محمد كريشان
ما وراء الخبر

التعديلات الدستورية في الجزائر

تحاول الحلقة التعرف على ما وراء إعلان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة اعتزامه إجراء تعديلات دستورية عاجلة تشمل صلاحيات السلطات التنفيذية والحقوق السياسية للمرأة.

– آليات التعديل ومواقف القوى المعارضة
– أهداف التعديل والموقف الشعبي منه

محمد كريشان
محمد كريشان
الصادق بوقطاية
الصادق بوقطاية
محمد العربي زيتوت
محمد العربي زيتوت

محمد كريشان: السلام عليكم. نحاول في هذه الحلقة التعرف على ما وراء إعلان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة اعتزامه إجراء تعديلات دستورية عاجلة تشمل صلاحيات السلطات التنفيذية والحقوق السياسية للمرأة وسط تقديرات بأن هذه الخطوة إنما ترمي في الواقع إلى السماح له بولاية رئاسية ثالثة مع قرب انتهاء ولايته الحالية. وفي حلقتنا محوران، كيف تنظر القوى الجزائرية بكافة توجهاتها إلى التعديلات المقترحة لاسيما مبرراتها ونطاقها؟ وهل يبدد تصور بوتفليقة للتعديلات المقترحة التكهنات الرائجة بأنه يخطط لولاية رئاسية ثالثة؟… "لقد أخطأنا الطريق" هكذا قال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في خطاب له أمام رؤساء البلديات قبل أسابيع لكنه عاد ليعلن في خطابه الأخير اعتزامه سن تعديل دستوري جزئي، تجمع الأغلبية الساحقة من الصحف والأحزاب الجزائرية على أنه يهدف للسماح له بولاية رئاسية جديدة وسط جدل واسع عن حصاد حكمه وجدوى التمديد له.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: لم يقل بوتفليقة صراحة إنه سيترشح لولاية رئاسية ثالثة لكن الجزائر كلها تقريبا فهمت أن الأمر يتعلق بتغيير دستوري وشيك يمكنه من حكم البلاد لسنوات أخرى، ذاك ما سجلته عناوين الجرائد الجزائرية التي أطبقت على نفس المضمون، بوتفليقة إلى ولاية ثالثة. خطوة مثيرة للجدل حركها بوتفليقة مجددا في خطابه الأخير قال فيه إنه سيدعو البرلمان للمصادقة على تعديل الهدف منه الحفاظ على التوازن بين السلطات وتعزيز حقوق المرأة. قسّم التعديل المرتقب وقبل أن تتكشف ملامحه النهائية الساحة الجزائرية إلى مساند ومعارض، في معسكر الموالاة وقفت أحزاب وجمعيات ثمّنت ما تصفه بنجاح بوتفليقة في إخراج الجزائر من ضيق الحرب الأهلية إلى ساعة المصالحة وأشادت بإصلاحاته الاقتصادية التي أعادت إلى الجزائر شيئا من عافيتها المفقودة. في الجهة المقابلة معسكر آخر لا يرى في تجربة الرئيس الحالي ما يشجع على تمديدها، فالعنف وإن تراجع زخمه عاد ليضرب بقوة في مناسبات عدة والمصالحة راوحت مكانها تحت وطأة ديمقراطية الشعارات كما يقولون، أما حل المشاكل الاقتصادية كالبطالة والفقر والفساد فعبارة يسمع بها الجزائري كثيرا في الإعلام الرسمي دون أن يلتقي شخصيا بأي من ثمارها، إضافة إلى ذلك تلفت المعارضة الجزائرية الانتباه إلى ما تراه بيت القصيد في هذا الجدل وهو إمكانية أن يفتح الباب على مصراعيه لرئاسة مدى الحياة. كان بوتفليقة قد تسلم الحكم سنة 1999 في سياق عانت فيه الجزائر وما تزال مخلفات سنوات الحرب الأهلية وطرح مشروع المصالحة الوطنية وانتهج الإصلاح الاقتصادي غير أنه عاد مؤخرا ليقدم نقدا ذاتيا اعترف فيه بأن ما سطره من سياسات وطموحات لم تتحقق على الوجه المرضي. وسط تساؤلات حول حالته الصحية ومدى قدرته على الاستمرار في النهوض بأعباء الحكم والوفاء بوعود يريد الجزائريون تحقيقها اليوم أكثر من أي وقت مضى.

[نهاية التقرير المسجل]

آليات التعديل ومواقف القوى المعارضة


محمد كريشان: ومعنا في هذه الحلقة من لندن محمد العربي زيتوت الدبلوماسي الجزائري السابق وعضو حركة رشاد المعارضة، ومن الجزائر الصادق بوقطاية الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الجزائري، أهلا بضيفينا. نبدأ من الجزائر سيد بوقطاية، كيف تم استقبال هذه الدعوة من الرئيس بوتفليقة؟


الصادق بوقطاية: فقط أن إدخال تعديلات على الدستور سبق للرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ عهدته الأولى في عام 1999 أنه أعلن بأنه يريد أن يغير، أو إدخال تعديلات أو تحويرات على الدستور وكان الهدف من ذلك هو تحديد السلطات وتوضيح النظام الجمهوري في الجزائر هاللي هو النظام الرئاسي أو البرلماني إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الدستور الحالي غير واضح في هذه المعالم، وأعتقد أنه عندما ألقى خطابه وأعلن يوم الأربعاء الماضي يوم 29 أكتوبر عن رغبته في إدخال تعديل جزئي على الدستور بالرغم أنه لم ينف أن التعديل الجذري أو الذي سيذهب به إلى الشعب في الاستفتاء، وأعتقد من بين دواعي إدخال التعديلات على الدستور هو إضفاء انسجام أكثر على النظام السياسي إرفاق قواعد واضحة المعالم للجميع قد تؤدي إلى ضبط المسؤوليات أكثر وبالتالي وضع حد للتدخلات والصلاحيات وتوضيح المفاهيم بصورة دقيقة مما يؤدي إلى تعزيز مؤهلات الدولة، لأننا في الجزائر نطمح إلى بناء دولة قوية تكون منسجمة متجانسة قادرة على مواجهة كل التحديات، وهذه العملية طبعا آخذة بعين الاعتبار دون المساس بالتوازنات الأساسية للسلطة إذاً إعلان السيد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يوم الأربعاء في افتتاح السنة القضائية لعام 2008 -2009 لم يكن مفاجئا لا للرأي العام الوطني ولا للأحزاب السياسية..


محمد كريشان (مقاطعا): لكن بوقطاية، لماذا اختار أن يتم ذلك وفق البند 176 بمعنى تعديل جزئي يعرض على مجلسي النواب والشيوخ دون العودة إلى الشعب؟


الصادق بوقطاية: طبعا هو كان من البداية رئيس الجمهورية أعلن عن إجراء تعديلات معمقة وجذرية على الدستور الجزائري الحالي لكن نتيجة للظروف التي مرت بها الجزائر والالتزامات الدولية والالتزامات الوطنية في الاستحقاقات والمصالحة الوطنية والوئام المدني، جاءت التعديلات الجزئية وقال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بأنه كان يريد إدخال تغييرات جذرية وتعديلات على الدستور والذهاب بالدستور طبق المادة 176 إلى المجلس الدستوري الذي يعطي رأيه بشأن التعديلات الجزئية التي تجرى على الدستور ثم الذهاب إلى البرلمان، هذا لا يعني أنه لا يرغب في العودة إلى أخذ رأي الشعب فيما يتعلق بالتعديلات التي قد تطرأ من جديد على الدستور. إذاً نحن نرى في هذا إجراء قانونيا دستوريا لأن المادة 176 تخول ذلك وتؤدي إلى الذهاب إلى المجلس الدستوري لإعطاء رأيه في الشأن ويعلل التعديلات التي أدخلت على الدستور طبق المادة 176 ثم الذهاب إلى البرلمان باعتبار أن البرلمان وخاصة مجلس الشعب الوطني هو جزء ثلثي أعضاء مجلس الأمة الذين يشكلون البرلمان والثلث الرئاسي هم يمثلون الشعب الجزائري ومنتخبين انتخابا سريا ومباشرا…


محمد كريشان (مقاطعا): على كل وجهات النظر في الجزائر كانت مختلفة يعني هناك من تحفظ وهناك بالطبع من أيد وأورد نفس الحجج التي أوردتها الآن سيد بوقطاية. جبهة القوى الاشتراكية اعتبرت ما أعلنه الرئيس بوتفليقة هو إستراتيجية الاستيلاء والانقلاب، حزب سعيد سعدي وهو الـ(ر.س.د) اعتبر بأن بوتفليقة يريد البقاء في السلطة مدى الحياة، لكن في نفس الوقت هناك ردود فعل اعتبرت بأن ما جرى هو يدخل في إطار الارتقاء بالممارسة الديمقراطية. سيد محمد العربي زيتوت في لندن، كيف تنظرون على الأقل كقوة معارضة ولو في الخارج لما يساق في الجزائر لتبرير هذه الخطوة؟


محمد العربي زيتوت: السلام عليكم..


محمد كريشان: وعليكم السلام.


محمد العربي زيتوت: ننظر لها نحن في الحقيقة، نحسد أخواننا العرب اللي بيعيشوا في ملكيات مدنية لأننا باختصار بسيط المفروض أننا نعيش في جمهوريات وأن من بين أهم السمات للجمهورية أن يتم تجديد وتغيير الطبقة الحاكمة أو الرئيس أو.. لكن في جمهورياتنا العربية يبدو أننا أصبحنا في عسكريات ملكية أكثر منها أي شيء آخر لأن باختصار بسيط يأتي الحاكم بإرادة العسكر ويذهب بإرادة العسكر إذا شاؤوا ثم إذا ما أتى فهو في الغالب يبقى إلى غاية أن يزوره ملك الموت إن لم تزره الدبابات المعارضة. المشكلة هي أننا نعيش عبثية حقيقية فالجزائر بعد 17 سنة، الجزائر أولا للتذكير تعيش تحت حالة الطوارئ يعني نعيش منذ فبراير 1992 تحت حالة الطوارئ وهذه أصلا اختراق وخرق كبير للدستور لأن الدستور لا ينص على ذلك وينص على وقت محدد جدا لحالة الطوارئ، أضيف إلى ذلك أن هذا الدستور دستور لم يبلغ 12عاما يعني أنه ما زال في السنوات الأولى ومع ذلك نحن بهذا التعديل …


محمد كريشان (مقاطعا): أعلن سنة 1996 للتوضيح.


 كل مرة يتم تعديل الدستور وفق مقاس الرئيس الجديد

محمد العربي زيتوت: بالضبط، بهذا التعديل ستكون الجمهورية الجزائرية التي عمر استقلالها أقل من 46 سنة سيكون سادس دستور، لكل مرة يتم تعديل يأتي رئيس يأتي بدستور جديد يحاول أن يضعه على مقاسه، لا مشكلة في ذلك ولكن حتى الدساتير التي يضعونها على مقاسهم لا يتم احترامها، حتى ما صرح به السيد بوتفليقة من قبل من أنه سيلجأ إلى استفتاء شعبي لا يتم احترامه وهو باختصار بسيط لأن هناك رأي غالب و…


محمد كريشان (مقاطعا): هو للتوضيح سيد زيتوت قال سيعود للشعب في تعديلات أوسع في استفتاء لكن ضيق الوقت كما قال يجعله يلجأ إلى هذه الطريقة في عرض على البرلمان لأن الوقت لا يسمح لكنه لم يسقط إمكانية العودة إلى استفتاء في تعديلات أوسع.


محمد العربي زيتوت: ولماذا الوقت لا يسمح وهو في السلطة منذ حوالي عشر سنوات؟ ولماذا الوقت لا يسمح وكان هناك متسع طويل من الوقت من سنة 1999 ونحن نسمع بإمكانية تعديل الدستور؟ ولماذا الوقت لا يسمح إلا في هذه القضية بحيث لا نعود فيها للشعب وهي قضية رئيسية وقضية مهمة؟ ولماذا الوقت لا يسمح إلا لتعديل المادة 74 للبقاء إلى مدى الحياة في السلطة؟ لماذا الوقت لا يسمح إلا في هذه القضايا؟ الوقت يسمح في كل القضايا الأخرى ويسمح في حالة الطوارئ أن تستمر 17 عاما ولا يسمح في قضية رئيسية مثل هذه! ثم أن الدستور ذاته في هذه المادة 176 تشدد على أن القضايا المهمة لا يمكن تعديلها عن طريق ما يسمى بالبرلمان، طبعا كلمة برلمان في الجزائر هي مقر أو غرفة للتسجيل ولكن دعنا جدلا نسميه برلمانا، تقول المادة 176 إنه لا يجوز ذلك لأن في القضايا المصيرية و القضايا الأساسية هذه القضية مصيرية قضية حكم شعب هي قضية مصيرية..


محمد كريشان (مقاطعا): سيد زيتوت هو يفترض أن ما قاله الرئيس بوتفليقة عن تعديل سيعرض على المجلس الدستوري ثم يعرض على غرفتي مجلس النواب والشيوخ بمعنى جدلا على الأقل المجلس الدستوري يمكن أن يقول هذا الأمر لا يمكن تمريره، يعني هل تتوقع ذلك ولو مبدئيا؟


محمد العربي زيتوت: لا أتوقع ذلك، نحن للأسف ليس هناك مؤسسات بمعنى الكلمة هناك أجهزة تعطى لها أوامر فتقوم بتنفيذها، ليس لدينا في دولنا العربية ليس لدينا في عالمنا العربي بمؤسسات في الجزائر الوضع أسوأ بكثير، طبعا لا يختلف الأمر على تونس ولا على مصر ولا على اليمن ولا على ليبيا يعني كل ما نسمع هو مسرحيات سيئة الإخراج ومؤسسات لا معنى لها وإنما أجهزة تعطى لها الأوامر فتنفذ. للأسف المجلس الدستوري سيقول نعم وما يسمى بالبرلمان بغرفتيه سيقول نعم والرئيس سيترشح وسيفوز وحتى ولن يهزم مرشح النظام أي كان في أي بلد عربي لم يحدث وإن حدث ولو استثناء واحد بحيث أن كان هناك مرشح للنظام وفاز غيره بل أن هناك في بعض الدول حتى يتم سجن من يجرؤ على أن يقف أو يترشح في وجه الرئيس، للأسف العبثية مستمرة..


محمد كريشان (مقاطعا): يعني عفوا المسألة التي أشرت إليها وهي أنه لا يجوز التمديد للرئيس عوض مدتين رئاسيتين، خمس سنوات، خمس سنوات لمدة أخرى إلا إذا.. يعني لا يجوز عرضها هكذا على مجلس النواب والشيوخ. لنسأل سيد بوقطاية هل يمكن عرض تعديل بهذه الأهمية؟ أن لا يعاد فيه الأمر إلى الشعب وأن يعرض بهذه الطريقة وفق المادة 176 هل هذا يجوز؟


الصادق بوقطاية: أولا دستور 76 المادة 108 منه..


محمد كريشان (مقاطعا): 96 تقصد ولاّ 76؟


الصادق بوقطاية: لا، 76، كان لدينا دستور عام 1976 هذا الدستور في مادته 108 الذي يحدد فيه الفترة لرئيس الجمهورية فتح إمكانية إعادة انتخاب رئيس الجمهورية بعد رئاسة التي كانت مدتها في ذلك الوقت ست سنوات يعني يمكن لرئيس الجمهورية في المادة (178) أن يكون رئيسا للجمهورية ولم يحدد هل عهدة أو عهدتين، ومن هنا جاءت فكرة إعادة إدخال تعديلات على الدستور نظرا لما يجب أن يستمر في الجزائر هو أن المادة 74 التي تقول لرئيس الجمهورية عهدتين أو فترتين رئاسيتين قبل هذه المادة لأننا نحن لم نطلع إطلاعا كاملا على محتوى التعديلات وصياغتها الصياغة النهائية بعد أن يعطي المجلس الدستوري رأيه، لكن الشيء المهم هو أن في التعديلات الجزئية بالإضافة إلى المادة 74 هو إدخال بعض الأشياء التي نراها ضرورية بالنسبة لدولة مثل الجزائر كنظام جمهوري هو تحقيق أهداف…


محمد كريشان (مقاطعا): بغض النظر سيد بوقطاية عما سيق فيما يتعلق بأهداف هذا التعديل، أغلب الطبقة السياسية في الجزائر لم تر في هذا الموضوع إلا نقطة واحدة هي أن الرئيس بوتفليقة يريد أن يصل إلى مدة رئاسية ثالثة لا أكثر ولا أقل وكل ما يقال هنا وهناك هو من باب بروظة هذا التعديل. نريد أن نقف عند هذه النقطة بعد الفاصل نرجو أن تبقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

أهداف التعديل والموقف الشعبي منه


محمد كريشان: أهلا بكم من جديد. حلقتنا هذه تناقش إعلان الرئيس الجزائري إجراء تعديلات دستورية محدودة في القريب العاجل. سيد بوقطاية في الجزائر، الرئيس بوتفليقة قال عن دستور 1996 قال إنه يكرهه لكنه يحترمه، ما الذي دعاه إلى هذه التعديلات تحديدا؟


الصادق بوقطاية: أولا كما قلنا في بداية الحلقة إنه منذ انتخابه في عام 1999 عبر أكثر من مرة على رغبته أو ضرورة إدخال تعديلات جوهرية وجذرية على الدستور حتى يحدد طبيعة النظام الرئاسي، وفتح مجال أكثر للحريات الفردية والجماعية وتكريس الديمقراطية والتعددية السياسية وأضاف هذه المرة حقوق دور المرأة وأضافها مادة واضحة للمرأة لأن باعتقاده لا يمكن العبور الاجتماعي في ظل الألفية الثالثة إذا لم تكن المرأة مشاركة مشاركة فعالة ولها الدور..


محمد كريشان (مقاطعا): ولكن سيد بوقطاية، مع الاحترام للمرأة الجزائرية هل التعديل للنهوض بالمرأة الجزائرية مسألة عاجلة تتطلب تعديلا سيتم إجراؤه في أسبوعين بعد سنوات من وضع اعتبر غير سوي بالنسبة للمرأة في الجزائر؟


الدستور جاء لتقويم وتقييم طبيعة النظام الرئاسي من التدقيق والتنظيم وتوضيح الصلاحيات والعلاقات بين مكونات السلطة التنفيذية دون المساس بتوازنات السلطة

الصادق بوقطاية: لا نقصد إلى ذلك أن الدستور جاء من أ جل تعديل المرأة، الدستور جاء من أجل تقويم وتقييم طبيعة النظام الرئاسي وأبرز العديد من الجوانب مثل التدقيق والتنظيم وتوضيح الصلاحيات والعلاقات بين مكونات السلطة التنفيذية دون المساس بتوازنات السلطة، أي سلطة تنفيذية قوية موحدة منسجمة تؤدي دورها طبقا لطموحات ورغبة أبناء الجزائر، كما أنها فرصة جديدة للشعب الجزائري وتكريس اختياره دون أي قيود كما أن الدستور الحالي هو أن السلطة التأسيسية يؤكدها أنها تبقى ملك الشعب ومنها تكريس الديمقراطية التي تقر بأن السلطة لا.. أن الشعب هو سيد السلطة وأن أي مسؤوليات تتم في المستقبل هي تمر عن طريق الشعب…


محمد كريشان (مقاطعا): على ذكر الشعب والرئيس الجزائري وهنا أذهب إلى السيد محمد العربي زيتوت الرئيس الجزائري الحقيقة لم يقل أنا أريد أن أترشح لفترة رئاسية، ثالثة لم يقل ذلك لكنه قال جملة فُهمت على أنها هي التوطئة لهذا التعديل قال "لايحق لأحد أن يقيد حرية الشعب في التعبير عن إرادته" بمعنى أنه إذا الشعب الجزائري والله اختار بوتفليقة بعد عشر سنوات فلا يمكن كما قال أن يصادر حرية الشعب في اختياره مجددا كيف ينظر إلى هذه المسألة؟


محمد العربي زيتوت: أنا كنت قلت سنة 2005 وكررت ذلك سنة 2007 لست أدري إن كان على قناة الجزير ة أو قناة أخرى لكن قلت أنا أتحدى النظام الجزائري إذا عدل الدستور ولم يتعرض للمادة 74 المتعلقة بتجديد العهدتين، أي بمعنى أنه سيقوم بالتعديل ولكن لن يمس هذه المادة وأنا أكرر ذلك أو أقول أنا مستعد لأي شيء إذا لم يمسوا هذه المادة. إذاً القضية تتعلق بالمادة 74 تتعلق برئاسة مدى الحياة، لنكن واضحين وصريحين في ذلك، أي كلام غير ذلك هو في الحقيقة حتى لا نسميه نفاقا هو مزايدات فقط. ثم عندما نقول إننا حين نكره الدستور ثم نحترمه ما هذا؟ يعني أي كلام هذا أقل شيء ما يقال عنه هو إنه نفاق، لا يمكن لرئيس دولة أن يتحدث بهذا الكلام ثم تستمر الأمور وكأن شيئا لم يكن. وقضية المرأة والحديث عن المرأة، المرأة تعاني في الجزائر لأن هناك الملايين من العوانس لأنهم لا يجدون إمكانيات السكن للزواج، لا يجدون إمكانيات العمل للزواج لا يجدون.. هذه معاناة المرأة لأنها تعاني على القوت تعاني على الأكل تعاني على الشرب، الملايين يعيشون داخل البيوت القصديرية ونحن نملك مئات عشرات الملايير من الدولارات في البنوك الآن موزعة في البنوك الأميركية لا ندري إن كانت ستعود أم لا؟ فهذه المعاناة الحقيقية للمرأة..


محمد كريشان (مقاطعا): السيد زيتوت، الرئيس بوتفليقة لم يعلن ما أعلنه إلا بعد مناشدات بين قوسين يعني جمعيات طلبت منه أن يترشح.. أحزاب ناشدته التفضل بتجديد الفترة الرئاسية الثالثة يعني أنا لو كنت من مؤيدي النظام سأقول لك إن الرئيس فعل ما فعل لأن هناك توجها شعبيا يدعوه إلى ذلك.


محمد العربي زيتوت: نعم هناك توجه شعبي لأن هذه الشعوب مجنونة، هو يقول هو بصراحة العبارة كما تفضلت في بداية الحديث أنت هو قال أخطأنا الطريق، يعني هل يعقل أن شعوبنا شعوب جاهلة وأمية ومغلوبة ومجنونة إلى هذا الحد؟! هل هي مازوشية؟ هل هي ترغب من يجلدها ومن يؤدي بها إلى طريق الخطأ ثم تتمسك به؟! لا يعقل ذلك، هناك مجموعة من المطبلين والمزمرين المستفيدين من هذه الأوضاع وربما لا يتجاوز عددهم 1% أو 2% من عدد السكان الجزائريين، هؤلاء مستفيدون من أوضاع الفساد المستشري مستفيدون من أوضاع النهب المستمر هؤلاء المستفيدون دائما سنجد هذه الطبقة، وجدناها في اليمن وجدناها في مصر وجدناها في تونس ووجدناها في الجزائر. ثم عندما يقال احتراما للدستور لا يمكن المس ولا يمكن أن نترك للشعب أن يختار، طيب الشعب اختار سنة 1992 لماذا انقلبتم بالدبابات وأدخلتم الجزائر إلى هذا الجحيم الذي أدى إلى مائتي ألف قتيل ويزيد؟ والرقم رسمي، ليس من عندي. ثم أقول لك لنذهب إلى الإنترنت أو اليوتيوب، الجزائريون في اليوتيوب ملؤوا -لأن كل شيء مغلق عنهم على الأقل القنوات التلفزيون والراديو- ملؤوها الآن بالتعليقات اذهبوا إلى اليوتيوب وشاهدوا ماذا يقول الجزائريون، لقد ملّ الناس حقيقة هذا الخطاب وهذا الاستهبال وهذا الاستعباط وهذا الاستحمار، لا يمكن أن تستمر الأوضاع كما هي. للأسف بعض الجزائريين…


محمد كريشان (مقاطعا): على ذكر ما يقوله الجزائريون، يعني اسمح لي فقط بملاحظة سيد بوقطاية، يعني الرئيس الراحل بومدين استمر لفترة لا بأس، بها الرئيس بن جديد كذلك ولكن بعد ما الذي حصل في سنة 1988؟ تغيرت كثيرا الأمور 1992 أشار الضيف إلى ذلك وأصبح هناك نوع من مدد رئاسية غير طويلة، الآن الرئيس بوتفليقة وقد أعاد بعض الاستقرار والوضع الاقتصادي تحسن ما الذي يدعوه للتشبث بالسلطة؟ إن صدقنا بالطبع ما تقوله المعارضة عن أنه يتشبث بالحكم ويريد أن يعدل الدستور من أجل ذلك.


الصادق بوقطاية: أولا أود أن أسجل أن الشعب الجزائري ليس شعبا مجنونا بل هو شعب عظيم وهذه الليلة يحتفل بذكرى أعظم ثورة انطلقت في أول نوفمبر 1954 وأعتقد أن الشعب الجزائري واع ويدرك جيدا ما يريده في الجزائر وما هي مصلحته. ليس من الخارج هو الكلام هذا وكأنه علب قصديرية تضرب ببعضها البعض. الجزائر دولة بمؤسساتها وتطمح إلى أن تكون دولة قوية نتيجة الموقع الإستراتيجي ومساحتها الكبرى وبالتالي لا بد من نظام مستقر يواصل العمل ويواصل مسيرة بناء الجزائر وبناء الدولة الجزائرية، ونحن نعمل على تكريس الديمقراطية والتعددية السياسية وحرية الرأي والتعبير في الجزائر نريد دولة قوية ونريد الاستمرارية لدولتنا التي تستمد جذورها من ذكرى ثورة نوفمبر التي كرسها الدستور مجددا برموز الثورة التي هي ثابت من ثوابت الجمهورية. وبالتالي لا مزايدات ولا البيوت القصديرية العالم كله في بيوت قصديرية وفي بطالة والجزائريات لسن عوانس كما يدعي أخينا من لندن بل الجزائرية شاركت في الثورة وانتصرت ومن حقها أن تساهم في بناء الدولة وفي العبور الاجتماعي والجزائر ستظل شامخة قوية مهما يقال عنها، ونحن مع إعادة النظر في تعديل الدستور بما يضمن التوازنات الكبرى بين مؤسسات الدولة وتكريس الديمقراطية وإعطاء هيئة تنفيذية فاعلة لمواجهة التحديات الكبرى في صلاحيات…


محمد كريشان (مقاطعا): نعم في هذه لو سمحت لي في الدقيقة الأخيرة فقط من البرنامج أريد أن أعرف رأيك سيد زيتوت فيما تفضل به الآن سيد بوقطاية من حجج في هذه المسألة؟


محمد العربي زيتوت: صلاحيات الرئيس في الجزائر هي صلاحيات ملكية بل أكاد أقول إنها صلاحيات سلطانية، ومن أراد أن يذهب إلى دستور المادة 77 والمادة 170 سيرى ما هو مدى هذه الصلاحيات الضخمة، واستخدام كلمة الثورة أصبح الآن أخشى أن يكفر الناس بالثورة في الجزائر لأن استخدامها أصبح وكأنها توجه لتذبح بها الجزائريين. ثورة كانت عظيمة وستبقى ليس لأن.. بل لأن الخيانة موجودة الآن ولأن الرئيس يحتاج أن يكون مدنيا ألا تكون هناك مجموعة من المخابرات من الـ(دي. إر. إس) هي التي تحكم هي التي تقرر هي التي تصنع الرؤساء هذا ما نحتاجه في الجزائر، نحتاج حكما مدنيا ونحتاج أن يذهب العسكر إلى سكناتهم ونحتاج أن يعطى الرأي وحرية الرأي للشعب الجزائري أما هذه الكلمات الكبرى وتستخدم.. تذبحون الشعب بالثورة الآن، لا تجعلوه يكفر بهذه الثورة المباركة لأنها بالفعل كانت ثورة مباركة ولكن للأسف عندما ظهر الجنرالات يوما ما كانوا ضباطا لدى الجيش الفرنسي وأصبحوا هم القوة الأساسية في البلاد هذه هي التي أدت إلى هذا الفساد وهذا الوضع.


محمد كريشان: شكرا لك محمد العربي زيتوت دبلوماسي جزائري سابق وعضو حركة رشاد المعارضة، شكرا أيضا لضيفنا من الجزائر عبر الهاتف الصادق بوقطاية الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الجزائري. وبهذا نصل إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو نعيم.. ليس بإشرافه لأنه في إجازة. على كل بإمكانكم المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات المقبلة بإرسالها على عنواننا الإلكتروني الظاهر الآن على الشاشة indepth@aljazeera.net

غدا بإذن الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد.