
مستقبل التأييد الأميركي المطلق لإسرائيل
– ملابسات ظهور جي ستريت ووجوه اختلافها عن إيباك
– آفاق المنظمة وإمكانيات تأثيرها على السياسة الأميركية
![]() |
![]() |
![]() |
محمد كريشان: السلام عليكم. نتوقف في هذه الحلقة عند مستقبل التأييد الأميركي المطلق لإسرائيل في ضوء انعقاد المؤتمر الأول في العاصمة الأميركية واشنطن لمنظمة جي ستريت المؤيدة لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة إلى جانب تأييدها لإسرائيل. في حلقتنا محوران، ما هي الملابسات التي برزت من خلالها منظمة جي ستريت والآفاق التي تنتظرها في الساحة الأميركية؟ وما هو الأثر الذي يمكن أن يتركه ظهور مثل هذه الأصوات في أميركا على سياسة واشنطن تجاه إسرائيل؟… لا خلاف بين المنظمتين في ضرورة حشد التأييد الأميركي لإسرائيل، في المقابل تبدو الهوة قائمة بين المنظمة الأولى إيباك صاحبة التاريخ العريق في نسج وتوثيق خيوط التحالف بين واشنطن وتل أبيب والمنظمة الثانية جي ستريت الفتية التي اتخذت لنفسها مسافة من اليمين الصهيوني فوجدت نفسها على ذات خط رؤية الرئيس الأميركي باراك أوباما للسلام في الشرق الأوسط، وهي رؤية ترفض تل أبيب ومن ورائها حلفاؤها في الولايات المتحدة بعض نقاطها الجوهرية.
[تقرير مسجل]
نبيل الريحاني: هذه هي المنظمة اليهودية الأميركية التي يقال إنه يتحتم على أي مرشح رئاسي أن يمر بجلساتها إذا أراد الوصول إلى البيت الأبيض، وهي نفسها التي من خلالها يمر كثير من القرارات والتبرعات المخصصة لدعم دولة إسرائيل دعما مطلقا، إنها إيباك التي اعتاد عليها الجميع ممثلا أكبر للصوت اليهودي الأميركي ورأس حربة التحالف الإستراتيجي المتين بين واشنطن وتل أبيب. بصهيونيتها الصارخة يبدو أن إيباك خسرت جزءا لا يستهان به من الشارع اليهودي لفائدة منظمة جديدة تقاسمها دعم إسرائيل لكن على طريقتها الخاصة، جي ستريت لوبي يهودي يوصف بالليبرالي القريب أكثر من الأسرة الديمقراطية الأميركية لفتت إليها مزيدا من الأنظار بعد سنة فقط من إنشائها بدعمها لرؤية باراك أوباما لسبل حل معضلة الشرق الأوسط، فهي مثله ترى المخرج في دولة فلسطينية مستقلة وتتذمر من تنصل اليمين الإسرائيلي الحاكم الآن من استحقاقات السلام وتنتقد الحرب التي شنها على غزة لكونها غير متكافئة بل وتذهب إلى معارضة حملته لفرض توجيه ضربة عسكرية ضد إيران. ورغم كونها تعمل في أهم أهدافها على توسيع قاعدة التأييد الجماهيري لإسرائيل فإنها لم تقنع هذا اليهودي الأميركي المتطرف الذي يراها خطرا على المصالح الإسرائيلية هو وغيره من اليمين الصهيوني ومن يتعاطف معهم من الساسة الأميركيين، قطاع طفق يشن حملة على جي ستريت ويتوعدها بتجفيف منابع القدرة والإشعاع لا سيما التبرعات السخية، تبرعات وصلت حسب الواشنطن بوست إلى ستمائة ألف دولار خصصتها المنظمة في 2008 لديمقراطيين وجمهوريين يشاطرونها التوجهات، حتى أنها نجحت في حشد مائة مؤيد لتعيين جورج ميتشل مبعوثا لإدارة أوباما في الشرق الأوسط، مكاسب تعد في نظر أنصارها بعهد جديد سيشهده الشارع اليهودي الأميركي فيما يراها خصومها مرحلة عابرة ستمر عندما تطوي الأيام القوس الذي فتحه وصول باراك أوباما إلى الحكم في الولايات المتحدة الأميركية.
[نهاية التقرير المسجل]
ملابسات ظهور جي ستريت ووجوه اختلافها عن إيباك
محمد كريشان: ومعنا في هذه الحلقة من واشنطن الدكتور خليل جهشان أستاذ العلاقات الدولية بجامعة دابرداين، وفي الأستوديو هنا الدكتور فارس بريزات أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر والمتابع لهذه القضية، أهلا بضيفينا. لو بدأنا بالدكتور خليل جهشان في واشنطن، هل عهد الرئيس أوباما هو الحاضن الحقيقي لظهور منظمات جديدة كجي ستريت؟
خليل جهشان: بدون أي شك لأن هذه المحاولة من قبل مجموعات ليبرالية داخل المجتمع اليهودي هنا في الولايات المتحدة ليست بشيء جديد، في الماضي كان هناك على الأقل ثلاث أو أربع محاولات لخلق لوبي بديل لوبي ليبرالي أكثر من إيباك لوبي يتحدى في الواقع هيمنة إيباك على الصوت اليهودي هنا في الولايات المتحدة ولم تنجح هذه المحاولات في الماضي، قضية التوقيت الآن مهمة جدا لأن هناك إدارة في الواقع موقفها يتطابق كليا مع موقف هذه المجموعة أو مع هذا الصوت الجديد لليهود هنا في أميركا.
محمد كريشان: ولكن الغريب دكتور أن التيارات بين يساري ويميني وديمقراطي وجمهوري موجودة في الساحة الأميركية بشكل واسع تقليدي لماذا الآن فقط شقت الصف اليهودي؟
خليل جهشان: شقت الصف اليهودي لأن هذه أولا كما قلت هذه أول مرة تأتي مجموعة يهودية ليبرالية وتحظى بتأييد على أعلى مستويات الإدارة، في الماضي كانت هذه المجموعات مهمشة لم تأخذها الإدارات المتتالية مأخذ الجد، ثانيا قضية التوقيت يعني هناك الآن عملية سلام في الشرق الأوسط يتم الحديث عنها نظريا ولكنها بالأساس هي عملية ميتة وصلت إلى طريق مسدود، فمحاولة هذه المجموعة إحياء هذه العملية على أسس جديدة واللجوء ربما إلى مرجعية جديدة في التعامل مع قضية السلام في الشرق الأوسط ومطالبة الحكومة الأميركية بدور فاعل ودور قيادي في هذا المضمار هو الذي أعطى هذه المجموعة ربما هذا الزخم الذي نشاهده الآن، كما نعرف في واشنطن بصراحة 90%من أهمية أي مجموعة جديدة تكمن في التوقيت أكثر مما تكمن في فحوى أو في جدول أعمال هذه الجمعية.
محمد كريشان: على كل هذه المنظمة الجديدة دكتور فارس بريزات تقدم نفسها على أنها هي لكل الأميركيين وليس لليهود فقط، برأيك مثل هذا الشعار وتأييدها للسلام ولإسرائيل في نفس الوقت يمكن أن ينجح؟
فارس بريزات: باعتقادي أن هذه المنظمة الجديدة قد نكون متفائلين كثيرا بأنها تختلف عن إيباك أو عن منظمات مؤيدة لإسرائيل منظمات أخرى مؤيدة لإسرائيل، في القضايا المركزية لا يكاد يكون الخلاف جوهريا بينها، هناك خلاف جوهري بين إيباك وبين جي ستريت مثلا في قضية المستوطنات وفي قضية الحدود 1967 يتحدثون كما تتحدث إيباك عن تبادل أراضي وفي موضوع المستوطنات أنه لا يجوز التنازل عن كل شيء في حال الوصول إلى اتفاقية سلام، ولكن بالمحصلة النهائية أنا لا أعتقد بأن هذه المنظمة ستكون يعني ممثلة لجميع الأميركيين لسببين، السبب الأول أن نسبة العرب والمسلمين الذين تبرعوا لمثل هذه المنظمة لم تتجاوز 3% من قيمة التبرعات المقدمة لها، وهناك أيضا نوع من التشكيك بأنه لماذا تكون هناك منظمة قائمة أساسا على الليبراليين اليهود في المجتمع الأميركي؟ والمؤسسون الأساسيون في هذه المنظمة جرمي بن عامي وهو دبلوماسي معروف سابقا بولائه لإسرائيل ولاء مطلقا ودانييل ليفي أيضا كان في مفاوضات السلام في جنيف ومن الموقعين ومن المؤلفين لوثيقة جنيف للسلام، فباعتقادي أن هناك الكثير من الشكوك حول إمكانية أن تكون هذه المنظمة مؤيدة للحق الفلسطيني يعني بنفس المستوى الذي تؤيد فيه الحق الإسرائيلي..
محمد كريشان (مقاطعا): هي على كل يعني عفوا دكتور، هي لا تنكر تماما بأنها مؤيدة لإسرائيل ولكن لديها مقاربة لعملية السلام ولحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم تختلف عن الإيباك، يعني أنا أريد أن أسألك إذا كانت لا تختلف كثيرا عن الإيباك كيف تفسر هذا القلق عند الإيباك وحتى السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل أورن رفض أن يحضر حفل الافتتاح للمؤتمر ويشارك؟
فارس بريزات: نعم هناك يعني هذه المنظمة أتت إلى الوجود لخلافات إسرائيلية داخلية أكثر مما هي لانعكاس داخل أو تبلور الرؤى السياسية داخل المجتمع الأميركي أو داخل المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة، القائمون على هذه المنظمة هم من اليسار الإسرائيلي أو وسط اليسار الإسرائيلي بشكل أساسي وهم أيضا من الأميركيين الذين يتمتعون بجنسيات إسرائيلية أو من مثلا دانييل ليفي بريطاني يتمتع بالجنسية الإسرائيلية أيضا، فأنا باعتقادي أن مسألة أن تكون الخلافات جوهرية بشكل بين المنظمتين هو يعني باعتقادي هو تمنيات أكثر مما هو وقائع على الأرض..
محمد كريشان (مقاطعا): لنسأل الدكتور خليل جهشان ما إذا كان الأمر فعلا يعبر عن تمنيات أكثر منه عن واقع حقيقي؟
خليل جهشان: بالطبع يعني هناك الكثير من التمنيات والتوقعات ربما غير الموضوعية من بعض الأطراف العربية بخصوص جي ستريت كلوبي جديد، ولكن بصراحة أنا لا أتفق مع ما تحدث به زميلي الدكتور بريزات بمعنى أن هذه مجموعة تختلف في الواقع في مواقفها بشكل جذري مع مواقف إيباك التقليدية شئنا أم أبينا، يعني جزء من هذه الخلافات ربما قد تصب لصالح القضية الفلسطينية أو للقضايا العربية وجزء ربما لن يفيد لأنه كما قال قد يعتبر مجرد خلافات داخلية في الجالية اليهودية الأميركية أو في داخل إسرائيل، ولكن إذا ما نظرنا إلى قضية فلسطين إذا ما نظرنا إلى قضية القدس بالذات إذا ما نظرنا إلى قضية إيران والتعامل معها إذا ما نظرنا إلى قضية المستوطنات هناك فروقات جذرية بين مجموعة جي ستريت وبين إيباك خارجة عن إطار العادة، فيجب ألا نهمل هذه الخلافات ودائما يعني نهملها قائلين بأنه ليس هناك أي فرق بين تلك المجموعة الصهيونية ومجموعة صهيونية أخرى، يعني إذا ما تحدثنا عن موقف جي ستريت من قيام دولة إسرائيل ودعم الفكر الصهيوني هذا صحيح أنه لا فرق بينهما ولكن إذا ما تحدثنا عن كل هذه السياسات التي ذكرتها هناك فروقات واضحة وفروقات جوهرية ومن هنا العداء داخل النخبة اليهودية الأميركية التقليدية لجي ستريت وعداء حتى الحكومة الإسرائيلية وكما تفضلت مقاطعتها لهذا المؤتمر..
محمد كريشان (مقاطعا): يقال حتى رأيها في تقرير غولدستون المتعلق بجرائم الحرب كان نسبيا متوازنا.
خليل جهشان: أعتقد أن رأيها طبعا اختلف عن الرأي العام للجالية اليهودية هنا الذي مجرد يعني قلد موقف الحكومة الإسرائيلية بأن تقرير غولدستون كان منحازا كليا ولا قيمة له ويجب على إسرائيل عدم التحقيق في هذه الجرائم، موقفهم كان أفضل بكثير وعقلانيا أكثر مما سمعنا من أغلب الجمعيات اليهودية الأميركية هنا، فيجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار مثل هذه التغييرات، هذا لا يعني أن جي ستريت هي مجموعة مؤيدة لفلسطين أكثر من الفلسطينيين ولكن موقفها عقلاني أكثر من أي مجموعة إسرائيلية أو من أي مجموعة أميركية مؤيدة لإسرائيل.
محمد كريشان: رغم أن جي ستريت هي حديثة العهد عمرها تقريبا سنة ونصف رغم أن الميزانية التي لديها أقل بكثير من ميزانية إيباك وتأييد إيباك أقوى بكثير من التأييد الذي تحظى به جي ستريت، نريد أن نعرف بعد الفاصل هل يمكن أن تتأثر السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط بهذا اللوبي الجديد حتى وإن كان ما زال في بدايته؟ لنا عودة إلى هذا الموضوع بعد الفاصل.
[فاصل إعلاني]
آفاق المنظمة وإمكانيات تأثيرها على السياسة الأميركية
محمد كريشان: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة التي نناقش فيها أسباب ودلالات انقسام الجالية اليهودية في أميركا وأثر ذلك على مستقبل الدعم الأميركي لإسرائيل. دكتور فارس بريزات قبل الفاصل تابعنا رأيك وهو الذي لا يتوقع شيئا كثيرا من هذه المنظمة الجديدة، مع ذلك نستسمحك في السؤال عما إذا كانت مع ذلك يمكن أن تؤثر بدرجة أو بأخرى في توجهات الإدارة الأميركية تجاه إسرائيل؟
فارس بريزات: دعني أبدأ بالتالي بأن إيباك بدأت منذ منتصف القرن الماضي وأخذت نحو 25 عاما لكي تتمكن من التأثير بشكل جدي في السياسة الخارجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط يعني في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، منظمة جي ستريت لا زالت منظمة فتية وإذا ما نظرنا إلى مدى تأثيرها في السياسة الخارجية الأميركية وفي واشنطن لنرى من حضر الاجتماع أو المؤتمر الأول لها، تغيب عن الاجتماع نانسي بلوسي مثلا رئيسة مجلس النواب، هاورد بيرمن اللي هو رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، ليانا روس ليتينن وهو العضو الجمهوري على لجنة الشؤون الخارجية، تغيب أيضا الكثير من الـ senators. وإذا ما نظرنا إلى حجم التأثير الذي يحظى به إيباك مثلا في آخر مثالين يمكن أن نتحدث عنهم، 71 senators قاموا بتوقيع رسالة للرئيس أوباما يطلبون منه شبه التراجع عن الضغط على إسرائيل في موضوع إيقاف المستوطنات، والقضية الثانية أنه أكثر من 229 عضو كونغرس عضو مجلس نواب وقعوا على رسالة تبناها هاورد بيرمن رئيس لجنة الشؤون الخارجية وأيضا ليانا روس ليتينن وجهوا رسالة إلى العاهل السعودي لتشجيعه على إجراء واتخاذ موقف مثل موقف السادات مثلا تجاه إسرائيل، وإذا ما نظرنا إلى السياسة الإسرائيلية تجاه هذه المنظمة هي سياسة عدائية وسبق وإن ذكر في هذا البرنامج بأن السفير الإسرائيلي لم يحضر هذا الاجتماع وتردد كثيرا، وهناك أيضا في الصحافة اليمينية في الولايات المتحدة مثل ويكلي ستاندرد، وول ستريت جورنال وغيرها واشنطن تايمز كلها شنت حملات منتظمة وحملات قوية ضد هذه المنظمة..
محمد كريشان (مقاطعا): ربما هذه الهجومات مؤشر هام جدا، وهنا أسأل الدكتور خليل جهشان، ربما هذا مؤشر هام جدا على أن منظمة ما زالت حديثة ومع ذلك تلقى كل هذا العداء لا بد أن في الأمر توجسا ما، هل هذا التوجس في محله فيما يتعلق باستمرار الدعم التقليدي الأميركي لإسرائيل؟
خليل جهشان: أعتقد ذلك، هذا التوجس في محله لعدة أسباب، يعني أولا في الماضي كانت هناك هيمنة شبه تامة لإيباك على صنع القرار بالنسبة لسياسة أميركا في الشرق الأوسط ولم يكن لذلك مثيل في الواقع في أي من سياسات أميركا الخارجية، ونجحت إيباك في الواقع في تحجيم الجالية اليهودية لأنه في الواقع إيباك هي ليست لا المنظمة الوحيدة ولا المنظمة الأكبر في الجالية اليهودية، هناك أكثر من ثلاثمائة إلى أربعمائة منظمة يهودية في الولايات المتحدة تمثل أو لها دور في العلاقات الأميركية الإسرائيلية وهناك أكثر من عشر جمعيات أكبر بكثير من إيباك ولكن إيباك نجحت في إرهاب نوعا ما فكريا هذه الجمعيات لحضها على عدم التدخل في شؤون السياسة الخارجية وخصوصا ترك الشق التشريعي هنا في الولايات المتحدة لهيمنة إيباك شبه المطبقة، الآن هناك صوت شاذ نوعا ما صوت غريب له موقف يختلف مع إيباك ومن هنا شدة هذه المعارضة أو هذا التخوف، لماذا؟ لأن إيباك لا تريد أن يكون لها منافس في التأثير على سياسة أميركا في الشرق الأوسط خصوصا بالنسبة للنزاع العربي الإسرائيلي، ومن هنا أهمية هذه المجموعة الصغيرة التي كما ذكر الأخ فارس يعني ما زالت مجموعة فتية ما زالت مجموعة صغيرة تأثيرها محدود ميزانيتها لا تتعدى هذه السنة على أكثر من 1,5 مليون دولار وهي أقل من أي جمعية عربية أو جمعية إسلامية هنا في واشنطن والتي ليس لها أي تأثير يذكر.
محمد كريشان: في حين أن ميزانية الإيباك خمسين مليون دولار يعني الفرق شاسع، الفرق شاسع.
خليل جهشان: فالفرق شاسع ولا نستطيع أن نقارن تأثير هذه الجمعية الصغيرة على صنع القرار في واشنطن نسبة إلى إيباك..
محمد كريشان (مقاطعا): ولكن عفوا دكتور جهشان، طالما هي متناغمة مع سياسات الرئيس أوباما على الأقل في خطوطها العريضة الأساسية، هل يمكن القول بأنه إذا ما تقدم أوباما في موضوع الشرق الأوسط ربما هذه المنظمة تنتعش أكثر ويصبح لها مجال تأثير أقوى؟
خليل جهشان: أعتقد ذلك، إذا ما بقي أوباما في الحكم خصوصا لفترة ثانية ونجح بالفعل في تحريك عملية سلمية جديدة في الشرق الأوسط لها مصداقية أكثر مما شاهدنا في الماضي فأعتقد أو أخمن بأن مثل هذه الجمعية جي ستريت ربما ستنمو إلى عشرة أضعاف ما هي عليه الآن خلال السنوات الست القادمة، ولكن إذا ما فشل أوباما في سياسته الشرق أوسطية وخصوصا إذا ما خسر الانتخابات القادمة أعتقد أنها ستصبح يعني ظاهرة عابرة كما شاهدنا في الماضي من جمعيات من مثل هذه الخلفية داخل الجالية اليهودية هنا.
محمد كريشان: دكتور فارس بريزات إلى أي مدى يمكن للأميركان من أصول عربية أو الأميركان المسلمين أن يؤثروا في هكذا منظمات خاصة وأنها مفتوحة للجميع مع التحفظات التي سجلت بمناسبة مشاركة سلام الماراياتي وهو مؤسس مجلس الشؤون العامة الإسلامية كان شارك في هذا المؤتمر وهناك تحفظات حتى على مشاركته.
فارس بريزات: الحقيقة أن الحوار الدائر على هذا الموضوع في الولايات المتحدة مثلا آخر مثال على ذلك هو الحوار الموجود الآن على Foreign Policy وتجد بأن هناك في مواقف متشنجة بكلا الاتجاهين سواء من العرب الذين دفعوا قاموا بدفع بعض التبرعات لهذه الجمعية وبين الإسرائيليين أو بين مؤيدي الإيباك الذين يعتقدون بأن هذه المنظمة هي منظمة تتبنى المواقف العربية وتتبنى المواقف الفلسطينية وليست بالضرورة صادقة فيما تقول في موضوع الدفاع عن الحقوق الإسرائيلية. ولكن دعني أؤكد على شيئين هنا، الشيء الأول بأنه عندما أتحدث عن يجب أن نكون متواضعين في توقعاتنا من هذه الجمعية أتحدث من وجهة النظر العربية، قد تكون ناجحة جدا من وجهة النظر الإسرائيلية وقد تنجح جي ستريت من وجهة النظر الإسرائيلية وفي إدارة الصراع الإسرائيلي الأيديولوجي بين اليمين واليسار داخل الولايات المتحدة وفي من الذي يمثل المجتمع من الذي يتحدث باسم المجتمع اليهودي الأميركي، هنا يجب أن نكون واضحين في التفريق بين المنحيين وبين التوقعات من كلا الجهتين، على الجانب العربي لا أعتقد أن يكون هناك كثير من الفعل ولكن فيما يتعلق بالجانب الإسرائيلي بالتأكيد سيكون هناك نجاح لأن التنافس بين الفريقين هو على مصلحة إسرائيل وليس على مصالح العرب، أردت أن أؤكد ذلك مرة أخرى.
محمد كريشان: نعم دكتور خليل جهشان ما هي برأيك المواعيد الأساسية في الفترة المقبلة التي تجعل مثل هذه المنظمة الجديدة جي ستريت تثبت نفسها بشكل واضح في الحياة السياسية الأميركية وعلاقة واشنطن بإسرائيل ودعمها الدائم لها؟
خليل جهشان: بالطبع يعني كما ذكرنا هناك محاولات من قبل الإدارة الحالية هنا في واشنطن لإحياء عملية سلمية أو تفاوضية جديدة في الشرق الأوسط، فأهمية مثل هذه المجموعات هي التأثير على مرجعية مثل هذه العملية إذا ما بالفعل نجح الرئيس أوباما الذي لديه في الواقع مشاكل كثيرة أكثر وأكبر بكثير من النزاع العربي الإسرائيلي وقضية فلسطين، ولكن إذا ما بالفعل قامت هذه الإدارة بإحراز بعض التقدم في هذا الاتجاه وكان لهذه المجموعة تأثير على وجهة نظر الإدارة الذي في الواقع ربما سنتعرف على بعض ملامح موقف هذه الإدارة من عملية التفاوض الجديدة التي تدعو إليها ربما خلال أسابيع، فالموعد الأول سيكون خلال أسابيع لنرى في الواقع فحوى مثل هذه العملية يعني إعادة تقييم زيارات ميتشل إلى المنطقة والبدء في مفاوضات جدية إذا كان بالفعل هناك موقف جديد للإدارة الأميركية، إذا كان يشبه مثلا بالنسبة للاستيطان موقف جي ستريت من الاستيطان يختلف كليا عن الإيباك، الإيباك لا يعترف بأن الاستيطان هو عقبة أمام طريق السلام بينما جي ستريت تصف كل المستوطنات بأنها عقبة في طريق السلام وتحاربها في الواقع وأعتقد أنها ستقبل في المستقبل في تفكيك بعض هذه إن لم يكن أغلب هذه المستوطنات، فإذا ما بالفعل انتقلت هذه الأفكار إلى جزء من السياسة الأميركية عندها سنستطيع أن نجزم بأن هذه المجموعة ناجحة.
محمد كريشان: نعم، دكتور بريزات في كلمتين، هذه المنظمة الجديدة تستحق إعطاءها فرصة وننتظر؟
فارس بريزات: بالتأكيد ولكن أؤكد مرة أخرى على أن مسألة التوقعات يجب أن تكون معقولة وعقلانية وذات علاقة بالواقع، أنا بأتفق بأنه هناك في اختلافات في وجهة النظر بين الإيباك وبين الجي ستريت ولكن من وجهة النظر الفلسطينية ومن وجهة النظر العربية ينبغي أن لا نتوقع الكثير لأن حتى التأثير في السياسة الخارجية الأميركية على عملية السلام لا أعتقد أنه سيكون جوهريا، لأنه مثلا جيم جونز عندما خطب قبل قليل في مؤتمر المنظمة في (الكينوتس) تبعه لم يقل كثيرا لم يقل الجديد في هذا الموضوع.
محمد كريشان: شكرا جزيلا لك الدكتور فارس بريزات أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر، شكرا أيضا لضيفنا من واشنطن الدكتور خليل جهشان أستاذ العلاقات الدولية بجامعة دابرداين. وبهذا نصل إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر، إلى اللقاء.