
أبعاد تفجير بومرداس في الجزائر
– أبعاد ودلالات التفجير
– تأثير التفجيرات على مشروع المصالحة الوطنية
![]() |
![]() |
![]() |
خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا وسهلا بكم. نتوقف في حلقتنا اليوم عند التفجير الانتحاري الذي استهدف مركزا أمنيا في منطقة بومرداس بالجزائر وخلف عددا من القتلى والجرحى في هجوم هو الثاني من نوعه خلال هذا الشهر وسط مخاوف من عودة نشاط الجماعات المسلحة. ونطرح في الحلقة سؤالين اثنين، ما أبعاد تفجير بومرداس في ضوء التفجيرات السابقة وهل يشي بتصاعد نشاط الجماعات المسلحة في الجزائر؟ وما التحديات التي تمثلها هذه العملية لمشروع المصالحة الجزائري والحرب الكونية على ما يسمى الإرهاب؟… أسبوع واحد يفصل تفجير بومرداس شرق الجزائر عن هجوم تيزي وزو في الثالث من هذا الشهر، وبالكاد يفصله أسبوعان عن عملية الأخضرية في المنطقة ذاتها. تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بادر إلى تبني مسؤولية التفجيرين الأولين فيما سارعت السلطات الجزائرية إلى تحميل مسؤولية الهجوم الآخر إلى التنظيم نفسه.
[تقرير مسجل]
إيمان رمضان: قد لا تتعدى هذه العملية كونها رد فعل سريع لضربات موجعة تلقتها الجماعة السلفية في الجزائر خلال عمليات أمنية مكثفة شنتها السلطات الجزائرية على عناصر الجماعة في منطقة القبائل حيث يتركز حضورها.
نور الدين زرهوني/ وزير الداخلية الجزائري: ممكن أن هذا كان رد الفعل بعد العملية اللي قام بها الجيش ومصالح الأمن أخيرا في (ديدوالى) وهذه كانت ضربة قاسية للمجموعات الإرهابية.
إيمان رمضان: جناح تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، كما يحلو للجماعة تسمية نفسها، يزداد توغلا في صفوف المدنيين فيوقع في عملية زمور البحري ثمانية قتلى وتسعة عشر جريحا باستخدام حافلة مفخخة بثلاثمائة كيلو غرام من المتفجرات، إلا أنها في الوقت ذاته تشير إلى تغير نوعي بات ملحوظا في أسلوب تنفيذ الهجمات منذ أن انضوت الجماعة السلفية تحت لواء القاعدة أواخر 2006. تغيير الاسم قد يتطلب تغيير المنهج أو حتى الأيديولوجية، فنتائج الهجمات التي شهدتها الجزائر خلال العامين الماضيين على يد الجماعة السلفية وتحديدا منذ أن انضمت لتنظيم القاعدة تشير من وجهة نظر كثيرين إلى تحول ملموس في أيديولوجيتها، وهو ما عكسه تحول عملياتها من كمائن منظمة تستهدف قوات الأمن إلى عمليات انتحارية. الهجمات الانتحارية وإن نجحت في النيل من المؤسسات الحكومية أو الأممية في الجزائر إلا أن قسما كبيرا منها تركز في العاصمة ومحيطها، ما قد يشير إلى تعرضها لحصار أمني خانق يحول دون انتقالها إلى مناطق أخرى من الجزائر. الجماعة السلفية في الجزائر تؤكد دائما أن العملية السياسية لا تندرج في قائمة أولوياتها، إذاً ماذا تريد؟ سؤال لم تتضح إجابته بعد، بينما يواصل الجزائريون سداد فواتير الصراع الممتد على مدى ما يقرب من ثلاثين عاما.
[نهاية التقرير المسجل]
خديجة بن قنة: ومعنا في هذه الحلقة على الهاتف من الجزائر سعيدة بن حبيلس رئيسة التحالف الوطني للجمعية النسائية الحاصل على جائزة الأمم المتحدة للمجتمع المدني ومؤسسة الفيدرالية العالمية لجمعية ضحايا الإرهاب، معنا من لندن محمد العربي زيتوت الدبلوماسي الجزائري السابق والناشط السياسي والحقوقي، ومعنا عبر الهاتف من الجزائر أيضا الكاتب الصحفي فيصل مطاوي، أهلا بكم جميعا. أبدأ معك أستاذ زيتوت في لندن، في أي سياق تفهم هذه العملية الأخيرة؟
محمد العربي زيتوت: السلام عليكم ورحمة الله. تحياتي لك وللمشاهدين الكرام وابتداء دعيني أقدم خالص تعازيي للذين سقطوا اليوم والذين من أي جهة كانوا والذين يسقطون في واقع الأمر منذ 11/ جون في 1992 التاريخ المعروف للانقلاب الذي قامت به جماعة من الجنرالات وأدخلت الجزائر في جحيم حقيقي من العنف شهد أعمق ما شهد في منتصف التسعينات وما زال مستمرا لحد الآن. نحن استمعنا قبل ثلاثة، أربعة أسابيع إلى وزير الداخلية وإلى رئيس البوليس كلاهما صرح بأنهم انتصروا على الإرهاب وأنهم قضوا على العنف في الجزائر وعلى الجماعات المسلحة، وصرح آخر أيضا وقال إنهم في أسوأ الأحوال يعيشون الربع ساعة الأخير. أنا أتذكر عندما كنت في وظيفة رسمية في سنة 1993 كانت تأتي تعليمات من الخارجية الجزائرية تقول عليكم أن تقولوا لزملائكم الدبلوماسيين في الدول التي هم متواجدون فيها إن الإرهاب يعيش الربع ساعة الأخير، يبدو أن هذا الربع ساعة امتد 15 عاما ويبدو أن الدقيقة في الجزائر تساوي سنة وللأسف الذي يتضرر هو الدولة الجزائرية والذي يتضرر هو الشعب الجزائري والذي يتضرر هو المجتمع ككل.
خديجة بن قنة: طيب دعنا ننتقل بهذه الفكرة إلى السيدة سعيدة بن حبيلس في الجزائر، سيدة سعيدة بن حبيلس يعني استمعنا إلى وزير الداخلية الجزائري يقول يعني هذا الهجوم جاء كرد فعل على الهجمات أو الضربات الموجعة التي تلقاها المسلحون على يد قوات الأمن والجيش في الفترة الأخيرة، كيف تكون هذه الضربات موجعة والتفجيرات مستمرة؟
سعيدة بن حبيلس: مساء الخير، قبل كل شيء بودي أن أذكر أنه لو لم يغلق العالم أبوابه ولم.. يعني السبب في مواصلة الإرهاب هو أن يعني صوت الجزائر لم يسمع في الوقت بالذات، قبل أحداث 11 سبتمبر 2001 كانت الجزائر تقول إن الإرهاب ظاهرة دولية عابرة للأقطار ولا بد من تضامن دولي وتنسيق دولي لمكافحة الإرهاب. يعني شيء نتأسف له انتظروا حتى وقعت حادثة أحداث 11 سبتمبر 2001 في نيويورك واستيقظ العالم آنذاك ولو استمع وأصغى لصوت الجزائر والجزائريات والجزائريين الذين كانوا يصمدون داخل الجزائر لا خارج الجزائر، في لندن، وبحقد بسبب أغراض شخصية هذه قوسين فقط. العمليات متواصلة طبيعي متواصلة عبر العالم لكن الإنسان يكون موضوعي، كيف كانت حالة الجزائر في السنوات الماضية وكيف أصبحت العمليات من حين إلى آخر وأشاطر تحليل وزير الداخلية الذي يقول نعم إن الإرهاب أخذ ضربات قاسية تجعله من حين لآخر يعني ردود فعل..
خديجة بن قنة (مقاطعة): يعني الإرهاب تلقى ضربات قاسية، سيدة سعيدة يعني الإرهاب تلقى ضربات قاسية يقول المسؤولون الجزائريون، لكن نحن اليوم 10 أغسطس/ أوت تفجير انتحاري في زموري، يوم 3 أغسطس تفجير انتحاري في تيزي وزو، 23 يوليو/ جويليه تفجير انتحاري في الأخضرية، 8 حزيران/ يونيو هجوم بالأخضرية، يعني هذا التقارب، والآن أنتقل إلى فيصل مطاوي، هذا التقارب في وتيرة العمليات يوحي بماذا؟ ماذا تقرأ في تقارب سلسلة العمليات هذه؟
فيصل مطاوي: هو هذا التقارب مرتبط بشيء يسمى بالتراخي الأمني، فتلاحظون أن ما يسمى بجماعة القاعدة في المغرب الإسلامي وهذه الجماعة لا يعترف فيها بالجزائر، لما نتحدث عن جماعة الدعوة والقتال، تنشط مثلما تريد وأينما تريد وكلما تريد، فكان في السابق مدير الأمن السيد علي تونسي قد صرح أن هناك مخطط لمواجهة العمليات الانتحارية داخل المدن، أين هذا المخطط؟ الجماعة ضربت في البويرة في نهاية الشهر الماضي، ضربت دورية من الجيش فكان هناك جرحى فقط في وسط الجيش، ضربت كذلك تيزي وزو وضربت بالأمس بزموري، تأتي بمتفجرات كميات سبعمائة كليو متر من المتفجرات، من أين تأتي بها؟ لماذا عناصر الأمن الجزائرية لا تتقفى هذه الجماعات؟ لماذا لا تتبعها؟ ولماذا وزير الداخلية الذي يكثر من التصريحات، آخرها يوصل أولها، يقول إن هذا رد على ضربات موجعة؟ فماذا سيحدث في المستقبل؟ المشكلة الأساسية، خديجة، أن السلطات الجزائرية لم تقرر بعد هل تستأصل ما تسميه الإرهاب؟ هل تواصل عمليات المصالحة؟ كيف تواصل عملية المصالحة؟ من يستفيد منها؟ وكيف تكون هناك الخطط الأمنية؟ فجماعة القاعدة في المغرب الإسلامي التي يبدو أنها لا تضرب إلا في الجزائر يعني تضرب مثلما تريد وهناك شيء يشبه تبادلا في المعلومات أو تبادلا يعني في الخطة النفسية لأن جماعة القاعدة في المغرب الإسلامي تستعمل (الإنتر) ووزير الداخلية يصدر التصريحات، فمن يقول بالحقيقة ومن يعني يطمئن الجزائريين؟ السؤال يعني يبقى مطروحا.
خديجة بن قنة: طيب زيتوت في لندن، يعني أنت كيف تقرأ أهداف هذه التفجيرات؟ يعني ما الهدف منها؟ ماذا يريد منفذوها ومدبرو هذه العمليات، ماذا يريدون؟
محمد العربي زيتوت: تفجيرات مثلها مثل الذين يذهبون في.. هناك الهروب الكبير من الجزائر الآن، هناك من يهرب إلى الجبال، هناك من يهرب في قوارب موت، هناك من يهرب بتأشيرات مزورة، هناك من يهرب بهجرة رسمية وغير رسمية وهناك من يهرب بأي طريقة، هناك من يهرب إلى المخدرات، هناك فشل كامل للدولة الجزائرية التي استولت عليها المافيا. وهذا القول يعود حتى لرئيس الوزراء الراهن الذي قال إن الدولة الجزائرية استولت عليها المافيا، الجزائر استولت عليها المافيا، الجزائريون تضيق بهم الجزائر ولا يلقون سبيلا فكل واحد أصبح يتبع الطريقة التي يعتقد فيها. هؤلاء شباب غاضب هناك منهم من يذهب في قوارب ولكن هناك من يقرر أن يذهب إلى الجبال، القضية إذا بدأنا ما زلنا نتحدث عن القاعدة وعلى أن الضربات الموجعة وعلى الربع الساعة الأخير ولم يكن هناك نظام حكم شعبي نابع من الإرادة الشعبية نابع من قبول الجزائريين فإننا سنبقى في نفس الدوامة، 16 عاما مضت ولا يزال مائتي ألف قتيل ولا يزال دمار كامل للمجتمع، للدولة للجزائرية للمجتمع الجزائري ولا نزال في حلقة مفرغة. ضف إلى ذلك أنه هناك جماعات بالإضافة إلى هذه الجماعات الغاضبة التي تسمى إسلامية أو قاعدة، سمها ما شئت، هناك جماعات مرتبطة بالنظام ذاته تريد أن يبقى العنف لأنها مستفيدة من بقاء العنف، هناك نظرية الحد الأدنى المطلوب من العنف الذي تمارسه، لم نسمع مثلا عن خمسة جنود ذبحوا أول أمس في غيلما في منطقة عين شجرة ولم نسمع عن ما حدث في الواد، ولم نسمع عن ما حصل في تلمسان، هناك عمليات مستمرة..
خديجة بن قنة (مقاطعة): من أية مصادر هذه؟
مصدر المعلومات يأتي من جهة واحدة وهي وزارة الداخلية في الغالب وبعض الصحفيين المرتبطين بها، والأخبار في الغالب لا تأتي بمصداقية ولا تأتي بحقيقة الوضع البائس في الجزائر |
محمد العربي زيتوت: هذه مصادر صحفية ذكرت أن هناك خمسة جنود ذبحوا في باتنا، في عين شجرة، وذكرتها اليوم توسيرلالجيري الموقع استند إليها. ضف إلى ذلك هناك مشكلة، مصدر المعلومات يأتي من جهة واحدة وهي وزارة الداخلية في الغالب وبعض الصحفيين المرتبطين بها، هذه الأخبار في الغالب لا تأتي بمصداقية ولا تأتي بحقيقة الوضع، الوضع في الجزائر بائس بكل المعطيات..
خديجة بن قنة (مقاطعة): سيدة سعيدة بن حبيلس استمعت إلى محمد العربي زيتوت يعني ركز من ضمن ما قال، من ضمن كلامه على أن هناك تقاطع بين هذه العمليات وبين حالة الغضب الاجتماعي والاحتقان الاجتماعي الموجودة في البلد، كيف تردين؟
سعيدة بن حبيلس: لا أظن ذلك، يعني بكل صراحة، الشباب الجزائريين مهما كانت همومهم مرتبط الجزائر، مهما كانت ردود فعله في فئة اختارت وسيلة للعنف، استغلت لم تختر، استغل ارتباطها بالإسلام، استغلت مشاكلها الاجتماعية حتى تصبح إرهابية. لكن في نسبة كبيرة من.. في مشاكل في الجزائر نعم، لكن أقولها بصراحة وكامرأة في الميدان أنا أترأس حركة نسائية للتضامن مع الأسرة الريفية وعايشة في أعماق الجزائر والشباب الجزائري رافض رفضا قاطعا العمليات الإرهابية، من هم الضحايا؟ الأمن الوطني، من هو الأمن الوطني؟ أبناء الشعب الجزائري. ما فيش طليعة، هي من الأمن الوطني، من الشرطة، من الدرك، من الجيش، هم أبناء الجزائر..
خديجة بن قنة (مقاطعة): نعم سنواصل النقاش في هذه النقطة وفي تداعيات هذه، استمرار هذه العمليات على مشروع المصالحة الوطنية في الجزائر ولكن بعد وقفة قصيرة فلا تذهبوا بعيدا.
[فاصل إعلاني]
خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا بكم من جديد. حلقتنا تبحث إذاً في أبعاد تفجير بومرداس بالجزائر. فيصل مطاوي، هل تلاحظ أن هناك تغيرا نوعيا في هذه العمليات في أسلوب الهجمات منذ انضواء الجماعة السلفية للدعوة والقتال تحت لواء القاعدة؟
فيصل مطاوي: نعم هو التغير النوعي هو أن الجماعات هذه أصبحت تحدد أهدافها بحيث أنها تضرب مصالح الشرطة، والسيد زرهوني وزير الداخلية قد قال منذ أيام إن الجماعات ضربت في تقريبا نحو سنة وفي نفس المنطقة منطقة القبائل حوالي سبع وحدات تابعة للأمن، وبالتالي فهناك يعني تحديد في العمليات خاصة داخل المدن. السؤال المحير هو أنها كيف تصل بهذه السهولة إلى داخل المدن؟ مثلا مدينة تيزي وزو ومدينة (زموره) وبومرداس خلال أسبوعين ثلاث تصل إلى هذه الأماكن دون أن يكون هناك تقفي من قبل وسائل الأمن الجزائرية التي لها خبرة كبيرة في محاربة هالنوع من العمليات، العمليات الإرهابية يعني منذ حوالي 16 سنة.
خديجة بن قنة: يعني بخبرة 16 عاما، محمد العربي زيتوت، لدى الدولة وقوات الأمن والجيش الجزائري ما زالت هذه العمليات مستمرة إلى اليوم، كيف نفهم هذا الاستمرار حتى الآن؟
محمد العربي زيتوت: إذا استمعنا على المسؤولين الجزائرين فعلى الناس أن يفقدوا عقولهم حتى يفهموا شيئا! لا يمكن أن يبرر ما يحدث، هناك ما يقارب من تسعمائة ألف رجل أمن سواء رسمي عن طريق الجيش، الدرك، البوليس، الأمن، المخابرات، الميليشيات، الباتريوت، الحرس البلدي، عددهم يساوي حوالي 960 ألف، ضف إلى ذلك أن هناك حوالي نصف مليون يشتغلون كمخبرين لهذه الأجهزة، ومع ذلك قال لنا وزير الداخلية إن عدد هذه الجماعات 350 شخصا، كيف يعقل أن 350 شخصا تُعجز ما يزيد عن المليون؟! هذا غير منطقي، إذاً هناك أشياء أخرى وأسباب أخرى لهذه الأحداث. أولا، الأسباب، وهناك تقاطع جهات أمنية مع بعض الجماعات تسهل لها العمليات بشكل مباشر أو غير مباشر، ضف إلى ذلك أن هناك صراعات كبيرة داخل النظام الجزائري وبالتالي لم تعد هناك دولة أصبحت هناك مجموعات تتولى الحكم، عصابات محلية تتولى الحكم، رئيس الوزراء الراهن أويحيى قال إن الجزائر استوليت عليها المافيا، إن الدولة الجزائرية استولت عليها المافيا. هناك مافيا التجارة الخارجية، مافيا العقار، مافيا السوكوهات، مافيا استولت على الجزائر وأصبحت تستخدم الجيش الجزائري اللي هو بالفعل أبناء الشعب الجزائري، وهؤلاء الشباب الذين يفجرون أنفسهم أبناء الشعب الجزائري وهؤلاء الحراقة الذين يذهبون في بواخر أبناء الشعب الجزائري كلهم جزائريون يدفعون ثمن استيلاء مافيا وعصابات على الدولة. إذا أردنا أن يتغير هذا الوضع، على هذا النظام أن يتغير. كل الذين يقتربون من هذا النظام حتى الذين كانوا مسؤولون كبار فيه يقولون الآن إن بقاء النظام خطر على الدولة الجزائرية، هذه الحقيقة التي لم تعد تبغي جدالا. أما الذين يقولون إنهم يتحدثون من عمق الجزائر وهم يعيشون في كلوب ديبان وهي المنطقة الخضراء في الجزائر فهؤلاء يكذبون على الناس منذ 16 عاما، منذ 16 عام وهم يكررون خطابات ليس لها أي معنى وفي آخر المطاف أدت إلى تحطيم الجزائر، الجزائر الآن جغرافيتها في خطر.
تأثير التفجيرات على مشروع المصالحة الوطنية
خديجة بن قنة: سعيدة بن حبيلس، استمرار هذه التفجيرات ألا يعكس أو ينذر على الأقل ببودار انهيار مشروع المصالحة الوطنية في الجزائر؟
سعيدة بن حبيلس: شكرا، نصلح للأخ، قال منطقة كلوب ديبان هي.. والعالم والجزائر والجزائريين يشهدون أنني امرأة بتاع ميدان، هذا نغلق القوس. بوادر الانفجار لا أظن أنها بوادر انفجار، بالعكس أنا أقول إن..
خديجة بن قنة (مقاطعة): لم أقل بوادر انفجار؟ وإنما انهيار مشروع المصالحة الوطنية سيدة سعيدة.
نتائج المصالحة الوطنية هي التي جعلت بعض الإرهابيين الذين ما زالوا متشبثين بوسائل العنف والقتل والتخريب ويصبوا حقدهم وغضبهم من خلال عمليات إرهابية |
سعيدة بن حبيلس: اللي هي بوادر انهيار مشروع المصالحة الوطنية، لا أبدا، أنا أقول إنها رد فعل لنجاح مشروع المصالحة الوطنية. يعني يا ريت الجزيرة تفتح لنا مجالا ونبعث لها شيء مسجل ما جرى بين ضحايا الإرهاب والتائبين في المناطق التي كانت تعد بمثلث الموت مناطق المدرية وعين الدفلى والشلت، إلى آخره. بالعكس، إن نتائج المصالحة الوطنية هي اللي جعلت يعني بعض الإرهابيين اللي ما زالوا متشبثين بوسائل العنف والقتل والإجرام والتخريب يعني يصبوا حقدهم وغضبهم من خلال عمليات إرهابية، يعني العمليات الإرهابية في عولمة وعولمة..
خديجة بن قنة (مقاطعة): فيصل مطاوي، هل ترى مثل سعيدة بن حبيلس أن مشروع المصالحة ما زال بخير؟
فيصل مطاوي: لا، أنا أختلف تماما مع السيدة بن حبيلس بل أقول إن مشروع المصالحة لأنه قد فشل فشلا ذريعا لأنه ما معنى أن تكون هناك تفجيرات في الجزائر وفي منطقة القبائل؟ مشروع المصالحة الذي أتى به الرئيس بو تفليقة لم يحترم قاعدتين هامتين في القانون الدولي، هي الحقيقة والعدالة. فإن الحقيقة والعدالة أنه كانت هناك جرائم من ذي قبل، كان هناك ناس ارتكبوا جرائم يعني من الطرفين من الجماعات المسلحة وعناصر من الأمن الجزائري، هذا المشروع الذي كان في 2005 لا نعرف إن كان يطبق بعد أم لا بحيث أن الوثيقة التي صوت عليها الجزائري تتوقف في زمن يعني ستة أشهر فقط، ولا نعرف من هم الذين استفادوا؟ كم هو عددهم؟ من هم الذين ذهبوا إلى القضاء، من هم الذين لم يذهبوا؟ ما هو عدد قطع السلاح التي استرجعت إلى غير ذلك. فهناك شيء يشبه الغموض يحوم حول هذا الموضوع. ضف إلى ذلك أن الرئيس عبد العزيز بو تفليقة لا يقول أي شيء حول العمليات التي تضرب الجزائريين فلا يندد ولا يقول أي شيء بل أنه يلتزم الصمت وهذا الصمت أصبح يحير الجزائريين، زد إلى ذلك أن الرئيس بو تفليقة عندما ينتقل إلى الولايات مثلما كان الأمر منذ أسبوعين يكون محاطا يعني بحشد أمني رهيب يجعله يعني يبتعد عن الأهالي وبالتالي فإذا كان الأمر كذلك فما بالك بالأهالي الذي يعيشون في الأرياف كما تقول السيدة بن حبيلس.
خديجة بن قنة: طيب، محمد العربي زيتوت، يعني ما المطلوب اليوم؟ يعني كأرضية لحلول يمكن أن توفر يعني جوا مناسبا لمصالحة حقيقية بعيدا عن هذا العنف المتنامي؟
محمد العربي زيتوت: المطلوب كفانا خداعا كفانا كذبا كفانا نفاقا باستخدام المصطلحات، المصالحة لم تكن إلى مخادعة حقيقية، كما قال الأستاذ فيصل، المصالحة تفترض الحقيقة والعدالة، بدون حقيقة وبدون عدالة لن يكون هناك مصالحة. باختصار بسيط، ما قام به نظام الحكم الجزائري هو تثبيت لأركان الجماعة الحاكمة، المخابرات هي التي تحكم الجزائر ومعها آخرون قاموا بتثبيت قاموا بترقية كبار المجرمين داخل جهاز المخابرات وداخل جهاز القوات الخاصة وقاموا أيضا بالسماح لمجرمين كانوا في الجبل باسم الإسلام، هؤلاء وهؤلاء ذبحوا الجزائريين وذبحوا الجزائر. لا يمكن ولا يعقل أن تكون هناك مصالحة وفي نفس الوقت هناك ملايين من الجزائريين يتأثرون ولا نعرف من قتل من ولماذا! لا بد من حقيقة، تشريع حقيقة الوضع ثم أن تكون هناك عدالة كاملة ثم يكون هناك حل لهذا الإشكال. إذا لم نذهب في هذا الاتجاه فنحن نذهب في طريق مسدود نحن نذهب لانفجار كامل نحن نذهب نتجه نحو فوضى كاملة قد تؤدي لا قدر الله إلى انكسار الجغرافيا الجزائر، الآن الجغرافيا في خطر بعد أن تهدمت الدولة وأفرغت من مؤسساتها بعد أن تهدم المجتمع وأفرغ من محتوياته الآن تتهدم الجغرافيا والتراب الوطني في حد ذاته، وهذا هو الخطر القادم، وهناك قوة دولية متربصة وهناك قوى دولية تسعى لذلك وهناك تضخيم للقاعدة في الجزائر. وهذا إذا بقينا في هذا الاتجاه وفي هذا الخطاب، الخطاب الحكومي الراهن فإننا للأسف نتجه إلى كوارث غير مسبوقة و..
خديجة بن قنة (مقاطعة): الخطاب الحكومي الراهن، والسؤال لسعيدة بن حبيلس وللنخب السياسية اليوم في الجزائر، كله اليوم ينحصر في إطار الحديث عن العهدة الرئاسية، عن التعديل الدستوري، البلد مقدم على استحقاقات دستورية وانتخابية قادمة، يعني كيف يمكن اليوم.. ألا يخشى أن يؤثر هذا الجو على هذه الاستحقاقات المقبلة في البلاد؟
سعيدة بن حبيلس: أريد أن أذكّر باستحقاق هام عبر التاريخ الجزائري هو الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 1995، آنذاك المجموعات الإسلامية رفعت شعار أن صناديق الاقتراع ستحول إلى صناديق موتى، والعالم أجمع بأسره والجزائريون الذين كانت دول الأعداء في العالم يعني راهنوا على أن الوضع سينفجر في الجزائر والشعب الجزائري في يعني أشد الأوقات، 1995 وما أدراك، خرج بقوة ورفع صوته واختار رئيسه لذا تعوّد الشعب الجزائري على رفع الرهانات، تعوّد الشعب الجزائري على المعجزات..
خديجة بن قنة (مقاطعة): شكرا جزيلا لك سعيدة بن حبيلس رئيسة التحالف الوطني للجمعيات النسائية كنت معنا من الجزائر، وأشكر أيضا ضيفي من لندن محمد العربي زيتوت الدبلوماسي الجزائري السابق والناشط السياسي والحقوقي، وكان معنا عبر الهاتف من الجزائر أيضا الكاتب الصحفي فيصل مطاوي، شكرا لكم جميعا. وبهذا نأتي إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر، بإمكانكم المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات القادمة بإرسالها على عنواننا الإلكترونيindepth@aljazeera.net غدا بحول الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، أطيب المنى وإلى اللقاء.