جبهة تلعفر.. ومخاوف متصاعدة للتركمان
بين تلعفر (غرب الموصل) والتركمان علاقة وثيقة قد لا يكون منطق المدينة وسكانها كافيا لتفسيرها. كلاهما رمز للآخر وعنوان رئيسي له.
جغرافيًا تقع المدينة على الطريق بين الموصل والرقة الخاضعتين حاليا لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، أما بالنسبة لإيران وحلفائها في الحكومة العراقية والمليشيات الشيعية، فتقع على القوس الرابط بين طهران وبيروت، مرورا بحواضر كبرى مهمة في العراق وسوريا، وعلى تخوم حدودهما مع تركيا.
يقول النائب في البرلمان العراقي عن الجبهة التركمانية العراقية حسن توران لبرنامج "الواقع العربي" حلقة (2016/10/30) "نخشى أن يأتي يوم يقال فيه كان في العراق تركمان".
مسح من الخريطة
وأوضح أن التركمان تأملوا خيرا بعد 2003 لتجاوز سياسة التعريب الممنهجة التي استهدفت "مسحنا من الخريطة العراقية"، لكن الذي حصل هو المحاصصة بين السنة والشيعة والكرد كأنه لا وجود لهذا المكون.
وساق توران دليلا على إقصاء التركمان بالقول إنه لم تترك وسيلة قانونية إلا ولجؤوا إليها لاستعادة الأراضي "التي استولى عليها" نظام صدام حسين، وآخر المحاولات مسودة قانون بخصوص هذه الأراضي قدمت للبرلمان لكنها أخرجت من التصويت.
ومضى يقول إن التركمان تعرضوا لكل هذا رغم عراقة وجودهم في العراق منذ عهد الأمويين لا كما يشيع البعض منذ الدولة العثمانية، لافتا لمساهمتهم في ترسيخ حكم العباسيين ومعرجا على معالم تركمانية ما زالت ماثلة كالمدرسة المستنصرية في بغداد والمنارة الحدباء في نينوى والمنارة المظفرية في أربيل وغير ذلك.
مشهد غير مسبوق
وينتهي إلى القول إن المشهد الدامي الذي وقع بين التركمان غير مسبوق منذ تأسيس العراق، لافتا إلى أن تلعفر كانت نموذجا لخريطة اجتماعية فريدة في العراق، إذ إن الأشقاء من عائلة واحدة كانوا سنة وشيعة.
من إسطنبول تحدث الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي صبحي ناظم توفيق عن خلفية المشهد الراهن بالقول إن التركمان في تلعفر يشكلون 80% من السكان، يمثل السنة منهم 60% والشيعة 40%.
وأضاف أنه حتى 2003 كان التعايش هو السمة السائدة في تلعفر كما في عموم العراق إلى أن امتدت أيدي المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحدثت المجازر المروعة بين التركمان السنة والشيعة، وكان صراعا قاسيا تبعه هدوء نسبي حتى 2014.
التاريخ الذي وصل إليه توفيق هو الذي سيرسم معالمه تنظيم الدولة الذي سيطر على تلعفر، مبينا أن التركمان السنة اتهموا بالتحالف مع التنظيم بينما هجر (أو هاجر) التركمان الشيعة ليشكلوا لواء الحشد التلعفري الذي يتقدم الآن إلى المدينة، مبديا الخوف من حدوث مجازر كبيرة خلال الأيام القليلة المقبلة.
حساب المستقبل هو ما تخوف منه أيضا حسن توران بإبداء خوفه من التغيير الديمغرافي بعد مرحلة تنظيم الدولة وعدم عودة التركمان إلى مناطقهم الأصلية.