
شندي.. الهرم مقلوبا في قلب النيل
شندي اسم يكفي لاختصار حضارة بأكملها. تناطح جاراتها من الأهرامات. وقال بعض الأولين إن معناها الشفاه، فلو نطقت شندي وباحت لصمت ملوك الزمان وتكلم الحجر.
ولأن شندي منبت الكلمات كانت دليلة الحلقة (15/9/2016) من برنامج "المشاء" مشاءة تتقفى خطو جداتها الكنداكات (الكنداكات ومفردها كنداكة هن الملكات اللواتي حكمن في مملكة كوش التي تقع أرضها حاليا ضمن السودان).
وداخل معبد الأسد -وهو واحد من أبرز معالم شندي- تقول الباحثة كوثر الخطيب إن الكنداكة كانت ملكة في الحضارة المروية ثم أصبح الاسم رمزا للمرأة الشندوية باختلاف الأجيال.
19 ملكة
ومضت تقول إن الحضارة المروية عرفت حكم 19 ملكة أشهرهن أماني شاخيتو التي هزم جيشها جيش الرومان ووصل إلى الإسكندرية.
لكن المكان الذي حرس منعته جيش عظيم، حرس أيضا روحه فكان الفنانون التشكيليون في ذلك الوقت 150 فنانا، ولم تنقطع مياه الإبداعات البصرية حتى اليوم، وظل اللون الأزرق حيا يشير إلى النيل وظل البني يشير إلى الطين الفريد.
يقول عميد كلية الفنون الجميلة والتطبيقية أبو بكر الهادي إن شندي ملهمة للفنان السوداني باعتبار أرثها الثقافي والحضاري.
بدوره، يقول رئيس قسم الخزف في الكلية تاور كوكو إن أفضل الأطيان في السودان طين الشمال وبالخصوص شندي.
بياتي السودان
أما الشعر، فذهبت كاميرا "المشاء" إلى واحد من أبرز رموزه وهو عبد الرحمن الحفيان الذي لقب ببياتي السودان نسبة إلى الشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي (1926-1999).
الحفيان الذي لا يزال يمارس زراعة الأرض والشعر تحدث عن قصيدة "إلى روح لومومبا" وهي من أولى قصائده، وكذلك عن الشاعر السوري (1931-1960) الذي ألف ديوانا بعنوان "أبيات ريفية" وكان معجبا به فسمى ديوانا مبكرا له "أشعار ريفية" مبديا أسفه لانتحار الشاعر الصوفي.
يخيل لكل مشاء أن الشمس تطوف كل الدنيا وعند المساء تغيب في شندي، فتخفض جناحيها للنهر ويسيل النهر بضوئها إلى بلد آخر حيث تشرق من هناك.