صورة عامة / محمود حسين ج1 / مسارات
مسارات (متوقف)

محمود حسين.. تجربة صفاء في زمن الكدر العربي ج3

تتناول الحلقة في جزئها الثالث مع الكاتبين عادل رفعت وبهجت النادي جهودهما في التعريف بالقضية الفلسطينية وحشد التأييد لمنظمة التحرير الفلسطينية.

– أول كتاب حواري بين مثقف عربي ومثقف إسرائيلي
– مسؤولية الفرد في الإسلام
– ملحمة العهد الذهبي للإسلام


undefinedمالك التريكي: على خلفية التعاطف الكبير الذي كانت تحظى به إسرائيل في فرنسا خلال الستينيات والسبعينيات نشط محمود حسين نشاطاً حثيثاً في التعريف بالقضية الفلسطينية وحشد التأييد لمنظمة فتح وذلك بالتعاون مع الأوساط الثقافية والسياسية التقدمية في باريس وخاصة منظمة اليسار البروليتاري، غير أن محمود حسين قد أبان عن استقلالية في الرأي بمقاومته للتيار الذي كان يدعو داخل اليسار الفرنسي إلى استخدام العنف بمثل ما كانت تفعل بعض منظمات اليسار في ألمانيا وإيطاليا ونظراً إلى أن هذا موقف ثابت لديه فإنه ناهض عمليات القتل واختطاف الطائرات التي كانت تقوم بها بعض الفصائل الفلسطينية وكان من أشهرها عملية ميونخ عام 1972 وبعد حرب عام 1973 التي استعاد بها العرب الثقة في النفس ارتأى محمود حسين أن الظرف التاريخي أصبح يسمح للعرب بخطو خطوة أولى نحو المواجهة التحاورية الصريحة مع أي جانب فكري إسرائيلي مستعد للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، خاصة أنه كان يعتقد آنذاك أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة سيكون أول إنجاز في إطار سعي القوى التقدمية إلى إقامة الديمقراطية في بقية البلاد العربية وعلى هذا الأساس أصدر محمود حسين عام 1974 بالاشتراك مع المؤرخ سول فريدلاندر أول كتاب حواري بين مثقف عربي ومثقف إسرائيلي وقد عُد الكتاب آنذاك حدث تدشينياً هاماً وذاع صيته إلى حد أن محمود حسين قد استضيف مع محاوره الإسرائيلي في برنامج أبوستروف التلفزيوني الذي كان له من الإشعاع ومن الجماهيرية ما بوأه منزلة المؤسسة الثقافية في جميع البلدان الناطقة بالفرنسية وقد ظلت أصداء الكتاب والبرنامج تتردد لمدة طويلة لأن العرب هناك اكتشفوا لأول مرة أهمية أن يكون لهم حضور إعلامي عقلاني يخاطب القوم بما يفهمون..

أول كتاب حِواري بين مثقف عربي ومثقف إسرائيلي

بهجت النادي- كاتب ومؤلف: إحنا لما جئنا كنا طبعاً لما جئنا فرنسا كنا وطنيين قوميين معادين لكل حوار مع أي إسرائيلي.. يعني وإحنا اتصلنا بتنظيمات يسارية فرنسية كانت تنظيمات يسموها.. يعني على اليسار، اليسار المتطرف والتنظيمات دي منها اليسار البروليتاري، اليسار البروليتاري ده أول تنظيم في سنة 1967 عمل مظاهرة مع الفلسطينيين.. مع العرب في فرنسا قبل كده ما حصلش..

مالك التريكي [مقاطعاً]: مؤيدة للعرب..

بهجت النادي [متابعاً]: مؤيدة للعرب وعمل المظاهرة دي كعملية عسكرية، بمعنى إن هم تجمعوا في الشارع، اتفقوا على الحتة اللي هيتجمعوا فيها وتجمعوا فيها لمدة نصف ساعة راحوا جاؤوا قبل البوليس ما يأخذ باله.. قبل العناصر الصهيونية ما تأخذ بالها بشعارات ولافتات مع العرب ومع الفلسطينيين وبعدين اختفوا، بعد كده التنظيم ده إحنا اتصلنا بمنظمة التحرير كنا بنتعاون معها هنا والتنظيم ده من خلالنا التعاون مع منظمة التحرير كان بيحمي كل اجتماعات الفلسطينيين في فرنسا، هو اللي كان بيسمح لهم بإنهم يعملوا اجتماعات في (كلمة غير مفهومة) أنت عارف الصهاينة كان عندهم هنا تنظيمات..

مالك التريكي: نفوذ..

بهجت النادي: ومش بس نفوذ تنظيمات وكان ممكن يكسروا أي حاجة، قبل كده ما كنش مسموح بأن يبقى فيه صوت فلسطيني يتكلم عن..

مالك التريكي: وكيف كان التواجد الفلسطيني في ذلك الوقت.. العدد كبير؟

بهجت النادي: قليل جداً كان فيه ممثل لمنظمة التحرير هنا..

مالك التريكي: مَن كان؟ إبراهيم صوص كان؟

بهجت النادي: لا الأول كان أبو حاتم وبعدين أبو حاتم مشي وبعدين جاء واحد أسمه محمود الهمشري كنا أصدقاء واغتيل..

عادل رفعت- كاتب ومؤلف [مقاطعاً]: وبعدين عز الدين قلق.

بهجت النادي [متابعاً]: وبعدين عز الدين قلق وبعدين إبراهيم صوص، فالمهم ده الحوار.. يعني بأعطي لك الخلفية دي علشان تشوف إن إحنا كنا.. لما حصلت حرب 1973 بدأنا في الحوار مع منظمة التحرير نفوق شوية كمثقفين أن فكرة تحطيم إسرائيل ما بقتش عملية دي أول نقطة، النقطة الثانية إن الحل هو دولتين، دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية يتعمل منهم دولة فدرالية والدولة الفدرالية دي ممكن في المستقبل تتحول لدولة واحدة ديمقراطية اللي هي لا يهودية ولا إسلامية، النقطة الثالثة إن المفروض إن إحنا علشان البرنامج ده يتحقق.. بأقول لك ده كله مع منظمة التحرير.. مع ممثل من منظمة التحرير اسمه عز الدين قلق اللي هو كان الله يرحمه.. اللي هو كان صديق حميم.. يعني لينا وكنا بنتعاون مع بعض في كل الحوارات بتاعته هو مع المثقفين والسياسيين هنا وبيننا معزه، فالنقطة الثالثة إن علشان ده يحصل يبقى لازم نتخلى عن فكرة إن ما يبقاش فيه حوار.. مع مش مع الإسرائيليين إنما مع الجناح الإسرائيلي اللي بيقبل وبيعترف بحقوق الشعب الفلسطيني.. فيه شعب فلسطيني.. بيعترف بحقوق الشعب الفلسطيني، من حقه دولة قومية وبيطالب بالانسحاب من كل الأراضي المحتلة بعد 1967..

عادل رفعت: بما فيها القدس طبعاً.

بهجت النادي: بما فيها القدس، فكان سول فريدلاندر قابل الثلاث شروط دول، كان مهم جداً إنه يتعمل الحوار ده في رأيي لسبب إن إحنا كان أصبح عندنا الإحساس إنه في التلفزيون الفرنساوي وفي الصحافة الفرنسية العرب والفلسطينيين بالذات.. يعني بقى فيه جانب إن هم ضعاف، الإسرائيليين عندهم حجج وأقوياء ولهم مراكز هنا والعرب ما عندهمش وجهة نظر، فكان مهم إنه بالنسبة للفرنسيين وبالنسبة للرأي العام يبان.. يعرفوا إن فيه عرب وإن فيه وجهة نظر، إحنا كنا بننكسف لما ييجوا عرب مثلاً في التلفزيون الفرنساوي يقول لك لا إحنا مش هنتحاور مع الإسرائيليين، ما نقعدش وياهم في غرفة واحدة ونتكلم، إحنا نبقى في غرفة وهم في غرفة، ده نوع من النفاق، يا إما تتحاور يا إما ما تتحاورش، إحنا كنا رافضين الحوار قبل كده.. رافضينه، إنما لما نتحاور يبقى نتحاور من غير مواربة، فعملنا الكتاب مع فريدلاندر وبعدين عملنا الحوار في التلفزيون ساعة وربع مع أبوستروف.

مالك التريكي: كنا سنأتي إلى ذكر الحوار أو ظهوركم.. نأتي إلى قصة ظهوركم على التلفزيون بعد ذلك، لكن أتذكر في حديث سابق بين وبينك أستاذ عادل قلت لي إنه لو نشر كتاب الحوار العربي الإسرائيلي الذي كان نشر عام 1974 الآن عام 2006 لما غيرت فيه كثيراً؟

عادل رفعت: نعم تقريباً يفضل زي ما هو.

مالك التريكي: لماذا؟

عادل رفعت: لأنه للأسف القضية ما إتحلتش ولأن فيه فرص ضاعت ولأنه المفاهيم الرئيسية اللي لخصها لك بهجت ما زالت موجودة.

مالك التريكي: الإشكاليات هي نفسها.

بهجت النادي: إحنا بدأنا.. إذا كنت عايز أكمل إجابة عادل.. الكتاب منقسم لثلاثة أجزاء، الجزء الأول الماضي وده من خلال الحوار.. يعني بنشوف إيه العلاقة بين العرب وبين اليهود.. العرب واليهود وبعدين إسرائيل، فاتضح إن فريدلاندر ما كانش يعرف حاجات كثيرة عن مواقف.. يعني كان متخيل إن العرب كانوا عنصريين ضد اليهود، لما قلنا له إن في مصر مثلاً في سنة 1948 كان فيه الحرب بينا وبين الهجانة وبتاع.. ما فيش مظاهرة واحدة طلعت في مصر ضد اليهود، في سنة 1956 لما حصل العدوان الثلاثي وكان واضح إن إسرائيل هي اللي.. ما حصلتش مظاهرة واحدة ضد اليهود في مصر.. ما حصلش.

مالك التريكي: كانت مفاجأة بالنسبة له؟

"
عندما تحاورنا مع اليهود في فرنسا حول المشروع الإسرائيلي اتضح لنا أن لدى كثير منهم إحساسا بأن عندهم العقول والعرب لديهم الأيدي العاملة وهذه ستكون نقطة التكامل
"
بهجت النادي

بهجت النادي: كانت مفاجأة كبيرة، أنا بأتعلم.. يعني ده الجزء الأول كان المضي كل واحد بيتكلم عن إحساسه ناحية الآخر، الجزء الثاني كان عن الحاضر اللي هو الوضع اللي موجود وده فيه تحليل، الجزء الثالث كان عن المستقبل، فالمستقبل طلعنا إحنا الثلاثة أو الاثنين.. يعني محمود حسين وفريدلاندر إلى حد ما متشائمين، لأنه فيه مشروعين في الشرق الأوسط؛ المشروع الإسرائيلي والمشروع العربي، هو.. يعني المشروع العربي مش مشروع خلينا نقول فيه المشروع الإسرائيلي والواقع العربي، فمن خلال الحوار ده اتضح لنا إنه عند إسرائيليين كثير فيه الإحساس بأن هم عندهم العقول وإن العرب عندهم الأيدي العاملة، المفروض نتكامل مع بعض على الأساس ده وده مشروع غير مقبول من أي حد، فعلشان كده لما بأقول..

مالك التريكي [مقاطعاً]: منطق الاستعلاء هذا، منطق عقدة التفوق.

بهجت النادي [متابعاً]: وده الراجل اللي هو كان جاي بيقول لنا إن المفروض إن إسرائيل تنسحب من الأراضي العربية المحتلة بعد 1967، المفروض أنها تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني وأن يبقى للشعب الفلسطيني دولة وعاصمتها القدس.. يعني كان معترف..

مالك التريكي: متناقض.

بهجت النادي: خد بالك لما تشوف كل ده وبعدين في نفس الوقت فيه الجو بتاع إن إحنا عندنا العقول.. زي الاستعمار، هو الاستعمار ما هو كان عندنا كده، ففيه مشروعين متناقضين، طبعاً إحنا عارفين إن ده وضع مش هيستمر طويلاً.. يعني وكان أملنا ولا زال.. علشان كده بنقول إن الكتاب لازال هو يعني..

مالك التريكي: رهن.

بهجت النادي: رهن بالوضع الحالي لأن هو كله بيناقش الأساس، ما بيناقش تفاصيل.. يعني إحنا لازال أملنا إن يبقى فيه دولتين وإن الدولتين يعملوا حكومة فدرالية وإن ممكن.. خصوصاً أه.. يعني نقطة ثانية من النقط اللي أزعجتنا في الموضوع إن إحنا تناقشنا وبنقول له الفلسطينيين اللي هاجروا المفروض يرجعوا، ما فيش مكان، ما عندناش مكان في البلد، قلنا له طيب يبقى إلغوا قانون العودة بالنسبة لليهود.

مالك التريكي: فهنالك طبعاً رغم استعداده للحوار.

عادل رفعت: للحوار..

مالك التريكي [مقاطعاً]: طبعا هذا الكتاب نال شهرة سريعة لأنه نوعية جديدة غير متوقعة بالنسبة للجمهور.. القارئ الفرنسي، فكان سبباً في استضافتكما في برنامج شهير جداً، برنامج ثقافي.. أشهر برنامج ثقافي في التليفزيون الفرنسي، هو شبه مؤسسة يعني ثقافية هو برنامج أبوستروف.. الفاصلة العليا الذي يقدمه الصحافي الشهر برنار بيفو، كان ذلك عام 1975 وأظن عندما استدعيتما للبرنامج كان البرنامج في حلقته التاسعة.. يعني مازال برنامجاً جديداً، ما هي أجواء البرنامج لأن الموضوع خصص لكتابكما فقط.. يعني كل الحلقة؟

عادل رفعت [متابعاً]: أه لأن هو عموماً بيعزم ست.. سبع.. ثمان كتّاب كل واحد يتكلم شوية عن كتابه لكن دي كان الكتاب ده بس وكان جو مؤثر فعلاً، عملياً ما تكلمش هو عموماً والحضور وتركنا نتكلم، بس اللي أنا عايز أقوله بعد البرنامج ما كناش واخدين بالنا من الصدى، اتضح إنه كل المدن الجامعية.. عندك الطلبة العرب من ناحية والطلبة اليهود من ناحية..

مالك التريكي: لأن القضية الفلسطينية هي قضية كل العالم الثالث.

بهجت النادي [مقاطعاً]: طبعا كل العالم الثالث..

عادل رفعت [متابعاً]: وبعدين كان جو طبعاً..

مالك التريكي: متوتر.

عادل رفعت: متوتر بس بشكل حضاري.. يعني ما فيش.. المهم خرجنا وكان حوالين مبنى التليفزيون بوليس وبتاع المهم خرجنا وتمشينا زي ما بنتمشى عموماً ورحنا في حي شعبي.. تيغال.. ومرة واحدة كانت الدنيا ليل.. يعني الساعة ما أعرفش 11 بالليل لقينا نفسنا مش عارفين نتقدم كأن فيه حاجه منعانا، بصيت في شبه ظلام ست.. سبع شبان كده شكلهم عرب.. أنت عارف في ثانية ما تعرفش إيه اللي بيحصل.. قالوا لنا أنتم اللي كنتم في التليفزيون، ما تقدروش تتصوروا فرحتنا وفخرنا بأن إحنا عرب لأن أنتم.. يعني إيه رأيك لمدة ستة أشهر كل يوم ناس توقفنا في الشارع، في القهاوي علشان تكلمنا عن البرنامج ده.

بهجت النادي: هو كان.. يعني إتعاش كمباراة كرة، اللي أقدر أقوله لك أنه.. يعني إتعاش هنا وده الإحساس بعد كده لما سمعنا..

عادل رفعت [مقاطعاً]: مباراة بوكس حتى..

بهجت النادي [متابعاً]: يعني قابلنا ناس من أصدقائنا وبعدين ناس تانين ما كناش نعرفهم أنه الطلبة في المدن الجامعية والبتاع ده زي ما بنقول كانوا قاعدين أمام التليفزيون ويصفقوا لما حد.. يعني فيه إحساس، فده خلانا.. يعني نقتنع أن كان لينا حق، إن الناس دول كانوا محتاجين يحسوا إن إحنا.. يعني العرب ثقافياً ممكن يواجهوا الإسرائيليين..

مالك التريكي [مقاطعاً]: بالحجة والمنطق.

بهجت النادي [متابعاً]: مش بس بالسلاح، مش بس بخطف الطيارات، مش بس.. إنما لنا موقف وافهمونا.. يعني مش بس للإسرائيليين، الإسرائيليين بيقولوا إحنا دي أرضنا والتوراة أهدتها لنا والمفروض إن إحنا نرجع وبعدين إحنا ما عندناش وطن وعايزين وطن، إيه اللي العرب بيقولوه بقى في مواجهة ده؟ فده اللي إحنا كنا جايبينها.. كان الغرب مستعد يتقبل..

مالك التريكي: أه طبعا هو.. السيكولوجي عندنا.. السيكولوجي عند العرب.

عادل رفعت: ودي من أهم الأشياء، كل الكلام اللي عايزين نقوله بعد كده ومن ضمن الكلام.. الكلام عن الكتاب الثالث المهم جداً اللي نشرناه سفح الجنوب للحرية عن بزوغ الفرد في العالم العربي.

[فاصل إعلاني]

مسؤولية الفرد في الإسلام

مالك التريكي: فكرة ظهور الفرد وتحمله مسؤوليته الاجتماعية والتاريخية ليست وليدة الحقبة الاستعمارية ثم ظهور دولة الاستقلال فقط، لا بل إنها فكرة رئيسية جداً في ظهور الدين الإسلامي وفي كتابكما الشهير الآن رغم أن عمره أقل من عام أو تقريباً عام هذا الكتاب وهو السيرة النبوية والعنوان الفرعي هو الرسول كما تحدث عنه أصحابه باللغة الفرنسية أكدتم هذا المعنى، ظهور الفرد في الديانة الإسلامية كفرد يتحمل مسؤوليته وله الحرية في أن ينهج هذا النهج أو ذلك النهج، شرط أن يتحمل المسؤولية وهو أمر لم يكن موجود لأن ما كان موجوداً قبل ذلك هو الجماعة القبلية أو العشائرية التي تقوم على التضامن الميكانيكي الآلي، كيف تربط بين الفرد في هذا السياق وبين الفرد في ظهور ملحمة الديانة الإسلامية؟

عادل رفعت: سؤال ضخم له أدراج، بالنسبة.. كلمتين عن الكتاب اللي كتبناه من 17 سنة عنوانه السفح الجنوبي للحرية ترجم بالعربي بس أظن بعنوان مختلف شوية دور الفرد في المجتمع..

مالك التريكي [مقاطعاً]: لابد أن نبين أن السفح الجنوبي بمعنى سفح الجبل.. يعني سفح..

عادل رفعت [متابعاً]: أه عنوان شعري، هي فكرة زي ما قلنا قبل كده ظهور الفرد في مجتمعاتنا وبلورة الطبقات الوسطى كانت في صيغة أزمة، أزمة ليه؟ لأنه تحت ضغط استعماري وفي مواجهة الاستعمار وكتجميع قوى عصرية من أجل الوصول للاستقلال وخوض معركة الاستقلال بعد كده، دور الفرد ده قليلين جداً اللي ركزوا عليه ونقول التقاليد والروح العصرية بنقول القديم والجديد.. المفاهيم المجردة دي، إحنا رأينا أنه إذا كنا عايزين نفهم المعمل الداخلي للقوى التاريخية اللي عرفها الغرب في الخمسمائة سنة اللي فاتوا هو ده، الفرد اللي بيتبنى مسؤوليته، إحنا.. طبعاً الأفراد موجودين في المجتمع بس لسه لأسباب درسناها بقى مرحلة مرحلة في الكتاب ما وصلتش للنتيجة المرجوة والأزمة اللي إحنا فيها دي تقدر تقول إنه من ضمن الفرامل الرئيسية اللي موجودة النهارده وبتمنع انطلقنا في الدخول في القرن الواحد وعشرين ومواجهة مهام ضرورية في العالم اللي إحنا شايفينه ده وفي وسط العولمة دي والضغوط كلها، فإحنا إذا كنا عايزين نصرخ صرخة رئيسية بتلخص خمسين سنة من تاريخنا أنه كل شخص يتبنى مش بس حقه في أنه يتكلم واجبه في أنه يتكلم، في أنه يفكر بنفسه وفي أنه يسلك طريقه، مبنى على طبعاً بقدر الإمكان قيم هنخش فيها ونرجع بقى للإسلام بعد كده، أنه يتبنى المسؤولية الجبارة دي وأنه يسلك مش بس طريقه الشخصي في أنه يعمل بيزنس ولا يكتب كتاب أو بتاع إنما كمان كمواطن في بلده، في المجموعة العربية، في المجموعة الإسلامية وفي العالم كله دي مسؤولية أساسية وبعدين.. الله طيب دي مش جديدة علينا.. يعني لما نرجع بقى لمولد الإسلام المعركة الرئيسية اللي أضطر يخوضها النبي في مواجهة المجتمع القبلي بتاعه هي أنه القرآن نازل لكل واحد فيكم، ده مش من حقكم ده من واجبكم أنكم تقرؤوه وتفهموه وتعرفوا تسلكوا من خلاله سلوك جديد ودي كانت معركة لغاية الآخر وما انتهتش طبعاً بوفاة وبعد كده، ليه؟ لأنه قوة العلاقات القبلية.. وفي النهاية السلبية خوف أن كل واحد ييجي ويقوم بمسؤوليته كانت قوية جداً وعملت مشاكل كثيرة في الفترة دي، بس إحنا بنقول وهنا بداية مشروعنا لكتابة السيرة أنه كان فيه قرون كاملة.. ثلاث أو أربع قرون رئيسية سميت بقرون الاجتهاد وأنه كل اللي كانوا.. يعني عندهم قدرة على التفكير، على القراءة، على المناقشة كانوا داخلين في حوارات لا تتصور النهارده، جميلة جداً كل حاجة مطروحة، مشاكل هنرجع لها طبعاً بالتفسير.. يعني كنت عاوز بس أقول إنه دي موجودة عندنا في تاريخنا.. في تراثنا نرجع للـ..

ملحمة العهد الذهبي للإسلام

مالك التريكي [مقاطعاً]: إذاً أهمية التأكيد على الفرد بمعنى الاطلاع بالمسؤولية وبمعنى أن الحركية التاريخية الفعلية لا تقوم إلا على شخص له.. إذا استعرنا التعبير.. التكليف القانوني.. يعني أنه بلغ سن الرشد فله التكليف القانوني، لنستعر هذا التعبير ونقول له التكليف الاجتماعي والتاريخي بحيث لابد أن يكون موجود في إطار من الحرية.. حرية البحث على المعلومة وعن الحقيقة وحرية انتهاج النهج الذي يراه الإنسان جديراً به مع تحمل المسؤولية، هذا المعنى بينتماه في كتاب السيرة لكن قبل كتاب السيرة الذي عملتما على إنجازه مدة عشرة أعوام طويلة لأنه عمل شاق أنجزتما عمل تليفزيوني ناجح أنا شخصياً رأيته في قناة الجزيرة لأنه ترجم إلى لغات أخرى..

بهجت النادي [مقاطعاً]: يبدو أنه ذاع من غير ما يقولوا اسمنا..

مالك التريكي: واكتشفت بعد ذلك أنكما انتجتماه وهو عندما تكلم العالم العربي وهو ثماني حلقات من حلقات ستة وعشرين دقيقة ويعرض للملحمة..

بهجت النادي: 12..

مالك التريكي: اثني عشر..

بهجت النادي: 12 حلقة..

مالك التريكي: اثني عشر حلقة.. ويعرض للملحمة الإسلامية ولذلك بالفرنسي كان عنوانه العهد الذهبي أو العصر الذهبي للإسلام..

بهجت النادي: ده لما طلعوه في..

عادل رفعت [متابعاً]: (DVD) وكاسيت..

بهجت النادي: (DVD) وكاسيت إحنا في الحلقة الأولي كنا بنتكلم عن إزاي لما جئنا هنا كنا بنشوف التليفزيون وبنشوف وبنقرأ في الجرايد كل يوم مقالات وأفلام عن اليهودية، المسيحية، إسرائيل، فقلنا لأصحابنا.. يعني أنتم ليه لا تذيعوا.. ليه التليفزيون هنا لا يذيع حاجة عن العرب، العرب برضة.. يعني سيبوكم من العرب النهارده البرامج اللي أنتم بتعملوها، بتعملوها عن اليهودية والمسيحية قديمة كمان فليه ما تعملوش حاجة عن العرب وتاريخهم القديم.. يعني ما كان لهم حضارة وكان لهم حضارة كبيرة والحضارة الكبيرة دي هي اللي كانت المعبر اللي أدى بأوروبا لأنها تعرف حضارتها هي كمان.. يعني فكانوا بيجوبونا أن ما فيش حاجة.. أولاً ما كانوش يعرفوا أي حاجة عن الحضارة العربية، العرب بالنسبة لهم كانوا هم العمال المهاجرين من ناحية أو الأمراء اللي بيجوا يروحوا الكازينوهات والبتاع ويصرفوا فلوس البترول في.. فقالوا لنا ما فيش حد.. يعني إحنا ما نعرفش بس ما فيش حاجة معمولة، إذا كنتم تقدروا تعلموا لنا حاجة.. يعني كويسة، أنت عارف.. أنت بتشوف أفلام تسجيلية في القنوات العربية أو في القنوات.. يعني الأفلام دي عايزه تعمل أن العرب هم كل حاجة.. يعني ما فيش.. بس تعملوا حاجة جادة.. يعني مش من الحاجات دي، فكتبنا سيناريو لحلقات عندما كان العالم يعرف العربية، ده من خمسة وعشرين سنة، احتجنا خمسة وعشرين سنة علشان نعمل الحلقات دي والفكرة الأساسية فيها أن العرب زي ما كنا بنقول كانوا أذكياء لدرجة أنهم قرروا يتعلموا من أعدائهم، أعدائهم كانوا أيامها البيزنطيين الإغريق، فكانوا بيجيبوا كل الكتب الإغريقية ويترجموها وينشروها ويدرسوها وده اللي أدى بالطب العربي بأن هو ينمو وبالفلسفة وكل العوامل العربية ازدهرت نتيجة للتبني ده أو للموقف الإيجابي ده، هم دول أعداء بس عندهم حاجة نقدر نستفيد منها فعملوها، فالفكرة الأساسية كانت إن إحنا تعلمنا من الإغريق وبعدين الأوروبيين تعلموا مننا.. يعني حصلت لفة واللفة دي أدت.. كانت هي محرك الحضارة الأوروبية، فدي الفكرة بتاعت الحلقات يعني.

المصدر: الجزيرة