أسباب تنامي لجوء العرب إلى "قوارب الموت"
تشير تقديرات المنظمة الدولية للهجرة إلى وفاة ما يقرب من ثلاثة آلاف مهاجر غرقا في مياه البحر الأبيض المتوسط خلال العام الجاري فقط، وهو ما يعادل أربعة أضعاف عددهم في العام الماضي.
وعلى الرغم من هول الأرقام الكبيرة للضحايا والمخاطر الواضحة المرتبطة بما يعرف بـ"قوارب الموت"، فإن ذلك لا يثني الآلاف من المهاجرين عن ركوب تلك القوارب باتجاه الشواطئ الأوروبية لأسباب متنوعة.
فظاهرة الهجرة عبر البحر من شمال أفريقيا بحثا عن ظروف اقتصادية واجتماعية أفضل على الضفة الأوروبية، ليست بالجديدة، غير أن الجديد هو تنامي أعداد المهاجرين العرب، خاصة اللاجئين السوريين والفلسطينيين الذين يلجؤون إليها بحثا عن الأمن والخلاص من النزاعات المسلحة التي تشهدها بلدانهم.
حول الحالة الفلسطينية والأسباب التي تدفع شباب فلسطين وقطاع غزة بشكل خاص للجوء لقوارب الموت، يقول خليل أبو شمالة مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، إن عددا هائلا من شباب قطاع غزة سلك طريق الهجرة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير.
وأعرب أبو شمالة عن تعجبه من الكيفية التي وصلت بها عصابات الهجرة لغزة بهذه الكثافة، معتبرا أنه أمر بحاجة إلى دراسة معمقة، كما دعا إلى اتباع مبادئ الشفافية والمصارحة بشأن هذه الحوادث.
وأوضح أن النسبة الأكبر من شباب قطاع غزة ليست لديهم تجربة في السفر خارج البلاد، وهم يتوهمون أن خروجهم سيغير حياتهم، خاصة مع معاناة سكان قطاع غزة من الحصار والاحتلال والانقسام.
وأضاف أبو شمالة أن هؤلاء وغيرهم -والذين تتراوح أعمارهم بين عشرين وثلاثين عاما- لم يجدوا فرص عمل، وينتظرهم مستقبل غامض، لذلك يختارون طريق المغامرة.
وكشف عن وجود مخاوف من تجدد العدوان الإسرائيلي في الفترة المقبلة، لذلك فإن الناس تخشى على أبنائها ومستقبل أسرهم ولا يريدون الاستمرار في هذا الوضع.
وحمّل أبو شمالة جهات عدة مسؤولية هؤلاء الشباب، أولها الاحتلال ثم المجتمع الدولي، واعتبر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحمل "مسؤولية مركبة".
وفي سوريا، يتكرر الوضع نفسه، في ظل الحرب الطاحنة هناك منذ ما يزيد على ثلاثة أعوام، التي ارتكب فيها النظام أبشع الجرائم والمجازر بحق شعبه، وسط انقسام عالمي.
وفي مخيمات اللجوء بدول جوار سوريا لم يكن الواقع أفضل حالا، في ظل القيود التي تفرضها هذه الدول على السوريين، فضلا عن أوضاعهم المأساوية.
ولكن ما الذي يشجع في الدول الأوروبية على الهجرة غير الشرعية إليها؟ يجيب على هذا السؤال المحامي المتخصص بشؤون الهجرة واللجوء محمد بسام طبلية، الذي كشف عن أن الدول الأوروبية تعطي اللاجئين حقوقا كثيرة لا يجدونها في بلدانهم، أو البلدان العربية التي يلجؤون إليها.
وأوضح أن معاهدة اللجوء عام 1951 ثم برتوكول عام 1967 فتحا الباب لكل سكان العالم للجوء إلى الدول التي وقعت على الاتفاقية، وبعد أن ضيقت الكثير من البلدان العربية على مواطنيها أصبح الطريق الوحيد هو قارب الموت.