صورة عامة من برنامج ما وراء الخبر بتاريخ 4/8/2007
ما وراء الخبر

الانفتاح على الأحزاب السياسية في موريتانيا

نتوقف في هذه الحلقة عند ترخيص السلطات الموريتانية لعدد كبير من الأحزاب التي تمثل اتجاهات سياسية وأيديولوجية متفاوتة، بما في ذلك حزب يمثل التيار الإسلامي الذي ظل محظورا لنحو عقدين.

– طبيعة التوجهات الجديدة للسياسة الموريتانية
– الانفتاح الموريتاني وأثره على المشهد السياسي المغاربي


undefinedليلى الشيخلي: حياكم الله نتوقف في حلقة اليوم عند ترخيص السلطات الموريتانية لعدد كبير من الأحزاب التي تمثل اتجاهات سياسية وأيديولوجية متفاوتة بما في ذلك حزب يمثل التيار الإسلامي الذي ظل محظورا لنحو عقدين رغم محاولاته المتكررة للحصول على الشرعية القانونية والدستورية ونطرح في الحلقة تساؤلين: في أي اتجاه تسير الحياة السياسية في موريتانيا وهل تؤسس هذه الخطوة لتعددية حقيقية؟ وكيف سيسهم هذا التوجه الموريتاني في رسم معالم المشهد السياسي المغاربي؟

طبيعة التوجهات الجديدة للسياسة الموريتانية

ليلى الشيخلي: عموما ثمانية عشر حزبا سياسيا هم المواليد الجدد على خريطة الأحزاب السياسية في موريتانيا الحكومة ومنهم خارجها ينظرون إلى هذا القرار بعين واحدة خطوة بارزة باتجاه حياة سياسية حقيقية أساسها التعدد المستجدون على هذه الخارطة كثر لكن أبرزهم التجمع الوطني للإصلاح والتنمية المنتمي للتيار الإسلامي والخارج من دوائر الإقصاء التي ظل حبيس جدرانها طيلة عشرين عاما رغم تدشين مناخ التعددية في مطلع تسعينيات القرن الماضي.

[تقرير مسجل]

ميا بيضون: من حكم الحزب الواحد عام ألف وتسعمائة وستين إلى الترخيص لثمانية عشر حزبا عام 2007 يبدو أن موريتانيا قطعت شوطا ديمقراطيا تصاعديا كبيرا منذ استقلال البلاد من الاستعمار الفرنسي مرورا بفترة ولاية الرئيس معاوية ولد طايع التي استمرت حتى العام 2005 ووصولا إلى الانتخابات الحرة العام الحالي فبعد الإطاحة بالرئيس مختار ولد دادا عام 1978 انتهى مبدئيا نظام حكم الشعب الموريتاني الواحد وتولت الحكم اللجنة العسكرية برئاسة ولد طايع عام 1984 وحكم حزبه المعروف بحزب الجمهورية الديمقراطي الاجتماعي وبقي يحكم وحده إلى أن أجرت اللجنة العسكرية الحاكمة استفتاء عام 1991 أقرت خلاله الدستور الحالي الذي يسمح بتعددية الأحزاب إلا أن أحزاب المعارضة قاطعت انتخابات العام 1992 فاسحة المجال لاستمرار حكم الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي برئاسة معاوية ولد طايع ومع مشاركتها في انتخابات العام 1994 البلدية وانتخابات مجلس الشيوخ حاولت المعارضة لعب دور في الحياة السياسية في البلاد دون القدرة على البروز بشكل واضح إلا أن وجود الأحزاب الحقيقي تمثل في انتخابات عام 2003 عندما شارك خمسة عشر حزبا في الانتخابات حيث فاز ائتلاف الأحزاب هذه بأحد عشر مقعدا في مجلس النواب و15% من المقاعد البلدية واليوم منحت الحكومة تراخيص لثمانية عشر حزبا أبرزها حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الإسلامي الذي طالما رفض الترخيص له فالدستور الموريتاني ينص على منع أي حزب احتكار صفة الحزب الإسلامي الإسلاميون في موريتانيا قاموا بثلاث محاولات لتشكيل حزب أو نيل الاعتراف القانوني بهم من العام 1991 في عهد ولد طايع وحاول أيضا خلال المرحلة الانتقالية برئاسة أعلى ولد محمد فال إلا أن محاولاتهم باءت كلها بالفشل فأي جديد ستضيفه مشاركة التيار الإسلامي في الحياة السياسية الموريتانية من بوابة الشرعية القانونية التي حرم منها طويلا.

ليلى الشيخلي: هذا بالضبط ما سنسأل عنه ضيوفنا الليلة وهم من نواكشوط محمد الحسن ولد محمد سعد الأمين العام لوزارة الداخلية الموريتانية من لندن معنا الدكتور رفيق عبد السلام الكاتب والمحلل السياسي من نواكشوط أيضا محمد غلام نائب رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية ونبدأ معك سيد محمد الحسن ولد محمد سعد هذه الخطوة من قبل الحكومة ماذا ورائها ما دوافعها؟

محمد الحسن ولد محمد سعد – الأمين العام لوزارة الداخلية الموريتانية: ما أني سامع.

ليلى الشيخلي: يعني أسألك عن دوافع الحكومة للإقدام على هذه الخطوة الآن هل تسمعني يبدو لا يسمعني طيب لنسأل من نواكشوط محمد غلام يعني واضح أن الأحزاب أنتم من ضمن الأحزاب التي لديها قاعدة شعبية ما الذي ستضيفه لكم هذه الخطوة إضفاء الشرعية على حزبكم ما الذي سيضيفه؟

"
الأحزاب في موريتانيا منعت منعا سياسيا وليس دستوريا إذ ليس في الدستور الموريتاني ما يمنع الترخيص لأي حزب
"
          محمد غلام

محمد غلام – نائب رئيس التجمع الوطني للإصلاح والتنمية: بسم الله الرحمن الرحيم أولا أتقدم بجزيل الشكر إلى فخامة رئيس الجمهورية والشكر لحكومته كذلك على هذا النفس الجديد الذي بث في حياة مجتمعنا السياسية والذي يعني أن عهد الإقصاء والتغطية على آلام الشعب وأناته قد انتهى وأننا مقدمون إن شاء الله رفعة في شأننا السياسي والاجتماعي والثقافي إن شاء الله تعالى أما ما سيضيفه هذا الأمر إلينا كجهة سياسية فهو أننا كغيرنا بحاجة إلى أن نكون جزء من مكون الدولة أن يكون مشروعنا الحضاري الذي نحمله للمجتمع والذي لا يختلف في كثير من مفرداته مع برنامج أي حزب سياسي وطني مخلص يحترم ثوابت المجتمع وثوابت الدولة وللفكرة فإن الدولة الموريتانية مرجعيتها مرجعية إسلامية في دستورها الذي ينص على أن الشرعية الإسلامية المصدر الوحيد للقوانين وكذلك هي تتسمى باسم الإسلام الذي اختارته عنونا لهويتها الوطنية كجامع بين أعراقها وأجزائها ومن ثم نحن عانينا طيلة العهد المنصرف من الحرمان والإقصاء لا لأننا نود أن نحمل إلى الناس دينا لا يدينون به ولكن لأننا قد نكون من الأحزاب الأقرب إلى الشارع الوطني والأقدر على تعبئة الناس والأكثر مع غيرنا من الأكثر إخلاصا للشعب فكان المنع منعا سياسيا وليس منعا دستوريا إذ ليس بالدستور الموريتاني ما يمنع الترخيص لأي حزب على أي أساس ديني ولكن هنالك فقرة في القانون الموريتاني نحن نوافق عليها تقول يمنع على أي حزب أن يمارس أي دعاية تختلف مع مبادئ الإسلام كما يمنع على أي حزب أن ينفرد بحمل الإسلام ومنذ أول تجربة لنا كان العنوان هو حزب الأمة وثانيا كان العنوان هو حزب الملتقى الديمقراطي ثم الثالث كان الإصلاح والتنمية كما ترونه لا نريد أن ننفرد أبدا بحمل لواء عقيدة يعتقدها الجميع ولا بلواء شريعة يود أن تكون حاكما لأخلاق الجميع.

ليلى الشيخلي: طيب جميل لنذهب لسيد محمد الحسن ولد محمد يعني سألتك في البداية يعني واضح أن هناك ارتياح كبير من جانب الأحزاب التي تم الترخيص لها الآن ما الذي جعل الحكومة تقدم على هذه الخطوة الآن ما الدوافع؟

محمد الحسن ولد محمد سعد – الأمين العام لوزارة الداخلية الموريتانية: أشكركم أشكر القناة على إتاحة الفرصة هذا توجه جديد علمت الحكومة الموريتانية الجديدة على إتاحة كافة الفرص لكافة من يريده أن يتمتع بأي نشاط سياسي أو ثقافي كل من يستوفي شروط الحكومة الموريتانية قررت أن تمنحه ما يريد لذا..

ليلى الشيخلي: طيب يعني هذا ربما فرصة أن أسألك يعني هناك خمسة وعشرين حزبا تقدموا بطلب للترخيص تمت الموافقة على ثمانية عشر ما هو الأساس الذي تم بموجبه منح الترخيص؟

محمد الحسن ولد محمد سعد: الموجب الذي تم بموجبه منح الترخيص أن كل هذه الأحزاب استوفت الشروط المحددة في القانون والأحزاب التي لم يتم لها الترخيص لم تستوفي شروط محددة في القانون نحن دولة قانونية نلتزم بالقانون ونلتزم بكل ما يترتب عليه لذلك منحنا ثمانية عشر حزبا لأنها استوفت الشروط القانونية هذه الشروط القانونية أساسها التحلي بالمسلكيات ونبذ العنف ومعرفة أشخاصها والأحزاب التي لم تمنح الترخيص لم تستوفي الشروط القانونية المطلوبة ويوم أن تستوفي الشروط القانونية المطلوبة سنمنح لها الترخيص بإذن الله على هذا إذن في هذا المقام.

ليلى الشيخلي: طيب لنذهب للدكتور إذا سمحت لي أريد أن أستفسر من الدكتور رفيق عبد السلام الآن يعني واضح أن هناك ارتياح من الجانبين من الجانب الحكومة من جانب الأحزاب وهذا بالواقع أيضا يعيدنا إلى عام 1991 عندما يعني بدأ ولد طايع التعددية في ذلك الوقت ثم تتطور لتثبت أنها كانت تعددية منقوصة هل هناك ما يدعو للقلق من أن السيناريو قد يتكرر في هذا الخصوص؟

رفيق عبد السلام – كاتب ومحلل سياسي: طبعا الأمور واردة لا توجد ضمانات 100% في عالم السياسية الأمور يمكن أن تنتكس في أي وقت من الأوقات ولكن إلى حد الآن المعطيات إيجابية وتبشر بخير أن يقع الاعتراف بهذه التشكيلات السياسية التي تنتمي إلى توجهات فكرية مختلفة من العائلة الإسلامية من القوميين من الليبراليين توجهات مختلفة الآن تم الاعتراف بها من الناحية القانونية في الساحة الموريتانية وهي قوة حقيقية وممثلة لقطاعات معتبرة في المجتمع الموريتاني أنا أقول أن الضمانة الأساسية لا تستمد من نوايا الحاكم أو ما يعلنه من شعارات أو ما يطلقه من خطاب سياسي الضمانة الأساسية هي في وجود قوى سياسية حقيقية وممثلة لإرادة الشعب الموريتاني وفى وجود مجتمع أهلي أو مجتمع مدني مستقر ونشيط وإلى حد الآن المعطيات العامة في الساحة الموريتانية إيجابية هنالك توازنات أساسية ومهمة بما يفرض على الحاكم أيا كان نوعه وأيا كانت توجهاته الفكرية والسياسية أن يأخذ هذه المعطيات بعين الاعتبار أي أن يحافظ على التوازن في المعادلة السياسية والاجتماعية نحن إزاء مجتمع مركب جدا فيه تشكيلات تقليدية وتشكيلات حديثة يتكون من القبائل وهناك نقابات نشيطة وهنالك أحزاب هناك مثقفون هنالك علماء دين فكل هذه المكونات السياسية والاجتماعية تلعب دور أساسي وحيوي في الحيلولة دون الانفراد بالتسلط السياسي.

ليلى الشيخلي: شكرا جزيلا سنأخذ فاصلا قصيرا ثم نعود لنستكمل النقاش ولكن قبل ذلك هذه وقفة مع أبرز الأحزاب الجديدة في موريتانيا.

مواليد جدد على خريطة موريتانيا الحزبية

· حركة الديمقراطية المباشرة

· الحزب الديمقراطي الاشتراكي

· حزب العمل والمساواة

· الحزب الوطني للإنماء

· حزب المحافظين

· المؤتمر الشعبي الموريتاني

· التحالف من أجل الديمقراطية في موريتانيا

· التجمع الوطني من أجل الإصلاح والتنمية

إسلاميون في الحياة السياسية

التجمع الوطني من أجل الإصلاح والتنمية

· الواجهة الحزبية للإخوان المسلمين

· له قاعدة جماهيرية عريضة نسبيا

· ينتمي للتيار الإسلامي المعتدل

· له نواب بمجلسي النواب والشيوخ

· يسيطر على البلديات الكبرى بالعاصمة

· ظل مقصيا لنحو 20 عاما

· أبرز قادته محمد جميل بن منصور

[فاصل إعلاني]

الانفتاح الموريتاني وأثره على المشهد السياسي المغاربي

ليلى الشيخلي: أهلا من جديد حلقتنا تبحث في حالة الانفتاح على الأحزاب السياسية في موريتانيا محمد غلام نائب رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية اللي تم الترخيص له الآن يعني هناك اتجاه عام اليوم بأن الحركات الإسلامية والأحزاب الإسلامية توظف الديمقراطية للوصول إلى السلطة ثم تلغيها كيف تطمئنون الرأي العام الموريتاني بأن هذا لن يحدث معكم؟

محمد غلام: أولا في رأيي أن الاتجاه الإسلامي المعتدل أصبح حالة عامة هي في نضجها السياسي وثوابتها الفكرية المدنية أكثر عمقا وقابلية للتطبيق على الأرض من غيرها من الأحزاب السياسية الأخرى التي لم تجد ذات التربية ولا ذات المسلكيات لم تجد ذات المسلكيات الخلقية التي يألفها مثل هذه التيارات ونحن ننتمي لهذه الطبعة المعتدلة الهادئة التي لا ترى إكراه الناس على الدين ولا إكراه الناس على السياسة ولا ترى إكراه الناس على برامج سياسية إنما ينبغي أن يكون ميدان الحياة العامة ميدان للتنافس بيننا وبين غيرنا فأن سودنا الشعب وأعطانا المكانة فلنتقدم لنقدمه إن قام برفض ذلك وطلب منا أن نتنازل سنفعل ذلك أرجو فقط ألا تقارني أختي بين سنة 1991 وبين سنة 2006 ، 2007 لأن بينهما فرقا شاسعا الأول كان منقلب عسكري أراد أن يستمر بالأحذية الغليظة للانتخابات 1991، 1992 بينما الأخير هو جاء عبر الصناديق الشفافة جاء به الشعب الموريتاني ولذلك في اعتقاد ي أنه فرق شاسع ما بينهما من السنين هو الفرق بينهما في فرص النجاح وفرص تأدية خدمات حقيقية للشعب الموريتاني.

ليلى الشيخلي: لنسأل محمد الحسن ولد محمد الأمين يعني هناك بلا شك أيضا قلق من أن بعض هذه الأحزاب اللي تم الترخيص لها إلى جانب الخوف من أنها قد تلغي الديمقراطية فيما بعد أن لها قاعدة داخل البلد ولكن يعني مرجعياتها الفكرية هي خارج البلد ومن الأمثلة على ذلك حركة الديمقراطية المباشرة التي تحسب على اللجان الثورية الليبية وعلى الفكر الناصري ما هو تعليقك على هذا؟

"
النصوص القانونية الموريتانية تسمح لكل مواطن موريتاني ولكل تجمع موريتاني بأن يعطى له ترخيص إذا طلبه واستلزم الشروط
"
         محمد الحسن

محمد الحسن ولد محمد سعد: نحن نتعامل أولا مع المواطن الموريتاني ومع واقعنا الموريتاني ولا نتعامل مع ما قيل ونتعامل مع النصوص القانونية يا فأن النصوص القانونية تسمح لكل أحد موريتاني لكل موريتاني لكل تجمع موريتاني أن يعطى له ترخيص إذا طلبه واستلزم الشروط وكل واحد بإمكانه منافسيه أن يصمه أنه موال لأولئك لذا فهذه الاعتبارات بعد التحقيق لا تهمنا كل ما يهمنا أنه موريتاني وأنه بعد التحقيق ليست له علاقة بالخارج وفي الأصول التي سلمت لهذه الأحزاب مكتوب فيها أن على كل أحد من هؤلاء من ممثلي الأحزاب وكل الأحزاب يحذروا عليهم أن تكون لهم علاقة بالخارج.

ليلى الشيخلي: طيب يعني من هذا أيضا ربما أسألك دكتور رفيق عبد السلام بما أننا نركز على الأحزاب الإسلامية لوحظ استخدام مصطلح حزب مدني بمرجعية إسلامية يعني هذا المصطلح إلى أي حد يعبر عن تغيير في الفكر والتوجه أم هو مجرد يعني تغيير في المصطلحات والتسمية لا أكثر ولا أقل وإلى أي حد يؤثر هذا على العلاقة بين هذه الأحزاب والأنظمة؟

رفيق عبد السلام: أتصور أن هذا توضيح مهم يعني في الحد الأدنى بغض النظر عن تقييمنا لهذه العملية ما إذا كانت تعبر عن تطور أم هو موقف سابق لدى الأحزاب الإسلامية هذا توضيح مهم يعني لأنه يجلي ما هو غامض أو ما هو ضباب لدى بعض الأحزاب الإسلامية فالأحزاب الإسلامية شأنها في ذلك شأن بقية المكونات السياسية هي أحزاب سياسية لتقدم اجتهادا خاص في الدين والسياسة ولكن ليس لديها عصمة أو قداسة خاصة وإن كان يبدوا لي هذا التوضيح الذي أعلنه الحزب الإسلامي في موريتانيا ليس حالة استثنائية نحن لدينا أحزاب إسلامية أخرى تنشط سواء كان ذلك في المغرب أو في المشرق العربيين لدينا حزب العدالة والتنمية في المغرب مثلا هذا حزب سياسي ومشارك في الحياة السياسية وله أعضاء في البرلمان ولا يقول إنه حزب ديني مقدس وله عصمة خاصة لدينا جبهة العمل الإسلامي في الأردن أيضا مكون رئيسي من مكونات الحياة السياسية الأردنية وهو حزب مدني بكل المقاييس لدينا حركة النهضة في تونس رغم أنها مستثناة من الحياة السياسية ولكنها حزب سياسي ويقول إنه حزب سياسي يقدم اجتهاده الخاص في الشؤون السياسية والدينية وليس محتكرا للتمثيلية الدينية وليس عصمة أو قداسة خاصة ولكن أتصور أن هذا التوضيح مهم لأنه يجلي منطقة الغموض أو الضبابية فالأحزاب الإسلامية هي أحزاب سياسية شأنها في ذلك شأن بقية الأحزاب وانتماءها إلى المرجعية الإسلامية أو حمل الصفة الإسلامية لا يعطيها وضعا دينيا خاصا ولا يعطيها قداسة خاصة أو عصمة خاصة لأنها لا توجد كنيسة أصلا في الإسلام ولا يوجد شيئا اسمه الدين المقدس فالسياسة بطبعها مدنية كل ما يتعلق بالجانب الدنيا هو شأن مدني وليس شأن مقدس وليس شيئا مرتبط بالسماء فزعماء الأحزاب الإسلامية هم شخصيات سياسية يخطؤون ويصيبون الأحزاب السياسية الإسلامية هي أحزاب مدنية شأنها في ذلك بقية الأحزاب تخطئ وتصيب أيضا ولذلك أقول إن هذا توضيح مهم بالنسبة لداخل موريتانيا وخارج موريتانيا أيضا.

ليلى الشيخلي: طيب أريد أن يعني أسمع أيضا تعليق سريع من محمد غلام على هذه النقطة وأيضا على قضية المرجعية الموجودة الفكرية خارج البلد إلى أي حد سيؤثر هذا على الصورة التي ترسم لبعض الأحزاب حاليا الذي إذا تم الترخيص لهم داخل الحكومة؟

محمد غلام: نحن في موريتانيا المذهب السائد لدينا والذي نمارس الشعائر على أساس فقهه هو المذهب المالكي وأشهر كتاب لدينا هو كتاب خليل بن اسحاق المصري ولذلك في اعتقادي ليس هناك من غضاضة في أن تنتقل الأفكار السلمية الموافقة للدين عبر أي حدود ولكننا نحن المحليون في شعورنا بضرورة النهضة.. النهضة المتكاملة النهضة الثقافية الاجتماعية السياسية لكن مع الدين أيضا ليست لدينا خصومة مع الدين وليس هناك خصومة بين الشعب الموريتاني والدين لم يحكمنا أتترك يوما من الأيام حتى نسبح بحمده الشعب في عمومه في كل أحزابه يوجد متدينون موريتانيا لديها خصوصية خاصة بهذا الأمر لعل ما يفاجئ اليساريين هم مصلون في المساجد في موريتانيا بينما قد نجدهم ملحدين في كثير من البلاد العربية والإسلامية الأخرى ليست لدينا مثل هذه الحساسية المفرطة هنالك بعض المثقفين أحيانا تكون يملئون الدنيا ضجيجا في بعض وسائل الإعلام لكن لا يوجد لهم عمق داخل المجتمع هؤلاء الذين يشعرون بمثل هذه الحساسية وأعتقد أننا منذ بداية الديمقراطية الماضية قدمنا اجتهادات كما قال الدكتور لا تأخذ أي شكل قداسي أبدا إنما نقدم اجتهادا بشريا فعلا ينطق من ثوابت الدين وثوابت الوطن نحن كتبنا ثلاث ثوابت أساسية نرعاها في هذا البلد وننطلق منها أولها هو المرجعية الإسلامية ثانيها هو الانتساب الوطني ثالثها هو الديمقراطية الانطلاق من الديمقراطية كآلية للتبادل السلمي على السلطة ولإدارة الحياة السياسي ولذلك لا يوجد أبدا عندنا أي فكر منغلق أو رافض للأخر.

ليلى الشيخلي: طيب فقط سؤال أخير لم يبقى لي الوقت إلا أن أسألك دكتور رفيق عبد السلام عن تأثير هذه الخطوة الموريتانية في بلدان المغرب العربي؟

"
الخطوة الموريتانية تمثل تحديا حقيقيا لبعض الدول المغاربية وتحديدا للدول التي انتهجت الخيار الأمني في التعامل مع الظاهرة الإسلامية
"
      رفيق عبد السلام

رفيق عبد السلام: أتصور أن هذه الخطوة الموريتانية تمثل تحدي حقيقي تحدي لبعض الدول المغاربية وتحديدا للدول التي انتهجت الخيار الأمني في التعامل مع الظاهرة الإسلامية نحن لدينا دول انتهجت خيار أمني بوليسي بالكامل في التعامل مع هذه الظاهرة مثل تونس وانتهى وضعها إلى التأزم أو التحول من حال التأزم إلى أخرى لدينا نصف معالجة أمنية كما هو الأمر في الجزائر التي زاوجت بين المعالجة السياسية والمعالجة الأمنية اعترفت ببعض الأحزاب الإسلامية ولم تعترف بالأخرى الحالة المغربية نسبيا فيها قدر من الانفتاح بما سمح للإسلاميين إلى جانب غيرهم من المكونات السياسية بممارسة النشاط في الحياة السياسية المغربية بقي أن النموذج الموريتاني فعلا يمثل مبادرة جيدة ويمثل تحدي حقيقي كما ذكرت للنموذج الأمني الذي يعمل على فرض السيطرة بقوة الأمن وإقصاء مكونات سياسية واجتماعية حقيقية في الحياة السياسية والخيار الموريتاني يسير في الاتجاه الصحي لأن ما وقع في موريتانيا هو استجابة لمتطلبات الواقع ولمقتضيات العقل الأحزاب السياسية والقوى الإسلامية هي مكون رئيسي من مكونات الساحة ولا يمكن إلغائها بقوة القانون ولا بقوة الدولة والأصل في الأشياء التوجهات القانونية وسياسات الدولة وسياسات الحكومة أن تعبر عن الواقع كما هو أن تعترف بالواقع إذا كانت هنالك أحزاب إسلامية موجودة على الأرض فليس من مهمة الدولة إلغاء هذا المعطى أو إلغاء هذه الحقيقة بل إيجاد الإطار القانوني والسياسي الذي يعترف بهذه الحقيقة الموجودة على الأرض فأقول وقت ما أنه التجربة الموريتانية هي خطوة في الاتجاه الصحيح وهي استجابة لندا ومقتضيات الواقع ولمقتضيات المستقبل أيضا وهي تمثل تحدي حقيقي بالنسبة للدول التي نهجت الخيار الأمني سواء كان ذلك في المغرب العربي أو في المشرق أيضا كما هو الأمر في الحالة المصرية أو الكثير من الدول العربية الأخرى التي خيرت انتهاج سياسة أمنية في التعامل مع الطرف الإسلامي.

ليلى الشيخلي: شكراً جزيلا لك وفي الختام نشكر ضيوفنا الكرام، نشكر من نواكشوط محمد الحسن ولد محمد سعد الأمين العام لوزارة الداخلية الموريتانية ومن لندن معنا الدكتور رفيق عبد السلام الكاتب والمحلل السياسي ومن نواكشوط أيضا محمد غلام نائب رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية وشكراً لكم مشاهدينا الكرام بإمكانكم كالمعتاد المساهمة في اختيار مواضيعنا بإرسالها على عنواننا الإليكتروني indepth@aljazeera.net في أمان الله.