صورة عامة - شين يين خوانغ-جمانه نمور
ما وراء الخبر

التجربة النووية الكورية الشمالية

نتوقف في هذه الحلقة عند تجربة كوريا الشمالية النووية الناجحة والتي قوبلت بزلزال من ردود الأفعال العالمية.

– انعكاسات التجربة النووية ومغزى توقيتها
– مدى إمكانية دخول المنطقة في سباق نووي


undefinedجمانة نمور: أهلا بكم، نتوقف في هذه الحلقة عند تجربة بيونغ يانغ النووية الناجحة والتي قوبلت بزلزال من ردود الأفعال العالمية، نطرح في حلقتنا تساؤلين اثنين، لماذا أصرّت بيونغ يانغ على اختيار هذا التوقيت لإجراء تجربتها النووية رغم التحذيرات الدولية الصارمة؟ وما هو الأثر التي ستخلفه التجربة الكورية الشمالية على موازين القوة في هذه المنطقة بالغة الحساسية؟ لم تفجر التجربة النووية الكورية الشمالية موجة واسعة من الردود الدولية المستنكرة والمتحفظة فقط وإنما ذكَّرت بمراحل من التوتر حين والتفاوض أحيانا لحل ما بات يعرف بالملف النووي الكوري الشمالي.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: خبر نووي مدوي قادم من بلد يعد واحدا من أكثر دول العالم انغلاقا وغموضا، تلك هي وإلى الآن على الأقل أول النتائج الظاهرة للتجربة النووية التي أجرتها كوريا الشمالية، خطوة مثلت فيما يبدو رصاصة رحمة أطلقتها بيونغ يانغ على كل الجهود الدبلوماسية التي سعت في السابق لإقناعها بالعدول عن طموحها النووي المسلح، كما أنها وفي حال تأكد إجراؤها ونجاحها تكون التجربة قد وجهت صفعة قوية لجهود استخبراتية أميركية دؤوبة هدفت لحل ما استغلق من اللغز النووي الكوري الشمالي، لغز لا نعرف من خباياه سوى أن هذا المشروع بدأ من الستينيات بدعم من الحليف الراحل الاتحاد السوفييتي وأن بيونغ يانغ نجحت في إنتاج البلوتونيوم الصالح لإنتاج قنابل نووية وكذلك أنها تمتلك ثمانية آلاف قضيب نووي تُستعمل لنفس الغرض، أمام ظهور بوادر لسباق تسلح في شبه الجزيرة الكورية المحتقنة أصلا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية نشطت الدبلوماسية لعلها تحقق ما عجز عنه الحسم العسكري، نجحت المفاوضات العسيرة في التوصل إلى اتفاق سنة 1991 نادى بإخلاء الكوريتين من السلاح النووي وسمح للمفتشين الدوليين ولأول مرة بزيارة مفاعل بونغ بيون النووي المثير للجدل مقابل تعهد أميركي بتقديم معونات اقتصادية وعلمية، لم تدم أيام الصفو طويلا فقط طردت كوريا الشمالية المفتشين الدوليين في ديسمبر كانون الأول سنة 2002 إثر إخلال الولايات المتحدة بالتزاماتها ورفضها التعهد بعدم الاعتداء على كوريا الشمالية وتصنيفها بيونغ يانغ كعضو نشط فيما سماه الرئيس بوش محور الشر، محور تتوجس واشنطن من أن يصبح ناديا لتبادل الخبرات النووية وتصديرها إلى طهران مثلا ولعله لذلك خيَّر البيت الأبيض انتهاج سياسة العصا والجزرة مع دولة طالما تغنى قادتها بكونها الحصن الأخير المنيع في مناهضة الإمبريالية، كان من نتائج تلك السياسة اتفاق سنة 2005 الذي وافقت بموجبه بيونغ يانغ على تعليق برنامجها النووي مقابل تعهد جديد بتوفير معونات علمية واقتصادية، غير أنها ومع تعثر الإيفاء بتلك الوعود عادة لتبعث الحياة في تجاربها الصاروخية مثيرة سخط اليابانيين وجيرانهم الكوريين الجنوبيين وغيرهما من الدول التي وتحت وقع الخبر الصاعق للتجربة النووية تكاد تقطع شكوكها المزمنة بيقين الدلائل التي تقول نعم لقد امتلكت كوريا الشمالية أو تكاد قنبلة نووية.

انعكاسات التجربة النووية ومغزى توقيتها

جمانة نمور: ومعنا في هذه الحلقة من بكين الدكتور شين يين خوانغ أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الشعب الصينية ومن القاهرة الدكتور محمد عبد السلام الباحث في القضايا العسكرية والاستراتيجية في مركز الأهرام للدراسات ومن القاهرة أيضا الدكتور عمرو حمزاوي كبير الباحثين في معهد كارنيغي للسلام العالمي، أهلا بكم، دكتور عمرو العالم سيختلف جدا بعيد التجربة النووية إذا ما جرت.. هذا ما قاله جون بولتن المندوب الأميركي في الأمم المتحدة، الآن وبعد يوم على التجربة هل من مؤشرات على هذا العالم المختلف؟

عمرو حمزاوي – معهد كارنيغي للسلام العالمي: يعني بداية علينا نعول كثيرا على حديث بولتن في أروقة الأمم المتحدة، هو حديثه بطبيعة الأمور يحتوي دائما على مساحات تصعيدية كبيرة ربما اختلفت عليها العديد من الرموز والشخصيات المؤثرة في داخل الإدارة الأميركية ولكن الحقيقي أيضا أن هناك توجه أميركي كان معلن بالفعل قبل التجربة النووية الكورية الشمالية وهناك إصرار عليه في الساعات البسيطة الماضية على فرض عقوبات، أنا أعتقد الولايات المتحدة الأميركية تخشى أن تكون كوريا الشمالية تتبع نفس الأسلوب الذي اتبعته في السنوات الماضية وهو التصعيد للحصول على مكاسب استراتيجية جديدة من خلال المفاوضات السداسية.. أن يُقدم لكوريا الشمالية عرض أفضل مما قُدم من قبل، الولايات المتحدة الأميركية في هذه اللحظة خاصة عندما ننظر لدورها بصورة عالمية والتحديات التي تواجهه لم تكن على استعداد لتقديم جزرة إضافية أو لتقديم أي مساعدات إضافية لكوريا الشمالية، هناك مشروع قرار سيذهب للأمم المتحدة بالفعل بعقوبات ولكن التساؤل الحقيقي يصبح عن حول مدى فاعلية هذه العقوبات وأنا أعتقد هنا هناك علامات استفهام كثيرة.

جمانة نمور: دكتور شين يين برأيك هل فعلا بقي مجال لمحادثات سداسية أم أن هذه التجربة خلقت واقعا جديدا؟

"
صناع السياسة في بيونغ يانغ طوروا عزيمة صادقة فاعلة لمناهضة أميركا، شكلت –في نظر الصين- تحديا لمجلس الأمن وتحديا ضد المصالح الصينية
"
شين يين خوانغ

شين يين خوانغ – أستاذ علاقات دولية بجامعة الشعب الصينية: بالطبع الجميع يعرف أنه قبل هذه التجربة وقبل المحادثات السداسية.. لم تجلب هذه المحادثات السداسية اختراقا وعبر الأشهر القليلة الماضية رأينا أن السياسات الداخلية لكوريا الشمالية اختلفت وهناك ردة الفعل قوية ضد العقوبات التي ستفرضها أميركا ووجدنا أن القوى المتطرفة الآن بشكل عارم أصبحوا من صناع السياسة هناك في بيونغ يانغ والآن قاموا بتطوير عزيمة صادقة فاعلة لكي يقوموا بشيء مناهضا جدا للولايات المتحدة وفي مطلع يوليو قاموا باختبار نووي والآن يختبرون قنبلة نووية وهذا حتى في نظر الصين التي دائما دعمت كوريا الشمالية وجدنا أن هذا يشكل تحدي من كوريا الشمالية لمجلس الأمن وأيضا هذا تحدي ضد مصالح الصين وهذا رُغم كل النصائح الصينية نجد أن الحكومة الصينية الآن غاضبة جدا وهناك بيان من الصين اتهموا فيه كوريا الشمالية ويبدو أن الصين قلقة عن ازدياد السوء في الوضع، لذلك فالصين تود من المجتمع الدولي أن يهدئ الأوضاع ويتبع سياسة أكثر هدوء..

جمانة نمور: إذاً أتحول عند هذه النقطة إلى الدكتور محمد عبد السلام، يعني هذا التصعيد في اللهجة الصينية برأيك سوف يقف عند حدود ضبط النفس.. الدعوات لضبط النفس كما كان يحصل عادة ولن نرى جديد في أي موقف عملي؟

محمد عبد السلام- مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية: بالتأكيد لن نرى جديدا، الصين قلقة بالفعل من وجود قنبلة نووية لدى كوريا الشمالية مثل أي دولة تقلق من وجود قنبلة نووية إلى جوارها وقلقة أيضا من أن تسعى اليابان في وقت ما أو أن تسعى كوريا الجنوبية لامتلاك أسلحة نووية وبالتالي تصبح هناك شرعية أيضا لتايوان لامتلاك أسلحة نووية وبالتالي تتحول هذه المنطقة إلى حقل ألغام نووي كبير، لكن الصين لن تغير سياستها على الأرجح، سوف تشجب هذه المحاولة، سوف ترفضها، سوف تصفها بالكلمات الجديدة التي ظهرت في البيان الصيني لكن ستدعو أيضا إلى ضبط النفس، ستدعو إلى التوافق وسيكون لديها وهو الأهم بعض الحجج المهمة، يمكن أقول وقد بدأ ذلك يثار أن امتلاك جهاز نووي ليس امتلاك سلاح نووي وأن امتلاك سلاح نووي ليس امتلاك ترسانة نووية وأن الضغط على كوريا يمكن أن يؤدي إلى عواقب أكثر مما يحدث الآن، ستجد الصين وسيلة للتعامل مع هذا الموقف دون أن تدفع في اتجاه عقوبات لا يمكن الرجوع عنها أو أن تدفع في اتجاه إتاحة الفرصة..

جمانة نمور: هل ترى دكتور..

محمد عبد السلام: لآخرين للضغط على كوريا الشمالية بأكثر ما يستطاع.

جمانة نمور: هل ترى دكتور في التوقيت رسالة بمعنى أنها حصلت في نفس اليوم الذي زار فيه رئيس الوزراء الياباني الجديد الصين؟ هل حاولت كوريا الجنوبية استباق أي ضغط من قبل الصين في ألا تجري تجربة من هذا النوع؟

"
الصين ستظل الرقم الصعب والحساس الذي سيتحكم في الخيار الذي سيتم اتباعه في الأزمة النووية لكوريا الشمالية
"
محمد عبد السلام

محمد عبد السلام: إنها جرت بعد فترة قصيرة جدا ربما ساعة من طلب صيني محدد لها بعدم إجراء مثل هذه التجربة، الصين اعتبرتها إهانة دبلوماسية لأنها هي التي تدعمها في النهاية، الموازين في هذه المنطقة بدأت كلها تتغير، اليابان تقترب من الصين، كوريا الجنوبية تبتعد نسبيا عن الولايات المتحدة، الجميع بدؤوا يعني يعيدون ترتيب أوراقهم في الوقت الحالي بما في ذلك الصين، لكن الصين سيظل الرقم الصعب والحساس الذي سيتحكم في الخيار الذي سيتم اتباعه، كوريا أخرجت.. مش عاوز أقول هذا التعبير، يعني أخرجت لسانها لجميع الأطراف، أصبحت تعتقد أن التهديد بالسلاح أهم أو يمكن أن يكون أكثر فاعلية من التهديد بالقدرة على إنتاج سلاح والآن ستبدأ في محاولة فرض مواقفها بعد أن تنتهي هذه الضجة.

مدى إمكانية دخول المنطقة في سباق نووي

جمانة نمور: على كل قد تكون موازين القوى بدأت بالتغيير ولكن الاقتصاد أيضا تأثر، المراقبون يرون بأن صغير حجم اقتصاد بيونغ يانغ غير قادر على تعطيل عجلة الاقتصاد العالمي على المدى الطويل في حال تعرضها لعقوبات، أما من جهة أخرى فقد استفادت أسواق النفط من التوتر الذي خلفته التجربة النووية الأمر الذي دفع بأسعار الخامات العالمية مرة أخرى إلى حاجز الستين دولار للبرميل.

[تقرير مسجل]

حاتم فريد: اهتزت الأرض في كوريا الشمالية بتأثير التجربة النووية فاهتزت معها الأسواق الآسيوية بشكل خاص والعالمية بصورة عامة، إلا أن الخبراء يرون بأن حجم اقتصاد بيونغ يانغ ضئيل مقارنة بمحيطه حيث أن جيرانها في القارة فقط يفوقونها اقتصاديا بترليونات الدولارات، فاقتصاد كوريا الشمالية يُقدر حجمه بأربعين مليار دولار بينما اقتراب اقتصاد اليابان أكبر اقتصاد في آسيا من حاجز الخمسة ترليونات دولار، أما حجم الاقتصاد الصيني الذي يأتي في المرتبة الثانية آسيويا فيزيد على ترليوني دولار وعن العقوبات التي يمكن أن تُطبق على بيونغ يانغ في أعقاب تجربتها النووية يرى اقتصاديون أنه لن يكون لها تأثير كبير على وتيرة الأداء الاقتصادي العالمي في ظل حكم كوريا الشمالية المحدود على خريطة الاقتصاد العالمية، إلا أن الأنظار حاليا مركزة على عواصم صنع القرار في العالم فمن شأن أي عقوبات أو إجراءات ترقى إلى مستوى المواجهات المباشرة مع كوريا الشمالية.. من شأنها رفع حالة التأهب العسكري في آسيا صاحبة أسرع وتيرة نمو استثماري في العالم، ذلك التأهب العسكري الذي سيؤدي برأي المحللين إلى زيادة الإنفاق على عتاد جيوش الدول المحيطة وكذلك المعنية بأزمة ملف بيونغ يانغ النووي، إنفاق عسكري سيأتي على ما يبدو على حساب التنمية الاقتصادية في تلك البلدان..

جمانة نمور: إذاً دكتور عمرو حمزاوي هل سنرى فعلا في تلك المنطقة سباق على التسلح بعد هذه التجربة؟

"
كوريا الشمالية اختارت هذا التوقيت لإجراء تجربتها النووية لأمرين الأول المأزق الذي تتعرض له أميركا في المنطقة والثاني بدء التقارب الصيني الياباني وبدء الابتعاد الكوري الجنوبي عن أميركا
"
عمرو حمزاوي

عمرو حمزاوي: يعني أنا أعتقد إن علينا النظر إلى مسألة خطر سباق تسلح قادم في هذه المنطقة على مستويين رئيسيين، المستوى الأول هو من له مصلحة في بدأ سباق تسلح وأنا أعتقد باستثناء كوريا الشمالية جميع الأطراف الرئيسية وخاصة الصين واليابان بالإضافة إلى كوريا الجنوبية ليست لها أي مصلحة في بدأ سباق نووي ولن يكون هذا الأسلوب هو أسلوب غير عقلاني.. هو أسلوب الرد على تصعيد بيونغ يانغ لأن في نهاية الأمر تصعيد بيونغ يانغ سقفه النهائي هو محاولة إجبار الطرف الآخر وخاصة الولايات المتحدة الأميركية على تجاهل خيار العقوبات.. استبعاد خيار العقوبات.. هو إن أردت استراتيجية استباقية من جانب كوريا الشمالية والحصول على جزرة جديدة، أنا لا أرى سباق تسلح نووي، الأمر الثاني جمانة أعتقد علينا أن نحدد مسألة التوقيت، الكوريون الشماليون اختاروا هذا التوقيت لأمرين.. يعني أنا أعتقد الأمر الأول هو المأزق اللي تتعرض له الولايات المتحدة الأميركية في مناطق عديدة بصورة استراتيجية في العالم إن في المنطقة العربية الإسلامية أو خارجها، الأمر الثاني هو بالفعل بدء التقارب الصيني الياباني وبدء الابتعاد الكوري الجنوبي على الولايات المتحدة الأميركية وهما ربما اعتقدوا أن الولايات المتحدة الأميركية إمكانات فعلها قليلة في هذه اللحظة بحكم هذه الصورة الجديدة..

جمانة نمور: هل من عامل ثالث يمكن أن يضاف؟

عمرو حمزاوي: أخيرا فيما يتعلق بالعقوبات أنا أعتقد.. تفضلي..

جمانة نمور: عفوا دكتور، هل من عامل ثالث يمكن أن يضاف وهو يتمثل مثلا في قرب الانتخابات الرئاسية الأميركية وكوريا الشمالية الآن تريد أن تبحث مستقبلها.. تضع الحديث عن هذا المستقبل وعلاقتها مع أميركا على طاولة المفاوضات الثنائية؟

عمرو حمزاوي: نعم بالتأكيد، يعني حين يتم الحديث عن محاولة الضغط على الولايات المتحدة الأميركية إما لإعادة التفكير في قضية ما أو لتغيير نمط التفكير في قضية ما لا يوجد لأي طرف خارجي أفضل من عام انتخابات.. أفضل من عام هو في واقع الأمر أصبح يعني بمثابة عامل الألغام فيما يتعلق بالسياسة الداخلية الأميركية بكل تطورات إن في الكونغرس أو الإدارة الأميركية وأكيد أنتم تتابعوا هذا الأمر، أنا أريد أخيرا أن أقول أن العقوبات التي يمكن للولايات المتحدة الأميركية أن تفرضها على كوريا الشمالية بافتراض أن هناك توافق دولي داخل مجلس الأمن ستكون عقوبات اقتصادية وتجارية ولن تأثر كثيرا، هي فقط يعني التقرير الذي قُدم من فترة عندما يتحدث عن التأثير عن اقتصاد عالمي محدود ولكن أيضا التأثير على الاقتصادي الكوري الشمالي محدود، هذه العقوبات لن تنجح وبالتالي أنا أعتقد نحن أمام محاولة خطوة كورية شمالية جديدة للاقتراب من امتلاك السلاح النووي وستتعامل الأطراف معه بحكم الأمر الواقع كما تعاملت من قبل مع الامتلاك الهندي ومحاولات باكستان ونجاحها في نهاية الأمر في امتلاك السلاح النووي، لا توجد سابقة دولية واحدة لأي قوى دولية تمكنت من أن تمنع طرف دولي من امتلاك سلاح نووي كما اقترب منه بالصورة التي اقتربت منها كوريا الشمالية..

جمانة نمور: إذاً برأيك دكتور شين يين سوف تنج بيونغ يانغ في مراهنتها على هذا الأمر؟

شين يين خوانغ: لا أعتقد أن كوريا الشمالية سوف تستفيد من هذا التوقيت وربما كان خطأ القيام به في هذا الوقت لأن الرد الفعلي كان قويا جدا وخاصة من الصين، أعتقد أن كوريا الشمالية كان هناك حديث فيها عن العقوبات وأيضا الصين ستُضطر بشكل كبير للموافقة على بعض العقوبات، إذاً فهناك إمكانية أن الصين والكوريين الجنوبيين سوف يقطعوا مساعداتهما لكوريا الشمالية وخاصة في قطاع النفط والغذاء، إذاً أعتقد أن كوريا الشمالية سوف تتأثر بعزلة كبيرة والاقتصاد سوف ينهار نتيجة لذلك، هذا النوع من الوضع سوف ربما يزداد ويزيد الضغط على النظام ويمكننا أن نتخيل أنه يكون هناك انهيار في النظام، إذاً فكوريا الشمالية سوف تواجه مستقبلا صعبا جدا.

جمانة نمور: على كل أرجو أن تبقوا معنا لنرى هذه التجربة النووية أين يمكن أن توضع في إطار هذا النادي النووي الذي نسمع عنه؟ هذه التجربة تطرح بقوة احتمال دخول عضو جديد في النادي النووي الذي ظل طوال أكثر من خمسين عاما مضت محتكرا فقط لعدد قليل من دول العالم مع الأخذ في الاعتبار بالطبع وضع إسرائيل التي ترفض به أو إنكار امتلاكها أسلحة نووية.

[تقرير مسجل]

أمير صديق: كان الاتفاق على حظر انتشار الأسلحة النووية في عام 1968 حدا فاصلا بين تكيفين قانونيين لامتلاك الأسلحة النووية في العالم، فبحسب الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ العملي عام 1970 فإن الدول التي تمتلك أسلحة نووية قبل عام 1967 تعتبر حيازتها قانونية لا غبار عليها، في حين يحرم على غيرها من الدول امتلاك هذا النوع من الأسلحة وبغض النظر عما إذا كان ذلك وفقا لترتيب مقصود أم أنه جاء مصادفة فقد كان الخمسة الكبار المستفيدين الوحيدين من هذا الترتيب، الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين هي الدول التي تمتلك أسلحة نووية بصورة قانونية إذاً وفقا لهذا الاتفاق وهكذا اقتصر النادي النووي على هذه الدول دون غيرها إلى أن التحقت بها الهند ثم تبعتها باكستان عام 1998 ولأسباب عديدة ومتشابكة غض العالم أو الفاعلين فيه النظر عن إنتاج هاتين الدولتين أسلحة يعتبر مجرد الاشتباه في السعي للحصول عليها جريمة تقوم لها الأنفاس ولا تهدأ أبدا، كان هذا هو الحال مع كوريا الشمالية التي دقت أبواب نادي الكبار بقوة بإعلانها إجراء تجربة نووية ناجحة معلنة أحقيتها في مقعد عضويته الثامن ومع اقتراب بيونغ يانغ أو وصولها بالفعل لإنتاج أسلحة نووية فإن على أعضاء هذا النادي ترتيب أوضاعهم لاستقبال هذا القادم غير المرغوب فيه.

جمانة نمور: إذا دكتور محمد دخول بيونغ يانغ إلى النادي النووي برأيك هل يمكن أن يكون في مصلحتها أم احتمال أن ينقلب عليها أكبر؟

"
كوريا الشمالية ستدخل النادي النووي من باب الدول التي اخترقت معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية
"
عبد السلام

محمد عبد السلام: لم يحدث أن أنقلب الوضع على ضد أي دولة دخلت النادي النووي في فترة سابقة، لكن مسألة النادي النووي نفسها لم تكن مسألة جامدة على الإطلاق، يعني هناك الخمسة الكبار وهناك الثلاثة الأخرى الهند باكستان إسرائيل التي يعتقد أنها أجرت تجربة نووية بشكل ما مثل الحالة الكورية لكن هناك دول دخلت النادي النووي وخرجت مثل جنوب أفريقيا التي كانت قد أنتجت بالفعل أسلحة نووية ثم تخلت عنها، كازاخستان، روسيا البيضاء، أوكرانيا دخلت النادي النووي وخرجت، البرازيل والأرجنتين قررا عدم دخول النادي النووي طواعية وبالتالي المسألة هذه المرة ترتبط بدولة العضو التاسع بالمناسبة وليس الثامن في النادي النووي هي أول حالة دخلته من باب الدول التي اخترقت معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ومن هنا تأتي أهمية ما حدث، كوريا امتلكت السلاح.. امتلاك السلاح يؤدى إلى حقائق أمر واقع على الأرض لا يمكن تجاهلها من جانب أي طرف، العقوبات لن تؤدى إلى نتيجة حقيقية وأتصور أن التقييمات الصينية مبالغ فيها في موضوع انهيار النظام بل أتصور أن حتى تعرض..

جمانة نمور: هذا التلويح الآن لم يعد تلويحا، هذه القدرة النووية وامتلاكها البعض يرى أنها فقط للحصول على مكاسب سياسية نظرا إلى أن إمكانية استخدامها من قبل بيونغ يانغ هي بعيدة ولسنوات طويلة والبعض يشبه أيضا هذا الموضوع بما يحصل في إيران.. هي القدرة النووية أصبحت أوراق ضغط للحصول على دور ما على مكاسب ما؟

محمد عبد السلام: بالتأكيد كان مفهوم دائما أن كوريا الشمالية لا ترغب في امتلاك سلاح نووي وأديرت الأزمة معها بصورة سيئة للغاية، أسوأ أزمة نووية أديرت، لم يكن من الضروري أن تفعل كوريا ذلك، لم يكن من الضروري أن تدفعها الأطراف إلى أن تتخذ هذا الموقف، كوريا لم تكن تريد امتلاك سلاح نووي، كانت تريد مقايضة قدراتها النووية ببعض المكاسب الأمنية والاقتصادية والسياسية لكنها وجدت نفسها في النهاية أمام موقف ليست قادرة فيه على فرض أي شيء على الآخرين أمام موقف مقارنة بإيران دولة مجرد تمتلك قدرات تحصل على أكثر بكثير مما تأمل فيه كوريا وبالتالي الآن هي تقول للجميع لدي سلاح نووي وممكن نزعه يعني الجديد في هذه الحالة أن كوريا يمكن أن تقايض أيضا سلاحها النووي ببعض المكاسب أو ستقوم بابتزاز الآخرين بشدة بصورة تدفعهم إلى التعامل معها عاجلا أو أجلا.

جمانة نمور: دكتور عمرو البعض يرى بأن قيام بيونغ يانغ بالتجربة هو مؤشر على فشل إدارة بوش بالتعامل مع الملف النووي الكوري الشمالي فيما قال بعض آخر يرى على العكس من ذلك بأنه دليل ضعف على.. مأزق أيضا تمر به كوريا الشمالية، أين أنت بين التحليلين؟

عمرو حمزاوي: هو دليل بالتأكيد على سوء إدارة الملف النووي الكوري الشمالي كما أشار صديقي العزيز الدكتور محمد، في الأعوام الماضية سوء الإدارة عاد بدرجة أكبر للولايات المتحدة الأميركية ولكن ليس فقط للإدارة الأميركية أنا أعتقد الأطراف الأخرى خاصة الصين واليابان وكوريا الجنوبية أخطأت هذه الأطراف الثلاث أيضا في إدارة الأزمة، الأمر الثاني وهذه مساحة رئيسية علينا أن ننظر لها حين نحلل توجهات النظام الكوري الشمالي، هذا نظام تغيب عنه على الأقل في لحظات كثيرة مساحات من العقلانية السياسية التي يفترض الأطراف الخارجية تواجدها هذا النظام أثبت في أكثر من لحظة أنه على استعداد لأن يقامر ويغامر أملا في الحصول على مكاسب استراتيجية سريعة وعلى الرغم من أن الأطراف جميعها يعني أرسلت له إشارات واضحة أنك لن تحصل على شيء يستمر في المغامرة والمقامرة، أخيرا أنا أعتقد أن إحنا علينا أن نعود إلى الأمر الاستراتيجي الرئيسي فيما يحدث في هذه المنطقة من العالم وهو حقيقة التنافس ما بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، الكوريون الشماليين أرادوا أن يلعبوا على هذا الوتر.. هناك تنافس استراتيجي ومعركة استراتيجية كبرى قادمة في السنوات القادمة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين والكوريون الشماليين اعتقدوا أن الصين ربما أخذت سقفهم على حساب الولايات المتحدة، الأمر الأخير فيما يتعلق بالنظرة الأميركية.. الولايات المتحدة الأميركية تخشى من أن ينقل لإيران انطباعات يعني أكثر سلبية فيما يتعلق بالرد على التجارب النووية.

جمانة نمور: شكرا لك دكتور عمرو حمزاوي، شكرا للدكتور شين يين خوانغ وشكرا للدكتور محمد عبد السلام وشكرا لكم مشاهدينا إلى اللقاء.

المصدر: الجزيرة