الواقع العربي

مقتدى الصدر وطهران.. دلالات المد والجزر

سلط برنامج “الواقع العربي” الضوء على العلاقات المتقلبة بين طهران والزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، التي تأخذ ملامحها على صعيد المرجعية الشيعية العراقية وكذلك السياسية ذات التوجه العروبي.
قال السياسي العراقي علي الدباغ إن علاقة الزعيم الديني مقتدى الصدر وتياره مع إيران كشفت عما كان مخفيا في الماضي، وهو عدم إيمان التيار بولاية الفقيه، مما يعني أن أي موقف إيراني له دلالة سياسية يمكن رفضه أو قبوله، على عكس فيلق بدر وعصائب أهل الحق اللذين يعدان ما يأتي من إيران أمرا ولائيا واجب الطاعة والتنفيذ.

جاء ذلك في حلقة (27/6/2016) من "الواقع العربي" التي سلطت الضوء على العلاقات المتقلبة بين إيران ومقتدى الصدر.

الدباغ لفت إلى أن ما أثار قلق مقتدى الصدر هو دعم إيران لعصائب الحق بديلا عن تياره، فقد استفادت طهران من العصائب التي كانت قوة ضاربة في معارك حلب والقلمون في سوريا.

مع هذا لا يستطيع مقتدى الصدر الذهاب -وفقا للدباغ- إلى أبعد من حراكه الجماهيري الأخير، وذلك بسبب الارتباط العضوي لقيادات التيار من الصف الثاني وما بعده بإيران التي أسهمت أساسا بتقوية التيار.

من ناحيته قال الكاتب والمحاضر بالشأن العراقي نبيل الحيدري إن مقتدى ورث تيار أبيه محمد صادق الصدر الذي قاد الاتجاه العروبي داخل العراق الذي يحمل في طياته "مرجعية رشيدة صالحة" وأطلق ما سماه "المرجعية الناطقة" مقابل "المرجعية الفارسية الصامتة".

وأشار الحيدري إلى أن إيران ناصبت محمد الصدر العداء بسبب استقلاليته وعروبيته، وهو الأمر الذي انسحب على ابنه مقتدى الصدر الذي تحالف مع السنة في مقاومة الاحتلال الأميركي، عكس ما كانت تفعله التيارات الشيعية الموالية لإيران، لافتا إلى أن أبرز شعار تردد في مظاهرات الصدريين لدى اقتحام المنطقة الخضراء "إيران برّا برّا".

ثلاثة إشكالات في العلاقة بين إيران والصدر يلخصها الحيدري أولا بالمرجعية، إذ لم يصل الصدر إلى مرتبة الاجتهاد، لافتا إلى أنه تلقى تعليمه الديني في إيران لدى كاظم الحائري، وهذا الأخير لديه ولاء لولاية الفقيه.

أما الإشكال الثاني فهو اقتصادي، إذ إن الصدر الذي رعى جيش المهدي والمحرومين من الشيعة المسحوقين اقتصاديا "سحبت منه العتبات المقدسة"، وهنا كانت تتدخل إيران بتقديم العون لكسبه.

الإشكال الثالث والأهم سياسي، حيث اتهم الصدر بقتل رجل الدين مجيد الخوئي وكان مطلوبا للقوات الأميركية، فلجأ إلى إيران التي حاولت استغلاله، وفق قوله.

لخص الحيدري فكرته بأن العلاقة بين طهران والصدر مد وجزر، وأن التيار الصدري شيعي عروبي مقاوم وأقرب إلى السنة من إيران، وأن مرجعية خامنئي "الذي أهينت صوره وصور الخميني" ليس لها وجود في العراق ولا يقلده أحد.

الدباغ من ناحيته قال إن إيران لا يزعجها في العراق أن تكون المرجعية عروبية أو إيرانية، بل هل تتبع ولاية الفقيه أم لا، وهو الأمر الذي ميز النجف تاريخيا بأنه لا يتبع الولاية.

وعما تركه الحراك الشعبي الصدري الواسع من أثر في المشهد قال الحيدري إن دخول المنطقة الخضراء المحصنة وبكل هذه الجماهير دون التعرض للسفارات كان يهدف إلى إرسال رسالة بأن التيار هو الأقوى.

أما الدباغ فرأى أن تمزيق الصور وهتافات بعض الصدريين تعد حالة منفصلة، بينما ستسعى إيران للسيطرة على التيار وردع أي عناصر تفكر مستقبلا بمواجهتها شعبيا وعلنيا، سواء بشكل ودي أو غير ودي.