الواقع العربي

واقع حقوق الإنسان عربيا بعد ثورات الربيع

سلطت حلقة (الواقع العربي) الضوء على وضع حقوق الإنسان في العالم العربي، في ضوء ما تشهده المنطقة من صراعات ونزاعات وتوترات داخلية.

بعد ميلاد ما باتت تعرف بثورات الربيع العربي، علقت الشعوب العربية آمالا عريضة على تحسن أوضاع حقوق الإنسان في بلدانها، مع اتساع مساحة حرية التعبير.

لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، فقد حدث للثورات ما حدث، وتحولت الأحلام إلى كوابيس حينما تحولت أمنيات الإنسان العربي في مداها الأقصى إلى مجرد البقاء على قيد الحياة، بغض النظر عن ظروف هذه الحياة.

وبينما يرى فريق من الناس أن الحديث عن حقوق الإنسان في العالم العربي ما هو إلا ترف في ظل تحديات أمنية واقتصادية، يرى مختصون وخبراء أن الحفاظ على حقوق الإنسان يصبح أكثر إلحاحا في وقت الأزمات.

حلقة الاثنين (16/3/2015) من برنامج "الواقع العربي" سلطت الضوء على وضع حقوق الإنسان في العالم العربي، في ضوء ما تشهده المنطقة من صراعات ونزاعات وتوترات داخلية.

واقع مرير
فبينما لا تزال الحروب تدور رحاها في كل من العراق وسوريا، وتشهد كل من اليمن وليبيا والسودان نزاعا مستمرا، فضلا عن بطش أنظمة امتلأت سجونها بمعارضين صدحوا برأيهم، وعذاب آخرين بالقمع والترهيب من قبل الأجهزة الأمنية.

وبحسب منظمة العفو الدولية في تقريرها الأخير، فإن عام 2014 كان كارثيا بالنسبة لحقوق الإنسان خصوصا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وذكر التقرير أن دولا عربية لا تزال تقمع معارضيها وتصادر حقهم في حرية الرأي والتعبير، لافتا إلى ضعف أنظمة العدالة والقضاء وتفشي الاعتقال التعسفي وإفلات الجناة من العقاب.

وأوردت المنظمة ازدياد حالات التعذيب وتفشيها، لا سيما بين المعتقلين في المنطقة العربية التي تعاني من التوتر والنزاع، وأشار إلى تزايد عمليات التمييز للأقليات العرقية والدينية نتيجة الصراع أو الاستقطاب المذهبي.

حول هذا الموضوع، يقول عبد السلام سيد أحمد، ممثل المفوض السامي لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط، إن هنالك انتهاكات تحدث في جميع أنحاء العالم بما في ذلك المنطقة العربية، ويجب أن لا نقارن بين الدول أيها أفضل في عدد هذه الانتهاكات.

تحديات
وأضاف أن الوضع في المنطقة العربية فيه الكثير من التحديات في ما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان، بسبب الصراع الدائر والنزاعات المسلحة في أكثر من مكان، فضلا عن كوكبة أخرى من الانتهاكات تحدث في المنطقة.

وأوضح المسؤول الأممي أن أوضاع السجون على سبيل المثال تدخل في نطاق المعاملة القاسية وغير الإنسانية، وهنالك العديد من القضايا في ما يتعلق بموضوع مكافحة التمييز.

وردا على سؤال عما إذا كانت هناك بعض النواحي الإيجابية في ملف حقوق الإنسان بالعالم العربي، قال إن هناك بعض الإيجابيات في تونس، من حيث إجراء انتخابات ديمقراطية وقدر لا بأس به من المشاركة السياسية، وأوضح أن هناك نشاطا جيدا لمنظمات المجتمع المدني في غالبية الدول العربية، وهناك اهتماما بالمراجعة الدورية الشاملة التي تقدمها الدول العربية كل أربع سنوات.

لا اكتراث
من جهته، قال الخبير في حقوق الإنسان فادي القاضي إنه لم يعد أحد من السلطات وأنظمة الحكم في العالم العربي يكترث بما يعنيه فرض وممارسة التشريعات على نحو يحمي حقوق وكرامة البشر.

وأضاف أنه في إطار الربيع العربي والحلم بالمضي نحو الحرية، كان هناك طموح مشروع أن يتغير الحال إلى واقع ممارس وتشريعي أفضل، ولكن المرحلة التي نشهدها الآن في العالم العربي هي مرحلة "صفرية" لم يعد فيها صناع القرارات يخشون من أي ضغوط داخلية أو خارجية في ما يتعلق باحترام حقوق الإنسان.

وأكد القاضي أن العالم العربي فقد البوصلة التي أشعلتها شرارة الربيع العربي: الحرية واحترام حقوق الإنسان، والآن هناك خصومة حقيقية مع سياسات صناع القرار.

واعتبر أن الإشكال الحقيقي هو أن ما تستطيعه الآليات والمنظمات الدولية والأممية المهنية في حقوق الإنسان محدود بسقف وأطر صعبة ومعرقلة، تمنع في بعض الأحيان الوصول إلى الأرقام الدقيقة.