
مستقبل حلف الناتو عقب تغيير مهماته في أفغانستان
– حدود تغيير مهمة حلف الناتو في أفغانستان
– مستقبل مهمة الناتو في أفغانستان
جمانة نمور: أهلا بكم، نتوقف في هذه الحلقة عند طبيعة الدور الجديد لحلف شمال الأطلسي بعد التغير الكبير الذي طرأ على مهمته في أفغانستان وتحوله من مجرد قوة حماية وتأمين للشخصيات في كابل إلى قوة قتالية تتولى قيادة العمليات العسكرية ضد حركة طالبان في جميع أنحاء أفغانستان ونطرح في الحلقة تساؤلين اثنين، ما هو التغيير الذي طرأ على الصيغة التي تسلم حلف شمال الأطلسي على أساسها قيادة القوات الدولية في أفغانستان؟ وما هو الدور الذي ينتظره الحلف بعد توليه مهام قتالية خارج مناطق نفوذه للمرة الأولى في تاريخه؟ في عام 2002 كانت القوة الدولية للمساعدة على إرساء الأمن التابعة لحلف شمال الأطلسي والمعروفة اختصارا باسم قوات الآيساف، كانت مسؤولة فقط عن حماية وتأمين الشخصيات في العاصمة كابل أما الآن فقد توسّعت المهمة لتشمل قيادة القوات الدولية في البلاد بأسرها ما يعني اطلاعها بمهمة قيادة العمليات العسكرية ضد حركة طالبان التي تصاعد نشاطها في الآونة الأخيرة.
حدود تغيير مهمة حلف الناتو في أفغانستان
[تقرير مسجل]
سامر علاوي: بتسلمها القيادة من قوات التحالف في شرق أفغانستان تكون القوات الدولية للمساعدة الأمنية آيساف قد استكملت المرحلة الرابعة لانتشارها في جميع أنحاء البلاد وذلك بعد أن تحوّلت مهمتها تدريجيا من قوة أمن وحماية تقتصر على العاصمة كابل عام 2002 إلى قوات مقاتلة لمواجهة تنامي نشاط حركة طالبان وذلك بعد أن انتقلت قيادتها الدورية عام 2004 إلى حلف شمال الأطلسي بشكل دائم.
[شريط مسجل]
ديفد ريتشاردز – قائد قوات الناتو في أفغانستان: أعتقد أنه من المهم أن يُدرك الناس أنه عندما تتسلم عمليات كالتي ورثتها آيساف فإننا لا نتوقع نجاحات مباشرة وعلينا أن نفهم الوضع وفقا للخطة المرسومة.
سامر علاوي: أول اختبار حقيقي واجهته قوات الناتو كان في عملية ميدوسا في ولاية قندهار الشهر الماضي بعد أسابيع من انتشارها في الجنوب ليخرج قادة الحلف معربين عن مفاجأتهم بقوة طالبان وبغض النظر عن نتائج العملية التي شارك فيها أكثر من ألفي جندي أجنبي وأفغاني فإن المُلاحظ أن هجمات طالبان تضاعفت بعد انتشار الناتو ما جعل المراقبين يطالبون بضرورة البحث عن حل غير عسكري.
[شريط مسجل]
رسول أمين – وزير التعليم الأفغاني السابق: يجب أن تكون هناك أبعاد مختلفة لحل مشكلة أفغانستان، إقامة علاقات طيبة مع دول الجوار خاصة باكستان والحاجة إلى حلول سياسية بدلا عن الحلول العسكرية وإقامة مشاريع تنموية خاصة في الجنوب.
سامر علاوي: وعلى الرغم من انتقال القيادة إلى قوات الناتو فإن القوات الأميركية بقيت تشكل العمود الفقري لهذه القوات ما جعل كثيراً من المراقبين يرون أن إحلال قوات الناتو محل القوات الأميركية ليس إلا عملية تجميلية لن تساهم بحسم المعركة عسكرياً أو إقناع المناهضين للتواجد الأجنبي بالتخلي عن السلاح والانضمام للحكومة، كثيرون هنا يعتقدون أن تبديل القبّعات لن يحل المشكلة الأمنية في أفغانستان لأن مقاتلي طالبان ومَن معهم لا يفرقون بين جندي أجنبي وآخر، سامر علاوي الجزيرة، كابل.
جمانة نمور: على كلٍ وجه العالم تغيّر بعد تفكك الاتحاد السوفييتي كما هو معلوم ومن بعده تغيّرت المهام والتحديات التي نهض بها الحلف الأطلسي بعضها جاء تقليديا والبعض الآخر طرح على قادة الحلف ضرورة إصلاح وتطوير منظمتهم التي تعجز ترسانتها الضخمة عن حسم معارك عسكرية ضد جماعات مسلحة تنتهج الكر والفرّ استراتيجية لإنهاك أعت قوة على وجه البسيطة.
[تقرير مسجل]
نبيل الريحاني: على مشارف استكماله للعقد السادس منذ انطلاقته يجد حلف شمال الأطلسي نفسه في القلب من جدل يشارك فيه أعضائه وحلفائه يبحث فيما غيّرته مستجدات الأوضاع الدولية في هويته ودوره، الحلف الذي يعد القوة العسكرية الأكبر في العالم والذي تأسس سنة 1949 لمجابهة ما قيل وقتها إنه تهديد سوفييتي لأوروبا الغربية جعلته متغيرات دولية متلاحقة بدأت منذ نهاية الحرب الباردة يتدخل في مناطق عدة من العالم وبنحو غير مألوف، سجلت قوات الناتو حضورها في البوسنة وفي كوسوفو دعما لرغبة أممية في وقف النزاعات التي نشبت عشية تفكك يوغوسلافيا السابقة غير أن تدخل الحلف في أفغانستان شكّل ما قال سكرتيره العام منعرجا وتحديا لعله الأخطر والأهم في تاريخ عمل الحلف، ولى زمن كانت العدة تعد فيه لمواجهة جيوش منظمة الانتشار واضحة التسليح فلقد أدت الحملة الأميركية المدعومة أطلسيا لإسقاط حكومة طالبان بعيد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أدت إلى استنزاف مزيد من جهود وقدرات الناتو في تعزيز حكومة كابل والتصدي لتصاعد عمليات طالبان التي تشنها مجموعات صغيرة على طريقة حرب العصابات وإذا كان سعي الحلف الأطلسي حثيثا لإعطاء صورة متنوعة لنشاطه في أفغانستان وغيرها فإن العون الإنساني والتنموي الذي يطّلع به جنب إلى جنب مع الجهد العسكري دفع بأسئلة جوهرية حول هويته ودوره إلى الظهور بقوة ففي نهاية المطاف ليس الحلف منظمة غوث إنساني ولا هو بالهيئة السياسية الدولية الموازية للأمم المتحدة لكن تحركه في كوسوفو دون تفويض من الأمم المتحدة حرّك الهواجس من أن يتحول إلى شرطي دولي ينفذ إرادة الطرف الأقوى في تركيبته وهو الولايات المتحدة الأميركية، تلك الصورة والوظيفة التي لا تبدي أوروبا كبيرة تحمس لها.
جمانة نمور: ومعنا في هذه الحلقة من كابل محمد صديق شكري وزير الإعلام الأفغاني الأسبق والمستشار السابق للرئيس كرزاي، أما من القاهرة فمعنا الدكتور محمد عبد السلام الخبير بالقضايا العسكرية والاستراتيجية في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية وعبر الهاتف من وينشيستر في بريطانيا بول بيفر الباحث في القضايا العسكرية، أهلا بكم، دكتور محمد هذه هي المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية التي يطلع بها الحلف الأطلسي بمهمة من هذا النوع حربية خارج حدود أوروبا ما مؤشرات ذلك برأيك؟
" |
محمد عبد السلام – خبير بالقضايا العسكرية والاستراتيجية في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية: إن دروس التاريخ مستمرة كل المهام التي بدأت غير عسكرية في كوريا في الصومال في لبنان تحوّلت فيما يتعلق بحجم القوات ومهام القوات بعد فترة من الوقت إلى مهام قتالية، هذه هي طبائع الأمور في المناطق غير المستقرة، حلف الأطلنطي كان يرغب دائما في خوض ما يسميه مهام غير قتالية أو مهام حفظ السلام أو ما أسموه في وقت من الأوقات في تعاملهم مع الجنوب المتوسط الأمن الناعم أو الأمن الخفيف لكن هذه هي الأمور، حلف الأطلنطي حاول أن يتحول مؤسسة دفاعية إلى مؤسسة أمنية الآن يعود مرة أخرى إلى التحوّل إلى مؤسسة دفاعية ويواجه الحقائق التي ترتبط بأمن ما هو خارج أوروبا، أوروبا هناك يعني توجد بها عادة مشكلة أمن، خارج أوروبا المشاكل مشاكل عدم أمن وليست مشاكل أمن توجد بها عناصر مسلحة وبالتالي كل مهمة سيقوم بها حلف الأطلنطي في الخارج كان يجب أن يتوقع منذ البداية أنها ستتحول إلى مهام قتالية حتى لو كانت مهام حفظ سلام لأنه في العادة حتى قوات حفظ السلام لديها الحق في الدفاع عن نفسها وبالتالي سيُرفع السلاح عاجلا أو آجلا، هذه هي طبائع الأمور وقد بدأ حلف الأطلنطي يدخل إلى هذه الدائرة سواء كان يريد ذلك أو لا يريد ذلك.
جمانة نمور: هل يريد ذلك يا سيد بول بيفر برأيك؟ هل يريد فعلا الدخول في عمليات قتالية وليس فقط حفظ سلام وإلى أي مدى سوف يذهب في هذا الاتجاه؟
بول بيفر – باحث في القضايا العسكرية – وينشيستر: إن قوات الناتو الموجودة الآن في أفغانستان تتمتع بقدرات كافية لخوض القتال والحرب رغم أن هدفها من الأساس أو هدفهم السياسي هو ليس خوض القتال ولكن خلق بيئة آمنة يستطيعوا فيها الشعب الأفغاني أن يختار حكومته ويبدو الآن هو أن الرئيس كرزاي وحكومته وما يفعلوه الآن في معظم أنحاء أفغانستان يبدو من قبيل إعادة الإعمار لكن بشكل متزايد يبدو أن قوات الناتو تتعرض لهجمات من طالبان ومن هذا المنطلق هم يقومون بهذه العمليات مستخدمين قوة كبيرة وما يحدث الآن بالتغير الهيكلية القيادي وتولي الجنرال ديفد ريتشاردز البريطاني وهو له خبرة طويلة في سيمور وسيراليون والبوسنة في عمليات حفظ السلام وهو الرجل الذي تثق به الناتو للقيام بهذه الأعمال.. الأعباء وهي المرة الأولى التي تكون فيها القوات الأميركية من ستين عام تحت إمرة جنرال بريطاني.
جمانة نمور: لقد بدأت حديثك بالقول إن لدى الحلف قدرات كافية لخوض الحرب ولكن نحن نعلم أنه على مدى الأشهر الأخيرة كان هناك دول عديدة رفضت حتى إرسال تعزيزات ضرورية لحلف الناتو، برأيك الآن بعد تولي ريتشارد هذه القيادة سوف تتأمن كل هذه الإمكانيات المطلوبة؟
بول بيفر: إن الجنرال ريتشارد قام بمهمة جيدة حتى الآن في تجميع القوات، فقوات التحالف في أفغانستان هي من أربعين دولة ليست فقط من دول الناتو فقط فالقوة التي شكلها من حيث الأساس هي كندية وأميركية وبريطانية ودنمركية وأيضا من إستونيا وهي دولة حديثة العهد للانضمام إلى الناتو والتي جعلت من جزء كبير من قوتها العسكرية متاحة لأن تستخدم في أفغانستان، إذا ما رأينا إلى طبيعة الحال في الناتو نرى أنهم الكنديون والأميركيون والدنمركيون والبريطانيون هم الذين موجودون في أفغانستان وهم القوة القتالية الرئيسية، ألمانيا لديها جيش كبير قوامه أكثر من ثلاثمائة وخمسين ألفا لكن لديها رقم بسيط حوالي ثلاثين ألفا تنشرها خارج الحدود بسبب القيود الدستورية لكن مع ذلك هم يقومون الآن بأعمال طيبة في الكونغو الشرقية وكانت هذه جزء من مشاكل الناتو لأن هناك مشكلات كثيرة في أنحاء مختلفة في العالم بحيث لا يستطيع الحلف تركيز قواته في مسرح عمليات واحد مثل أفغانستان بل هناك نحو عشرة أماكن مختلفة عليها أن تنتشر فيها القوات في وقت واحد وهي مسألة توفير القوات ومطابقتها مع احتياجات كل منطقة.
جمانة نمور: ولكن البعض يرى بأن مهمة الحلف في أفغانستان هي الامتحان الأصعب الآن ويبقى التساؤل إذا كان الحلف سيشكل في المرحلة المقبلة مخلباً للسياسة الأميركية أم كابحاً لاندفاعها في الغزوات، نتابع النقاش بعد وقفة قصيرة فكونوا معنا.
[فاصل إعلاني]
مستقبل مهمة الناتو في أفغانستان
جمانة نمور: أهلاً بكم من جديد وحلقتنا تبحث في مستقبل نشاط حلف الناتو على الساحة العالمية عقب تغير طبيعة مهامه في أفغانستان وتوليه قيادة القوات الدولية فيها والآن نحاول أن نفهم كيف يُنظر في أفغانستان إلى هذه المهمة الجديدة للحلف، سيد محمد هل لك أن تضعنا في هذه الأجواء؟ لا أدري إن كان يسمعنا السيد محمد صديق شكري وهو وزير الإعلام الأفغاني السابق وكان أيضاً مستشاراً للرئيس كرزاي، هل تسمعنا بشكل واضح سيد محمد؟
محمد صديق شكري – وزير الإعلام الأفغاني الأسبق: أسمعكم إن شاء الله.
جمانة نمور: أهلاً وسهلاً بك كنا نحاول أن نعرف منك كيف يُنظر أفغانياً إلى هذا التغيير الذي حصل وتولي الناتو قيادة العمليات العسكرية في أفغانستان.
محمد صديق شكري: في كابل أو بصفة عامة في أفغانستان لا ينظرون إلى أفغانستان لا ينظرون إليه كتغيير إيجابي أو أنه تغييراً يستطيع أن يمحو الحرب من أفغانستان، حتى معظم الناس أو معظم.. حتى بعض السياسيين أيضاً لا يعرفون إنه انتقل القيادة من القوى الأممية إلى الناتو، فأعتقد إن هذا الأمر ليس أمراً مهماً في أفغانستان لأنه حسب خبرتنا وتجربتنا عن الشعب الأفغاني نحن.. وعن أيام الجهاد إن الحرب لا تستطيع أن تمحو الحرب فمن أجل ذلك لا ينظرون الشعب الأفغاني إلى هذا الانتقال بعين الاعتبار.
جمانة نمور: ولكن كنا قرأنا بعض التعليقات التي كانت تتخوف من أن يكون ذلك بداية لانسحاب تدريجي أميركي وهذا قد لا ينعكس إيجاباً على بعض الأفغان، هل هذا صحيح؟
" |
محمد صديق شكري: أعتقد انسحاب تدريجي للأميركان الآن ليس قضية البحث لأن الأميركان لهم مشوار طويل في هذه المنطقة قضية إيران وقضية الصين بعد عدة سنوات حيث يحتاج إلى النفط وإلى البترول، فأعتقد إنه مستبعد لأن الأميركان لا تريد أن تنسحب في هذه الظروف إلا إذا تدارك الوقت عليها، أما الشيء المهم الذي يلفت النظر إن الأميركان أو الناتو أو القوات الأممية الموجودة في هذا البلد لم يتمكنوا خلال خمس سنوات من تحقيق الأهداف التي آتوا من أجلها وهي الأهداف الثلاثة كما أعلنوا من البداية، استئصال شقفة الإرهاب حسب زعمهم ولكن المعارضة المسلحة تتقوى يوماً بعد يوم وأيضاً استئصال شقفة الخشخاش أو مواد المخدر ولم يتمكنوا أن يخطوا خطوة واحدة إلى هذا الاتجاه بل إن زرع مواد المخدر ارتفع إلى 60% مما مضى وأيضاً كان عندهم دعاية بأنهم سيشتركون في إعمار جديد لأفغانستان ولم يتمكنوا أن يضعوا لبنة فوق اللبنة، فهذا الأمر والأمر الآخر أيضاً أن الشعب الأفغاني متيقن بأن الحرب لا يستطيع أن يهزم المعارضة العسكرية ولابد أن يختاروا طرقا أو سبلاً أخرى لحل الأزمة الموجودة في هذا البلد.
جمانة نمور: دكتور محمد عبد السلام على ضوء إذاً هذه الصورة برأيك موضوع هذا.. هل من تقاطع أو أين يكمن التقاطع ما بين ما تريده أميركا في أفغانستان وفي باقي المناطق في العالم وبين ما سوف نرى حزب الناتو يقوم به؟
محمد عبد السلام: حلف الناتو سيواجه أعقد اختبار في تاريخه خارج أوروبا، هذه التجربة الأولى له القتالية.. والقتالية بمفهوم الناتو ترتبط بالمهام التي تحدث عنها الأخ من أفغانستان التمرد الإعمار المخدرات، إنها ليست عملية قتالية فقط بل هناك مدنيين يحاولون أن يعني شاركوا في عملية إعادة الأعمار، هناك عقدة حقيقية في التعامل مع الجريمة المنظمة وتجار المخدرات في أفغانستان وبالتالي خبرة التدخل الخاصة بالناتو في أفغانستان ستحسم أموره في الفترة القادمة وستنعكس على منطقة الشرق الأوسط، الناتو بدأ يتواجد في منطقة الشرق الأوسط بأشكال مختلفة، صحيح أنهم رفضوا رسمياً دخول حرب العراق لكن كانت هناك 16 دولة من دول الناتو منضمة لقوات التحالف، جرت مناورات مع المغرب مع الجزائر، هناك زيارات للسفن لدول مختلفة أخرى كالأردن وغيرها، هناك اجتماعات مستمرة عسكرية بين أطراف الناتو والشرق الأوسط، ما سيحدث هو أن مستوى نشاط الناتو خارج أوروبا في الفترة القادمة في مناطق جنوب المتوسط شرق المتوسط والشرق الأوسط سيرتبط بما سيحدث في أفغانستان، قد يحدث توّرط في أفغانستان من جانب الناتو بحيث يتم استنزاف حجم كبير من قوات دوله ويبدأ الناتو في تقليص نشاطه جزئيا في مناطق الشرق الأوسط، يبدأ في العودة مرة أخرى إلى معارضة بعض توجهات السياسة الأميركية لكن الناتو دخل أفغانستان ولن يتمكن من الخروج منها مرة أخرى إلا بعد أن يحل المشكلة والمشكلة كما يبدو الآن لن تُحل في المدى القصير وبالتالي بدأ الناتو يواجه مشكلة حقيقية في الوقت الحالي ستحدد توجهاته المستقبلية.
جمانة نمور: إذاً سيد بول هل فعلا الآن ما سيقوم به الناتو في أفغانستان هو النموذج الذي سيعتمد عليه ما يمكن أن يحصل في المستقبل وعلى ضوء ذلك كيف نقرأ تصريحات دونالد رامسفيلد التي قال فيها أن مهمة الأطلسي في أفغانستان ليست فقط جزء من عملية عسكرية غربية بل هي أولا وأساسا مقدمة لخلق عالم جديد كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية؟
بول بيفر: أعتقد أننا علينا أن نكون حذرين جدا عندما نستمع إلى أقوال الساسة الأميركيين وهم يقولون ويتحدثون عن ما يريدون للعالم أن يحدث لأن هؤلاء الساسة بعد عامين من الآن لن يكونوا جزء من المسرح السياسي لكن الناتو سيبقى في أفغانستان بعد رحيل هؤلاء الساسة وأيضا إشارة إلى ما قاله الدكتور محمد أنا أتفق مع كلماته الحكيمة وأقول أن دور الناتو في أفغانستان هو دور كلي مجموع محصلة الدول الأعضاء كما هو الحال مع الأمم المتحدة عندما يشكلون قوات من دول مختلفة راغبة في الدخول في تحالف وعلى هذا الأساس الوقت الآن حاسم للناتو ليثبت أنه قادر على أن يحقق ما يريد وكما قال ضيفكم الكريم من كابل الآن الأميركيون لم يحققوا ما قالوا أنهم سيحققوه في العام 2001، أزاحوا أو أطاحوا بحكومة طالبان لكنهم مازالوا يواجهون مشكلات مع طالبان في أقاليم مثل هلمند وغيرها، إذاً بالنسبة إلينا الوضع الحاسم سيأتي بعد عامين أو ثلاثة لنرى كيف تستطيع قوات الناتو وهل ستكون ناجحة؟ ونحن نتحدث عن دول أوروبية من حيث الأساس وأيضا دول أخرى التي ليست جزء من الناتو لتأتي لمساعدتهم وتدعمهم في عملياتهم بحيث يكون الأمر الثالث.. المهمة التي أراد الأميركان تحقيقه وهو إعادة الأعمار يمكن أن يستمر وقد كانت هناك نجاحات مهمة في شمال البلاد مع ما فعله الألمان وأيضا بعض ما حققه الكنديون وأيضا ما تحقق في الغرب على أيدي الكنديين والبريطانيين.
جمانة نمور: سيد محمد في كابل استمعنا إلى توني بلير يقول بأن مهمة حلف الناتو في أفغانستان هي مهمة للغاية من أجل الأمن العالمي، إذاً أنت أيضا ترى بأن ما يحصل هو امتحان بعده نرى مهمة الحلف في العالم؟
محمد صديق شكري: عفواً لو تختصرين السؤال بصوت مرتفع شوي أنا لم أسمع؟
جمانة نمور: يعني أود تعليق منك على ما قاله توني بلير من أن مهمة الناتو في أفغانستان هي مهمة للغاية من أجل الأمن العالمي وليس أفغانستان فقط؟
محمد صديق شكري: أنا أوافق على هذا الكلام ولكن هناك طموحات لقوى الناتو في أفغانستان بحيث يريدون أن يجعلوا أفغانستان خندقا من خنادقهم حتى يضغطوا على إيران كما قلت من قبل، يضغطوا على إيران بخصوص برامجها النووية وأيضا ينظرون إلى المستقبل البعيد وهو ظهور الصين كقوة اقتصادية عظمى وكقوة عسكرية عظمى في هذه المنطقة، من هذه الناحية نستطيع نرى أن مزاعمهم هو أن يحققوا الأمن في العالم أما يعني.. هذه المزاعم أيضا حسب اعتقادنا مزاعم استعمارية وهم يضغطون على الشعوب وعلى الحكومات لصالحهم ولحفظ مصالحهم، من أجل ذلك إنهم يستطيعون يفعلون ذلك، أما في الواقع إنهم لا يريدون الأمن في أفغانستان ولا في إيران ولا في الدنيا لأنهم كلما دخلوا بلدة مستقلة ازداد حدة الدولة كما رأينا في العراق وكما رأينا في أفغانستان، قبل خمس سنوات في أفغانستان لم يكن الوضع بهذا المنوال، كان وضع طالبان أو المعارضة خفيفة جدا أما كلما مضت سنوات تقوّت طالبان لماذا لأن تصرفات قوى الناتو أو القوى الأممية ليست تصرفات حكيمة، هم لم يعرفون طريق أفغانستان ولم يعرفون شعب أفغانستان ولم يعرفون بأن القضايا قد تتغير في أفغانستان بشكل دراماتيكي، الآن حدة التوتر في الشرق وفي جنوب أفغانستان لو تبدأ الشعب في شمال أفغانستان لأن التصرفات السيئة التي تقوم بها قوات التحالف، اليوم هم قتلوا بنت عمرها 18 سنة في ولاية فراء، هم يقومون بهذه الأعمال وهذه الأعمال قد يغير الوضع بشكل دراماتيكي في أفغانستان وأنا أخاف من هذا المنطلق.
جمانة نمور: شكراً لك السيد محمد صديق شكري وزير الإعلام الأسبق من كابل، نشكر من القاهرة الدكتور محمد عبد السلام الخبير بالقضايا العسكرية والاستراتيجية ونشكر من وينشيستر في بريطانيا بول بيفر الباحث في القضايا العسكرية وبالطبع نشكركم مشاهدينا على متابعة حلقة اليوم من ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم، بإمكانكم المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات المقبلة بإرسالها على موقعنا indepth@aljazeera.net إلى اللقاء.