
الأخطاء التكتيكية الأميركية في العراق
– اعتراف رايس بين امتصاص الغضب والمراجعة
– مدى تحقق الهدف الإستراتيجي من غزو العراق
– الأخطاء التكتيكية وإطلاق مارد الطائفية
محمد كريشان: أهلا بكم، نحاول في هذه الحلقة التعرف على ما وراء اعتراف وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بأن الولايات المتحدة ارتكبت آلاف الأخطاء التكتيكية في العراق بينما كانت استراتيجيتها هناك صحيحة ونطرح تساؤلين اثنين، لماذا اختارت رايس هذا التوقيت للاعتراف بارتكاب أميركا آلاف الأخطاء في العراق؟ وهل أصابت رايس عندما قالت أن تلك الأخطاء تقتصر على التكتيك دون الاستراتيجية؟ اعتراف وزيرة الخارجية الأميركية بأن الولايات المتحدة الأميركية ارتكبت آلاف الأخطاء في العراق جاء في كلمة ألقتها أثناء زيارتها لبريطانيا، رايس التي استقبلتها مظاهرات رافضة للزيارة هونت من تلك الأخطاء قائلة أنها تتعلق بالأمور التكتيكية دون الاستراتيجية.
اعتراف رايس بين امتصاص الغضب والمراجعة
كوندوليزا رايس- وزيرة الخارجية الأميركية: أعلم أننا ارتكبنا أخطاء تكتيكية في العراق بل إنني على يقين أننا ارتكبنا الآلاف من هذه الأخطاء وهذا ربما وقع بطريقة أو بأخرى ولكن عندما تعودوا إلى التاريخ فإن ما سوف يتم تقييمه هو هل اتخذت القرارات الاستراتيجية الصائبة وهل قضيت وقتك كله تحاول تقييم هذه القضية التكتيكية أو تلك والآن نحن نقضي كل وقتنا نتدبر كيفية جعل الوضع أفضل.
محمد كريشان: حلقة جديدة من مسلسل من الاعترافات أعادت فتح سجل أميركا الحافل بخيارات في التعاطي مع الشأن العراقي يُحمِلها منتقدو الإدارة الأميركية مسؤولية الأوضاع المأساوية البادية لكل ذي عين في عراق ما بعد الاحتلال.
[تقرير مسجل]
أمال وناس: لم تكن كوندوليزا رايس بالتأكيد تقصد هذا الخطأ الأول للإدارة الأميركية، فقد سبق لواشنطن أن حمَّلت استخباراتها مسؤولية اختلاق سبب واه لاجتياح العراق واعترفت بخطئها، رحلة آلاف الأخطاء الأميركية في العراق التي عنتها رايس بدأت على ما يبدو منذ الأيام الأولى للحرب، تحدثت معلومات عن أوامر تلقاها الجيش الأميركي بالإسراع مباشرة نحو بغداد وتدمير الحرس الجمهوري وباستثناء مواجهات متفرقة في الناصرية أو النجف فقد تركت القوات الأميركية المجال مفتوحا لتشكل نواة المقاومة في بقية مناطق العراق، ليلة سقوط بغداد يوم التاسع من أبريل وما تبعها من نهب وتدمير للمنشآت والمؤسسات العراقية رصده المحللون كخطأ جسيم أميركي آخر دمر بالكامل الحكم المركزي العراقي وأدخل البلاد في حالة من الفوضى والدمار، لم يملأ كل هذا الدمار سوى الصفحة الأولى من رحلة الأخطاء الأميركية خطها رسميا الجنرال تومي فرانكس الذي كان يعمل تحت إمرة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، الثاني عشر من مايو عام 2003 يصل بول بريمر الحاكم الأميركي الجديد إلى بغداد ويأخذ على عاتقه مشعل الأخطاء الأميركية بادر إلى حل الجيش العراقي ثم إلى سن سياسة اجتثاث البعث التي أبعدت كل كوادر الحزب وقاعدته أيضا عن المؤسسات العراقية وشلت حركتها وحركة البلاد معها فشلت سلطات الاحتلال عقب ذلك في خلق نسق سريع يذكر لعملية البناء الاقتصادي ولا حتى السياسي ووفرت بذلك أرضية خصبة لنشأة المجموعات المسلحة، كانت ولا تزال مشاهد القتل والخطف والنهب والتعذيب المسيطرة على الصورة العامة في العراق مشاهد لا يمكن لرايس إدخالها في خانة النجاحات التي تقول واشنطن إنها حققتها في العراق وصفتها إذاً بالأخطاء التكتيكية التي لا تقارن بالهدف الاستراتيجي وهو الإطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين وقد تحقق إلا أن استراتيجية واشنطن قبل الحرب على العراق تتجاوز ذلك في رأي الكثيرين إلى العمل على تعويض نظام صدام بآخر موالى لواشنطن وإتمام التطويق الاستراتيجي لإيران والسيطرة المباشرة على إنتاج وتسويق الثروات النفطية العراقية، أهداف استراتيجية تهول على ما يبدو في سبيلها الأخطاء التكتيكية ولو أدت إلى إزهاق أرواح عشرات الآلاف من العراقيين.
محمد كريشان: معنا في هذه الحلقة من استنبول الدكتور عمرو الحمزاوي الباحث في معهد كارنغي للسلام العالمي، من لندن صباح المختار رئيس جمعية المحامين العرب في بريطانيا ومن بيروت العميد إلياس حنا الخبير في القضايا العسكرية والاستراتيجية، أهلا بكم جميعا نبدأ بالدكتور الحمزاوي في استنبول دكتور اعتراف بآلاف الأخطاء لماذا الآن هذا الاعتراف؟
عمرو الحمزاوي- باحث في معهد كارنغي للسلام: أنا أعتقد يعني ربما يجب علينا أن نفرق بين مستويين رئيسيين لكلام وزيرة الخارجية الأميركية، المستوى الأول هو تبدو إدارة بوش في هذه اللحظة مشغولة بالإجابة على سؤال كيف سيذكر التاريخ إدارة الرئيس بوش، الرئيس بوش منذ يومين في حديث مع بيت الحرية (Freedom House) تحدث بحديث يعني قريب الشبه مما تحدثت به الوزيرة لم يتحدث عن أخطاء ولكن قال أن في نهاية الأمر كان قرار إسقاط نظام صدام حسين استراتيجيا صحيح هنا المعنى المقصود ليس الاستراتيجية بمعنى التخطيط ولكن الاستراتيجية بمعنى التوجه النهائي للقرار السياسي ولمخرجات العملية السياسية، المستوى الثاني أنا أعتقد رايس وهي لم تفاجأ بمساحة الاعتراضات الشعبية على وجودها في بريطانيا هي اعترفت بأخطاء تكتيكية وهي هنا أيضا تعبر عن جزء من النقاش الدائر داخل الولايات المتحدة الأميركية انتقاد الإدارة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الرأي العام الأميركي والانتقادات التي أصبحت جزء رئيسي من الرأي العام العالمي وهي شهدتها عن قرب في زيارتها الأخيرة لبريطانيا.
محمد كريشان: سيد صباح المختار هل هذا الاعتراف هو لامتصاص غضب معين أم بداية مراجعة؟
صباح المختار- رئيس جمعية المحامين العرب ببريطانيا: لا أعتقد أن هذا بداية مراجعة، رايس في حديثها هذا تحاول أن تجيب على المشكلة التي وقع فيها رئيسها بوش، الرئيس بوش يقول للشعب الأميركي وللرأي العام العالمي أن الوضع في العراق يسير نحو التحسن وأن هناك ديمقراطية وأن هناك حرية ولكن الصور التي يراها الناس على التليفزيون هي عكس ما يقوله الرئيس الأميركي لذلك هو يريد أن يقول للناس صدقوا ما أقول ولا تصدقوا ما ترون لذلك تحاول الآن الحديث عن أخطاء تكتيكية باعتبار أن الاستراتيجية هي تغيير نظام الحكم وهذا غير صحيح، الاستراتيجية الأميركية هي استراتيجية إعادة رسم خريطة المنطقة وتغيير نظام الحكم في العراق هو إحدى الخطوات التكتيكية في ذلك الشأن، أميركا وقعت في أخطاء كبيرة جدا..
محمد كريشان [مقاطعاً]: ولكن يعني لو سمحت لي فقط سيد صباح المختار يعني سنتناول الموضوع التكتيكي والاستراتيجي بعد قليل ولكن كانت دائما الإدارة الأميركي تقول بأن هناك تهويل وهناك ليست الأمور هي على ما يرام وحتى الرئيس بوش قبل فترة أيام قليلة قال الوضع ليس سيئا كما تصوره نشرات الأخبار المسائية فجأة يعترفون بآلاف الأخطاء ليس بعض الأخطاء ليس عشرات الأخطاء آلاف الأخطاء ما دلالة ذلك؟
" |
صباح المختار: هذه هي العملية الرئيسية في موضوع العلاقات العامة، الإدارة الأميركية أوقعت نفسها بإشكالية أنها تكذب على الشعب الأميركي وتكذب على العالم في قولها أن العراق لديه أسلحة دمار شامل وغيرها من الأسباب، تقول أن الوضع في العراق مستقر تقول أن العراقيين الآن بوضع أفضل مما كانوا تحت نظام الحكم السابق وهذه كلها أكاذيب الإدارة الأميركية تعرفها أنها أكاذيب وأن الصور التي تُظهِرها التليفزيونات تُري ذلك أكيد لذلك في محاولة لاسترداد أو التراجع عن هذا الخط بدأت تتحدث عن أخطاء وأعتقد أن كوندوليزا رايس ستبدأ بالشعور أنها أخطأت حينما قالت آلاف، كانت تنوي أن تقول هناك بعض الأخطاء التكتيكية ولكنها قالت أن هناك آلاف الأخطاء وهذا فعلا هو الواقع الذي تشير إليه وسائل الإعلام الغربية هنا في أوروبا وفي بريطانيا كما هو الموقف الذي تراه كثير من الجهات السياسية التي تهتم بهذا الأمر، الأخطاء نعم أخطاء بالآلاف.
محمد كريشان: نعم العميد إلياس حنا هل فعلا ربما تكون أخطأت بالاعتراف بآلاف الأخطاء أم أنها تقصد فعلا ما تقول واختارت التوقيت المناسب لإعلان ذلك؟
إلياس حنا- خبير في القضايا العسكرية والاستراتيجية: أنا أعتقد أن التوقيت منظم مدروس هذا من ضمن حملة قام بها الإدارة الأميركية من ضمن خطب معينة متعددة قام بها الرئيس بوش وهي عندما ذكرت الـ(Big picture) أو الصورة الكبرى إنما هي رددت ما كان قاله رامسفيلد منذ فترة قصيرة إذا أردت أن تحكم على التاريخ أحكم عليه بصورته الكبرى ولكن هكذا حجم وهكذا عملية وهكذا كبر يمكن أن يحصل فيها الكثير من الأخطاء التكتيكية، يجب أن نضع نصب أعيننا الانتخابات نصف الولاية القادمة في أواخر السنة، اثنين يجب أن نأخذ بعين الاعتبار المستوى الذي وصلت إليه شعبية بوش خاصة ضمن قاعدته من الجمهوريين المتشددين خاصة في مجال الأمن القومي الأميركي، هذه الصورة الكبرى حول موضوع التكتيك والاستراتيجية وإذا أردت نتحدث لاحقا ما علاقة الاستراتيجية بالتكتيك.
محمد كريشان: نعم، بالنسبة للتوقيت إذا تعتبره مرتبطا بالهم الداخلي وليس بالصورة الخارجية للولايات المتحدة؟
إلياس حنا: الهم الداخلي والهم الخارجي أيضا، المشروع الأميركي في المنطقة في مأزق هذا الموضوع قد يطمئن الكثيرين ونحن نعرف أن هذه الإدارة عبر الخمس سنوات التي مضت ارتكبت أخطاء ومن ثم اعترفت بها ولكن الذي غطى كل هذه الأخطاء على الساحة الأميركية أن الموضوع يتعلق مباشرة بالأمن القومي الأميركي ولا أحد يتجرأ على تحدي بوش حتى الديمقراطيين لا يجدون الخطاب اللازم الذي يحيط بالموضوع الأمني في الولايات المتحدة الأميركية، الموضوع لا أحد يتجرأ.
محمد كريشان إذاً يبقى السؤال مع ذلك هو عن التكتيكي والاستراتيجي في هذه الأخطاء الأميركية، نتوقف عند هذه المسألة وإلى أي مدى هناك التكتيكي والاستراتيجي في هذه القائمة، لنا عودة بعد وقفة قصيرة فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
مدى تحقق الهدف الإستراتيجي من غزو العراق
محمد كريشان: أهلا بكم من جديد وحلقتنا اليوم تحاول التعرف على ما وراء اعتراف وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بأن بلادها ارتكبت آلاف الأخطاء التكتيكية في العراق بينما كانت الاستراتيجية حسب رأيها صائبة، دكتور عمرو الحمزاوي الهدف الاستراتيجي الذي أشارت إليه كوندوليزا رايس هو إسقاط نظام الرئيس صدام حسين هذا الهدف الاستراتيجي لم يكن هدفا معلنا كانت هناك أهداف أخرى هل يوجد هدف استراتيجي سري في عالم السياسة والحروب؟
عمرو الحمزاوي: لا أنا أعتقد أستاذ محمد أنت محق في تساؤلك في واقع الأمر الإدارة الأميركية وهنا أيضا تعليق على حديث الزميلين، نحن انتقلنا معها في الأشهر في السنوات الماضية عبر ثلاث مراحل مرحلة إنكار وتأكيد على مسألة نزع أسلحة دمار شامل ثم إسقاط النظام ثم دعم الديمقراطية ثم مرحلة ثانية يقولوا لنا بها الأمور ليست بهذا السوء والآن مرحلة ثالثة وهي قبل رحيل هذه الإدارة بسنة ونصف يقولوا لك يعني عليك أن تنظر إلى الصورة التاريخية والنهاية التاريخية لما يحدث، بالقطع يعني الإدارة الأميركية في هذه اللحظة تبحث عن أي سبب تضعه في المقدمة باعتباره السبب الاستراتيجي الحقيقي وراء إسقاط النظام وراء الغزو في العراق لأن هو إسقاط النظام قبلها نشر الديمقراطية قبلها نزع أسلحة الدمار الشامل طبعا الحديث عن أسباب استراتيجية خفية لا يعلمها الرأي العام الأميركي ولا يعلمها الرأي العام العالمي هو حديث خاطئ وأنا أعتقد الإدارة بتخلط الأمور وهذا بحكم نظرتها الأيديولوجية لكل ما يحدث في العراق ولتوجهها نحو الشرق الأوسط، هذه الإدارة تهيمن عليها الأيديولوجية ويغيب عنها الفكر الاستراتيجي عندما تتحدث عن أخطاء تكتيكية رايس هي بالفعل تتحدث عن أخطاء سببها غياب الاستراتيجية غياب تصور استراتيجي واضح ليس بمعنى إن هي تاريخية ولكن بمعنى كيف تضع سياستك محل تنفيذ على أرض الواقع.
محمد كريشان: هل تراها اختارت هذا الهدف الاستراتيجي وهو إسقاط النظام على أنه هو الهدف على الأقل الذي واضح للعيان أنه تحقق؟
عمرو الحمزاوي: نعم أحسنت يا أستاذ محمد هو هدف الحد الأدنى دخلوا العراق ولم يجدوا أسلحة للدمار الشامل ولم يجدوا برامج لصناعة هذه الأسلحة، حاولوا نشر الديمقراطية والعراق اليوم ليس على شفا حرب أهلية ولكنه في حرب أهلية ولم يصبح العراق النموذج الذي يمكن أن يحتذي به إقليميا لنشر الديمقراطية فأنت تعود في نهاية الأمر في محاولتك أنت تصنع يعني ما يسمى الـ(Historical legacy) يعني كيف سيتذكر التاريخ هذه الإدارة تعود إلى الهدف في الحد الأدنى وتقول كان الهدف الرئيسي إسقاط النظام وتربطه بمسألة مكافحة الاستبداد والقضاء عليه وما إلى ذلك ولكن في نهاية الأمر هدف الحد الأدنى الذي لا يمكن أن تتخطاه بحكم معطيات الواقع القائم.
محمد كريشان: نعم سيد صباح المختار إذا كان الهدف الاستراتيجي هو فعلا إسقاط النظام السابق هذا الهدف تحقق يوم التاسع من أبريل سنة 2003 إذاً ما الذي تفعله الإدارة الأميركية بعد أن تحقق الهدف طوال هذه الفترة؟
صباح المختار: أعتقد أن هناك تلاعب بالألفاظ من قِبَّل الوزيرة رايس حيث أنه لا يمكن أن يكون إسقاط نظام الحكم هو هدف استراتيجي، مفهوم الاستراتيجية هي خطة طويلة الأمد لا تعتمد على الانتهاء على موقف واحد، كل هذه الخطوات إسقاط النظام، العثور على أسلحة الدمار الشامل، نشر الديمقراطية، أي وحدة من هذه الخطوات هي خطوات تكتيكية للوصول إلى هدف استراتيجي، الهدف الاستراتيجي في زعمي كما أعتقد أنا أن الإدارة الأميركية أرادت ولا تزال تسير في إعادة رسم خريطة المنطقة، أميركا لم تكن قد ساهمت في إنشاء المنطقة، الإمبراطورية البريطانية في وقتها هي التي وضعت الخطوط ورسمت الحدود وأنشأت إسرائيل واتفاقيات النفط وغير ذلك من الأمور لم يكن للإدارة الأميركية دور فيها، أميركا الآن تريد أن تفرض بصماتها على هذه المنطقة وذلك مثلاً بنزع أسلحة كافة الدول في المنطقة بالكامل أسلحة الدمار الشامل باستثناء إسرائيل فعندنا الأسلحة الباكستانية والأسلحة العراقية وغير ذلك من التهديدات أسلحة الدمار الشامل، تتحدث عن الديمقراطية ولكنها تتحدث عن الديمقراطية باختيار، يعتبرون إسرائيل هي واحة الديمقراطية في حين أنها النظام الوحيد في العالم الذي يمارس التمييز العنصري لذلك هذه كلها تكتيكات وليست أهداف إستراتيجية، إسقاط النظام كان إحدى التكتيكات واحتلال العراق كان تكتيكاً آخر وليست إستراتيجية أميركية.
محمد كريشان: العميد إلياس حنا إذا ما أردنا أن نستعرض كل الأخطاء التكتيكية وهي بالآلاف بالطبع لن نستعرضها في هذه الحلقة يعني ولكن إذا أخذنا من أبرز هذه الأخطاء التكتيكية بين قوسين حل الجيش اعتماد مجلس الحكم على أسس طائفية السماح بدخول إيران المعادلة العراقية ما هي أبرز الأخطاء التكتيكية إن صح وصفها بالتكتيكية أصلاً؟
إلياس حنا: لو سمحت هناك تعليق بسيط على الدكتور حمزاوي، أنا أقول أن من يقرأ ما يقوله الرئيس بوش من خطابات وما يصدره البنتاغون أو البيت الأبيض مثلاً (National Security Strategy) إستراتيجية الأمن القومي لـ2002 (َQuadrennial Defence Review ) إعادة التقييم العسكري لـ2001 ولـ2006 صدرت منذ فترة ومن يراقب سير الخطاب الأميركي يعرف أن هناك إستراتيجية بعيدة المدى وأنا أقول انتهت أوروبا اقتربت الولايات المتحدة الأميركية من أوروبا الشرقية هي الآن في رومانيا واحد، العراق هو مرحلة من حرب طويلة طويلة جداً تعثرت فيها تغير المسار الإستراتيجية الأكبر، الموضوع هو العراق مرحلة ومن ثم الذهاب إلى الحدود الروسية الحدود الصينية وإذا أردت أن تعرف الخطة الكبرى إذا صح التعبير وهي بدأت منذ الآن طرأ الانتشار الأميركي العسكري على مساحة الشرق الأوسط والمناطق المحيطة به، سألتني عن موضوع التكتيكي والإستراتيجي، قرار حل الجيش هو قرار إستراتيجي مهم للعراق، هو قرار تكتيكي للولايات المتحدة الأميركية لأن حجم الولايات المتحدة الأميركية والمصالح القومية والأمنية ويعني الإستراتيجية هي أكبر بكثير من مساحة العراق، هناك تراكمات يعني عندما نقول فشل إستراتيجي بسبب تراكمات الفشل التكتيكي يعني القرار كان مُتخذاً للهجوم على العراق وهذه مذكرة صدرت منذ فترة عن توني بلير أو سكرتير توني بلير إنه القرار كان متخذاً فيه أسلحة دمار شامل أو لم يكن، القرار غير شرعي بالهجوم على العراق لا الأمم المتحدة حتى كوفي عنان قال إنه قرار غير شرعي الاستعلام كان خاطئ حول أسلحة الدمار الشامل فإذا أنت لهذه المخاطرة أن تستعدي العالم كله فإذاً هناك إستراتيجية أكبر مما نراه حالياً وهي ظاهرة وعلانية لمن يقرأ ومن يريد أن يعرف ما هي.
الأخطاء التكتيكية وإطلاق مارد الطائفية
محمد كريشان: على ذكر حل الجيش والأخطاء التكتيكية، في رسالة نشرت في أحد مواقع الإنترنت منسوبة للرئيس العراقي السابق صدام حسين وهنا أسأل الدكتور الحمزاوي، رسالة من الرئيس السابق صدام حسين إلى قمة الخرطوم الأخيرة ماذا يقول فيها؟ يقول إن ما يجري في العراق ليس أعمالاً عفوية أو ناتجة عن أخطاء ترتكبها أميركا كما قيل عن حل الجيش العراقي بل هي خطوات مترابطة ومتعاقبة هدفها النهائي عراقياً هو تقسيم البلاد إلى ثلاث دول دولة كردية في الشمال دولة سُنية في الوسط ودولة شيعية في الجنوب هل يمكن أن يكون محقاً في ذلك؟
عمرو الحمزاوي: أنا أعتقد وهنا أيضاً حديث يعني به مساحة من التعقيب على كلام الزميل الكريم من لبنان أنا أعتقد من يقرأ الأوراق الأميركية وهي أوراق جزأها معلن يكتشف أنه واحدة من الأهداف واحد من الأهداف الرئيسية للإدارة الأميركية في العراق هو الحفاظ على وحدة العراق إقليمياً وهناك تفضيل للحفاظ على العراق بحدودها الحالية ولكن في إطار اتحاد فدرالي ضعيف للغاية يسمح بمساحات من الاستقلالية الذاتية تقترب من الاستقلال الفعلي في منطقة شمالية للأكراد مناطق للشيعة ومنطقة سُنية، في الجزء الآخر فأنا لا أعتقد أن هذا الكلام صحيح يعني أنا لا أعتقد إن هذا بيمثل هدف من أهداف السياسة الأميركية في العراق، مرة أخرى عودة سريعة إلى الأهداف الإستراتيجية الكبرى أو البعيدة للولايات المتحدة الأميركية حينما نتحدث عن مسألة نشر قوات عسكرية والاقتراب من الحدود الروسية الصينية كما أشار الزميل أو ما يتعلق بنشر الديمقراطية وهو الخطاب أو (rhetoric) المعلن للإدارة الأميركية، أنا أعتقد ما عنيته بغياب الإستراتيجية لم يكن هو معنى الأهداف مرة أخرى ولكن الإستراتيجية تعني في علم السياسية تعني أنك تأخذ الهدف وتحاول أن تحقق هذا الهدف بخطوات ملموسة وواضحة ومتعاقبة بحيث أن تحول هذا الهدف وكان من وجهة نظر الأميركية هو إسقاط النظام وإحلال نظام بنظام موالي للولايات المتحدة الأميركية ونشر الديمقراطية أن تحول هذه الأهداف إلى سياسية واقعية، هنا اختفت الإستراتيجية الإدارة الأميركية بحكم تواجهه الأيديولوجي وسيطرة عدد من الأيديولوجيين عليها تناست هذه الأمور وذهبت إلى العراق واندفعت طبعا بمصالح موجودة ولكن اندفاعها لم يكن على أساس خطة واضحة مرسومة لسؤال ما الذي سيحدث بعد إسقاط النظام ما الذي سيحدث في اليوم التالي.
محمد كريشان: سيد صباح المختار هل يمكن أن نضع من بين الأخطاء التكتيكية بين قوسين مرة أخرى إطلاق مارد الطائفية في البلاد بشكل ربما تجاوز إمكانية توظيف هذا العنصر في حسابات سياسية طغى على الجميع وسيطر على الجميع الآن؟
صباح مختار: بدون أدنى شك الإدارة الأميركية كانت منذ أيام نظام الحكم السابق تعمل على الأساس الطائفي وتعلم يقينا أن هناك صعوبة في الحصول على عدد من المؤيدين حينما كانوا في المعارضة من غير الشيعة والأكراد في العراق هذه مشكلة واجهتها أميركا وحاولت طوال فترة العشر سنوات أن تتلافها دون أن تفلح، رضيت بموضوع الطائفية في العراق باعتبار أن ذلك الملف يمكن السيطرة عليه في الوقت المناسب ولكنها الآن اكتشفت أميركا أنها غير قادرة على السيطرة على العنصر الطائفي والذي يسير فيه العراق خصوصا بعد إعادة تشكيل الدولة على أساس طائفي وفقا للتشريعات التي وضعها بريمر وقبله الإدارة الأميركية كانت قد أعدت تلك المسودات حينما كانت تهيئ للاحتلال العراق، هذا الخطأ أكيد الأخطاء التكتيكية التي وقعت فيها الإدارة الأميركية إذا ما أريد تسميتها خطأ تكتيكيا.
محمد كريشان: العميد إلياس حنا في الدقيقة الأخيرة من البرنامج إذا أردنا أن نميز بين الخطأ والخطيئة أبرز خطيئة في المسائل التكتيكية ما هي أميركياً؟
" |
إلياس حنا: أميركياً أنا لا أعتقد أن هناك شعور بالخطيئة أو الخطأ لدى الأميركيين، أنا أقول ما جرى في العراق وما فعلته الولايات المتحدة الأميركية أساء إلى عملية نشر الديمقراطية في المنطقة لماذا؟ لأن الديمقراطيين في المنقطة الذين كانوا يريدون حقا ديمقراطيا أصبحوا الآن محرجين إذا طالبوا بالديمقراطية سوف يقال عنهم أنهم عملاء للولايات المتحدة الأميركية، أنا أعتقد وأنا أصر على كلامي أن العراق هو جزء بسيط من مرحلة متقدمة، المجيء إلى العراق ورسم الخريطة الداخلية للعراق السياسية والطائفية والمذهبية أعادت تركيبة العراق إلى المستوى الأدنى أو المستوى الاجتماعي الأدنى إلى القبيلة إلى الديانة إلى الدين فإذاً نحن في مرحلة تفتت على صعيد المنطقة ككل وهذا لا أعتقد أنه يقلق الولايات المتحدة الأميركية أو يعتبر في القاموس الأميركي على أنه خطيئة، المقصود العراق وما يحيط بالعراق كنقطة انطلاق لأبعد من ذلك.
محمد كريشان: شكرا لك العميد إلياس حنا الخبير في القضايا العسكرية والإستراتيجية، شكرا أيضا لي صباح المختار رئيس جمعية المحامين العرب في بريطانيا وشكرا أيضا لضيفنا من استنبول الدكتور عمرو الحمزاوي الباحث في بمعهد كارنغي للسلام العالمي بهذا نصل مشاهدينا إلى نهاية هذه الحلقة من البرنامج بإشراف نزار ضو النعيم، كالعادة يمكنكم إرسال مقترحاتكم إلى عنواننا الإلكتروني indepth@aljazeera.net، غدا بإذن الله قراءة جديدة فيما وراء خبر جديد في آمان الله.