المشاء

شرحبيل.. مفتاح النيل

تجول برنامج “المشاء” في العاصمة السودانية الخرطوم مع الفنان شرحبيل أحمد الذي يعد أحد رموز الموسيقى السودانية المعاصرة.

رافقت حلقة (2016/10/20) من برنامج "المشاء" أحد رموز الموسيقى السودانية المعاصرة، وهو الفنان والموسيقار شرحبيل أحمد وفرقته.

بدأ شرحبيل مسيرته فنانا تشكيليا ثم رسام مجلات أطفال، واشتهر بشخصية كاريكاتورية راسخة في الذاكرة السودانية، وهي شخصية "عمك تنقو" التي تعد إحدى أيقونات الطفولة في السودان.

يبدأ شرحبيل بالحديث عن السياق التاريخي والثقافي لبروز حركته الموسيقية المجددة المتمثلة في الجاز والدوافع الإبداعية التي جعلته يخرج من الموسيقى الشرقية وينفتح على الموسيقى العالمية وينتقل من العود إلى الغيتار في بلد تميز بالثراء الفني منذ الأزل.

ثم يفصّل ملك الجاز السوداني مسيرته الفنية التي انطلقت منذ طفولته، ثم بدأت تنضج عندما التحق بكلية الفنون الجميلة في الخرطوم في نهاية الخمسينيات، ويقتصد الرجل في سرده لحياته بروحه المتواضعة، التي لا تخلو من مرح أثناء الحوار.

عمق إبداعي
بالسرد المسترسل لأهم محطاته الفنية المتنوعة، يكشف شرحبيل أحمد عن عمق إبداعي ووعي جمالي راق لا يرضى بالتقليد، إنما يسعى إلى التجديد، راكبا قارب التجريب في زمن كان في حاجة إلى الذهاب بعيدا في الانفتاح على موسيقى العالم.

مثلت بداية الستينيات الانطلاقة الحقيقية لمسيرة شرحبيل الموسيقية، حيث اختار بعد تجوال في دروب الفنون لغة موسيقية جديدة على السودان، وركب موجة ذلك العصر، وهي موجة البوب والجاز، ممتلئا بالسينما العالمية والفن التشكيلي، دون أن يغفل أساطين الطرب العربي في تلك المرحلة ويتأثر بهم.

وخط شرحبيل طريقه بصعوبة في بيئة لم تعرف الغيتار من قبل، لكنه ثابر وحده وتعلم هذه الآلة الجديدة إلى أن أتقنها دون أن يخرج من جلد الهوية الموسيقية السودانية.

شرحبيل أحمد فنان من الطراز الكبير في صبره وتواضعه، إذ قضى أكثر من نصف قرن من حياته في التجريب الموسيقي والإبداعي، وما زال يرنو حتى اليوم إلى مزيد من التجريب وسلوك طرق جديدة مبنية على العلم الموسيقي وليس فقط على الموهبة والحفظ.

مدرسة وعائلة موسيقية
يمكن اليوم الحديث في السودان عن مدرسة شرحبيل أحمد الموسيقية بوصفها مدرسة نوعية في الموسيقى السودانية الحديثة كمّا وكيفا، بل والطريف في مسيرة شرحبيل وفرقته أنه كوّن عائلة موسيقية اتبعه فيها أفرادها خطوة بخطوة.

فقد كانت زوجته ورفيقة دربه زكية أبو القاسم عضوا في الفرقة منذ 1964، وهي أول سودانية تعزف على الغيتار، رافقته في الحياة وفي الفن؛ لذلك يحلو له تسميتها "رفيقة الدربين".

كما يعد ابنه شريف وارث المشعل الموسيقي لهذه المدرسة، وأصبحت ابنته نهى صوتا واعدا في السودان.

شرحبيل أحمد ليس عازفا فحسب، بل حالة موسيقية في السودان، اكتسب من السمات الإنسانية والإبداعية ما أهّله لأن يتربّع على عرش موسيقى الجاز في بلد النيلين، ويصبح أحد أهم رموز هذا اللون الموسيقي في أفريقيا.