
العلاقات الأميركية المصرية وتباين المواقف
– انعكاسات التصريحات على مستقبل العلاقة بين البلدين
جمانة نمور: أهلا بكم، نحاول في حلقة اليوم التعرف على ملامح الصورة الراهنة للعلاقات الأميركية المصرية على ضوء تباين مواقف البلدين حول العديد من الملفات وخاصة منها ما يتعلق بحقوق الإنسان بعد أن ردت القاهرة بقوة على تصريحات بوش المطالبة بالإفراج عن المعارض السياسي أيمن نور، نطرح في الحلقة تساؤلين رئيسيين: هل تعكس تصريحات الرئيس بوش خلافا جوهريا في وجهات النظر مع القاهرة أم مجرد تسجيلا للمواقف؟ وما هي انعكاسات مثل هذه التصريحات على مستقبل العلاقات بين الدولتين الحليفتين؟
جمانة نمور: ردت مصر بحدة على الدعوة التي وجهها الرئيس الأميركي جورج بوش من أجل الإفراج عن المعارض السياسي أيمن نور في حملة رأي مقربون من نور أنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية، فقد قالت زوجته جميلة إسماعيل إن تعليقات الرئيس بوش يمكن أن يكون لها أثر سلبي على دعوى قضائية أقامها نور طالبا فيه الإفراج عنه لأسباب صحية، أما وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط فقال إن ما ذكره الرئيس بوش يعد تدخلا غير مقبول في شؤوننا الداخلية ومساسا لا نقبله بأحكام أصدرها القضاء المصري، في حين قالت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب المصري إن تصريحات بوش تناولت الأوضاع الداخلية في مصر وهي شأن يعني المصريين وحدهم واعتبرت أنه كان الأولى بالرئيس الأميركي أن يتحدث عن سجناء غوانتانامو المحرومين من أبسط حقوق الدفاع القانوني الذي كفلته كل مواثيق حقوق الإنسان وهذا كان بوش قد قال إن واشنطن تستخدم نفوذها لحث دولا مثل مصر على التحرك نحو الحرية ودعا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنه وسجناء سياسيين آخرين وتصريحات الرئيس بوش الأخيرة لم تكن حالة فريدة في تاريخ العلاقات الأميركية المصرية فقد سبقتا تصريحات وموافق مماثلة في عهد الإدارات السابقة وأدى ذلك إلى تذبذب في العلاقات تراوح بين الفتور أحيانا والتوتر أحيانا أخرى لكنها ظلت في الإجمال علاقات وثيقة تحكمها مصالح استراتيجية بين الطرفين.
[تقرير مسجل]
نبيل الريحاني: لواشنطن الكثير مما تعطيه للقاهرة وللقاهرة بدورها الكثير كي تمنحه لواشنطن، منطق حكم العلاقات المصرية الأميركية التي استحكمت عراها خاصة بعد توقيع اتفاقية كامب ديفد لكنه مع ذلك شهد هزات لم تفسد ود تحالف أملته مصالح مشتركة انتقادات واشنطن للقاهرة ليست بدعة فبين حين وآخر يراجع الكونغرس حصاد العلاقات الأميركية المصرية ويستشرف مستقبلها، بين دعوات لاستمرار الوصال وأخرى للجفاء يستمر الجدل الأميركي في مراجعة العلاقة مع مصر مقرا رغم التحفظات بأرض الكنانة بوابة للتسوية في الشرق الأوسط يتعذر تجاهلها بحال وبدورها المؤثر في مسار السلام وفي الحرب على الإرهاب، أميركا الممتنة لمصر تكافئ حليفتها بكرم، معونات بـ 60 مليار دولار منذ 1979، تدفق للمساعدات العسكرية منذ 1989 بلغت كلفته أكثر 7 مليارات دولار بين سنة 1999 و2005، ديون بين سنتي 1982 و1989 شطبتها الخزانة الأميركية عن مصر بالكامل، سخاء لم يقطع صفاؤه سوي سعي الرئيس بوش أحيانا لترجمة التزامه بمناهضة استبداد الحكومات الشرق أوسطية ذلك الاستبداد الذي اعتبره بوش بعيد هجمات سبتمبر مفرخة الإرهاب وحاضنته الأولى، توزعت الانتقادات في حصتها المصرية على ملفات محورها الحريات السياسية كما في المطالبة المتكررة بإطلاق أيمن نور وكذلك الحريات الدينية التي أخذ فيها وضع الأقباط النصيب الأوفر، غير أن وتيرة الحملة الإصلاحية التي أطلقها المحافظون الجدد علها تغير شيئا من ملامح الشرق الأوسط لم تبق على زخمها الأول فالتغيير في العراق لم تستوي ثماره بعد وصناديق الاقتراع في فلسطين جاءت بمن تراهم واشنطن إرهابيين مرفوضين في النظام العالمي الجديد الأمر الذي أجبر الإدارة الأميركية على مراجعة الحسابات ومنح الحكومة المصرية الفرصة والجرأة لنقد من دأبت في العادة على شكر أياديه البيضاء.
جمانة نمور ومعنا في هذه الحلقة من القاهرة الدكتور مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري ومن القاهرة أيضا عبد الله السناوي رئيس تحرير صحيفة العربي أهلا بكما، دكتور مصطفى ما الذي يجري هذا الانتقاد من بوش وهذه المطالبة وهذا الرد المصري في إطار نضعه؟
" هناك حالة من الرفض لتصريحات الرئيس الأميركي من حيث الشكل والمضمون لأننا لا نتصور أن فاقد المصداقية يمكن أن يدافع عنها -يعني بوش- في موقف لا يجعله متحدثا رسميا باسم حقوق الإنسان " مصطفى الفقي |
مصطفى الفقي – رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان: هناك حالة من الرفض لتصريحات الرئيس الأميركي بوش في براغ من حيث الشكل قبل أن تكون من حيث المضمون لأننا لا نتصور أن فاقد المصداقية يمكن أن يدافع عنها يعني بوش في موقف لا يجعله متحدث رسمي باسم حقوق الإنسان فضلا عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول أنا معكِِ في أنه حقوق الإنسان لها قواعد ومعايير عامة ولم تعد هناك حدود وحواجز، لكن من الذي يتحدث؟ إنه الذي يقوم بوضع سجناء غوانتانامو في أسوأ أوضاع السجون في التاريخ، إنه هو الذي يقتل في العراق، إنه هو الذي يدعم إسرائيل بلا حدود في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إنه هو الذي يغمض عينيه عن اعتقال رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني وعشرات معه، لماذا يتباكى على حقوق الإنسان في دولة معينة ويتركه في دولته دولة الأصل الولايات المتحدة الأميركية والدول الحليفة الأخرى؟ لديه في العالم العربي هنا من يتحدث بمنطق معين..
جمانة نمور: يعني هو من مصر السفير الأميركي، السفير الأميركي من مصر وبعد لقائه الرئيس مبارك تحديدا قال الوضع مع حماس مختلف وأعاد ذكر الشروط الثلاث الأميركية التي أصبحت معروفة ولكن حتى وزير الخارجية المصري قال بأن عمق العلاقات المصرية الأميركية يتسع لأن تعبر مصر عن استيائها ودهشتها من هذه التصريحات إذا هو مجرد استياء ودهشة دكتور..
مصطفى الفقي: ليس الأمر كذلك فقط.
مصطفى الفقي: لا أسمع الصوت لا يأتي..
جمانة نمور: إذا ما هو الأمر؟
مصطفى الفقي: لا أسمعك..
جمانة نمور: إذا إلى أن يتمكن الدكتور مصطفى من سماعنا نسأل السيد عبد الله السناوي كيف تابع هذا الموضوع؟
عبد الله السناوي – رئيس تحرير صحيفة العربي: أنا بأعتقد أن قضية أيمن نور في الأساس لابد أن نضعها في إطارها الصحيح، يمكن للدكتور مصطفى ويمكن لوزير الخارجية أبو الغيط أن يتحدثا عن تدخل أميركي في الشؤون الداخلية وعن احترام القضاء المصري وعن أن ليس لبوش ولإدارته مصداقية في حقوق الإنسان ويمكن أن أوافق على هذا الكلام كله لكن يجب أن نطرح الآتي أيضا أن هناك تنكيلا غير مسبوق بالمعارض أيمن نور أنه قد جرى حبسه لفترة طويلة وهناك ظن عام بأنه قد نكل به لأنه نافس وأخذ الأمر على محمل الجدية الرئيس المبارك في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وهو كان وصيفه في هذه الانتخابات ثم لقد جرى الاعتداء عليه أخيرا بالضرب من ضابط في الأمن وقدم بلاغا عندما ولم يتم التحقيق الجدي فيه ثم دعيني أقول لكِ أن محكمة عابدين أصدرت اليوم حكما غيابيا بالحبس على أيمن نور أسبوعين وغرامة 50 جنيها بتهمة إيصال أمانة بمائة جنيه، يعني أيمن نور لو كان قد مكن اليوم من الذهاب إلى المحكمة كان يدفع المائة جنيه يعني حوالي 20 دولار لكن طبعا للتنكيل به ولإهانته جرى منعه من الحضور إلى المحكمة، يا سيدي سيبك من بوش أين العدالة المصرية؟ أين الدولة المصرية؟ عندما يجري التنكيل بمعارض مصري على هذا النهر، طب يا سيدي عامل أيمن نور زي المغني تامر حسني الذي زور في يعني وثائق عسكرية ثم جرى العفو عنه، لماذا لا يعفى عن أيمن نور؟ يعني لماذا لا يمكن القضاء الإداري من لعب دوره هذا هو السؤال..
جمانة نمور: طيب ولكن دعوة الرئيس بوش هذه هي يعني زوجة يعني سيد عبد الله زوجة أيمن نور قالت بأنها ربما قد يكون لها نتائج عكسية، هل تتوقع أنت أيضا ذلك؟
عبد الله السناوي: نعم أنا أتوقع ذلك تماما وهذه هي قواعد اللعبة التي جرت بين النظام وأيمن نور يعني أستطيع أن أروي لكِ الآن قصة حقيقية قبل الانتخابات الرئاسية قبل التقدم قبل أن يتقدم أيمن نور للانتخابات الرئاسية كانت في القاهرة كوندوليزا رايس وفي قد قبلت أيمن نور وكان في اليوم التالي موعدا محددا للقاء بينها وبين عدد من نشطاء المجتمع المدني في هذا اليوم وقد سهرت معه حتى السابعة صباحا في مقهى مفتوح في الزمالك قال لي أيمن نور ما نصه أنه ينتظر مصيبة سوداء في اليوم التالي لأن كوندوليزا رايس أن تقابله على انفراد، فإذا ما قابلها على انفراد فسوف يقال عنه إذا إنه عميل وإذا رفض هذا اللقاء فقد ينظر إلى ذلك أنه قد دفع الغطاء عنه ويجري التنكيل به، أيمن نور الآن في مثل هذا الوضع بالضبط لا يستطيع أن يرفض يعني أي تدخل أجنبي لكنه إذا قبله سوف ينكل به ولهذا لابد أن يعود بالأمر إلى الجماعة الوطنية أرجو أن أقول الآتي..
جمانة نمور: نعم على ذكر زيارة وزير الخارجية الأميركية نعم على كل أثرت نقاط ربما من حق الآن الدكتور مصطفى اصبح بإمكانه أن يسمعنا..
عبد الله السناوي: أنا أرجو أن أقول إن الأمر يجب أن يكون في يد الجماعة الوطنية المصرية الجماعة الديمقراطية أن تتدخل للإفراج..
جمانة نمور: طيب دكتور مصطفى إذا الآن بغض النظر عن إن إذا ما كان الرئيس بوش هو الذي طالب بذلك أم لا السيد عبد الله برأيه القضية تفضل، دكتور مصطفى يبدو أن صوتنا من جديد لم يصل إليه، لنتأكد هل تسمعنا دكتور مصطفى الفقي؟
مصطفى الفقي: أنا أسمعك الآن نعم لكن لم اسمع كل حديث الأخ السناوي إطلاقا للأسف..
جمانة نمور: هو يقول بغض النظر عن ذلك قضية أيمن نور هي بالنهاية قضية حقوق إنسان ولما لا يتم التعامل معها على الأقل كما تم التعامل مع تامر حسني مثلا؟
مصطفى الفقي: إنني أريد أن أقول لك أنني مع سجناء الرأي، قضايا الرأي يجب أن نتخذ فيها مواقف مختلفة تماما ولكن لابد في الوقت نفسه من احترام سيادة القانون وأحكام القضاء، يعني لا أستطيع أن أتدخل في أحكام القضاء الأميركي، قد يقول البعض إن قضية أيمن نور ذات طابع سياسي هنا يبدو الخلاف في الرأي لا أستطيع أبدا أن أقول للقاضي أنك حكمت بما لا يجب هذا حكم قضائي إذا نطنطن ونتحدث صباح مساء عن احترام السلطة القضائية والقضاء المصري الشامخ والعريق فلا نستطيع أن نتدخل في أحكامه يمكن أن نلتمس العفو الصحي..
جمانة نمور: ما قد يستغربه البعض..
مصطفى الفقي: لو سمحتي أكمل..
جمانة نمور: لو سمحت أن تختصر فقط..
مصطفى الفقي: يا أخت جمانة أنا لا أستطيع أن أكمل هكذا لو سمحتي أعطني فرصة..
مصطفى الفقي: أنا أقول إنه إذا كان المطلوب هو العفو الصحي فهذه قضية أخرى أنا شخصيا أعرف الأخ أيمن نور وأقدر كثيرا من قدراته وكان زميلا لي في البرلمان ولكن عندما يأتي الحديث من رئيس دولة أجنبية هذا أمر آخر، عندما يأتي من المعارضة المصرية نستمع، عندما يأتي من وجهة نظر حتى عربية نلتفت إليها، إنما تأتي من الذي يبدأ المذابح في العراق يوميا ويحمي إسرائيل في كل قراراتها وتصرفاتها ويقوم بعمليات التعذيب النفسي والإنساني في غوانتانامو، لا يمكن أن أتصور ذلك، أولى به أن يبحث عن حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأميركية وهي منتهكة بحكم المحكمة الأميركية العليا بشكل مفضوح تماما هذه هي نقطة الخلاف، المصداقية منعدمة من جانب الرئيس الأميركي وإدارته الحالية..
جمانة نمور: السؤال الأساسي الذي يتبادر إلى أذهان البعض لماذا الآن هذا الرد القوي من مصر على تدخل أميركي فيما في السابق ربما كان الرد مختلفا؟ وهل لهذا علاقة برهان ما على موضوع أن هناك أصبح أكثر من رأي في الولايات المتحدة الأميركية فيما يتعلق بموضوع الإصلاح في العالم العربي؟ وهل من مصلحة الإدارة الأميركية أن تبقي على أنظمة حليفة أم تدعم أو تدفع أكثر باتجاه الإصلاح؟ هل ما تحاول القيام به مصر الآن اللعب على هذه الأوتار الأميركية؟
مصطفى الفقي: المفهوم قلناه عشرات المرات.. من يتغطى بالولايات المتحدة الأميركية فهو عار، الولايات المتحدة ليست حليفا دائما لأي قوة في العالم، كل علاقاتها قائمة على مصالح مرحلية، العلاقات بين الشعب العربي والشعب الأميركي علاقات طيبة ولكن الإدارة الحالية تقوم بتصرفات غير متوازنة، تقولين لماذا هذه المرة؟ الإجابة لأنه قال ذلك في عاصمة دولة أوروبية وقاله خروجا على السياق وذكر اسم الأخ أيمن نور تحديدا فيه نوع من التدخل يعني لو تحدث بشكل عام عن قضايا الإصلاح وحقوق الإنسان في مصر والمنطقة لبدا الكلام معقولا ومقبولا ولكن لم يحدث تكرار أسماء في تاريخ الحياة السياسية المصرية إلا سعد الدين إبراهيم عالم الاجتماع المعروف وقد أدى هذا إلى موقف عكسي له والموقف الحالي بالنسبة للأخ أيمن نور، إنني أريد أن أقول إن القرار المتصل بأيمن نور يجب أن يكون قرارا مصريا وليس إملاء أميركيا على الإطلاق، الكثيرون يتعاطفون مع ظروف أيمن نور الصحية وهذا أمر إنساني نعتبره أمر محل التقدير والاحترام ولكن لا يأتي من القوة العظمى في العالم وكأنها تملي على الآخرين وتوزع تعليماتها على الكون، هذا أمر غير مقبول وكانت اللجنة العلاقات الخارجية برئاستي في حالة غضب شديد لا من أيمن نور ولا موقف ضده ولكن من هذا التصرف الأميركي غير المسبوق الذي يمثل تدخلا سافرا وطعنا في أحكام القضاء المصري ووضعا للأنف في الشؤون الداخلية للدول وهذه سمة أميركية جديدة تتصرف فيها منفردة في عالم اليوم وهذا أمر لن أقبله مهما كانت علاقاتنا، تحدثتم في البداية عن المعونة الأميركية لمصر، هذه المعونة طريق ذو اتجاهين.. مصر هي عنصر الاستقرار والداعمة في المعركة ضد الإرهاب وركيزة التوازن في المنطقة والولايات المتحدة الأميركية تعلم ذلك قبل غيرها..
جمانة نمور: على كل سوف نتابع النقاش بعد وقفة قصيرة فنرجوا أن تبقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
انعكاسات التصريحات على مستقبل العلاقة بين البلدين
جمانة نمور: أهلا بكم من جديد، سيد عبد الله السناوي استذكرت معنا قبل قليل عندما زارت وزيرة الخارجية الأميركية العاصمة المصرية نحن أيضا نتذكر الحديث المحاضرة الشهير لرايس في الجامعة الأميركي هناك عام 2005 ذاك الحديث الذي عكس إصرارا أميركيا على إجراء ما وُصف بالإصلاحات الديمقراطية، حينها النبرة كانت عالية جدا، حللها البعض بأنها شكلا من أشكال التهديد، هذه النبرة خفتت ثم تغيرت ثم تعلو ثم تخفت، لماذا برأيك؟ وكيف ينعكس ذلك على وضع المطالبين بالإصلاح داخليا؟
" |
عبد الله السناوي: نعم، يعني بدا أن لدى الإدارة الأميركية في عام 2005 استراتيجية جديدة في المنطقة ترى أنه لابد من الضغط على الدول الحليفة التي وصفتها كوندوليزا رايس بأنها ديكتاتورية وفاسدة من أجل إصلاحات سياسية ودستورية ثم بدا مع التورط الأميركي أكثر في المستنقع العراقي وفي الملف الفلسطيني أنها في حاجة مرة أخرى إلى هذه النظم مقتنعة بأن الشارع العربي يرفضها وأنه إذا أجريت انتخابات ديمقراطية فسوف يأتي إلى الحكم معارضيها وبدا أن الصفقة الرئيسية تمضي على النحو التالي.. التخفيف والضغوط الأميركية على مصر والسعودية والأردن والدول الحليفة بشكل عام في ملفي الإصلاح السياسي وحقوق الإنسان مقابل أدوار أكبر تقود بها هذه الدول في التعاون الاستخباراتي وفي خدمة المصالح الأميركية في العراق وفي فلسطين ومن هنا فأنا لا أفهم بالمر ولا أتعاطف بالمرة مع ما قاله وزير الخارجية المصري من أنه يرفض التدخل الأميركي نعم نحن نرفض التدخل الأميركي لكن رفض التدخل الأميركي وليس المظهر الوحيد للسياسة هو التنكيل بأيمن نور وعدم إقامة العدالة، هذا يستدعي مراجعة السياسة المصرية الخارجية المتخاذلة في المنطقة العربية بإجمالها وفي العراق وفي السودان، مصر ليس لها دور في السودان مصر ليس لها دور في المشرق العربي مصر ليس لها دور حقيقي إن ما تريده أميركا في فلسطين وفي العراق، هذه هي المراجعة الحقيقية لكن الحديث عن رفض التدخل بينما نحن نتبع السياسة الأميركية بحذفيرها في المنطقة أنا أعتقد أن هذا تناقض كبير ثم أننا لا نريد أن نخلط الأوراق فيما يتعلق بأيمن نور يعني أو حتى توجهات بوش أنا لا أعتقد بالمرة أن بوش جادا لكنه يريد أن يستخدم ورقة أيمن نور لمزيد من الضغط على النظام المصري، سعد الدين إبراهيم الأكاديمي المعروف الموالي للإدارة الأميركية خرج وقال بعد لقاء بوش أن بوش قد خان قضية الديمقراطية، إذا كان هذا هو كلام سعد الدين إبراهيم ماذا يقول القوميون العرب؟ ماذا يقول معارضو السياسة الأميركية يعني لسنا في حاجة..
جمانة نمور: ولكن البعض يقول بأن الولايات المتحدة أو الغرب إذا ما أراد دعم هذه المسيرة الديمقراطية مثلا على الآن في مصر عليه أن يعتمد على معارضة عليها أن تبرهن أنه يمكن أن يعول عليها فيما أن الأحزاب الإسلامية واللبرالية الماركسية القومية التيارات الإسلامية الأحزاب الدينية ممنوعة في مصر يعني، لكن كل هذا الموزييك فشل في أن يكون حركة ديمقراطية موحدة على مدى هذه الأعوام الماضية؟
عبد الله السناوي: نعم هناك أخطار كبيرة في الحركة الديمقراطية والمصرية نتحمل مسؤولياتها لكن الولايات المتحدة ليست قيما بل نراها أنها عدو للمنطقة العربية ولمصر وعائق أمام التطور الديمقراطي، هي التي تحمي الفساد، هي التي تملي أجندتنا في السياسة الدولية هي التي تتدخل في الشؤون الداخلية المصرية، أنا مستعد أضرب مائة مثال لتدخل أميركي دون أن ينتفض أحد للحديث عن التدخل في الشؤون الداخلية المصرية وبالتالي أريد أن أعزل الآن في هذه اللحظة قضية أيمن نور عن كل هذا الموزييك وأقول إن هناك ظلم حقيقي قد وقع عليه وأنه لابد من الإفراج عنه صحيا على الأقل ولابد أن يستجيب رئيس الجمهورية إذا كان لا يريد أن يستجيب لبوش نحن نؤيده في ذلك لكن لابد أن يستجيب لشعبه، للقوى المعارضة، للمجتمع المدني الذي يطالب بالإفراج الصحي الآن وفورا عن أيمن نور أو أن يعطى العدالة مثل تامر حسني على الأقل يعني هذا ما نريده الآن..
جمانة نمور: دكتور مصطفى الفقي إذا السيد عبد الله السناوي وكما عرض يرى رفضا للتدخل في الشؤون المصرية ما معظمها يعني كما قال الآن أعطى مثالا أيمن نور وقضايا ربما حقوق إنسان أخرى فيما أن مصر بسياستها الخارجية هي مع الخط الأميركي100% في المنطقة، ما تعليقك؟
جمانة نمور: أريد أن أقول لك أن الولايات المتحدة الأميركية تاريخيا تدعو وتتجه وتسعى إلى أنظمة موالية وليست أنظمة لا ديمقراطية ولا ترعى حقوق الإنسان ولا تسعى إلى الإصلاح الحقيقي، هذه شعارات مرحلية جاءت في هذه الإدارة الأميركية الحالية بعد 11 سبتمبر 2001 ولكن لا أعتقد أن الولايات المتحدة الأميركية مخلصة في ذلك بدليل لو أن هناك نظاما مواليا 100% تغمض الولايات المتحدة الأميركية عينيها تماما عن كل ما يجري بداخله والنماذج كثيرة في العالم ولكن عندما تشعر بضرورة الضغط على بعض الأنظمة فإن لديها أوراق جاهزة تستخدمها عند اللزوم، ما أريد أن أقوله إن قضية الدكتور أيمن نور هي قضية مصرية بحتة..
جمانة نمور: بأي إتجاه إذا تضغط الآن هل ترى عفوا دكتور يعني في الدقائق الأخيرة إذا هل ترى بتصريحات الرئيس الأميركي ضغطا على مصر ولماذا؟
جمانة نمور: أرى أنه نوع من الضغط لأنه أريد أن أقول لك بصراحة برغم كل الاتهامات الموجهة إلى النظام المصري بعلاقات طيبة مع الولايات المتحدة الأميركية إلا أن هناك هامش اختلاف حقيقي في المنطقة، القاهرة ليست طائعة 100% في توجهات الولايات المتحدة الأميركية في سياستها الإقليمية سواء في دارفور أو في العراق أو تجاه القضية الفلسطينية، هذا أمر يجب أن يكون في الحسبان، كان مطلوبا من مصر دور أكثر تورطا في العراق، كان مطلوب من مصر دور أكثر مرونة في القضية الفلسطينية، كان مطلوب من مصر ضغط أكثر على حكومة الخرطوم فيما يتصل بمسألة دارفور، لا تبدو مصر طيعة 100% في اليد الأميركية، فمن الطبيعي أن يحد مثل هذا الذي يحدث ثم إن الإصلاح عملية ذاتية يا أختي لا يمكن أن يفرض من الخارج، يمكن أن تأتي هذه العبارات همسا أما هذا الانتقاد العلني فهو عملية ضغط لا تؤدي إلى نتائج إيجابية بل قد تؤدي إلى نتائج عكسية بمنطق الكرامة والإحساس بالذات والرغبة في عدم التدخل وما قالته السيدة الفاضلة حرم الدكتور أيمن نور صحيح في هذا المعنى، من يريد الإصلاح الحقيقي يتحدث من خلال القنوات الدبلوماسية..
جمانة نمور: يعني لماذا قد يخلق نتائج عكسية على أيمن نور؟ يعني هل لأن الرئيس بوش قال ذلك الآن إذا ما أراد المصريون أن يثبتوا أنهم لا يريدون الاستماع إلى إدارة بوش يرفضون إطلاق سراح نور؟
مصطفى الفقي: يعني أنا أستطيع أن أقول لك لو كانت هناك نية وأرجو أن تكون موجودة للإفراج الصحي عن الأخ أيمن نور مثل تصريحات الرئيس بوش تجعل صاحب القرار يشعر أن الاستجابة الآن تبدو وكأنها نتيجة للضغط الأميركي، هذه الأمور يجب أن تعالج بحكمة وفي إطار الأسرة المصرية، هناك برلمان مصري لجنة حقوق الإنسان فيه زارت الدكتور أيمن نور وهناك المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي أتشرف بعضويته.. زاره رئيس المجلس وهناك حديث متصل كان بالأمس فقط آخر يوم حول هذا الموضوع هناك جهود تبذل من أجل حالته الصحية ولكن لا يمكن أن يأتي هذا بقرار من سيد البيت الأبيض، يعني كفانا خضوع للضغوط، الأخ السناوي يقول إن كثيرا ما خضعنا للضغوط لكن ليست كل الأمور متساوية هذا أمر يتصل بالكرامة الوطنية والقضاء المصري..
جمانة نمور: شكرا لك من القاهرة دكتور مصطفى الفقي ومن القاهرة أيضا نشكر السيد عبد الله السناوي وبالطبع نشكركم مشاهدينا على متابعة هذه الحلقة من ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم، بإمكانكم المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات المقبلة بإرسالها على عنواننا الإليكتروني indepth@aljazeera.net، إلى اللقاء.