
جدل إسرائيلي حول الحرب وانعكاساتها على الأحزاب
– مضامين الجدل الإسرائيلي حول الحرب ونتائجها
– الانعكاسات المتوقعة للحرب على الانتخابات الإسرائيلية
![]() |
![]() |
![]() |
علي الظفيري: أهلا بكم. نتوقف في حلقة اليوم عند مواقف الأطراف السياسية المختلفة في إسرائيل حول الحرب على غزة وما إذا كانت نتائجها ستحقق الأهداف الحزبية والانتخابية للمسؤولين الذين اتخذوا القرار بشأنها. في الحلقة محوران، ما هي مضامين الجدل الداخلي في إسرائيل حول نتائج الحرب على غزة وإلى أين تتجه مؤشراته؟ وما هي الانعكاسات المحتملة لذلك على الانتخابات الإسرائيلية العامة في الشهر القادم؟… ما إن وضعت الحرب الإسرائيلية على غزة أوزارها حتى بدأت دائرة الجدل والنقاشات الداخلية تطفو تدريجيا على السطح وباتت حرارة السؤال الكبير بالارتفاع، ما الذي حققته هذه الحرب؟ أحد الكتاب الإسرائيليين قال إن تمنيات من خطط لهذه الحرب وأدارها تحولت إلى مجرد أحلام يقظة وقد تصبح الأحلام كابوسا لأولئك الذين راهنوا على أن ترفع نتائج الحرب شعبيتهم وترجح كفتهم في الانتخابات المقرر إجراؤها في العاشر من الشهر المقبل.
[تقرير مسجل]
إيمان رمضان: انتهت الحرب الإسرائيلية على غزة إلى واقع ضبابي يستعصي على الوضوح غير أن الانتخابات المرتقبة في إسرائيل قد تحسم إلى حد بعيد النتائج المتباينة في غزة وإسرائيل. نظرة على الساحة السياسية الإسرائيلية قبيل العملية العسكرية، حزب كاديما تتراجع شعبيته بعد تنحي زعيمه رئيس الوزراء إيهود أولمرت على خلفية فضائح فساد ووزيرة خارجية تفشل في تشكيل حكومة ائتلافية بعد توليها رئاسة الحزب ويمين يلاحق الوسط بخطى سريعة فيقترب أكثر من سدة الحكم، واقع سياسي مرتبك جعل من الدعوة لانتخابات مبكرة شرا لا بد منه قد يأتي بالليكود المتعنت إزاء التسويات إلى رأس الهرم السياسي. كان على ليفني إذاً أن تعيد الهيبة لحزبها الذي وصم بفضائح أولمرت وأن تثبت قدمي التحالف الحاكم مع حزب العمل في انتخابات 2009، من هنا تبلورت إذاً فكرة شن عملية عسكرية واسعة النطاق على قطاع غزة باركتها كافة الأحزاب السياسية في إسرائيل، ظاهرها القضاء كليا على حماس أما باطنها فقطع الطريق على الليكود حسب بعض التحليلات. وكلما زادت شراسة التقتيل في غزة ارتفعت طردا شعبية كاديما، بريق سياسي طغت عليه أحيانا شعبية متصاعدة لوزير الدفاع إيهود باراك على مدى 22 يوما. وقف إطلاق النار قرار مثلما بدل الواقع الإنساني في غزة غير في الوقت ذاته الواقع السياسي في إسرائيل إذ أفقد حزب كاديما الحاكم أربع نقاط من شعبيته في الشارع الإسرائيلي كما في البرلمان الذي بات يتوقع أن يحصل فيه على 25 مقعدا بعد توقعات سابقة بـ 29، وفي المقابل تعزز موقع نتنياهو زعيم الليكود في سباقه على الحكم وهو الذي عارض ولا يزال خطوة وقف إطلاق النار مؤكدا أن الحرب لم تحقق أهم أهدافها وهي ضمان وقف انهمار صواريخ القسام على إسرائيل. ولكن هل يعتمد حسم نتائج الانتخابات الوشيكة على قرار وقف إطلاق النار؟ ربما لا، فما زالت هناك كتل سياسية عربية في الكنيست تجرعت مرارة الحرب على غزة يتوقع ألا تصب مشاركتها الانتخابية في مصلحة كاديما وهو ما دفع لجنة الانتخابات الإسرائيلية إلى منع حزبين عربيين من خوض الانتخابات قبل صدور قرار قضائي بإلغاء الحظر. وبغض النظر عما ستسفر عنه المناورات السياسية فإن التجربة أثبتت كما يرى محللون أنه كلما كان الاقتصاد والتنمية أساسا لبرامج الانتخابات في إسرائيل فاز اليسار بالحكم بينما كانت الغلبة لليمين كلما استند برنامجه إلى اعتبارات أمنية.
مضامين الجدل الإسرائيلي حول الحرب ونتائجها
علي الظفيري: ومعي في هذه الحلقة من تل أبيب لطيف دوري عضو قيادة حزب ميرتس الإسرائيلي وسكرتير لجنة الحوار الإسرائيلي الفلسطيني، ومن القدس الدكتور محمود محارب أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة القدس. مرحبا بكما. أبدأ معك دكتور محمود محارب، نتساءل أولا الآن ما هي المضامين، ما هي أساسيات النقاش الآن للجدل الدائر في إسرائيل حول ما خلفته الحرب الإسرائيلية على غزة؟
المجتمع الإسرائيلي كان أكثر تطرفا من قياداته السياسية والأمنية في الحرب الإسرائيلية على غزة |
محمود محارب: أولا هناك إجماع شعبي إسرائيلي في دعم هذه الحرب العدوانية ضد غزة ضد حماس، أيضا هذه العملية تم التخطيط لها منذ فترة طويلة، توقيتها جاء قبل الانتخابات لأسباب كثيرة ولكن هناك نقاش الآن حزبي في إسرائيل والكل يحاول أن يستثمر هذه الحرب العدوانية لصالحه. هناك تياران أساسيان، تيار اليمين واليمين المتطرف، الليكود وإيفيت ليبرمان حزب إسرائيل بيتنا والأحزاب الدينية تناقش بأنه لم يسمح للجيش الإسرائيلي أن يستمر في عدوانه ليحقق أهدافه في حين أن الأحزاب المشاركة في الائتلاف حزب كاديما وحزب العمل يناقشان بأن هذه الحرب العدوانية حققت أهدافها. ولكن لا يوجد نقاش حقيقي حول ثمن هذه الحرب حول جرائم إسرائيل في قطاع غزة، لو حصلت هذه الحرب العدوانية في مجتمع آخر لطرح ألف سؤال وسؤال يعني لا يوجد نقاش على من انتصر الجيش الإسرائيلي لا يوجد نقاش على أخلاقية هذا الجيش الذي ارتكب جرائم حرب لا يوجد نقاش حقيقي هناك أصوات قليلة جدا في المجتمع الإسرائيلي تطرح مثل هذه الأسئلة ولكن هذه الحرب كان المجتمع الإسرائيلي أكثر تطرفا من قياداته السياسية والأمنية، جيش ارتكب مجازر ضد الشعب الفلسطيني ضد المدنيين حرب يعني بامتياز حرب ضد المدنيين وظل المجتمع الإسرائيلي كقبيلة متعطشة للدماء، هذه الصفة الأساسية، الآن هناك نقاش حزبي كيف يتم استثمار هذه الحرب؟ ولكن بخلاف الحروب الأخرى النقاش ليس عميقا بمعنى حول أهداف الحرب وحول الأهداف التي وضعت لقتل المدنيين الفلسطينيين وأكثر ما يمكن قتله من فلسطينيين الذي يتسامح به المجتمع الدولي..
علي الظفيري (مقاطعا): طيب دكتور، سنخصص الجزء الثاني من الحلقة للنقاش في الكيفية التي تستثمر بها الأحزاب الإسرائيلية نتائج هذه الحرب معك ومع السيد لطيف الدوري يعني موضوع الانتخابات في الجزء الثاني. الآن سيد لطيف في تل أبيب كيف تنظر النخب السياسية بشكل عام في إسرائيل لحسابات الربح والخسارة من هذه الحرب؟ أين هو مكمن الربح من هذه الحرب وأين هو مكمن الخسارة؟
لطيف دوري: قبل كل شيء لا يوجد إجماع شعبي في إسرائيل على الحرب العدوانية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ساعات قلائل بعد اليوم الأول من هذا العدوان خرج أنصار السلام إلى شوارع تل أبيب تنديدا واستنكارا لهذا العدوان واستمرت هذه المظاهرات والاحتجاجات طيلة الوقت وإن كانت الأغلبية تؤيد هذه الحرب العدوانية ويوجد نقاش حامي الوطيس بين اليسار واليمين في إسرائيل في هذه الحرب التي نشبت ونحن كنا من الأوائل الذين قلنا بأنها حرب عدوانية سوف تعود بالمخاطر على إسرائيل وستعود بالإدانة الدولية كما رأينا ولكن علينا أن نعلم بأن التعتيم الذي كان على هذه الحرب الدامية كان تعتيما كاملا على وسائل الإعلام الإسرائيلية الذي الشعب الإسرائيلي لم يعلم ولم ير نتائج هذه الحرب يوما بعد يوم لم ير أشلاء الأطفال الأبرياء لم ير أشلاء النساء والرجال، فقط الذين -وهم أقلية- الذين رأوا الفضائيات العربية ووسائل الإعلام الأجنبية عرفوا ما يجري هناك ولكن بعد أن هذه الحرب انتهت رأينا بأن الحقيقة أخذت تظهر والرأي العام الإسرائيلي رأينا كيف الكثير من الأدباء بعد أن رأوا ما حدث في غزة بعد أن سمعوا ورأوا بأم أعينهم هذه المشاهد المروعة رأينا بأن تحركا داخل إسرائيل أخذ، استيقاظ للرأي العام الإسرائيلي ولو بصورة جزئية.
علي الظفيري: سيد لطيف، القيادة الإسرائيلية خاضت الحرب واستطاعت تجييش الشارع الإسرائيلي لأنها قالت إن هناك أهدافا، أهدافا مهمة يجب أن تحققها هذه الحرب على غزة وخاضت حربا كبيرة جدا، هل هناك نقاش الآن في أوساط المجتمع الإسرائيلي حول هذه الأهداف، طبيعة الأهداف، مدى تحقيقها بعد هذه الحرب؟
لطيف دوري: لا شك يوجد نقاش عنيف لأنه في الأيام الأولى ظهر من قبل الحكومة الإسرائيلية بأنها تريد ما قالت القضاء على حماس بصورة كلية وإيقاف إطلاق الصواريخ وحتى رأينا في النهاية بأن هذه لم تتحقق ورأينا بأن الشعب الإسرائيلي أخذ يتفهم بأن من المستحيل أن تقوم أي حرب مهما كانت قوتها بالقضاء على شعب أو بالقضاء على حركة وطنية أو بالقضاء على الذين يقاومون ويدافعون عن بيوتهم وعن منازلهم ولهذا رأينا بأن الرأي العام الإسرائيلي أخذ يعلم بأن نتائج هذه الحرب لم تكن كما كان في السابق أعلنوا عن أهدافها التي لم تتحقق ونعتقد بأن الشعب الإسرائيلي والقضية هي أننا فترة قصيرة قبل الانتخابات من الصعب جدا تحويل الرأي العام الإسرائيلي بصورة كبيرة ولكن أنا أعتقد بصورة جزئية سوف يتحول قسم من أصوات اليمين إلى أحزاب اليسار وهذا في الحقيقة لن يغير النتيجة النهائية ولكن له أهمية من ناحية المستقبل..
علي الظفيري (مقاطعا): لكن أسأل الدكتور محارب يعني إذا تحدثنا عن نتائج استطلاعات الرأي، استطلاعات الرأي أغلبها تتحدث عن قرابة ثلاثين مقعدا لليكود، من 23 إلى 26 لكاديما، 15 مقعدا في الكنيست لحزب العمل، هذه النتائج كيف يمكن ربطها بنتائج الحرب يعني هذه استطلاعات آراء الجمهور الإسرائيلي كيف يمكن ربطها بما توصلت له هذه الحرب على غزة؟
محمود محارب: باراك وليفني كانا يعتقدان بأن شن الحرب واعتقدا أنهما بإمكانهما كسب هذه الحرب عند ارتكاب مجازر ضد المدنيين اعتقدا أن هذا سيزيد من شعبيتهما ولكن تاريخ الحروب الإسرائيلية أثبت كما أثبت في هذه الحرب أن المجتمع الإسرائيلي عشية الحرب وأثناء الحرب وبعد الحرب يسير باتجاه اليمين واليمين المتطرف، استطلاعات الرأي العام تؤكد أن اليمين واليمين المتطرف سيأخذ بين 65 إلى 75 عضو كنيست، أغلبية مريحة وواضحة علاوة على ذلك حزب فاشل مثل حزب…
علي الظفيري (مقاطعا): هذا إذا تحدثنا عن إسرائيل بيتنا وحزب شاس وما إلى ذلك.
محمود محارب (متابعا): نعم علاوة على ذلك حزب إسرائيل بيتنا نعم بقيادة الفاشي ليبرمان استطلاعات الرأي العام تعطيه بين 15، 16، 17 عضو كنيست أي بزيادة 50% عما كان عليه وضعه قبل الحرب. المجتمع الإسرائيلي بعكس ما ذكر لطيف دوري اتجه في هذه الحرب نحو التطرف ونحو العدوانية، صحيح أنه في أصوات إسرائيلية بضعة آلاف خرجت تتظاهر ولكن المجتمع الإسرائيلي بغالبيته يتجه نحو الأحزاب الأكثر تطرفا والأكثر عدوانية يشجعهم في ذلك يعني الانقسام العربي والضعف العربي. انظر أخي علي، في إسرائيل لا يمكن الفصل بين ما يحدث في الداخل وما بين العلاقة مع الدول العربية، القضية المركزية التي تؤثر على الجمهور الإسرائيلي حتى الآن في الانتخابات في السلوك الانتخابي هي الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، في إسرائيل الأحزاب اليمينية واليمين المتطرف تقول وتؤكد على استعمال القوة استعمال القوة العسكرية لحل المشاكل السياسية لكسر إرادة الشعب الفلسطيني والدول العربية، نقاشهم صريح وواضح بشكل حاد يقولون إن الدول العربية خاضعة لا تستطيع أن تواجه إسرائيل يقولون إن الدول العربية تستجيب كلما ضغطت عليها عسكريا تستجيب للإستراتيجية الإسرائيلية يقولون إنه منذ عقد وعقد ونصف الدول العربية قدمت مبادرة وتخلت عن الصراع مع إسرائيل تخلت عن الحل العسكري وقالت إن السلام والطرق السلمية لحل الصراع هي الطريق الأفضل، هذا يقنع الجمهور الإسرائيلي بأنه ما دامت إسرائيل متفوقة وما دام العرب لا يقاومونها لا يضعون إستراتيجية تتصدى للعدوانية الإسرائيلية فيتجهون نحو مزيد من التصلب والتطرف..
علي الظفيري (مقاطعا): اسمح لي دكتور، اسمح لي أسأل الدكتور قبل أن أنتقل لفاصل، لطيف دوري في تل أبيب، إذا كانت استطلاعات الرأي تؤيد اليمين المتطرف ليكود والأحزاب الدينية الأخرى واضح أن الشارع الإسرائيلي غير مكترث بالصورة المتردية لإسرائيل عالميا والتي طبعا هي معروفة بالنسبة للعرب ولكنها تردت وتراجعت كثيرا في الغرب حتى وفي تعاطي وسائل الإعلام مع سلوك الجيش الإسرائيلي في غزة.
أتوقع أن يتوصل أولمرت وليفني إلى اتفاق مع حماس قبيل الانتخابات الإسرائيلية من أجل إطلاق سراح الجندي الأسير شاليط |
لطيف دوري: هذا صحيح مع الأسف لأنه لا شك معسكر اليمين له اليوم أغلبية في الشعب الإسرائيلي وهذا بسبب الفترة القصيرة حتى الانتخابات ستكون النتيجة في هذه الانتخابات نجاح المعسكر اليميني وقيامه بتأليف حكومة يمينية اللي سوف تعمق الهوة بين إسرائيل والشعب الفلسطيني وتدخل إسرائيل حسب رأيي في مخاطر كبيرة. ولكن علي أن أؤكد بأن هذه المجازر التي تشكل وصمة عار أبدية على جبين حكام إسرائيل سوف تأتي بنتيجة ليس على المدى القريب بس على المدى البعيد عندما سيظهر للشعب الإسرائيلي بأن السبيل الوحيد لبقاء إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط هو التوصل إلى السلام مع جيرانها، ومن جهة ثانية أنا أعتقد بسبب هبوط حزب كاديما في الأسابيع الأخيرة من المتوقع أن يتخذ أولمرت مع تسيبي ليفني خطوة مفاجئة بأن يتفقوا قبل الانتخابات إلى التوصل إلى اتفاقية مع حماس من أجل إطلاق سراح الجندي الأسير جلعاد شاليط وهذا سيحدث هزة كبيرة في إسرائيل ولا شك سيسير بتسيبي ليفني إلى أن…
علي الظفيري (مقاطعا): يعني كل الأمور سيد لطيف البوصلة تشير دائما للانتخابات العاشر من الشهر القادم. بعد الفاصل سنفصل أيضا في الحديث عن ارتباط ما جرى وعلاقته بالانتخابات وفرص وحظوظ كل حزب في هذه الانتخابات فتفضلوا مشاهدينا الكرام بالبقاء معنا.
الانعكاسات المتوقعة للحرب على الانتخابات الإسرائيلية
علي الظفيري: أهلا بكم من جديد في هذه الحلقة التي نتناول فيها الجدل داخل إسرائيل حول نتائج الحرب على غزة وانعكاساتها على الانتخابات الإسرائيلية. أرحب بضيفي مجددا. دكتور محمود محارب إذا كانت كل هذه الاستطلاعات تعطي اليمين المتطرف وعلى رأسه الليكود يعني حظوظا أكبر من غيره هذا يشير إلى أن يعني آراء الليكود وآراء اليمين في هذه الحرب هي المفضلة بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي وكانت تعني أو كانت ترتكز حول إطالة أمد هذه الحرب والاستمرار في الحرب على غزة؟
محمود محارب: نعم يعني قبل الحرب كان هناك تفوق لحزب الليكود واليمين المتطرف أيضا خلال الحرب وبعد الحرب بقي الليكود واليمين المتطرف متفوقا، نقاش الليكود واليمين المتطرف في إسرائيل يقول إنه كان يجب إصدار أوامر للجيش الإسرائيلي باستمرار القتال وإنهائها وحسم المعركة وفق نظرية الأمن الإسرائيلية بصورة سريعة والقضاء على حماس إلى آخره. هذا نقاشهم هم يقولون إن الجيش الإسرائيلي نجح عسكريا والقيادة السياسية المتمثلة بالحكومة فشلت سياسيا لذلك هم يقولون إنهم هم الأجدر بقيادة المجتمع الإسرائيلي وتحقيق أهداف الحرب. علينا أن ننتبه هنا يعني بالنسبة إلى الناخب الإسرائيلي، الناخب الإسرائيلي يعني صحيح أنهم مجتمع مستوطنين ومهاجرين وقاموا على حساب الشعب الفلسطيني، الناخب الإسرائيلي يرى يعني في نهاية المطاف في نقاش عقلاني اليمين واليمين المتطرف نقاشهم أكثر إقناعا للمجتمع الإسرائيلي، لماذا؟ يقول إنه بالإمكان بواسطة القوة إخضاع العرب، هذه قضية مركزية، يقولون إنه بالإمكان استخدام الجيش الإسرائيلي في استمرار العدوان هذه قضية واحدة. الأمر الشيء الذي يشجع نقاشهم هو أنه لا توجد إستراتيجية عربية لمواجهة العدوانية الإسرائيلية هذا شيء حاسم في النقاش الذي يدور داخل إسرائيل، أي أن الدول العربية نتيجة لمواقفها الإستراتيجية في نهاية المطاف المتدنية للأجندة الإسرائيلية تؤدي إلى نتائج عكسية بعكس ما تريده الدول العربية..
علي الظفيري (مقاطعا): نعم طيب دكتور..
محمود محارب: خليني آخذ هذه النقطة بس إلى مداها رجاء.
علي الظفيري: تفضل.
محمود محارب: يعني أنهم سيحصلون يعني الدول العربية سيكون شريكها في المستقبل، نتيجة لاستسلامها للأجندة الإسرائيلية وعدم مواجهتها، شريك ليس ما يطلق عليه قوى السلام وإنما الشريك الذي يمثل العدوانية الأكثر في إسرائيل، لماذا؟ لأنها لم تواجهه. سيأتي بعد الانتخابات نتنياهو واليمين واليمين المتطرف وسيتصرف أنه السيد في هذه المنطقة وسيحاول إملاء شروطه على الدول العربية، هذا عامل أساسي. عوامل أخرى تؤثر على المجتمع الإسرائيلي، التسامح الدولي بما تقوم به إسرائيل، يعني إذا العالم كان يعني سواء الولايات المتحدة أو أوروبا التي تعطي إسرائيل يدا طولى في ارتكاب مجازر ضد الفلسطينيين، في إسرائيل لا فرق ما بين السياسة الداخلية والخارجية..
علي الظفيري (مقاطعا): هذه الفكرة تكاد تكون معروفة دكتور إذا سمحت لي دكتور لأن الوقت والله ضيق، هذه النقاط العامة معروفة أريد أن نخوض فقط في تفاصيل الداخل الإسرائيلي ووضع الأحزاب الآن. سيد لطيف دوري هل يمكن أن يتكرر سيناريو فينوغراد مرة أخرى أم أن عدم تحقيق الأهداف أقل مما كان عليه في حرب 2006 في الحرب الإسرائيلية على لبنان؟
لطيف دوري: لا أعتقد ذلك، يجب أن نعلم بأن حرب لبنان الثانية الفشل كان هناك منذ البداية والنهاية كانت فشلا ذريعا ولهذا قامت لجنة فينوغراد، وهنا على العكس من ذلك الشعب الإسرائيلي بأغلبيته يعتقد بأن هذا كان نصرا كبيرا على حماس وبأن الأهداف الرئيسية قد تحققت، ولا أعتقد بأن لجنة من هذا الشكل ستقوم، على العكس من ذلك نرى بأن حكام إسرائيل يحتفلون يوما بعد يوم بهذا النصر الكبير، بين قوسين، أنا لا أعتقد بأن هذا كان نصرا على العكس من ذلك بل كان خطوة إلى الوراء كما قلت وعمقت الهوة بيننا وبين الشعب الفلسطيني بيننا وبين العالم العربي وحتى بيننا وبين الملايين الذين تظاهروا في أوروبا وأميركا ضد المجازر الدامية، وأنا أعتقد بأنه سوف نصل إلى مرحلة بعد الانتخابات التي سوف يقوم الرأي العام الإسرائيلي شيئا فشيئا باكتشاف الحقيقة المرة بأن هذه الحرب لم تحقق أهدافها.
علي الظفيري: سيد لطيف، حتى الآن من هو الأكثر استفادة أو توظيفا لنتائج هذه الحرب في إسرائيل بين الأحزاب الرئيسية؟ باختصار لو سمحت.
لطيف دوري: أكثر استجابة؟
علي الظفيري: أكثر استفادة وتوظيفا.
لطيف دوري: ما كان السؤال؟ آه، إفادة. طبعا لا شك أن الأحزاب اليمينية هي التي استفادت من هذه الحرب وكذلك حزب العمل، حزب العمل الذي كان له ثمانية مقاعد ارتفعت بعد الحرب إلى 16 مقعدا أي أن باراك كوزير دفاع استغل هذا المنصب واستغل نتائج الحرب كما تصورها الرأي العام الإسرائيل كنصر كبير من أجل مصلحته ومصلحة شعبه، هذا حزب العمل وأحزاب اليمين هي التي استفادت من هذه الحرب.
علي الظفيري: إذاً دكتور محمود محارب، الخاسر الأكبر هو كاديما قائد هذه الحرب الإسرائيلية على غزة؟
محمود محارب: بالطبع داخليا الخاسر كاديما وائتلافاتها، الرابح هو اليمين واليمين المتطرف. ولكن يعني شيء واحد لكي أعطيك مثلا عما هو دائر في إسرائيل..
علي الظفيري (مقاطعا): باختصار لو سمحت.
محمود محارب: باختصار شديد، يوئيل ماركوس من أهم المحللين والصحفيين في إسرائيل وعمره فوق السبعين سنة -مش ولد صغير- ببقول أنا أتمتع برؤية الأشلاء والجثث. هذا يعطيك عن الروح السائدة في هذا المجتمع. الحل ليس في داخل إسرائيل المجتمع الإسرائيلي.. الحل هو إذا أردنا يعني حكومة إسرائيلية وكنيست إسرائيلية تسير نحو السلام بدك موازين قوى مختلفة وهذا يأتي من الخارج ميزان قوى جديد..
علي الظفيري (مقاطعا): دكتور محمود أعتذر منك، تماما. دكتور محمود محارب أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة القدس من القدس، لطيف دوري من تل أبيب عضو قيادة حزب ميرتس الإسرائيلي شكرا جزيلا لكما. انتهت الحلقة شكرا لكم وإلى اللقاء.