مازن سنقرط + محمد كريشان/ مقدمة الحلقة
ما وراء الخبر

الأزمة المالية التي تعيشها الحكومة الفلسطينية الجديدة

تحاول الحلقة الوقوف عند الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها الحكومة الفلسطينية الجديدة في ظل تصريحات رئيس الوزراء إسماعيل هنية بأن حكومته تسلمت الخزينة الفلسطينية خاوية ومثقلة بالديون.

– حجم الأزمة المالية للحكومة الفلسطينية الجديدة
– كيفية تعاطي الحكومة الفلسطينية مع الأزمة


undefinedمحمد كريشان: أهلاً بكم، نحاول في هذه الحلقة الوقوف عند الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها الحكومة الفلسطينية الجديدة كما عبّرت عنها تصريحات رئيس الوزراء إسماعيل هنية بأن حكومته وجدت الخزينة الفلسطينية خاوية تماماً ومثقلة بالديون ونطرح تساؤلين اثنين؛ ما هو حجم الأزمة المالية التي تواجهها الحكومة الفلسطينية الجديدة؟ وكيف ستتعاطى هذه الحكومة مع أزمة مالية في الداخل وحصار سياسي من الخارج؟ تواجه الحكومة الفلسطينية أزمة مالية خانقة، أزمة ليست وليدة اليوم لكنها قد تزداد حدة في سياق الضغوط الإسرائيلية والدولية التي تهدف إلى إرغام حماس على تغيير برنامجها.

حجم الأزمة المالية للحكومة الفلسطينية الجديدة

[شريط مسجل]

إسماعيل هنية- رئيس الحكومة الفلسطينية: أشير إلى أن وزير المالية كان قد أوضح بأنه تسلم وزارة فارغة من أي ميزانية، لا يوجد فيها أي شيء، فضلاً عن المديونية العالية على الوزارة وعلى كافة الوزارات وعلى الحكومة إلى جانب القضايا الأخرى ذات الصلة بالإخوة الموظفين والعاملين في الوزارات المختلفة، هذا هو الواقع الموجود الذي تسلمته وزارة المالية ولكن نحن من واجبنا ومسؤوليتنا أن نعمل، أن نجتهد وأن نبحث في كل اتجاه وأن نتحمل مسؤوليتنا الكاملة في توفير احتياجات الشعب الفلسطيني.

[تقرير مسجل]

مصطفى ازريد: كان على الحكومة الفلسطينية الجديدة أن تواجه منذ أول جلسة في تاريخها سؤالاً ملحاً وعاجلاً، كيف ستدفع رواتب مائة وأربعين ألف موظف؟ رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية قال إن أعضاء حكومته لن يحصلوا على رواتبهم قبل أن يحصل آخر موظف على راتبه، لكن هل يكفي ذلك لمواجهة الأزمة المالية الخطيرة التي تواجهها الحكومة؟ فقد جمد الإسرائيليون التحويلات الجمركية والضريبية وعلى الحكومة الآن الحصول على مائة وستة عشر مليون دولار لدفع الرواتب الشهرية وجمدت الولايات المتحدة مساعدات بقيمة مائة وخمسين مليون دولار وتواجه الحكومة خطراً أكبر إذا جمد الاتحاد الأوروبي مساعداته الضخمة ويبقى أملها معلقاً على وعود بمساعدات عربية وإسلامية قد تأتي وقد لا تأتي، الحكومة يمكنها في البداية الاعتماد على صندوق الاستثمار الفلسطيني الذي كان من المفترض أن يخصص المليار دولار المودع فيه لمحاربة الفساد والرشوة في السلطة، لكن ما في الصندوق لن يحل مشكل الرواتب أكثر من ثلاثة أشهر ويمكن للحكومة أيضاً انتظار حلول توافقية يفرضها الوضع الفلسطيني، فالمراقبون يرون أنه ليس من مصلحة الإسرائيليين أو الأميركيين أن يتدهور الوضع المعيشي في الأراضي الفلسطينية إلى حد يجعل أصابع الاتهام بتجويع الشعب الفلسطيني توجه إليهم، إذ صارعت إسرائيل إلى الاستخفاف بتحذيرات منظمات دولية من أن قطاع غزة على شفى كارثة إنسانية وذكرت مصادر إسرائيلية أن إسرائيل تدرس إمكانية تحويل الأموال المستحقة للفلسطينيين إلى مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومنه إلى رؤساء المحافظات مباشرة ويمكن أن تتبع الولايات المتحدة الأسلوب ذاته ويتوقع أن ينشأ الاتحاد الأوروبي صندوق تمويل في مكتب الرئيس الفلسطيني، إذاً فالمتوقع أن يستأنف تدفق المساعدات قريباً لكنها لن تصل إلى أيدي الحكومة الفلسطينية ما سيحد من فاعليتها وهذا ما يريده أعدائها.

محمد كريشان: ومعنا في هذه الحلقة من دمشق موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، من القدس مازن سنقرط وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني السابق ومن القاهرة عبد الحليم قنديل رئيس تحرير صحيفة الكرامة، نبدأ من القدس والسيد مازن سنقرط، سيد سنقرط هل هو الإفلاس الذي كان هدد منه ولفنسون قبل أسابيع؟

مازن سنقرط- وزير الاقتصاد الفلسطيني السابق: بسم الله الرحمن الرحيم، نعم هذا صحيح، السيد ولفنسون يعلم تماماً كما تعلم اللجنة الرباعية بأن الأزمة المالية التي عانت منها السلطة خلال العام الماضي هي أزمة تراكمية بسبب عدم التزام المجتمع الدولي بما تم الالتزام فيه في المؤتمرات الاقتصادية ومؤتمرات المانحين المختلفة خلال سنة الـ 2005، فبالتالي هذه الأزمة هي أزمة متراكمة وعمرها أكثر من عام وبدأت.. يعني تظهر لها صور وانعكاسات جديدة على أثر الانتخابات الأخيرة بعدم التزام المجتمع الدولي بإعطاء الشعب الفلسطيني ما التزم فيه سابقاً أو الاستحقاقات التي كانت تعطى لنا وهي قليلة خلال المرحلة القادمة، بالإضافة للموضوع الإسرائيلي الذي يعلمه الجميع.. الشهرين الذين مضوا شهر اثنين وثلاثة لم يعطي الطرف الإسرائيلي الاستحقاقات الضرائبية والجمركية للشعب الفلسطيني، فأصبحت الأزمة فعلاً خانقة وفعلاً جدية وممكن أن تشكل كارثة إنسانية وتشكل الأهم من هذا كله هو انهيار المؤسسة وهي مؤسسات الحكومة والقطاع العام التي تقدّم الخدمات للشعب الفلسطيني والتي بنيت على أساس متين لتقديم هذه الخدمات وتكون لها جدوى في قضية الاستقرار الوظيفي والاجتماعي والاقتصادي للشعب الفلسطيني.

محمد كريشان: بالطبع سيد ولفنسون هو مبعوث اللجنة الرباعية وكان مدير البنك الدولي سابقاً، نسأل الدكتور موسى أبو مرزوق في دمشق.. عندما كان الرئيس أبو مازن قبل الانتخابات وحتى بعد نتائجها يحذر من كارثة مالية البعض في حماس ربّما اعتبر هناك مبالغة في هذا الأمر هل الآن تأكدت الحركة فعلاً بأن الخزينة خاوية؟

موسى أبو مرزوق- المكتب السياسي لحركة حماس: راح الصوت.

محمد كريشان: راح الصوت يقول الدكتور موسى أبو مرزوق، هل تسمعني الآن؟ رجع الصوت، مبروك.

موسى أبو مرزوق: رجع الصوت، ممكن سؤالك تاني.

محمد كريشان: الآن يرجع السؤال ضروري، عند.. الرئيس أبو مازن حذر قبل ولفنسون من أن هناك كارثة مالية والبعض في حماس اعتبر أن هناك نوع من المبالغة في ذلك الحين هل الآن فعلاً فتحتم الخزانة وتأكدتم من أنها خاوية؟

موسى أبو مرزوق: بسم الله الرحمن الرحيم، بالتأكيد كان هناك ليس فقط تحذير من الرئيس أبو مازن بالكارثة المالية، كان الشعب الفلسطيني يعلم تماماً بأنه التهديدات الأميركية والأوروبية المتعلقة بالانتخابات الفلسطينية، كان هناك فيه تحذيرات حقيقية للشعب الفلسطيني بأنه إذا تم انتخاب حماس فسنمنع وصول الأموال إلى حكومة حماس وبالتالي حذر الأخ أبو مازن من هذا الوضع، لكن الشعب الفلسطيني وقف على جانب حركة حماس وحدد خياراته على الرغم من التهديدات التي كانت موجودة من الاتحاد الأوروبي ومن الولايات المتحدة وأيضاً من إسرائيل بأنها لن تعطي ميزانية للسلطة القادمة.. أي من الأموال التي تجبيها وهي أموال الشعب الفلسطيني، هذه كانت واضحة أمام الشعب الفلسطيني والشعب الفلسطيني الآن يعلم تماماً بأنه هذه التهديدات الآن قد تمارس على السلطة الفلسطينية، لكن ليس هذا فقط السلطة الآن عليها ديون ما يقارب مليارين على كل الوزارات وعلى السلطة نفسها ما يقارب ملياري من الدولارات وبالتالي ليست فقط الخزينة فارغة ولكن أيضاً في مديونية.. يعني بالناقص الميزانية الموجودة أو الأموال الموجودة الآن في السلطة ولكن دعني أقول عدة ملاحظات..

محمد كريشان [مقاطعاً]: ولكن عفواً سيد مرزوق فقط.. يعني هل كنتم في حماس تعتبرون أن ربّما ما كان يتم التحذير منه من كارثة مالية كان يدخل في سياق الـ(Propaganda) السياسية؟ هل الآن فوجئتم بأن فعلاً الأمر بالتعاسة التي كان البعض يحذر منها؟

موسى أبو مرزوق [متابعاً]: لم يكن تلك التهديدات موجهة لحركة حماس بعينها، هذه التهديدات كانت موجهة للشعب الفلسطيني، لم تكن موجهة لحماس، لأنه دخلة الانتخابات في منافسات موجودة بين كل الكتل الفلسطينية فدخلت هذا الموضوع.. موضوع الميزانية والمساعدات على الانتخابات الفلسطينية وفوجئ العالم بأن الشعب الفلسطيني حاول أن يعالج هذه التهديدات بأنه صمد في وجهها ليختار الذي يريده ولذلك أقول بأن هنا مكمن الموضوع، شعبنا الفلسطيني سيصبر مع حماس في المرحلة القادمة لأنه حينما اختار حماس اختارها وهو يعلم أن هناك فيه موجود مشكلة قادمة وهذه المشكلة مرت بالموقف الأميركي والإسرائيلي..

محمد كريشان: موضوع مقومات الصمود سنبحثه بعد الفاصل لو سمحت لي، أعود مرة أخرى سيد سنقرط حتى أسأله إذا أردنا أن نرسم خطاً بيانياً يحدد متى بدأت الأزمة المالية الخانقة حتى نفهم إلى ماذا وصلنا الآن.. كيف يمكن أن نحددها؟

مازن سنقرط: يعني هي الأزمة المالية بدأت فعلاً، لم يكن هناك أزمة مالية عندما حوصر المرحوم ياسر عرفات كان الوضع المالي لدى السلطة أفضل بكثير في ذاك الوقت وكان هناك حصاراً مشدداً على القيادة الفلسطينية ولكن بعد ما تم انتخاب القيادة الفلسطينية الجديدة ومنذ ذلك الوقت ونحن نعاني حيث أنه بشهر مارس 2005 كان هناك مؤتمراً.. على أثر انتخاب القيادة الفلسطينية الجديدة هناك كان مؤتمراً دولياً كان عقد في لندن بحضور المجتمع الدولي، الدول الصناعية الكبرى وبعض الدول العربية الشقيقة وكان هناك في هذا المؤتمر نتاج قرارات واضحة تعطي للقيادة الجديدة وللسلطة الجديدة آنذاك حوالي 1.2 مليار دولار، لم ينفذ المجتمع الدولي منذ ذلك التاريخ إلا حوالي ثلث هذا المبلغ فقط، فعليك أن تحصر هذه بأنها هي فعلاً مشكلة متراكمة حيث أن حتى في الوزارات الحكومة التاسعة التي كنت جزء منها مع زملاء لي لم نأخذ مخصصاتنا إلا حوالي ثلث هذه المخصصات التي عادة ما تعطى لنا بموجب الميزانية التي أقرت من المجلس التشريعي وكان المجتمع الدولي على اطلاع قريب بما جاء في محتوياتها المختلفة، فهذه الأزمة هي تراكمية ولكنها أخذت حجماً جديد، حيث أننا نعاني من أمن وظيفي لحوالي 140 ألف موظف كما جاء في تقريركم، فهنا تكمن الأزمة هل المؤسسة قادرة على البقاء والإيفاء بالتزاماتها لخدمة الشعب الفلسطيني في هذه الظروف؟ ونحن لا نريد أن نقول بأن هناك حكومة حماس وحكومة غير حماس، هذه حكومة للشعب الفلسطيني، فبالتالي على المجتمع الدولي أن يحترم خيار الشعب الفلسطيني ويحترم الديمقراطية التي كان هو جزء منها وكان أيضا داعماً سياسياً ومالياً وفنياً لها، فبالتالي فلماذا هذا العقاب الجماعي على الشعب الفلسطيني من المجتمع الدولي.

محمد كريشان: ولهذا فالتساؤل الرئيسي بالطبع بعد أن أخذنا فكرة حول الأزمة هو كيف ستتعاطى الحكومة الفلسطينية مع هذه الأزمة.. أزمة مالية في الداخل وحصار سياسي من الخارج؟ نتابع المسألة بعد وقفة قصيرة فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

كيفية تعاطي الحكومة الفلسطينية مع الأزمة

محمد كريشان: أهلاً بكم من جديد وحلقتنا تتناول الوضع المالي الصعب الذي تواجهه الحكومة الفلسطينية الجديدة، سيد عبد الحليم قنديل في القاهرة.. الحكومة الفلسطينية الجديدة وحتى قبل أن تتشكل روجت كثيراً للعمق العربي للقضية الفلسطينية وللمراهنة على الدعم العربي والإسلامي عندما يجد الجد هل تراه رهاناً في محلة؟

"
رهان الحكومة الفلسطينية الجديدة على الدعم العربي والإسلامي ليس في محله لأنه بات واضحا منذ فترة طويلة جدا أن حركة الشعب الفلسطيني بالسلاح أو السياسة لا تلقى إلا خذلانا عربيا
"
عبد الحليم قنديل

عبد الحليم قنديل- رئيس تحرير صحيفة الكرامة: يعني لا أرى بالطبع أن هذا الرهان في محله لأنه أصبح واضحاً منذ فترة طويلة جداً أن حركة الشعب الفلسطيني بالسلاح أو بالسياسة لا تلقى دعماً عربياً، بل هي تلقى خذلانا عربياً من جهة وتلقى في نفس الوقت طوق مما يسمى بين قوسين بالمجتمع الدولي وهو في حالة الفلسطينيين ما يسمى باللجنة الرباعية، الحديث عن أنه فيه هناك إمكانية نظرية لدعم عربي هذا صحيح.. يعني فوائض النفط تكاثرت ما يقرب من ثلاث مرات خلال الثلاث سنوات الأخيرة بعد غزو العراق، لكن ببساطة ما يفتح الخزائن هو قرار السياسة وقرار السياسة في العواصم العربية..

محمد كريشان [مقاطعاً]: يعني يا سيد قنديل لماذا..

عبد الحليم قنديل [متابعاً]: بسيط جداً..

محمد كريشان: لماذا نظرياً فقط.. يعني القمة العربية الأخيرة قررت خمسين مليون دولار شهرياً، قبل قليل وزير المالية الفلسطيني يقول هناك وعد بثمانين مليون دولار من المملكة العربية السعودية ومن الكويت ومن الإمارات إذاً هناك بوادر؟

عبد الحليم قنديل: يعني الوعود قائمة منذ وقت طويل، نحن نعلم أنه منذ قمة بيروت تقرر.. تقررت فكرة صرف خمسة وخمسين مليون دولار كل شهر للسلطة الفلسطينية، ما حدث في الممارسة بسيط وواضح، إذ أنه التزمت دولة واحدة هي السعودية فيما لم يلتزموا الآخرون جزئياً أو كلياً، المسألة ببساطة هي قرار السياسة لأنه لا أحد يستطيع أن يأخذ القمم العربية على محمل الجد، كان هذا واضحاً جداً في الغياب الكبير، هذه قمم غياب، قرار السياسة ببساطة مرتبط بفكرة البقاء في القصور والبقاء في القصور في عزلة عن الشعوب إذ أن معظم السلطات ليست لها شرعية لا بإرادة الناس ولا بإنجاز التاريخ، بقاء هذه المنظومة مرتبط بالرضا الأميركية والرضا الأميركي محجوز عن فكرة الدفع للفلسطينيين، محصلة ببساطة شديدة أن التعويل على ما يسمى دعم رسمي عربي أعتقد أنه في غير محله.

محمد كريشان: طيب نسأل السيد سنقرط عن التجربة السابقة عندما عولتم على الدعم العربي هل كان تعويلاً في محله على الأقل كتجربة الآن؟

مازن سنقرط: يعني بداية لا بد من أن نشكر دوماً القيادات العربية والدول العربية الشقيقة والشعوب العربية والمؤسسات والهيئات العربية التي كانت تعنى في القضية الفلسطينية وتقدم الدعم المشكور للشعب الفلسطيني ولكن هذا الدعم لم يكن على قدر من الاحتياجات الفلسطينية، حيث لو أردنا أن نقارن حجم الخسارة الاقتصادية المباشرة والغير مباشرة للخمس سنوات الماضية نحن خسرنا أكثر من 15 مليار دولار، ما قدمه الأخوة والأشقاء العرب لنا سواء كان من خلال صندوق الأقصى حوالي تسعمائة مليون دولار أو من خلال الصناديق العربية المختلفة حوالي ثلاثمائة وخمسون مليون دولار أو خلال جامعة الدول العربية بحوالي أربعمائة مليون دولار سنوياً للثلاث سنوات الماضية، بمعنى أن الخمس سنوات الماضية قدّم لنا الأخوة العرب من خلال القيادات العربية والصناديق العربية والشعوب العربية حوالي اثنين ونصف مليار دولار، بمعنى حوالي ستمائة دولار سنويا للفرد الفلسطيني، نحن إذا قارنا هذا المبلغ بحجم الخسارة الهائلة التي تعرضنا لها بسبب إجراءات الاحتلال التعسفية من دمار وإغلاقات وكل هذا أتوقع بأنها لا تلبي الحاجة لنا كفلسطينيين، حتى ما قدمه الغرب لنا حوالي أيضاً نفس المبلغ من الدول الصناعية الكبرى، بمعنى ما تلقيناه من دعم دولي وعربي هو حوالي خمسة مليار دولار في الخمسة سنوات الماضية ولكن خسارتنا المباشرة وغير المباشرة فاقت الخمسة عشر مليار دولار، فهنا.. يعني تم تعويض حوالي ثلث فقط الخسارة ولم يعطى الشعب الفلسطيني احتياجاته التي يحتاجه لقضاء إمكانية بناء مؤسساته وعصرنة اقتصاده وخلق بيئة موائمة للاستثمار وتيسير الحياة والعبء الاقتصادي والاجتماعي على الشعب الفلسطيني.

محمد كريشان: نعم سيد موسى أبو مرزوق في جولة السيد خالد مشعل الأخيرة في عدد من الدول العربية تحدث كثيراً عن آمال واسعة في هذا الاتجاه وحتى زيارته إلى إيران عاد منها ليقول بأن إيران مستعدة أن تعطينا مائتان وخمسين مليون دولار هل تتوقع أن مثل هذه الوعود ستترجم عملياً؟

موسى أبو مرزوق: بسم الله الرحمن الرحيم، ثانية أنا.. يعني أثني على كلام زميلي الأستاذ مازن لأقول باختصار أن الدول العربية في النهاية التزمت بمبالغ وهذه المبالغ غير كافية لسد العجز على الأقل والفارق ما بين المبالغ التي تحتاجها الميزانية والمبالغ الأخرى، هناك وعود لكن حماس كانت تتحرك كحركة ولتضمن الدعم للشعب الفلسطيني وأن لا يعاقب الشعب الفلسطيني بسبب هذه الهجمة الأميركية الظالمة، الآن الحكومة اللي هتتحرك وهيكون هناك فيه حديث مباشر مع كل الدول العربية فيما يقدّم للشعب الفلسطيني من دعم، لكن أريد أن أقول عدة نقاط وأسمح لي أن أعطي بعض.. يعني أعطني بعض الوقت، النقطة الأولى بالأمس كوندليزا رايس ذكرت بأن هناك آلاف الأخطاء في العراق ووصلت الأمور إلى ما وصلت إليه بسبب آلاف الأخطاء وأنا أعتقد أن أميركا الآن تخطئ أيضاً وتكرر الأخطاء في فلسطين كما فعلت في العراق، النقطة الثانية نحن حكومة تحت الاحتلال، بمعنى أننا لا نملك كامل السيادة على أرضنا ولا معابرنا ولا على الموارد الأساسية للشعب الفلسطيني كلها مستنزفة بإسرائيل ولذلك المسؤوليات التي يقتضيها القانون الدولي أنه مسؤوليات الشعب الفلسطيني وحياته وأمنه ومستقبله في هذه اللحظة هي مسؤولية دولة الاحتلال حسب المواثيق الدولية، المجتمع الدولي الذي يطالب حماس أو حكومة.. اللي بيسموها الآن حكومة الشعب الفلسطيني اللي حماس شكلتها.. يطالبها بالإيفاء بالتزاماتها أنا أعتقد بأنه يجب عليه أن يلتزم المجتمع الدولي أولاً وعلى رأسه أميركا وأوروبا بالالتزامات التي اللي عقدوها على أنفسهم حينما مضوا في قضية المشروع السياسي في المنطقة، الآن هذا المشروع أمامه خيارات..

محمد كريشان [مقاطعاً]: سيد أبو مرزوق.. آسف سيد أبو مرزوق الآن طالما نتحدث في أزمة مالية محددة، في فترة من الفترات كان هناك حديث عن دعم شعبي وأن ربّما العمق الإسلامي وأن حماس لديها علاقات واسعة بحركات أخرى ستقف إلى جانبها والكل يعلم وارتباطاً حتى بالنقطة التي أثرتها كل مفاصل التحويلات المالية مرتبطة بإسرائيل إذاً دعم رسمي غير كافي ودعم شعبي قد لا يصل؟

موسى أبو مرزوق [متابعاً]: يبقى إذا كان إسرائيل أغلقت المعابر على حركة الناس وأغلقت البنوك على حركة المال ليس هناك من خيار إلا أن السلطة تنتهي وتنهار وترجع الأمور إلى طبيعتها، المواجهة حقيقية بين الشعب الفلسطيني وهو تحت الاحتلال وهناك سياسة إسرائيلية تريد تجويع هذا الشعب وتريد لهذا الشعب أن يبقى في هذا الوضع السيئ اقتصادياً وحياتياً واجتماعياً، فليس أمام شعبنا خيار إلا أن يقاوم هذه الإجراءات علشان يحصل على السيادة الكاملة ويقيم سلطته الحقيقية التي لا تتحكم بها إسرائيل ولا تمن بها الولايات المتحدة ببعض الملايين على الشعب الفلسطيني.

محمد كريشان: مع ذلك هناك أصوات ارتفعت منها صوت خافير سولانا معبّر عن موقف الاتحاد الأوروبي يقول علينا أن نعطي الحكومة الفلسطينية فرصة وهنا أسأل السيد عبد الحليم قنديل هل تعتقد بأن الموقف الأوروبي ربّما يكون مختلفاً بعض الشيء عن الموقف الأميركي مما يعطي ربّما فسحة لا بأس لإمكانية الإنقاذ؟

عبد الحليم قنديل: لا نريد أن نعيد تجريب المجرب، من الواضح جداً أن حركة المجتمع الأوروبي أو الحركة الأوروبية.. يعني تابعة دائماً للحركة الأميركية وإن بدت أنها تتميز عنها في الإجراءات أو في المظاهر أو في السلوك أو في الألفاظ، نريد أن نقول ببساطة شديدة جداً أن أميركا وإسرائيل كقوة واحدة تريد لحماس أن تنتهي إلى وضع عباس، بمعنى أنه سوف تتخذ ظاهراً موقف الدعم السياسي للرئيس عباس مع الحرص على معاقبة الشعب الفلسطيني لأنه انتخب حماس وهي تريد بذلك واحد من المصيرين إما أن تنتهي حماس إلى وضع عباس وهنا أقصد أن تنتهي حماس إلى ما انتهت إليه فتح وهنا تبرز مفارقات التاريخ، نشأت فتح من 12 شخص مؤسس 11 منهم كانوا من خلفية الإخوان المسلمين وانتهت مع برنامج 74 وبرنامج 88 وأوسلو إلى وضع الرئيس عباس الآن، يراد لتحولات فتح التي جرت في عشرين سنة أن تجري في حالة حماس في عشرين يوم فتنتهي حماس إلى وضع الرئيس عباس، أي أن تتبنى برنامجه الذي هو انتظار ما تجود به إسرائيل، الموقف الآخر وقد أشار إليه السيد أبو موسى مرزوق أريد..

محمد كريشان [مقاطعاً]: لو سمحت لي فقد سيد قنديل أنتقل إلى السيد سنقرط في القدس في الدقيقتين الأخيرتين من البرنامج، هناك دعم مالي يصل إلى السلطة سيولة (Cash) كما يقال وهناك دعم يصل في سياق مشاريع وبنية تحتية وغيرها.. الآن الخوف على الجهتين؟

مازن سنقرط: نعم الخوف على الجهتين عندما نتحدث عن الـ(Cash) هو دعم للموازنة الفلسطينية أو كما جاء بتقريركم نحن بحاجة لـ 116 مليون دولار لإبقاء المؤسسة قائمة لتقديم خدمات للشعب الفلسطيني، هذا ما طلبناه من الإخوة في مؤتمر القمة الأخيرة في الخرطوم، بحاجة لمائة مليون دولار شهرياً لدعم هذه الموازنة وحوالي أربعمائة مليون دولار سنوياً لدعم المشاريع ذات الطابع الخدمي مثل الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية وغيرها، فبالتالي.. يعني المشاريع لغاية الآن كلها مجمدة ولكن الأخطر شيء في الموضوع هو التدهور المستمر بسبب الإجراءات الإسرائيلية وبالتحديد في قطاع غزة من إغلاق مستمر للمعابر والممنهج من ناحية وعدم إعطاء فرصة للصيادين أن يدخلوا إلى البحر من ناحية ثانية وهناك موضوع أنفلونزا الطيور وانعكاساته الخطيرة على أطفالنا وعلى عائلاتنا بقضية مادة البروتين، فبالتالي هناك تدهور بشكل مستمر وخطير من النواحي الاقتصادية والإنسانية تجابه المجتمع الفلسطيني خلال الأيام والأسابيع القادمة.

محمد كريشان: نعم، شكراً لك سيد مازن سنقرط وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني السابق، أرجو أن أكون نطقت أخيراً الاسم بشكل صحيح، شكراً أيضاً للسيد موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس من دمشق وإلى السيد عبد الحليم قنديل رئيس تحرير صحيفة الكرامة من القاهرة، بهذا نصل إلى نهاية هذه الحلقة من البرنامج بإشراف نزار ضو النعيم، كالعادة يمكنكم المساهمة في اختيار المواضيع بإرسالها على العنوان الإلكتروني indepth@aljazeera.net، غداً بإذن الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، في أمان الله.

المصدر: الجزيرة