
حدود وأبعاد الدور التركي لوقف العدوان الإسرائيلي
– الرؤية التركية لحل الأزمة والأولويات المطروحة
– دوافع تركيا وفرص نجاح تحركاتها
| ||||
ليلى الشيخلي: حياكم الله. نتوقف في هذه الحلقة عند التحرك التركي لإنهاء الغارات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة في ضوء جولة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في كل من سوريا والأردن ومصر والسعودية. نطرح في الحلقة تساؤلين، ما هي فرص نجاح رئيس الوزراء التركي في مهمته الرامية إلى إنهاء العدوان على غزة؟ وما هي حدود ومقومات الدور التركي في محاولة وضع حد للصراع العربي الإسرائيلي؟…. في مؤتمر صحفي أعقب لقاءه بالقيادة المصرية في شرم الشيخ قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده ستحاول وقف العدوان على غزة من خلال عضويتها المؤقتة في مجلس الأمن وجدد أردوغان دعوة بلاده إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة مؤكدا أن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي مظالم تتم ممارستها في المنطقة وأكد أردوغان احترام أنقرة لدور مصر التي التقى رئيسها بعد لقائه أمس الرئيسين السوري والفلسطيني والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وقبيل مغادرته أنقرة متوجها إلى القاهرة قال أردوغان إن تركيا مستعدة للمساعدة في الوساطة بين حماس والسلطة الفلسطينية إذا ما طلبت مصر أو الجامعة العربية ذلك.
[شريط مسجل]
رجب طيب أردوغان/ رئيس الوزراء التركي: مبعوثي الخاص التقى بخالد مشعل في سوريا، مصر كما تعرفون هي الوسيط بين السلطة الفلسطينية وحماس ونحن لا ننوي أن نقع في الخطأ من خلال الدخول كوسيط بديل لكن إذا ما طلبت منا مصر أو الجامعة العربية المساعدة فنحن جاهزون لذلك، تركيا لا تسعى وراء السمعة أو التباهي من خلال لعب دور سياسي في المنطقة وإنما نسعى من أجل المساعدة في حل المشاكل، لاحظنا أن المشكلة الأساسية لدى حماس هي أزمة الثقة وأبلغتنا أنه يمكن تجاوز هذه الأزمة من خلال تركيا.
[نهاية الشريط المسجل]
الرؤية التركية لحل الأزمة والأولويات المطروحة
ليلى الشيخلي: ومعنا في هذه الحلقة من القاهرة الدكتور بشير نافع الكاتب والباحث في التاريخ الحديث، وفي الأستوديو هنا معي أستاذ فهمي هويدي الكاتب والمحلل السياسي، ومن أنقرة البداية هي مع يوسف الشريف مدير مكتب الجزيرة في تركيا، يوسف هل يمكن القول إن الرؤية التركية لدورها في هذه الأزمة قد تبلورت الآن؟
أردوغان رسم تقريبا خارطة طريق للخروج من أزمة العدوان على غزة من خلال التنسيق بين الجهود المصرية والدعم التركي، وقد تم تبني الورقة المصرية التي حملها وزير الخارجية أحمد أبو الغيط إلى أنقرة وسيتم رفعها إلى مجلس الأمن |
يوسف الشريف: نعم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تقريبا رسم خارطة طريق للخروج من هذه الأزمة وكما قال فإنه تم تبني الورقة المصرية التي حملها وزير الخارجية أحمد أبو الغيط إلى أنقرة وسيتم رفعها إلى مجلس الأمن، هنا يتم التنسيق بين هذه الجهود المصرية والدعم التركي لها واتفاق وزراء الخارجية العرب في القاهرة على نقل هذا الموضوع إلى مجلس الأمن، وأعتقد أننا سنشاهد كما قال الرئيس رجب طيب أردوغان ربما مرحلة مشابهة لما حدث قبل عامين عام 2006 في تموز/ يوليو عندما هاجمت إسرائيل لبنان وانتهى الأمر بقرار مجلس الأمن 1701 وبالتالي فإن أردوغان رتب الأولويات، وقف إطلاق النار عن طريق قرار من مجلس الأمن، العودة إلى التهدئة حينما أشار إلى أنه فهم من حماس بأن العودة إلى التهدئة التي كان تم التوصل إليها من خلال وساطة مصرية مع إسرائيل من خلال فتح المعابر ورفع الحصار ستكون ربما كافية للموافقة ومن ثم الذهاب إلى مصالحة فلسطينية فلسطينية، وهنا مهمة كانت إشارة رجب طيب أردوغان إلى أنه بحث موضوع الانتخابات الفلسطينية مع الرئيس محمود عباس ومن ثم مصالحة عربية عربية لأن تركيا تعتقد بأنه من غير مصالحة عربية عربية لا يمكن أن يكون هناك مصالحة فلسطينية فلسطينية حقيقية وربما هذا الموضوع يمتد لمدة عام لإجراء الانتخابات الفلسطينية المقبلة لكن تركيا هنا تحذر من نقطة مهمة وهي أن المصالحة الفلسطينية الفلسطينية مهمة في هذه الفترة من أجل فتح معبر رفح بعيدا عن المعابر الإسرائيلية لأن مصر كما أكد الرئيس حسني مبارك ستفتح معبر رفح من خلال وجود السلطة على المعبر ومراقبين أوروبيين وبالتالي فإن عودة السلطة إلى غزة مهمة. أيضا نقطة أخرى قلقة تركيا منها وهي تنفيذ قرار جديد ربما يسعى الجميع إليه من مجلس الأمن بدون مصالحة فلسطينية مع عرقلة المصالح الفلسطينية لأن هذا قد يجسد تقسيم فلسطين بين غزة حمساوية إذا جاز لنا التعبير وضفة تابعة للسلطة فقط وهذا خطير جدا بالنسبة لتركيا لأن أنقرة تعتبر أن هذا يخدم فقط المصالح الإسرائيلية وبالتالي بعد مجلس الأمن سيكون هناك مصالحات عربية عربية وفلسطينية فلسطينية هذا ما تسعى إليه. نقطة أخيرة هنا الدور التركي كما شدد أكثر من مرة أردوغان مكمل ومساعد للمبادرات العربية وخصوصا المصرية، تركيا لا تنوي استبدال الدور المصري وهنا يرسم أردوغان أكثر من خط تحت هذه النقطة.
ليلى الشيخلي: شكرا جزيلا لك يوسف الشريف أرجو أن تبقى معنا سنعود إليك في الجزء الثاني. أريد أن أبدأ معك أستاذ فهمي هويدي من أزمة الثقة أيضا التي ركز عليها أردوغان في خطابه قبل أن يترك أنقرة، هل هذه الأزمة هي التي أجبرت العرب لكي يتجاوزوا حساسياتهم ويلجؤوا ويستنجدوا بتركيا للعب دور في هذه الأزمة؟
فهمي هويدي: ربما يكون هذا صحيحا ولكن له وجه آخر سلبي وهو أن تجاوز الحساسية واللجوء إلى تركيا اقترن بحساسية زائدة بين الأطراف العربية ذاتها لأنه لو في ثقة بين الأطراف العربية ما كان هناك مبرر لدخول تركيا من الأساس ولهذا أنا أشك كثيرا في أن هذه العملة التي تحدث بها الأخ يوسف ممكن أن تحقق شيئا نقلة مهمة لأن الأمر مليء بالتعقيدات ولا يحتمل التبسيط الذي سمعناه.
ليلى الشيخلي: كيف، يعني اشرح لي كيف؟
فهمي هويدي: يعني كيف أنه، أولا وقف إطلاق النار واحد، ثم مصالحة فلسطينية تقترن بفتح المعابر، طيب ما هو في الأول كان في كلام عن مصالحة عن تهدئة وفتح المعابر طيب العودة إلى التهدئة من غير فتح، إسرائيل لم تلتزم بهذه العملية ماذا يحدث لو لم تلتزم؟ ثم رتب على هذا بعد ذلك تتمة للمصالحة العربية وأنا رأيي أن المشكلة في المصالحة العربية وليست المشكلة في المصالحة الفلسطينية.
ليلى الشيخلي: إذاً هل يعني دكتور بشير نافع المقاربة التركية يعني لم تأخذ هذا في الاعتبار يعني الدوائر التي رسمتها لم تكن ربما بالأولويات التي يجب أن تكون برأيك؟
بشير نافع: لا، لا، أولا الدور التركي في المنطقة ليس دور محاور يعني خلافا للدور الإيراني، تركيا ليست طرفا في المحاور العربية وتركيا تحتفظ بعلاقات جيدة مع كافة الأطراف العربية وهذا أمر بالغ الأهمية ولكنه يعني أيضا أن الدور التركي لا يمكن أن يتقدم لا يمكن أن يصبح يعني يضيف ثقلا جديدا للمعادلة بدون ما يكون هناك توافق عربي. أنا أعتقد أنه بالإمكان أن يتبلور توافق عربي على مستوى هذه الأزمة بغض النظر عما إن كان هناك سيكون مصالحة عربية على المستوى الإستراتيجي وبالتالي ما تم الحديث به من طرف مراسل الجزيرة في أنقرة يعني جزء منه يمكن أن يتحقق ولكن الجزء الثاني يمكن أن يأخذ فترة أطول للتحقق وهو المتعلق بالمصالحة العربية.
ليلى الشيخلي: يعني هنا تركيا، فهمي هويدي، مصرة أن تؤكد أنها هنا دورها دور مكمل لا تريد أن تأخذ مكان أحد، يعني هذا الإصرار التركي التركيز على هذه النقطة ما مرده من وجهة نظرك؟
فهمي هويدي: مصدره الأساسي أن تركيا تستشعر أن ثمة حذر في العالم العربي من دخول تركيا في ملفات بهذه الحساسية فهو استبق وأراد أن يقول إنهم مكملون ولسنا بديلا عن أحد وطبعا حكاية امتداحه للدور المصري كله بيحاول أن هو يسير على النهج الحذر الذي يقنع الآخرين أن تركيا لا تريد أن تلعب أدوارا بديلا عن أي دولة عربية أخرى وهذه نقطة مهمة أظن أنها تريح الأطراف العربية ذات الحساسية..
ليلى الشيخلي (مقاطعة): هل هذا كاف لإنجاح هذه الوساطة برأيك؟
فهمي هويدي: يعني هو كاف لاستمرار المصالحة، الوساطة، لكن لا أعرف إذا كان كافيا لنجاح الوساطة أم لا، بمعنى أنه هو الحقيقة تركيا استدعيت ولم تدخل بمعنى أن وزير الخارجية المصري هو الذي ذهب إلى تركيا وفي حسب معلوماتي أن تركيا فوجئت بوصول الوزير المصري أو بما طرحه وبالتالي فهي دخلت بناء على استدعاء وليس بناء على تطوع من جانبها، صحيح أنه كان لها موقف جيد في الاحتجاج على العدوان وإدانته واتهام إسرائيل بتهم متعددة فيما لجأت إليه ولكن هي داخلة برغبة عربية وتحديدا برغبة مصرية.
ليلى الشيخلي: دكتور بشير نافع توافق على هذا الكلام أن الموضوع حصل مصادفة ومباغتة لتركيا أم أن تركيا ترسم على دور إستراتيجي كبير في المنطقة منذ زمن؟
بشير نافع: ست ليلى أولا الدور التركي ظاهره أنه دور وساطة ولكن أنا أعتقد أنه أكثر من وساطة، في هناك دور تركي إستراتيجي نشط في المنطقة وهذا الدور ينبع من ثلاثة أسباب رئيسة وبدون الدخول في التفاصيل، السبب الأول الحاجة العربية والتي ذكرها الأستاذ فهمي قبل قليل سواء ما يتعلق في العراق ما يتعلق بفلسطين ما يتعلق بالخلافات العربية المحتدمة، السبب الثاني أن التيار الحاكم في تركيا الآن يؤمن بأن مستقبل تركيا يقع في جوارها، جوارها العربي جوارها القوقازي وجوارها البلقاني، والسبب الثالث أن تركيا باتت على قناعة بأن الترتيبات الغربية لما بعد الحرب العالمية الأولى صنعت عدم استقرار، تركت صراعات داخلية وتركت مشاكل مستعصية في المنطقة، تركيا كما العرب تعيش مسؤولية محاولة التعامل مع هذا الإرث الثقيل للترتيبات الغربية في المنطقة ترتيبات ما بعد الحرب العالمية الأولى ونهاية السلم العثماني الطويل.
دوافع تركيا وفرص نجاح تحركاتها
ليلى الشيخلي: هل هذا كاف إذا لإنجاح هذه الوساطة؟ هذا ما سنطرحه إضافة إلى أسئلة أخرى بعد الفاصل.. ولكن يبدو أننا سننتقل مباشرة إلى مدير مكتبنا في تركيا يوسف الشريف، من المهم ربما قبل أن نسأل عن تأثير ومدى نجاعة هذه الوساطة، النظرة داخل تركيا للدور الذي تلعبه في هذه الأزمة؟
يوسف الشريف: داخليا هناك دافع شعبي كما ذكر رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان للتحرك بهذه الأزمة، هناك كانت مطالبات بقطع العلاقات العسكرية على الأقل مع إسرائيل وطرد السفير الإسرائيلي من تركيا ولكن فعلا هناك دافع شعبي كبير وتأييد شعبي كبير كما ذكر حتى أردوغان من أن نوابه في البرلمان استقالوا من لجنة، ليس فقط نواب الحزب الحاكم وإنما حتى أحزاب المعارضة استقالوا من لجنة الصداقة الإسرائيلية التركيا، إذاً هناك بالفعل دافع كبير للحكومة التركية لكي تقوم بهذه الجولة. في السابق كانت الأوساط العلمانية بالأخص تقول بأن الشرق الأوسط مستنقع لا يجب أن تدخله تركيا وأن الجهد التركي غير مشكور عربيا وغير معني أوروبيا وأميركيا وبالتالي لا يجب على تركيا أن تتدخل لكن الآن على العكس بعد هذه الجولة وهذه الجهود الشارع التركي والأوساط حتى هنا بما فيها العسكرية بدأت تثمن ما يعني فعلته حكومة حزب العدالة والتنمية خلال السنوات الماضية والذي تراكم ليعطي تركيا هذا الدور الإقليمي. نقطة واحدة أريد فقط أن أوضحها بشأن النقاط المصرية لا نريد أن نعود إليها ولكن تقول عن التهدئة مع فتح المعابر، أما فتح معبر رفح فيمكن أن يتأخر إلى المصالحة الفلسطينية لكن فتح المعابر الإسرائيلية للوقود وغيرها يجب أن تكون مع التهدئة وهذه هي النقاط المصرية التي أحضرها السيد أبو الغيط إلى هنا.
ليلى الشيخلي: شكرا جزيلا يوسف. فهمي هويدي في النهاية يعني تركيا ليست جمعية خيرية، ما حسابات الربح والخسارة بالنسبة لتركيا؟
فهمي هويدي: لا، أولا تركيا لا بد من أن نلاحظ أن اتجاهها للعالم شيء جديد في السياسة التركية، كان في إرث يتعامل بحساسية مع العالم العربي لكن هذا دخول مهم وهو ما دخلوا اقتصاديا في العالم العربي منذ عدة سنوات لكن..
ليلى الشيخلي (مقاطعة): خصوصا مع قدوم الحكومة الجديدة..
فهمي هويدي: صحيح، صحيح في ظل في الأربع سنوات الأخيرة مع الحكومة الجديدة دخلوا عملوا مستوى جيد في النشاط الاقتصادي لكن المشكلة أنهم دخلوا سياسيا في لحظة تاريخية بالغة التعقيد، يعني هم لما يدخلوا في الصراعات العربية.. الآن، الآن دخول تركيا الآن وجولة أردوغان هي من أنقرة إلى دمشق إلى عمان إلى القاهرة، دخل في صلب التعقيدات الخرائط العربية وهذا جديد في الموضوع، هم لم يكونوا يتعاملون مع الأطراف العربية كل بحسب موقعه وخلافاته مع الطرف الآخر ولكن الآن أصبحوا في قلب المشكلة العربية وده أظن محتاج وقتا حتى تستوعبه تركيا وتعرف ما هي دهاليز تعقيدات السياسة العربية..
ليلى الشيخلي (مقاطعة): لا، بس ما هي مصلحة تركيا في أن تلعب هذا الدور؟
تركيا بلد إقليمي مهم في المنطقة وهي حريصة على أن تحتفظ بعلاقات جيدة مع العالم العربي بوصفها قوة إقليمية كبرى، ولا بد أن نلاحظ أن اللاعب الأساسي في المنطقة الآن صار تركيا وإيران وإسرائيل |
فهمي هويدي: أولا تركيا بلد إقليمي مهم في المنطقة وهي حريصة أن تحتفظ بعلاقات جيدة بالعالم العربي وحريصة أن تلعب دورا كقوة كبرى، كبرى إقليمية ولا بد أن نلاحظ أيضا أن اللاعب الأساسي في المنطقة الآن صار تركيا، إيران، إسرائيل وأظن أن استدعاء تركيا أريد به وضع خطوط لعدم تمدد الدور الإيراني لأن حضور الأتراك يمكن أن يضع كابحا ويحدث توازنا، تركيا حريصة على.. لأنها احتفاظها بعلاقات طيبة مع كل الأطراف أصبحت مستدعاة على كذا مستوى وهذا حدث في هذه المشكلة كما دخلوا في موضوع جورجيا أو روسيا.
ليلى الشيخلي: ولكن هذه النقطة بالذات هي ما ربما يخيف الكثيرين دكتور بشير نافع، الفكرة بأن تركيا ستصبح هي القوة التي في وجه إضعاف النفوذ الإيراني في غياب العراق والدعم الأميركي لهذا الدور بمعنى أن تركيا وإسرائيل ستبقيان اللاعبين الأساسيين في المنطقة، إلى أي حد هذه الصورة معززة في أذهان العرب وكيف يمكنهم التغلب عليها في وجه هذه المحاولة الأخيرة؟
بشير نافع: لا أولا أنا لا أرى أن هناك دعما أميركيا مستمرا للدور التركي، الحقيقة أن هناك كان في كمان نعرف حتى العام الماضي كان في معارضة أميركية كبيرة لأي دور تركي في العراق وكان في هناك رفض أميركي للتعامل مع مشكلة حزب العمال الكردستاني في العراق، الذي يحدث يعني في هذه المرحلة أن تركيا تحتاج هذا الدور كما يحتاجه الطرف العربي ولكن العرب القلقون من الدور التركي عليهم أن يدركوا يعني أن أردوغان ليس سليم الأول وليس جمال باشا، لا يسعى إلى توسيع نطاق السلطنة ولا يسعى إلى فرض الإرادة التركية على المحيط العربي، هو يدرك أن هناك تاريخا يمكن استلهامه ولكن هذا التاريخ لا يمكن استعادته. إلى أي درجة الدور التركي يمكن أن يحل محل دور العرب الكبار؟ فهذا يعتمد على العرب الكبار يعني بمعنى أن هناك فرصة لشراكة عربية مع تركيا كما أن هناك فرصة لشراكة عربية مع إيران وبالتالي لصناعة ثقل إستراتيجي في المنطقة من قوى المنطقة ومن دول المنطقة ولكن هذا يعتمد إلى درجة كبيرة على إرادة الدول العربية الرئيسية.
ليلى الشيخلي: طيب فعلا يعني ما مصلحة الدول العربية أن تلعب تركيا دورا أساسيا فيها؟
فهمي هويدي: أولا في فراغ عربي، من الذي يلعب الدور؟ لا يوجد، العرب مش عارفين يعملوا مؤتمر قمة، بالعافية عملوا مؤتمر وزراء الخارجية ولما عملوا مؤتمر وزراء الخارجية قذفوا بالكرة إلى مجلس الأمن، طيب فين الدور العربي؟ في فراغ في الساحة العربية فلا بد أن يتقدم أحد لكي يملأ هذا الفراغ وكان استدعاء تركيا هو إحدى محاولات ملء الفراغ.
ليلى الشيخلي: يعني والعرب مستعدون ليقبلوا بهذا الدور حتى ولو كان على حساب نفوذ اللاعبين الأساسيين في المنطقة؟
فهمي هويدي: لا هو أولا دور في ساحة صغيرة محددة في قضية محددة ليس دورا بالمطلق، ولكن في حقيقة، العرب فشلوا في أن يتفاهموا مع بعض فلجؤوا إلى طرف وسيط من خارج العالم العربي وجار له علاقات طيبة بالأطراف لكي يقوم بالدور، مش عارفين.. يعني هل معقول أن مصر غير قادرة على أن تخاطب دمشق فتذهب مصر إلى أنقرة وأنقرة تذهب إلى دمشق ويمر من دمشق هو إلى القاهرة! في مشكلة في الموضوع المشكلة هي هذه في الخرائط المعقدة التي أصبح فيها العرب غير قادرين على أن يتخاطبوا مع بعض فاختاروا وسيطا مقبولا لكي ينقل الرسائل فيما بينهم.
ليلى الشيخلي: ولكن في النهاية هناك عنصر لا يمكن أن نستهين به دكتور بشير نافع، يعني أردوغان بطريقة أو بأخرى يتحدث عن عام ربما قبل الانتخابات وما إلى ذلك ولكن الزمن هنا أليس عنصرا مهما خصوصا الاجتياح البري الذي تشير الكثير من التصريحات الإسرائيلية الأخيرة أنه يمكن أن يحدث في أي لحظة، هل الاجتياح البري ممكن أن ينهي الوساطة التركية؟
بشير نافع: لا، ربما لو حدث الاجتياح البري سواء كان اجتياحا جزئيا أو اجتياحا شاملا فهذا قد يدفع بالمبادرة بالجهد التركي إلى الأمام، أنا لا أعتقد أن أردوغان خطا هذه الخطوة ليتراجع وهناك طبعا يعني على كل حال يعني هناك في حدود لما تستطيع تركيا أن تقوم به يعني صحيح أن تركيا ليست طرفا في أي من المحاور العربية ليست في خصومة مع عباس أو في تحالف مع حماس، ولكن أيضا لا بد أن توجد هناك رغبة في المنطقة يعني قدر حد أدنى من التوافق العربي وحد أدنى من الرغبة الفلسطينية حتى يصبح للدور التركي يعني ثقل يساعد على حل هذا الإشكال.
ليلى الشيخلي: في النهاية ربما فهمي هويدي أي نجاح للوساطة التركية بين إسرائيل وحماس ينبغي أن يعطي يعني للطرفين شيئا يشبه النجاح.
فهمي هويدي: طيب ما بهذه الأفكار التي طرحت حماس دفعت ثمنا باهظا ودمرت غزة ولا شيء تحصل عليه غير وقف إطلاق النار، يعني إذا كان المطروح أن وقف إطلاق النار وتفتح المعابر باستثناء معبر رفح يبقى كأن إسرائيل دمرت غزة وقتلت من قتلت ثم فتحت المعابر التي هي تحت السيطرة الإسرائيلية التي يمكن أن تعيد إسرائيل نفس المأساة مرة أخرى ثم يضطر الفلسطينيون أنهم يتخذوا أي خطوات أخرى لكسر الحصار الذي يتحكم في.. إسرائيل وعدت وكان هناك برنامج لفتح المعابر ولكنها لم تلتزم بشيء من هذا البرنامج وعادتها دائما أن تأخذ ولا تعطي ولهذا ممكن يتم التهدئة وتقف الصواريخ وتلزم حماس ويدمر كل شيء وتظل ويعود الحصار كما كان، يبقى المشكلة دفع ثمن باهظ ولم يحصل الفلسطينيون على شيء.
ليلى الشيخلي: للأسف مضطرة أن أختم البرنامج بهذه الجملة أرجو أن يحصل..
فهمي هويدي: وأنا آسف.
ليلى الشيخلي: الفلسطينيون على شيء بعد كل هذا. على العموم أشكرك فهمي هويدي الكاتب والمحلل السياسي هنا معنا في الأستوديو، وشكرا للدكتور بشير نافع الكاتب والباحث في التاريخ الحديث، وطبعا شكرا لمدير مكتبنا في تركيا يوسف الشريف، وشكرا لكم مشاهدينا على متابعة هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم. وبإمكانكم كالمعتاد أن تساهموا في اختيار مواضيع الحلقات القادمة بإرسالها على عنواننا الإلكتروني
indepth@aljazeera.net
في أمان الله.