صورة عامة من برنامج ما وراء الخبر - إكتشاف مقبرة للمسلمين في إيلات
ما وراء الخبر

اكتشاف مقبرة جماعية للمسلمين في إيلات

نتناول الكشف عن مقبرة في مدينة إيلات بجنوب إسرائيل تضم جماجم وملابس عسكرية، بالإضافة إلى رفات أموات مسلمين دُفنوا بشكل جماعي.

– الفرضيات المُحتملة والقرائن المتوفرة
– سياسة تهويد فلسطين وضروة التحرك لوقفها


undefinedعلي الظفيري: أهلاً بكم. نتوقف في حلقة اليوم عند كشف مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية عن مقبرة في مدينة إيلات جنوب إسرائيل تضم جماجم وعظاماً وقطعاً من ملابس عسكرية، بالإضافة إلى رفّات أموات مسلمين دُفنوا بشكل جماعي. نطرح في الحلقة تساؤلين، ما هي حقيقة مقبرة إيلات؟ ولمن تعود الجماجم والعظام المتناثرة في هذه المقبرة الجماعية المُكتشفة؟ وهل تدخل محاولة تحويلها إلى مقبرة يهودية في إطار استراتيجية إسرائيلية لتهويد تاريخ فلسطين؟…كشفت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية عن مقبرة قرب مدينة إيلات في جنوب إسرائيل، تقول المؤسسة أن المقبرة تبدو جماعية لجنود عرب ربما قتلوا خلال حرب عام 1948 من القرن الماضي، إذ تحتوي على رفات أشخاص دُفنوا بشكل جماعي بعضهم بملابس عسكرية.

[تقرير مسجل]

وليد العمري: خبرٌ مصدره عاملٌ في الحفريات التي يقوم متعهد بتنفيذها لصالح بلدية إيلات جنوب إسرائيل، كشف عن مقبرة كانت إسلامية وأصبحت الآن يهودية. الحقيقةُ محل خلاف وصل إلى المحاكم وامتد إلى جذور الصراع العربي الإسرائيلي. مؤسسة الأقصى التي تتابع شأن المقدسات الإسلامية، اهتمت بالوصول إلى المكان والوقوف على حقيقته، وإطلاق صرخة إنقاذ في تقريرٍ خاص. هذه تجهيزاتٌ لمقبرة يهودية جديدة في منطقة إيلات الإسرائيلية المجاورة للعقبة الأردنية وطابا المصرية على البحر الأحمر، المقبرة توسعت، كما يبدو، على آثار مقبرة إسلامية، حسب مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية، التي كشفت الأمر بعد أن أبلغها عمالٌ به. المقبرة تحتوي على رفات أمواتٍ مسلمين وجماجم وعظام أيدي وأرجل، وفي ضمن المقبرة التي تكشفت مع عمليات حفر قبور يهودية في المنطقة، تم العثور على ما يُشتبه أنه مقبرة جماعية لأمواتٍ مسلمين.

مشارك1: هل هناك عظام أخرى؟

مشارك2: نعم، هناك حيث تقف، انظر.. سِر عشرة أمتار من هنا وعشرة مثلها هناك، وعُد إلى تلك الكومة، كل هذه المنطقة فيها عظام.

وليد العمري: رفات أموات مسلمين تقول مؤسسة الأقصى، التي زار مسؤولوها الموقع عدة مرات في الأيام الأخيرة ووثقوا ما شاهدوه. والشاهد بقايا من الذكر الحكيم كانت بين ملابس من دُفنوا فيها، الملابس زي عسكري مما يؤكد أن أصحابها كانوا من العسكر، وقد تناثرت عظامهم على نطاق واسع، ربما هم من ضحايا حرب عام 48 بين العرب وإسرائيل أو قبل ذلك، ومن غير الواضح ما إذا سقطوا في قتال أم أعدِموا.

الشيخ علي أبو شيخة/ رئيس مؤسسة الأقصى: الحديث على مقبرة إم رشرش، مقبرة تاريخية في عصر 48 توجهنا إلى المقبرة مباشرة بعدما سمعنا الإتصال من بعض أهل الثقة أنه فيه نبش لبعض القبور، وجدنا مقبرة، من خلال هذه المقبرة كان قبور جماعية تحتوي على جماجم، تحتوي على أحذية، تحتوي على ملابس عسكرية، تحتوي على حبل، بعض الأحبال جانب الجماجم، هذا يعني أنه هناك كان مقبرة الجنود شُنقوا شنق من خلال المجزرة التي كانت، وهناك بعض العلامات على الملابس، الملابس العسكرية، علامات رصاص، علامات الدم الموجودة على هذه الملابس.

وليد العمري: مؤسسة الأقصى بعد أن راجعت بلدية إيلات سارعت إلى استصدار أمر من محكمة الصلح فيها يمنع تنفيذ أي عمل في المقبرة ومحيطها القريب، وذلك على الرغم من نفي محامي البلدية أن تكون المقبرة إسلامية. وناشدت المؤسسة الجهات الرسمية والشعبية في الدول العربية والإسلامية تقديم أي معلومات من شأنها الإفادة في توفير أجوبة قاطعة حول حقيقة هذه المقبرة والمدفونين فيها. وليد العمري، الجزيرة، القدس الغربية.

[نهاية التقرير المسجل]

الفرضيات المُحتملة والقرائن المتوفرة

علي الظفيري: ومعي في هذه الحلقة للنقاش حول هذا الموضوع، من الناصرة الشيخ رائد صلاح زعيم الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر، ومن القاهرة اللواء محمود خلف مستشار المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، مرحباً بكما. نبدأ معك شيخ رائد صلاح، نتساءل، من خلال معرفتك وفهمك لتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي واحتلال إسرائيل لهذه الأراضي، ما هي الفرضيات المطروحة حول هوية هؤلاء الأشخاص أو هذه الرفات تحديداً؟

رائد صلاح: بسم الله الرحمن الرحيم. بدايةً أؤكد أن كل القرائن التي اجتمعت بين أيدينا تؤكد أن هذه مقبرة جماعية لعدد من الشهداء قد يصل إلى المئات من الشهداء، هذه القرائن تؤكد أن مجزرة ارتُكبت في حقهم، والمجزرة هذه كانت في غاية البشاعة، بدليل أن هناك حبال موجودة كانت بين الهياكل العظمية للشهداء مما يشير إلى أن هؤلاء الشهداء إما أنهم تعرضوا للشنق أو أن أيديهم قد قُيدت ثم أطلق عليهم الرصاص وهم أحياء وهم مقيدوا الأيدي، الآن هوية هؤلاء الجنود واضح جداً أنهم من المسلمين بدليل وجود نسخة من القرآن الكريم، ولكن يبقى السؤال من أي دولة عربية هؤلاء الشهداء؟ حقيقةً أنا أقف عند هذا السؤال، أطرح هذا السؤال على نفسي دون أن أجد جواباً قاطعاً حول هذا الموضوع، سوى أنني أشير إلى حقيقة هامة جداً قد تفيدنا جميعاً بالوصول إلى الحقيقة، وهي أنه حتى الآن لا يزال هناك بيت عربي قديم جداً في إيلات التي تسمى أصلاً أم رشرش، مكتوب على هذا البيت أنه قد وقعت معركة بتاريخ 3/10/1949م في تلك المنطقة، فهل كانت هذه المعركة قد قادت إلى هذه المجزرة وإلى هذه المقبرة الجماعية لهؤلاء الشهداء؟ حقيقةً هذا يبقى سؤال مهم جداً، قد يكون هو أقصر فرضية إلى التساؤلات التي أثرتها.

علي الظفيري: شكراً لك شيخ رائد. اللواء محمود خلف في القاهرة، إذا كانت ثمة التأكد من أن هذه الرفات لمسلمين، يعني يبدأ النقاش الآن حول الفرضيات الأخرى، هل هذه الرفات لجنود مصريين، خاصة أن غالبية الصراعات كانت بين مصر وإسرائيل؟ لدينا 67. 56، احتلال فلسطين، 48، هل نحن أمام هذه الفرضيات الثلاث أم قد يكون هناك فرضيات أخرى؟

"
االراجح أن هذه الرفات لجنود مصريين، بعد المجزرة التي حصلت في 10 مارس/آذار عام 1949
"
محمود خلف

محمود خلف: لا هو الفرضية الأكثر احتمالاً هي، طبعاً التحليل بعد كده حيثبت هذا الكلام، لكن الفرضية التي نحن نقدر نتحدث عنها يللي هي مع، زي الشيخ رائد ما قال، هناك مجزرة حصلت بتاريخ 10 مارس 1949، لأن بعد قرار التقسيم كانت منطقة أم رشرش خارج هذه كانت ضمن القطاع الفلسطيني وليس القطاع الإسرائيلي، ولكن قامت إسرائيل أو القوات الإسرائيلية بقيادة العقيد آنذاك إسحاق رابين، بعملية إغارة على أم رشرش وتم قتل هؤلاء الأفراد يللي كانوا موجودين، كانت فيه حامية مصرية موجودة في هذه المنطقة طبقاً لاتفاقات قديمة منذ 1906 في هذه المنطقة، باعتبار بأن أم رشرش كانت تُسمى منذ عام 1892 قرية الحجّاج، حيث يتقابل الحجّاج القادمين من مصر والحجّاج القادمين من بلاد الشام متوجهين للسعودية، وهذه المنطقة هي منطقة طبعاً بكل تأكيد هي في الأصل تاريخياً منطقة مصرية، والحامية دي موجودة منذ الدولة العثمانية في هذه المنطقة، فهذا مرجّح. والبحث والتنقيب والتحليل لرفات الشهداء الموجودين قد يؤكد هذا الأمر أو لا يؤكده ولكن هذه الفرضية في تقديري هي الأكثر احتمالاً.

علي الظفيري: شيخ رائد، القطع التي وجدت، قطع من ملابس عسكرية، قد تكون هي ربما العنصر المهم في تحديد هوية هذه الرفات، هل عرضتم هذه القطع على خبراء؟ هل يمكن تحديدها إن كانت لجنود من الجيش المصري أم غير ذلك؟

رائد صلاح: هذا سؤال طيب جداً وأنا أشكرك حقيقة على هذا السؤال، لأنني من خلاله أنا أتوجه إلى سيادة العقيد وإلى كل المستمعين أن يقدموا لنا المساعدة بكل المعلومات التي يملكونها، لأننا حقيقة كما تفضلت وجدنا ثياب عسكرية، وجدنا أحذية عسكرية، وجدنا أحزمة للثياب العسكرية، بل وجدنا كؤوس كانوا يستعملونها، وجدنا قناني أدوية كانوا يستعملونها، وجدنا شارات عسكرية كانت يوماً من الأيام على هؤلاء الأبطال من الجنود المسلمين. حقيقةً لا ندّعي أننا علماء آثار، ولكن نؤكد أن كل هذه الشواهد هي ناطق حي يمكن أن يتكلم بالحقيقة، عندما يوجد العالِم الأثري الثقة من أهلنا، من حاضرنا العربي والمسلم، الذين في تصوري، من الواجب أن يمدوا لنا يد العون ليساعدوننا بتحري الحقيقة فعلاً، لأننا أمام موقف نحن نحاول بكل ثمن أن نوقف عملية نبش مقبرة هؤلاء الشهداء، ونحاول بكل ثمن بكل ما أوتينا من وسائل أن نحفظ حرمتهم، كما يجب على الأقل، وهم شهداء حتى هذه اللحظات. لذلك مرة أخرى أؤكد، كل هذه البقايا من هؤلاء الشهداء احتفظنا بها، ولا نزال ننتظر المساعدة من كل جهة كريمة تمد من موقفنا الذي هو موقف الجميع إن شاء الله تعالى.

علي الظفيري: سيد اللواء محمود، طبعاً مصر هي الأقرب وكثير من الترجيحات تتحدث عن أن هذه الرفات لجنود مصريين. بمجرد عرض هذه القطع من الملابس العسكرية على خبراء مصريين، هل يمكن الحسم بشكل سريع؟ خاصة أن هناك فرضية، قد تكون ضعيفة، تتحدث أن هذه الرفات قد تكون لجنود عثمانيين في بداية القرن العشرين وليس فيما يتعلق باحتلال إيلات في عام 1949؟

محمود خلف: بطبيعة الحال طبعاً الأمر ده متروك للناحية العلمية، والناحية العلمية أعتقد أنها متوفرة والدليل على هذا هناك كشف عن رفات لموميات الفراعنة يلي من آلاف السنين، ودي مسألة بيسهل عليها، ولكن أسلوب التحرك السياسي هو المهم في هذه المرحلة، وأنا أتصور أن هذا الموضوع يجب أن تتصدر له جامعة الدول العربية بطلب مصري، أتصور هذا. ويتم قبل ما يحدث أي أشياء تعرقل من هذه المهمة، هذا الأمر يكون فوري لأنه هو سيفتح الباب للحديث المطول في أمور كثيرة بالنسبة لأم الرشراش العربية، وأنا أتصور أيضاً أن على مصر والسعودية والأردن أن يتقدموا بهذا الطلب بشكل فوري في جامعة الدول العربية، التحرك يجب أن يكون بهذا الشكل، ونأخذ هذا الأمر بدقة شديدة. والعلماء العرب والمصريون على وجه الخصوص قادرون على إثبات حقيقة هذه الرفات، من ناحية الملابس، والأحذية وإلى آخره، أنا أعتقد أن هذا الأمر ممكن وليس مستحيلاً، ولكن المهم هو التحرك الفوري، هذا هو الأهم في هذه المرحلة.

علي الظفيري: شيخ رائد، يعني قبل أن نتحول إلى فاصل، أولاً هل هذه القطع، الأدلة والشواهد لديكم أنتم؟ وبالتالي ما إذا.. يعني الخشية أن تطول الأمور وتدخل في إطار الإجراءات والروتين، هل يمكن تقديمها مثلاً للجانب المصري، لحسم ما إذا كانت هذه الأجزاء المتبقية من الملابس العسكرية لجنود مصريين؟

رائد صلاح: كل هذه القطع بين أيدينا، الحمد لله رب العالمين، وهي محفوظة بأمان، تم توثيقها، بدايةً كيف أخرجناها، كيف وجدناها، بالفيديو وبالتصوير، الكاميرا طبعاً، والحمد لله رب العالمين نحن مستعدون فوراً أن تعطى إلى العنوان المناسب في الجامعة العربية. كما تفضل الأستاذ العقيد لأنه فعلاً من الواجب أن ننتصر لقضية هؤلاء الشهداء وأن نحفظ حرمتهم كما يجب.

علي الظفيري: السيد اللواء محمود، يعني طبعاً فقط للتوضيح وليس العقيد، فاصل قصير، بعده سنناقش هذا الاكتشاف في ظل محاولات إسرائيلية لتهويد، ربما، كل الآثار الإسلامية والعربية في فلسطين، تفضلوا بالبقاء معنا.

[فاصل إعلاني]

سياسة تهويد فلسطين وضروة التحرك لوقفها

علي الظفيري: أهلاً بكم من جديد. مقبرة إيلات ليست المقبرة الجماعية الأولى، ولن تكون على الأرجح الأخيرة، فإسرائيل بذلت ما بوسعها لتغيير ملامح الجغرافيا في نفس الوقت الذي سعت فيه لإعادة كتابة التاريخ، مُسقطةً منه ما اقترفته من انتهاكات في سبيل قيام الدولة العبرية فوق أرض تحتفظ في أحشائها، رغم سياسة التهويد النشطة، تحتفظ بأسرار تزعج الذاكرة الإسرائيلية، كلما باحت بواحد من تلك الأسرار.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: هذا ما لم تنسه الذاكرة الإسرائيلية أبداً، مشاهد لضحايا النازية من اليهود الذين دفعوا مع غيرهم ثمن تلك الحقبة، وأخرى لمقاتلين رفعوا راية إسرائيل على مداخل القدس وفي أرجاء فلسطين. صورٌ تحولت في أدبيات الدولة العبرية إلى ما بات يُعرف بصناعة الذاكرة، تلك الصناعة التي برع فيها الإسرائيليون فيما لم يولها العرب الاهتمام اللازم، كي يُكشف النقاب عن فصول مجهولة وأخرى غامضة من الصراع العربي الإسرائيلي. فصولٌ يتعلق الكثير منها بما أتته العصابات الصهيونية والوحدات العسكرية الإسرائيلية وهي تبسط سيطرتها على الأرض مستهدفةً العسكري والمدني على حد سواء. يقول مؤرخون إن إسرائيل فعلت كل شيء لتحقيق ذلك الهدف، مجازر وتصفية للأسرى، ومقابر جماعية، كان لا بد لها من ضمّ رفات القتلى في تلك المعارك التي اقتُرفت تفاصيلها بعيداً عن الرقابة والمحاسبة الدولية.

[مشهد مسرحي]

(سكة السلامة/ 2000 /تمثيل وإخراج الفنان محمد صبحي)

محمد صبحي: لا.. مش ممكن.. مش ممكن اللي شفته بعيني..

ممثلة: شفت إيه؟

محمد صبحي: جثث كتير.. جثث كتير متكومة تحت..

[نهاية المشهد المسرحي]

نبيل الريحاني: أتذكرون هذه المسرحية، وعلى الأخص ذلك المشهد؟ عملٌ فني حاول بعث الحياة في ذاكرة جريحة، قصة عشرات الأسرى المصريين، صفّاهم الجيش الإسرائيلي في سيناء خارج القانون. هكذا قالت المسرحية، وهكذا قال لفيف من المؤرخين الإسرائيليين الجدد، الذين أماطوا اللثام عن الوجه الآخر لما تسميه تل أبيب، حرب الإستقلال. ذاكرة تُصنع وأخرى أصابها الموت البطيء، بالكاد تستحضر الإنتهاكات الإسرائيلية، وبالأكيد تخور جهودها قبل أن تبدأ في نبش أرض المعركة. أرض لم تبُح، على ما يبدو، بكل أسرارها، ليس فقط لوقوعها تحت سلطة محتل تكمن مصلحته الكاملة في طمس تلك الذاكرة بوجهيها المدني والعسكري، وإنما كذلك لغياب إرادة عربية رسمية في إثارة مثل هذه الجوانب زمن البحث عن سلام الشرق الأوسط، سلامٌ يُفترض فيه بالجميع أن ينسى، لا أن يتذكر البعض وينسى البعض الآخر.

[انتهاء التقرير المسجل]

علي الظفيري: يبدو أن كل ما في هذا التاريخ العربي مؤلم وجارح حتى للمشاعر، للمشاعر العربية بشكل عام. السيد اللواء محمود، نتساءل إذا كانت مصر لم تبد ذلك الاهتمام الجدّي في قضية الجنود المصريين الذين تم إعدامهم في سيناء، هل يمكن أن تكون مصر ومعها، كما ذكرت أنت، الأردن والسعودية وكل الدول العربية معنية بهذه المحاولات الإسرائيلية لتهويد وتغيير تاريخ فلسطين؟

محمود خلف: هذا مؤكد مطلوب، يعني لا يمكن السكوت أكثر من هذا على ما حدث، ويحدث كل يوم من مجازر إسرائيلية وهي تستهون، يعني لا تعترف بأي قانون، إسرائيل لها مفرداتها الخاصة في الأعمال الإجرامية وأعمال العصابات، هذا هو التاريخ اليهودي كما تعلمنا وكما شاهدناه، التحرك كان مطلوب، وأن واقعة هذه الرفات في.. لازم نسميها أم الرشرش، ونصرّ على هذه التسمية العربية، كون أنها اسم قبيلة عربية، هذا الموضوع لا يمكن السكوت عليه، يفتح الباب، وعلى ملكية هذه الأراضي لأن كما نعلم جميعاً هذه الأرض..

علي الظفيري (مقاطعاً): وهي مصرية، السيد اللواء ما زال.. يعني التاريخ يؤكد أنها مصرية، يعني تاريخياً مصرية، أرض مصرية.

رائد صلاح (متابعاً): بكل تأكيد أرض مصرية، دي بكل تأكيد. لأن لو رجعنا للتاريخ الذي حدث أثناء الدولة العثمانية، الإتفاقية التي يتحدثون عنها 1906 التي رسمت الحدود أو وصفت الحدود، ولا نستطيع أن نقول الحدود، تمهيداً لتقسيم فلسطين، ما بين فلسطين ومصر، كانت موقّعة بين سلطات الانتداب الإنجليزي وهي مسؤولة عن أرض فلسطين وكانت تحتل مصر في هذا التوقيت، وبين الدولة العثمانية في اسطنبول، وحتى لما أعيدت سنة 1926 مرة أخرى يتحدثون على هذا الأمر، كان بين مصر المحتلة وما بين سلطات الإنتداب. يعني هذا الأمر لم يكن.. الأرض كانت ترسَّم وتوزّع ما بين الدولة العثمانية وما بين الإنجليز ، يعني كان هذا الترتيب موجود لديهم. جاء الوقت أن يتوقف هذا الأمر..

علي الظفيري (مقاطعاً): وهناك سيدي اللواء، للمعلومية فقط، هناك كان احتجاج مصري على وثائق بريطانية، يبدو أنها غيرت في تاريخ هذه المنطقة، وتاريخ هذه المدينة وتبعيتها. الشيخ رائد صلاح، يعني ما يبدو لي أنا شخصياً على الأقل، أنا كصحفي من خارج فلسطين، أن جهدكم أنتم هو جهد معزول ولا يجد أي دعم تجاه هذه المحاولات الإسرائيلية لتهويد كل شيء في فلسطين، ولتهويد حتى التاريخ والذاكرة. هل هذا دقيق؟ هل تشعرون أنتم بهذه العزلة وهذه الوحدة في مكافحة هذا الإجرء الإسرائيلي؟

"
الهجمة الإسرائيلية على مقدساتنا الإسلامية مسعورة، ففي عام 1948 تم تدمير أكثر من 1200 مسجد، وحتى وقتنا هذا تم إزالة كاملة لآلاف المقابر لتقام على أثرها مدن وفنادق وساحات
"
رائد صلاح

رائد صلاح: حقيقةً نحن نشعر بنوع من تضافر الجهود مع كثير من الجهات في حاضرنا الإسلامي والعربي، وإن كنا نطمع بتضافر جهود أقوى. لأنك كما تفضلت، أن الهجمة الإسرائيلية على مقدساتنا، هجمة قديمة جديدة، هجمة مسعورة بكل معنى الكلمة، تريد أن تجتث كل مقدساتنا من الجذور على صعيد كل مشاهد هذه المقدسات. ضربت أنا مثال على ذلك، في عام النكبة عام 1948 تم تدمير أكثر من 1200 مسجد، أزيلت ولم يبق منها حجر على حجر، منذ عام 1948 حتى هذه الأيام تم إزالة كاملة لآلاف المقابر وأقيم على أثرها مدن، أقيم على أثرها فنادق، ساحات، مواقف سيارات، شوارع عامة، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً. ولكن هنا نقطة تستوقفني، أريد أن أستثمر هذا اللقاء الهام جداً لأطرحها، هناك نخوض حرب بكل معنى الكلمة على أثر تاريخي، حضاري، ديني، ونرجو أن نجد المَدد والمساعدة من كل جهة كريمة تؤازر من موقفنا، نخوض الآن الحرب بكل معنى الكلمة….

علي الظفيري(مقاطعاً): مِن مَن شيخ رائد؟ يعني لو خاطبت مباشرة شيخ رائد يكون أفضل.

رائد صلاح (متابعاً): نعم!

علي الظفيري: لو خاطبت هذه الجهات مباشرة، أي الجهات التي ترتجي منها دعم؟

رائد صلاح: نعم، أنا حقيقةً.. أنا أطمع بدعم من الجامعة العربية مباشرة، نطمع بدعم من الحكومة المصرية، من الحكومة الأردنية، من الحكومة السعودية، من الحكومة التركية، بشكل خاص هذه الأسماء، في قضية وهي قضية مقبرة مأمن الله التي نخوض فيها حرب، هناك سعي لإزالة هذه المقبرة وهي موجودة في قلب مدينة القدس. وكذلك أؤكد أننا قادمون على معركة جديدة أخرى، مع شديد ألمي وأسفي، على مقبرة الرحمة التي تقع ملاصقةً لجدار المسجد الأقصى الشرقي، لأن هناك مخطط إسرائيلي لجرف مساحة كبيرة من هذه المقبرة وإقامة مبنى لمحطة قطار هوائي في قلب هذه المقبرة، التي أول من دفُن فيها جيل الصحابة، أمثال شداد بن الأوس رضي الله عنه، وعبادة بن الصامت رضي الله عنه.

علي الظفيري: طيب شيخ رائد إذا سمحت لي، إذاً مقبرة الرحمة هذا نداء توجهه، وكذلك مقبرة إيلات هذه وكل المحاولات. نريد معلومة فقط شيخ رائد فيما تبقى من الوقت، دقيقة، المدن التي تم تهجير العرب منها تماماً داخل إسرائيل أو داخل الخط الأخضر، هل دقيق ما يقال بأنه بُني في مكان مساجدها خمارات وملاهي ليلية وأندية وإلى ما ذلك، في مكان المساجد بالتحديد؟

رائد صلاح: كنت أتمنى أن لا يكون ما تقوله دقيق، ولكن مع كل ألمي، الذي تقوله دقيق. أنا أعطيك مثال يا أخي الكريم فقط واحد على مدينة صفد، وما أدراك ما صفد، حتى عام 1948 كان فيها 16 مسجد، الآن بقي فيها مسجد واحد اسمه المسجد الأحمر، تارة يُحوّل إلى مرقص ليلي، تارة يتحول إلى صالة لعرض الرسوم، تارة يتحول إلى مقر انتخابات لحزب الليكود، وبقي، بالإضافة إلى هذا المسجد، في صفد مأذنة في وسط الشارع تشكو إلى الله ظلم الظالمين. هذا مثال على مأساة مقداساتنا، أما لو انتقلنا على سبيل المثال إلى عكا أو حيفا ويافا واللد والرملة، فهناك المآسي الكثيرة، على سبيل المثال، حتى الآن مسجد السِكسِك في مدينة يافا لا يزال يُستعمل كملهى ليلي حتى هذه اللحظات، على سبيل المثال الجامع الصغير في مدينة حيفا لا يزال مغلقاً، نُحرم من آداء الصلاة فيه، وعلى سبيل المثال لا تزال هناك مواقع مقدسات من مقابر ومن مُصلّيات، في هذه المدن الخمسة تحديداً، يتهددها الزوال والإعتداء المتواصل.

علي الظفيري: شيخ رائد أشكرك جزيل الشكر، وأعرف أن هناك حاجة لوقت أطول ربما في المآسي والمصائب والكوارث الكبيرة، الشيخ رائد صلاح زعيم الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر، واللواء محمود خَلَف مستشار المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، شكراً لكما. وشكراً لكم مشاهدينا الكرام، انتهت الحلقة بإشراف نزار ضو النعيم، إلى اللقاء.