أسباب وتداعيات تصاعد التوتر بين أنقرة وتل أبيب
– عوامل تصاعد التوتر الإستراتيجي بين أنقرة وتل أبيب
– مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية وانعكاساتها الإقليمية
علي الظفيري: أهلا بكم. نتوقف في هذه الحلقة عند العلاقات التركية الإسرائيلية في ضوء إلغاء تدريبات عسكرية مشتركة بين البلدين في خطوة أثارت قلقا في إسرائيل وتقديرات بأن علاقات البلدين آخذة في التردي بصورة مطردة. في الحلقة محوران، ما هي العوامل التي تغذي حالة التوتر المتصاعد في العلاقات الإستراتيجية بين أنقرة وتل أبيب؟ وكيف يبدو مستقبل التحالف التركي الإسرائيلي والانعكاسات الإقليمية للفجوة بين الطرفين؟… المؤشرات على تعمق الجفوة بين تركيا وإسرائيل كثيرة، بعض التقديرات ترى أن أعراض هذه الجفوة أصابت عصب التحالف الإستراتيجي الذي ساد طيلة العقود السابقة، مراقبون يقولون إن ثمة تحولا جذريا يجري في تركيا ويحظى برقابة دقيقة في العواصم الغربية لا سيما واشنطن وتل أبيب.
[تقرير مسجل]
يوسف الشريف: يبدو أن الفتور في العلاقات التركية الإسرائيلية سرعان ما سيتحول إلى التوتر بعد دخول ملاسنة التصريحات الدبلوماسية على الخط، إذ أصدرت الخارجية التركية بيانا أعلنت فيه رفضها لتعليقات المسؤولين الإسرائيليين بشأن إلغاء التدريبات العسكرية الجوية المشتركة، جاءت صيغة البيان حادة على غير العادة واختتم بدعوة المسؤولين الإسرائيليين إلى التعقل وضبط النفس. حرمان إسرائيل من استخدام الأجواء التركية حمل رسالتين تركيتين، الأولى رفض تقديم أي مساعدة لضربة إسرائيلية محتملة ضد إيران التي يزورها أردوغان بعد عشرة أيام، والثانية والأهم ربما رسالة احتجاج قوية على حرب غزة واستخدام الطائرات لرمي قنابل الفوسفور ضد المدنيين هناك. حرب غزة شكلت نقطة تحول فاصلة في علاقات البلدين إذ اعتبرها أردوغان طعنة في الظهر ودليلا على تهرب إسرائيل من عملية السلام. لا يخفى أن حكومة حزب العدالة والتنمية ومنذ أن جاءت للحكم عام 2002 ربطت تطوير علاقات تركيا بإسرائيل بما يحدث من تقدم في عملية السلام، سياسة بدت واضحة حتى خلال لعب أنقرة دور وسيط السلام بين دمشق وتل أبيب إذ لم يمنع ذلك الدور أردوغان من أن يشكك في تصريحات ضيفه الإسرائيلي ايهود أولمرت حول حفريات الأقصى عام 2007، وطلب إيفاد فريق تركي لتقصي الحقائق وأدان تقرير الوفد التركي إسرائيل ورُفع إلى الأمم المتحدة، الحكومة التركية أبقت على علاقاتها مع حكومة نتنياهو في الثلاجة بسبب موقف نتنياهو من عملية السلام، ورفض وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو دعوة لزيارة إسرائيل بسبب عدم السماح له بزيارة غزة، وبدا أن تحسن علاقة الحكومة مع الجيش في تركيا قد انعكس على هذا الفتور مع إسرائيل خصوصا بعد إعلان الجيش أن الحكومة هي التي تحدد مصالح البلد وسياساتها الخارجية تعليقا على إلغاء مناوراته مع إسرائيل. يوسف الشريف، الجزيرة، أنقرة.
[نهاية التقرير المسجل]
عوامل تصاعد التوتر الإستراتيجي بين أنقرة وتل أبيب
علي الظفيري: معي في هذه الحلقة من القدس البروفسور إفرايام عينبار رئيس مركز بيغن السادات للدراسات الإستراتيجية والخبير في العلاقات الإسرائيلية التركية, وكذلك من أنقرة الكاتب والمحلل السياسي حسني محلي، مرحبا بكما ضيفينا. وقبل أن نبدأ النقاش مشاهدينا الكرام نتوقف مع ردود الفعل الإسرائيلية على إلغاء المناورات إذ سعى قادة إسرائيل التركيز على عمق العلاقات الإستراتيجية بين تل أبيب وأنقرة، لكن مراقبين أشاروا إلى أن ردود الفعل التي تظهر عموما قدرا من التوازن والهدوء تبطن في الحقيقة قلقا وغضبا واسعين.
[شريط مسجل]
بنيامين بن إليعيزر/ وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي: نحن والأتراك لدينا مصلحة هامة في أن تكون علاقاتنا في أعلى مستوى إستراتيجي لذا علينا أن نتصرف بهدوء وبأقصى درجات الحذر حتى لا يكون مستقبل تلك العلاقات مظلما.
[نهاية الشريط المسجل]
علي الظفيري: نبرة التهدئة التي اتسمت بها التصريحات الرسمية ردا على القرار التركي لم تكن نفسها في وسائل الإعلام فقد رأت الصحف الإسرائيلية أن القرار سبب كاف لمراجعة ملف العلاقات الثنائية تحت قيادة من وصفته بالإسلامي رجب طيب أردوغان الذي قالت إنه لم يترك فرصة في الأعوام الأخيرة إلا ووجه صفعة لإسرائيل، وأشارت الصحف إلى أن قرار تركيا وما سمته الخط المثابر لرئيس حكومتها يدعو إلى القلق خصوصا في ظل مؤشرات تنذر بتقارب تركي إيراني على حد قولها، ولم تخف هذه الصحف دعوتها قادة تل أبيب لعدم التردد في إشهار سلاح تهديد تركيا بعدم ضمها للاتحاد الأوروبي إذا لم تعدل تركيا أردوغان عن سياستها تجاه إسرائيل، ونقلت الصحف الإسرائيلية عن مصدر سياسي رفيع المستوى قوله إن مخاوف تراود إسرائيل وبعض الدول الغربية من أن يكون أردوغان يقوم بصمت وبحزم بعملية أسلمة لتركيا، وأضاف المسؤول أن أردوغان يقوم بعملية من شأنها أن تقرب تركيا من إيران ويسعى إلى تحويل تركيا إلى دولة دينية، وأكد المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه أن أردوغان يحاول تقييد الجهاز العسكري حامي الدستور في تركيا. الآن يعني نتوجه مباشرة إلى حوارنا مع ضيفينا في أنقرة وتل أبيب، أستاذ حسني في أنقرة ما هي الأسباب الحقيقية التي تقف خلف القرار التركي بإلغاء مناورات عسكرية تشارك بها إسرائيل؟
حسني محلي: بدون شك هناك الكثير من الأسباب ولكن آخرها هو الحصار الذي فرضته إسرائيل على الحرم الشريف ومنع المصلين الفلسطينيين من دخول الحرم الشريف يضاف إلى ذلك الفتور الذي يخيم أساسا على العلاقات التركية الإسرائيلية منذ أحداث دافوس وموقف رئيس الوزراء أردوغان ضد الرئيس شمعون بيريز، وهنا أيضا نستطيع أن نجلب الانتباه إلى التوقيت الزمني لهذا القرار التركي الذي سبق حدثين مهمين أولهما أن الرئيس أردوغان يستعد لزيارة طهران في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، وغدا في مدينة حلب سيكون هناك لقاء مهم بين عشر وزراء أتراك وعشر وزراء سوريين في إطار اتفاقية التعاون الإستراتيجي التي وقّع عليها الرئيس بشار الأسد في اسطنبول في 16 من الشهر الجاري مع الرئيس أردوغان.
علي الظفيري: سيد إفرايام في القدس كيف تلقت إسرائيل الرسمية هذا الخبر بإلغاء مناورات عسكرية تشارك بها إسرائيل؟
إفرايام عينبار: أعتقد أن حكومة إسرائيل دهشت واستغربت من هذه الخطوة التركية ففي شهر أغسطس/ آب الماضي قامت إسرائيل وتركيا بمناورات بحرية عسكرية في البحر المتوسط، وإن الرد الإسرائيلي -كما ذكرت أنت بحق- كان هادئاً وذلك محاولة تجنب تدهور العلاقات بين البلدين.
علي الظفيري: برأيك هذا الموقف التركي سيد إفرايام هو رد فعلي مؤقت وآني على الموقف على موقف إسرائيل في حربها على غزة أم يأتي ضمن منهج تركي جديد تقابل به أنقرة علاقاتها مع إسرائيل؟
إفرايام عينبار: أعتقد أن الحكومة التركية تعلم جيدا أنه في المسجد الأقصى لن يحصل أي شيء ومهما اتهمت وجهت من تهم إلى إسرائيل فهي مجرد أكاذيب، ما يبدو لي أن السياسة الخارجية التركية تتغير وبدأت تتجه إلى صبغة إسلامية متزايدة بسبب هوية الحزب الحاكم، وأعتقد أن هناك مؤشرات على ذلك في أحداث أخرى فمثلا حكومة تركيا استضافت الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وأن أي دولة غربية لم تفعل ذلك، وأن الحكومة التركية أيضا استضافت الرئيس السوداني الذي جرى تجريمه بجرائم ضد الإنسانية في دارفور وأعتقد أن الأتراك يبعدون أنفسهم تدريجيا من الغرب، كما أن إسرائيل هي جزء من الغرب في جميع الأحوال وأننا نرى أيضا أن هناك تحفظ كبير في أنقرة فيما يتعلق بعلاقاتها بإسرائيل.
علي الظفيري: أستاذ حسني في أنقرة أريد أن أسألك عن نقاط الخلاف التركية الإسرائيلية، لكن قبل ذلك نقطة مهمة ذكرها إفرايام هي مسألة انسلاخ تركيا شيئا فشيئا من تماهيها مع المواقف الغربية، هل ثمة ملمح حقيقي لهذا التوصيف الذي ذكره إفرايام ويتردد كثيرا في الأوساط الغربية؟
حسني محلي: أنا أعتقد أن ضيفكم في إسرائيل يعكس بدون شك وبكل وضوح الموقف الإسرائيلي تجاه حكومة رجب طيب أردوغان منذ تشكيل هذه الحكومة بداية عام 2003، الجميع يعرف أن قيادات حزب العدالة والتنمية ذات الأصول الإسلامية لا ولا يمكن لها أن تكون حليفا إستراتيجيا لإسرائيل مع استمرار سياساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، ولكن الأهم من كل ذلك أن إسرائيل خدعت تركيا التي حاولت أن تلعب دور الوسيط المهم بينها وبين سوريا، الجميع يتذكر كيف جاء أولمرت إلى أنقرة ووعد بالانتقال إلى المرحلة التالية في المباحثات مع سوريا وبعد يومين من ذلك قام بعدوانه على غزة، المشكلة مع إسرائيل وليس المشكلة مع حكومة العدالة والتنمية أو مع سياسات أنقرة فيما يتعلق بالانسلاخ عن الغرب أو الابتعاد عن الغرب أو العكس من ذلك..
علي الظفيري: طبعا أستاذ حسني هو في خلاف يعني تركيا بالنهاية ليست دولة غربية وفي خلاف عن مسألة كون هذا الأمر تهمة توجه لتركيا أم لا وهذا النقاش ربما يحتاج إلى وقت مفصل. أسألك الآن نقاط الخلاف بين تركيا وإسرائيل، هل فقط مرتبطة بموقف تركيا من الحرب الإسرائيلية على غزة أم ثمة خلافات أخرى لم تظهر على العلن؟
حسني محلي: أولا كما قلت قبل قليل حكومة العدالة والتنمية لا يمكن لها أن تقبل بتحالف إستراتيجي كما يسميه البعض بين تركيا وإسرائيل في إطار اتفاقية التعاون العسكري التي وقعت عام 1997، اثنين تركيا تريد أن تحقق أو تلعب دورا مهما في عملية السلام وسعت كثيرا وكثيرا في الوساطة بين سوريا وإسرائيل وبين إسرائيل والفلسطينيين ولكن إسرائيل هي التي تهربت من هذه السياسات باعتبارها أنها لا تريد السلام في المنطقة، لذلك حكومة العدالة والتنمية وقيادات العدالة والتنمية لا يمكن لها أن تلعب دوران متناقضان فمن جهة تسعى لتحقيق أعلى مستوى من التعاون الإستراتيجي مع سوريا مع العراق مع إيران ومع دول المنطقة العربية ولكن بالمقابل إسرائيل تريد لها أن تكون إلى جانبها ضد السلام في المنطقة، لذلك سياسة العدالة والتنمية ستكون واضحة ولن يتراجع حزب العدالة والتنمية في نهجهه الحالي ضد إسرائيل.
علي الظفيري: سيد إفرايام في القدس، حسب توصيف الأستاذ حسني أن تركيا أو حزب العدالة والتنمية له رؤية مختلفة ربما عمن سبقه في التحالف أو الاقتراب من إسرائيل، السؤال الآن ما هي نقاط الخلاف بين البلدين بين تركيا وإسرائيل بخلاف يعني بعيدا عن الحرب على غزة؟
إفرايام عينبار: أعتقد أنه في الوقت الحالي هناك الاختلاف بين البلدين بسيط جدا حول كيف يجب أن تكون المنطقة باستثناء إيران أعتقد أن الإسرائيليين يشعرون بالقلق حول الموقف التركي إزاء إيران وأن إسرائيل تتمنى من أن تركيا تسير جنبا إلى جنب مع القوى الغربية وتوافق على العقوبات على تركيا، ولكن بشكل عام أعتقد أن الإسرائيليين سعداء ويرغبون بقيام تركيا بلعب دور مهم في المنطقة وكانت مسرورة أيضا بجهودها للوساطة مع سوريا رغم أن الجميع آنذاك كان يفهم أنه طالما أن الأميركان لن يشاركوا في تلك المفاوضات فإن الأتراك ليس لديهم ما يكفي من الثقة في هذه المفاوضات رغم طموحاتهم لتحقيق أي اتفاق، حتى السوريين يريدون مشاركة الأميركان في هذه المفاوضات آنذاك وأن سياستهم إزاء حماس أمر لا يمكن أن تقبله إسرائيل أن حماس منظمة إرهابية تزمع تدمير الدولة اليهودية وإننا في الحقيقة غير راضون إطلاقا من الموقف التركي لإجراء حوار من هذا النوع مع الحكومة في غزة، نحن لسنا مستعدين لقبول حماستان وأن تركيا عليها أن تقرر هل أنها تقف إلى جانب الغرب أم أنها تنجرف مع المجموعات الإسلامية المتطرفة في الشرق الأوسط؟ الأمر يعود لتركيا أن تقرر وليس لإسرائيل أن تقرر ذلك.
علي الظفيري: ما يتبين مشاهدينا الكرام حتى اللحظة أنه ثمة خلاف حقيقي بين تركيا وإسرائيل وليس خلافا يستثمر إعلاميا كما رددت ربما بعض الأوساط العربية أن أردوغان حاول أن يستثمر ذلك إعلاميا وعلى الصعيد الجماهيري، النقاش حتى اللحظة يبين ربما نقاط خلاف كثيرة، بعد الفاصل سنقرأ في مستقبل العلاقة التركية الإسرائيلية وكذلك تبعات هذا الخلاف على منطقة الشرق الأوسط بشكل عام فتفضلوا بالبقاء معنا.
[فاصل إعلاني]
مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية وانعكاساتها الإقليمية
علي الظفيري: أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام. نقرأ اليوم في مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية في ضوء وقف أنقرة لمناورات عسكرية سنوية تشارك بها إسرائيل عادة. أستاذ حسني في أنقرة الآن يعني نريد أن نركز على أوجه الخلاف بعيدا عما يتعلق بالحرب على غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام، في المنطقة ما الذي يجعل أو يدفع تركيا للاختلاف مع إسرائيل في ظل قضايا دائما تثار خاصة فيما يتعلق بالأكراد والعلاقة مع الأكراد العلاقة الإسرائيلية مع الأكراد في كردستان العراق وكذلك في الملف الإيراني؟
حسني محلي: بصراحة الموقف التركي تجاه إسرائيل موقف أيديولوجي عقائدي واضح وصريح وإستراتيجي ولا يقبل أي نقاش بالنسبة للمسؤولين الأتراك، باعتبار أن الوقت ضيق أنا لن أحاول الحديث عن الماضي منذ استلام حزب العدالة للسلطة في تركيا بنهاية عام 2003 رفض رئيس الوزراء أردوغان استقبال شارون في تركيا، في شباط/ فبراير 2004 عندما قتلت إسرائيل الشيخ أحمد ياسين خرج أردوغان ووصف إسرائيل بالدولة الإرهابية، هناك الكثير من المواقف التي تعكس عقلية رئيس الوزراء أردوغان وقيادات حزب العدالة والتنمية، فضيفكم في إسرائيل يحاول أن يأخذ الموضوع إلى جانب آخر ويقول إن إسرائيل لا تغفر لحزب العدالة والتنمية استقبالها لزعيم حماس خالد مشعل كإرهابي في أنقرة، حماس اُنتخب من قبل الشعب الفلسطيني بأغلبية 65% كما اُنتخب حزب العدالة والتنمية بأغلبية 40% في تركيا وكان ذلك آنذاك موقفا ديمقراطيا. يضاف إلى ذلك أن ضيفكم في إسرائيل أيضا يقول هناك قلق تركي من احتمالات امتلاك إيران للسلاح النووي، ليس هناك أي قلق تركي من هذا الموضوع بالعكس الأسبوع الماضي رئيس الوزراء أردوغان في مؤتمر حزب العدالة والتنمية الحاكم قال -ولأول مرة يذكر إسرائيل بالاسم- طالما أن إسرائيل تملك السلاح النووي في الشرق الأوسط فمن حق إيران أن تملك هذا السلاح، لذلك الموقف التركي واضح ولا يمكن أن يقبل المساومة مع إسرائيل في أي موضوع كان طالما أن إسرائيل ترفض السلام. أمام إسرائيل خيار واحد أن تجلس على طاولة المفاوضات أولا مع سوريا باعتبار أن سوريا الآن حليف إستراتيجي لتركيا وتحسم موضوع السلام مع سوريا، ثانيا أن تجلس على طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين وتقبل بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الفلسطيني بعد 1967 وبعاصمته القدس الشرقية، غير ذلك لا ولن تكون هناك أي علاقة إستراتيجية تكتيكية وغير تكتيكية بين إسرائيل وأنقرة وأرجو أن لا يدخل المسؤولون الإسرائيليون وكذلك ضيفكم في إسرائيل في أي حلم لا ولن يتحقق بعد الآن في أنقرة.
علي الظفيري: البروفسور إفرايام، الملف الإيراني أو الرؤية التركية الإسرائيلية تجاه الملف النووي الإيراني والموقف من إيران وكذلك الموقف الإسرائيلي من أكراد العراق ودعمهم في فترة من الفترات تراه برأيك شكل ربما حالة التوتر بين البلدين أسهم في تكريس الخلاف بينهما؟
إفرايام عينبار: لا أعتقد أن القضية الكردية هي قضية تكون مصدر انقسام بين تركيا وإسرائيل فمن حيث الأساس أن إسرائيل وتركيا يهتمون ويحرصون على وحدة وسلامة الأراضي الإقليمية العراقية وواضح أننا نريد أن يكون هناك عراق قوي ذلك لموازنة إيران العدوانية. أما بالنسبة لمستقبل العلاقات الإسرائيلية والتركية فلا بد من القول إن الأمر يعود للأتراك أن يقرروا إن كانوا يريدون علاقات جيدة مع إسرائيل فعليهم أولا أن يتغلبوا على بعض الخلافات، في الماضي كانت لدينا آراء مختلفة حول القضية الفلسطينية ولكن علاقاتنا كانت طبيعية رغم ذلك ويبدو أن هذا الأمر قد توقف وإذا ما أصر الأتراك على أن يكونوا متطرفين أكثر من الدول العربية المعتدلة ويقدموا المساعدة لحماس وينحازوا إلى إيران فإنني في الحقيقة أقول إنني آسف جدا أن هذا لا بد من النهاية لهذه العلاقة الإستراتيجية بين إسرائيل وتركيا.
علي الظفيري: أستاذ حسني محلي هناك ثمن باهظ ستدفعه تركيا في حال استمرار خلافها مع إسرائيل، الغرب يحتكم أو يتأثر دعنا نقل كثيرا برضا إسرائيل من عدمه تجاه أي بلد وبالتالي أوروبيا ستواجه صعوبات كثيرة تركيا، اللوبي الصهيوني الموجود في الولايات المتحدة سيؤثر على مواقف الإدارة الأميركية من تركيا وهذا سينعكس على قوة ونفوذ تركيا في منطقة الشرق الأوسط، لم تقرأ تركيا لم تنتبه لهذه المسألة أم أنها تتحدى بمواجهة إسرائيل وتصعيد الخلاف معها؟
حسني محلي: أنا أعتقد بأن تركيا تتحدى، تتحدى إسرائيل وتتحدى من يقفون إلى جانب إسرائيل ومن يقفون خلف إسرائيل في المنطقة وخارجها، لو أن تركيا أو قيادات العدالة والتنمية تفكر بهذه البساطة لما كانت تركيا بالوضع الذي هي عليه الآن حيث أنها دولة إقليمية غصبا عن الكثير من دول المنطقة وخارجها، المصالحة الأرمنية التركية الأخيرة أنا أعتقد أنها أكبر مثال على ذلك، لو أن الغرب أوروبا وأميركا بل وحتى روسيا لو كانت هذه الدول تفكر أن تركيا ليس لها ثقل وليس لها أي أهمية في المنطقة لما وقف وزراء خارجية هذه الدول خلف وزيري الخارجية التركي والأرمني، اللوبي اليهودي في أميركا إذا كان يريد أن يضحي بمصالح إسرائيل مع تركيا أو هكذا هم يفكرون فهذه مشكلتهم، تركيا ليست بهذه الدولة البسيطة وتركيا لم تعد بالدولة الضعيفة التي كانوا يتحكمون بها في الماضي كما كانوا يفعلون كما قلت في الماضي، الآن تركيا دولة مهمة في المنطقة لها قوتها ولها تأثيرها في الشارع في الدول العربية في العالم الإسلامي..
علي الظفيري: حديثك أستاذ حسني ربما يؤدي إلى مشاعر إيجابية كثيرة في العالم العربي نتمنى أيضا أن يكون يعني ليس أماني وعواطف إنما يكون يستند على حقائق. بروفسور إفرايام كيف تعاقب إسرائيل تركيا على مواقفها المتشددة تجاهها؟
إفرايام عينبار: نحن لا نريد معاقبة أي طرف إذا أراد بلد ما أن يقيم علاقات جيدة معنا فنرحب بذلك وإذا قرر الأتراك أنهم لا يريدون علاقات معنا فلا بأس بذلك فنحن شعب قديم عريق واجهنا العداءات المختلفة في الماضي وبقينا على قيد الحياة، لو أن الحزب الحاكم في تركيا لا يمكن أن يكون صديقا لإسرائيل فهذا من حقه وأنا متأكد أن إسرائيل بإمكانها أن تبقى على قيد الحياة رغم أننا في الحقيقة نقدر إلى حد كبير عظمة تركيا وأهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به، إذا لم يرغبوا القيام بهذا الدور مع إسرائيل فإن خيار..
علي الظفيري: بروفسور إفرايام إن سمحت برأيك من هو الخاسر الأكبر في هذا الخلاف؟
إفرايام عينبار: أعتقد أن كلا البلدين سيخسران، سيخسران هذه العلاقة الإستراتيجية إذا ما ضعفت ذلك أنه في نهاية المطاف لا أعتقد أن تركيا في مصلحتها أن تشهد إيران نووية ولا أن ترى النفوذ الإيراني يزداد وينمو في الشرق الأوسط على حساب تركيا، لذلك لا أفهم ما يقوله ضيفكم الآخر في أنقرة فيما يتعلق بالسياسة الواقعية بكل بساطة.
علي الظفيري: أستاذ حسني كيف سيؤثر هذا على قوة ونفوذ وموقع تركيا في العالم العربي في منطقة الشرق الأوسط، هذه المواقف التي ربما تحظى بإعجاب الكثيرين وبانتقاد إسرائيل؟ باختصار أن تكرمت.
حسني محلي: تركيا لا يهمها انتقاد إسرائيل وتركيا لا يهمها تهديدات إسرائيل، ضيفكم في تل أبيب يقول بأن إسرائيل لم تهدد تركيا، نعم إسرائيل هددت تركيا عندما استقبلت تركيا في 16 من شباط/ فبراير 2006 زعيم حماس خالد مشعل في أنقرة قام رئيس الوزراء الإسرائيلي وقال نحن أيضا سندعم حزب العمال الكردستاني الانفصالي الكردي، ولكن لم يستطيعوا أن يفعلوا ذلك لأن تركيا لها حسابات أخرى في هذا الموضوع. تركيا منطقية وتركيا عقلانية وتركيا ليست في الخلاف تركيا تعرف كل حقائق هذه المنطقة، وقد قدرت هذه المنطقة دولا وشعوبا وحكومات الوضع التركي والسياسات التركية الواقعية، اُنتخب أكمل الدين إحسان أوغلو أمينا عاما لمنظمة المؤتمر الإسلامي، اُنتخبت تركيا لعضوية مجلس الأمن الدولي بدعم عربي، دعي رئيس الوزراء أردوغان أيضا إلى القمم العربية تقديرا لهذه المواقف..
علي الظفيري: أستاذ حسني محلي أعتذر عن مقاطعتك انتهى الوقت الكافي، المحلل السياسي من أنقرة حسني محلي شكرا جزيلا لك، والبروفسور إفرايام عينبار رئيس مركز بيغن السادات للدراسات الإستراتيجية والخبير في العلاقات الإسرائيلية التركية من القدس شكرا جزيلا لكما. نهاية هذه الحلقة مشاهدينا الكرام من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم، ودائما بانتظار مساهماتكم عبر البريد الإلكتروني الذي يظهر أمامكم على الشاشة
indepth@aljazeera.net
غدا إن شاء الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، شكرا لكم وإلى اللقاء.