تداعيات استقالة رمسفيلد
التضحية برمسفيلد وانعكاساتها على الساحة السياسية
محمد كريشان: رامسفيلد ضحية الحرب.. عنوان مقال في صحيفة الديلي تليغراف البريطانية، بوش من ضحايا الحرب.. عنوان آخر في صحيفة ليبراسو الفرنسية، عنوانان التقيا عند القول إن حرب العراق كانت سبب جوهري في إلحاق الهزيمة بالجمهوريين في الانتخابات الأخيرة، قراءة انتهى الأمر بالرئيس بوش نفسه إلى الإقرار بها بعد دفاع مستميت عن وزير دفاعه المتهم بسوء إدارة هذه الحرب ويقبل في الأخير باستقالته التي يذهب متابعون إلى أنها ستعجل عملية التغيير في السياسة الأميركية في العراق.
[تقرير مسجل]
نبيل الريحاني: شيخ المحافظين الجدد وعسكريهم المتشدد يستقيل.. خبر أعقب نتائج الانتخابات النصفية للكونغرس ليصنع كلا منهما أسبوع سياسي ساخن في الولايات المتحدة الأميركية، الحدث الذي جاء وفق الرئيس بوش ثمرة لقناعة تقاسمها مع دونالد رامسفيلد مفادها أنه حان الوقت لقيادة جديدة في البنتاغون تزامن مع اعتراف إدارة البيت الأبيض بأن حرب العراق جلبت للديمقراطيين نصرهم الانتخابي، قراءة تضع الاستقالة في سياقها السياسي الطبيعي فرامسفيلد كف في السنوات الماضية عن أن يكون مجرد وزير للدفاع ليتحول إلى واحد من أبرز رموز الحروب الأميركية القاسية في أفغانستان والعراق، حربان حاول فيهما رامسفيلد القيادي المخضرم الذي تنازعته السياسية والخبرة العسكرية حاول فيهما ترك بصمته كواحد من أبرز صناع السياسات الأميركية الجديدة، لكن الرياح هبت على ما يبدو خلافا لما اشتهته جيوشه وحاملات طائراته ولعل فضيحة سجن أبو غريب التي جدت سنة 2004 عجلت بتدهور مسيرته السياسية والعسكرية شعر الرجل بذلك باكر وقدم استقالة لم يقبلها بوش وقتها بعد فوزه في رئاسيات نوفمبر/تشرين الثاني من نفس السنة، بقي رامسفيلد في منصبه يلاحقه شبح الفشل في العراق.. فشل انقلب إعصار انتقادات ساهم فيها الخصوم بل والمقربون من كبار قادة البنتاغون الذين اتهموه في إبريل/نيسان سنة 2006 بأنه تجاهل استشاراتهم العسكرية واستبد برأيه حيث ينبغي التشاور.
جون باتيست – أحد قادة الجيش الأميركي: دونالد رامسفيلد ليس قائد عسكري كفئ، إنه يتقن كل شيء ما عدا تحقيق الانتصارات.
نبيل الريحاني: لهذه الأسباب أو لتلك بدا دونالد رامسفيلد الأضحية التي قدر بوش أنها الأفضل لتقدم قربانا للتفاهمات السياسية المستجدة تلك التي فرضها انتصار الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس، هل كان رامسفيلد يستحق هذا المصير؟ وهل أحسن بوش استباق المتغيرات السياسية الأميركية بقبول الاستقالة؟ تلك هي الأسئلة التي ترشح الحدث الحالي لتداعيات قوية الاحتمال وربما وشيكة يأمل قائد البيت الأبيض أن يتجنبها متلافيا موجة الانتقادات والمسائلات ولجان التحقيق المحتملة تلك التي هون منها رامسفيلد ذات يوم معتبر إياها علامة العمل المتقن وفاته ربما أن الاتهام بالفشل في حرب بحجم العراق قد يصيب المنتقد في مقتل الاستقالة.
محمد كريشان: ومعنا في هذه الحلقة من واشنطن الخبير الاستراتيجي بالحزب الجمهوري جاك بيركمان وكبير الباحثين بمؤسسة كارنيغي للسلام دكتور عمرو حمزاوي ومن باريس المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان الدكتور هيثم مناع، أهلا بضيوفنا الثلاثة، نبدأ من واشنطن ودكتور عمرو حمزاوي، دكتور حمزاوي اليوم صحيفة الواشنطن بوست اعتبرت استقالة رامسفيلد بداية جيدة، صحيفة (U.S.A Today) اعتبرتها بارقة تغيير في الاستراتيجية الأميركية تجاه العراق، هل يمكن أن تكون فعلا كذلك؟
" الرئيس بوش يتعامل اليوم وإدارته الجمهورية مع لحظة مغايرة تماما، حيث انتهى عصر الحكم الانفرادي أو كما يسمى في أميركا "الديكتاتورية الرئاسية" التي حمتها أغلبية الجمهوريين في الكونغرس " عمرو حمزاوي |
عمرو حمزاوي – كبير الباحثين بمؤسسة كارنيغي للسلام: هي بالتأكيد بداية جيدة لأن المشهد السياسي في الولايات المتحدة الأميركية اختلف بصورة جذرية بعد انتصار الديمقراطيين في الانتخابات، الرئيس يتعامل اليوم وإدارته الجمهورية مع لحظة مغايرة تماما، انتهى عصر الحكم الانفرادي أو كما يسمى في الولايات المتحدة الأميركية (Presidential dictatorship) الديكتاتورية الرئاسية التي حمتها أغلبية الجمهوريين في الكونغرس وإدارته مقبلة على امتحانات قاسية ومريرة مع الأغلبية الديمقراطية في النواب وفي الأغلب في مجلس الشيوخ، هي بداية جيدة لأنه الرئيس استبق تداعيات الانتصار الساحق للديمقراطيين بالاقتراب منهم بإعطاء مثل واضح على إمكانيات التضحية بعدد من رموز الإدارة ربما أيضا بتوجهاتها السياسية محاولة للبحث وللوصول إلى توافقات مع الديمقراطيين، إن كان ذلك يعني.. سؤال إن كان ذلك يعني تغير مقبل في السياسة تجاه العراق أنا أعتقد الأمر سيستغرق وقت ليس بالقصير، علينا ألا نبالغ أو نسرع في فهم مدلولات قرار بوش، هو أطاح برموز من الرموز الحقيقية والكبيرة في إدارته ولكن المكروهة شعبيا استجابة للديمقراطيين، التغير في السياسة بتحكمه عوامل أخرى وهناك اختلافات داخل الديمقراطيين وأصوات جمهورية أيضا متعددة، إذاً هو بداية في الطريق الصحيح لتهدئة الأوضاع داخليا حتى تتمكن الإدارة من الحكم خلال العامين القادمين وربما انعكس على السياسة في العراق ولكن علينا ألا نستبق الأمور.
محمد كريشان: نسأل سيد جاك بيركمان عما إذا كان يشاطر هذا التحليل وهناك أيضا من يعتقد بأن السياسات الأميركية عموما لا يؤثر فيها الأشخاص بالمعنى المعروف ربما في بعض الدول الأخرى؟
جاك بيركمان- خبير استراتيجي في بالحزب الجمهوري: أعتقد أن هذا صحيحا في إطاره العام لكنني لا أشاطره بهذا التحليل بأن هناك ديكتاتورية رئاسية في الولايات المتحدة، رامسفيلد كان ضحية سياسية وكانت حركة جيدة لبوش سياسيا وحركة جيدة أيضا للحزب الجمهوري ولكن علينا أن نفهم والعالم العربي عليه أن يفهم والمشاهدون العالميون أن يفهموا هو أنه على المدى البسيط وعلى المدى المتوسط لا يمكن أن يكون هناك تغيرا في السياسة الأميركية في العراق، التغير المحتمل هو أن يقلل عدد القوات وليس هناك عدد كاف الآن على أي حال، إذاً فعلى المدى البسيط والمتوسط ما الذي سنراه في واشنطن هو الكثير من العلاقات العامة والحديث والناس يتنافسون ليضعوا وجهات نظرهم المختلفة للعامة ولكن لا شيء من هذه الأمور سوف يُترجم إلى نوع من التغير في السياسات تجاه العراق لأنه على المدى القريب والمتوسط ما من شيء يمكننا أن نفعله حقيقة.
محمد كريشان: دكتور هيثم مناع ألا يُخشى في هذه الحالة أن نقع في أحد أمرين متطرفين.. بمعنى أن لا شيء سيتغير هذا تطرف أول أو التطرف الثاني سيغير كثير من الأشياء، ما رأيك في التطرفيين إن صح التعبير؟
هيثم مناع – المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان: لا أظن بأننا قد وصلنا إلى مرحلة الخيار بين التطرفيين بعد، قد نصل إليها في حين إذا تمسك الثنائي تشيني بوش بالسياسة الثلاثية التي قاموا بتنفيذها مع رامسفيلد والذي رآها رامسفيلد سواء في الموازنة العالية للعسكرية للبنتاغون، سواء في الخيارات القانونية التي فرضها البنتاغون أثناء.. وولف فيتس عندما فرض تعليمات عسكرية هي بمثابة تعليمات قانونية حكمت ولادة غوانتانامو وحكمت ولادة قوانين استثنائية في الولايات المتحدة وأثرت في الخيارات الاستثنائية وفي ديمومة ما سُمي بالحرب على الإرهاب، أنا أظن بأن الأمس كان نقطة انعطاف.. نحن أمام بدأ ما يمكن تسميته نهاية حقبة بوش، بدأ العد العكسي، كيف سيكون ذلك؟ هل بشكل متسارع أم بشكل بطئ؟ المؤسسات الأميركية ستحاول أن تغطي هزيمة الإدارة الأميركية في أفغانستان والعراق بكل الوسائل حتى تنجو المصالح الأميركية من هزيمة إدارتها، هل سينجحوا في ذلك؟ التضحية برامسفيلد لا أظن بأنها تكفي، أظن بأن هناك خيارات جراحية الآن بمعنى الضربات الجراحية التي كانت تلقى على الشعوب بالأمس خيارات جراحية في القرار السياسي على بوش أن يتخذها.
محمد كريشان: نعم دكتور حمزاوي بعض المعلقين يعتبرون بأن هناك ثالوث يجسد السياسة الأميركية في العراق بوش أولا، ديك تشيني ورامسفيلد لماذا وقعت التضحية برامسفيلد لأنه الحلقة الأضعف بمعنى لا يمكن لبوش أن يقول مع السلامة ولا لنائبه أن يفعل نفس الشيء؟
عمرو حمزاوي: نعم بالتأكيد يعني من الصعب أن يستقيل الرئيس من الصعب تصور أن يقيل الرئيس نائبه وبالتالي كانت الإمكانية الوحيدة هي بالفعل البحث في إمكانات استبدال رامسفيلد بشخصية أخرى وهنا المفتاح أستاذ محمد النظر إلى شخصية البديل لأن الرجل البديل هو رجل بالفعل بيعكس تاريخه وبتعكس نشاطاته السياسية خلال الفترة البسيطة الماضية إمكانية التوافق مع الحزب الديمقراطي، التضحية برامسفيلد وهو الرمز الأكثر يعني بعدا عن القبول من جانب المواطن الأميركي.. الرأي العام الأميركي ومن جانب الحزب الديمقراطي وان يأتي بشخص بديل له القدرة على أن يبدأ بداية جديدة.. ليس بمعنى البداية الجديدة بتغيير راديكالي أو استراتيجي في السياسة المتبعة في العراق ولكن بحثا عن إمكانات التوافق مع الديمقراطيين النقطة الثانية فيما يتعلق بالحلقة الأضعف الرئيس الأميركي استبق مطالب الديمقراطيين التي كانت قادمة في جميع الأحوال بفتح لجان تحقيق وتقصي حقائق مع رموز إداراته الرئيسية فيما يتعلق بملفات السياسة الخارجية وأهمها العراق، رأس رامسفيلد كانت تصبح على الطاولة في جميع الأحوال فهو استبق صراع مرير مع الكونغرس والتف حوله وقدم للرأي العام الأميركي دليل على إنه استوعب رسالة الناخبين الأميركيين وهذا أمر مهم له في العاميين القادمين وأمر مهم أيضا لحزبه في فرصه في الانتخابات الرئاسية 2008.
محمد كريشان: يجب ألا ننسى أيضا بأن مَن خلف رامسفيلد وهنا أتوجه للسيد بيركمان.. مَن خلف رامسفيلد هو عضو في اللجنة التي يرأسها بيكر وهاملتون، في هذه الحالة تكون الرسالة واضحة بمعنى أبعدته أحد رموز هذه المغامرة في العراق برمز آخر يفترض أنه يسعى إلى إيجاد مخرج، هل يمكن أن تكون الرسالة فعلا بهذا الشكل؟
جاك بيركمان: أعتقد أن هذا بالضبط هو الرسالة التي يريد بوش K أن
إرسالها وسياسيا عمل عملا جيدا بالأمس وكان هذا ضروريا سياسيا، دعني أسأل سؤالا لضيفيك، العالم العربي ومن الباحثين العرب ومن المعلقين أسمع لا شيء ما عدا الاستياء لما يفعله الأميركيون في العراق ولكن أسأل كليهما ما هو رؤيتهم للعراق؟ هل كانوا يريدون لصدام حسين أن يكون هناك للأبد؟ الأميركان أدانوا صدام حسين وهو قاتل متوحش قتل مئات الآلاف إن لم يكن الملايين من شعبه، أليس هذا شيئا جيدا؟ أليس هناك نظرة بأنه صدام كان يجب التخلص منه وأنه ربما هل هذا ما هو يريده هؤلاء الباحثان من العالم العربي أنا لا أسمع شيئا ما عدا الانتقاد والاستياء من وجودنا في العراق ولكن ما أود أن أسمعه هو ما هو خطتهما للعراق؟ ما كان بإمكانهما أن يفعلا؟ يبقوا دكتاتورا لعقود أكثر هناك في العراق؟
محمد كريشان: السيد بيركمان يعني القضية ليست الإبقاء على صدام حسين أو عدم الإبقاء عنه الآن ولكن ربما ويعني مع احترامي لشخصك القضية ليست موجهة إليك، يعني يمكن هنا أن نأخذ ما قالته الإندبندنت كعنوان إنه خطأ الحرب يا غبي وهنا يعني أخذت اقتبست الجملة التي رُوجت سنة 1992 إنه الاقتصاد يا غبي بمعنى القضية هي في الحرب وليس في صدام حسين أو غيره، على كل مازلنا في موضوع رامسفيلد ودلالات خروجه من الساحة السياسية الأميركية وتداعيات ذلك، نتابع المسألة بعد وقفة قصيرة، نرجو أن تبقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
إمكانية محاكمة رمسفيلد بتهم التعذيب
محمد كريشان: أهلا بكم من جديد، مجموعة من المحامين اللذين يدافعون عن المعتقلين في غوانتانامو اعتبرت أن استقالة وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد تجعل من الممكن ملاحقته أمام القضاء بسبب دوره في التعذيب ووصف مايكل راتر رئيس مركز الحقوق الدستورية رامسفيلد بأنه واحد من مهندسي البرنامج الأميركي للتعذيب وقال إن رامسفيلد هو من أجاز مجموعة من وسائل التعذيب في أبو غريب وغوانتانامو منها استخدام الكلاب والإذلال الجنسي ويستعد مركز الحقوق الدستورية ومنظمات أخرى للدفاع عن حقوق الإنسان لرفع شكوى بتهمة التعذيب ضد رامسفيلد وآخرين أمام محكمة ألمانية باسم مبدأ القضاء الدولي الذي أجاز الملاحقات ضد بينوشيه في أسبانيا وأوضح راتر أن استقالة رامسفيلد تحرمه من إمكانية الاستفادة من الحصانة وتفتح إمكانية ملاحقته ورفع شكاوى ضده في الولايات المتحدة وكذلك في الخارج، دكتور هيثم مناع هل هذا ممكن فعلا؟
هيثم مناع: فقط أريد بكلمتين دون أن أدخل في أي مناظرة مع زميلنا الأميركي أن أقول بأنه في اللحظة التي كان يتوجه فيها رامسفيلد للتنسيق مع الرئيس العراقي صدام حسين كنا نناضل ضد الدكتاتورية في العراق، فلسنا لنأخذ دروسا من أحد، بالنسبة لمحاكمة رامسفيلد لا يوجد أي مناعة في القانون والعرف الدوليين تحول دون محاكمة أي وزير دفاع حتى أثناء ممارسته لمهنته في حال ممارسته لجريمة التعذيب أو الجرائم الجسيمة أقصد جريمة الحرب، جريمة العدوان والجرائم ضد الإنسانية وبالتالي كان بالإمكان ومازال بالإمكان ملاحقة رامسفيلد للجرائم خاصة التي قام بها والتي تتعلق بتوجيهات تعطي تعريفا خاصا للتعذيب لا ينسجم مع توقيع الولايات المتحدة الأميركية على اتفاقية مناهضة التعذيب في أكتوبر عام 1994 وبالتالي بإمكاننا في حال مجيئه إلى أوروبا ملاحقته عبر الضحايا بإقامة دعاوى قانونية وفق الاختصاص الجنائي العالمي (كلمة بلغة أجنبية) وبإمكاننا فعل ذلك أيضا على الأراضي الأميركية رغم أن الإدارة الأميركية قد ذهبت بترسانة من 25 محامي أرسلتها الخارجية الأميركية إلى لجنة مناهضة التعذيب ومقرر مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة لشرح التعريف الأميركي الحالي للتعذيب والذي يقبل بأن أي تعذيب لا يترك عاهات دائمة ليس تعذيبا اليوم، هذا التعريف مرفوض من الجميع ولا يقبل به إلا شخص واحد هو وزير الداخلية الإسرائيلي السابق لينداو الذي برر وشرع في إسرائيل قبل الولايات المتحدة لتعريف خاص ليس له أي أساس في القانون الدولي ولا يمكن لنا كنشطاء حقوق إنسان أن نقبل به ولعلنا يكون لنا مناسبة إذا زار حلف شمال الأطلسي أو أي بلد أوروبي أن نلتقي به ولكن في المحكمة هذه المرة.
محمد كريشان: دكتور عمرو حمزاوي قال الدكتور هيثم مناع إذا جاء إلى ألمانيا وإذا زار كذا، هل تعتقد بأن الأمر قد يصل فعلا إلى هذه المرحلة؟ يُفترض أن رامسفيلد إذا ما رفعت قضية أذكى من أن يزور هذه الدول إذا كانت المسألة جدية يعني؟
عمرو حمزاوي: نعم بالتأكيد ناهيك أستاذ محمد عن مسألة الإرادة السياسية للدول الأوروبية المختلفة التي ربما كانت على علاقات أو هي بالتأكيد على علاقات وثيقة بالولايات المتحدة الأميركية ونعلم تماما ما حدث لمحاولة عدد من الناشطين والحقوقيين العرب محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شارون أمام أحد المحاكم الأوروبية وما أسفرت عنه من نتائج على أرض الواقع وهي هامشية إن لم تكن غير قائمة أصلا ولكن على الرغم من ذلك أنا أعتقد إنها محاولة جيدة، على المجتمع العالمي.. على الرأي العام العالمي وهنا مسؤولية كبيرة على النشطاء العرب تسليط الضوء بالفعل على ما تم خلال السنوات الماضية من تجاوزات من جانب هذه الإدارة وأنا أعود مرة أخرى إلى التعبير الذي استخدمته وهو دكتاتورية رئاسية، هذه الإدارة عطلت الجزء الأكبر من القوانين الحامية للحقوق المدنية داخل الولايات المتحدة الأميركية بسلسلة من القرارات التي استصدرتها منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 وغيرت طبيعة.. إلى حد ما طبيعة الضمانات الدستورية والحقوقية داخل الولايات المتحدة الأميركية وفيما يتعلق بتعقب جرائم الاعتداء ضد حقوق الإنسان خارجها وعلى المجتمع العالمي والنشطاء العرب جزء منهم أن يسلطوا الأضواء على هذا ورامسفيلد هو الرمز الأكثر شهرة بحكم سوء إدارته لهذا الملف خلال السنوات الماضية، النقطة الثالثة والأخيرة أنا أعتقد مرة أخرى رغم كل ذلك علينا ألا ننسى ما هي.. يعني ماهية الموضوعات الحقيقية التي هي اليوم تحت المنظار وتحت المداولة داخل الولايات المتحدة الأميركية، الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري هناك إمكانية للوصول إلى توافق بشأن العراق، ربما اقتصر الأمر على ليس انسحاب من العراق ربما تحديد جدول زمني، ربما إعطاء مسؤوليات أكبر للسلطات العراقية وبعد عن معارك سياسية، أعتقد جزء من حديث الزميل بيركمان ما زال يعبر عن روح (Partisanship) كما تسمى في الولايات المتحدة الأميركية محاولة تخطيها حتى لا يخسر الحزبان فرصهما في الانتخابات القادمة هذه إمكانية قائمة وعلينا أن نتابع تطورات الملفات المختلفة الداخلية والخارجية في العاصمة الأميركية التي أصبحت بالتأكيد مكان أكثر يعني حيوية سياسية عما قبل.
محمد كريشان: نعم سيد بيركمان حتى وقت قريب كان الرئيس بوش يقول إن رامسفيلد سيبقى في منصبه إلى نهاية فترة بوش الرئاسية في يناير 2008، الآن قبل استقالته وربما يُعتبر حتى أقيل، هل يمكن أن يصل الراجع إلى حد إمكانية الاستعداد للذهاب إلى محكمة دولية؟ هل هذا وارد في المنطق الأميركي الرسمي؟
جاك بيركمان: أعتقد أن هذا النقاش للأسف يذهب في إطار سخيف للأسف، رامسفيلد ذهب نعم بسبب الانتخابات وبسبب الحرب، هل يمكن لرامسفيلد قانونياً أن يُقاضى لأي جرائم حرب؟ كلا هذا سخيف، فيما يعلق بغوانتانامو كثير من الناس المعتقلين في غوانتانامو سأكون صادق معكم لم يعيشوا حياة أفضل مما كان لهم في غوانتانامو فهم يتلقون الطعام الصحيح والأكل السليم والعناية الطبية والعناية بالأسنان، أميركا ومسؤولياتها تجاه الحادي عشر من سبتمبر كانت قضائية وقانونية، دول أخرى هل تتخيلون ما كان ردة فعل الرومان أو البريطانيين أو اليونانيين فهم أكثر وحشية منا، إن كان الحادي عشر من سبتمبر حدث عندهم لربما كان الملايين من العرب يقتلوا في العالم العربي ولكن الولايات المتحدة لم تفعل هذا وتصرفت بحكمة ولم يكن هناك دمار كبير في العالم العربي وأكثر من هذا تخلصنا من أحد أعظم الدكتاتوريين في العالم العربي، هذا شيء يظن البعض أو الاستخبارات العربية، لم أسمع جواب عن سؤالي، سألت ألا تعتقدون أنه شيء جيداً أن صدام حسين ذهب؟ الذكاء العربي يدهشني أحياناً، أعتقد في كثير من المجالات أن هناك ربما محبة للدكتاتورين في هذه المنطقة فهم يفضلون صدام على أميركا أن تحاول أن توجد حكومة ديمقراطية، بالتأكيد أميركا ربما تخفق في هذا السعي، لا أعتقد أن الوضع كذلك وآمل ألا يكون كذلك ولكن حتى لو أخفقنا أليس من الأفضل لو أننا كنا حاولنا أن نجلب النور لهذه المنطقة التي تعيش في القرن الحادي عشر؟ أليس من الأفضل أن نحاول أن نجلب نوراً لهؤلاء الناس الذين كانوا يعيشون تحت حكم بربري وحشي؟ ألا تستحق أميركا الفضل لكل هذا؟
محمد كريشان: نعم سيد بيركمان فقط للتوضيح سخف أو عدم سخف هذه الدعوة لا تنبع منا، على كل هناك قانونيين دعوا إلى هذه المسألة، موضوع معالجة الأسنان في غوانتانامو أعتقد يعني ليست فكرة جيدة حتى وإن كانت معالجة الأسنان باهظة التكاليف في العيادات الخاصة، لا تجعل الشخص يتمنى أن ذهب إلى غوانتانامو يعني في كل الأحوال يعني، تعليق سريع جداً من دكتور هيثم مناع.
" المشكلة في إزاحة صدام حسين هي مشكلة مركزية في مفهوم الديمقراطية نفسه. فالديمقراطية إما أن تكون حدثا تاريخيا مدنيا مجتمعيا أو أن تكون جزءا من آليات إعادة هيكلة الهيمنة في العالم " هيثم مناع |
هيثم مناع: فقط أريد أن أقول بأن المشكلة في إزاحة صدام حسين هي مشكلة مركزية في مفهوم الديمقراطية نفسه، الديمقراطية إما أن تكون حدث تاريخي مدني مجتمعي أو أن تكون جزء من آليات إعادة هيكلة الهيمنة في العلم، نحن لا نريد إعادة هيكلة الهيمنة والسيطرة من قبل تلك الإدارة أو تلك أو تلك الدولة أو تلك على شعوبنا، المسألة المركزية بالنسبة لنا أن الديمقراطية تأتي من.. ومن الداخل، لا تصَدر ولا تباع في السوق.. هذه أولاً، ثانياًَ لا يمكن أن نقبل بغوانتانامو ولدينا شهادات مسجلة بـ 28 وسيلة تعذيب معترف عليها كتعذيب من مائة وخمسين دولة في العالم إلا دولتان إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، كيف يمكن أن نقبل كنشطاء حقوق إنسان إذا كانت الحكومات تعطي هذا التعريف للتعذيب وهناك من يرفضه في دولتين فقط وفقط في إداراتهما في وسائل الحكم وفي المعاهد الخاضعة لهذه الوسائل وليس حتى في المجتمع الأميركي.
محمد كريشان: شكراً لك يا دكتور هيثم مناع المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان، شكراً لضيفنا من واشنطن الخبير الإستراتيجية بالحزب الجمهوري جاك بيركمان وأيضاَ لكبير الباحثين بمؤسسة كارنيغي للسلام الدكتور عمرو الحمزاوي أو حمزاوي، بهذا نصل إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نظار ضو النعيم، غداً بإذن الله قراءة جديدة فيما وراء خبر جديد في أمان الله.