عام 2005 الأشد حرارة في نصف الكرة الشمالي
ما وراء الخبر

الكرة الأرضية على صفيح ساخن

نحاول في حلقة اليوم التعرف على ما وراء دراسة علمية خلصت إلى أن صيف عام 2005 كان الأكثر سخونة في النصف الشمالي للكرة الأرضية ونتساءل فيها، ما حجم المصداقية العلمية لمثل هذه الدراسات؟

البيئة أيضا تشكو أميركا

– أثر التلوث البيئي اقتصاديا وصحيا


undefined
فيصل القاسم: أهلا بكم
، نحاول في حلقة اليوم التعرف على ما وراء دراسة علمية خلصت إلى أن صيف عام 2005 كان الأكثر سخونة في النصف الشمالي للكرة الأرضية منذ بدأ رصد درجات الحرارة عالميا ونطرح فيها تساؤلين اثنين، ما حجم المصداقية العلمية لمثل هذه الدراسات التي تتعرض لواقع ومستقبل الأرض؟ وما هي الانعكاسات التي قد تحملها أية تداعيات لهذه الدراسات على حياتنا؟ هل خطر لك في واحد من أيام الصيف الحارة أن ذلك أحرّ يوم مر في حياتك؟ ملاحظتك تلك موثقة اليوم بدارسة علمية صادرة عن معهد الأرصاد البريطاني وجامعة إيس أنغليا البريطانيتين أكدت أن السنة الحالية عرفت أعلى درجات ارتفاع الحرارة في الكرة الأرضية منذ ستينيات القرن التاسع عشر.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: هذا العام هو ثاني أشد الأعوام حرارة منذ ستينيات القرن التاسع عشر، ذاك ما يؤكده تقرير علمي أصدره علماء بريطانيون متخصصون في شؤون التقلبات المناخية وتأثيرها على البيئة في الكرة الأرضية، التقرير أكد أن النصف الشمالي للكرة الأرضية يبقى الأكثر عُرضة لتأثير ظاهرة الاحتباس الحراري بحكم شساعة مساحة اليابسة فيه وأيضا لكثافة المناطق الصناعية في أرجائه، بلغة الأرقام عرف هذا الجزء من العالم ارتفاع في الحرارة بما نسبته 0.65 درجة مئوية فوق المتوسط الذي كان سائدا من درجات الحرارة قبل ذلك، المتهمون بهذه الظاهرة التي خلَّفت ارتفاع منسوب البحار ودرجات الحرارة وتسببت في أعاصير وفيضانات مدمرة غازات ودول الغازات أهمها ثاني أكسيد الكربون المنبعث من حرق الوقود في محطات الطاقة وفي مصانع السيارات، أما الدول فأهمها تلك المصنعة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية التي لم تلتزم بعد بخفض انبعاث الغازات فيها متعللة بأن ذلك سيقلص فرص إيجاد مواطن الشغل لمواطنيها، أثمرت جهود الأمم المتحدة وأنصار البيئة في مؤتمر موريال الأخير من أجل إقناع الولايات المتحدة والدول سريعة النمو على غرار الهند والصين بالالتحاق بالتزام دولي واسع بخفض انبعاث الغازات وفق مقتضيات اتفاقية كيوتو التي ينتهي العمل بها في 2012، أثمرت تلك الجهود التعهد بالشروع في مباحثات سيكون هدفها الأساسي التوصل إلى استراتيجية دولية جديدة تنقذ البشرية من وضع قد يجعلها رهينة سندان التلوث البيئي ومطرقة الاحتباس الحراري.

فيصل القاسم: ومعنا في هذه الحلقة من عمان الدكتور سفيان التل المختص في شؤون البيئة بدول العالم الثالث ومن القاهرة الدكتور سيد عبد الستار المليجي أستاذ علوم البيئة بجامعة قناة السويس، أمين عام نقابة العلميين المصرية ومن واشنطن سعد رحيم خبير شؤون الطاقة في مركز (BFC) الأميركي، سيد رحيم لو بدأت معك من أميركا على ضوء هذه النتائج العلمية الجديدة.. يعني هل يمكن أن نتوقع من الولايات المتحدة أن تتعظ وتبدأ إعادة النظر في سياساتها المتعلقة بالمناخ خاصة إذا ما علمنا أن الولايات المتحدة هي تكاد تكون أكثر بلدان العالم إساءة للبيئة داخليا وخارجيا؟

البيئة أيضا تشكو أميركا

سعد رحيم – خبير شؤون الطاقة في مركز(BFC): بمعنى من أحد المعاني نعم، فالولايات المتحدة تنتج 25% من انبعاث الغازات في العالم ولكن إذا نظرنا إلى سياسة حكومة بوش وأيضا معارضتهم لمعاهدة كيوتو أن موقفهم هو أننا لا نفهم المشكلة بعمقها الكبير وإن نظرتم إلى دراسة أيضا تقول إن الحرارة ترتفع، هناك دراسات أخرى تظهر أن الثقب في الأوزون قد تم تقليصه عبر مرور الوقت لذلك فموقفهم أنه قبل أن نُلزم نفسنا بتوجيهات معاهدة كيوتو يجب علينا أن نجري دراسات أخرى وأن نفهم ما هي المشكلة بعمقها قبل معالجتها فلذلك في غضون ذلك فإننا نتخذ إجراءات أخرى لتخفيف حدة المشكلة.

فيصل القاسم: لكن سيد رحيم الدراسات أشارت أميركيا أيضا أن معظم الأعاصير التي تعرضت لها الولايات المتحدة من كاترينا إلى أوفيليا إلى ويلما كل هذه الأعاصير يعني هناك مؤشرات تدل على أن سببها هو الاحتباس أو ظاهرة الاحتباس الحراري فإلى متى تنتظر الإدارة الأميركية بشكل خاص لمعالجة مثل هذا الموضوع؟ إلى متى يعني يتذرعون بأنه ليس لدينا الأدلة الكافية خاصة وأن العلماء الأميركيين أنفسهم هم الذين يقولون إن ظاهرة الاحتباس الحراري هي المسؤولة عن ذلك؟

سعد رحيم: مرة أخرى هذا موقف حكومة بوش على هذا الموضوع كمثال الإعصار الذي ذكرته فهم يقولون إن هذا جزء من دائرة تحصل كل خمسين عاما من الأعاصير القوية وهناك عدد من البحوث تظهر ذلك لذلك فهو سؤال مفتوح من أي دراسة يمكن أن نذهب أو أن نعتمد عليها فسياسة الحكومة هنا هي أن الالتزام بكيوتو يكلف الاقتصاد الأميركي كلفة باهظة، أحد الدراسات التي قاموا بدراسة كيوتو تظهر أن 1% إلى 4% من دخل الإنتاج القومي سوف يتم تقليله، هناك ستمائة مليار دولار يتم التأثير عليها ونحن نتحدث عن مئات الأعمال لذلك فموقف الحكومة قبل أن نقوم بهذه السياسات المكلفة يجب أن نتفهم وبعمق أكثر هذه المعاهدة ولا أعتقد أن هناك إنكار لوجود مشكلة ولكن هذه هي نقطة الحوار.. نقطة الحوار هي أنه قبل أن نضع نفسنا لمعاهدة كيوتو دعونا نحصل على كل المعلومات والبيانات التي نحن بحاجة إليها.

فيصل القاسم: طيب وهذا الكلام في واقع الأمر أوجهه للدكتور عبد الستار المليجي في القاهرة، دكتور المليجي ،يعني هل مازال.. مازالت الحكومات وخاصة الغربية منها بحاجة فعلاً لتوفر ما يكفي من المعلومات كي تحسم أمرها بخصوص هذا الوضع الخطير، سؤال مازال مفتوحاً ومسار جدل بين العلماء؟

"
ظاهرة الاحتباس الحراري اهتم بها العالم منذ عام 1952 تحديداً بعد وقوع كارثة رهيبة في لندن عندما خنقت الغازات  أكثر من ستة آلاف مواطن في يوم واحد وكان مصدر هذا الدخان هو الغازات المنطلقة من المصانع
"
       سيد عبد الستار

سيد عبد الستار المليجي– أستاذ علوم البيئة بجامعة قناة السويس: أولاً نشكر الجزيرة على اهتمامها بهذا الموضوع ونرسل رسالة إلى كل الفضائيات في العالم ونتمنى أن تعطى وقتاً كافياً لهذه القضية الهامة، الحكومات الغربية على رأسها الولايات المتحدة الأميركية ليست في حاجة إلى المزيد من المعلومات فالمعلومات لديها متوافرة والوقائع تطرق لديها كل يوم على أن هناك خطراً حقيقياً يقع على البشرية وعلي الأحياء من جراء التغير في المناخ ومن جراء التغير في البيئة، ظاهرة الاحتباس الحراري اهتم بها العالم منذ عام 1952 تحديداً بعد وقوع كارثة رهيبة في لندن عندما خنقت الغازات والدخان أكثر من ستة آلاف مواطن في يوم واحد وكان مصدر هذا الدخان هو الغازات المنطلقة من المصانع زُعرت بها أوروبا في عصر الصناعة وبالتالي المعلومات أيضاً التي توفرت من خلال نشاطات الأمم المتحدة والمراكز البحثية لم تدع مجالاً للشك على الإطلاق أن هناك خطراً حقيقيا ًيتهدد العالم من جراء النشاطات الزائدة في استهلاك الطاقة وإنتاج الكثير من الغازات السامة الغازات الخانقة وفي مقدمتها وعلى رأسها غاز ثاني أكسيد الكربون، القضية إذاً هي القرار السياسي، القضية أن يتفهم الغرب الصناعي والولايات المتحدة الأميركية على رأسه يعني ما عاش من عاش لنفسه فقط، القضية أن هناك مصالح اقتصادية ويعني اتجاهات للهيمنة على العالم تتطلب المزيد من احتراق الطاقة ومن تسيير السفن والطائرات ومن صناعة القنابل والمتفجرات كل هذا تقوم به الولايات المتحدة الأميركية وتقوم به أوروبا وهى ليست مستعدة أن تستغني عنه وبالتالي تتملص هذه الدول من التوقيع على اتفاقيات الطاقة لأنه بالتأكيد سيكون في مصلحة شعوب العالم الثالث وسيكون من العوامل التي تحد من قدرة هذه الدول على امتلاك القدرة وعلى امتلاك أسلحة الهيمنة على العالم.

فيصل القاسم: طيب، دكتور سفيان التل في عمان.. يعني ألا تعتقد أنه من الظلم أن نتهم الدول الغربية بأنها يعني لا تأبه كثيراً بالموضوع البيئي وأنها تضرب عرض الحائط بهذه المخاطر يعني هذا الأمر قد لا يُقبل من قِبل الكثيرين بأن هذه الدول التي تحترم شعوبها وتحترم بيئتها وما إلي هنالك من هذا الكلام أن لا تكون مهتمة بهذا الأمر؟

سفيان التل – مختص في شؤون البيئة بدول العالم الثالث: يا سيدي تعودنا باستمرار من السياسات الغربية على أنها تهتم بالدرجة الأولى في مصالحها الاقتصادية فقط وهذا هو الطرح الذي تطرحه أو يطرحه الرئيس بوش باسم الولايات المتحدة الأميركية حالياً من أن دخوله في اتفاق في بروتوكول كيوتو يعطل التنمية الاقتصادية في الولايات المتحدة الأميركية ولكن من حقنا أن نسأله، ماذا عن التنمية الاقتصادية التي يعطلها تغير المناخ في بقية دول العالم؟ نحن في منطقتنا في الدول العربية في الشرق الأوسط هنالك 19 دولة حالياً أصبحت تعاني من نقص المياه ومن نقص في موارد المياه بسبب تغير المناخ في الشرق الأوسط كما يسمونه وشمال إفريقيا، هنالك تقارير للصليب الأحمر منذ عام 1990 و99 يقول إن لاجئين البيئة في العالم التي تم رصدهم يفوقون بكثير لاجئين الحروب والصراعات العسكرية، أبسط التوقعات تقول إن هناك 50 مليون لاجئ بيئي مهددين بسبب أن المياه ومياه الفيضانات تغمر أراضيهم بالإضافة إلى ذلك25 مليون لاجئ بيئي آخر بسبب انخفاض خصوبة التربة لديهم نتيجة الجفاف اللي تم أو نتيجة الفيضانات أو نتيجة ذوبان الجليد، هناك دراسات وقدمت عام 1992 لمؤتمر قمة الأرض عن أن 60% من سكان الكرة الأرضية الذين يسكنون على الشواطئ مهددين من الفيضانات بسبب تسخين الأرض وبسبب تغير المناخ يعني عندما تغمر أراضيهم بمياه البحر يفقدون مساكنهم، أولاً سيفقدون أراضيهم الزراعية، ثانياً سيفقدون موارد المياه العذبة، ثالثاً 60% من سكان الكرة الأرضية لا يهزون طرفاً لدى الولايات المتحدة مثلهم مثل الهنود الحمد التي أبادتهم دولتها هناك ولا يهمها الآن أن يخسر العالم 60% من سكانه لقاء أن الشركات الأميركية تستمر بالأرباح وحصد ما يسمونه بالتنمية الاقتصادية على حساب الدول التي تهددها المجاعة والعطش في منتخب أنحاء العالم.

فيصل القاسم: دكتور التل ابقَ معنا، سأعود إليك طبعاً لكن ما هي الانعكاسات المباشرة لهذه التطورات على حياتنا اليومية، نتابع هذه المسألة بعد وقفة قصيرة ،ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

فيصل القاسم: أهلا بكم من جديد، حلقة اليوم من برنامج ما وراء الخبر تتناول دراسة علمية خلُصت إلى أن صيف عام 2005 كان الأكثر سخونة في النصف الشمالي للكرة الأرضية منذ بدء رصد درجات الحرارة عالميا ولو توجهت الآن إلى واشنطن والسيد سعد رحيم، سيد سعد رحيم يعني سمعنا الآن وجهتي نظر من القاهرة من الدكتور المليجي يؤكد أن السؤال لم يعد مفتوحا بأي حال من الأحوال حول خطورة ظاهرة الانحباس الحراري وتأثيرها على العالم من الناحية العلمية، أما الدكتور التل فقد جاء بإحصائيات رهيبة عن مدى الضرر الذي تلحقه يعني أو يلحقه العبث الأميركي والغربي بشكل عام بالبيئة على حياة الناس، تحدث عن أن 60% من سكان الأرض مهددون بالفيضانات وبالمخاطر بسبب هذه السياسات البيئية الجهنمية إذا صح التعبير في الغرب يعني يقولون بعبارة أخرى أن ذلك مظهر من مظاهر اللامبالاة الأميركية بحياة البشر على وجه الأرض.

أثر التلوث البيئي اقتصاديا وصحيا

سعد رحيم: مرة أخرى أظن أن النقاش ليس هو الاحتباس الحراري إن كان يحصل أم لا وليس عبارة عن التلوث فإن ذهبتم إلى لوس أنجلوس أو نيويورك يمكنكم رؤية التلوث هناك ليس هناك إنكار ولكن السؤال هو ما هي أفضل طريقة لمعالجة هذه المشكلة قبل أن ننفق ستمائة مليار على هذه القضية وقبل أن نفقد 4% من اقتصادنا الداخلي؟ هذا هو قلق الحكومة الجزء الأكبر من هذا كما ذكرتم الدول المتقدمة.. الدول النامية وعن فرص التطور فيها أن أحد النقاط والمقلقة لبوش هي أن الهند والصين ليست ملزمة بمعاهدة كيوتو لذلك فالشيء الذي تتخلى عنه الولايات المتحدة ربما لا تتخلى عنه دول أخرى فالنقاش هو أننا ننفق ثلاث مليارات دولار على أعمال الطاقة ولزيادة معايير الفعالية للطاقة والوقود ونحن نفعل هذا بأنفسنا ونحن لسنا بحاجة لالتزامات بشكل معاهدة خاصة عندما لا تتعلق مع الآخرين، أما إن كانت هذه الطريقة الفضلى فهذا أمر قابل للسؤال والنقاش ولكننا نفعل بكل ما نستطيعه قبل أن ننفق الأطنان من الأموال من اقتصادنا والذي لن يكون أصلا في صالح العالم بشكل كبير فالولايات المتحدة اقتصادها يتأثر باقتصاد العالم أيضا.

فيصل القاسم: دكتور المليجي في القاهرة لسنا بحاجة لبرتوكولات يعني بهذا الخصوص؟

سيد عبد الستار المليجي: أرجو إعادة السؤال مرة ثانية أخ فيصل الصوت منقطع يا أخي..

فيصل القاسم: دكتور المليجي السيد رحيم في واشنطن يعني بعبارة أو بأخرى يقول نحن لسنا بحاجة يعود ويؤكد على الجانب التنموي وعلى الضرر الذي قد تلحقه هذه الاتفاقيات المتعلقة بالبيئة على الاقتصاد الأميركي ولسنا بحاجة في واقع الأمر لبرتوكولات جديدة واتفاقيات عالمية جديدة؟

سيد عبد الستار المليجي: هذا هو مربط الفرس في الموضوع لأنه العالم أجمع الآن من خلال دراسات دقيقة ومتأنية ومتوالية على مدى أكثر من ستين عام الآن تأكد له تماما أن الالتزام بمقررات مؤتمرات البيئة والتوقيع على اتفاقية البيئة لا يضر أي دولة في العالم بل هو في مصلحة الإنسانية جميعا ليس في مصلحة دولة دون دولة لأن الغلاف الجوي الذي نعيش تحته نحن جميعا كبشر ليس ملكا لأحد وإنما هو ملك للعالم أجمع كما أن الملوثات التي تنتجها الصناعة الأميركية والتي بلغت كما سمعنا وكما هو مؤكد لدى العالم الآن حوالي 26% من الملوثات في العالم تنتشر في جميع أنحاء العالم ولا تتضرر بها الولايات المتحدة الأميركية وحدها ولكن يتضرر بها العالم أجمع وبالتالي هناك حقوق للعالم في مواجهة الفكرة الأميركية أو الاتجاه الأميركي في أنه لا يجب أن يحافظ على المصلحة الأميركية ثم تهدر المصالح الدولية ويتعدى على القوانين الدولية بالشيء الذي نراه وأصبحت أميركا تفاجئنا في كل يوم بنوع من الاختراق للقانون الدولي مرة في المعتقلات السرية ومرة فيما يجب أن تلتزم به الدول فيما يتعلق بالبيئة، نحن أمام معضلة سياسية على مستوى العالم الآن وعلى العالم أجمع أن يتوحد وأن يتكاتف ليجبر كافة الدول على أن تتضافر جهودها في المحافظة على البيئة التي هي ملك للبشرية وملك للإنسانية كذلك الأرقام تدل على أنه الزيادة في النشاطات الصناعية في الولايات المتحدة الأميركية أو الدول الأوروبية من شأنه أن يعود بالضرر على الاقتصاد العالمي أجمع ومنه اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية، ماذا تستفيد الولايات المتحدة الأميركية عندما تنقص المساحة الممكن زراعتها في العالم؟ بالتأكيد ستتضرر الولايات المتحدة الأميركية، ماذا تستفيد الولايات المتحدة الأميركية إذا خفضت من تجاربها النووية بما يخفض من درجات الحرارة التي تتضاعف عاما بعد عام ثم يترتب عليها زيادة مياه البحر ثم غرق الجزر في المحيطات ثم الاقتطاع من المساحة التي تعيش عليها البشرية؟ إن مسألة التنمية وزيادتها متعلقة تماما بضرورة الالتزام بالبروتوكولات التي وضعتها الأمم المتحدة من خلال مؤتمرات البيئة المتتابعة وسيكون أول المستفيدين منها الولايات المتحدة الأميركية.

فيصل القاسم: جميل جدا وهذا في واقع الأمر يقودنا لتوجيه السؤال إلى الدكتور التل في عمان، دكتور التل يعني نفهم من كلام الدكتور المليجي باختصار بالمثل الشعبي الدارج أن يعني الثلم الأعوج من الثور الكبير إذا صح التعبير؟

سفيان التل: وهذا صحيح، نعم.

فيصل القاسم: طيب، القصة وما فيها الآن يعني نحن نعلم أن الضرر البيئي تضاعف كثيرا فيما يسمى بعصر العولمة وتطرق الدكتور المليجي أيضا إلى التأثير أو تأثير الضرر الذي يعني تسببه الولايات المتحدة على بقية الدول في عصر العولمة، ما هو الضرر المباشر على حياتنا.. على حياتنا نحن مثلا في العالم العربي من هذا العبث البيئي؟

"
الهند والصين كلاهما دولتان لا تؤثران في تغير المناخ لأن نسبة استهلاك الطاقة والانبعاثات الصادرة منها نسبة ضئيلة جدا
"
       سفيان التل

سفيان التل: يا سيدي أولا اسمح لي إن أن أعقب تعقيبا بسيطا على ما طرحه السيد سعد رحيم من إقحام الهند والصين في الموضوع وأود أن أقول إن الهند والصين كلاهما دولتين لا تؤثران في تغير المناخ لأن نسبة استهلاك الطاقة والانبعاثات الصادرة منها نسبة ضئيلة جدا فالمواطن الأميركي الواحد يستهلك من الطاقة أكثر مما يستهلكه 50 مواطنا من دولة زي أثيوبيا وربما 40 من الهند وهكذا ولذلك هذه دول بمجموعها تعتبر من الدول غير المؤثرة حاليا في تخريب طبقة الغلاف الجوي ومساهمة في تسخين المناخ، أما الأضرار التي سنعاني نحن منها وتعاني كثير من دول العالم الثالث منها هي، أولا زيادة الأعصاير في مناطق لم تعرفها الدول سابقا زيادة العواصف الثلجية التصحر لمناطق كانت خصبة وكان أهلها يستفيدون من زراعتها نمو أسراب جراد رهيبة وهائلة ستغزو بلدان لم تكن تعرف ذلك حرائق الغابات التي ستتم وستقضي على مساحات شاسعة من الرئة التي يتنفس منها سكان الكرة الأرضية، الفيضانات كما قلنا التي ستقضي على المياه العذبة لأنه الفيضانات ستأتي من البحار والمحيطات وتغرق المياه والأنهار العذبة التي يشرب منها الناس، ذوبان القمم الجليدية اللي بنشاهدها باستمرار على شاشات الفضائيات واللي لا تستطيع الولايات المتحدة أن تنكر ذلك كما كل المحاولات اللي بتطرحها الولايات المتحدة لمزيد من الدراسات محاولات غير مقبولة من كل العلماء لأنه من الثمانينات ومن السبعينات نُشرت خرائط لدراسات قامت بها الأمم المتحدة وأنا ألقيت فيها عدة محاضرات وكتبت فيها نشرت خارطة لدول شمال أوروبا وتنبأت بمعدل عشر درجات زيادة في حرارتها وحدث ذلك نعيشه الآن في كل سنة نقول هذه السنة هي أسخن سنة في اسكندنافيا وفي أوروبا ماذا تريد الولايات المتحدة حقائق أكثر من كل هذه الحقائق، بعد الآن ماذا تريد الولايات المتحدة بعد أن تخلى كل حلفائها الأساسيين عنها تخلت عنها إنجلترا..

فيصل القاسم: ألمانيا.

سفيان التل: وأصبحوا يهاجمونها في المؤتمرات الدولية، تخلى عنها رئيس وزراء كندا الذي قال يتوجب على الولايات المتحدة الاستماع إلى ضميرها العالمي ولكن على ما يبدو أنه لم يبق لدى الولايات المتحدة ضمير عالمي حتى تخاطب نفسها من خلاله، وزير البيئة الياباني دعا كل دول العالم النامي لإعلان الحرب والمساهمة في الحرب على تغير المناخ، لم يبق في الصف إلا دولة مارقة منعزلة على المجتمع الدولي تجنده إذا توافق مع مصالحها وتتخلى عنه إذا تعارض مع مصالحة.

فيصل القاسم: دكتور التل، باختصار الآن ماذا بالإمكان.. يعني أنت تحدثت عن الضغوط الكثيرة التي تمارسها بقية دول العالم على الولايات المتحدة من أجل الالتزام بالسياسات البيئية، ماذا فعلنا نحن في العالم العربي خاصة إذا ما علمنا أن هناك الكثير من الصناعات الموجودة في بلادنا خاصة كصناعة الأسمنت وإلى ما هنالك تسبب أضرارا كبيرة للبيئة وللناس وتؤدي إلى آلاف الوفيات إلى ما هنالك من هذا الكلام، ماذا بإمكاننا أن نفعل إذا ما علمنا أن الكثير من الدول العربية تستجدي الاستثمارات الغربية؟ هل يستطيعون التوفيق بين الاستثمارات وبين يعني المحافظة على البيئة؟

سفيان التل: يا سيدي بصراحة أقول لكل زعماء العالم العربي الذين يستجدون هذا النوع من الاستثمارات أنهم يستجدون تسميم شعوبهم، الصناعات التي تأتي إلى دولنا كصناعة الألومنيوم وصناعة الأسمنت وصناعة جلفنة المعادن وما شابهها أصبحت صناعات مرفوضة في الدول الغربية لكثرة تلويث البيئة التي تقوم به وتسميها للشعوب ولذلك أخذت الدول الغربية تطرح على الدول.. دول العالم الثالث إقامة هذه الصناعات في أراضيها لأن أنظمتها وقوانينها لا تفرض شروطا قاسية لحماية البيئة وهي على استعداد أن تشتري منتجاتها لعشرات السنين وأعطي.

فيصل القاسم: أشكرك دكتور التل.. دكتور التل كان بودي جدا.. يعني لا شك أنه كلام في غاية الأهمية يعني ممتع جدا لكن للأسف الشديد الوقت داهمنا، أشكرك دكتور التل في عمان، دكتور المليجي في القاهرة والسيد سعد رحيم في واشنطن، نهاية حلقة اليوم من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم، بإمكانكم المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات القادمة بإرسالها على عنواننا الإلكتروني indepth@aljazeera.net، غدا إن شاء الله قراءة جديدة فيما وراء خبرا جديد، إلى اللقاء.