
جذور وتداعيات الصراع في أوسيتيا الجنوبية
– عوامل الصراع والأطراف المشاركة فيه
– حدود الصراع ومستقبله
![]() |
![]() |
![]() |
علي الظفيري: أهلا بكم. نتوقف في حلقة اليوم عند المعارك العسكرية المندلعة بين القوات الروسية والقوات الجورجية في أوسيتيا الجنوبية الساعية للانفصال عن تبليسي والتي تلقى دعما من موسكو ومعارضة من الغرب التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع القيادات الجورجية الحالية. نطرح في الحلقة تساؤلين، ما هي حدود الصراع الدائر حاليا في أوسيتيا الجنوبية ومن هي أطرافه الحقيقية والعوامل التي تغذيه؟ وهل ثمة مخاطر لاتساع رقعة هذه الحرب في ظل التوترات التي تعيشها منطقة القوقاز أصلا؟… لم تكن في الأفق نذر كثيرة بأن معارك بهذه الضراوة ستقع في أوسيتيا الجنوبية بين القوات الروسية والجورجية لكن استحضار مخزون الاحتقان بين موسكو وتبليسي يوفر مساحة لفهم جذور هذا الصراع وأبعاده، على أي حال فإن في ردة الفعل الروسية وتدخلها عسكريا رسائل وقراءات عدة فهي المرة الأولى منذ انهيار الاتحاد السوفياتي التي تقاتل فيها القوات الروسية خارج أراضيها.
[تقرير مسجل]
إيمان رمضان: لعل ميخائيل سكاجفيلي لم يكن يدرك أن هذه المعركة داخل أروقة البرلمان ستأخذه إلى معركة أخرى متعددة الجبهات، فالثورة الوردية وإن نجحت في طي صفحة سياسية من تاريخ جورجيا إلا أنها لم تخل من أشواك الحركات الانفصالية إحدى جبهات تلك المعركة. بدأ التأزم في العلاقات الروسية الجورجية عندما دعمت موسكو انفصال أوسيتيا الجنوبية عام 1991 وما تبعه من حرب ضارية أودت بحيات المئات، ورغم اتفاق الهدنة الذي توصلت إليه الأطراف الثلاثة ونشر قوات حفظ سلام تمثلها في جورجيا فقد تواصلت اتهامات تبليسي لموسكو بدعم سياسي ولوجستي لم ينقطع للانفصاليين في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. سكاجفيلي هنا لا يؤدي اليمين الدستورية فحسب بل يتعهد أيضا بالحفاظ على وحدة التراب الجورجي وقمع التمرد لا سيما على أطرافه الشمالية. الرئيس الجورجي المنتخب يتعهد أيضا بأن لا تكون بلاده ساحة معركة روسية أميركية أوروبية وهنا ينتقل الصراع بين جورجيا وأقاليمها المتمردة عليها إلى مرحلة مختلفة دفعت أوسيتيا الجنوبية إلى رفض عرض جورجي بمنحها الحكم الذاتي ولكن تحت سيادة الدولة الجورجية، عرض أيدته موسكو وقتها وتذهب أوسيتيا الجنوبية إلى أبعد من ذلك فتقيم استفتاء شعبيا عام 2006 حول انفصال الإقليم وإعلانه دولة مستقلة عن حكومة تبليسي وسط رفض أوروبي وتأييد روسي لنتائجه التي حسمت لصالح الاستقلال. الحرص على عدم التورط في معركة روسية أميركية لا يخلق بالضرورة مانعا من طموح جورجي بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، واشنطن تقترب أكثر فأكثر إذاً من المدار الروسي، سيناريو دفع موسكو من وجهة نظر تبليسي إلى بذل كل ما بوسعها للحيلولة دون ذلك، للحيلولة دون انضمام جورجيا للناتو، فلقد قدرت الجغرافيا أن تكون جورجيا منطقة ساخنة تتقاطع فيها المصالح الأوروبية الأميركية الروسية بل وتتشابك في كثير من الأحيان، فلا شك كان لتوقيع جورجيا اتفاقا لمد أوروبا بالنفط عبر خط أنابيب يمر عبر أراضيها بعيدا عن روسيا كان له كبير الأثر على توتر العلاقات الروسية الجورجية، نار صراع دولي مع روسيا تشتعل تحت رماد السعي من أجل الاستقلال تؤججها الجغرافيا السياسية وثروات بحر قزوين، وإلى أن تحسم نتائج الصراع قد تكون جورجيا والمنفصلون عنها كبش الفداء.
[نهاية التقرير المسجل]
عوامل الصراع والأطراف المشاركة فيه
علي الظفيري: ولمناقشة هذا الموضوع معي من موسكو حيدر أغانين مدير قناة روسيا اليوم الأخبارية، ومن واشنطن ريتشارد وايتز مدير البرامج في معهد هدسون للدراسات والمتخصص في الشؤون الروسية، مرحبا بكما. أبدأ معك سيد حيدر في موسكو، برأيك من بيده إنهاء هذا الصراع؟
حيدر أغانين: أعتقد من بدأ بهذه الحرب هو يستطيع أن يوقفها، النظام الجورجي.
علي الظفيري: برأيك هل النظام الجورجي هو من بدأ هذه المعركة فعلا؟
حيدر أغانين: من دون شك ما هو نحن القناة الإخبارية، أنتم القناة الإخبارية، نحن شاهدنا كل التفاصيل، كل المستجدات على الشاشة.
علي الظفيري: كيف بإمكانه الآن إيقاف هذه الحرب أو هذا الصراع؟
حيدر أغانين: أنا قرأت على شريط قناتكم أن الرئيس الجورجي يدعو إلى وقف النيران أو وقف القتال، ولماذا هو لا يوقف القتال؟! لماذا تتواصل العمليات العسكرية؟! مراسلنا حاليا موجود في سكنفاليا وهو يخبرنا دائما عن القصف الشديد من الجانب الجورجي.
علي الظفيري: لكن هناك طرفان في هذا الصراع، لا يستطيع الطرف الجورجي إيقاف هذا القتال بمفرده يجب أن يقابله إيقاف من قبل الطرف الآخر.
حيدر أغانين: فعلا، ولكن حسب معلوماتنا الطرف الجورجي حتى لا، ما قدم أي مقترح رسمي عن وقف النيران.
علي الظفيري: السيد ريتشارد وايتز في واشنطن، هل الصورة هكذا فعلا؟ جورجيا بدأت الصراع وجورجيا هي من بيدها الآن إنهاء هذا الصراع أو إيقافه؟
ريتشارد وايتز: أعتقد أنه من الصعوبة بمكان أن نقول من الذي بدأ بالقتال، كان هناك حادث قتل فيه بعض الجنود الجورجيين بسبب انفجار لغم أرضي، بعض الناس تكهن بأن هذا كان عملا استفزازيا من قبل أوسيتيا الجنوبية لإثارة صراع أو من جانب جورجيا ليكون ذريعة للبدء بالشأن الحربي. من الصعب أن نقارن لكن الأحداث تسارعت فيما بعد والسؤال الآن هو كيف يمكن أن نوقف هذا النزاع؟ السيناريوهات التي تقول على أن روسيا هي انتصرت أو جورجيا أو تطالب بالعودة إلى الوضع الذي كان سائدا قبل الأزمة يجعلنا من الصعب أن نتكهن، بعض السيناريوهات يمكن أن نستبعدها ولكن على أية حال الوضع أقل وضوحا مما يحاول البعض تصويره.
علي الظفيري: سؤالي الآن، الذي يوقف الحرب يوقف القتال الدائر هناك هو الحسم العسكري على الأرض أم التفاوض بين الأطراف الرئيسية في هذا القتال؟
ريتشارد وايتز: الأمر لا يبدو وكأن الجانب الجورجي سيستطيع حسم الأمور عسكريا والاستيلاء على أوسيتيا الجنوبية بقوة السلاح لذا نستبعد هذا الاحتمال ونعتقد أن الروس مستعدون للزج بقوات كبيرة لاحتلال كامل ذلك الإقليم، هذا أيضا مستبعد، إذاً يبدو أن هناك سيكون نوع من وصول الأمور إلى طريق مسدود والمحاولة إلى الوصول إلى الحالة التي كانت سائدة قبل اندلاع هذه الأزمة الحالية ومن الصعب التكهن حقيقة ولكن يمكننا مع ذلك أن نقول إن بعض المبادرات أو التحركات الجديدة قد تظهر وهو من خلال إعلان أوسيتيا الجنوبية الاستقلال ودعم روسيا لذلك ودعوة الأوسيتيين لدخول الجيش الروسي وهذا الاحتمال هو أكثر ما تخشاه واشنطن حاليا.
علي الظفيري: السيد حيدر في موسكو، تعتقد أن أطراف الصراع هي روسيا من جهة وجورجيا من جهة أخرى بينهما طبعا أوسيتيا الجنوبية، أم هناك أطراف أخرى في هذه المعركة؟
الصراع بين الطرف الأوسيتي الجنوبي والجورجي بدأ منذ أكثر من مائة سنة، والقوات الروسية دخلت لتكون بين الأطراف في هذا الصراع كقوات لحفظ السلام |
حيدر أغانين: أولا أحب أن أقول إنه يوجد طرفان، الطرف الأوسيتي الجنوبي والطرف الجورجي والصراع بين الطرفين بدأ منذ أكثر من مائة سنة وفي 1991 استطاعت جمهورية أوسيتيا الجنوبية أن تنفصل عن جورجيا ولو حتى بشكل غير رسمي وكانت تعيش باستقلالية إلى حد ما والقوات الروسية دخلت لتكون بين الأطراف في هذا الصراع وتكون قوات حفظ السلام، فالأزمة أو العمليات العسكرية بدأت بين القوات الجورجية وقوات أوسيتيا الجنوبية وروسيا تدخلت فقط بعد مقتل عشرة، وبعد ذلك ارتفع عدد القتلى إلى 12، من جنودها من قوات حفظ السلام.
علي الظفيري: الآن روسيا طرف في هذا القتال أم لا؟
حيدر أغانين: روسيا تحاول أن توقف الحرب لتكون بين الأطراف في هذا النزاع.
علي الظفيري: إيقافها بالاشتراك في القتال وليس كقوة محايدة؟
حيدر أغانين: بردع العدوان.
علي الظفيري: العدوان الجورجي طبعا كما تصفه أنت.
حيدر أغانين: طبعا، طبعا.
علي الظفيري: بالنسبة للطرف الآخر هل تعتقد أن جورجيا بمفردها تقاتل في هذه المعركة أم أطراف أخرى تساندها؟
حيدر أغانين: بشكل عسكري جورجيا تقاتل زي ما هي ولكن سياسيا طبعا هي تحصل على دعم معنوي وسياسي أجنبي يعني بشكل كبير، وهذا معروف هذا واضح.
علي الظفيري: قد يكون معروفا لك لكن قد لا يكون معروفا بالنسبة للبعض بالتالي نريد تأكيده أو توضيحه. سيد وايتز، الولايات المتحدة الأميركية هي الحليف الرئيسي لجورجيا، حلف الناتو بأكمله هو حليف رئيسي لجورجيا وكأنه يقف أو ترك مسافة بينه وبين جورجيا في هذا القتال الدائر الآن؟
ريتشارد وايتز: أعتقد أننا لا نستطيع أن نقول إن حلف الناتو بكامله يؤيدون جورجيا فالكثير من البلدان ذات التأثير فيه مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة تؤيد جورجيا لكن هناك بلدانا أخرى أقل تأييدا، لكن هذا ليس دعما عسكريا في أي حالة من الأحوال إنه درجات متفاوتة من الدعم السياسي وليست هناك رغبة في التدخل لا الآن ولا في المستقبل..
علي الظفيري (مقاطعا): طبعا هذا واضح يعني ما قلته فعلا واضح، ألمانيا أدانت جورجيا، أعتذر طبعا على مقاطعتك، ألمانيا أدانت جورجيا وبالتالي هي تقف أو تقترب بموقفها من روسيا، لكن ما قيمة هذا التحالف؟ ما قيمة هذه المواقف المتقاربة من قبل أميركا بريطانيا فرنسا إن لم تساند جورجيا في موقف صعب تعيشه البلاد الآن؟
ريتشارد وايتز: لا يوجد هناك أي احتمال لدعم فوري من الغرب من الناحية العسكرية، الدعم ربما سيتخذ شكلا سياسيا وربما إحدى تداعيات هذا النزاع هو جعل بعض البلدان في حلف الناتو ممتعضة أو غير راغبة في انضمام جورجيا إلى حلف الناتو تصبح أشد تمسكا بموقفها فهي لا تريد أن تدخل في عضويتها بلدا يدخل في حروب ونزاعات عسكرية مع روسيا، فهذه ليست رغبة حلف الناتو، إذاً التأثير الفوري أو الآني من حيث علاقة جورجيا بالناتو أعتقد هي ستكون سلبية، أعتقد أن قيادة جورجيا أخطأت بتصورها أنها قد تحصل على دعم أكبر من قيادة الناتو.
علي الظفيري: بعد الفاصل مشاهدينا الكرام سنستكمل النقاش خاصة في المخاطر من اتساع رقعة هذه الحرب، الآن نتوقف مع أبرز بؤر التوتر في منطقة القوقاز.
[معلومات مكتوبة]
القوقاز- صراعات عرقية وسياسية
أوسيتيا الجنوبية:
_ إقليم داخل جورجيا.
_ تعداد سكانه 70 ألفا.
_ الديانة الرئيسية المسيحية.
_ كانت بين أول بؤر الصراع في المنطقة مطلع التسعينيات حينما أعلنت الانفصال عن جورجيا فدخلت في صراع معها. تجدد الصراع عام 2004.
أوسيتيا الشمالية:
_ جمهورية داخل الاتحاد الروسي.
_ سكانهانحو 700 ألف نسمة.
_ الديانة الرئيسية: المسيحية.
عام 1992 اندلع صراع بينها وبين إنغوشيا. اتهم إنغوشيون بالوقوف وراء حصار مدرسة بيسلان الشهير.
إنغوشيا:
_ جمهورية داخل الاتحاد الروسي
_ سكانها نحو 500 ألف نسمة
_ الديانة الرئيسية الإسلام
_ لديها خلاف حدودي مع أوسيتيا الشمالية فانفجر صراعا مسلحا عام 1992. تأثرت بعدم الاستقرار في الشيشان التي تربطهما علاقات تاريخية وثقافية ولغوية.
الشيشان:
_ جمهورية داخل الاتحاد الروسي.
_ السكان 1,1 مليون نسمة.
_ الديانة الرئيسية الإسلام.
_ أعلنت استقلالها عن روسيا عام 1991. خاضت مواجهة عسكرية مع موسكو بين 1994 و1996. تجددت المواجهة عام 1999.
داغستان:
_ جمهورية داخل الاتحاد الروسي.
_ سكانها 2,5 مليون نسمة.
_ الديانة الرئيسية الإسلام.
_ ارتبط استقرارها كثيرا بالوضع في الشيشان لقربها وعلاقاتها التاريخية معها. استخدمها الشيشانيون كممر للإمداد. شهد العام 1999 مواجهات دامية مع الجيش الروسي.
أبخازيا:
_ جمهورية داخل جورجيا.
_ سكانها 500 ألف نسمة.
_ خاضت معارك طاحنة عام 1993 إثر إعلانها الانفصال. تلقى دعما قويا من روسيا ودعما من المقاتلين الشيشان.
[نهاية المعلومات المكتوبة]
[فاصل إعلاني]
علي الظفيري: أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام، حلقتنا اليوم تبحث في جذور وتداعيات الصراع الروسي الجورجي في أوسيتيا الجنوبية. سيد حيدر في موسكو، برأيك هل هذا الصراع قابل للاتساع أم أنه يعني مقتصر على هذه الأرض أو المساحة التي يدور فيها الآن؟
حيدر أغانين: لا، أنا أعتقد.. أولا أنا أود أن أقول إنه لماذا أنتم تقولون الصراع الروسي الجورجي؟ هو الصراع الأوسيتي الجورجي، الصراع العرقي بين شعب وشعب ثاني وروسيا تدخلت لوقف الاقتتال وروسيا من البداية كانت موجودة في هذه المنطقة..
علي الظفيري (مقاطعا): نعم، طبعا هذا ليس موقفا أستاذ حيدر ولكن روسيا، يعني هذا أعتقد أنت تعمل في المجال الأخباري ونتجاوزه، روسيا تقف إلى جانب أوسيتيا الجنوبية في هذا الصراع ولديها خلافات مع جورجيا وهذا القتال نتج عنه قتال بين قوات جورجية وروسية فبالتالي هي بشكل أو بآخر طرف في هذا الصراع.
حيدر أغانين: القوات الروسية وجودها شرعي لأنه هذا وجودها لغرض حفظ السلام، وحفظ السلام أحيانا يأخذ شكل فرض السلام على الأطراف، لو لدى الأطراف لا يوجد نية لدعم السلام ونحن نقول إن اتساع الصراع، اتساع الصراع إلى أين؟ أنا أعتقد أن الصراع أو العمليات العسكرية لا بد أن تنتهي، الجانب الجورجي يجب أن يوقف النيران خاصة من الأسلحة الثقيلة لأن هذا المخطط بشكل من الهجوم السريع أو محاولة الاستيلاء السريع على أوسيتيا الجنوبية فشل، وباعتقد أنه على الجانب الجورجي الاعتراف بفشل هذا المخطط والعودة إلى الطرق السلمية وإلى التفاوض والدخول إلى الحوار مع الجانب الأوسيتي لأنه في الآونة الأخيرة الجانب الجورجي جرب أكثر من أسلوب لحل النزاع بالسيناريو الجورجي إلا الحوار.
علي الظفيري: نوجه السؤال نفسه إلى السيد وايتز في واشنطن، هل الصراع محدود بهذه المساحة في أوسيتيا الجنوبية أم قابل للتوسع برأيك؟
النزاع اتسع نطاقه إلى مناطق أخرى متنازع عليها وهي منطقة أبخازيا، وهناك سكان يميلون أكثر نحو موسكو أكثر من ميلهم إلى تبليسي، وبعض السكان الأصليين تم طردهم في الصراعات مع بداية التسعينيات |
ريتشارد وايتز: حسب فهمي للوضع فإن النزاع قد اتسع نطاقه من الآن إلى مناطق أخرى متنازع عليها بين جورجيا و.. ألا وهي منطقة أبخازيا تحديدا والوضع هناك يشبه الوضع في أوسيتيا فهناك سكان يميلون أكثر نحو موسكو أكثر من ميلهم إلى تبليسي وبعض السكان الأصليين تم طردهم في الصراعات عندما اندلعت في بداية التسعينيات، بعض السكان ما زال خائفا من عودة الجورجيين وطردهم، معظمهم أصبح من المواطنين الروسيين وأيضا وجود الجيش الروسي أصلا هناك لحمايتهم، إذاً من خلال قراءتي للموقف يبدو لي أن الانفصاليين الأبخازيين قد استغلوا الوضع لشن هجومهم مما قد يستولد ويستحث نزاعا أو رغبة في الانفصال وهذا قد يمتد إلى مناطق أخرى إذا ما شئتم يمكن أن نتحدث عنها.
علي الظفيري: ما هي؟ تفضل.
ريتشارد وايتز: أعتقد أن عامل الخوف الأساسي هنا هو أننا قد نرى تسربا لهذا النزاع إلى منطقة ناغورنو كراباخ وتذكيرا لمشاهديكم هذا من نوع الانفصال أو النزاع الذي نراه الآن وبدأ في نفس وقت الحروب الأهلية الجورجية والأرمن طردوا السكان الأذربيجانيين من ناغورنو كراباخ والذين كانوا، كان معظم سكان المنطقة من الأرمن أصلا، وبعد ذلك ذهبوا إلى.. واحتل الأرمن مناطق من أذربيجان وهم موجودون فيها حتى الآن وكما هو الحال مع جورجيا فهناك علاقات طيبة مع جورجيا وأيضا الأذربيجانيون سيفكرون كقيادة عسكرية وسياسية، وهم يتسلحون الآن، سيسعون لاستعادة السيطرة على المناطق التي خسروها كما هو محل تكهنات الآن في جورجيا.
علي الظفيري: هذه إضاءات مهمة حقيقة على وجه السرعة وعلى مستقبل هذا الصراع الممكن. سيد حيدر في موسكو، سؤالي الأخير في هذه الحلقة، بوتن كما قال إن ما قامت به جورجيا وجه ضربة قوية لوحدة أراضيها، هل يعني هذا أن أوسيتيا الجنوبية انتهت علاقتها الآن، بالمفهوم الروسي، انتهت علاقتها بجورجيا؟
حيدر أغانين: ليس فقط بالمفهوم الروسي، زي ما أنا قلت من قبل يوجد شعب جورجي وشعب أوسيتي وفي صراع عرقي بين الشعبين ولما الأخ يقتل الأخ الثاني فطبعا العلاقات بين العوائل تعيش على ظروف سيئة جدا، فبعد هذا القصف وبعد تدمير سكنفاليا كمدينة، بعد تدمير المستشفيات وبعد قتل كل هذه الناس وبعد 30 ألف لاجئ أنا لا أتصور كيف يستطيع الجانبان أن يعودا إلى الحوار، ولكن أنا أقول من جديد إنه لا يوجد طريق آخر إلا الحوار، إلا التفاوض.
علي الظفيري: جيد، هذا كان سؤالي الأخير لك وأوجهه أيضا إلى السيد وايتز في واشنطن في أقل من دقيقة إذا تفضلت سيد وايتز، هل روسيا اليوم تريد فرض هذا الواقع الجديد، أوسيتيا الجنوبية منفصلة تماما عن جورجيا؟
ريتشارد وايتز: حسب ما تدل عليه مظاهر الأشياء يبدو أن هذه هي الإستراتيجية الحالية من وجهة نظر روسيا وهي الحل من وجهة نظر موسكو بضم هذه المناطق أو إعلان الاعتراف بها باستقلالها وبالحكم الذاتي، من الصعب تغيير ذلك على الأرض، لكن أحد السيناريوهات التي كانت تسعى جورجيا إلى طرد الأوسيتيين الجنوبيين والسيطرة على المنطقة كما فعلوا مع منطقة جارا من قبل لكن هذه السيناريوهات غير مستقرة على المدى البعيد وأعتقد أن ما قاله زميلي من موسكو لا يوجد حل حقيقي سوى الحوار رغم أنه أصبح أكثر صعوبة بعد أحداث هذا الأيام.
علي الظفيري: ريتشارد وايتز من واشنطن مدير البرامج في معهد هدسون للدراسات المتخصص في الشؤون الروسية، وكذلك حيدر أغانين مدير قناة روسيا اليوم الإخبارية من موسكو شكرا لكما. نهاية هذه الحلقة مشاهدينا الكرام من برنامج ما وراء الخبر، دائما بإمكانكم المساهمة معنا في اختيار مواضيع الحلقات عبر إرسالها على عنواننا الإلكتروني indepth@aljazeera.net
غدا إن شاء الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، شكرا لكم وإلى اللقاء.