الواقع العربي

اتحاد الشغل التونسي.. ريادة تقبل التعدد

ناقشت حلقة “الواقع العربي” المشهد النقابي في تونس الذي يعرف الآن تعددية غير مسبوقة بعد أن بقي الاتحاد العام التونسي للشغل الإطار الوحيد للعمل الوطني والنقابي منذ 1946.

رغم أن تونس عرفت العمل النقابي منذ العام 1925، أخذ الاتحاد العام التونسي للشغل الحصة الكبرى في مسيرته النضالية العمالية والوطنية منذ تأسس في العام 1946.

يذكر الاتحاد بوصفه الجهة الجامعة للعمال والموظفين التونسيين وكذلك بوصفه مكملا لمشوار الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي، بل إن رمزه ورمز تونس الوطني فرحات حشاد دفع حياته ثمنا للاستقلال.

كجزء من الهوية الوطنية لم تخل مسيرة الاتحاد العام التونسي للشغل من تجاذبات ومطامع سياسية ومحاولات للهيمنة عليه من الدولة، لكنه بقي مع ذلك محتفظا ببريقه وصدقيته بفضل قواعده التي دفعت الاتحاد ليتحمل دورا في الثورة، وليكون بعد الثورة راعيا للحوار الوطني عام 2013 الذي حمى تونس من منزلق خطير.

استثمرت حلقة 20/7/2015 اللحظة الراهنة في تونس التي تعرف تعددية غير مسبوقة في الهيئات النقابية لتحاول قراءة هذه التحولات ومستقبلها، بعد أن كان تاريخ تونس المعاصر لا يعرف سوى اسم وحيد هو اتحاد الشغل.

ما الذي يمثله الاتحاد ولماذا اكتسب هذه الخصوصية في الخريطة الوطنية التونسية؟ الأكاديمي والنقابي عبد السلام الككلي يشرح أن الاتحاد العام للشغل كان نقابة عمال وموظفين، موفرا موقعا للأحزاب السياسية من القوميين والتروتسكيين والماركسيين الذين قاوموا النزعة الليبرالية المجحفة التي استبدت في عهد زين العابدين بن علي وأدت لتفقير قطاع واسع من الشعب ووضعت البلاد على الحافة التي فجرت الثورة.

اليوم تبدو الخريطة معقدة في عين الككلي، حيث إن الاتحاد غير قادر على كبح جماح الحماس النقابي، فهناك إضرابات عشوائية كان الاتحاد يسيطر عليها في السابق، كما أن هناك نقابات جديدة تولد موازية للاتحاد لها نفس حق الاتحاد في الاقتطاع من أجور المنخرطين فيها ونفس الحق في التفاوض.

من ناحيته يقول أستاذ التاريخ المعاصر في الجامعة التونسية محمد ضيف الله إن الاتحاد العام التونسي للشغل لم يشهد بعد الثورة محاسبات داخلية، مع وجود لغط حول ملفات فساد قبل الثورة. وعن التعددية النقابية قال إنها ستفرض على الاتحاد العام للشغل أن يعيد رسم مستقبله.

ومضى يقول إن الاتحاد كان في السابق ملجأ للأحزاب الممنوعة، أما عقب الثورة فإن الحرية السياسية التي أصبحت عليها البلاد ستدفع بالمكونات السياسية في الاتحاد للعودة إلى أحزابها الأمر الذي سيجعل الاتحاد يبتعد عن التوجه السياسي المفرط.

ورأى ضيف الله أخيرا أن المنظمات النقابية الجديدة ستفرض نفسها وأن الاتحاد العام ينبغي عليه مسايرة الوضع الجديد.