
تفجيرات عمّان وتداعياتها
– دلالات تفجيرات عمان
– تداعيات التفجيرات على السياسة الأردنية
جمانة نمور: أهلا بكم، نحاول في حلقة اليوم التعرف على ما وراء الانفجارات التي شهدتها العاصمة الأردنية عمّان ونطرح فيها تساؤلين اثنين، ما هي الدلالات التي حملتها الانفجارات التي شهدتها العاصمة الأردنية؟ وكيف ستكون تداعياتها على بلد يفتخر بتجربته الأمنية؟ سابقة فريدة في الأردن، تفجيرات انتحارية متزامنة في ثلاثة فنادق طرحت أسئلة عدة حول توسع نشاط القاعدة بالمنطقة ككل وحول أداء الأجهزة الأمنية الأردنية التي كانت إلى ما قبل التفجيرات تعد الأكثر نجاحا في إفشال عمليات قبل وقوعها.
[تقرير مسجل]
مكي هلال: حين ضربت التفجيرات الثلاثة ليل عمّان الهادئ وفرحة العرس في أحد الفنادق دقت ساعة الأسئلة الحائرة، لماذا الأردن بالذات؟ ولماذا الآن؟ وكيف نجح مدبرو هذه التفجيرات في اختراق أكثر الأجهزة الأمنية نجاحا في المنطقة وفي تعقب القاعدة وفي التعاون في مكافحة الإرهاب؟ لكن هواة النفاذ إلى ما وراء الأسئلة الحائرة بعد انقضاء الصدمة كان لهم سؤال آخر عن مدى نجاح المعالجة الأمنية لقضايا سياسية طرفها الآخر متشددون من القاعدة أو غيرها، استهداف الأردن بعمليات انتحارية هي الأولى من نوعها في قلب عمّان أمر يعتبره بعض المراقبين تنفيذا لتهديدات سابقة من تنظيم القاعدة صدرت عن الزرقاوي وعن الرجل الثاني في التنظيم أيمن الظواهري الذي ذكر الأردن بالاسم مع دول عربية أخرى حينما طالب بتوسيع مدى الصراع مع القوات الأميركية وحلفائها في المنطقة، التحالف مع الولايات المتحدة والعلاقات مع إسرائيل وخصوصا توافد السياح على أحد الفنادق المستهدفة يرى فيه البعض الآخر السبب الرئيس لتوجيه رسائل القدرة على الفعل من خلال الأحزمة الناسفة إلى نظام يشهد له جيرانه بكفاءة أمنية ومخابراتية عالية، تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين بضربه لما أعتبره آخرون أهدافا رخوة ومدنية وتبنيه للعملية وتهديده بالمزيد قد يفقد رصيد التعاطف الذي كسبه جراء عملياته في العراق، لكن القاعدة ربما أرادت بضرب السياحة الأردنية إفقاد النظام هيبته وسحب ورقة الأمن والآمان التي يرفعها دليل نجاح وورقة لجلب المستثمرين والسياح، عمّان صباح اليوم تلملم جراحها وتزيل عاديات الليل، لكن حالة الرعب التي استبدت بعامة الناس ستحتاج متسعا من الوقت للنسيان، أما شروخ البناء فتخبر أن شيء ما قد أنكسر في الطوق الأمني ليخلّف ظلال معتمة من الأسئلة حول شعار الأمن هو الحل.
جمانة نمور: ومعنا في هذه الحلقة من عمّان نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور محمد الحلايقة ومن لندن الدكتور عزام التميمي مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي، بالطبع قبل أن نبدأ النقاش لابد وأن نذكّر بأن الملك عبد الله الثاني قبل قليل كان له كلمة تابعناها عبر شاشات التلفزة، في هذه الكلمة رأي بأن الأردن ليس الوحيد الذي يتعرض لعمليات وتفجيرات من هذا النوع ولكنه رأي بأن الأردن ربما مستهدف أكثر من غيره لأسباب كثيرة، نتوجه إليك دكتور محمد بالسؤال، ما هي هذه الأسباب التي أشار لها الملك عبد الله؟
محمد الحلايقة- نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق: أعتقد أن للأردن مواقف معلنة في الكثير من القضايا الإقليمية وهذا ربما يُحمّل الأردن عبء سياسي كبير، فالأردن منذ البداية كان له موقف فيما يتعلق بالنسبة للقضية الفلسطينية وتأييد السلطة الفلسطينية وتأييد الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بل وسعى في أكثر من مجال ومحفل لمساعدة الأخوة الفلسطينيين لنيل حقوقهم وإلى الشرق من الأردن أيضا هناك أزمة طاحنة في العراق الشقيق وللأردن أيضا مواقف ثابتة ومعلنة باتجاه لملمة الجراح وباتجاه ترسيخ سيادة ووحدة العراق والتعاون من الحكومة العراقية وتأييد إجراء انتخابات وحث الناس على المشاركة في العملية السياسية والأردن بطبيعته يستضيف عدد كبير من الأخوة العراقيين ومن ضمنهم قيادات سياسية عراقية لها مواقف مختلفة من القضية العراقية، وجود الأردن في هذا الموقف الجغرافي الصعب وموقف المعتدل الوسط المتزن يحمله أعباء سياسية مختلفة ومتفاوتة.
جمانة نمور: يعني عند هذه النقطة تحديدا أود التحول إلى الدكتور عزام التميمي بالفعل ربما هي نقطة الاعتدال هي الوحيدة التي حددها الملك عبد الله بالاسم إذ رأى بأن رسالة الدفاع عن جوهر الإسلام وهو الاعتدال والتسامح ومحاربة الإرهابيين الذين يَقتلون باسم الإسلام.. يعني هو رأي في ذلك ربما أحد أهم الأسباب لمهاجمة الأردن، ما رأيك؟
" |
عزام التميمي- مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي: بسم الله الرحمن الرحيم، أولا اسمحي لي أن أعزي أهلنا في الأردن فأكاد أجزم بأنه ما من أحد في الأردن إلا وله مصاب في هذا الحدث الجلل أو يعرف أحدا أصيب به وأنا شخصيا أعرف على الأقل ثلاثة من القتلى من أنسبائنا وبعض الجرحى أيضا، نسأل الله أن يرحم الشهداء وأن يُعفي عن المصابين، يا سيدتي هذا الموضوع لا علاقة له بموقف الأردن من الإسلام أو بفهم الإسلام، هو له علاقة بشيء أكبر من الأردن، لكن الأردن أصبح أو جر إليه، ألا وهو حرب كبيرة على مستوى الساحة العالمية، طرفاها النظام الأميركي الذي يسيطر عليه المحافظون الجدد والقاعدة من جهة أخرى والذي يدفع ثمن هذه الحرب هم الأبرياء من المواطنين سواء في العراق أو في المملكة العربية السعودية أو في المملكة الأردنية الهاشمية أو في المغرب أو في لندن أو في أي مكان تصل إليه نيران هذه المعركة المحتدمة التي سببها في الأساس هذه الحرب التي أعلنها جورج بوش على ما يسمى بالإرهاب، الذين تورطوا في هذه الحرب واعتبروا أنهم يقدمون أو يقومون بالحسنات هم من وجهة نظر الزرقاوي ومن معه يرتكبون السيئات، هذا هو الإشكال، هذه هي المشكلة الحقيقية.
جمانة نمور: لنرى.. يعني إذاً برأيك دكتور محمد هل يدفع الأردن ثمنا لكونه حليفا رئيسيا للولايات المتحدة في المنطقة؟
محمد الحلايقة: لا.. السياسة الأردنية ليس فيها جديد فيما يتعلق بهذا الموقف، منذ نشوء الدولة الأردنية والأردن يتعامل ببرغماتية وواقعية في قضية علاقاته الدولية وعلاقاته العربية والأردن دوما كان له علاقات ومصالح مع الدول الغربية ومع الولايات المتحدة الأميركية، لكن أنا أعتقد أنه.. يعني لماذا شرم الشيخ سابقا؟ ولماذا بالي في إندونيسيا؟ ولماذا.. أعتقد أن هذا الإرهاب أعمى، يريد أن يخلط كل الأوراق بحجة مقاومة الأميركان وإذا كان لهذا الإرهاب مثل هذه القوة أن يصل إلى مثل هذه الاختراقات في الدول العديدة فمعروف ساحة المواجهة ومعروف ساحة المعركة ومعروف وين الاحتلال موجود، لماذا يلجأ إلى مثل هذا الأسلوب..
جمانة نمور [مقاطعةً]: ولكن يعني في هذا الإطار.. يعني
البيان الذي صدر عن تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.. يعني يقول بين هلالين جدار الحماية لليهود الذي بني في شرق الأردن والمعسكر الخلفي لجيوش الصليبيين وحكومة أحفاد ابن العلقمي، إذاً أصبح الآن في مرمى المجاهدين يعني.
محمد الحلايقة [متابعاً]: سمعنا مثل هذا الكلام الديماغوجي سابقا ولكن مَن ينكر الدور الأردني في القضية الفلسطينية ونعرف أن أكثر من شقيق يلجأ ربما للاستثمار.. لمساعدة استثمار العلاقة الأردنية الأميركية والعلاقة الأردنية مع الغرب لحل كثير من المشاكل والأزمات، فهذا كلام الحقيقة فارغ ومرفوض لكن الأردن تمتع لفترة طويلة باستقرار وبأمن ومواقفه معلنة وتحركات جلالة الملك إما دفاع عن القضية الفلسطينية أو العراقية أو حتى القضية الإسلامية ككل في المحافل الدولية، نعلم أن البعض لا يرضيه مثلا أن يقوم الأردن بتدريب الشرطة العراقية للمحافظة على الاستقرار والأمن في العراق وإلى مد الإخوة العراقيين بالخبرة والمساعدة، البعض لا يرضيه هذا، لكن في النهاية هذا إرهاب أعمى ولو أراد هذا الإرهاب فعلا أن يصل إلى أهدافه الحقيقية كما يُعلن فمعروف وين ساحة القتال وساحة المعركة وهي ليس حفل زواج في فندق الراديسون أو في فندق جراند حياة أو في فندق الدايزين.
جمانة نمور: يعني ما رأيك دكتور عزام التميمي.. يعني هل هي فعلا حجة مثلا مثلما ورد في البيان هو يقول هي غزوة كما وصفها لبعض الأوكار التي غرست في عمّان والتي جعلها نظام حديقة خلفية لأعداء الدين وملاذا آمنا لمخابرات الكفار هل في هذا منطق؟
عزام التميمي: طبعا السياسيون سواء كانوا سابقين أو حاليين يريدون أن يهربوا من فهم الظاهرة على حقيقتها، لأن فهم الظاهرة على حقيقتها يحملهم مسؤوليات، هذا الإرهاب هو إرهاب إجرامي ولكنه ليس أعمى، أنا أظن أن من وراءه خطة وخطة مدروسة ويقصد به الضرب من أجل تحقيق أهداف بعيدة المدى، تماما كما تفعل الولايات المتحدة الأميركية، فيه منطق موجود في الولايات المتحدة الأميركية نرى صورته تماما معكوسة في مرآة القاعدة هو منطق..
جمانة نمور [مقاطعةً]: ولكن يعني ما هو هذا الهدف بعيد المدى الذي يمكن أن يحققه ضرب مثلما.. يعني استمعنا الآن للدكتور محمد ضرب محتفلين في عرس؟
عزام التميمي [متابعاً]: صحيح أنا وأنت والدكتور نجمع على أن قتل هؤلاء الأبرياء إجرامي مندد به لا يجوز بحال من الأحوال، لكن نحن نريد أن نفهم كيف يفكر هؤلاء الإرهابيون.. يعني لابد أن نفهم كيف يتمكن الزرقاوي من استقطاب شباب مستعدين أن يقتلوا أنفسهم ويقتلوا الآخرين وإلا فكيف لنا أن نمنع هذه الظاهرة؟ كيف لنا أن نقطع الخط على مزيد من تجنيد الشباب والتغرير بهم ليقوموا بهذا العمل؟ هم يظنون أنهم يقاتلون معسكرا معاديا في الجبهة الأخرى، ليه؟ لأنهم خلاص اعتبروا الولايات المتحدة الأميركية في شنها الحرب على الإرهاب هي الخصم وكل مَن.. مِن وجهة نظرهم.. يمد هذا الخصم بالإسناد والمعاونة فهو خصم أيضا، عندما يخربون السياحة، عندما يضربون الاقتصاد في الأردن، عندما يسببون القلاقل، لا شك أن هذه العملية ستؤثر على الاقتصاد الأردني، ستؤثر على السياحة الأردنية، ضربت مقولة أن الأمن الأردني مضبوط 100%، أنا لا ألوم أجهزة الأمن في الأردن ولا يمكن لأي جهاز أمن في العالم أن يمنع شخص يريد أن يقتل نفسه والأميركان لم يستطيعوا أن يمنعوهم، البريطانيون لم يستطيعوا أن يمنعوهم، إنما المشكلة هي في القرار السياسي، هل لدى السياسيين من الشجاعة أن يقولوا تعالوا نراجع معا السياسة التي انتهجناها؟ ولو نظرنا إلى خارطة العالم لوجدنا أن المناطق التي ضُربت وتُضرب حتى الآن هي المناطق التي دخلت حكوماتها في تحالف مع الولايات المتحدة الأميركية في هذه الحرب بينها.. مع القاعدة، فلماذا تزج الحكومات بنفسها في ذلك؟
جمانة نمور: على كل.. يعني دكتور عزام هذا الاستقطاب والتجنيد الذي أشرت إليه ربما نتساءل هل له علاقة بالدعوة التي وجهها ملك الأردن إلى كل مواطن أردني لكي يكون جندي في.. وعليه مسؤولية في حماية بلده؟ وهل المعالجة الأمنية هي فعلا الحل؟ أسئلة نطرحها بعد الفاصل فكونوا معنا.
[فاصل إعلاني]
تداعيات التفجيرات على السياسة الأردنية
جمانة نمور: أهلا بكم من جديد وحلقة اليوم من برنامج ما وراء الخبر تحاول التعرف على ما وراء الانفجارات التي شهدتها العاصمة الأردنية عمّان ومعنا فيها الدكتور محمد الحلايقة من الأردن والدكتور عزام التميمي من بريطانيا، دكتور محمد يعني كيف تنظر إلى دعوة الملك عبد الله كل مواطن أردني لأن يعتبر نفسه جنديا ورجل أمن؟ هل لذلك علاقة بما صدر عن مصادر في السلطات الأردنية بأن هناك اشتباه بأن عناصر مما وصفتها بالخلايا النائمة قدمت المساعدة لمَن قاموا بالتفجيرات؟
محمد الحلايقة: واضح يعني أن الأردن يكاد يعيش حالة ديمغرافية منفردة، التركيبة الديمغرافية في الأردن، الأردن موئل للعديد لمئات الألوف من الأخوة العرب من جنسيات مختلفة الذين وجدوا في الأردن ملجأ آمنا وواضح أن الإرهاب قد استغل مثل هذه التركيبة واستغل الانفتاح الذي يتمتع به الأردن وعدم التضييق على الحركة وفتح الحدود وإلى آخره، هذا يلقي بمسؤولية ليس فقط على الأجهزة الأمنية وعلى الحكومة وعلى البرلمانيين، هناك أيضا.. ما قصده الملك.. أن هناك أيضا مسؤولية فردية على المواطن وهو بالتالي يضع ربما حجر الأساس لنوع من الثقافة الأمنية التي يجب أن يتمتع بها المواطن في الأردن أو ربما في أي دولة أخرى تعاني من مثل هذا الأمر، الكل الآن أصبح مسؤول في تمرير أي ملاحظة، في أي حركة مشتبه بها، في أي شخص، في أي معلومة، أعتقد أن تكاتف المواطنين أمر مهم وردة الفعل العفوية اللي شوفناها للمواطنين الأردنيين بالأمس.. ليلة أمس واليوم ردة فعل الحقيقة عظيمة، الناس متحدين في موقفهم من رفض مثل هذه الظاهرة الغريبة على المجتمع الأردني، الناس مصدومين لعدد ضحايا.. الشهداء، فذلك الآن فيه نوع من التوحد..
جمانة نمور [مقاطعةً]: المتحدث باسم الحكومة العراقية.. يعني عفوا لو قاطعتك دكتور محمد، السيد ليث كبة يعني أمل في أن يتنبه الشارع الأردني إلى ضرورة وقف تعاطفه.. يعني مع مَن سماهم بأتباع صدام؟
محمد الحلايقة [متابعاً]: ألو.
جمانة نمور: نعم، دكتور محمد هل تسمعني؟
محمد الحلايقة: لو سمحتِ ممكن إعادة السؤال لم أسمعكِ؟
جمانة نمور: هناك زاوية أخرى مثلا أشرت إلى ما ذكره المتحدث باسم الحكومة العراقية السيد ليث كبة هو أمل في أن تدفع التفجيرات التي حدثت في الأردن الدولة الأردنية إلى إعادة النظر في استضافة مَن سماهم بأنصار صدام حسين وكذلك لأن يعيد الشارع الأردني النظر في تعاطفه معهم؟
محمد الحلايقة: يعني بأظن أنه هذا من قبيل.. يعني استغلال ربما هذه المواقف للتعبير عن مواقف سياسية محددة لبعض الأطراف، الأردن مفتوح لقيادات سياسية عراقية مختلفة ولا ننسى أن نفس المعارضة العراقية وجدت في الأردن في السابق ملجأ والأردن بلد مفتوح وهناك حرية في الحركة، حرية في التعبير بالرأي ولا نريد أن ندخل في تشابكات القضية العراقية الداخلية، لكن الأردن إن شاء الله سيبقى مثل هذا الانفتاح موجود، لكن أعتقد أن..
جمانة نمور [مقاطعةً]: لنرى إذا كان الدكتور عزام.. يعني على استعداد للدخول في مثل هذه التشابكات وفي موضوع التعاطف يعني، هناك كثر يرون بأن هناك فعلا تعاطف لدى فئات معينة مع هذه الجماعات، برأيك تنفيذ عملية من هذا النوع في الأردن كيف سينعكس على هذا التعاطف إذا ما وجد فعلا؟
عزام التميمي: التجربة أثبتت أن مثل هذه العمليات التي كانت تضرب الأبرياء في المدن العربية المختلفة.. المغرب، الرياض، غيرها والآن في عمّان.. لا تلقى تعاطفا من الناس، الناس يتعاطفون مع مَن يواجه الغزو الأجنبي، مع مَن يقاتل المحتل الأجنبي، أما عندما تسدد الرماح إلى أبناء الملة الواحدة، أبناء الوطن الواحد.. فالناس بطبيعتها لا يمكن أن تتعاطف مع ذلك، لأن كل واحد منا لسان حاله يقول كان بالإمكان أن أكون أنا هناك أو زوجتي أو أولادي أو جيراني أو أحبائي، لكن أنا أود أن أقول أيضا بأن المسؤولية في مثل الحالات من مستويات ثلاث، هناك مستوى المسؤولية الفردية، كل واحد منا في المجتمع مسؤول عن أمن هذا المجتمع، فإذا عرفنا أن بابا معين يأتي منه خطر علينا أن نحاول سده، ثم هناك مسؤولية الأجهزة الأمنية لأنها هي مختصة بالأمن ولديها من الوسائل ما يساعدها على ذلك ولكن هناك أيضا مسؤولية السياسيين، لا ينبغي أن يعوّل على الأفراد وعلى أجهزة الأمن بينما السياسيون ينتهجون سياسات تؤدي بالمجتمع والدولة إلى أن يكونوا معرضين للخطر.
جمانة نمور: هل لك أن تكون أكثر تحديدا وبأكثر اختصار ممكن؟
عزام التميمي: يعني الآن مثلا في الولايات المتحدة الأميركية وفي بريطانيا أعداد كبيرة من الناس يقولون لقد ورطنا توني بلير وجورج بوش في هذه الحرب على الإرهاب وفي الحرب على العراق لأن النتائج الوخيمة تعود علينا، آن الأوان أن السياسيين العرب في المملكة العربية السعودية، في قطر، في الأردن، في المغرب، في كل الأماكن التي زجت بنفسها وورطت نفسها في الحرب الأميركية على الإرهاب أن تراجع سياستها.
جمانة نمور: ما رأيك دكتور محمد؟
" |
محمد الحلايقة: الاحتلال الأميركي للعراق مُدان من الشعب الأردني ولم يُبرر لا الشعب الأردني ولا الحكومة الأردنية ولا النظام الأردني مثل هذا الاحتلال، لكن قلنا في السياسية هناك تعاطي عملي مع الأمور، هناك تعاطي واقع مع الأمور ضمن الظروف والإمكانيات المتاحة، كونك تقوم بحركة معينة في اتجاه معين هو تعاطي سياسي، لكن الشعب الأردني له مواقف واضحة من الاحتلال الأميركي في العراق وكذلك الحكومة الأردنية، الآن المشكلة وقعت، ما هو التعاطي العربي مع هذه المشكلة؟ نحن عدينا كل الجهود لوقف سفك الدماء بالعراق، لإقامة حكومة عراقية قوية وأيضا نحتاج ربما إلى جهد جماعي عربي في هذا الإطار، لا نستطيع دولة بمفردها أن يكون لها موقف بشأن الموضوع الأميركي في العراق، نحن أيضا نقول أيضا أن بلير وبوش أيضا ورطوا المنطقة في مثل هذه الحرب وقربوا الإرهاب من الأبواب، هذا كلام مفروغ منه ولكن أيضا هناك ظروف وإمكانات ومحددات تجعلنا نتعاطى بالأسلوب السياسي مع هذه القضية.
جمانة نمور: موضوع المعالجة الأمنية يعني دكتور عزام التميمي هل هذا الأسلوب برأيك أثبت نجاحه ويعني حدوث عمليات من هذا النوع قد تكون هي الاستثناء؟
عزام التميمي: لا المعالجة الأمنية وحدها لا تكفي طبعا، الأمن لابد أن يقوم بواجبه، يحقق مَن الذي فعل ذلك؟ مَن ورائهم إلى آخره؟ يحاول أن يحمي البلد، لكن الأشكال.. طبعا الدكتور محمد الحلايقة مع كل احترامي يتكلم الأمور السياسية، هناك تعاون أمني في الحرب على الإرهاب.. يعني كثير من الحكومات العربية تساعد الولايات المتحدة الأميركية في قضايا أمنية تمس المواطنين وتمس الوضع الأميركي في العراق، يعني الموضوع لا يتعلق فقط بأنه والله طيب الأميركان أنشؤوا حكومة في العراق ونريد أن نساعد الوضع على الاستتباب لو اقتصر الأمر على ذلك لما كان هناك مشكلة..
جمانة نمور [مقاطعةً]: يعني إلا ما ترمز..
عزام التميمي [متابعاً]: لكن المشكلة في إنه..
جمانة نمور: عمليا يعني للنظر فيه أو تركه؟
عزام التميمي: كثير من الناس الموجودين الآن في غونتانامو، كثير من الناس الذين هم ضحية الحرب الأميركية على الإرهاب الذين يعانون في المعتقلات، التبادل الأمني، تبادل المعلومات، حراسة الحدود، الأنظمة العربية الآن تحرس الحدود لصالح الولايات الأميركية، لماذا نقحم جيوشنا وقواتنا وبوليسنا في قضية الأميركان الآن يكتشفون الآن أنها قضية خسرانه وستعود عليهم بالفشل الذريع؟
جمانة نمور: يعني دكتور محمد الواشنطن بوست في مقال أمامي الآن هو نُشر في يونيو الماضي أشارت الصحيفة إلى الأردن كان واحة أمن في محيط متوتر وأن كثير من الأردنيين قلقون برأيها أثر التغيرات الأمنية التي شملت إبعاد رئيس المخابرات العامة السابق سعيد خير.. يعني هذا ما حصل قبل نحو سبعة أشهر ذلك خشيتهم من أن جهود الإصلاح ربما ستجلب معها عدم الإصرار، برأيك فعلا الآن في العالم العربي هناك واحد من أثنين إما البقاء على المعالجة الأمنية وإمساك بزمام الأمور أمنيا وأما الإصلاح وإذا ذهبنا وراء الإصلاح نخسر الأمن؟
محمد الحلايقة: اسمحي لي فقط بس أعلق بسرعة على مقالة الأخ الدكتور عزام التميمي.. يعني الموضوع التعاون الأمني وتبادل المعلومات الأردن جزء من مجتمع دولي وهناك اتفاق دولي حتى في إطار الأمم المتحدة في موضوع معالجة الإرهاب والتعاطي مع قضية الإرهاب، هذه ليست قضية أردنية ثنائية هذه قضية دولية، الكل يتعاون الآن في تقديم المعلومات لمكافحة الإرهاب لأنه برأينا أن هذا الإرهاب لن يوصل أي قضية عربية أو إسلامية إلا ما نطمح إليه، موضوع الإصلاح أيضا الأردن في ذات الوقت يعني كان مثل في دول المنطقة.. بين دول المنطقة في الإصلاح اللي قطعه وفي التوازن بين البيئة الاستثمارية والبيئة الأمنية وأيضا في التوازن والتسامح والاعتدال، استضفنا عديد من مؤتمرات الحوارات بيت الأديان، الحوارات بين الحضارات، هناك جهد عالمي مقدر لجلالة الملك في التقريب بين وجهات النظر، لذلك قطعنا شوط كبير في الإصلاح، نعم يجب أن تسير الدول العربية في طريق الإصلاح، في طريق نشر الديموقراطية، في إرساء قواعد حقوق الإنسان وفي التخفيف على القيود على المواطنين وهناك بالتمام في معادلة للتوازن بين هذه العناصر كلها.. يعني وضع أمني مضبوط وأيضا في نفس الوقت المواطن ينعم بالحرية والديموقراطية والكبت والقهر لن يولد إلا مزيد من الإحباط واليأس والإرهاب يجد جذوره في الفقر وعلى البطالة واليأس والإحباط وخاصة بين الشباب العربي.
جمانة نمور: شكرا لك الدكتور محمد الحلايقة نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق وشكرا للدكتور عزام التميمي مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي، بهذا تكون انتهت حلقة اليوم من برنامج ما وراء الخبر، بإمكانكم المساهمة في اختيار مواضيع الحلقات المقبلة، ننتظر تعليقاتكم ومقترحاتكم على عنوان برنامجنا الإليكتروني indepth@aljazeera.net، غدا إن شاء الله قراءة جديدة في ما وراء خبر جديد.. إلى اللقاء.