الواقع العربي

استفتاء أسكتلندا ومواقف العرب في القضايا المشابهة

سلطت حلقة الجمعة (19/9/2014) من برنامج “الواقع العربي” الضوء على مقاربة الدول العربية لموضوع الهويات القومية والجهوية داخلها، في ضوء نتيجة استفتاء أسكتلندا.
بفارق أكثر من 1.3 مليون صوت، فاز أنصار البقاء ضمن بريطانيا العظمى على دعاة الانفصال عنها من الأسكتلنديين، لتمثل النتيجة نهاية لعقود طويلة من التململ لدى جزءٍ مقدر من الأسكتلنديين استشعروا الغبن من وجود بلادهم تحت التاج البريطاني، إلى أن قال صندوق الاقتراع كلمته أخيرا.

بيد أن نموذج أسكتلندا وغيره من المناطق التي تواجه وضعا مماثلا في أوروبا، يلفت النظر بشدة إلى طريقة مقاربة هذه الدول لتطلعات مكوناتها القومية والجهوية، ومقارنة ذلك بما يجري في عالمنا العربي في الحالات المشابهة.

حلقة الجمعة (19/9/2014) من برنامج "الواقع العربي" سلطت الضوء على مقاربة الدول العربية لموضوع الهويات القومية والجهوية داخلها، في ضوء نتيجة استفتاء أسكتلندا.

الأمين العام لمنتدى الفكر العربي الصادق الفقيه أكد وجود الكثير من الدروس المستفادة من استفتاء أسكتلندا، أولها "الإطار السياسي الذي منحهم حق تقرير مصيرهم، وإعلان لندن الاستجابة لطلبات الأسكتلنديين".

أما الحالة العربية، فقال الفقيه إن الدول العربية لا تعترف بكافة مكونات الدولة ومظالم الأقليات والهويات المختلفة مما يدفعهم إلى حمل السلاح بدلا من الوصول إلى تسوية سياسية للخلافات.

وأضاف أن "قضية الدولة الوطنية في العالم العربي تكونت اعتباطا، والأغلبيات أرادت أن تخلق مجتمعا متشابها قسرا، وأصبحت فكرة تخوين المطالبين بحقوقهم شائعة في البلدان العربية".

وبشأن الحل الذي يمكن أن يحقق وحدة تقوم على التراضي في الدول العربية، شدد الفقيه على ضرورة إيجاد عقد اجتماعي تتفق عليه كافة مكونات الدولة، يوضح الحقوق والواجبات لجميع الأطراف داخل الدولة، مشيرا إلى أن استفتاء أسكتلندا جاء تنفيذا لوعد كان يطالب بتنفيذه الأسكتلنديون منذ فترة طويلة.

وأكد الفقيه وجود إشكاليات كثيرة في البلدان العربية حول فهم الدساتير والمواثيق الوطنية، مضيفا "في البلدان العربية تحاول تشكيلات وأيدولوجيات إصباغ سلطاتها على الجميع وتمنع المختلفين عنها من سلطاتهم حتى في المطالبة بحقوقهم".

العراق واليمن
وبشأن البلدان التي تظهر فيها أصوات منادية بالانفصال في العالم العربي بعد حالة انفصال جنوب السودان عن السودان عام 2011، قال الفقيه إنه في حال عدم إصلاح طريقة الحكم المركزي والترتيبات الإدارية الحصيفة في العراق واليمن، قد يتخذ المواطنون في البلدين خيارا صعبا على الدولتين.

وأشار إلى أن المنطق السياسي في الماضي والحاضر لم يكن مريحا للجنوبيين في اليمن منذ اتحادهم مع الشمال في تسعينيات القرن الماضي.

وأوضح أن الحال نفسها بالنسبة لإقليم كردستان العراق الذي يجدد مطالبته بتقرير مصيره بعد تعثر الحكومة المركزية في بغداد.

ودعا الفقيه إلى الاستفادة من تجربة انفصال جنوب السودان وما آلت إليه الأوضاع فيه، وقال إن "جماعات الجنوب كانت تظن أنها تتشابه وبإمكانها التعايش بصورة أفضل من الوضع السابق (الوحدة مع الشمال)".

لكنه لفت إلى عدم وجود ضمانات بأن الخصوصيات التي يتشابه فيها بعض الناس تعطي ضمانة بأن المستقبل أفضل، فالجنوب كان متوحدا ضد السودان في الاستفتاء على الانفصال، لكن التناقضات كانت كبيرة جدا بينهم وذلك ما ظهر لاحقا".

وفي ما يتعلق بالعقيدة التي تبنتها جامعة الدول العربية في دعم الأنظمة السياسية في مواجهة كل خلافاتها مع مكوناتها الداخلية، أكد الفقيه أنها "جامعة عضوية" والدولة في العالم العربي هي النظام السياسي الحاكم وليس الشعب، مشددا على أنها تقف دائما مع الأنظمة ولم تشذ إلا في حالتين: الأولى في ليبيا ضد العقيد الليبي الراحل معمر القذافي إبان ثورة عام 2011، والأخرى تتعلق بحجب مقعد سوريا فيها.