
تغطية الإعلام الغربي للعدوان الإسرائيلي على غزة
– توجهات الإعلام الغربي والمبررات التي يوردها
– معايير النقل الإعلامي ومسايرة الحدث
![]() |
![]() |
![]() |
لونه الشبل: أهلا بكم. نتوقف في هذه الحلقة عند الطريقة التي تعامل بها الإعلام الغربي مع العدوان الإسرائيلي على غزة في ضوء تصاعد الاحتجاجات في بعض الدول الأوروبية ومنها بريطانيا ضد ما وصف بأنه انحياز إلى جانب إسرائيل خلال وبعد العدوان. ونطرح في الحلقة سؤالين اثنين، ما مدى وجاهة الانتقادات الموجهة ضد وسائل الإعلام الغربية بشأن تغطيتها العدوان على غزة؟ وما هي المعايير التي تحكم تعامل المؤسسات الإعلامية في الغرب مع أحداث كالتي جرت بغزة؟. انتقادات شديدة وجهتها لجنة الإغاثة ضد الكوارث في بريطانيا ضد هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) بسبب رفضها بث نداء لحملة جمع تبرعات لإغاثة سكان قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي عليها، وفي ظل اللغط الدائر حول دوافع الـ (بي. بي. سي) أكدت اللجنة التي تضم 13 جمعية خيرية أنها ليست لها أجندة سياسية بل إن حملتها ارتكزت إلى مبادئ إنسانية محضة. وفي السياق ذاته دانت المبادرة الإسلامية البريطانية في بيان لها قرار الـ (بي. بي. سي) آخذة على التلفزيون البريطاني ما وصفته بالانصياع لضغوط اللوبي الموالي لإسرائيل في بريطانيا وقال زعيم المبادرة إن على تلفزيون (بي. بي. سي) أن يخجل من تغطيته التي فشلت -حسب قوله- في إبراز حجم المعاناة الإنسانية في الجانب الفلسطيني جراء الحرب على غزة.
[تقرير مسجل]
ناصر البدري: أثار قرار هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) عدم إذاعة النداء الذي تقدمت به مجموعة من الجمعية الخيرية في بريطانيا لإغاثة أهالي غزة، أثار جدلا واسعا في الأوساط الإعلامية البريطانية، فرغم وجود تقليد راسخ لدى الهيئة منذ عام 1963 بتخصيص حيز لبث نداءات الدعم في الحالة الإنسانية المشابهة للوضع في غزة إلا أنها رفضت بث ذلك النداء متعذرة بوجود تساؤلات حول الجهة التي ستوزع تلك الإعانات في حال جمعها وبأن بث هذا النداء قد يجرح حيادية تغطيتها، عذران رأى فيهما كثيرون تعميقا لخط (بي. بي. سي) غير المحايد –حسبهم- في تغطية مجريات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
ليندزي جيرمن/ تحالف أوقفوا الحرب: (بي. بي. سي) مؤسسة ملك للدولة ويتعين عليها أن تغطي الأحداث في غزة بموضوعية، الإسرائيليون منعوا المراسلين الأجانب من دخول غزة أثناء القصف ولم يقولوا لنا ذلك وأغلب تقاريرهم كانت خارج غزة وكانت في رأيي غير متوازنة.
ناصر البدري: الجزيرة اتصلت بالـ (بي. بي. سي) لمرات عدة لسؤالها عما توجهه المنظمات الخيرية لها من اتهامات لكن متحدثا باسم المؤسسة اعتذر عن التعليق. وتثير هذه المسألة العديد من الأسئلة حول حيادية وسائل الإعلام الغربية عموما والبريطانية على وجه الخصوص فيما يخص تغطية الحرب على غزة رغم دفاع بعض هذه المؤسسات عن خطها التحريري.
جيم غراي/ رئيس تحرير القناة الرابعة البريطانية: نفتخر بأننا قدمنا تغطية مستقلة وقوية لأحداث غزة وقناتنا تسعى إلى أن تقدم أنباء تكون بديلة لـ (بي. بي. سي).
ناصر البدري: دول أوروبية أخرى شهدت جدلا واسعا حول حيادة وسائل الإعلام فيها تجاه ما حدث في قطاع غزة، أمر رده المنتقدون إلى عوامل مختلفة، أما في بريطانيا فإن خبراء إعلاميين آخرين يرون أن قوة اللوبي الصهيوني قد تكون أحد عوامل تردد وسائل الإعلام في تقديم صورة أكثر جرأة، لكن مسؤولي الـ (بي. بي. سي) يؤكدون على أن تغطيتهم للحرب على قطاع غزة كانت موضوعية وحيادية ونقلت بالصوت والصورة ما جرى في داخل قطاع غزة وخارجه. ناصر البدري، الجزيرة، لندن.
[نهاية التقرير المسجل]
توجهات الإعلام الغربي والمبررات التي يوردها
لونه الشبل: ومعنا في هذه الحلقة من لندن نيكولاس جونز محرر الشؤون السياسية السابق في هيئة الإذاعة البريطانية، ومن لندن أيضا أنس التكريتي المتحدث باسم المبادرة الإسلامية البريطانية. وأبدأ معك سيد أنس، ما الذي جرى معكم فيما يتعلق بالنداء الذي أردتم توجيهه عبر الـ (بي. بي. سي)؟
أنس التكريتي: الحقيقة أن القرار، قرار الـ (بي. بي. سي) بمنع بث النداء للجنة إغاثة الكوارث الحقيقة أمر مستغرب جدا، خاصة وأنه لأول مرة تحدث مثل هذه الخطوة، من 46 سنة هناك اتفاق على أنه في حالة الكوارث الإنسانية شبيه مثلا بالتسونامي أو بالزلازل أو الكوارث التي تصيب قطاعا واسعا من البشر يعني هذه لجنة إغاثة الكوارث والتي تضم كما ذكرت في المقدمة أكثر من 13 منظمة إغاثية، هذه تبث نوعا من الدعوة للناس بأن يتبرعوا، فإيقاف هذا البث في هذا الوقت وللأسباب التي يعني وضعتها الـ (بي. بي. سي) أو قدمتها (بي. بي. سي) الحقيقة أمر في غاية يعني السوء ومبعث على الخجل خاصة وأن (بي. بي. سي) ليست مؤسسة خاصة، هي مؤسسة يملكها العامة، نحن كل واحد في بريطانيا ينبغي أن يدفع رخصة سنوية مبلغا معينا قدره حوالي 250، 300 دولار لكي يعني يستفيد من مشاهدة التلفاز هذه تدفع إلى الـ (بي. بي. سي) فلذلك نحن نمتلك هذه الآلة فأن تقوم بمثل هذه الخطوة على أثر تغطية حقيقة في غاية السوء وأنا يعني أتحدى من قال بأن الـ (بي. بي. سي) بالذات ووسائل الإعلام البريطانية بالذات تغطيتها كانت يعني حيادية ومهنية، أنا أتحدى هؤلاء..
لونه الشبل (مقاطعة): سنتحدث عن مآخذكم على التغطية سيد أنس التكريتي ولكن بماذا بررت لكم، وقد ذكرنا بعضا من هذه التبريرات في التقرير، ماذا قالت الـ (بي. بي. سي)؟
أنس التكريتي: قالت مسألتين، المسألة الأولى أن هذه ربما تطعن في حيادية الـ (بي. بي. سي)، وهذا أمر مضحك في حقيقة الأمر لأن قضية الحيادية أصلا ذهبت في تغطيتها لأحداث غزة، هذه واحدة. الأمر الثاني وهذا أمر مستغرب، قالت الـ (بي. بي. سي) قالت نحن نخشى بأن هذه المساعدات والإعانات يعني قد تصل إلى طرف دون طرف، ثم كيف تعبر وتصل إلى أهالي غزة؟ فقلنا لهم طيب يعني إذاً معنى ذلك تحتاجون فوق هذه الحملة إلى حملة أخرى تضغطون فيها على من يملكون مفاتيح المعابر حتى يمرروا تلك المساعدات لا أن تتوقفوا عن المساعدات أصلا. فالحقيقة التبريرات التي ساقتها الـ (بي. بي. سي) تبريرات لا صحة لها، مخجلة، وأنا أعتقد أن هذه، ومن الصدف أننا غدا عندما مظاهرة دعونا لها منذ بداية الأسبوع تنطلق من أمام الـ (بي. بي. سي) لأجل التنديد بالتغطية المتحيزة تماما لصالح الموقف الإسرائيلي خلال الثلاث أو أربع أسابيع الماضية.
لونه الشبل: فقط أعود وأنوه بأننا حاولنا الاتصال بالـ (بي. بي. سي) بالمسؤولين عنها حاليا، لم نستطع الحصول على رد فعل أو يعني وجودهم معنا. بكل الأحوال معنا الآن نيكولاس جونز محرر الشؤون السياسية السابق في هيئة الإذاعة البريطانية، أعلم بأنك كنت محررا للشؤون السياسية لكن أنت على علم تماما بالخط السياسي والتحريري للـ (بي. بي. سي) وبالتالي كيف يمكن أن تبرر للـ (بي. بي. سي) عدم بثها لمثل هذا النداء، يعني كيف يمكن أن تبرر خرقها لاتفاق أو لعرف دام على مدى 46 عاما؟
ما نحتاج إليه في المملكة المتحدة أن يكون هناك إعلام مملوك للرأي العام، فعندما تعمل المنظمات الخيرية يجب أن يسمح لها بأن تبث مناشداتها |
نيكولاس جونز: إن ما هو واضح بالنسبة إلي وأنا أعتقد ذلك وكثيرون من الصحفيين السياسيين أن الـ (بي. بي. سي) ارتكبت خطأ، أنا أستطيع أن أفهم الخطأ الذي ارتكبته الـ (بي. بي. سي) لأنها تخاف من اللوبي الإسرائيلي في هذا البلد الذي سيبدأ بالاحتجاج مدعيا أن الـ (بي. بي. سي) منحازة، الـ (بي. بي. سي) بالنسبة لكما يقول المثل الإنجليزي إنها فقدت بوصلتها، تتخبط، من جهتها، الـ (بي. بي. سي) تحاول أن تفرض نوعا من الرقابة على هذا النداء من المنظمات الإنسانية، من جهة أخرى وفي أوقات الانتخابات أيضا نرى أن الـ (بي. بي. سي) تحاول أن توقف واحدا من الأحزاب لمنع نشر أو بث رسالته على سبيل المثال لو أن لدينا حزبا مناهضا للحرب ربما ستلجأ الـ (بي. بي. سي) إلى منع بث نشاطاته. إن ما نحتاج إليه في المملكة المتحدة أن تظهر وكالة جديدة كما قالت اللجنة أو هيئة الطوارئ أن يكون هناك إعلام عام مملوك للرأي العام وعندما تعمل المنظمات الخيرية هذه يجب أن يسمح لها بأن تبث مناشداتها. أعتقد أن الـ (بي. بي. سي) ستأسف لخطئها هذا لاحقا.
لونه الشبل: نعم ولكن يعني مجرد أن يكون شخص من قلب الـ (بي. بي. سي)، وإن كان سابقا، يعترف بمثل هذا الخطأ ملفت لكي نسأله وبالتالي يعني كيف لنا أن نفهم كل هذا التصرف من الـ (بي. بي. سي)؟ خاصة وأن هناك انتقادات في كل تغطيتها على الحرب وليس فقط في هذا الموضوع وكان هناك مظاهرات أمام الـ (بي. بي. سي) في داخل بريطانيا ضد تغطيتها للحرب؟
نيكولاس جونز: إن ما علينا أن نفهمه أن داخل الـ (بي. بي. سي) هيئة الإذاعة البريطانية هناك أزمة ثقة حول الكيفية التي ينبغي أن تغطى بها أحداث غزة، كثيرون من الصحفيين الشباب معجبون بتغطية الجزيرة وبالطريقة التي تحليتم بها بالشجاعة لبث صور نحن لا نستطيع رؤيتها على شاشة الـ (بي. بي. سي) وأيضا علينا أن نفهم أن الـ (بي. بي. سي) تخضع لضغوط فهناك لوبي يهودي قوي للغاية في هذا البلد وهذا القول بأن هل المسألة مسألة مال أو أجور؟ لو أن الملايين من الأموال إذا ما جمعت في هذا البلد فهناك قلق يريدون أن يعرفوا إلى أين ستذهب الأموال، تذكروا في السابق كانت هناك فضائح، تم جمع أموال لكنها لم تصل إلى من يحتاجها. إذاً الـ (بي. بي. سي) ربما مارست حذرا أكثر مما ينبغي وتأنيا أكثر مما ينبغي، لم تعد تدرك الـ (بي. بي. سي) بأن الرأي العام قد تغير وكثيرون يريدون أن يروا ما حدث في غزة، وأن الناس فهموا أن.. عندما يفهم الناس أن الـ (بي. بي. سي) أوقفت بث هذا النداء سيكون هناك من الانتقادات للـ (بي. بي. سي) أكثر مما رأينا حتى الآن في هذا البلد.
لونه الشبل: يعني سيد أنس صراحة ملفتة من السيد جونز لشرح الوضع داخل الـ (بي. بي. سي) وبالتالي تفهم من خلال هذه الصراحة والوضع في الداخل مجموعة من النقاط التي كانت مأخذا على تغطية الـ (بي. بي. سي) خلال الحرب وقد يعني ذكرتها كثير من المنظمات العربية والدولية؟
أنس التكريتي: يعني أنا الحقيقة أثني على كثير مما قاله السيد جونز لكن أنا دعيني فقط حتى أرسم يعني صورة لأن البرنامج أيضا يعنى بقضية التغطية الغربية، تغطية الإعلام الغربية لأحداث غزة، يعني الحقيقة أن هناك عددا كبيرا جدا من الصحفيين والإعلاميين والمراسلين من يريدون حقا نقل الصورة الحقيقية لما جرى في غزة وما يجري في فلسطين وغير ذلك من الأحداث، ولكن يعني هناك على ما يبدو هناك ضغوط خارجية مورست من قبل الهجوم من قبل الحرب وربما حتى بأسابيع تمهيدا لما جرى، ولذلك وجدنا من الساعة الأولى كل الأجهزة الإعلامية البريطانية فيها ما شاء الله حشود من الناطقين عن الموقف الإسرائيلي بينما الطرف الآخر مغيب تماما، وللأيام الأولى حتى أن (الجروسلمبوز) قالت بأنه نحن ننتصر في الحرب الإعلامية، 12 ناطق رسمي باسم إسرائيل مقابل واحد فقط للموقف الفلسطيني. لكن كما ذكرت هناك عدد كبير جدا ممن يريدون نقل الحقيقة، وبالأمس فقط عندنا مراسل مخضرم معروف ويعرفه السيد جونز هو جونز نو، عن القناة الرابعة، وكان برنامجه البارحة نقل حقيقة ما جرى أو التغطية الإعلامية وبالذات للجزيرة تحديدا كيف غطت أحداث غزة والفارق بينها وبين التغطية الإعلامية البريطانية وكيف أن المشاهد الغربي الحقيقة لم يطلع..
لونه الشبل (مقاطعة): ولكن في النهاية سيد أنس، في النهاية يعني لماذا تلام الـ (بي. بي. سي) والإعلام البريطاني عموما خاصة وأن إسرائيل منعت دخول وسائل الإعلام إلى غزة واكتفت بمن هو في الداخل أصلا وبالتالي لا تستطيع الـ (بي. بي. سي) وغيرها من الإعلام البريطاني والغربي نقل الصور؟
البي.بي.سي ليست مؤسسة صغيرة يديرها اثنان أو ثلاثة بل هي مؤسسة عريقة وتعتبر أم المؤسسات الإعلامية في العالم، فحينما تفشل على هذا الصعيد في نقل مجزرة حصلت لا عذر لها ولا للهيئات الإعلامية البريطانية فيها |
أنس التكريتي: لو كان الإعلام شجاعا بما فيه الكفاية وأعلن منذ اليوم الأول قائلا إننا منعنا من دخول ساحة الحدث وهذا يعني ندينه ونطعن فيه، لو قالت ذلك لعذرناهم إلى حد ما، ولكن أن يبينوا وكأن التغطية، كما قرأت أنت في تصريح الـ (بي. بي. سي)، أن يعني التغطية كانت محايدة ومتميزة وما شابه رغم أنهم منعوا من دخول ساحة الحدث فهذا أمر إذاً لا يعذرون فيه، كما أن الـ (بي. بي. سي) مع التقدير والاحترام ليست مؤسسة يعني صغيرة يديرها اثنين ولا ثلاثة، الـ (بي. بي. سي) يعني مؤسسة عريقة جدا وتعتبر أم المؤسسات الإعلامية في العالم فحينما تفشل على هذا الصعيد في نقل مجزرة حصلت، في نقل مجزرة بكل المقاييس، جريمة حرب كنا شهودها فهذا حقيقة لا عذر للـ (بي. بي. سي) ولا للهيئات الإعلامية البريطانية فيه.
لونه الشبل: فيما يتعلق بالعذر، سيد نيكولاس جونز، وتحديدا بنقل الصورة أخذ على الـ (بي. بي. سي) بأنها حتى لو منعت فهي أو وسائل الإعلام عموما في بريطانيا كانت تتحدث عن إسرائيل بأنها الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وها هي تمارس عدم ديمقراطية بعدم السماح لوسائل الإعلام بالدخول، لماذا لم تحتج وسائل الإعلام البريطانية بوضوح على هذه النقطة؟
نيكولاس جونز: لا، أنا أقول إن ما علينا أن نفهمه أننا هنا في بريطانيا هناك لوبي إسرائيلي فعال جدا وكثيرون من قطاع العلاقات العامة يساعدون إسرائيل لتبث ولتنشر رسالتها وعندما نأتي إلى السؤال من يهيئ ويسيطر على أجندة الأخبار؟ الحكومة الإسرائيلية خبيرة في ذلك إلى درجة البراعة في التلاعب بوسائل الإعلام خاصة هنا في المملكة المتحدة..
لونه الشبل (مقاطعة): عفوا باختصار شديد سيد نيكولاس لأنني أريد أن انتقل إلى فاصل، هل أفهم من كلامك بأن اللوبي الإسرائيلي في لندن يحدد أجندة الأخبار في وسائل الإعلام البريطانية؟
نيكولاس جونز: لا، لا أقول إن اللوبي الإسرائيلي يحدد ما هي الأجندة ولكن اللوبي الإسرائيلي دائما يفرض الضغوط، واللوبي الإسرائيلي فعال جدا في مجال العلاقات العامة وكما تعلمون وكثيرا بدعم من شركات ومؤسسات أميركية هم يفهمون وخبراء في كيفية التلاعب وتسيير والتأثير في وسائل الإعلام بشكل لا تعرفه الحكومات العربية، من هنا تقع على عواتق الصحفيين مسؤولية أكبر ليدركوا هذه الحقيقة. أنا أحاول أن أوضح لكم أن الكثيرين من الصحفيين الشباب في المملكة المتحدة يريدون أن يظهروا المزيد من الدمار والأضرار والمعاناة في غزة، لا نفهم كيف نرى في برنامج تاريخي تبثه الـ (بي. بي. سي) مثلا يظهر أكواما من الجثث في معسكرات الاعتقال النازية لكننا لا نظهر ما يحدث لأطفال غزة! الصحفيون الشباب يدركون أنهم لا يحصلون على المعلومات التي ينبغي أن يحصلوا عليها لذا الـ (بي. بي. سي) كما نقول فقدت طريقها وبوصلتها في هذه التغطية.
لونه الشبل: بكل الأحوال نحن نستفيد من وجودك معنا لنتحدث عن الـ (بي. بي. سي) ولكن بشكل عام نتحدث عن وسائل الإعلام البريطانية والغربية وكيف تعاملت هذه المؤسسات وتتعامل عادة مع أحداث تشبه ما حصل في غزة. نتابع هذه المسألة بعد وقفة قصيرة، ابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
معايير النقل الإعلامي ومسايرة الحدث
لونه الشبل: أهلا بكم من جديد. في هذه الحلقة التي تناقش تغطية الإعلام الغربي للعدوان الإسرائيلي على غزة. وأعود إليك سيد أنس، معظم الحالات يقول منتقدو وسائل الإعلام الغربية بأنها عندما تنقل ما يجري في فلسطين وإسرائيل تنقله محابيا لإسرائيل أو قريبا من وجهة نظرها وهذا ما يفسر على أن وسائل الإعلام تتماهى مع الموقف السياسي لهذه الدول التي تبث من خلالها خاصة الأوروبية والغربية، لماذا هذه المرة يعني كل هذه الضجة حول هذا النقل؟
أنس التكريتي: يعني أولا أنا الحقيقة أوكد على ما ذكره نيكولاس جونز في فعالية وبراعة آلة الـ Propaganda الآلة الإعلامية الصهيونية الموالية لإسرائيل و العاملة يعني في مختلف دول العالم وبالذات في بريطانيا وأميركا وبعض بلدان أوروبا لأنه الحقيقة هذه الآلة بدأت التمهيد وبدأت العمل كما ذكرت يعني من قبل الضربة بأسابيع ربما ولذلك لما بدأت الهجمة على غزة كانوا جاهزين ومحضرين أمورهم، إحنا للأسف الشديد هذه لا نقدرها، الدول العربية لا تقدر أهمية التعامل مع وسائل الإعلام ولا في قضية العلاقات العامة وبناء هذه الثقة مع الأدوات الإعلامية ولذلك نخسر هذه المعركة باستمرار. ولكن الذي حصل وهذا ملاحظ الذي حصل هو أنه بعد الأيام الأولى وبعد حدوث يعني حالة من موجة من الغضب الشديد من الشارع البريطاني تحتج على أدوات الإعلام وبالذات التلفاز البريطاني على أنها لا تنقل الصورة بواقعها أصبح عندنا نوع من التحرك إزاء نقل الصورة دون الصوت ربما، ولكن نقل الصورة فكان أحيانا من المضحك أننا نرى الشاشة تغطي يعني صور الأطفال وهم يدخلون المستشفيات والنساء يعني ملقيات على الأرض في المستشفيات في غزة وهناك الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية وهو يتكلم كيف أن الضربة ضربة يعني خفيفة وهي مركزة فقط ضد المقاتلين ولا تستهدف الأبرياء وما شابه يعني الحقيقة كان هناك نوع من الانفصام كأن أدوات الإعلام البريطانية لم تعرف كيف تتعامل مع الحدث، هناك صور حقيقية والناس تشاهدها من خلال الإنترنت ومن خلال حصولها والتقاطها للجزيرة الإنجليزية أو العربية ثم أن هناك الأخبار التي تبثها والتي تنفصم تماما عن الواقع. ثم بعد ذلك أصبحت هناك شجاعة من قبل بعض الصحفيين وبعض المراسلين لكي يبدؤوا يتكلموا عن.. يعني وبالذات بعد ضرب مدارس الأونروا، هذه الحقيقة أعتقد أنها أحدثت هزة لدى الموقف السياسي والذي أثر بالتبع على الموقف الإعلامي ولكنه في آخر المطاف هذا أكد قضية أن الإعلام البريطاني للأسف الشديد خاصة في هذه الهجمة الشرسة الإسرائيلية لم يكن محايدا على الإطلاق لم ينقل الحقيقة على الإطلاق ولم ينقل يعني ما جرى على أرض الواقع..
لونه الشبل (مقاطعة): سأبقى في موضوع الصورة سيد أنس لكن يعني أنتقل إلى السيد جونز، فيما يتعلق بالصورة، الحرب على غزة قيل بأنها أحدثت منعطفا جديد في أساليب التغطية بل وفي إعادة تأسيس مفاهيم ما يعرض وما لا يعرض لأن الواقع كان صادما إلى درجة يجب أن يعرض فيه كل شيء، حتى بعض وسائل الإعلام التي يتحكم بها إسرائيليون كروبرت مردوخ في النهاية حاولت أيضا أن تغير من الصورة واضطرت، كيف لوسائل الإعلام البريطانية والـ (بي. بي. سي) أن تبرر عدم هذا التحول الذي مشى فيه تقريبا الجميع؟
نيكولاس جونز: كانت هناك بعض التحركات ولا شك لدي بأننا بدأنا نرى المزيد من الصور لهذا النزاع الذي رأيناها أكثر مما رأيناها في النزاعات المماثلة قبل عشر سنوات على سبيل المثال، نرى حتى في الصحف صورا أكثر تفصيلا مروعا عن مشاهد ما حدث، نرى الصعوبة التي يواجهها الصحفيون البريطانيون في تغطية هذه الحوادث. سمعتم عن الإسرائيليين وقدرتهم في التأثير في الصحافة بالطبع هم دائما يزرعون البذور في أذهان الشعب البريطاني مثل الربط بين الشرق الأوسط ومفهوم الإرهاب هذه هي واحدة من الأسباب علينا أن نفهم التي لا تجعل أن هناك إدراكا عاجلا وفوريا من قبل الناس في الغرب بشكل عام وفي بريطانيا على وجه الخصوص بمحنة أهل غزة، أنا أقدر أنه قد يصعب عليكم أن تفهموا ذلك لكننا تمت برمجتنا على مدى السنين أن نخاف من الشرق الأوسط وشعوب الشرق الأوسط لذا عندما تكون هناك نزاعات عنيفة مثل هذه وصدامات نتحلى بنوع من التأني، ولكن صدقوني..
لونه الشبل (مقاطعة): نعم ولكن سيد جونز اعذرني يعني هذه المرة اقتربت وسائل الإعلام أكثر مما يجري ربما لفجاجة ما يجري وأنا ذكرت روبرت مردوخ المعروف طبعا بمواقفه المؤيدة لإسرائيل كمثال لا أكثر ولا أقل وقد فضحت الصورة ما جرى رغما عن الجميع.
نيكولاس جونز: نعم هذا صحيح وقد رأينا صورا من النوع الذي لم نره من قبل. إذاً أعتقد أن ما علينا أن ندركه هنا هو الأثر الذي أحدثته الجزيرة وبرس. تي. في، وبوجود شبكة الإنترنت ووجود القنوات الإخبارية المتوفرة الآن في بريطانيا التي تمكن الشعب البريطاني من رؤية ما يحدث، هذا يؤثر على الـ (بي. بي. سي) بدوره لهذا السبب رأينا هذه أزمة الثقة بالنفس هذه في داخل الـ (بي. بي. سي) بدأت تتبلور والكثيرون من صحفيي الـ (بي. بي. سي) يريدون أن يكونوا أكثر جرأة في عرض ما لم تعرضه الـ (بي. بي. سي) من قبل.
لونه الشبل: شكرا جزيلا لك من لندن نيكولاس جونز محرر الشؤون السياسية السابق في هيئة الإذاعة البريطانية، ومن لندن أيضا أشكر أنس التكريتي المتحدث باسم المبادرة الإسلامية البريطانية. نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم، بإمكانكم المساهمة في اختيار مواضيع حلقاتنا القادمة كما العادة بإرسالها على عنواننا الإلكتروني indepth@aljazeera.net غدا إن شاء الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، أستودعكم الله.