الواقع العربي

تفشي العنصرية في لبنان تجاه اللاجئين السوريين

ازدادت في لبنان مظاهر عنصرية تجاه اللاجئين السوريين الذين يبلغ عددهم مليونا ونصف المليون. ويعيد مراقبون ومنظمات حقوق الإنسان الأمر إلى خطاب سياسي يدفع هذه الظاهرة إلى مستويات عنيفة.

ناقشت حلقة من برنامج "الواقع العربي" يوم 13 سبتمبر/أيلول 2014 ظاهرة العنصرية تجاه اللاجئين السوريين في لبنان، ومخاطر تفشيها في ضوء توقيف الأمن اللبناني لرجل للاشتباه في تهديده ثلاثة أطفال من اللاجئين السوريين بالذبح في تسجيل مصور صادم.

وكانت حادثة مشابهة قد جرت قبل زهاء شهرين وظهرت في فيديو يصور طفلا لبنانيا يضرب -بتشجيع من والده- طفلا سوريا محجوزا في غرفة.

هذه الظاهرة ازدادت وقائعها إثر المواجهات العسكرية في مدينة عرسال الحدودية بين الجيش اللبناني ومسلحين من جبهة النصرة، وإثر اختطاف جنود لبنانيين.

وفي تحليل هذه الظاهرة، يقول مدير مركز أمم للتوثيق والأبحاث، لقمان سليم، إن اللبنانيين -وعلى مدار العقود- حاولوا إلقاء تبعات "حقدهم الطائفي" فيما بينهم على الحلقة الأضعف، وإن ما نشهده من عنصرية هو إعادة إنتاج ممنهجة تخدم مصالح سياسية، حيث يعيش لبنان حالة استعصاء سياسي ولا بد من إيجاد خصم سهل يتهم بكل الكبائر، على حد قوله.

لقمان سليم:
اللبنانيون على مدار العقود حاولوا إلقاء تبعات "حقدهم الطائفي" فيما بينهم على الحلقة الأضعف، وإن ما نشهده من عنصرية هو إعادة إنتاج ممنهجة تخدم مصالح سياسية

التبريرات
ورفض سليم التبريرات التي تتذرع بالعبء الذي يسببه وجود مليون ونصف مليون لاجئ سوري وتجعل منهم سببا فيما يتعرضون له، مضيفا أن من الطبيعي أن تتضاعف الحوادث مثلما يتضاعف استهلاك الخبز ويتضاعف إنتاج القمامة، وهذا يحدث في أي مجتمع، "دون أن ننسى أن ضخ الأفكار العنصرية كان يجري على يد الفرقاء السياسيين مما مهد لتحولها إلى شكلها العنيف".

إعلان
وأشار إلى دعوات ممنهجة سابقة تنادي بإعادة اللاجئين السوريين بدعوى أن هناك مناطق آمنة في سوريا، بينما كانت بعض البلديات تفرض عليهم حظر التجول.
 
وكشف سليم صراحة أن الكثير من حالات التعدي على اللاجئين وقعت في "مناطق شيعية" خاضعة لسيطرة حركة أمل وحزب الله، مما يدل على أن جمهور هذين التنظيمين بدأ يخرج عن طوع القيادة السياسية عقب الانخراط في الأزمة السورية.

بدوره قال أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية، نور الدين العلوي، إن التمنيات أن يكون تهديد أطفال بالذبح حالة فردية رغم أن العقل يكذب هذا التمني، خصوصا أن الأجواء العامة في المنطقة وما فيها من بشاعات تجعل هذه الجرائم كأنها أمر قليل الشأن، بحسب قوله.

 
وقارن بين لجوء الليبيين إلى تونس ولجوء السوريين إلى لبنان، حيث لم ينظر التونسيون إلى مئات الآلاف في بلادهم نظرة مؤدلجة وعنصرية، بل رأوا فيها فائدة وتفتحا على آفاق مستقبلية تقوي العلاقات.

ورد ما يحصل في لبنان إلى أن الطوائف اللبنانية في الأصل غير متفاهمة ومحتربة ومتورطة في الصراع السوري بين "مع" و"ضد".

وأدان العلوي الحديث عن عبء الوجود السوري من اللاجئين، قائلا إنهم لا يتسولون خبزهم اليومي فلديهم مصادر رزق وإن كانت قليلة، بل يضيفون للاقتصاد اللبناني وإن كانت إضافات ضعيفة.

المصدر : الجزيرة