محاكمة صدام حسين
ما وراء الخبر

انتهاك حقوق الإنسان في العراق

نحاول في حلقة اليوم التعرف على ما وراء تصريحات رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي بأن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق اليوم تُشابه انتهاكات صدّام حسين أو تزيد عنها.

– انتهاكات حقوق الإنسان ومحاكمة صدام
– تصريحات علاوي بين الواقع والدعاية الانتخابية
– الانتهاكات بالعراق بين عهد صدام وما بعده

 


undefinedعلي الظفيري: أهلا بكم، نحاول في حلقة اليوم التعرف على ما وراء تصريحات رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي بأن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق اليوم تُشابِه انتهاكات صدّام حسين أو تزيد عنها ونطرح فيها تساؤلين اثنين، ما هي دوافع تصريحات رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي ولماذا الآن؟ وهل عاد وضع حقوق الإنسان هناك إلى عهد الرئيس السابق صدّام حسين؟ في العراق المثقل بالخلافات السياسية تصدر بين الحين والآخر تصريحات يعلوا صوتها على أصوات التفجيرات التي غدت أمرا مألوفا، هذه التصريحات الذي تزداد حدتها مع اقتراب الموعد الانتخابي منتصف الشهر المقبل اتفقت هذه المرة في اهتمامها بملف حقوق الإنسان وسيادة القانون في العراق وإن تباينت في تقييمه.

انتهاكات حقوق الإنسان ومحاكمة صدام

[تقرير مسجل]

مكي هلال: مع بدء الجلسة الثانية لمحاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدّام حسين يعود الاهتمام بالوضع الحقوقي في العراق، محض صدفة أم أن إطلالة صدّام من قاعة المحكمة في حد ذاتها دعت الذاكرة إلى المقارنة بين عهدين في سجل انتهاكات حقوق الإنسان أم هو صراع الانتخابات الوشيك يُعلن عن نفسه من خلال تصريحات متباينة، إياد علاوي صرح لصحيفة الأوبزرفر بأن وضع حقوق الإنسان في عراق اليوم سيئ كما كان الحال في عهد الرئيس السابق صدّام حسين إن لم يكن أسوأ، تصريحات سرعان ما رد عليها الرئيس العراق جلال الطالباني بأن عراق اليوم يتمتع فيه العراقيون بجميع الحقوق الديمقراطية ورفض أي مبرر للمقارنة بين الأمس واليوم وفي السياق القانوني والحقوقي دائما قال عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وشريك الجعفري في الحكم إن القضاء العراقي ضعيف وإنه سيرفع دعوى ضد صدّام في الوقت الذي يصبح فيه القضاء العراقي قويا، إلا أن المحكمة الحالية حسب رأيه غير قادرة على محاكمة صدّام، كما انتقد الحكيم ما اعتبره تدخل أميركي في اختيار القضاة وإعاقة عمل الأجهزة الأمنية، اهتمام مفاجئ بحقوق الإنسان والقضاء في العراق قد يلغي أي دور للذاكرة، رئيس الحكومة العراقي آنذاك أشرف على بدء عملية الفلوجة الثانية في نوفمبر العام الماضي وما صحبها من اعتداءات على المدنيين وما ظهر فيما بعد من استعمال القوات الأميركية لأسلحة محرمة، انشغال جديد إذاً بحقوق الإنسان العراقي أم مجرد تصريحات لرفع الأسهم في مزاد السياسية بالداخل العراقي؟

علي الظفيري: ومعنا لمناقشة هذا الموضوع في هذه الحلقة من بغداد الكاتب والمحلل السياسي الدكتور حيدر سعيد ومن بيروت الخبير الحقوقي العراقي الدكتور عبد الحسين شعبان ومن باريس عبد الأمير الركابي الأمين العام للتيار الوطني العراقي، أبدأ من الدكتور حيدر سعيد في بغداد، دكتور يعني باعتقادك هل هذه التصريحات تصريحات رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي هي تشخيص لواقع انتهاكات حقوق الإنسان في العراق أم أنها تأتي ربما في إطار الحملة الدعائية التسويقية الانتخابية بشكل عام؟

تصريحات علاوي بين الواقع والدعاية الانتخابية

حيدر سعيد- كاتب ومحلل سياسي: شكرا بدءً يعني أنا أرفض المقارنة بين ما يجري حاليا في العراق وبين ما كان يجري في عهد صدّام حسين لأكثر من سبب؛ أولا أن النخبة الحاكمة في العراق الآن لم يتح لها من الزمن ما أتيح لنظام صدّام الذي أتيح له الزمن الكافي لكي يمارس إبادة جماعية واعتقالات ومصادرة لأبسط الحريات، حق السفر وحق التنقل وما إلى ذلك، القضية الأخرى التي أود أن أشير إليها أن وضع الحكومة في العراق، وضع السلطة ما يزال هشا، يعني ليس من الممكن الآن أن تنشأ حكومة ديكتاتورية في العراق، المجتمع المدني العراقي مازال له صوت، أنا الآن في بغداد وأنتقد الحكومة ولا أحد يسألني على ذلك، أعتقد أن تصريحات الدكتور إياد علاوي هي جزء من الدعاية الانتخابية، يعني هناك تصور في العراق أن هناك صراع بين قائمة الدكتور إياد علاوي وبين الائتلاف الشيعي لماذا؟ لأن..

علي الظفيري [مقاطعاً]: طيب دكتور إذاً أنت تراها في إطار الدعاية الانتخابية دعني أتحول إلى باريس، السيد عبد الأمير الركابي أنت كيف تقرأ هذه التصريحات؟ هل تعتقد أن فيها تشخيصا دقيقا لهذه الانتهاكات.. انتهاكات حقوق الإنسان في العراق؟

"
الاعتماد على أميركا من أجل الحصول على الديمقراطية أمر مستحيل ويؤدي إلى كارثة على كل المستويات ليس فقط على مستوى حقوق الإنسان وإنما حتى على مستوى السيادة
"
    عبد الأمير الركابي

عبد الأمير الركابي- أمين عام التيار الوطنين الديمقراطي: هو.. يعني التصريحات مثيرة للاهتمام وللانتباه، لأنها.. يعني أولا تشير إلى حقيقة أن الاعتماد على الاحتلال والاعتماد على الولايات المتحدة الأميركية من أجل الحصول على الديمقراطية أمر مستحيل ويؤدي هذا الطريق إلى كارثة كما هو حاصل اليوم في البلاد على كل المستويات ليس فقط على مستوى حقوق الإنسان وإنما حتى على مستوى السيادة وعلى مستويات عديدة معروفة الوضع اليوم كما قال إياد علاوي مذري تماما وسيئ للغاية وهذا سببه خيار أتخذه السيد إياد علاوي وآخرين أرادوا في الحقيقة أنه يغيروا الديكتاتورية بطريقة خاطئة وكانت هنالك طرق أخرى طبعا وكانت هنالك اتجاهات وتيارات وقوات تقول وهذه في الحقيقة أيضا نصيحة لجهات وقوى موجودة في المنطقة العربية اليوم قد تفكر بالاستعانة بالأجنبي وقد تعتقد أنها يمكن أن تصل إلى الديمقراطية عن هذا الطريق، هذا جانب، الجانب الآخر السيد إياد علاوي في الحقيقة بواعث ما يقوله الآن هو وآخرين من الخيول الأولى التي تعاونت مع الاحتلال أنهم لا يجدون مكانا لهم في الحياة السياسية، هذا حال الجلبي وحاله هو لأنه القاعدة والمبدأ الأساسي الذي تعتمده الولايات المتحدة للواقع العراقي اليوم هي قاعدة الطائفية وقد جيء بالسيد إياد علاوي منذ فترة لكي يوحوا.. توحي الولايات المتحدة الأميركية للعرب وغيرهم بأنها باتجاه تقليص نفوذ إيران في العراق ولكن هذا لم يكن هو المطلوب، لأن المطلوب تحقق في القاهرة، حققته الجامعة العربية و.. يعني سمعنا ما سمعنا عن الهجوم حول النفوذ الإيراني وفي النتيجة ما حدث في القاهرة حققته إيران، إيران كانت هي اللاعب الرئيسي في تحقيق ما حققته وما أراده الأميركيون هو عودة أو مجيء السنّة إلى العملية السياسية وجاؤوا بحارث الضاري وعدنان الدليمي والعليان والخالصي وأصبحوا الآن جزء من العملية السياسية، هذا ما كان مطلوبا وقد لعبوا على السيد أياد علاوي لمدة عدة أشهر باسم خارطة الطريق وما إلى ذلك والعلمانيين الذين سوف يقفون بوجه إيران وكان العكس هو الصحيح، اليوم تعزز دور إيران، هذا هو الباعث الذي يجعل السيد إياد علاوي لأنه شعر أنه..

علي الظفيري [مقاطعاً]: طيب.. دعنا نتوقف.. هناك شقان بالمسألة.. سيد الركابي إذا سمحت.. شقان للمسألة، أعتقد شق سياسي وشق ربما حقوقي، ملف حقوق الإنسان انفتح بشكل كبير في الآونة الأخيرة، دكتور عبد الحسين شعبان وأنت الخبير الحقوقي العراقي كيف تتابع هذه الانتهاكات من خلال خلفية تصريحات إياد علاوي رئيس الوزراء السابق؟ هل تعتقد أنها فعلا تُلامس واقعا انتهاكيا لهذه الحقوق في العراق؟

عبد الحسين شعبان- خبير حقوقي عراقي: نعم أعتقد أن تصريحات الدكتور إياد علاوي هي إقرار بواقع أليم وربما اعتراف ولو متأخر بحقيقة ما حصل بالعراق على يدي الاحتلال، أعتقد أن لمجرد أن الأميركان كشفوا السجن السري في الجاذرية وتعذيب 173 معتقَلا وما نقلته وكالات الأنباء كفيل ببعض السياسيين الذهاب إلى إقرار هذه الحقيقة المؤلمة، الشيء الثاني أن العراق يعاني من طائفة من القضايا والمشكلات والتحديات التي جاءت مع الاحتلال، أولا الاحتلال بحد ذاته ما قام به من انتهاكات سافرة وصارخة لحقوق الإنسان بما فيها انتهاكاته لاتفاقيات جنيف الأربعة ولملحقيها لعام 1977، الشيء الثاني تكريس وتعزيز الطائفية خصوصا بصيغة مجلس الحكم الانتقالي الإثنية الطائفية التي عمّقت من الطائفية ومن الاحتقان والتوتر الطائفي والإثني في العراق، الشيء الثالث الفساد والرشوة والـ(Corruption) الذي انتشر على نحو شديد في العراق، الشيء الرابع الإرهاب وما أفرزه من الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة والعمليات المجنونة التي طالت السكان المدنيين الأبرياء العزّل، الشيء الرابع ضعف مبدأ المواطنة وأعتقد أن في هذه القضية جرى الحديث عن كل يستفيء بظل طائفته أو مذهبه أو قوميته أو عشيرته أو محلته أو جهته أو مناطقيته، بهذا المعنى جرت محاولات لجعل الدستور يتحدث عن الأقاليم وصلاحيات الأقاليم أقرب إلى الدوقيات وأقرب إلى الكانتونات..

علي الظفيري [مقاطعاً]: طيب دكتور شعبان ربما سيكون هناك وقت لمزيد من التفاصيل حول هذه النقاط، لكن أعود للدكتور حيدر في بغداد، دكتور يعني إذا ما قارننا بين هذه المرحلة.. المرحلة الحالية التي أتَهم فيها إياد علاوي الحكومة الحالية بانتهاكات ترقى إلى درجة عهد النظام السابق، هناك أيضا مرحلة سابقة كان فيها إياد علاوي هو رئيس للوزراء وهناك حديث أيضا عن انتهاكات سابقة، هل من.. يعني تفريق مقارنة بين هذه المرحلة الحكومة الحالية والحكومة السابقة؟

حيدر سعيد: يعني أنا أعتقد أنه يجب أن نضع تصريحات الدكتور إياد علاوي في سياقها الصحيح، أولا أنها جاءت بعد حادثة الجاذرية، بعد اكتشاف المعتقل التابع لوزارة الداخلية التي يديرها حزب شيعي رئيسي في الحكومة وهي جزء من سياق الحملة الانتخابية واللي أنا شخصيا لا أعتقد أننا نستطيع أن نفصل بين حكومة.. إذا تسمح لي..

علي الظفيري [مقاطعاً]: لكن دكتور الجاذرية.. إذا سمحت لي.. دكتور حيدر الجاذرية ليست كل شيء، ليست هي كل الانتهاكات التي حدثت في عهد الحكومة الحالية؟

حيدر سعيد [متابعاً]: نعم أنا الفكرة التي أريد أن أصل إليها أننا لا نستطيع أن نفصل من ناحية حقوق الإنسان بين ما تؤديه الحكومة الحالية وبين حكومة الدكتور إياد علاوي، بل أنا على العكس أعتقد أن فكرة الحكومة الباطشة هي فكرة أسس لها ورسختها حكومة الدكتور إياد علاوي وما يحدث الآن هو ثمرة من ثمار ما زرعه الدكتور إياد علاوي، لكن يجب أن نتنبه إلى قضية أعتقد أنها مهمة جدا، قضية حقوق الإنسان في العراق يجب أن لا تسيس بأية طريقة، خارج هذا يجب أن نتخذ موقفا قويا مما حدث في الجاذرية، لكن أن تسيس القضية في إطار حملة انتخابية وفي إطار.. لاحِظ حتى الزرقاوي أدان ما حدث في الجاذرية، لكن في سبيل ماذا؟ في سبيل أن.. ما هو البديل؟ بديل حكم طالبان، بديل حكم إقامة الحدود، لأ، هذا كله تسيس للقضية، أنا أعتقد أن جوهر القضية هو ثقافة حقوق الإنسان التي جزء كبير من الأحزاب السياسية في العراق ومن النخب السياسية العراقية لا تتمتع بها، يعني لم تكن الديمقراطية أبدا أولوية من أولويات كثير من الأحزاب السياسية المهيمنة في العراق.

علي الظفيري: إذاً تراها أنت دكتور.. يعني في سياقها السياسي هذه التصريحات، لكن ربما التساؤل الكبير هل يعيش العراق فعلا حاليا أزمة حقوق إنسان شبيهة بتلك التي عاشها أبان حكم صدّام حسين؟ نتابع هذه المسألة مشاهدينا الكرام بعد وقفة قصيرة، فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

علي الظفيري: أهلا بكم من جديد، حلقة اليوم تتناول تصريحات رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي التي اتهم فيها الحكومة العراقية الحالية باللجوء إلى انتهاكات لحقوق الإنسان تعتبر أسوأ من تلك التي شهدها عهد الرئيس العراقي السابق صدّام حسين، أتحول إلى باريس والسيد عبد الأمير الركابي أنتهي ربما.. يعني أو ننطلق مما أنتهي إليه الدكتور حيدر في بغداد.. السياق السياسي لمثل هذه التصريحات، بعد مؤتمر الوفاق الوطني في القاهرة كان هناك تصريح ربما لعبد العزيز الحكيم رئيس مجلس الثورة الإسلامية وحديث أتَهم فيه القوات الأميركية أنها تعيق عمل القوات الأمنية، كذلك أتهم فيه القضاء، كل هذه الأمور.. تصريحات ربما جاءت دفعة واحدة، هل تعتقد أن مشهدا سياسيا جديد يتشكل في العراق مع قرب هذا الاستحقاق الانتخابي؟

عبد الأمير الركابي: نعم هنالك مشهد جديد، مشهد سوف تدخل عليه قوى جديدة ويكتمل نصاب السنّة والشيعة والأكراد.. يعني القوى الرئيسية، هذا ما حققه الأميركيون في مؤتمر القاهرة في الحقيقة وإياد علاوي تصريحه هذا هو زمبقة نبتت في مستنقع، هو شعر بأنه خارج اللعبة السياسية وأراد في الحقيقة بهذا التصريح الهام جدا هذا الاعتراف من أحد الضالعين الأساسيين، هو أول مَن وضع قانون الطوارئ بعد الاحتلال، هو مَن دمر النجف، هو مَن دمر الفلوجة، مَن دمر سامرّاء، هو مَن وضع هذا الشكل.. يعني استعمال الفسفور.. الأسلحة الفسفورية في الفلوجة وفي غيرها هو الذي افتتح هذا الباب واعترافه في الحقيقة يجب أن يؤخذ على أنه وثيقة من داخل هذا البيت الذي يشيع الآن في واقع العراق مسألتين؛ مسألة تكريس الطائفية بدل الوطنية..

علي الظفيري [مقاطعاً]: لكن نعم سيد ركابي إذا سمحت لي..

عبد الأمير الركابي [متابعاً]: وهذا ما يريده الأميركيون وإقصاء كل ماعدا ذلك وإخراج كل ماعدا ذلك خارج الدائرة السياسية.

الانتهاكات بالعراق بين عهد صدام وما بعده

علي الظفيري: هذا يدفعني إلى سؤال للدكتور عبد الحسين شعبان في بيروت، هل ما تحدث به السيد الركابي.. يعني يدفعنا إلى عدم أخذ هذه التصريحات.. تصريحات إياد علاوي بجدية وأنه لا توجد انتهاكات في العراق اليوم ترقى إلى ما كان عليه عهد النظام العراقي السابق؟

عبد الحسين شعبان: لا بالعكس أنا أعتقد أن تصريحات الدكتور الركابي هي تصب في هذا الاتجاه، لأن مثل هذه الاعترافات من الأهمية بما كان لأنها تؤشر لحالة خطيرة وسافرة من داخل المؤسسة الحاكمة في العراق، ثم موضوع الديمقراطية التي يجرى الحديث عنها وكأن ربيعها قد انتشر وأن نعيم الحرية قد فاح في العراق، الديمقراطية لا تعنى مجرد انتخابات ولا تعني مجرد استبدال حكومة بحكومة أخرى، الديمقراطية تعني مجموعة الضمانات ضد التغوّل السياسي، مجموعة الضمانات التي تؤمّن المساواة بين المواطنين، التي تؤمّن استقلال القضاء، التي تؤمّن احترام حقوق الإنسان، التي تؤمّن احترام حقوق المرأة وحقوق الأقليات وجميع التكوينات، هذه القضية في غاية الأهمية أريد أن أقول..

علي الظفيري [مقاطعاً]: لكن دكتور شعبان.. يعني هل فقط فضيحة الجاذرية واكتشاف هذا القبو الذي كان يعذب فيه بعض المعتقَلين العراقيين يدفعنا للتصديق بهذه التصريحات فقط؟

"
يوجد في العراق 36 سجنا أميركيا كلها تمارس التعذيب، وهناك شهادات موثّقة وحية وقد التقيت بالحاج علي القيسي الذي روى بدقة كيف تعرض للتعذيب
"
       عبد الحسين شعبان

عبد الحسين شعبان [متابعاً]: كلا هناك أولا ستة وثلاثين سجن أميركي في العراق كلها تمارس التعذيب وهناك شهادات موثّقة وحية وقد التقيت بالحاج علي القيسي الذي شاهدنا صورته وزّعت على جميع القنوات وفي كل وسائل الإعلام وروى بالدقة التفصيلية كيف تعرض إلى التعذيب وهناك اعترف الدكتور ليث كبة بوجود تعذيب في مراكز الشرطة العراقية وهناك اعترفت السيدة سلامة الخفاجي وهناك اعترافات من داخل الحكومة، أنا أعتقد أن انتهاكات حقوق الإنسان أصبحت خطيرة وأصبحت سافرة مما تتطلب تحقيقا دوليا نزيها مستقلا، هذا أولا، الشيء الثاني إذا أردنا أن نقارنها بالانتهاكات السافرة والصارخة التي حدثت في عهد الرئيس السابق صدّام حسين فهي انتهاكات أيضا خطيرة على مدى خمسة وثلاثين عام، الحديث عن هذه الانتهاكات اليوم لا يخفف عن انتهاكات الماضي، الماضي انتهى، الماضي احتضر، نحن نتحدث بالوقت الحاضر ضمن انتهاكات سافرة وصارخة لحقوق الإنسان بوصاية أرقى دولة في العالم هي الولايات المتحدة الأميركية.

علي الظفيري: طيب دكتور شعبان إذا سمحت لي.. دعني أتحول إلى الدكتور حيدر سعيد في بغداد، الحديث عن دور المليشيات في غطاء وزارة.. يعني في الغطاء الأمني الرسمي لوزارة الداخلية العراقية، دور هذه المليشيات، دمجها مع العناصر الأمنية، كل هذه الأمور ألا يمكن أن تعزز من صدقية مثل هذه التصريحات تصريحات إياد علاوي التي تتحدث عن درجة عالية من الانتهاك لحقوق الإنسان في العراق؟

حيدر سعيد: يعني أنا من حيث المحتوى اتفق مع تصريحات الدكتور إياد علاوي، لكن أنا بدء حاولت أن أضعها في ما سميته أنت السياق السياسي لها، هذا الجزء أنا أعتقد هو الأهم في التصريحات وهناك جزء آخر.. يعني أسمح لي هناك رؤية اختزالية، دائما نتصور أن جهة القمع هي جهة وحيدة هي الدولة أو الحكومة وبالتالي فكرة انتهاك حقوق الإنسان دائما ترجع إلى الحكومة، دكتور إياد علاوي أشار إلى مسألة اختراق المليشيات أو الأحزاب الدينية تحديدا لعملية بناء الدولة في العراق، يعني أجهزة الأمن في العراق اختُرقت من قِبل هذه المليشيات ولكن ولاء هذه المليشيات لم يتحول إلى الدولة بل بقي تابعا إلى الأحزاب المرتبطة به والأكثر من ذلك أن ولاء هذه المليشيات ليس مرتبطا بالقانون العراقي والدستور العراقي والقانون المدني العراقي بل هو مرتبط أو هذا الولاء يتجه إلى الشريعة، مسألة أخرى أكثر خطورة في تصريحات الدكتور إياد علاوي ونحن نتحدث بها منذ زمن هو أشار إلى فاعلية المليشيات حتى التي لم ترتبط بالدولة وتحديدا في جنوب العراق، هذه المليشيات تفرض عقوبات على المواطنين حتى وإن لم تنص القوانين العراقية على عقوبات، أي أنها تصادر دور المُعَاقِب وتفرض عقوبة مستمَدة من إرث تشريعي هو الشريعة الإسلامية طبعا وهذا لا يتفق مع القانون العراقي.

علي الظفيري: دكتور حيدر ما تحدثت به ما أشار إليه السيد علاوي ألا يثير اليوم تساؤل في ظل محاكمة الرئيس العراقي السابق صدّام حسين أنه لماذا يحاكَم صدّام إذا كان مَن يخلف صدّام اليوم في السلطة يقوم بنفس الممارسات تجاه الشعب العراقي وإن اختلفت الفئات المستهدفة؟

حيدر سعيد: لا هذا خلط أوراق، يعني الخطأ لا ينبغي أن يكون معيارا لنا، يعني هذه محاولة لأن نجعل من الخطأ الحاكِم هو الآن بأخطائه هذا لا يبرر ما حدث في الماضي، أبدا لا يسوّغه، محاكمة صدّام قائمة وأنا أعتقد أن محاكمة صدّام هي أقسى تجربة لانفعالات العراقيين، هذا الرجل الذي عذبنا طويلا كيف نستطيع أن نبني ديمقراطية من خلال محاكمته.

علي الظفيري: أتحول إلى باريس السيد الركابي من بعد مؤتمر الوفاق الوطني في القاهرة تصريحات السيد علاوي وكذلك انتقاد الحكيم للقوات الأميركية، الحديث عن اتصالات بين الأميركيين والإيرانيين، تكليف بوش رسميا لسفيره في بغداد بالحوار والنقاش مع الإيرانيين حول الأوضاع في العراق ألا يعيد ربما شكل العلاقة.. مضمون العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية والائتلاف العراقي وهذا الحُكم أو هذا الشكل من الحُكم العراقي اليوم؟

عبد الأمير الركابي: لا أنا أعتقد أن الائتلاف تعزز دوره وأصبح هو الآن صاحب الفيتو على العملية السياسية، لأنه وافق في القاهرة وحضر وفي إمكانه أن يوقف هذه العملية في أية لحظة، لقد تعزز الدور الإيراني في العملية السياسية العراقية بعد مؤتمر القاهرة ووزير الخارجية الإيراني كان موجود في القاهرة وهو الذي رتب كل ما حدث بضغوطه وكان أيضا الأمير فيصل موجود والاثنين لعبا الدور الرئيسي لكن الوزير الإيراني هو صاحب كان الكلمة الرئيسية وهو الذي رتب كل شيء والعملية السياسية الآن موجودة في الحقيقة بيد إيران وتستطيع أن توقفها بأية لحظة، تعزز دورها وهذا أمر بعكس ما.. يعني أشاعوه الأميركيون حول الهجوم على مواقع الإيرانيين في العراق، النتيجة كانت معاكسة تماما، الحقيقة يبدو أنك أسأت فهم ما قلته في السابق وأنا اشكر الدكتور عبد الحسين شعبان أنه وضّح هذا الأمر، أنا أقول إن أوضاع حقوق الإنسان في العراق اليوم هي أسوأ بما لا يقاس، هناك استباحة مطلقة، لا توجد سلطة، الأميركيون جاؤوا باسم إنهاء الديكتاتورية، أسقطوا دولة قامت منذ اثنين وثمانين عاما والآن العراق بدون دولة لا نعرف مَن نسأل والمليشيات طبعا شائعة وكل مَن هب ودب من الممكن أن يتحكم بمصائر الناس والناس لا يعرفون ضحاياهم أين يذهبون ولا سجناءهم وهنالك حالة تستوجب موقف عالمي من هذه المسألة وليس لجنة للتحقيق لأن الشعب العراقي شعب مستباح فعلا وهنالك حالة كارثية خطيرة للغاية تحدث في هذه البلاد وتستوجب وقفة ضمير ليست عربية فقط وإنما عالمية من أجل.. يعني النظر في مسألة حقوق الإنسان في العراق.

علي الظفيري: طيب دكتور عبد الحسين شعبان في بيروت هل.. يعني فيما تبقى من الوقت وهو قصير جدا، هل تعتقد أن فتح هذا الملف يمكن ربما أن يؤدي إلى.. يعني إلى ممارسة أو مواجهة قانونية قضائية لمثل هذه الأوضاع لمثل هذه الانتهاكات اليوم في ظل العراق الجديد؟ باختصار لو سمحت.

عبد الحسين شعبان: جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم وستبقى تلاحق المتهمين بها، هذا أولا، الشيء الثاني اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 تنص بنودها على ضرورة ملاحقة المتهمين بهذه الارتكابات، الشيء الثالث والمهم بغض النظر عن تصفية الحسابات السياسية أو الدعاية الانتخابية أعتقد أن ما ذهب إليه الدكتور إياد علاوي هو صحيح تماما ،هو اعتراف بواقع أليم، هو تأكيد لما تحدثت به الكثير من الجهات الحقوقية ليس فقط العراقية وإنما العربية والدولية بما فيها (Human rights watchبما فيها منظمة العفو الدولية (Amnesty International) بما فيها المنظمة العربية لحقوق الإنسان والكثير من المنظمات.

علي الظفيري: دكتور عبد الحسين شعبان الخبير الحقوقي العراقي من بيروت وكذلك المحلل السياسي الدكتور حيدر سعيد من بغداد وعبد الأمير الركابي الأمين العام للتيار الوطني الديمقراطي العراقي من باريس شكرا لكم جميعا، انتهت حلقة اليوم مشاهدينا الكرام من برنامج من وراء الخبر، بإمكانكم المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات القادمة، أنتظر تعليقاتكم ومقترحاتكم على عنوان برمجنا الإلكتروني indepth@aljazeera.net، غدا إن شاء الله قراءة جديدة فيما وراء خبر جديد، إلى اللقاء.