الواقع العربي

أسباب تراجع مستوى الإنتاج الفكري العربي

تساءلت حلقة 14/1/2015 من البرنامج عن أسباب تراجع مستوى الإنتاج الفكري العربي بمختلف أشكاله الإبداعية والفنية والعلمية، وهو التراجع الذي عزاه البعض للتدهور الشديد بالبحث العلمي وعوامل أخرى.
 

تراجع الإنتاج الفكري العربي ليس مجرد رأي يتردد في المنتديات الفكرية والثقافية من المحيط إلى الخليج، بل هو واقع تعززه إحصاءات تقول إن الدول العربية مجتمعة تنتج سنويا كتابا واحدا لكل 13 ألف مواطن عربي، ما يكشف عن فقر مدقع بالإنتاج المعرفي العربي، وذلك إذا ما قورن مثلا بألمانيا التي تنتج سنويا كتابا لكل ستمائة مواطن، أو إسرائيل التي تساهم بـ1% في الإنتاج العالمي من المعارف الإنسانية.

وقد شدد رئيس تحرير صحيفة الآداب اللبنانية، الدكتور سماح إدريس على ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى حدوث تراجع فكري وثقافي بالوطن العربي، وقال إن الأنظمة الرابضة على مليارات الدولارات تكرسها لخدمة أنظمتها الديكتاتورية وليس لخدمة الإنتاج الثقافي، واستثنى من ذلك بعضها مثل نظام الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.

وشكك إدريس في الأرقام التي تقول إن المواطن العربي لا يقرأ سوى ست دقائق في السنة بالمقارنة مع نظيره في الدول الغربية، وتساءل عن نوعية الكتب التي يقرأها الإنسان في الغرب، كما اعترض على ما ورد في تقرير "الواقع العربي" من أن العرب لم يعرفوا روائيا كبيرا منذ نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للرواية، وتساءل: لماذا ننتظر المؤسسات الغربية لتحدد لنا من هو الكبير ومن هو الصغير؟  

والسبب الآخر الذي أدى لتراجع مستوى الإنتاج الفكري العربي يتمثل -وفق رئيس تحرير صحيفة الآداب اللبنانية- في الرقابات المتعددة التي تفرض على الإنسان العربي، وكذلك مستوى التعليم في المدارس والذي يعتمد على التلقين والحفظ بدل الإنتاج.

وربط إدريس خلال تدخله في حلقة 14/1/2015 من برنامج "الواقع العربي" موضوع الإنتاج الفكري بمسألة الحرية وبدعم الدولة للنشاطات العلمية والأكاديمية، إضافة إلى ما اعتبره إستراتيجية التنسيق بين الدولة والفعاليات الاقتصادية والعلمية والثقافية.

دور الجامعات


من جهته، الروائي والناشر، إلياس فركوح، أكد أن هناك سببين رئيسيين لتراجع الإنتاج الفكري العربي، وهما: السلطة العربية التي قال إنها احتلت الفضاء العام، ثقافيا واجتماعيا، وضربت بكل القوى الثقافية، ونتج عن ذلك أن الجامعات العربية تقلصت ودورها بدأ يتحلل من الداخل، وهذا أثر على مستوى من يتخرجون من هذه الجامعات.

والسبب الثاني -يواصل فركوح- يتمثل في النزعة الاستهلاكية عند المواطن العربي بسبب الثروة البترولية، حيث أدى ذلك لزرع قيم معينة في المجتمع، فصار من يملك المال والنفوذ هو من يقرر، وليس من يملك المعرفة والعلم.

ووفق الروائي والناشر الذي كان يتحدث من العاصمة الأردنية عمان، فإن طريقة تقديم المعارف للطالب العربي والتي وصفها بالجافة والمنفرة ساهمت بدورها في تراجع الإنتاج الفكري والمعرفي، وقال إن هناك حالة من العداء بين القارئ العربي والكتاب.

وخلاصة: تساءل فركوح عن ما إذا كانت الدول العربية لديها مشاريع إستراتيجية للنهوض بالمجتمع، في ظل التدني التدريجي للتعليم سنة بعد سنة، وارتهان الدولة إلى إرادات الدول الكبرى في العالم، وأشار إلى أن التقدم العلمي لا يمكن تحقيقه إلا عبر دعم الدولة والشركات للأنشطة العلمية.