
الحملة على الحجاب في تونس

محمد كريشان: السلام عليكم نحاول في هذه الحلقة التعرف على ما وراء ما يوصف بالحملة على ظاهرة الحجاب في تونس، نطرح في حلقتنا تساؤلين اثنين؛ ما هي مبررات منتقدي الحكومة حول ما يصفونه بالحملة الرسمية ضد المحجبات وما هو موقع الجدل المحتدم حول الحجاب في تونس من واقع الحريات العامة في البلاد. اتهمت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بعض المدارس والجامعات في تونس بمنع طالبات محجبات من التسجيل والدراسة بسبب امتناعهن عن خلع الحجاب، هذا الاتهام ليس الوحيد في تونس هذه الأيام بشأن قضية الحجاب فقد سبقته اتهامات أخرى طالت الحكومة نفسها بسبب ما قيل أنه حملة شعواء تشنها على المحجبات.
اتهامات لحكومة تونس بشن حملة على الحجاب
[تقرير مسجل]
الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض طالب السلطات بإيقاف ما وصفه بالحملة على المتحجبات وناشدها عدم التمييز بين المواطنين على أساس معتقداتهم وأضاف الحزب أن ما تتعرض له المتحجبات من إهانة ومضايقات ومنعهن من الدراسة في المعاهد والكليات وحرمانهن من التوظيف في المؤسسات العامة يعتبر شكلا من أشكال الاضطهاد الديني حسبما ذكر بيان للحزب، أما الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين فقد أعربت عن قلقها مما سمته تزايد حالات مضايقة المتحجبات في تونس وشددت الجمعية على مشاركة هياكل الدولة على كافة مؤسساتها في هذه الأعمال يؤكد أن المضايقات سياسة ممنهجة وليست تجاوزات فردية، الهيئة العالمية لنصرة الإسلام في تونس وجهت نداء نددت فيه بما سمته حرص الحكومة التونسية على إشاعة التعري والتبرج في البلاد بمحاربتها ظاهرة الحجاب وفقا لما ذكر بيان للهيئة التي اتهمت الحكومة بشن ما وصفتها بالحملة الشعواء ضد المتحجبات في المؤسسات والدوائر الرسمية، من ناحية أخرى نقلت وكالة قدس برس عن شهود عيان قولهم أن السلطات أصبحت تعترض المتحجبات في الأسواق والساحات العامة وكانت وكالات أنباء مختلفة قد قالت أن الحكومة التونسية شنت حملة لجمع الأدوات المدرسية التي تحمل صورة الدمية فلة التي ترتدي الحجاب مبررة ذلك بأن تداول هذه الدمية يشجع على انتشار ما تسميه اللباس الطائفي وكان الأمين العام لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في تونس الهادي مهني قد هاجم ما سماه ظاهرة التستر بالدين لخلفيات سياسية ودافع مهني عن محاربة الحجاب باعتباره قد يكون مقدمة للتراجع عن حقوق المرأة الأخرى وتحويلها في نهاية المطاف لمجرد أداة للتناسل على حد قوله.
محمد كريشان: معنا في هذه الحلقة من تونس الدكتور توفيق بن عامر أستاذ الحضارة العربية في الجامعة التونسية ومن لندن منجية العبيدي رئيسة منظمة نساء ضد التعذيب وعبر الهاتف من تونس رشيد خشانه رئيس تحرير صحيفة الموقف الأسبوعية المعارضة، أهلا بضيوفنا الثلاثة نبدأ بالسيد الدكتور توفيق بن عامر أخر ما سجل في هذه المواقف الخاصة بالحجاب ما ورد قبل قليل على لسان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي قال بأنه لابد في التفريق بين الاحتشام وبين الزي الطائفي الدخيل وفق تعبيره، قال من الضروري تفاديا لكل تزمر التفريق بين الزي الطائفي الدخيل واللباس التونسي الأصيل لو تضعنا في صورة المصوغات التي تقدمها السلطات التونسية فيما يوصف الآن بالحملة ضد الحجاب في تونس؟
توفيق بن عامر- أستاذ الحضارة العربية بالجامعة التونسية: أقول أولا أن ما جاء في هذه الكلمة التي أشرتم إليها هو في الحقيقة مستمد من روح الرسالة الإسلامية وهنا نحن في تونس كنا أخذنا هذه المسألة بجدية منذ زمن طويل وكان ذلك باعتماد مقاربة اجتهادية تعتبر أساس في الفكر الإسلامي الحديث بتونس وذلك منذ الحركة الإصلاحية إلى عهد معركة السفور والحجاب التي كان من أعلامها الطاهر الحداد وكان من أعلامها بالمشرق العربي قاسم أمين، إذاً هذه المقاربة تعتمد كما قلت النظر إلى روح الرسالة وروح الرسالة الإسلامية في هذه النقطة بالذات لا تفرض على المسلم زيا بعينه وإنما تفرض قيما بعينها وهذه القيم هي السلوك الحميد، السلوك المحتشم، الإبعاد عن الاستفزاز والإغراء وهذا كله فعلا من القيم الإسلامية ولذلك الموقف التونسي والمسألة ليست رهينة الحاضر ينبغي أن نبحث عن جذورها في هذا الفكر الاجتهادي العريق، المسألة ليست طارئة ليست مسألة طارئة، إذاً المسألة تعتبر في تونس محسومة فنحن لا نجد في النصوص الدينية أي في الأصول ما يدل على وجوب توخي زيا يمكن أن ينعت بالإسلامي وزيا منمط هذا لا وجود له في رأيي.
محمد كريشان: نعم نرى رأي السيدة منجية العبيدي وهي رئيسة منظمة نساء ضد التعذيب من لندن حول ما ذكره الدكتور بن عامر من أن المسألة أولا ليست جديدة وثانيا هي تعتمد مقاربة وفهم معين للإسلام كما قال؟
" |
منجية العبيدي- رئيس منظمة نساء ضد التعذيب: بسم الله الرحمن الرحيم في الواقع ما تفعله السلطات التونسية من اجتهاد ومن تأويل ومن حديث عن فرض وأن الإسلام لم يفرض لباس معينا أريد أن أنطلق من هذه النقطة كلمة فرض المشكلة مشكلتنا مع النظام التونسي هي فرض يعني فرض لباس معين أو فرض نمط معين للعيش وللباس على المرأة التونسية يقولون إذا أرادت هذه المرأة أن تلبس لباسا محتشما أو أن تلبس لباسا تقليديا فعليها باللباس التونسي الفوطة والبلوزة التونسي وغيره من الملابس التونسية أو الجبة ولا أدري ماذا المشكلة مع سيدي المتحدث من تونس ومع النظام التونسي وهو يتحدث باسم النظام، مشكلتي يا أخي هي أن هذا العقل لا يستوعب أن تمنعني من أن ألبس ما أشاء وأن تفرض علي قانونا معينا، بأي حق يعني تفرض على المرأة التونسية وتسقط عليها هذا القانون الجائر المنشور 108 الذي يطبّق بصرامة في أوقات الشدة عندما تبدأ المدارس بفتح أبوابها وفي نهاية كل سنة دراسية مع أيام الامتحانات، يعني تمارس هذه السلطة على المرأة وعلى الفتاة المحجبة أبشع أنواع التنكيل والانتهاك والاقتياد إلى مراكز الشرطة، تقاد المرأة المحجبة وأداة الجريمة على رأسها، حجابها على رأسها وهو أداة جريمة ويلصق هذا الحجاب بعد أن ينزع بالقوة بواسطة يد البوليس عندما ينزع بالقوة يلصق بالالتزام الذي تمضي عليه المرأة المغلوبة على أمرها على أن تلتزم بأن لا تعود إلى هذا، بأن تتخلص من أداة الجريمة نهائيا وبأن لا تعود إلى هذا اللباس، أي منطق هذا أنا أتوجه لملايين المشاهدين العرب أي منطق هذا؟ هل هذا يعني حرية المرأة نسوّق لحرية المرأة بحرمانها من التعليم ومن حقها في كسب العيش بالعمل ومن اقتيادها في الأسواق العامة ومن أمام المعهد ومن أمام الجامعة وأن تفرض عليها شيئا معينا أي منطق هذا؟ أنا لا أفهمه فليقل لي الأستاذ يحدثنا عن هذا المنطق..
محمد كريشان [مقاطعاً]: ربما نجد يعني ربما نجد الجواب عند السيد رشيد خشانة وهو رئيس تحرير صحيفة الموقف الأسبوعية المعارضة، لنسأله كيف تتابع القوى السياسية هذا الجدل المحتدم في تونس حول موضوع الحجاب؟
رشيد خشانة- رئيس تحرير صحيفة الموقف الأسبوعية المعارضة: في الحقيقة هذا الجدل الذي يدور ما يزعجنا فيه هو أن تكون الدولة طرفا في قضية فكرية اجتماعية سياسية يمكن أن تناقش بكل هدوء في وسائل الإعلام وفي النوادي الأهلية وفي غيرها بطريقة توضح الموقف المطلوب للمواطنين مع ترك الخيار لهم باعتبار المسألة مسألة حرية شخصية، على العكس من ذلك نحن نعيش الآن حملة أخرى من حملات متكررة بين فترة وأخرى منذ مطلع الثمانينات سيمتها انتهاك الحرية الفردية والتدخل في لباس الفتيات الذي هو أمر شخصي، فعندما تتحجب الفتاة فهي لا تشكّل في تقديري خطر على المصلحة العامة ولا تؤذي المجتمع في شيء، لكن انتقل الحجاب من مسألة شخصية ليصبح قضية سياسية ساخنة وساحة صراع بين الدولة وقطاع من المجتمع بسبب هذا التجنيد الأمني وتدخل المسؤولين في الإدارات العمومية والجامعات والمعاهد لنزع الحجاب بالقوة، رأينا الوزراء يستلون سيوفهم ويعتمرون علامة المجاهدين والاجتهاد منهم براء ليقودوا غزوة الحجاب إن صح التعبير واليوم قبل قليل أشارت الأنباء التونسية الأمين العام للحزب الحاكم يقود حملة من هذه الحملات بالاعتماد على أشباه المثقفين يبررون موقف الدولة، إذاً هذه حملة جارية سيمتها اتساع الدائرة بالنسبة للحملات السابقة والقسوة التي تعامل بها المحجبات من دون اعتبار لسنهن ولا لمكانتهن الاجتماعية في الإدارات والجامعات والشارع، مثلا تمنع الطالبات المتحجبات من إجراء الاختبارات في المعاهد، تمنع الموظف المتحجبة من العمل وتحرر ضدهن محاضر في مخافر الشرطة للالتزام بعدم العودة لارتداء الحجاب بعد نزعه بطرق فظة، هذه الحملة في تقديري بالإضافة لكونها منافية للحرية الفردية هي ليست دستورية ولا قانونية، هي تستند على منشور أي تعميم مجرد تعميم من الوزارة الأولى أي رئاسة الوزراء صدر سنة 1981، طبعا مثل هذه الممارسات والانتهاكات لا يمكن تبريرها بقانون أو بدستور لأن التشريعات في تقديري وخاصة في عالمنا اليوم أساسها إطلاق الحريات وليس تقييدها.
الحجاب بين الحرية الشخصية والرمز السياسي
محمد كريشان: على كلٍ سيد رشيد خشانة الجدل بين الحكومة ومعارضيها على مسألة الحجاب ليس وليد اليوم فقد بدأ منذ زمن بعيد وأخذ شكله الرسمي مع صدور مثلما ذكرت ما يسمي بالمنشور رقم 108 لسنة 1981 والذي وصف الحجاب بالزي الطائفي الدخيل.
[ٍتقرير مسجل]
نبيل الريحاني: دخيل وطائفي ومنافي لروح العصر بمثل هذه النعوت اعتادت الحكومة التونسية مكافحة ظاهرة الحجاب التي تزايد انتشارها في السنوات الأخيرة بين النساء التونسيات، آخر التصريحات الرسمية النارية جاءت على لسان الأمين العام للحزب الحاكم التجمع الدستوري الديمقراطي الذي لم يكتفِ مؤخرا بذكر ما اعتبره مخاطر يتهدد بها الحجاب ما وصفه بالمكاسب التقدمية للمرأة التونسية وإنما تجاوز ذلك إلى التأكيد على تنفيذ التشريعات التي تمنع الحجاب في تونس، أهم مدلول لمفردة التشريعات يتمثل في المنشور 108 لسنة 1981 ذلك المنشور الذي صدر زمن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في سياق التصدي لتنامي التيار الإسلامي في تونس، شكل بروز الحجاب في تلك الحقبة محورا ساخنا لمواجهة شرسة بين الطرفين اللدودين، ففي الوقت الذي فهم فيه الإسلاميون بروز شريحة واسعة من التونسيات يلتزمن ما تراه الحركة لباسا شرعيا عودة منهن إلى أصالتهن وهويتهن ثابرت السلطات التونسية على اعتبار ذلك سلوكا مستوردا ترافق ظهوره مع انتشار الفكر الديني المتطرف والرجعي حسب ما تقول، كان لابد للنظرتين المتناقضتين من محطات للصدام كان أعنفها أحداث 1987 التي انتهت بعزل بورقيبة وتولي الرئيس زين العابدين بن علي للحكم، هدأ التوتر بين الجانبين مع مقدمه إلى حين لكنه عاود كرته الأولى، لعب العامل الأمني دوره الفصل في تحجيم التيار الإسلامي مما همّش ظاهرة الحجاب وأقصاها من مجال الحياة العامة في تونس، مع ذلك لم تضع حرب الحجاب أوزارها عند هذا الحد، فقد عاد الحجاب إلى الساحة بشكل متزايد في السنوات الأخيرة حاملا بين ثناياه الجديد، لم يعد ذلك اللباس مظهرا للاحتجاج السياسي بالقدر الذي بدا عليه من قبل وإنما بات تعبيرة اجتماعية لتأثر المرأة التونسية مثل غيرها بالخطاب الديني الذي كثفته الفضائيات وأخذت بالأعناق إليه أحداث الحادي عشر من سبتمبر، بعيدا عن التصنيفات السياسية التقليدية تداولت الأوساط الحقوقية التضييقات التي يقال إن المتحجبات التونسيات يتعرضن لها بوصفها انتهاكا لأبسط الحقوق الفردية وهي الملبس، انتهاك تقول جمعيات حقوق الإنسان إنه يلد انتهاكات أخرى كالحرمان من التعليم ومن الوظيفة العمومية ناهيك عن الضغوط النفسية والجسدية، انتقادات طالما تجاهلتها الحكومة التونسية مرابطة عند نظرتها للحجاب كزي يعيد إلى الساحة خصما تقول إنها هزمته أثناء حربها على التطرف الديني، بينما يرى الذين لا يشاطرونها الرأي أنها لم تفعل سوى أن حمّلت قضية حرية شخصية أكثر مما تحتمل.
محمد كريشان: دكتور توفيق بن عامر في تونس يعني إذا أبعدنا القضية عن أي جدل فقهي ديني لأن ليس هذا هو موضوعنا وطرحناها في سياق الحرية الفردية والحريات العامة في البلاد مثل ما تفضلت قبل قليل، المطلوب ألا يفرض هذا الزي على النساء ولكن أيضا المطلوب من زاوية الحريات ألا يفرض عليهن نزعه إذاً كيف يمكن التوفيق في مسألة يفترض أن تكون مسألة شخصية وفي باب الحريات؟
توفيق بن عامر: أولا أريد أن أصحح شيئا أنا هنا لا أتكلم باسم طرف معين، أنا مفكر وأحاول وأجتهد أن أدرس الظاهرة وأن أحللها في محيطها الذي يكتنفها هذا هو الأمر الأساسي، لا شك في أن مسألة الحريات الفردية.. الحريات الفردية ليست هي الإطار الذي يمكن أن نطرح فيه هذه المسألة، الحريات كما هو نعتها هي فردية، أما إذا انقلبت إلى التنظيم وتنميط فالتنظيم والتنميط معناه جعل الشيء نظاميا وجعل الشيء نظاميا معناه تميز ما عن سائر مكونات المجتمع، تميز ما..
محمد كريشان [مقاطعاً]: دكتور يعني لو سمحت لي فقط في مداخلة هذا التنميط الذي تسميه ربما كان صحيحا كما يقول البعض في بداية الثمانينات عندما كانت المتحجبة في تونس تبدو وكأنها تنتمي بالضرورة لتيار ديني إسلامي معارض، الآن الظاهرة في تونس ليست تعبيرة سياسية بالضرورة كما يقول كثيرون هي تعبيره اجتماعية في سياق دولي في سياق عودة إلى الهوية ليست بالضرورة تعبير عن تميز سياسي معين ضد السلطة.
توفيق بن عامر: في الحقيقة يجب أن نضع الأمور في نصابها، فهذا الزي هو في الحقيقة في المجتمع التونسي من حيث لونه وهيئته هو دخيل على التركيبة الاجتماعية، فنحن إذا استعرضنا التاريخ، إذا استعرضنا التاريخ نجد أن التونسية ارتدت ألوانا وأشكالا من الألبسة بعنوان التستر أي بعنوان مراعاة الهوية وبذلك فقضية الهوية هنا لا تفرض علينا وأعيد ما أقول إن قضية الهوية لا تفرض علينا لباسا منمطا قط، تفرض علينا الستر والاحتشام والخلق الحميد، هذا ما تستعديه قيم الهوية بالنسبة إليها وأقول بصراحة إني لا أمثل أي طرف، إني أدرس الظاهرة في محيطها الاجتماعي لا أكثر ولا أقل، إذا كان إذاً هذا اللباس وأعتبر فعلا أنه كما قلت حضرتك أن هذا اللباس هو سليل التأثر في تونس سليل التأثر.. التأثر بما تبثه الفضائيات إذاً هو بالنسبة إلى التقاليد والعادات التونسية يعتبر وافدا وإذا كانت دلالاته رمزية تعني تمثيل الدين فهذا قلنا إذا ما نظرنا إليه بعين العقل هو في الحقيقة ليس في محله إذا نظرنا إليه بنظرة أخرى على أنه ليس رمزا دينيا وإنما رمزا سياسيا هنالك دستور البلاد، دستور البلاد ينص على أن الدولة لغتها العربية ودينها الإسلام وأنه لا يمكن إذاً لأي فئة من فئات المجتمع أن تستند إلى الدين لتشتغل بعمل سياسي فالقضية واضحة، الإطار واضح والخيارات واضحة فليس هنالك مواربة.
محمد كريشان: نعم طالما هي واضحة نسأل السيدة منجية العبيدي واستشهد مرة أخرى بما قاله اليوم الرئيس التونسي بضرورة تكريس ما قال قيمة الاحتشام وفضيلة الحياء في اللباس واستشهد باللباس التونسي والتقليد التونسي في المدن والأرياف واعتبر ذلك كفيل بتحقيق الاحتشام وهو ما يؤكده ضيفنا أيضا الدكتور بن عامر، كيف تنظرين إلى هذه المسألة طالما هي أصبحت في سياق تقاليد تونسية أو غير تونسية؟ سيدة العبيدي.
" |
منجية العبيدي: نعم يا أخي الحرية أولا ليست قطعة قماش يفصلها الحزب الحاكم كيفما شاء وكيفما أراد وكلام السيد توفيق هو كلام من لا حجة له، نحن نعلم جميعا أن الحركة الإسلامية ضربت منذ سنين طويلة، كان يمكن أن يصدق الناس هذا الكلام في بداية التسعينيات ولكن النظام التونسي يقول إنه جفف ينابيع الحركة الإسلامية وقضى على الحركة الإسلامية في تونس منذ زمن بعيد والجيل الذي يرتدي الحجاب من النساء ومن الفتيات اليوم هو هذا الجيل ولد يوم ضربت الحركة الإسلامية، يعني البنات في سن الخامسة عشر في سن السادسة عشر هذا جيل ليس مسيّس، كيف نريد أن يعني نريد أن نسيسه غصبا عنه، هو ليس جيل مسيّس، هو يطبق تعاليم دينه فقط ولا علاقة له بالسياسة، الدولة فقط تحاول أن تجعل من موضوع الحجاب موضوعا سياسيا وفي الواقع لا علاقة للدولة به على الإطلاق، يعني الحجاب هو مسألة شخصية، هي حرية فردية تكفلها جميع الأعراف الدولية، جميع القوانين حتى دستور البلاد عندما يتحدث الأستاذ توفيق على دستور البلاد هذا القانون الفضيحة المنشور 108 هو منافي للدستور، هو منافي هو في يعني ينافي الدستور الذي يؤكد على أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون وأن في الكرامة وفي الواجبات وفي الحقوق وكذا إلى آخره ولكن ما نشاء ما نراه اليوم هو أن المرأة المحجبة الفتاة المحجبة تعامل كمواطنة من درجة ثانية لا بل وأبشع من ذلك، هي تعامل كمن لا مواطنة له، ليس لها أبسط يعني مقومات المواطنة، لا حق لها في أي شيء حتى بعض الخدمات التي تسديها الدولة لمواطنيها عادة في كثير من الأحيان تحرم منها المرأة المحجبة، إذاً يا أخي هذه الدباغة هذه هذا الوتر الذي تعزفون عليه لا يعني لم يعد يصدقه الناس، هذه مسالة حرية شخصية يا أخي، دعني أفعل ما أشاء، أرتدي، أغطي شعري، لا أغطي، ما شأنك أنت؟ ولذلك فعندما يتحدث الأمين العام للحزب الحاكم وهذا الشيء يدعو للغرابة عندما يتحدث في أمسية رمضانية عن الحجاب وأنه لو منعت يعني لو سمحت الدولة بالحجاب الآن فربما ستضطر إلى أن تمنع المرأة من العمل ومن الدراسة ومن وأشياء كثيرة قالها ما تفعلونه اليوم يا أخي هو ما تتكلم عنه أنتم تمنعونها من كل شيء فعما تتكلمون؟
محمد كريشان: نعم هناك ظاهرة سيدة العبيدي هناك ظاهرة أريد أن أسأل عنها سيد رشيد خشانه، كثيرون يشيرون إلى أن ما يسمى بالحملة على الحجاب في تونس تشهد دائما مد وجذر أحيانا هناك إجراءات قاسية وملاحقة كما يقولون وأحيانا هناك نوع من التسامح وغض النظر حول انتشار هذه الظاهرة وقد انتشرت فعلا في السنوات القليلة الماضية، كيف تفسرون هذا التقلب في المواقف إن صح التعبير؟
رشيد خشانه: في الحقيقة في هذه القضية مثل قضايا أخرى لا نجد تفسيرا منطقيا ولا عقلانيا لتصرفات الحكومة، ففي بعض الأحيان يعني تطلع بمثل هذه المبادرات التي تطلقها بشكل مكثف وواسع جدا ثم تتخلى عنها في فقرة أخرى، في رأيي أن ما سمعناه اليوم من موقف الحكومة كما بثه شريط الأنباء يدل على أنها باتت في موقف دفاعي لأنها تتحدث عن تزمر وكيف نواجه التزمر الموجود في البلاد وأعتقد أن هذا دليل ارتباك أمام رفض فئات اجتماعية وجمعيات عديدة التدخل في مسألة شخصية بحتة ومن مظاهر هذا الارتباك أن الحكومة أصبحت اليوم تنادي التونسيين إلى العودة لارتداء الفوطة والبلوزة بدلا من الحجاب وهذا أمر يعني لا يدل على ثقة في النفس ولا يدل على أن هناك وضوحا في الخيارات، تحدث الذين سبقوني الكلام عن تاريخ تونس وعن الوسطية والاعتدال أنا أقول أن معارك السفور والحجاب التي عرفها المجتمع التونسي منذ بواكير القرن الماضي كانت تدور في الصحف وفي النوادي الأهلية ولم تتدخل فيها الدولة في أي يوم من الأيام ولذلك نحن بحاجة اليوم بمناسبة هذا الحديث عن الحجاب إلى مناظرات تلفزيونية، إلى محاورات في الإذاعة وفي وسائل الإعلام، طبعا الجزيرة مشكورة لأنها تبنت قضايا المجتمع التونسي وقامت بما يفترض أن يقوم به الإعلام التونسي كالعادة ولكن نحن محتاجون كمواطنين تونسيين إلى حوار حول قضايانا وهذه من أهم قضايانا في الحقيقة في وسائل إعلامنا ومن دون إطلاق الحرية وجعل المجتمع ونخبه تحاور تجادل في هذه القضايا فلا نستطيع أن نواجه وضعنا بشكل يليق بنا في القرن الحادي والعشرين.
محمد كريشان: شكرا لضيوفنا شكرا للسيد رشيد خشانه رئيس تحرير صحيفة الموقف الأسبوعية المعارضة، شكرا لضيفنا من تونس الدكتور توفيق بن عامر أستاذ الحضارة العربية في الجامعة التونسية ولضيفتنا من لندن منجية العبيدي رئيسة منظمة نساء ضد التعذيب وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم، بإمكانكم المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات المقبلة عبر إرسالها على عنواننا الإلكتروني التالي indepth@aljazeera.net غدا بإذن الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد، في أمان الله.