عالم الجزيرة

رمضان في القدس

يصور فيلم “رمضان في القدس” أجواء رمضان بين ذاكرة أهل القدس ممن عايشوها قبل الاحتلال، والواقع الذي يحياه الناس في الشهر الفضيل تحت احتلال يواصل التضييق عليهم.

رغم ما تعيشه القدس من ضنك تحت احتلال يجتاح المكان والإنسان، فإن فيلم "رمضان في القدس" يضيء الجانب الحي للمقدسيين ولسائر الفلسطينيين الذين تمنعهم سلطات الاحتلال من زيارة الأقصى.

عاشت كاميرا الفيلم -الذي بث في 2/7/2015- يوميات العائلات المقدسية منذ الانتظار بلهفة الصوت الذي يعلن أن رؤية الهلال ثبتت وأن اليوم التالي هو غرة رمضان.

يحكي الحاج كريم وزوز كيف يواظب أهل القدس على إضاءة المدينة بالفوانيس ورفع الأعلام واللافتات المزينة بآيات قرآنية. أما أم صالح الأطرش فتلهج مشيرة إلى مدينتها "هذه المدينة التي تشتعل فيها أضواؤنا، كيف نتركها؟".

جالت الكاميرا في أسواق القدس القديمة حيث ازدحمت بالباعة المتجولين وتلونت المحلات بكل أنواع البضائع، ونشط باعة المكسرات والبلح والقطائف والسوس والتمر هندي.

كان بائع السوس والتمر هندي يحكي بفخر أنه يبيع عصيره الشهير عند باب العمود منذ أربعين عاما.

يوسف الصوص -واحد من أهالي المدينة- يقول إنه من مواليد باب حطة، ويضيف "يمكن أن أغيب 11 شهرا عن باب حطة لكن في رمضان لا بد أن آتي لأمر في شوارع القدس".

عائلة الصوص تحضر إلى المدينة المقدسة ما عدا الزوجة التي -بحسب التقسيم الإسرائيلي- تحمل هوية الضفة الغربية، لا هوية القدس كباقي العائلة.

يتحدث الأب بمرارة وهو يصاحب أطفاله دون أمهم، إذ كيف يمكن أن يبقى حتى يتناول فطوره في المسجد الأقصى بينما زوجته في الضفة وحيدة في البيت؟

سخريات الاحتلال
لمآسي الاحتلال سخرياته أيضا. فهذا رجائي صندوقة يتولى منذ 25 سنة ضرب مدفع رمضان مرتين، عند الإفطار وعند الإمساك فجرا.

عائلة صندوقة تتولى ضرب المدفع (وهو من التراث العثماني) منذ سبعين عاما.

غير أن الاحتلال لا يترك المدفع يعمل، وهو مدفع لا يعد من أدوات المقاومة ضده، ولكن للتضييق على مظهر يُفرح الناس في القدس، يخترع كل سنة طريقة لمنع هذا المظهر الرمضاني التراثي.

قبل 25 سنة اعتقل الاحتلال رجائي، فقام ابنه بضرب المدفع نيابة عنه، لكن الاحتلال اعتقل الابن أيضا، لأن التصريح باسم الوالد.

وحين استخرج الابن تصريحا توالت الذرائع، فقيل له إنه ينبغي عدم استعمال البارود بل قنبلة صوتية، ثم طلبوا منه أن يعمل دورة تدريبية، ثم بعد ذلك أن يستخرج ورقة من شركة تأمين.

وأثناء تصوير الفيلم، تلقى رجائي الصوص مكالمة من المخابرات الإسرائيلية تبلغه أن يغير مكان المدفع.

مع أذان الإفطار تجول الكاميرا في باحات المسجد الأقصى، فهناك تبرز صور اجتماعية حميمة للأهالي حول موائد الرحمن التي يقيمها الموسرون، بينما أم صالح الأطرش تفتتح وليمتها المتواضعة والكريمة لأبنائها وأحفادها.

عائلة في الشارع
في الشارع ثمة عائلة تتناول طعامها في زاوية. يقول رب العائلة ناصر الغاوي إنه يفطر هنا على الرصيف لأن الاحتلال صادر بيته في 2009 بعد عراك في المحاكم استمر 37 سنة.

تقول زوجته ميسون الغاوي "الآن تسكن في بيتنا ثماني عائلات استيطانية. مرتزقة يمكن أن يعودوا إلى المكان الذي أتوا منه، أما نحن فأين نذهب؟".

يضيف الزوج إن شخصا إيطاليا له شقة في الشيخ جراح يعطف عليهم ويعطيهم مفتاح الشقة ليستخدموا المطبخ والمرحاض.

تابعت الكاميرا رحلة شباب من الضفة الغربية ممنوعين من الوصول للأقصى. قرر الشباب التسلل في الليل ووصلوا إلى مسجدهم. وفي ليلة القدر لهجت ألسنتهم ضمن عشرات الآلاف الذين رددوا وراء الإمام الأدعية لفك الحصار وإزاحة الظلمة.