوها هذا المنبر وهو منبر الأمم المتحدة منبر دوربن الأول ومنبر دوربن الثاني حتى تعبر عن مطالبها، وثيقة الأمم المتحدة لن يكون لديها سلطة محكمة خاصة بدارفور أو بلبنان ولكن هناك قضية معنوية أساسية وهي عودة الروح وعودة الحقيقة والعدالة لهؤلاء الذين سلبت حقوقهم..
علي الظفيري (مقاطعا): دكتور عبيدي هناك أمر لافت أن الدول العربية دول الشرق الدول النامية هي التي ربما تقود هذا الحراك في المؤتمر الأول والثاني وليس دول الغرب أو العالم المتقدم هذه مسألة لافتة ربما في هذه القضية تحديدا.
حسني عبيدي: صحيح، يعني يمكن يعني من الانتقادات الكبرى الموجهة للمجموعة الآسيوية أو المجموعة العربية أن الدول الغربية غائبة ولكن القضية يا أخي العزيز أن أصلا الدول الغربية قالت لا عودة للحديث عن الماضي لا نريد أن ندخل في قضية الماضي وفي قضية الماضي الاستعمار، هذه نقطة هناك تقريبا حائط أمام المطالبة بفتح صفحة الماضي..
علي الظفيري (مقاطعا): تعقيب منك بس بشكل سريع قبل أن نتحول إلى واشنطن، حظر انتقاد الأديان مسألة ضد الحريات ومسألة يعني مطاطية ربما يمكن استخدامها بشكل تعسفي يعني.
حسني عبيدي: لا يعني ليس هناك تناقض بين قضية احترام حقوق الإنسان وحرية الرأي وحرية التعبير وما يسمى بمسألة سب الأديان يعني الدول تطالب بعدم المساس بقدسية الأديان في إطار حرية الرأي، في إطار حرية التعبير ليس فقط الدين الإسلامي الذي مطالب هنا من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي من قبل حتى دول أخرى وإنما كذلك ديانات أخرى الديانة المسيحية والديانة اليهودية، يعني هناك محاولة لتعطيل.. فقط للابتعاد عن ربما موجات غاضبة يمكن أن تثير الكراهية والحقد في المجتمع الدولي.
علي الظفيري: دكتور ليبر في واشنطن ألا يؤثر هذا الموقف الأميركي على سمعة إدارة أوباما والتي توقع العالم منها أن تكون مختلفة عن الإدارة السابقة والتي أرادت أن تنفتح على الجميع؟
روبرت ليبر: إن المحادثات برمتها كما هي تمت في هذا البرنامج هي ليست ذات فائدة لأنها تتجنب السؤال الأساسي، المتحدث أشار إلى الحقبة الاستعمارية يتحدث عن أميركا، هذه مزحة إن القوى الاستعمارية في أفريقيا كانوا أوروبيين والولايات المتحدة لم تكن قوة استعمارية في أفريقيا أبدا، لا أبدا، وإذا كانت هناك قضية الدول الاستعمارية هذه كانت الدول الأوروبية، وإذا كانت قضية تجارة العبيد في أفريقيا فالكثير من تجار العبيد كانوا عربا، وإذا كانت القضية تتعلق بالأفارقة وعلاقتهم بالعبودية فهذا يتعلق بالكثير من تجار العبودية المسلمين والعرب وأميركا كان لها تاريخ عبودية والذي هو كان جريمة مريعة ومأساة وفي عهد (كلينتون) خاضت أميركا حربا أهلية قتل فيها 660 ألف أميركي بين الفترة 1861 إلى 1865 لتقول بأنه لن تكون هناك عبودية في أميركا. إذاً طريقة المحادثات بالعلاقة بين العبودية والاستعمار لا علاقة لها أبدا بعالمنا المعاصر. الجانب الثاني من سؤالك يتعلق..
علي الظفيري (مقاطعا): باختصار لو سمحت انتهى الوقت لو سمحت.
روبرت ليبر (متابعا): أريد فقط أن أشير إلى أن الدين يزدهر في أميركا ولدينا الكثير من المسلمين الكثير منهم مهاجرون جدد ولديهم الحرية لأن يمارسوا حرياتهم ويبنوا مساجدهم..
علي الظفيري (مقاطعا): سامحني دكتور روبرت ليبر سامحني انتهى الوقت المخصص للبرنامج أستاذ الدراسات السياسية بجامعة جورج تاون من واشنطن، والدكتور حسني عبيدي الباحث بجامعة جنيف من جنيف شكرا جزيلا لكما. انتهت هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم ودائما بإنتظار مساهماتكم عبر البريد الإلكتروني المعتاد indepth@aljazeera.net غدا إن شاء الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد. شكرا لكم وإلى اللقاء.